أتحفظ على الكثير مما في هذا الموضوع، إلا أن به بعض النقاط الجديرة بالملاحظة !

ما ليس من ثابت ومتغير شيعة العراق

رشيد الخيُّون



قيل إن الشيخ أغا بزرك الطهراني (ت1970)، الذي عاش ومات بالنجف، ردَّ على مَنْ قال : من أين للشيعة علماء وكُتاب؟ بموسوعة أستغرقت خمسة وعشرين مجلداً، وسمها بعنوان "الذريعة إلى تصانيف الشيعة". فهرس في سِفره هذا لعشرات المئات من المصنفين الشيعة في شتى مجالات المعرفة: الفقه، التاريخ، معاجم الرجال إلى الهندسة والطب والفلك والخيال، ثم سايرها بكتاب آخر هو "طبقات أعلام الشيعة". ويوم صنف السيد محسن الأمين (ت1952) موسوعته "أعيان الشيعة" كتب إليه المحامي والمحقق عبود الشالجي قائلاً: إنك جعلت جميع الأعيان شيعة ولم تستثني غير رب العالمين"، فرد عليه الأمين وهو حاضر النكتة بالقول: "لأن الله حي لا يموت ولو كان غير ذلك لأعددته شيعياً"!

الشيخ أغا بزرك جعله علمه، الذي مكنه من الرد على جملة بخمسة وعشرين مجلداً، متواضعاً يداري خجله إذا طوقه محب بكلمات ثناء ومدح، ويسمع أكثر مما يتكلم، قضى حياته جالساً القرفصاء تحت ظلال رفوف مكتبته العامرة. تولى ولده اليساري تقي منزوي تحقيق وأصدار كتبه، وبقى إلى جانبه حتى آخر لحظة من حياته. لم تزعج هذا الشيخ الجليل يسارية ولده، فالأب يدرك تماماً ما بين الإكراه وما بين اللاكراه في الفكر والدين والمذهب. ومنزوي نشر فيما بعد بالفارسية كتاباً ملخصاً من كتاب معروف الرصافي "الشخصية المحمدية" بقلم علي دشتي، وبأثرها أعتقلت الثورة الإيرانية دشتي بعد توزيع خمسة آلاف نسخة منه. أما السيد محسن الأمين وهو أحد رجالات التشيع وأصبح مرجعاً فيه ورغب صيرورة الناس جميعاً شيعة، أعترض برسالة خاصة على إحياء عاشوراء بفواجع التطبير وضرب الزنجيل وفوضى الإحتفال، ولما حاربه المستفيدون غادر العراق هرباً من فتك الأتباع به في لحظات يتحول فيه الحوار إلى حماقة ومغامرة، فعلى حد عبارة ثمامة ابن أشرس: "جهد البلاء عالم يجري عليه حكم جاهل".

هؤلاء أنفسهم اليوم يوشحون واجهات الجامعات بالسواد ويلوحون بمخايل الحزن، ويعترضون مظاهر التحضر والتمدن في الشارع والمؤسسة، وإن فسح لهم سيكونون طالبان العراق. شعار يؤبد الحزن وينسخ بالسواد ألوان الأرض، ألا وهو"كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء". وأن خص هذا الشعار أهم مناسبة من مناسبات الشعية غير أن الكثرة منهم تعتبره من غير المعقولات، فهؤلاء يعلمون ماذا يعني أن تكون الأرض كلها كربلاء، وهي في التفسير السائر بين العامة (كرب وبلاء). ولو أمتد عاشوراء ليحوي الدهر كله فأين يحل الفرح وأين تتفتح الأزهار؟ فالمعقول والمقبول بقاء عاشوراء مناسبة للحزن النبيل، يجمع بين بهجة الاجتماع وتذكر المأساة. كان يمر قبل منعه من قبل البعثيين بسلام ووداعة في أنحاء العراق، تألفه مكونات المجتمع العراقي كافة بل وتتعاطف معه. أتذكر أن صابئياً بمنطقتنا، اسمه عطشان، كان يتبرع للمنبر الحسيني، في يوم قنل الحسين، بعشرة دنانير، فصاح أحدهم الله أكبر صابئي يتبرع بعشرة دنانير وتجارنا المسلمون يتبرعون بخمسة دنانير فقط؟

لكن ظاهرة جديدة ومأساوية حلت بالعراق اليوم أن تتحول المؤسسات العلمية، جامعات ومعاهد ومدراس، إلى مخيمات عزاء، مثلها مثل مواكب العشائر وهي تستعرض كثرتها أو غلبتها في شوارع كربلاء والنجف في مواكب زيارة الأربعين (تصادف زيارة مرقد الإمام الحسين في العشرين من صفر بمناسبة ما عُرف برد رؤوس قتلى العاشر من عاشورا من الشام إلى كربلاء). يقصد موكب كلية العلوم كلية الاقتصاد، وموكب كلية الطب يرد زيارة كلية التجارة، ومواكب الجامعة المستنصرية تتبادل استعراضاتها مع مواكب جامعة بغداد وهكذا دواليك. يرافق تبادل المواكب وإعلان الحزن على بوابات الجامعات أجواء من التوتر والخضوع للسلوك الجمعي العاطفي يحاصر الطالبات بالحجاب، ويمنع أي مظهر من مظاهر البهجة، ليس في محرم حسب بل تمتد الضغوط إلى أشهر السنة الأخرى.

لم يدر في خلد الإمام الحسين بن علي (القرن الأول الهجري)، يوم وقف أمام الجيش العرمرم بسبعين من آله وأصحابه، أن تتحول تضحيته إلى مناسبة للفوضى في المؤسسات العلمية العراقية، وأن يقترن اسمه بتحويل المؤسسة العلمية إلى ساحة بكاء ومناحة مستمرة، وحزن يلبس ثوب العنف ضد طلابها وأساتذتها، وما يصاحب ذلك من هيمنة وتجهيل، وهو الذي ثار من أجل العدل وسعادة البشر. كما لم يدر في خلد شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (القرن الخامس الهجري) وهو يتسلل تحت جنح الظلمة من بغداد إلى النجف، مع تلاميذه وما سلم من مكتبته من الحريق، غير حماية مدرسة فقهية وتراث علمي لا تسيير مواكب العويل بهذه الفوضى التي تحجب قدسية المناسبة. سرى ليلاً حاضناً دفاتره بدل الدخول في دورة عنف مع السلاجقة تقود إلى حرائق ومقاتل، ولو كان لا يريد السلام والعلم لجمع حوله ما جمع وجعلها حرباً لا ينجو منها كتاب وبيت علم. لكن حكمته أسفرت عن تأسيس النجف، التي حفظت بقدرة عجيبة أسلوب الدراسة العباسية، وحفظت صفاء اللغة العربية، فلا تعجب إن يردَّ عليك بقال فيها بكلمة "آسف"، ولا تعجب أن شاعر من رملة النجف يرثي ضحايا سفينة تايتنيك العملاقة، يوم لم يكن هناك مذياع ولا بريد، حال غرقها وهي في طريقها من بريطانيا إلى أمريكا. فمما قاله الشيخ محمد رضا الشبيبي (1889-1965):

بأبيك أقسم يا ابنة البحر الذي
وأراكِ كيف رأيت فتك أبيك
يابابل البحر الخضم سحرتينا
سحراً أرى هاروت في تيتنيك
السحر آيتك التي توحينها
أم أنتِ آيته التي يوحيكِ(لغة العرب آب 1912)

لم يضع شيخ الطائفة الطوسي في حسابه أن جماعات تتحدث باسمه وتفاخر بمنزلة النجف، التي أنشأ جامعتها وحوزتها الدينية، سيعرقلون عمل مؤسسات العلم وإشاعة روح الفِرقة فيها، وتهديد مَنْ لا يجاهر بالطاعة والخضوع للمناسبة، ويعملون جهدهم لعرقلة شفاء النفوس ودمل جرح الأرض وتعافي الضرع والزرع.
ما يحصل في مؤسسات البصرة وبغداد العلمية اليوم لا علاقة له بدين ومذهب بقدر ما يعبر عن نزعة إنتقام متجذرة في النفوس، ومحاولة لغسل سنوات من الذل والإهانة. فضحية الأمس تريد أن تلبس ثوب الجلاد. ولا ندري، هل تدرك هذه الفئة أنها تريح جلادها بأفعالها وهو في سجنه، فهو يتنعم بما يرى من عقوبة تحل بالعراقيين؟ لهذا قد لا يخطئ مَنْ ينسب تلك الأفعال إلى أعوان الجلاد، بعد إطلاق اللحى وإعلان الحزن على الحسين بن علي.

ومهما حاولنا تفسير هذه الظاهرة بعيداً عن السياسة والتنظيم الحزبي الديني الفاعل بالعراق إلا أنها لا تخرج من ورطة إتخاذ الدين واجهة سياسية. ومثل هذه الورطة ليست بجديدة فقد سبق أن كشفها الإمام علي بن أبي طالب عندما طالبه الخوارج بالتخلي عن الخلافة بشعار "لا حكم إلا لله". أجاب بالقول: "كلمة حقٍ يُراد بها باطلٌ، نعم إنه لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله، وإنه لابد للناس من أمير برٍّ أو فاجرٍ يعمل في أمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح برٌ ويستراح من فاجرٍ"(نهج البلاغة، الخطبة 40).

فمطلب الخوارج هو الأمرة لا حكم الله، ومطلب هؤلاء هو ليس الحسين بل استعراض الغلبة بآلامه وعاطفة الشيعة له. ردَّ والدي على محاولة البعثيين (عاشورا 1969) تسخير الحزن على الحسين لإنفعالهم السياسي والحزبي بالقول: "مالهم والحسين هل يحبونه أكثر منا، لماذا يريدون الأذِيَّة به؟ فكانت العادة منذ زمن طويل تُقام قراءة المقتل في المضيف الكبير بالمنطقة فقرروا بالقوة نقله إلى مكان آخر، فكان عاشوراً باهتاً، كان الخاسر الأول فيه قارئ المنبر القادم من النجف، إذا تغيبت الأغلبية من العشيرة عن الحضور. كيف يرضى الإمام الحسين إجبار الناس على إحياء آلامه والحزن عليه بالإيذاء، ومحاصرة دور العلم باسمه، وقد خير هو أنصاره الإنصراف عنه فالسيوف تطلبه لوحده، مَنْ يريد النجاة فليتسلل تحت جنح الظلمة. هذا ماورد في قصة مقتله التي يقرأها هؤلاء في قاعات الجامعات. فهل من الحق أن يُقتل مَنْ يرفض إعلان الحزن ومَنْ ترفض إرتداء الحجاب تحت الحراب في الحرم الجامعي، أو يقتل عميد الكلية الذي يريد لكليته البعد عن ممارسة الطقوس، التي مكانها عادة دور العبادة والمجالس العامة لا مؤسسات العلم والدولة. وهل من الدين أن تُمنع النساء من مراجعة المستشفيات لأنهنَّ غير محجبات؟

يحاول هؤلاء تكريس الإيذاء، يتصرفون بعقدة الضحية، فهم في عنفهم هذا لا يختلفون أسلوباً عن عصابات الحرس القومي، ولا عن طغيان الجيش الشعبي وفدائيي صدام. فمهما اختلفت التسميات والشخوص فالنتيجة واحدة هي الهيمنة وإستعراض الغلبة والإفراط في تكميم الأفواه وحجب الحريات. تحاول هذه المجاميع تكريس الكراهية بدافع الثأر غير المعلن من كل وجه من وجوه الحضارة، إلى حد تحويل الجامعات والمسارح ودور السينما وكل ما يقع تحت غلبتهم إلى مجالس عزاء، وبهذا تفقد هذه المؤسسات قدرتها العلمية والفنية، ويفرغ عاشوراء من حظوته في القلوب وهيمنته على النفوس.

يقدم هؤلاء دون شعور صورة كالحة عن التشيع، فقهاً وفلسفة وفكراً وأدباً، يصعب على الناظر في كثرة الرايات وسيل الدماء واللطم في أروقة الجامعات العلمية أن يستمر تعاطفه مع الضحية التي تتحول اليوم إلى قامع. كما يصعب على الناظر في أجواء مواكب عاشوراء المستمرة في كل يوم وفي كل مكان أن يرى في التشيع تلك الحقيقة التي عبر عنها فقهاء عظام وأدباء تحولت بوجودهم المقاهي التي تحيط بضريح الإمام علي بن أبي طالب إلى نواد أدبية، وأن يظهر من تلك البيئة علماء بحجم مهدي المخزومي وشاعر وفقيه مثل محمد سعيد الحبوبي، وشاعر مثل محمد مهدي الجواهري وأدباء فقهاء بحجم آل بحر العلوم، وفقهاء بحجم آل كاشف الغطاء. وفي زمن (1909) كانت فيه الدكتاتوريات تملأ الغرب يكتب بالنجف الشيخ محمد حسين النائيني رسالةً في الديمقراطية أو ما عُرف بالمشروطة وهي "تنبيه الأمة وتنزيه الملة"، يجوز فيها التأثر بدساتير البلدان الأخرى، أمتدحها آية الله الطالقاني بالقول: "لم تتبلور فكرة الحكم الدستوري (المشروطة) في قطر إسلامي، بل وفد علينا من الخارج، فوجدها علماء المسلمين مفيدة فتبنوها وتقدموا الصفوف الداعية إلى إقامتها، وأصدر بعضهم فتوى بوجوب تأييدها، كما تقدم آخرون صفوف الجهاد من أجلها"(التعليقات على الرسالة). وربما لم يتكرر بمدن العالم كافة من ممارسة ثقافية وحضارية مثلما أرتقت إلى ممارسته مدينة النجف في تلقيب عوائلها بأسماء الكتب، فعرف آل كاشف الغطاء بعنوان كتاب كبيرهم "كشف الغطاء"، وعرف آل الجواهري بكتاب جدهم "جواهر الكلام".

فالتشيع ليس ما نراه يجوب الشوارع برايات وصدور عارية وبكاء وعويل وبنادق وتخريب، يغطي واجهات الجامعات بالسواد، وجماعات منفلتة تترصد مظاهر الحضارة والتمدن للإنقضاض عليه، وتعرقل تسليم السلطة لأهل العراق. التشيع ممارسات حضارية عبر عنها رجال دين بعد سقوط النظام، مثل الشيخ محمد باقر الناصري (نسبة إلى الناصرية لا أبو ناصر) جمع الشيخ الأموال والمهندسين لإعادة تشغيل محطة كهرباء الناصرية، وقاد حملات لتنظيف الشوارع، وطمئنة الناس بحماية أنهم وإستقرارهم، ووقف مَنْ يحاول الإخلال والهيمنة باسم الدين والمذهب عند حده، لم يطارد النساء، ولم يقف عند بوابات المدارس والمستشفيات لتطبيق الشريعة. ومثله العشرات من فقهاء ورجالات التشيع، لكن أخبارهم مستورة لا تجذب الفضائيات العربية ولا مراسلي صحف العرب.

التشيع مدرسة فقهية وعلمية، صاحبة إجتهاد ومناظرات وجدل، لها القدرة التاريخية على التعايش مع الأديان والمذاهب الأخرى. نشأ على أرض العراق وعانى ما عانى رواده من ظلم وتعسف. إن تصفح كتاب أبي فرج الأصفهاني"مقاتل الطالبيين" يغني عن التفاصيل. لماذا يُراد لهذا المذهب الإنقلاب من طلب التعايش المريح مع المحيط إلى دور الهيمنة وإذلال الآخرين بذريعة الكثرة؟ وهل الشيعة كافة هم منسجمون مع هذه الجماعات أو الأحزاب الشيعية؟ يعجب المرء من إنقطاع جماعة من الشيعة بالبصرة عن ينابيع مذهبها، فتسوَّغ إضطهاد مواطنيهم الصابئة المندائيين، وهم القدماء بالمكان، ويتناسون تسامح فقهائهم قديماً وحديثاً ببغداد والنجف مع أهل هذا الدين. فقد ظلت العلاقة بين الشريف الرضي وشيوخ الصابئة حيَّة حتى عصرنا الحالي، ممثلة بالمرجع النجفي السيد علي بحر العلوم وشيخ الصابئة أبي بشير عنيسي فياض.

وحينها ردَّ بحر العلوم على اللائمين بالقول:
بيني وبين أبي بشير صداقة
تبقى مدى الأيام والأحقابِ
أني لأرجو الودَ يبقى بيننا
كودادِ سيدنا الرضي والصابي

وأعجب من الملوحين بالطائفية، وهم يشعرون بمرارتها طوال عقود من عمر الدولة العراقية، أن يغفلوا ما كان بين محمد رضا الشبيبي الشيعي ومصطفى جواد السنِّي من ودٍّ وتكامل علمي، وبين محمد مهدي الجواهري الشيعي ومعروف عبد الغني الرصافي السنِّي من إعتراف بموهبة ومواطنة. فالجواهري لم يترك للشعراء

ما يرثون فيه الرصافي عندما قال:
لُغز الحياة وحيرة الألباب
أن يستحيل الفكر محض تراب
ليت السماء الأرض ليت مدارها
للعبقري به مكان شهاب

إذا سكت العقلاء عن هؤلاء ستعاد لنا أجواء الخلاف حول "خير على حيِّ العمل" الشيعية و"الصلاة خير من النوم" السنِّية، وينسحب باقي العراقيين من أرض العراق إلى المهاجر ثانية. فحسب ما يحدث في دور العلم العراقية، التي كانت مقصد طلبة العلم من أصقاع الدنيا كافة، ستتحول أرض الرافدين إلى كربلاء شاسعة ومستقبله إلى عاشوراء، وهي المأساة المكرسة خارج مداها وبعيداً عن قتيلها. فعلى الأحزاب والمراجع الدينية المستقرة في إدائها الديني والسياسي، وكانت ضحية الظلم والإستبداد، أن تمارس دورها في الوفاء لشعاراتها وهي في المعارضة والدولة لبناء عراق حر وديمقراطي خالٍ من هيمنة، وأن تدين هذه الممارسات، التي لا تجلب للدين ولا للمذهب غير ضيق ونفور المجتمع. فمهما تفهمنا موقف حزب الدعوة والمجلس الأعلى ومكتب آية الله السيستاني أن الإعلام العربي والغربي المتربص لا يفهم تلك الممارسات إلا ممارسات شيعية.