تستلهمنا الكثير من المنعطفات السانحة .. لكن يبقى طيف الهيام بأرواحٍ بلا أجساد وأحداثٍ بلا شخصيات . . هكذا الزمن يدور ويدور ... ويرميك بعد ذلك بطيف من خلدوا لتاريخ بمنهجاً معطيا ..، لكن عندما يستحدث طيفٌ من الهيام لأصحابٌ جسدُ الطهر ورفضوا الظلم والجور وأصبحوا رموزاً لكل فرداً هنا وهناك على اختلاف المنهجية في العرق والطائفة..

طيف الهيام بــ " الـحـسين " هيامٌ متلبس بأمرٍ واقعي ملموس الأطراف والملامح .. مختلج داخل ضمائرٍ وقلوب تملكها غشاوة الوعي الفكري بالحركة الحسينية ذو المعترك الواسع .. فعندما تمر علينا كلمة أو بالأحرى عبارة " واحـسـينا " " حـسـين " " يا حـسـين " فتثير بنا الكثير من الشعور وذلك إثر التلبس بمنطف الروح والقلب بحب هذهِ الشخصية التي ضحت بأغلى ما عندها من أجل العالم والبشرية كُلها .

شخصية " الحـسـين " شخصية تاريخية لم يمحيها التاريخ ولن يمحيها جور التاريخ وحتى لو قٌطعت رؤوسنا بأرضنا أو خارج أرضنا .. ، لأننا نستلهم من هذهِ الشخصية مردوداً نحو التشبع والتعمق بالمفهوم الحسيني .. ومعرفة من هو الحسين بكامل حقيقته للإدراك بها إدراكاً سليماً..

لكن! لما يسير هذا الحب بشخصية الإنسان لدرجة وحدة الإغماء الروحي والابتغاء نحو الحصول على شهادة الحسين بكامل عمقها التربوي والإثر السليم .. وكذلك الحصول على شفاعة حسينية ولو بأصعب الطرق الشائكة المتطرفة نحو الشوك وصولاً لأمل مبتغاء .
فمفهوم الهيام لدى البعض بالحسين إن قد يوصل الإنسان للجنون الغير مستحبب ..
مجرد نظرة! .. وقد تكون نظرة بمعترك غامضٍ . لا شائكٍ ولا ملتفتٍ لها ..
لكن رداً على هذه النظرية القانطة لو تمعنا بمنهجية الهيام والتلبس الحقيقي الحسيني لخرجنا بنتيجة معاكسة ومضادة .. فالحسين أكثر من كونهُ شخص جسد تاريخاً ومنهجاً عريقاً بل كادرٍ رفع راية الإسلام والأمن والسلام على كل راية تدرك حب الدنيا ومطامعٍ لا نفع في مأخذها كمسلك .

شخصية " الحـسـين " قد يُبين للبعض إنها شخصية خاضعة للخوض بغمارها وتحليها على الشيعة بحسب .. لكن شخصية " الحـسـين " لسلالة البشرية ولكل من حمل منهجية البحث ودراسة و منبع الصلاح والكشف عن اللبس والالتباس بعد الابتعاد عن كل شائكٍ وعدم الانحياز لمذهبٍ أو عرق معيناً.

الحب الحسيني السليم يعطي الإنسان منهجاً مغايراً عن المنهج الكيفي الدنيوي وذلك بالتوجه نحو الصلة الربانية الحقيقة إلى الله سبحانه وتعالى وإعطاء العزيمة الجبارة للنفس وذلك بأخذ كل أمراً يعترض الطريق الدنيوي مُهاناً على مصيبة أبا الأحرار..

كل منا يطمح لتفسير ولو القليل من شخصية الحسين منذُ ولادته إلى حين شهادته الكريمة ، فالكثير من بحث بحثاً تطوعياً نحو الحسين لكن في حين برهة لم يستطيع السير بمرمى الأحداث وذلك لعدم الكف والاستمرارية في الحصول على دقة ما توصل إليه الحسين وما حل به من حقيقة الإيذاء على يد خُبثاء تاريخ التحدي ..والذي انتصر أصحاب النيات الصادقة فيه .

فقبيل شهادة " الحـسـين " تعرض الحسين إلى الكثير من الإيذاء القهري والنفسي والجسدي بكل أنواعه لكن لم تنشرها كُتب التاريخ بكل جزيئاتها وتركيباتها وذلك ببركة الله على البشرية . وذلك لما حل بـ " الحـسـين " من عظائم وشنائع مجرية لا يمكن لقلوب بشرية دنيوية أن تستعرض تلك الأحداث وتتحمل الصور الشنيعة التي تتمثل فيها طيات من الألم والكرب العصيب.

هكذا الحسين يمر اسمه على اللسان بطعم لا يمكن أن يوصف ولا يُشبه بألذ الأشياء الدنيوية ..

فأصبح الحسين نور نستنير به في دنيانا وآخرتنا .. جعله الله شفيعنا آخرةً ودُنيا ..
ورزقنا الله وإياكم الشهادة على حبه وكرامته..


بقلم : فاطمة البهائي