النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    حي الميد / حسنة وعطية المسودن

    حي الميد / حسنة وعطية المسودن

    فرح الهاجري

    من حكايات التراث العراقي ان فلاحا يدعى «عطية المسودن» عشق فتاة عراقية جميلة تدعى حسنة وعندما تقدم لخطبتها وافقت على مضض ولكنها اشترطت عليه ان يقطع لها رأس الذئب ليلة العرس، وذهب المسودن يبحث عن ذئب حسنة، وقيل له انه موجود علي الضفة الاخرى لنهر دجلة هناك ذئب، وفي طريقة اشترى خروفا وحزمة برسيم، وعندما غابت الشمس توارى عطية تحت النخل وكمن للذئب فأوقعه في حفرة، وفي طريق عودته فرحا كان لابد ان يعبر الضفة مرة اخرى، ولكن القارب الصغير لايتسع إلا لواحد من ثلاثة اما الذي او الخروف او حزمة البرسيم، فاحتار المسودن هل يأخذ الذئب ويترك الخروف مع البرسيم، ام يأخذ البرسيم ويترك الذئب مع الخروف؟ ولان عطية المسودن لايحمل في عقله سياسة او حنكة ليون تروتسكي الذي نزل من مقعده في ليلة حالكة السواد ومن مقهى «الكافيه سنترال» في فيينا بعد ان تناول مايكفي من البيرة ليقود الثورة الروسية، وقف طوال الليل يتنقل بين ضفتي النهر لا يعرف من الاولى بالعبور هل الذئب؟ مطلب حسنة، ام الخروف؟ عشاء الضيوف؟ ام البرسيم عشاء الخروف؟ اعياه التعب والتفكير فقفز بالجميع داخل القارب فانقض الذئب على الخروف، والخروف على البرسيم واختلف الجميع داخل القارب وسط نهر دجلة!
    اخطر ما يواجه العراق الان الفراغ السياسي، فالامور عالقة، اذ لا حكومة انما تناوب شهري على السلطة بين اعضاء مجلس الحكم الانتقالي، لا عمل سياسيا انما مقاومة متعددة وحمالة اوجه، ومايمر فيه العراق يغري الجميع بالهجوم والانقضاض على بعضهم بعضا، فمن اصحاب الفرص الضائعة الى بقايا النظام، ومن دخلوا على الخط من مرتزقة وباحثين عن مجد ضائع او شهادة حسن سير وسلوك، او حتى «كوبون» حتى اشعار اخر، الكل يتبادل النظرات، وحدقة العين بحدقة العين، ومن يرمش اولا، يخسر المعركة.
    اميركا تريد بسط الديموقراطية في ليلة وضحاها، ولذلك وضعت تفاصيل مشروعها في حقيبة احمد جلبي، وان كان الاخير مشغولا بنزاعه مع الاردنيين حول 250 مليون دولار اتهم باختلاسها من بنك بتراء.
    اميركا دخلت العراق لكي تهدد منه النظام الايراني وتطوقه، فإذا بالاخير ينقل المعركة الى قلب العراق ويجلس يتفرج من طهران، اميركا تجد في الفراغ والفوضى فرصة لتمديد الاحتلال ورفسنجاني يعلن ان مقاومة مقتدى الصدر مشروعة ووطنية، انما مقاومة الفلوجة ارهابية!
    الشيعة في العراق ليسوا في وارد التفكير لانشاء حكم «بهوية شيعية» بل انهم اعلنوا انهم يريدون اقامة حكم وطني لهم حصة فيه بما يتناسب مع حجمهم وثقلهم السكاني؟ ولكن هل جميع الاطياف الشيعية؟ وماذا عن مقتدى الصدر؟ وجيش المهدي؟ وماذا عن ملالي ايران».
    عندما سقط نظام صدام حسين وبدخول القوات الاميركية الى بغداد دخلت الى العراق، قوتان شيعيتان اساسيتان وظهرت داخله قوتان، احداهما كانت متوقعة والاخرى تكشفت حجب الواقع عنها لاحقا.
    القوة الاولى هي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق والثانية حزب الدعوة الاسلامي ولقد بات معروفا ان الفيصل الاول كان الابرز والاكثر شهرة كونه يملك في الاصل قوة عسكرية هي فيلق بدر، ومؤسسة الراحل محمد باقر الحكيم وهو شخصية معروفة ومدعومة من النظام الايراني، خصوصا ان هذا الفيلق ولد في طهران في العام 1981 ليكون آنذاك وجها من وجوه صراعها مع نظام صدام حسين، اما حزب الدعوة فهو اكثر عراقة كونه ولد في حاضنة مرجعية السيد محسن الحكيم في منتصف الخمسينات وأعد ليكون بالاصل قوة تواجه المد الشيوعي في العراق، وليكون الذراع السياسية للمرجعية الشيعية في صراعاتها المستمرة مع العهود المتعاقبة على حكم العراق.
    يمثل المجلس الاعلى مرجعية النجف والذي ترجع مرجعيته بالاصل لالف عام او مايزيد على يد الشيخ الطوني وان كانت بالعادة متعددة الاقطاب والرؤوس فبعد وفاة الامام الخوئي 1991 انعقد لواء المرجعية لخليفته السيد علي الحسيني السيستاني اما عنصر المفاجأة فهو القوة المسماة بـ «تيار الصدر الثاني» وتنسب لعالم ديني عراقي هو السيد محمد صادق الصدر الذي لمع نجمه بعد العام 1993، ودخل في سجالات وتجاذبات مع نظام صدام انتهت بسقوطه عام 1999 مع ولديه في حادثة ترك عليها بصماته وتوقيعه.
    عند مقتل السيد محمد باقر الحكيم في النجف مع قرابة مئة من مناصريه ورفاقه ساد مناخ من الصمت والترقب والغموض حول ما كان يقال انه صراع حول الزعامة الدينية الشيعية في العراق فقد كان من ابرز ثلاثة اسماء مطروحة يجمع بينهم ان اباءهم ذهبوا ضحية النظام السابق والسيد عبدالمجيد الخوئي والذي قتل غداة عودته من لندن طعنا بالسكاكين وهو يؤدي الصلاة في مسجد الامام علي وقد سحبت جثته الى الخارج لتطلق عليها رصاصة الرحمة كان ضمن الاسماء المطروحة، وعوملت المسألة على انها قضية سياسية داخلية ولم يخف الكثيرون امتعاضهم من عودته ولارتياحهم لمقتله.
    ظل في الصف الامامي السيد مقتدى الصدر الزعيم الاكثر شبابا وتشددا وتقدم لملء الفراغ، فدخل اولا في صراع خفي مع المرجعية نفسها، مطلقا عليها مصطلح المرجعية الصامتة ومسميا تياره بالحوزة الناطقة.
    تميز الصدر بالاصرار على اطروحات اجتماعية وسياسية لا تقبل مهادنة او مراجعة، ووجدت فيه ايران ضالتها وقاد الرجل حركة سياسية شعبية شبابية في بغداد حيث سميت مدينة «صدام» مدينة الصدر فور سقوط النظام.
    وفي الوقت الذي تبحث فيه واشنطن عن طريقة لتعديل استراتيجيتها تشمر ايران عن ساعديها لتسوية حساباتها مع الولايات المتحدة على ارض العراق حتى تمنع ظهور تنظيم موال لواشنطن في العراق ستضمن استمرار انعدام الامن في العراق حتى عشية انتخابات الرئاسة الاميركية في نوفمبر المقبل ولهذا فمن مصلحة الايرانيين ان ترتفع وتيرة العمليات الانتحارية والتخريبية وخطف الرهائن والتنكيل بهم بصورة تقترب من العمليات التي قتلت مئات المارينز في بيروت عام 1983 ما دفع بعدها بالرئيس الاميركي وقتذاك ريجان الى سحب قواته من لبنان وبخاصة ان الاجهزة الايرانية تملك تجربة مهمة في هذا المجال وخبرة في استخدام الرهائن لغايات سياسية وذلك منذ ايام رهائن السفارة الاميركية في طهران، والتي اطاحت بالرئيس كارتر وبعدها مرحلة الرهائن الغربيين في بيروت.
    الرهان الاميركي على الساحة العراقية بات يتجاوز الاعتماد على العناصر والتنظيمات الشيعية المعروفة بانتمائها او حتى ميولها الايرانية، وطالت اوساط سنية وكردية، وحتى من القاعدة على خلفية ان اميركا عدوة للجميع!.
    تعلم ايران اذا ما توحدت رايات الشيعة في العراق فلا رعاية ايرانية وستستعيد النجف مكانتها على حساب قم وسيظهر منافس ايديولوجي لنظام طهران ولذلك مارست ايران سياسة عدم وضع البيض في سلة واحدة.
    ففي لبنان قسمت طهران الطائفة الشيعية عن طريق تشكيل حزب الله في مواجهة حركة «امل» في اوائل الثمانينات، وفي التسعينات جاء دور حزب الله نفسه ليعاني من انشقاق ثلاثي في طهران بقيادة كل من حسين الموسوي وصبحي الطفيلي اضافة الى حسن نصر الله، اما في افغانستان فقد وازنت طهران دعم الجماعات المختلفة بحيث تمنع من التجمع معا في جبهة موحدة ربما تؤدي الى تقليل اهمية الرعاية الايرانية لكل منها في مرحلة من المراحل، فكانت ايران تؤيد كلا من اسماعيل خان امير هيرات وجماعات الهزارة كل على حدة، وفي طاجيكستان قسمت ايران الحركة الاسلامية الى ثلاث جماعات قبل ان تتوصل الى اتفاق مع الحكومة الشيوعية الجديدة في العاصمة دوشنبه، وادركت واشنطن ان مقتدى الصدر تجاوز الاشارة الحمراء والتي يبدو ان الشيعة قد استوعبوها، ابتداء من المرجعيات وانتهاء بالشخصيات العادية، اما الخطوط الحمراء التي تجاوزها الصدر تمسكه بخط حركة «حماس» وحزب الله، واعلانه عن وضع كامل امكاناته تحت تصرف الحركتين في مواجهة اسرائيل.
    كيف ينتقل العراق من ضفة الحرب الى ضفة أن لا حرب، وسط كل هؤلاء، وكيف سينقل عطية المسودن كلا من بريمر ومقتدى الصدر والزرقاوي في القارب ذاته؟
    http://www.alraialaam.com/29-04-200...aiaamforyou.htm
    هل لديكم تعليق
    الحجاب سعادة لاشقاء

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow Re: حي الميد / حسنة وعطية المسودن

    الرّسالة الأصليّة كتبت بواسطة سوسن
    وفي طريقة اشترى خروفا وحزمة برسيم، وعندما غابت الشمس توارى عطية تحت النخل وكمن للذئب فأوقعه في حفرة، وفي طريق عودته فرحا كان لابد ان يعبر الضفة مرة اخرى، ولكن القارب الصغير لايتسع إلا لواحد من ثلاثة اما الذي او الخروف او حزمة البرسيم،
    يحمل عطية المسودن الخروف الى الضفة الاخرى .. ويترك الذئب مع البرسيم .. يعود ليأخذ البرسيم يتركه في الضفة الاخرى ويعود بالخروف .. يترك الخروف في هذه الضفة ويأخذ الذئب .. يترك الذئب مع البرسيم .. ويعود لحمل الخروف .. وهكذا يعبر الجميع بسلام .. ورحمة الله على من مات من اسلافنا مع هذه الحزورة التي كنا نسمعها ونحن صغار ..
    المهم نلتفت لكل شئ .. وتغيب عنا خباثة الاحتلال .. واهدافه وأغراضه في العراق .. وان هذا الفراغ والفوضى والعبث كلها من انتاجه ولمصلحته .. فالمطلوب اولا واخيرا .. ان يجد له مبررا للبقاء واستمرار البقاء .. مع اننا دائما نقفز خارج الحدود .. لنرمي بعيوبنا على طرف خارجي .. وتكون علتنا ايران لاغيرها .. وننسى ان الطرف الخارجي موجود في العراق وهو امريكا .. قبل غيرها .. الطريف ان بوش البارحة كان يصرح بأن هذه التوترات الامنية في العراق هي من فعل " اجانب " ..
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني