رئيس الإنتقالي الدوري وإيران: ماذا فعلت دولة الولي الفقيه بالعراقيين؟
الأربعاء 05 مايو 2004 08:44
داود البصري
كنت في مقال سابق لي نشر في 26 نيسان (ابريل) المنصرم بعنوان "رئيس الإنتقالي الدوري وإنفجارات الكويت"! قد أشرت إلى جانب من جوانب المحنة الشعبية العراقية في إيران أيام الحرب الماراثونية والمأساؤية مع العراق، وقد فهم من المقال للأسف من أنني قد إتهمت الأستاذ عبد الزهرة عثمان (أبو ياسين) الرئيس الدوري الحالي لمجلس الحكم من أن له دورا محوريا في إنفجارات الكويت الشهيرة في 12/12/1983؟ وقطعا لم يكن ذلك مقصدي بالكامل، إذ أنني لم أتهم أشخاصا بعينهم، بل إتهمت مرحلة تاريخية وسياسية صعبة تداخلت خلالها كل الأوراق والنظريات وخضع الجسم الإسلامي العراقي المعارض وقتها لإختبارات وخيارات صعبة، وتقاطعت فيها كل الخيوط وحيث أستغلت طيبة وحيوية وحماسة أهل الفكر الإسلامي العراقي في تنفيذ أعمال وأمور لايقرونها ولاتتطابق مع توجهاتهم، ولعبت أجهزة المخابرات الإيرانية في (إطلاعات) ومخابرات الباسداران (الحرس الثوري) أدوارها المرسومة والخفية في فرض الإنشقاقات، وتشويه المعلومات والمواقف، بينما كان المجاهدون العراقيون وقتها يعانون بصمت وقسوة من حدة المأزق السياسي، ومن صور الحرمان والمقاطعة الرسمية الإيرانية، ويتحركون فوق أرض ملغومة من الشكوك والدعايات والأوراق والشخوص المختلطة، وكان السيد عبد الزهرة عثمان برؤاه السياسية المختلفة عما كان سائدا أحد الذين عانوا الأمرين بعد أن عاش حياة المطاردة والتشرد والهروب من حكم موثق بالإعدام لنشاطاته الدعوية والإسلامية، كما كان أحد أهم الذين تعرض إسمهم للتشويه على مذابح صراع الأجهزة الإستخبارية ومكتب حركات التحرر الذي كان مخترقا من الأصل وتعرض لتصفية شاملة من السلطات الإيرانية بعد إعدام السيد مهدي الهاشمي مسؤول المكتب عام 1987 على خلفية خلافات توجت بإتهامات بالجاسوسية بعد أن إنكشفت لمجلة (الشراع) اللبنانية حكاية (إيران/ كونترا)! والتي هزت الدنيا وقتها، المهم في الموضوع إن الخضوع لأوامر ونواهي القيادة الإيرانية من قبل المعارضين العراقيين أمر كانت تحتمه أصول ومراسيم وقيود الإستضافة الرسمية الإيرانية للمعارضة العراقية والتي وجدت كل الأبواب مغلقة أمامها عربيا بإستثناء البوابة السورية ولأسباب خاصة وحيث كانت لأجهزة المخابرات السورية أيضا رجالها ورموزها وصولاتها وجولاتها!!، كما كانت قضية الإعتراف بالولي الفقيه الجامع للشرائط تفرض نفسها في أجهزة الدولة والثورة الإيرانية وكان العراقيون الحركيون في حالة صمت كامل وقبول بالمتطلبات الإيرانية للأسباب التي ذكرناها، كما تطرف البعض منهم وجنح صوب خيار (الذوبان والإنصهار) في الجسم الإيراني معتبرا أن الإستقلالية لامعنى لها في ظل قيام دولة الولي الفقيه الذي سيهيأ الظروف العامة والخاصة لقدوم (المهدي المنتظر) وسيادة العدالة في الأرض!، وكان العراقيون بمختلف انتماءاتهم وقودا في حرب الرؤى والمفاهيم والتطبيقات النظرية حتفا عن أنوفهم وماعليهم سوى القبول بالنتائج وإلا كانوا موضعا للإتهام في ظل تلكم الظروف القاسية والمحنة العويصة، في مقابل ذلك كله كان التدفق العراقي الشعبي المعارض يزداد على إيران وكانت المشاكل مع الإدارات الإيرانية تتفاقم في قضايا الإقامات والعمل والسكن والزواج وبقية المعاملات وكانت دوائر الدولة الإيرانية تتعامل بجفاء وعدوانية واضحة مع العراقيين رغم المواقف الإعلامية العكسية، وكان الصمت سيد الموقف، وكان الإيرانيون يجعجعون كثيرا بالدعم المفتوح للمعارضة العراقية، ولم يكن ذلك دقيقا للغاية وسأورد مثلا يوضح الموقف:
في منتصف الثمانينيات وكان السيد علي خامنئي المرشد الحالي لإيران رئيسا للجمهورية إحتاج المجاهد العراقي المعروف حسن فرج الله الذي ضحى بأسرته وعشيرته في جهاده لعلاج خارج إيران ولم يكن يمتلك جوازا ولاوثيقة سفر صالحة فطلب من رئيس الجمهورية المساعدة وحيث أوعز لإدارة الجوازات الإيرانية بإصدار جواز سفر مؤقت لفرج الله فرفضت الإدارة تنفيذا لتعليمات الرئيس! فلما علم الرئيس بذلك صمت ولم يحرك ساكنا!! بينما ظل شيخنا العراقي يعاني آلام المرض والغربة وهو مثقل بتاريخه الطويل والدموي في دعم الثورة الإيرانية!! وغير هذا الموقف العديد من المواقف لآلاف الشباب العراقيين الذين دافعوا عن الثورة الإيرانية وماتوا في سبيلها وتجاهلتهم إيران ودولة الولي الفقيه بالكامل ليدفنوا في مقابر الغرباء وليكونوا دموعا في طريق الحرية العراقية!! أما رئيسنا الحالي أبو ياسين فلقد تعرض على الصعيد الشخصي أيضا لظلم كبير حتى أن السيدة الفاضلة زوجته تعرضت لمحنة صحية قاسية فلم تجد من السلطات الإيرانية أدنى إستجابة..! والطريف أن السيد أبو ياسين وهو يهم بمغادرة إيران عائدا لوطنه العراق بعد إنهيار سلطة الموت البعثية عمدت سلطات الحدود الإيرانية إلى ختم وثيقة سفره المؤقتة بعبارة (خروج بلاعودة)!!!
وكانت اللاعودة هي نهاية الحلم الإيراني الذي تحطم على أسوار دولة ولاية الفقيه!!!!