[frame="7 80"][align=center][glint]عالم الذرة العراقى د. حسين الشهرستانى لمجلة "نيو ساينتست": [/glint]
[glint]أعتذرت عن قبول الترشيح
لمنصب رئيس وزراء لأني
لم أكن على ثقة من تعاون
كل الأطراف السياسية[/glint]
شاهدت بنفسى حالة معتقل تم أستخدام مثقاب كهربائى لعمل ثقوب فى عظامه



الاثنين 28 يونيو 2004 08:07 [/align]


هذه هى ترجمة حديث صحفى مع عالم الذرة العراقى "الدكتور حسين الشهرستانى" أجرته معه المجلة العلمية (نيو ساينتست) (العاِلم الجديد) والتى تصدر فى أوروربا ويبلغ عدد قرائها حوالى نصف مليون قارئ ما بين المطبوعات الورقية والمطبوعات الإلكترونية.

لرفضه العمل فى برنامج (صدام حسين) للأسلحة، أمضى حسين الشهرستانى 11 سنة كسجين فى سجن أبو غريب. وفى الوقت الذى يكافح العراق لإعادة البناء، فقد تم ترشيح الدكتور الشهرستانى لرئاسة الحكومة العراقية الإنتقالية، ولقد شرح للصحفى (مايكل بوند)

سبب رفضه لهذا الترشيح. والآن يناشد كل علماء العالم لمقاطعة كل أبحاث أسلحة الدمار الشامل.


*ما مدى معرفتك بصدام حسين؟

- عرفت صدام عن قرب عندما كان يرأس وكالة الطاقة النووية فى فترة السبعينيات قبل أن يصبح رئيسا.



* كيف تحدثنا عنه؟

- لم يبهرنى أبدا.عرفت عنه أنه رجل شرير ولا يتورع عن إعدام الناس لمجرد خلافات بسيطة معه. ولم يبهرنى أبدا بذكائه أو رؤيته. وفى بعض الأحيان كان يجعل نفسه يبدو مغفلا عندما كان يعلق على بعض الأمور العلمية. وفى الإجتماعات كان ينصت فى معظم الأحيان للمناقشات العلمية وبعد ذلك يقوم بإتخاذ القرار فيما ينبغى عمله، ولكن فى أحيانا أخرى كان يعلق على موضوعات لا يدرى عنها أى شئ. ولكن ما كان واضحا لدينا جميعا هو طريقته السلطوية وفى الطريقة التى كان يحاول التحكم والسيطرة على كل من حوله. كان يتصرف وكأنه فوق الجميع ويبدو وكأنه يتحكم فى كل شخص وفى كل شئ، وكانت كلمته نهائية ولا يمكن لأى شخص آخر أن يتخذ أى قرار.



* عندما أصبح رئيسا للعراق فى عام 1979 طلب منك العمل فى برنامج التسلح النووى، ماذا حدث؟

- لقد كنت الرئيس العلمى الأستشارى لوكالة الطاقة النووية العراقية عنما نّصب صدام نفسه رئيس للعراق. وأراد أن يعيد توجيه نشاطات أبحاثنا من التطبيقات السلمية الى ما سماه هو "التطبيقات الإستراتيجية". ولقد رفضت العمل فى هذا البرنامج.



* هل كان سهلا إتخاذ مثل هذا القرار؟

- لقد كان سهلا لحد ما. لقد كان واضحا تماما لى بأن أى أسلحة فى يديه سوف تستخدم ضد الشعب العراقى، ولم أستطع الموافقة على العمل فى أى برنامج عسكرى وخاصة لصدام. وكنت أعرف قبل إتخاذ هذا القرار كل العواقب، ولكنى لم يكن لدى خيارات كثيرة. وكان علىّ أن أختار بالعمل معه وأساعده فى قتل عشرات أو مئات الألوف من الناس أو أن أتخذ قرارا بالرفض وأن أدفع الثمن. ولقد أجبرنى وازعى الدينى أن أتخذ القرار الصعب.



* وبالرغم من هذا فإن زملائك العلماء الآخرين وافقوا على العمل فى برامج صدام للأسلحة؟

- نعم لقد تم إجبار عدد آخر من العلماء للعمل فى تلك البرامج. ولكن بالطبع تم إقناعهم بطرق متعددة : بعضهم تم إعتقالهم، تعذيبهم، إحتجازهم فى مستشفيات عقلية، الى آخره... وفى النهاية تم إقناعهم للعودة فى العمل فى برنامج الأسلحة.



* ماذا حدث لك عندما رفضت؟

- تم إعتقالى فى ديسمبر عام 1979، وتم إستجوابى وتعذيبى لمدة 22 يوم وليلة. وفى حالتى كانوا أرفق حالا لأنهم لم يرغبوا فى ترك علامات مستديمة على جسدى. ولقد تم تعليقى من يدي الى السقف. وكانت يداى مربوطتان خلف ظهرى. وأستخدموا صدمات كهربائية على أجزاء حساسة من جسدى وضربونى. وكان هناك غيرى فى غرف التعذيب يعاملون بشكل أسوأ بكثير. وشاهدت بنفسى حالة معتقل تم أستخدام مثقاب كهربائى لعمل ثقوب فى عظامه. وكان أقصى حالات التعذيب إيلاما هو سماع صرخات الأطفال الذين كانوا يعذبون لإنتزاع الإعترافات من أبائهم.



* ماذا فعلوا بك بعد ذلك؟

- لقد تم الحكم علىّ بالسجن مدى الحياة، وتم أخذى الى سجن أبو غريب بالقرب من بغداد. وقام بزيارتى أخو صدام (غير الشقيق) وحضر الى زنزناتى وعبر عن أسفه لما قاموا به معى، وحاول إقناعى للعودة على العمل، وقال بأن هناك مكانا لى للعمل فى قصر الرئاسة. وقلت له بأننى لاأستطيع لأننى من الناحية الجسدية لا أستطيع وذلك لأصابتى بشلل جزئى نتيجة التعذيب وأيضا لأن أبحاث الأسلحة ليست فى مجال تخصصى. وأجاب بأن أى رجل يرفض العمل فى خدمة وطنه لا يستحق الحياة فقلت له أن من واجبنا أن نخدم وطننا ولكنى لا أستطيع تأدية مثل هذه الخدمة. وكان من نتيجة هذا أن وضعت فى فى سجن إنفرادى لمدة عشر سنوات من مايو 1980 حتى مايو 1990 بناء على أوامر شخصية من صدام حسين.



* من الناحية النفسية كيف أستطعت الحياة خلال تلك السنوات؟

- حاولت أن أجعل ذهنى مشغولا دائما، لقد كان أمرا صعبا، قمت بإفتعال مسائل رياضية وحاولت أن أقوم بحلها. وحاولت أن أشغل وقتى بتذكر مسائل علمية وبطريقة ذهنية حاولت أن أقوم بتطويرها، وبالطبع كان هناك حدود لما يمكن أن أقوم به بدون ورقة أو قلم وبدون أى كتاب أو أى مرجع، لم يكن من المسموح لى أى شئ من هذا القبيل، لقد تم منع أى نوع من الكتب حتى لو كانت نسخة من المصحف أو الجرائد، حتى جريدة جزب البعث والراديو تم منعها عنى، لقد كنت منقطعا عن العالم تماما. ولقد حاولت أن أجعل ذهنى حيا بواسطة مراجعة الأمور التى عرفتها فى السابق.



* كيف تم هروبك؟

- فى سنوات السجن الإنفرادى كان الشخص المسئول عن زنزانتى هو زميل مسجون فى خدمة ضباط الأمن. لقد كان ممنوعا على أى شخص فى هذا الوقت فى التحدث معى، ولقد حاول هذا الشخص أن يهرب الى زنزانتى طبقا من الطعام بدون أن يتفوه بكلمة معى. ولكنه جاء لى يوما وقال: "أن أعرف كل شئ عنك يادكتور حسين، البلد كلها تحترمك، لو كان هنا أى شئ أستطيع القيام به أرجو أن تخبرنى وسوف أحاول عمله ". فى البداية أعتقدت أنه يمكن أن يكون مدفوعا بواسطة المخابرات للإيقاع بى، لذلك شكرته وتركت الموضوع عند هذا الحد. ولكن نشأ بيننا نوع من الثقة وقمت بتدبير هروبى معه. وفى إحدى ليالى فبراير 1991 بعد غزو الكويت وعندما كان الظلام يعم بغداد وكان هناك غارات جوية على المدينة، أخذنا سيارة كانت تستخدم بواسطة ضباط الأمن وأرتدينا ملابس ضباط الأمن وقمنا بالهرب. وذهبنا الى الشمال ثم تركت العراق بعد ذلك مع عائلتى وأصبحت لاجئا سياسيا.



* هل ترغب فى رؤية مزيد من العلماء فى العالم أن يقتفوا أثرك ويقفوا ضد أى ممارسات غير أخلاقية؟

- بالتأكيد، العلماء على وجه الخصوص عليهم إلتزام أخلاقى لأن الناس تنظر اليهم كمثل أعلى كأشخاص متعلمين ويعرفون أكثر مما يعرفه الشخص العادى، وهذا يضع على أعناقهم عبئا ثقيلا للتأكد من أن معرفتهم سوف تستخدم لخدمة الإنسان والأغراض الإنسانية. أننى أوافق بشدة مع أى عالم تقلقه العلاقة بين أكتشافاته وبين عواقبها. يجب عليك أن تفكر فى نتائج عملك: هل سوف تساعد الناس أو تؤذيهم. أنا لا أعتقد بأن أى شخص لديه أى قدر من الأخلاق سوف يسمح لنفسه بأن يصبح أداة لتدمير أناس آخرين.



* هل هناك أى مجالات علمية تبعث فى نفسك القلق؟

- أود أن أنتهز هذ الفرصة لكى أطلب من كل زملائى العلماء حول العالم أن يتوقفوا عن العمل فى تطوير أسلحة الدمار الشامل، هذه الأسلحة لن تضمن تأمينا للأمن القومى، بل على العكس سوف تمكن القادة من أن يصبحوا أكثر عدوانية وأقل أستعدادا للتأثير على حل المشاكل العالمية. وعلى الغرب أن يأخذ زمام المبادرة ويبدأ فى تدمير المخزونات لديه من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، ويتأكد من أن تلك الأسلحة سوف يتم تدميرها ومنعها فى كافة أنحاء العالم، وكذلك أود أن أرى تقدما فى نزع الأسلحة النووية فى السنوات القريبة القادمة.



* ذكرت أن قرار رفضك للعمل فى مجال تطوير الأسلحة النووية كان بناء على وازعك الدينى، هل شعرت بأن إيمانك الدينى يتعارض مع علمك؟

- بالعكس، لقد أوصى الرسول محمد المسلمين (بطلب العلم من المهد الى اللحد)، وأوصى أيضا بأن العلم الذى لا ينتفع البشر به يعتبر علما لا فائدة منه. لذلك فإننا لا نشجع فقط على طلب المعرفة بل على التأكد من فائدتها للإنسانية. ولا أرى أى تعارض بين القيم الدينية وبين العلم، بل على العكس أنا أؤمن بأن دينى يحثنى على الحصول على المعرفة والتأكد من إستخدامها لخير الإنسانية، وهذا مما دفعنى إلى أن أتخذ الموقف الذى أتخذته.



* ماذا فعلت فى المنفى؟

- لقد خصصت وقتى لمساعدة الزملاء اللاجئين، ولقد ترأست (المجلس العراقى لمساعدة اللاجئين) والذى ساعد اللاجئين الذين هربوا من العراق بسبب صدام، وقمت بالعودة الى العراق فى 7 أبريل 2003 (يومين قبل سقوط النظام فى بغداد)، وأخذنا مساعدات إنسانية وطعام وأدوية ومياه الى منطقة البصرة.

ثم بعد ذلك أنتقلنا الى المناطق الجنوبية والوسط وذهبنا الى أفقر المناطق لإستطلاع إحتياجاتهم الملحة، وقمنا بتنفيذ العديد من المشروعات لمساعدة العيادات الطبية فى تدبير إحتياجاتها الدوائية، إصلاح المدارس، إصلاح خطوط المياه، وإصلاح إضاءة الشوارع.

وأيضا نساعد الأسر التى فقدت عائلها، وأصبحت النساء هى التى تتولى المسئولية، وايضا نحاول مساعدة السجناء السياسين السابقين الذين حرموا من أى تعليم أو تدريب أو فرص عمل. نحن نحاول مساعدة أضعف فئات المجتمع ومحاولة خلق الفرص لهم.



* كعالم، ماذا ترى فى العراق بعد إنتهاء الحرب؟

- لقد كان الوضع قاسيا على الجميع وبصفة خاصة على العلماء، لقد قام صدام بإجبار معظم العلماء والفنيين الأكفاء للعمل فى برامجه العسكرية. لتطوير أسلحة الدمار الشامل (الكيمائية، البيولوجية، النووية).
بعد سقوط هذا النظام توقفت كل هذه البرامج، وأصبح معظم هؤلاء العلماء بدون عمل، وعلى الرغم من أن بعضهم يحصلون على مرتبات بدون أى عمل حقيقى، ولكن هذا شئ صعب على أى عالم بأن يجلس بدون أى عمل. لذلك فإنه من المهم فى عملية إعادة الإعمار بأن يعاد بناء تلك المعامل لكى يتمكنوا من العمل مرة أخرى. ولهذا فائدة للبلد ولخدمة المواطنين. ويؤسفنى القول بأنه حتى الآن لا يوجد أى تقدم فى هذا المجال.



* لماذا أعتذرت عن قبول الترشيح لمنصب رئيس وزراء الحكومة الإنتقالية؟

- لم أكن على ثقة من تعاون كل الأطراف السياسية، وبدون هذا التعاون سوف يكون من المستحيل على الحكومة الإنتقالية أن تقوم بالتجهيز للإنتخابات. وبما أن مسئولية الحكومة الأنتقالية الأولى كانت سوف تكون التجهيز للمؤتمر العام الأول وللإنتخابات الحرة، لذلك فإننى آثرت عدم قبول تلك المسئولية.



* هل ترى أنه بإمكانك الإنخراط فى السياسة العراقية فى المستقبل؟

- أنا لا أرى نفسى فى نشاطات سياسية من هذا النوع. ولكن بعد الإنتخابات اذا طلب منى بواسطة المؤتمر القومى العام أن أتحمل أى مسئولية، فأنا على إستعداد لخدمة بلدى، وخاصة فى مجال العلم والتكنولوجيا من أجل إعادة البناء.



* الآن يأتى أهم سؤال: هل تعتقد بوجود أى أسلحة للدمار الشامل فى العراق عند قيام الحرب؟

- من الناحية العملية: فإن معظم الأسلحة الكيماوية والبيولجية والنووية قد تم تدميرها وتفكيكها فى النصف الثانى من التسعينييات، ولكن هذا لا يعنى أنه قد تم تدميرها بالكامل. ولقد تكون لدى الأنطباع بعد الحديث الى الناس الذين عملوا فى العراق فى النصف الثانى من التسعينييات بأنه مايزال هناك كميات صغيرة متبقية: بعض أنواع الجراثيم والخلايا المتكاثرة التى يمكن أستخدامها فى إستئناف إنتاج الأسلحة البيولوجية. وبالطبع كانت هناك المعرفة والخبرة مازالت موجودة وكذلك الرغبة السياسية، ولم يكن صدام ليتورع عن إستخدام تلك الأسلحة لو أتيحت له الفرصة..

[/frame]

[align=center]ترجمة سامى البحيرى خاصة بـ"إيلاف"

samybehiri@aol.com
http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/index.html[/align]