اول لقاء صحفي بالياور بعد تسليم السلطه
الشرق الأوسط» تحاور الرئيس العراقي الجديد بعد ساعات من انتهاء الاحتلال ونقل السلطة
غازي الياور: مفاجأة التبكير باستعادة السيادة أعددنا لها مسبقاً واستعداداً للتنفيذ وضعنا خططاً لمواجهة أعمال العنف والإرهاب بحزم * قال: أبلغت الرئيس الأميركي بعدم القبول بإلحاق القصر الجمهوري بسفارة واشنطن وفوجئت بأنه لا يعلم بهذا الأمر
حوار: عدنان حسين
قبل أن اشرع بالحوار معه سألت الرئيس العراقي غازي الياور، ان كان يفضل ان اقول له، وانا اتحدث معه، سيادة الرئيس ام الشيخ، فبدأ جوابه بابتسامة على وجهه العريض وروى ان الرئيس الاميركي جورج بوش سأله السؤال نفسه عندما التقيا منذ بضعة اسابيع وانه اجابه بالآتي: الشيخ صفتي منذ الصغر وهي باقية لي بعد ان تذهب صفة الرئيس، وانا افضل ما كان لي وما سيبقى معي.
وفي ثنايا الحديث اكد الشيخ غازي مشعل عجيل الياور ان اكثر ما يفكر ويهتم به هو ان «يشعر الذين سيأتون من صلبي بعد 60 أو 70 عاماً بالفخر لأنهم احفاد شخص انجز اعمالاً صالحة ونافعة».
في غرفة استقبال متواضعة الى حد كبير في منزله الحكومي وبلباس متواضع وغير رسمي استقبلني سادس رئيس للجمهورية العراقية وتاسع رئيس لدولة العراق الحديثة. كانت قد مرت ساعات قليلة على تسلمه وحكومة الدكتور اياد علاوي السلطة الكاملة من قوات الاحتلال وادائه اليمين الدستورية في موعد مبكر فاجأ الجميع.
* لماذا هذا التبكير غير المتوقع في نقل السلطة؟
ـ الموعد كان محدداً مسبقاً ومتفقاً عليه بيننا وبين سلطة التحالف. اتفقنا على ان تتم عملية نقل السلطة في احد الايام الثلاثة الاخيرة من يونيو (حزيران)، ولما شعرنا بان هناك من خطط للقيام بعمل يزعجنا ويزعج شعبنا في الساعات الاخيرة من يوم 30 يونيو واول يوليو (تموز) اتممنا عملية نقل السلطة في اليوم الاول الذي اخترناه بدلاً من اليوم الاخير الذي كان الموعد الاقصى لنقل السلطة.
* بعد انتهاء مراسم التسلم والتسليم واداء القسم وانتهاء يوم العمل كيف فكرت وماذا قلت في سرك وانت تعود الى هذا المنزل؟
ـ فكرت باننا اصبحنا احراراً واصبحنا اصحاب القرار في البلد. وهذه مسؤولية كبيرة، ولادائها قررنا الابقاء على قوات متعددة الجنسيات نحن نريدها لاننا نحتاجها من اجل تحقيق ما نتطلع اليه وما يريده شعبنا. الامر الواقع يفرض وجود هذه القوات. نحن اناس عقلاء وليس من المعقول ان نجازف بأمن البلد وسلامته ومصلحة شعبه التي تقتضي ان نتحمل الملامة ونتقبل النقد من البعض لاننا نبقي على قوات اجنبية كنا نتمنى الا نكون في ظرف يجعلنا نحتاج اليها.
نحن نريد لبلدنا ان يكون كامل السيادة والاستقلال وان تكون قراراتنا في مصلحة الشعب. واليوم بعد انتهاء المراسم مباشرة عقدنا اجتماعاً اتخذنا فيه قرارات نعتقد ان فيها مصلحة للشعب العراقي، وهي جزء من قرارات وخطوات اعددنا لها طيلة الاسابيع الاربعة الماضية، وهي قرارات لا تمس حرية الشعب العراقي وكرامته ولكنها حازمة وصارمة جداً حيال من يسعون الى العبث بأمن البلد.
* هل كان الاجتماع مع رئيس الحكومة والوزراء؟
ـ كان مع رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ومستشار الأمن القومي.
* هل لنا ان نعرف طبيعة القرارات التي اتخذتموها؟
ـ هي ثلاثة قرارات ستصدر تباعاً في القريب العاجل. الاول العفو العام عن كل من لم تتلطخ ايديهم بدماء الشعب العراقي ومن لم يقوموا باعمال ارهابية ولم يشتركوا في المجازر التي كان الشعب العراقي ضحيتها، والثاني اعادة العمل بقانون السلامة الوطنية الذي هو اخف من قوانين الطوارئ ولكنه ينطوي على اجراءات حازمة ضد اعمال الارهاب وخرق القانون، والثالث إعادة العمل بعقوبة الاعدام ولكن بضوابط تتماشى مع المعايير المطبقة في معظم دول العالم، عقوبة الاعدام في العهد الجديد لا تشبه عقوبة الاعدام في عهد صدام التي نصت عليها 114 مادة، فقد حددناها بعدد من الجرائم المرتكبة ضد المجتمع كالاغتصاب والخطف والقتل والعبث بأمن البلد وغيرها مما يدخل في خانة اعمال الارهاب.
* ما هي صلاحيات الرئيس خلال الفترة الانتقالية وما هي الحدود الفاصلة بين هذه الصلاحيات وصلاحيات رئيس الوزراء؟
ـ كلنا سنعمل بروح الفريق الواحد. نحن متفاهمون ومتفقون في ما بيننا ونعمل على اساس ان كلا منا يكمل الاخر في عمله، فنحن حكومة خلاص وطني. ليس الوقت وقت الجدل العبثي والبيزنطي حول الصلاحيات. انه وقت العمل لاعادة بناء البلد في كل المجالات وانجاز مهمات الفترة الانتقالية. الرئيس رمز لسيادة البلد، وهو يشرف على السياسات والاستراتيجيات العامة للدولة، والقانون حدد صلاحياته مثلما حدد صلاحيات رئيس الوزراء المسؤول عن تسيير شؤون الدولة وانجاز الوزارات لمهامها.
* هل نفهم من قولكم انكم ستعملون كفريق واحد وانكم ستحضرون اجتماعات الحكومة؟
ـ يحق للرئيس المشاركة في اجتماعات الحكومة. كما انه يجتمع برئيس الوزراء دورياً ليكون على اطلاع كامل على عمل الحكومة وليناقش الامور مع رئيس الوزراء. وليس بالضرورة ان تكون الاجتماعات اسبوعية. انها ستنعقد حسب ما تتطلبه الحاجة، يوميا احياناً.
* الشعب العراقي يتطلع الان الى تحقيق حاجاته الاساسية، خصوصاً على صعيد حفظ الأمن وتحسين الوضع الاقتصادي والمعاشي. في الفترة الماضية كان يقال ان سلطة الاحتلال كانت تحول دون تأمين هذه الحاجات. والآن بعد ان تمتعت الحكومة بكامل الصلاحيات هل نتوقع حلولا ملموسة للمشاكل القائمة؟
ـ اولوية هذه الحكومة هي حفظ الأمن وتطوير قدرات قوى الأمن العراقية للوصول الى مرحلة نستطيع معها ان نعتمد على انفسنا ونقول لمن ساعدنا: شكراً، ونطلب منه مغادرة البلد. نحن جادون في هذا، وخلال الايام القليلة الماضية لمس المواطنون اجراءات مناسبة على هذا الصعيد. أمن البلد لا يستطيع حفظه الا اهل البلد. اما بخصوص الوضع الاقتصادي فلدينا العزم نفسه. وقد شرعنا بهذا منذ فترة، فاثناء حضوري قمة الدول الصناعية الثماني طلبنا من هذه الدول مساعدتنا في اطفاء الديون المترتبة على العراق، وتحدثنا مباشرة الى قادة هذه الدول فاظهروا تفهمهم واكدوا انهم يعملون على ذلك. هناك دول اخرى اعلنت استعدادها لمساعدتنا لكنها ربطت ذلك بقيام حكومة شرعية ومعترف بها من الامم المتحدة، وقد تشكلت هذه الحكومة الان ونتوقع ان تفي هذه الدول بوعودها. البعض اشترط ان نحفظ الأمن لكي يعطونا المنح فقلنا لهم: اعطونا المنح لكي نستفيد منها في توفير اجراءات حفظ الأمن وتنمية قدراتنا ومكافحة البطالة. لقد اعلن عن منح بحدود 33 مليار دولار، لكن لم يصلنا سوى اقل من 20 في المائة من هذا المبلغ، وهو لم يصلنا مبالغ وانما معدات جاءت بها الشركات التي تمثل البلدان المانحة، وبالذات الولايات المتحدة التي انفقت 6 مليارات دولار لم نتسلم منها أي مبلغ وانما انفقت من خلال شركات اميركية عملاقة نعرف جميعاً انها تبالغ جداً في اسعار منتوجاتها، فعندما يوصلون الى العراق سلعة ما سعرها في السوق دولار واحد فانها تصل الى العراق بسعر 50 دولارا. وشخصياً تحدثت مع الرئيس بوش في هذا الموضوع وطلبت ان يكون للحكومة العراقية دور في مراقبة تنفيذ اعمال الشركات والتثبت من جودة هذه الاعمال.
* يبدو ان الوضع الأمني سيبقى المعضلة الرئيسية في الفترة الانتقالية، وبخاصة اعمال الارهاب. الى أي مدى يمكن للحكومة الجديدة مواجهة هذه الاعمال، وما هي في اعتقادكم افضل الوسائل لمكافحة الارهاب؟
ـ نعم نحن نتوقع استمرار الاعمال الارهابية ونعمل الان على اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة ما نتوقعه من موجات العنف والارهاب خلال الفترة المقبلة. لدينا تصورات واستراتيجيات مبنية على اساس الواقع لمواجهة المحاولات اليائسة المتوقعة لكننا نثق بانتصارنا في النهاية، فهذه الحكومة تحظى بدعم العشائر كافة والاحزاب الرئيسية وغيرها من القوى السياسية في البلاد. والواقع ان هناك اجماعاً وطنياً على مناهضة الارهاب ومكافحته. وفي اعتقادي ان افضل وسيلة لمكافحة الارهاب هي رفع مستوى الوعي لدى الشعب العراقي بمخاطر الارهاب وتكوين جبهة وطنية عراقية. لا بد ان يعي الشعب باجمعه ان هذه العمليات الارهابية موجهة في الاساس ضده. التفجيرات التي تحصل يذهب ضحية لها العراقيون بالدرجة الاساسية. تفجير الموصل الاخير، مثلاً، قتل فيه 69 شخصاً كان بينهم ثلاثة اجانب مقابل 66 عراقياً. الشعب العراقي يعي الان بصورة واضحة انه والحكومة يقفان في صف واحد في مقابل هذا الارهاب الذي يقوم به اعداء الشعب العراقي. الارهابيون لم يأتوا الى العراق لخدمة مصالح العراق وانما جاءوا لحسابات خاصة بهم، وهم السبب في بقاء القوات الاجنبية. اضطررنا لطلب قوات متعددة الجنسية لحفظ أمن شعبنا. لو لم تكن مثل هذه الاعمال لما قررنا ابقاء اية قوة اجنبية هم الذين يطيلون امد الاحتلال وهم الذين يعيقون تقدم العراق واعادة اعماره.
* الان وقد عادت السيادة، هل نتوقع عودة سفراء الدول الاجنبية الى بغداد؟
ـ منذ بضعة ايام طلبت عدة دول ان يعتمد سفراؤها ابتداء من اول الشهر المقبل، وعندما جرت اجراءات تسليم السلطة اليوم بادر بعض هذه الدول الى طلب تحديد مواعيد لتسليم السفراء اوراق اعتمادهم.
* وهل بينها دول عربية؟
ـ نعم، دولة الامارات والبحرين والكويت والاردن وسورية ومصر والمغرب وتونس والسودان واليمن قدمت مثل هذه الطلبات. وانا متأكد من ان جميع الدول العربية سيمثلها سفراء في بغداد.
* انتم الان رئيس جميع العراقيين من مختلف القوميات والاديان والطوائف والاتجاهات السياسية. واستعداداً لانتخاب مجلس وطني وتشريع دستور دائم من الطبيعي ان تبرز الى السطح خلافات بين هذه المكونات. كيف تتصورون دور الرئيس في ضبط هذه الخلافات والمنافسات وتحقيق الانسجام بين هذه المكونات المتنوعة؟
ـ من فضل الله علي انه جعلني مقبولاً ومدعوما من مختلف الاطياف والاعراق والمذاهب. ومع نائبي الرئيس فاننا الثلاثة نمثل الاطياف الرئيسية للشعب العراقي. هذا كله يوفر لنا القاعدة الرصينة لاقامة علاقات متميزة متوازنة وحيادية مع جميع الاطراف. مع اعتزازي بخلفيتي وبالكتلة الاجتماعية التي جئت منها اشعر الان بانني لست لهذه الكتلة فقط. انا لكل العراق. قبيلتي الان العراق كله وابناء قبيلتي العراقيون باجمعهم. ما اطمح اليه ان يشعر العراقيون بان لا احد افضل من الآخر. بالنسبة لي مهمة الرئيس ليس ان يحب بلده وانما ان يحب ابناء بلده، وهذا ما اشعر به.
* اين سيكون مكتبكم الرئاسي؟ في القصر الجمهوري؟
ـ نظراً لان الاميركيين شغلوا القصر الجمهوري لاكثر من سنة فان عملية اخلائه من المعدات والاجهزة التي وضعوها فيه وتصليحه ستحتاج الى بعض الوقت. سأعمل الان من مكتب مؤقت والقصر الجمهوري بالنسبة لنا احد رموز سيادة العراق. هذا القصر تعاقب على العمل فيه ملك وخمسة رؤساء عراقيين. ولم يبن لشخص واحد ولن نفرط به لانه ملك الشعب. لا يهمني ان اجلس فيه او لا اجلس. المهم ان يرجع الى مالكه الشعب العراقي الذي له وحده الحق في تقرير ما سيكون. لقد تحدثت مع الرئيس بوش في هذا الامر وفوجئت بانه قد تفاجأ بالموضوع ولم يكن لديه أي علم بخطط لالحاق القصر الجمهوري بالسفارة الاميركية، ووعدني بانهم سيخلون القصر وانني سأمارس مهامي من هذا القصر، واجبته بانه ليس مهماً بالنسبة لي ان اعمل من القصر وانما المهم ان يعود الى العراقيين والا يرفع أي علم عليه غير العلم العراقي.
* للحكومة الجديدة مخالفون في الرأي ومعارضون، كيف تنظر اليهم وماذا تقول لهم؟
ـ نحن نحترم كل رأي ولا نتوقع ان يكون الجميع موافقاً علينا مائة في المائة. ما نرجوه من الاخوان ان يعارضون وينتقدون من منطلق ايجابي وبطريقة بناءة بما فيه خير الوطن وتقدمه، فالمهاترات والانتقادات السلبية والخوض في خصوصيات الناس ليست في مصلحة البلد. لقد ولى عهدها الى غير رجعة. نريد ان يكون الجميع مشاركاً في اعادة اعمار البلد. ومن يريد ان يعارض فليكن داخل الساحة لكي يسمع صوته. وفي النهاية فان صندوق الاقتراع هو الحكم. امد وجودنا في السلطة ليس طويلاً، ونحن ايضاً لا نريد ان يطول امد الفترة الانتقالية لاننا نطمح الى خدمة شعبنا من خلال قبوله بنا عبر صناديق الاقتراع. لنختلف على الوسائل، ولكن لنبقى موحدين على اهداف خدمة الشعب والوطن.
* عندما تنتهي الفترة الانتقالية هل سترشحون الى منصب الرئيس؟
ـ لم افكر في هذا الموضوع. ومن قبل لم افكر في موضوع الرئاسة المؤقتة ولم ارشح نفسي لها. طرح اسمي من اطياف كثيرة من الشعب العراقي وقواه السياسية. والان همنا منصب على ان نقوم بواجبنا ونؤدي الامانة التي في اعناقنا. لم نأت لتحقيق مكاسب شخصية.
* هل ترشحون او لا ترشحون؟
ـ ربما قبل شهر او اكثر قليلاً من موعد الانتخابات سيكون لنا رأي وموقف. ان رأينا ان وجودنا مرغوب فيه من قبل الشعب وانه يفيد العملية السياسية في البلاد فسنكون حتماً في خدمة الوطن، وان وجدنا ان هناك غيرنا من نتوسم فيه الكفاءة لاكمال المسيرة فسنسلمه الراية، فهذا البلد بلد الجميع وليس حكراً على احد.
* على هامش الحوار
* الرئيس الياور ـ كما افاد ـ كان عازما على عدم الانخراط في الشأن السياسي. لكن موقفه تغير بعد مشاهدته برنامجاً تلفزيونياً عن رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، الذي قطع دراسته الجامعية ليلتحق بإحدى جبهات حروب اسرائيل مع العرب «أثر فيّ موقف نتنياهو وتساءلت مع نفسي: ما الذي يجعل شاباً جامعياً يضحي بمستقبله من اجل وطنه؟ ومن يومها آليت على نفسي ان اعمل لاقامة نظام في العراق يجعل أهل العراق يحبون وطنهم ويضحون في سبيلة كما فعل نتنياهو».
* بعد انتهاء الحوار حرص الرئيس الياور على متابعة تغطيات بعض الفضائيات العربية لعملية نقل السلطة، واهتم خصوصاً بالاستماع الى آراء المواطنين العراقيين وملاحظاتهم.
* عرفت ان البرنامج الاسبوعي الذي تقدمة الفضائية العراقية «العراقية» باسم «ساعة مع الرئيس»، هو من اقتراح الرئيس الياور نفسه، حيث يطرح مواطنون عراقيون اسئلتهم ويعبرون عن آرائهم ويرد عليه الرئيس مباشرة.
http://www.asharqalawsat.com/
[align=center]لجنة اعتصام سامراء- امريكا[/align]