 |
-
مشروع امريكي للقضاء على مشاكل البطالة والاسكان في العراق
مشروع امريكي للقضاء على مشاكل البطالة والاسكان في العراق
مقبرة الشيخ معروف
كتابات - د. البراق عبد الهادي
بينما تعاني مجالات الاقتصاد المختلفة في العراق بسبب تدهور الاوضاع الامنية.. يزدهر المجال الذي يعمل فيه السيد عبد الله حسني. ضحايا الجريمة والسيارات المفخخة والمعارك يأتون بحثاً عن الراحة الابدية في مقبرته. يقول السيد حسني: في عصر صدام "المقبور" كان غالبية زبائننا من العجائر او فرد او اثنين اسبوعياً اصابتهم سكتة قلبية.. اما اليوم، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ندفن ما لايقل عن عشرة افراد يومياً. بعضهم ضحايا جرائم قتل ترتكبها عصابات، وبعضهم من المقاومة يقتلهم الامريكان. هناك جثث تبدو عليها آثار التعذيب واطلاق الرصاص، وهؤلاء عادة ضحايا عمليات انتقام من تجاوزات عصر صدام. لا يوجد قانون حالياً.. والناس تستغل الفرصة للثأر."
خلال عصر صدام، خشى المجرم من قسوة النظام الامني الرادع. ومن قتلتهم مخابرات صدام لم يدفنوا في مقبرة السيد حسن.. بل في مقابر جماعية.. اما في حال الفوضى الامنية الحالية، فيمكن ان يطلق اللص على ضحيته الرصاص مطمئناً هانيء البال. كما يمكن ان يفجر اي مختل سيارة في سوق..
السجل الذي يحفظ فيه السيد حسني اسماء سكان مقبرته مقياس جيد لتصاعد معدلات العنف منذ ابريل 2003 حين اسقطت قوات التحالف النظام المقبور.. يقول حسني: "هذه المقبرة هي قصة العراق.. لم اشاهد هذه الاعداد من القتلى طوال حياتي."
حين ياتي الناس لزيارة المتوفين من اقاربهم، يشعرون وكانه مرشد سياحي يقص عليهم مآسي العراق، الذي وعدته الولايات المتحدة بالرخاء قبيل اسقاط نظام صدام حسين. "هذا القبر يرقد فيه سماك قتله امريكي حين انفجرت قنبلة في السوق.. وهذا القبر للشرطي احمد العبيدي، الذي توفي مع ثلاثة رجال شرطة كانوا في سيارة اطلقت المقاومة عليهم النار. وهذا الضريح يرقد فيه شيخ عمره 75 عاماً بعد ان اطلق لص عليه النار لسرقة ما كان معه من مال." صورة لطفل في السادسة على قبر يحكي السيد عبد الله قصته الحزينة: اعتقد ان والد هذا الطفل عمل مع عصابة. وكان بينها وبين عصابة اخرى خلاف. وهاجمت العصابة الاخرى المنزل. فاردوا الطفل قتيلاً..
اما كابوس الصراع الجديد بين جيش المهدي والامريكان، فقد صعب كثيراً عمليات الدفن. فقد رغب محمد قصي بدفن طفله البالغ 3 شهور من العمر في مقبرة النجف، تباركاً بها. ولكن الطريق كان خطراً للغاية.. فقرر دفنه في مقبرة الشيخ معروف لوهلة حتى تتحسن الاحوال الامنية، فينقل الجثمان.. يقول السيد محمد قصي: "لا اقدرحتى على دفن جثمان ابني.. اعيش ولكن اشعر باني ميت."
حتى عمليات غسل الجثث تتأخر حالياً بسبب الفوضى الامنية.. يشتكى السيد حسين من ان بعض الجثث تصل متأخرة مهترأة، فلا يمكن غسلها بشكل سليم.. "وظيفتي اعداد الميت للعالم الآخر.. وكيف اقدر على انجاز العمل في هذه الاوضاع السيئة؟"
يعمل مع السيد حسني 12 موظفاً يغسلون الجثث ، ويدفنون الناس احياناً بالمجان. نظراً لضعف حال الكثير من الناس.. والسيد حسني تعلم تلاوة القرآن على ارواح من ذهبوا وتركونا من رفاقنا واقاربنا منذ نعومة اظفاره في سن السابعة في مقبرة الشيخ معروف. وهو حتى الساعة يقوم بتلاوة القرآن بشكل يومي.
وان كان البعض سعيداً بالخلاص من صدام المقبور، فالسيد حسني يعترف بتشوقه للكثير من مزايا ذلك العصر الغير متوفرة حالياً.. فقد كان يقدر حينذاك على ترتيل القرآن في حديقة المقبرة الصغيرة في المساء قبل النوم.. ولكن الأمان اليوم غير متاح، ولم يعد يقرأ القرآن في حديقة المقبرة.. وكان العمل في العصر المقبور يسير على قدم وساق 24 ساعة يومياً.. اما الآن، فهو يضطر لاغلاق المقبرة ساعة الغروب. وهو في نهاية المطاف يؤكد انه يرفض دفن اي مجرم يقتل او يؤذي الشعب العراقي .. "نغسلهم مقابل اجر، ولكن نرفض دفنهم"..
ومشروع انشاء المقابر في العراق فكرة ممتازة للاستثمار، وستحل الكثير مما تواجهه البلاد من مصاعب حالياً.. بل ويمكن ان تحقق ما تعهد به الامريكان من رخاء للشعب العراقي. من الممكن انشاء مقبرة مريحة في وسط حديقة غناء تُسعد فيها روح القتيل، وبتكاليف تدعمها الدولة من ارباح النفط، بحيث لا يعاني المواطن اقتصادياً في شراء هذا السكن المريح الذي لم يعد المثيل له متاحاً في الحياة الدنيا.. والمقبرة الجيدة كذلك ستخلص المواطن العراقي من معاناة الحياة واحزانها ومصاعبها وهمومها في هذه الايام العصيبة.. واخيراً فان من يسكن في هذا المكان لا يحتاج لوظيفة، مما سيخفف من شدة الضغط على سوق الوظائف.
وشر البلية ما يضحك..
albaraqma@netscape.net
http://www.kitabat.com/r23745.htm
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |