تود ان تكسب 2500 دولار يومياً؟ كل المطلوب هو ان تنقل شاحنة محملة بالبضائع من عمان الاردن الى بغداد..
بينما يحارب جيش المهدي الولايات المتحدة في النجف، تدور معركة اخرى اكثر خطورة – تفشل فيها القوات الامريكية فشلاً ذريعاً. الاهداف عبارة عن سواق شاحنات لا حول لهم ولا قوة، والاسلوب هو السرقة والخطف والتدمير. خلال الشهر الماضي، توقفت الامدادات الى قلب البلاد. فمنذ ثلاثة شهور، عبرت 1500 شاحنة عبر الطريق السريع 10 من عمان الى بغداد يومياً. واليوم لا تغامر سوى 30 شاحنة بالقيام بهذه الرحلة..
يعتبر السيد عبد الماجد الحبايشة، مدير اتحاد سواق الشاحنات في الاردن، الوضع كارثي.. يؤكد ان 30 سائقاً قتلوا العالم الماضي، وتعرضت 300 شاحنة للسرقة، او اختفت.. حالياً، لا يعمل سوى 4 % من اسطول الشاحنات (وعددها الكلي 11500 شاحنة). حتى في اوقات الحروب، لم يكن الحال بهذا السوء..
لا يوجد اي طريق آمن. الدرب من تركيا الى بغداد حافل بالمخاطر، حيث تكمن قوات المقاومة منتظرة لحظة وصول الطريدة.. الحكومة التركية منعت تماماً تقديم المؤن للجيش الامريكي. 33 سائقاً تركياً تعرضوا للاختطاف، او قتلوا او جرحوا العام الماضي. وان كانت تجارة تركيا قد تضاعفت مع العراق بعد سقوط النظام المقبور، فقد توقفت تماماً الان. الطريق الوحيد الذي يمكن ان تستخدمه الشاحنات هو طريق الكويت – بغداد الذي تسعى قوات التحالف جاهدة لتامينه.. وربما يكون هذا السعي لتأمين شريان الحياة الاخيرفي الجنوب من الاسباب الخفية لحرب النجف.
يقول ميجر ريتشارد سبيجل، المتحدث بشأن الأمدادات لقوات التحالف: "سنوصل المواد الضرورية من طعام ونفط وقطع غيار وذخيرة لجنودنا في الوقت الملائم.." والواقع ان الشاحنات المسلحة او المحمية لا تتعرض للهجوم. ولكن الكثير من مؤن الجيش غير ضرورية، ولا يمكن توفير الحماية لها. مثلاً، اختفى محمد سليمان الاردني الجنسية من على ظهر البسيطة وهو ينقل شحنة من لحوم الهامبرجر والايس كريم من عمان الى تكريت. حاول سائق شاحنة آخر سار على ذات الطريق يدعى نواف حسين ان يخدع المقاومة.. فادعى انه ينقل بضائع ضرورية للشعب العراقي.. ولكن احدهم ابلغ المقاومة بحقيقة الوضع. فاطلقت النار على عجلات السيارة، واحرقت ما فيها من ثياب الجنود الامريكان الجديدة. قالت المقاومة للرجل: "احمد الله لانك ستعود لاسرتك." واليوم تدفع قوات التحالف 2500 دولار في كل رحلة من عمان الى بغداد.. ولكن حسين لا يفكر بالسفر عبر طرق العراق الخطرة ثانية..
وزير الداخلية السيد فلاح النقيب يدعي ان الهجوم على الشاحنات لن يؤثر على اقتصاد البلاد.. ولكن الحقيقة هي ان العراق يعيش على الواردات في كل شيء من القمح حتى المواد الاستهلاكية. وكلها يتم نقلها بالشاحنات. حتى النفط ينقل بالشاحنات، ولذلك حين ينعدم الامان في الطرق، يتجمع الناس في طوابير طويلة امام محطات البنزين.
وقد تقلص تصدير النفط في البصرة من مليون و800 الف برميل يومياً الى 840 الف برميل حالياً.. مما ادى الى ان يتجاوز سعر البرميل خط ال 45 دولار. يقول السيد النقيب: سنقضي على هذه العصابات قريباً وبيسر.. ولكن الحقيقة ان هذه العصابات مع الاسف تزداد قوة كل يوم .. ولا يوجد عدد كافي من رجال الامن للسيطرة على الطرقات..
وهكذا، اذا كنت تريد ان تصير غنياً، فانقل شاحنة ثلاثة مرات في الاسبوع من عمان الى بغداد. وستكسب كل اسبوع 7500 دولار.. اي ثلاثين الف دولار في الشهر. خلال سنة سيكون لديك في البنك 360 الف دولار .. لن تحتاج بعدها للتعامل مع المدير المزعج.. وحتى الزوجة العصبية يمكنك ان تطلقها ، وتبدأ حياتك من جديد. ولكن : المشكلة ان هذه الوظيفة لا يبقى من يقوم بها حياً لمدة طويلة ليستطيع الاستمتاع بالمال الذي يوفره..
وأرجوا الا يفكر اي من الاخوة زوار موقع شبكة العراق الثقافية في هذه الوظيفة.. افضل ان يبقوا معنا، ليقدموا افكارهم المفيدة ومقالاتهم المشوقة لنا.. لنترك طرق العراق حتى يتحسن الوضع الامني ، ونعود سوياً حينذاك ان شاء الله...
ودمتم..
المحجوب..