[align=center]موقف المرجعية في النجف الاشرف من الاحداث الأخيرة

أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

((ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)) سورة البقرة (155 ــ 156 ــ 157).

لقد ابتلى شعبنا المؤمن الموالي لأهل البيت ((عليهم السلام)) بألوان المصائب والمحن وتكالبت عليه قوى الشر والبغي والعدوان من الكفار والمنافقين والحاسدين وساعدهم في تنفيذ مآربهم الجهلة والمرتزقة والمتحجرون وفي جميع الأحوال يدفع هذا الشعب الممتحن الثمن الباهض الذي لم يذهب سدى لأنه يولّد وعياً وثورة ورسوخاً للإيمان في الدنيا والمقامات الرفيعة في الآخرة التي لا تنال إلا بمثل هذه البلاءات ولا زالت الجرائم الفضيعة ترتكب في حق أهلنا ومقدساتنا في النجف وبغداد والكوت والعمارة والبصرة والناصرية وغيرها.

وكان آخرها ما جرى اليوم في مدينة الكوت الحبيبة حيث أودى القصف الجوي الأمريكي بحياة (75) بريئاً وجرح حوالي (150) مما يندى له جبين الإنسانية ويضع عليها وصمة عار لا تنسيها الأيام.

لقد طالبنا باستمرار أن يسود منطق الحكمة والتعقل في معالجة الأمور وتحل المشاكل بالحوار البناء وأن يتخلى الجميع عن أنانيتهم وأغراضهم الشخصية وعنجهيتهم ولا يكون لهم إلا هدف واحد هو رضا الله تبارك وتعالى ورفع الظلم والحيف والحرمان عن هذا الشعب المضطهد المغلوب على أمره حتى تستعاد حقوقه ويعيش حياة حرة كريمة.

وقلنا إن لغة السلاح لا تنفع بل تضر وتولد مشاكل معقدة وتهدد كيان الأمة بالاضمحلال اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ولا يرضى أي مخلص غيور بهذه النتيجة.

ومن أجل ذلك بادرنا إلى تحريك المجلس السياسي الشيعي لاتخاذ كل الوسائل وسلوك كل القنوات الفعالة للضغط على أصحاب القرار حتى يوقفوا نزف الدم الحرام في البلد الحرام وليصونوا المقدسات ويعودوا إلى مائدة الحوار والتفاهم وهم ساعون في هذا الطريق بلا كلل أو ملل وما دعوتهم للتظاهرات اليوم الخميس 12 / 8 / 2004م إلا حلقة من هذه السلسلة من المساعي الحثيثة التي تستهدف إظهار الاستنكار الشعبي العارم لهذه الجرائم ولهذه الطرق الوحشية في معالجة الأمور ولا شك إن استمرار مثل هذه الفعاليات الجماهيرية تؤدي إلى إقناع الأطراف المعنية بإلقاء السلاح جانباً واحترام إرادة الشعب واللجوء إلى الحوار في حل المشاكل العالقة وقد حرمنا القتال بين المسلمين مهما كانت مبرراته، وإذا حصلت مشكلة لابد من التعامل معها بالصبر وسعة الصدر وقوة التحمل حتى نتجاوزها ونحلها من دون خسائر أو تقليلها على الأقل أما أن يكون الحل الأول هو اللجوء إلى القتل والتدمير فهذا من أكبر المحرمات في الشريعة ويوجب الخلود في جهنم.

لقد نصحنا جميع الأطراف المعنية في وقت مبكرة وقبل أن تتدهور الأمور إلى هذا الحد إلا أن إصلاح العملية السياسية وإجراءها بالشكل الذي يرضي جميع شرائح الشعب ويكفل مشاركتهم بصورة حرة ونزيهة في التعبير عن آرائهم هو الحل الجذري للمشكلة الأمنية بحيث لا يبقى مبرر لقوات الاحتلال بالبقاء ولكل من يقوم بأعمال إرهابية أو تمرد على النظام الاجتماعي.

ولابد أيضاً من العمل الجدي لتحسين الأوضاع المعيشية للناس وإيجاد فرص العمل للعاطلين وتمكين العناصر الكفوءة المخلصة النزيهة في إدارة البلاد.

هذا باختصار هو المنطق الحكيم في فهم المشكلة وكيفية علاجها ولابد أولاً وقبل كل شيء من إيقاف نزف الدم وإلقاء السلاح وبدء الحوار الوطني المخلص لإنقاذ البلد والشعب من دوامة هذه الكوارث المهولة.



محمد اليعقوبي
25 / ج2 / 1425هـ
12 / 8 / 2004م

[/align]