في العراق ظاهرة قد لايعرفها مجتمع آخر .. هي ظاهرة الرعاع .. وقد شهدت فترات حاسمة من تأريخ العراق ان الرعاع يسيطرون على الشارع ويقودونه .. بل ويقودون البلد معهم الى الهاوية .. وعندما يتصدر الرعاع لايبقى للعقل مكانا .. ولا للعقلاء كلمة .. بلاهدف ولاغاية الا هدر كرامات الناس .. وقد يتطور الأمر الى انتهاك الحرمات وقتل الأنفس بسلوك القطيع الجمعي .. ولأن الرعاع عادة من قاع المجتمع .. فإن لغة البشر الأسوياء تختفي لتحل معها لغة سوقية تنم عن مستوى القطيع .. هكذا هتف كثيرون من العراقيين " منين جبت هالنغل ( قـ.... ) ياكيفية .. " وكيفية هي والدة عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق الأسبق .. ومثل ذلك كان يردد الطرف الآخر " المايهزه عفلي " كناية عن هز القفا والرقص احتفالا بعيد .. وعلى هذا المنوال حدثت الكثير من الأحداث والتطورات التي تركت جروحا فاغرة في الجسد العراقي لم تندمل حتى يومنا هذا ..
في اليومين السابقين حشد القبانجي خطيب جمعة النجف والعضو القيادي في المجلس الأعلى بعض رعاعه للتظاهر في النجف تحت شعار مطالبة السيد مقتدى الصدر " ابن النجف " بالخروج من النجف .. وقد كان شعارات التظاهرة تنم عن القائمين بها .. " بعيرة نامي نامي .. علي سميسم حرامي " و " صبوحة جابت اثنين .. مقتدى وصدام حسين " و " يامقتدى يازبالة .. ياقائد النشالة " وعلى هذا المنوال ..
هذه التظاهرات والهتافات جرت على مسمع من المرجعية ومرورا ببيتها المقدس .. , وإن كانت قد هرعت عائدة من لندن بعد رحلة التمارض الميمونة .. لإنقاذ قوات الإحتلال وحكومتها العميلة من مأزقها في النجف .. ثم أعلنت مبادرة لم ينفذ منها الا الجانب المتعلق بتيار الصدر .. وماعدا ذلك فقد اطلقت لحكومة علاوي العنان لتفعل ما تشاء في النجف والكوفة .. حتى وإن وصل الأمر الى حد منع المصلين من أداء صلاة الجمعة ..
السلام والوئام الذي تحدث فيه المتحدثون بإسم المرجعية يجب ان يكون سلاما يردع المتجاوز والمعتدي .. لا ان تجيش الجيوش .. ووسائل الدعاية والإعلام للطعن في تيار الصدر .. والسكوت في المقابل عما يفعله الرعاع في النجف .. ام ان قدسية النجف وحرمتها لا تتعدى المفاتيح والسيطرة على ماتفتحه هذه المفاتيح .. وكلمة واحدة من المرجعية تضع حدا لمثل هذه الأفاعيل الصبيانية التي تغذي الفتنة .. وتعالج المشكلة بكل تداعياتها إن كانت تريد علاجا حقيقيا للمشكلة لامجرد الحاق هزيمة بالتيار الصدري ليخلوا لها الجو .. وتستأثر بالدكان العلوي فلا يزاحمها عليه احد ..
رعاع النجف الذين لم يكونوا على قدر ما تعهدوا به من شعار " خلوا النجف لأهل النجف يحموها " .. فوقفوا متفرجين على قوات الإحتلال وهي تدوس حرماتهم ومقدساتهم .. وربما كان الكثيرون منهم يتعاونون مع قوات الإحتلال ويعطونها ما تحتاج من معلومات رصد وتعقب لتوجيه ضرباتها العدوانية في المكان المناسب .. اطل هؤلاء الرعاع برؤوسهم في عملية جبانه يندى لها الجبين .. ليستعرضوا قوتهم بعد ان فروا كالفئران المذعورة من قبل .. بينما كانت مدفعية الإحتلال تدك مدينتهم وبيوتهم ومقدساتهم ..
والمؤسف ان العراق مر بمحن لم يعرفها شعب من الشعوب .. ومازال لم يتعلم الدروس .. ومازال الرعاع يقودونه نحو الهاوية .. وهاوية العراق بلا قرار ..