 |
-
ليست البرتقالة.. إنما نخلة البرحي التي أحرقتها ثلاث حروب
زهير الدجيلي - الكويت
كما هو نخل العراق 15 مليون عراقية احترقت أفئدتهن وانطفأت أنوثتهن وتجللن بالسواد
ثلاث حروب، وقيل اربع اذا اضفنا اليها حروب الشمال مع الاكراد، وما خلفته هذه الحروب من ويلات ودمار ورماد. نجد في هذا الرماد جذع المرأة العراقية وروحها المحترقة، مثل ذاك النخيل المحترق الذي ظل واقفا طيلة 35عاما من الحروب بجذوع سوداء وبرؤوس مجللة بالسعف اليابس على ضفاف دجلة والفرات وشط العرب وابي الخصيب والزاب والغراف. 15 مليون نخلة احترقت في حروب صدام، يقابلها 15 مليون امرأة احترقت وتجللت بالسواد، اكثر من نصفهن عوانس و60% من المتزوجات منهن ارامل. واكثرهن كسا الخريف وجوههن الجميلة فحولها الى وجوه تهرب منها المرايا... لا زواج، ولا فارس احلام، ولا عطور ولا زينة ولا آمال، تنز في عيونهن الحسرة كلما رأين صور النساء في بلاد اخرى، ويغمضن عيونهن بلوعة الحزن والندم كلما رأين صورة عارضة ازياء او صورة عروس تجلس بالكوشة.
حولت حروب صدام بهجة الحياة في العراق الى كدر والى قهر مستمرين والى مجتمع مجلل بالسواد. فكل امرأة عراقية لبست الاسود. ولطمت وبكت حتى اسودت محاجر عينيها، ولم يخل بيت عراقي من نائحة. وفي وسط كل دار تجد بركة سوداء من نساء ودموع .التصقت عباءاتهن بسواد الحزن فلا ترى منهن غير العيون التي تبرق بالدمع الاحمر.
واذا كانت الحرب العراقية الايرانية وحدها اختطفت مليون قتيل تركوا وراءهم مليون امرأة ثكلى، جالسات امام 700 الف معاق يندبن مليون اسير ومفقود، فان الحرب الثالثة، حرب اسقاط صدام واحتلال الوطن من قبل اميركا وحلفائها، اضاف عشرات الالاف الى ارقام القتلى والجرحى والمفقودين والمعاقين، كما ان استمرار الحرب الداخلية بين القوى الاسلامية والبعثية من جهة وبين قوات التحالف والحكومة الجديدة من جهة اخرى ستجعل هذا النزيف مستمرا، وستكون المرأة العراقية هي شريان الحياة النازف بالحزن واللوعة والويلات في بلد بات ساحة الهلاك للحب والربيع ولاماني النساء.
أين النصيب؟
بات الكثير من شبان العراق يفضلون العزوبية، ومايقولونه يبدو منطقيا، فهم ذاهبون للحرب ولايدرون متى يعودون فكيف يتزوجون ويتركون وراءهم زوجة واطفالا؟
وهم عاطلون، لا دخل ولا عمل ولا مستقبل فاذا تزوجوا فمن اين ينفقون على اسرهم؟ وهم مفلسون رواتبهم لم تكن في عهد صدام تتجاوز الدولارات الثلاثة في الشهر والان حتى لو اصبح الواحد منهم يتقاضى 100 دولار في الشهر فهل هذا يكفي لفتح بيت يتطلب كل شيء.. والدنيا نار وغلاء؟
والحياة الآن لاتعطي ضمانا للحياة الزوجية، فالشارع ملغوم، والامن مفقود، وقد تنفجر قنبلة مؤقتة في اي ساعة تنهي حياتك.
وفي ظل تزايد معدلات البطالة يجد الشباب اعذارا اضافية للعزوف عن الزواج، وتصبح المرأة في هذا كله هي الضحية، ويهرب منها النصيب. فتتساءل اين النصيب؟ فلا تجد امامها غير حظ عاثر وشباب عابث ينشد النزوة العابرة.وشارع ملغوم بالمتفجرات وجنود الاحتلال.
واذا كانت البطالة في عهد صدام تشكل 31% من قوة العمل حسب ابحاث سابقة. فان البطالة في عهد حكومة (بريمر) ومن بعدها حكومة علاوي وصلت الى 78%، ذلك لأن حل الجيش ووزارات ومؤسسات الدولة الاخرى اضاف اعدادا كبيرة للعاطلين. وجعل عدد العاطلين في العراق يصل الى ثلاثة ملايين عاطل في ظل عدم وجود احصاءات دقيقة، فالجيش والقوات المسلحة كانت تشكل 23% من قوة العمل. فيما الوزارات والمؤسسات المنحلة الاخرى تشكل 47% منها. وهذا يعني تفاقم المشكلة المعاشية التي كانت وراء العزوف عن الزواج مثلما كانت وراء مشاكل كثيرة اخرى في مقدمتها التفكك الاجتماعي والاسري.
فكثرة الترمل والعنوسة والطلاق والهجرة الى المنافي وانعدام الامن الاجتماعي وعزوف الشباب عن الزواج جعلت المرأة العراقية مجبرة على الرضوخ لأسوأ الظروف والرضوخ لأسوأ الشروط بالنسبة لها. ومقابل هذه الحالة فإن ازدياد معدلات الانحراف والعنف في المجتمع جعل المرأة العراقية معرضة دائما لانتهاك الحقوق.
فسخ الخطوبة
مرات يأتي النصيب وتتم الخطوبة، وتنعقد الآمال على الايام القادمة، فقد تتوقف الحرب، ويعود الحبيب من الجبهات، وقد تتحسن الاحوال، وتتغير الدنيا ويتعدل الحظ المائل، ويصبح الراتب يكفي، ويشترك الخطيبان بتدبير بيت المستقبل، ويبدآن بوضع احلامهما على الورق، اذا جاءنا ولد نسميه احمد واذا جاءتنا بنت نسميها فرح، واذا تحسن الراتب نشتري تلفزيون وثلاجة، وفجأة تضيع وتختفي كل هذه الاحلام. بخبر واحد اوبمفاجأة لم تكن على البال تعيد البنت الى وضعها الاول.
والخبر اما ان يقول ان الخطيب قتل في معركة الشلامجة او نهر كارون او اثناء غزو الكويت، واما ان يقول انه الآن في المستشفى مقطوع اليدين ومصاب في الرأس بشظية من صاروخ، او بسيارة مفخخة انفجرت في شارع.. واما ان تأتي المفاجأة منه حين يأتي بالاجازة ليعيد خاتم الخطوبة وهو في وضع نفسي متدهور يائس مما شاهده من اهوال. فشباب الحرب غير شباب السلم والاستقرار، وهناك فرق بين نزلاء المواضع الحربية الموبوئين بالعصاب والتوتر وبين نزلاء السلام والاستقرار المتطلعين الى الغد.
وفي كل هذه الحالات تفسخ الخطوبة. وتعود المرأة الى قنوطها ويأسها وتقليب خيبتها يمينا وشمالا.
يقول احد الشبان العراقيين انه فسخ خطوبته ثلاث مرات، مرة حين اشترط اهل البنت مبلغا اضافيا عليه لم يكن قادرا على تدبيره. ومرة حين جرح في ساقه بالحرب وبقي في المستشفى ثلاثة أشهر تكفي لبعث اليأس في النفوس، والثالثة تراجع عن الزواج لأنه حسب رأيه «مووقته» واصبح ورطة، وهو لايريد توريط نفسه وخطيبته بزواج غير مستقر. فاذا كان وضعي السابق في الجيش وبقائي في الجبهة مدة 9 سنوات من دون تسريح سببا لفسخ الخطوبة. فالوضع الامني المتدهور الآن والتفجيرات العشوائية تجعلنا معرضين للموت في اي لحظة، فالناس لابد ان تسير في الشوارع والاسواق لقضاء حاجاتها لكنهم لايدرون متى وفي اي لحظة تنفجر عبوة او سيارة مفخخة لتقضي عليهم. فلماذا اتزوج وانا ارى مئات الزوجات الثكلى امامي وقد تحولن الى ارامل ويتامى بفعل هذا الاحتلال وهذا الارهاب. فهل تريدني ان اضيف ارملة عراقية لهذا العدد المتزايد من الارامل؟
بلد الأرامل
احصاءات قديمة تقول ان هناك 1,5 مليون ارملة في العراق، واذا اسلمنا بهذا العدد فاننا يمكن ان نقول عن العراق انه بلد الارامل. وحسب مشاهدات الكثير من الباحثين والاستطلاعيين في وسائل الاعلام فان نسبة كبيرة من النساء الارامل تتراوح اعمارهن بين سن الثلاثين والاربعين، يعني في سن الخصوبة والشباب وزهو الحياة. من هذا نفهم مدى المعاناة القاسية التي تعيش فيها المرأة العراقية. ففي كل العصور كانت المرأة العراقية اكثر النساء حبا للحياة والجمال، فالفرات في عروقها ودجلة في شبابها وخضرة الارض في روحها المتدفقة حيوية وشبابا، وهي ام العطاء الذي جعل العراق بلد الرافدين فكيف تكون حين يذوي وينطفىء فيها وهج الحياة وتنذوي في داخلها انوثة الخصب والعطاء.
لقد ترمل هذا العدد الكبير من العراقيات خلال ثلاث حروب مازالت لم تضع اوزارها، وكان قدر الحرب بات ملازما لهذا الوطن النازف بالمصائب، وكان الذين خططوا لهلاكه قرروا ألا يتركوا فيه امرأة تنجب له اولادا يحبونه ويتغنون باسمه.
واصبحت العراقية في زمن الحرب والترمل هي ربة الاسرة ومعيلها، لتحل محل زوجها القتيل او المفقود او الاسير او الضائع في المنافي على امل اللحاق به، ولكن لا احد يلحق بأحد الا في حالة الموت.
وكأنها في دورة لاتنقطع من المحنة، فانها بسبب تجنيد الرجال في الجبهات بات عليها قبل ان تترمل وتلبس السواد الابدي ان تتحمل مسؤولية البيت وتربية الاطفال. وفي هذا الوضع اقبلت على العمل الاضافي خارج البيت، وعانت من شظف العيش وقلة المال والزاد. وكان الحصار بالنسبة لها بؤسا، فهو لم يحاصر صدام واهله ونظامه وعشيرته انما حاصرها هي واطفالها وجعل الحياة التي تعيشها اشبه بخرم الابرة. فاضطرت للتسول، او دفع اطفالها للتسول، او القبول بشروط الحياة الاخرى القاسية. لقد نسيت انوثتها وعطورها وفساتينها ولم يعد لديها غير فستان واحد بلي من كثرة سواده، وباتت تخيط الممزق من ملابسها وملابس اولادها، ولم تعد الزينة وادواتها تهمها بقدر ماتهمها المعيشة وتدبير لقمة العيش لاطفالها.
عالة على الآباء
بات الكثير من النساء طوال عقود الحرب والمحنة هذه يشعرن بانهن اصبحن عالة على اهاليهن. فظروف الحرب والحصار كسرت ظهور الاباء واثقلتهم بأعباء المعيشة، فاحد الاباء يتذكر قائلا " انه يعيل ثلاث بنات اصبحن في سن الزواج، والكبيرة فيهن بعد الثلاثين، فضلا عن ابنه العاطل عن العمل وزوجته. ورغم ان الابن يحاول الحصول على مورد رزق ليساعد نفسه ويساعد اباه الا ان ما يحصل عليه لايكفي لتدبير غير جزء يسير من المعيشة. واكبر هم يعيش فيه هذا الاب هو كيف يأتي النصيب لبناته فيزوجهن ويخلص من عبء كبير، لكن الرياح لاتأتي غالبا كما تشتهي السفن، فاغلب الزيجات هذه الايام على قلتها تقوم على الطمع بالمال ومساعدة الاهل للزوجين، فالزواج هذه الايام بات يتم على مضض ويحتاج الى «دفعة» لكي يقف على رجليه، ولكن حين تكون حالة الاب «العين بصيرة واليد قصيرة» فانه لن يجد عريسا لبناته. وحتى لو سعت البنت من جانبها لاستمالة عريس فانها لن تجد ذاك الذي يسعى وراء الحب في هذه الايام ويترك المال.
ونتيجة لذلك واسباب اخرى بارت البنات. وباتت هموم العراقية تزداد كلما ازداد عزوف الشباب عن الزواج. وكلما اصبح المجتمع اسير الصراعات والاطماع وضياع الاخلاق والعادات الرفيعة.
وتشير الاحصائيات الى ان نسبة العزاب من الشباب كانت في عام 2001 (اواخر عهد صدام) تصل الى 55% من الشباب المؤهل للزواج بين سن 20ـ 30 سنة. لكنها الآن تجاوزت هذا الرقم بحكم ازدياد الفئة العمرية وازدياد البطالة. وتراجع قوة العمل في البلاد في ظروف الاحتلال والنزعات الطائفية والعرقية.
معدلات الطلاق
أحد الاحصاءات يشير الى ان معدلات الطلاق وصلت الى 180 الف حالة سنويا، واذا كانت هذه المعلومة دقيقة فان ذلك يعني ان التفكك الاسري في العراق بات كارثة على وضع المرأة العراقية وان هناك تحللاً اخلاقيا في التزامات الرجل العراقي ازاء المرأة في العراق. ان زيادة عدد النساء المطلقات في المجتمع لايعود سببها الى المرأة بقدر مايعود الى المنظومة الاجتماعية والاخلاقية التي تتحكم بالعلاقات الزوجية. ونظم العلاقات السائدة بين الجنسين في المجتمع. وفي بلد مثل العراق انهارت فيه المنظومة الاخلاقية التي تتحكم في سلوك الدولة والمجتمع، واصبحت الحرب وسياسة القمع والارهاب تتحكم في مصير المجتمع، فان كل الضمانات التي تلتمسها المرأة في الحياة الزوجية لن يعد لها مفعول او وجود.
ان ارتفاع معدلات الطلاق ومايترتب على هذه الظاهرة من آثار عكسية هي اسوأ ماتعانيه المرأة العراقية التي بات الظلم والقهر يحيطان بها من كل جانب.
تزويج البنات في الخارج
حين تشتد المحنة وتضيق مسالك النجاة امام البنات تضيق مساحة الامل ولم يعد للبنت العراقية سبيل للزواج او لما تحلم به من حياة اسرية غير القبول بأقسى الظروف والشروط. فهي عزيزة قوم ذلوا، واسيرة حروب لم تعد قادرة على الفكاك منها. وليس بمستطاعها ان تشترط بعد ان افقر اهلها الزمن وحاقت بها المصائب. فراحت تقبل ان تكون زوجة على ضرة او ضرتين، وراحت تقبل ان تتزوج رجلا بعمر والدها.
وراحت تقبل في سبيل بيت يسترها ويؤويها بالزواج من رجل قد تكتشفه فيما بعد جلفا وبخيلا ولئيما فتصبح كمن استجار بالنار من الرمضاء. وقبلت ايضا ان تتزوج في خارج العراق هربا من القحط الذي حاق بكل شيء حتى بالحب والعواطف والاخلاق. ودعوة الزواج بالخارج تبناها الاهل لبناتهم ووجدوا فيه طريق السلامة اذا عثروا على ابن حلال من الاقارب والمعارف المنفيين او المغتربين في الخارج ان كان عراقيا او عربيا، وبمرور الوقت وحصول تجارب زوجية ناجحة اصبح هذا الامر حلم الفتاة العراقية، واستجاب العراقيون المنفيون واللاجئون في الخارج الى رغبة الزواج بعراقيات يجلبوهن من الوطن. فكثرت الزيجات بهذه الطريقة واصبح خروج البنات الى الاردن لغرض الزواج السبب الاول لهذه الظاهرة.
قلة الرجال
مطحنة الحروب تخصصت بالرجال، فلابد ازاء تناقص اعداد الرجال تزداد اعداد النساء. ففي آخر تعداد سكاني اتضح ان الاناث في العراق يزدن عدد الذكور بـ960 الفاً، اي المليون تقريبا، وكلما استمرت حالة الحروب والتفجيرات والقتال في العراق ازداد عدد النساء الارامل وقلت حظوظ النساء، ووجود مليون امرأة زيادة على عدد الرجال يعني اشياء كثيرة ايضا. منها تراجع الطلب امام كثرة العرض، وقلة فرص العمل، والتغاضي عن متطلبات وشروط كثيرة تحتاجها المرأة خصوصا المرأة المتعلمة، فنسبة التعليم العالي بين النساء العراقيات مرتفعة جدا قياسا لبلدان المنطقة، ورغم ذلك اجبرت على الرضوخ للضغوط الاجتماعية وقبلت بأدنى الشروط والحقوق. اما الدولة الغائبة الآن فهي ابعد ماتكون عن الخطط التي توفر التوازن بين هذه الظواهر. وتجعل مسألة الزواج وتكوين الاسرة يسيرة امام نساء العراق.
نساء تحت خط الفقر
من اهم مشاكل الحياة بالنسبة للمرأة العراقية هي مشكلة السكن. فكثير من النساء المعوزات وتحت خط الفقر يعانين من مشكلة السكن وبالاخص الارامل منهن، مما يضطر الكثير منهن الى السكن في بيت (نزل) يضم عدة عائلات في مسكن واحد، ولكن في حدود تجعل من الصعب وصف الحياة فيه انه مسكن مريح. وبالطبع ان السكن في نزل واحد يضم اكثر مما يسع من عوائل يجعل الحياة اليومية مليئة بالمشاكل، تتحمل المرأة العراقية اعبائها وضغوطها النفسية. وحين تكون المرأة تحت خط الفقر واقرب الى المجاعة ماذا تفعل؟
تقول «م.س.د» وهي ارملة وام لثلاثة اطفال: ماذا يفعل الجائعون؟ دفعت اطفالي الى التسول بعد ان قضى ابوهم في الحرب الثانية واستولى اهله على راتبه، وعانيت كثيرا من الدعاوى، لم اجد من يعينني على اطعام اطفالي. لم الجأ الى السرقة انما وجدت التسول اشرف منها، كانت ماجدة وهذا هو اسمها في حالة جيدة حينما تزوجت، وحينما انجبت طفلها الثالث، كانت الحرب في نهاية اشتعالها وكانت تظن ان كل شيء انتهى، لكنه بالنسبة لها لم ينته. فقدت زوجها ومعيلها ولم تعد تتحكم بمصيرها وبدت مثل نخلة محترقة مقطوعة من بستان.
كذبة صدام
ظل صدام يطلق على العراقية لقب الماجدة. وهذه العبارة حين تسمعها نساء العراق يشعرن بالاستفزاز الممزوج بالسخرية. فالواقع غير تماما. وصدام يعبر بعبارته هذه عن غير ما ادت سياسته من مهانة واذلال للمرأة العراقية. فلقد اذل صدام العراقيات حين حول اكثر من مليون امرأة الى ارامل والى مخلوقات فقدن البهجة والانوثة والامال الحلوة. وتروي «وفاء. ح» وهي ام لسبعة اطفال حكاية تفضح فيها اكاذيب صدام على حد قولها:
ـ كان صدام قد بنى شقق شارع حيفا لعوائل عربية بعثية موالية له، فحظيت هذه العوائل بمساكن تتوافر فيها كل وسائل الترفيه. وفي مكان غير بعيد عن هذه المجمعات السكنية الراقية للعرب من اعوان صدام، تسكن مئات العوائل العراقية في بيوت حقيرة اطلق عليها «بيوت الايواء»، وهي املاك صادرتها الحكومة من خصومها وسمحت للعوائل الفقيرة بالتكدس فيها والعيش تحت خط الفقر. لكن سلطات صدام كانت تقوم بين حين وآخر بتهجيرنا من هذه البيوت المزرية والطلب منا دائما باخلائها، لقد اضطررت انا واطفالي الى السكن فوق سطح المبنى في غرفة المحولات الكهربائية. وحين نطل من السطح نرى شقق ومجمعات شارع حيفا التي بناها صدام لمرتزقته واعوانه فنتساءل بحسرة من الاولى في خيرات وطنه نحن ام هؤلاء؟ واضطررت بعد ذلك ان ادفع اطفالي للتسول.
كثيرة هي حكايات المرأة العراقية. انها الف ليلة وليلة على طريق الآلام والمصائب والفقر والترمل والعنوسة وضياع الامال. ومازالت الليالي مستمرة. مادامت الحرب لم تضع اوزارها ومادام الحكام الجدد مشغولين بأمر السلطة. ومادام العراقيون في برزخ الصراع الطائفي ومادام الاحتلال باقيا.
انها ليست البرتقالة.. انها نخلة البرحي التي احرقتها حروب صدام ومازالت الحرب تحرق قلبها.. ياويلاه يالعراقية!
[blink]أللهمَ أحيينا حياةَ محمدٍ وألِ محمدٍ وأمتنا مماتهم[/blink]
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |