 |
-
تساؤلات واقعية / واقع الحوزة ببساطة / الحلقة الرابعة
تساؤلات واقعية / واقع الحوزة ببساطة / الحلقة الرابعة
بسمه تعالى
هناك اليوم في كل العالم مراكز دراسات وابحاث حول المناهج التعليمية في المدارس والجامعات واشراف مستمر على تقييم فاعليه هذه المناهج , لانها تعتبر الاساس والقاعدة في نهضة وتطور المجتمعات . بل ان الامر تعدى ذلك حتى اصبحت في الفلك السياسي حيث باشرت امريكا بالضغط على بعض الدول في تغيير مناهجها التعليميه التي تعتقد انها كانت السبب في خلق تيارات وبحسب تسميتها لها ارهابيه أو فدائية أو استشهادية .
ان المناهج التعليمية التي تغذي الانسان في مجال الفكر لها الدور الكبير في تكوين رؤى الانسان واعتقاده وبالتالي سلوكة في الواقع ومن هنا تكمن خطورة هذه المناهج , ان البناء الفكري للانسان هو الذي يحدد نوع علاقته بالله والكون وأخيه الانسان .
ما يهمنا نحن هو النظام التعليمي في الحوزات فهو المحرك الاساس والمكون لعقائدنا وانتمائنا وسلوكنا في الواقع , ولسنا هنا في مجال مناقشة هذا الامر علميا بل نحن نريد ان نشير الى الواقع الذي تعيشه الحوزة .
ان الطالب في الحوزة يبدأ دراسته دون سقف زمني محدد مع غياب التخصص فهو بين البداية والاجتهاد فضلا عن المرجعية وهذا الامر يتبع امكانيتة العقلية وكذلك رغبته بالدراسه وبما ان السقف الزمني غير محدد وان العطاء جار ومستمر فليس هناك من يحاسبة على تقصيرة فالدرس وليس هناك عقوبة او فصل , فهو يختار مادته ومدرسه وله كل الحرية في الاطالة , فهناك ربما من درس وتوفي عن عمر مديد دون ان يعرف او يقدم للناس او للمجتمع الذي هو حق لهم , وربما يعتقد البعض ان هذه العلوم التي يتلقونها هي علوم لهم خاصة ليس من واجبه ان يخدم بها الناس رغم ما كان يحصل عليه من العطاء الذي يغطي نفقاته وعياله من خلال التفرغ للدرس , وبعضهم وجد في نفسه القدرة على الخطابة دون تخصص فأختص هو بنفسه , وهناك من وجد له مسجدا وحصل على تزكية أو وكالة من مرجع فلزم المسجد حتى الممات دون اشراف من أحد على اداءه وعلى ماذا يقدم للناس , وربما كانت هذه المساجد والوكلاء هي مناطق جباية الحقوق الشرعية !!!
ان الحوزات عندنا هي خاصة لبعض البيوتات فهي لآل فلان وآل فلان وكانها ملك عقيم أو هكذا جعلوا واقعها , فكل عائلة أو مرجع له مدرسة خاصة به وله حواشي حولة , والغريب ان كل مرجع لا علاقة له بآخر ,لاعلميا ولا اقتصاديا ولا حتى على مستوى العلاقات الشخصية , فهم لايلتقون أو يتزاورون ليحلوا اشكالا فقهيا أو لتنضيج بعض الآراء والطروحات الفقهيه , وربما تجمعهم االوفيات من باب الواجبات الاجتماعية . ولعلهم لا يطلعوا على آراء بعضهم البعض من خلال المؤلفات , ولا تستغرب ,
وليس هناك مناهج تخضع للبحث والدراسه والتعديل بل هم خير من وصف القرآن (هذا ما وجدنا عليه آباءنا ....) وبفضل هذا تحولوا الى طبقة اجتماعية تصالحت على قيم هي اعلى من قيم الناس فلا يرون الناس الا من موقع اعلى ولا يراهم الناس الا من موقع ادنى بل تعدت هذه العدوى الى اهل مدنهم . وهم على قناعة تامة ان مهمتهم هي الحفاظ على تراث اللآباء والاجداد دون ان يحاولوا ان يدرسوا او يلحظوا النتيجة التي وصلت لها الامة من خلال تربيتهم لها على هذا النهج , ولم يحاولوا ان يقييموا مسيرتهم التي تجاوزت الالف عام ليقفوا على نقاط الضعف والخلل في تراجع الامة وضعفها والتشرذم الذي ينخر الجسد الاسلامي , نعم هناك بعض الاضاءات في محاولة الاصلاح ولكن للاسف لم تكن هذه المحاولات على مستوى التوجه العام والنهج بل كانت من افراد معدودين ومتفرقين على سعة الزمن الطويل , ولا يستطيعوا ان يسبحوا ضد التيار الذي يسر دون هدف ونتيجه .
والامر الآخر انك لا تجدهم كما الناس يصارعون الحياة في تفاصيلها ويساوون الناس في الخروج للشارع وممارسة الحياة كما الناس ليتعرفوا على مشاكلهم ويعايشوها . بل تجدهم دائما في ابراجهم العاجيه والناس تلتمس البركات في التشرف بخدمتهم , فهم لا يعرفون الواقع الا من خلال نقل الابناء والحاشيات التي تجيد فن التملق والتزلف , لتكون امينه في نقل واقع الناس وحاجاتهم .
ومن ميزة هذا المجتمع المغلق انه ابتلي بمرض لا يبرأ منه , ألا وهو الحسد الذي ينخر الوحده بينهم ويطال كل القيم التي يتدارسونها في الكتاب أو السنة . فلا تجد أحدا فيهم يدعى ان غيره الاعلم , بل ان احدهم يعتقد انه الاعلم وربما تجاوز الامر الى اسقاط احدهم اللآخر سواء كانوا هم أو حواشيهم , وكأنهم في صراع لآخذ الزعامة . لا ينشدون التكامل فيما بينهم بل وصلوا دون وعي الى تعزيز النزعه الفرديه والتناحر وبالتالي انقسام الامة فيما بينهم ,لان مقومات هذه النزعة الفردية متوفرة من خلال الاستقلال المادي لكل واحد منهم والمتمثله بالحقوق الشرعيه التي لا تشرف عليها مؤسسه ولا يعلم كم هي ومن يتصرف بها ومن يستحقها وماذا قدمت هذه الحقوق للامة من مشاريع او خدمات وهل وصلت الى مستحقيها , أم انها كانت لبناء الجو الخاص بالمرجع وحاشيته وطلبته ووكلاءه .
نريد ان نسأل أما آن الاوان الى الخروج من هذه الدوامه التي أتت على الامة الاسلاميه , أما آن الاوان ليتوحدوا ويتكاملوا ويدركوا ان العزة في ذلك , اما آن الاوان لكي يعاد النظر في المناهج ويعلم الطالب كم سنة يحتاج ليكمل مراحلة الدراسية حتى نعرف متى يبدأ عطاؤه وكم يحتاج طالب العلم ليبلغ الاجتهاد مثلما في الدراسات الاكادمية , وكم يحتاج الطالب ليكون وكيلا وخطيبا ومعلما وداعية اسلامي , اما أن الاوان لنرى المرجع ابا ومربيا وناصحا ,,,يسير في الاسواق ويأكل الطعام كما الانبياء والرسل أما آن لنا لنعرف انه بشر يخطئ ويصيب وغير معصوم ولا يوحى اليه , لا على مستوى اللفظ بل على مستوى التعامل .
نحن نتحدث في هذا الشكل أيمانا منا بالحجم الحقيقي للمرجعيه ودورها الذي لا يمكن ان يلعبه غيرها . لانهم ورثة الانبياء
:=
محمد باقر
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |