دبي – الوطن - حرصاً من الوطن على نشر آراء السعوديين الذي يبدو أنه مخالف لموقف بلادهم الرسمي من العدوان على اللبنانيين والفلسطينيين، نعيد نشر مقال لأحد الكتاب السعوديين في منتديات (الساحة السياسية) الأشهر في شبكة الانترنت:
كثيــرا ما يوصـف السياسيون بأنهم متلونون حتى غدت كلمة " السياسـة " مرادفه للحربـاء عند ضرب الأمثال في التغير السريع في المواقف.
عند تناول وضع المطاوعه في وسـط الجزيره العربيه - كونهم يشكلون الســلطه الدينيه للتيـار الوهابي - في تعامله مع الظروف الإقليميه و الحاله السياسية أظنه سيتجه لوصف هذا التيـار بأنه " متلون " و أنا أقــول ان الوضع ليــس كذلك البته !
فالتيـار الوهابي بشكل عام يعرف عنه انه تيــار غير متعمق في التنظيــر و بعيــد عن إخراج المفكرين الذي يرسمون عادة إتجاهات السير للتيـار, يضاف إليـه تلك الطبيعه البدويـه السائده في وسط الجزيرة العربيه و التي لم تتصل بالخارج كثيـرا , فهو بذلك بعيـــد عن " التلــون " أو " التلاعب " و ما يحدث من أبناء هذا التيــار الإسلامي ما هي إلا نتيجة إســتغلال ســياسي لهم بشكل واضـح . و هذا ما أعطى إنطباع بأن الإخوة الوهابيـون الملتزمون " المطاوعه " لا يوجــد لهم إتجـاه فكــري ثابت . فمثلا لا نعرف إلى اليوم ماهي نظرة " المطاوعه " الى القضية الفلسطينيه و موقفهم العملي منها فلا أظن أحد يقارن الصوت القوي الذي رفع ضد رواية شبابيه لامست اهل الرياض و بين الصمت المدقع عن نصر الحكوميه الإسلاميه في فلسطين " حماس ", أو ماهي نظرة التيار الوهابي الى الأحاديث الصحيحه التي تتحدث عن الخلافه الإسلاميه , فعنــد مقارنة هذا التيـار الإسلامي بالتيارات الإسلاميـه الأخرى في شتى أرجاء المعموره لن يجــد هذا التغير الكبير في منحى رؤيــة الأمور . و قد يكون لقلة الخبرة و الإحتكاك سبب في أظهار هذا التيار بهذا الشكل الغير مبهج أبــدا لا لهم و لا لمن حولهم في ظل الأحداث الراهنه.


فأصحاب هذا التيـار قاموا قبل عقد و نيف من الزمـان بإخراج الرئيس العراقي " صدام حسين " من الملة الإسلاميـه , و تم إختراع ديــن جديد أسموها " الديانه البعثيه " نسبة الى حزب البعث - وهي ديانه غير موجوده حقيقة - ذا العقيده القوميه البحته , متناسين تلك الصلوات التي أداها الرئيس العراقي خلف إمامه " وهابيه " في الحرمين , و حمايته لأهل الســنه و الجماعه في العراق , فكان صدام حسين إستمرارا للقيادة " الســنيه " التي حكمت العراق منذ فتحه على يد المجاهدين في عصر صدر الإسـلام.


فأصدرت الفتوى ! و جهر بالدعاء علي الجيش العراقي ذو القيادات السنيــه التي حمت شبه الجزيرة العربيه كلها من طموح الثورة الإيرانيــه الخمينيـه , و اصبح محمد عبده يغني " برياح الجنة التي هبت هبوبهـا ". دون أي إمتعاض من عمليات توزيع صكوك الجنه في ظل أحاديث " إقتتال المسلمين لبعضهم البعض " و التي كثير ما يرددها الوهابيون عند قرائتهم للأحاديث.


لم يدرك المطاوعه أنذاك " بحكم ضعف رؤيتهم الفكريه " أن إزالة صـدام حسين كانت ستمثل نقطه فارقه في ( التاريخ الإسلامي كله ) فبسقوطه .. سقط العراق و لأول مرة في التاريخ و منذ ان نشأت بغداد المنصور لتحكم من قبل أبناء الشيعه , و المشكله ان سقوط بغداد من المفترض ان يعني به الوهابيـون أكثر من غيرهم كون بغداد و العراق هي ذلك الإقليم الذي درس و جاهد فيه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله والذي يعد المذهب الإسلامي الذي يتبعه التيـار الوهابي .


و ماهي إلا شـهور ووجـد المطاوعه انفسهم في نفس الخندق المظلم مع الصليبي و اليهودي و عندما أضئ ذلك الخندق , ورفع الوهابي عينه وجدها تنظر في العيون الزرقاء فهب فزعا و خرج من الخندق و ييمم بسلاحه نحو " الأمريكي الصليبي " فنشــأ ما عرف بالقاعده !

و الأن , في هذه الأيـام و خلال تعرض المقاومه اللبنانيه و الفلسطينيه لحملة صهيونيه , عادت السطحيــه في الفكر لتطل براسها مرة أخرى !!


ففي الوقت الذي يتم التباكي فيــه على صدام - الكافر سابقا - الذي أصبح الأن " حامي السنة " و " عدو اليهود الأول " وهو بالمناسبه تباكي غير خبيث فهو يخرج من القلب بسبب ما يحدث في العراق تتم معاداة المقاومة اللبنانيه بداعي أنها مقاومه شيعيـه ! و لعدم وجود مبررات جديده فإن الأطروحات كان بعضها فيه من الســذاجه أكثر مما فيه من التلون , فتم إستخدام مبررات عجيبه كان اخرها تقليعه " التحالف من الخلف بين إيران و إسرائيل " وهي نقطة تخالف العقيــده التي يشربها أبناء اليهود منذ نعومة أظافرهم بوجوب معاداة و الحذر كل القيادات في منطقة " حوض الفرات " التي ستنجب ( الأشــــوري ) عدو بني إسرائيل الأول , بل إن من يطلع على الكتب اليهوديه و اليمنيه المتصهينه الأمريكيه سيجد أن العدو الأكبر للأمة اليهوديه هي الدوله التي تقوم في العراق أو إيران.


و هذه سقطة جديده للمطاوعه, فهو يتم إستغلالهم للمرة الثالثــه بشكل محزن , فبعد الجهاد الأفغاني الذي أصبح الأن رواده " خوارج " و بعـــد صدام حسين و الذي فقدت بغداد برحيله , هاهم الأن المطاوعه يسيرون ضد حتى التيارات السنيــه الأخرى التي وقفت بشكل علني مع المقاومه الإسلاميـه في لبنان و فلسطين في إندونيسيــا , ماليزيــا , بنجلادش , مصـــر , المغرب و فلسطين المحتله !

أتمنى من الإخوة المطاوعــه ان يحرصوا على ما يكتبونه , فمن يقرأ عدد من الكتابات التي تتناول وضع المقاومه اللبنانيه يجدها في غاية السطحيـه و فيها من بدائية التفكيـر ما يجعل المرء يعتقد أن الوهابيون لازالوا يعيشون في نفس الأيدلوجيه التي كانت تسير إنسـان الصحراء , فقربة الماء إمــا لك ... تأخذها فتعيش و إما يأخذها الأخر فتموت و يعيش ! فاختفت المنطقة الرماديه لديهم فأصبح كل شئ إمـا أسودا و إما أبيضا.


نتمنى ان ينظروا الى الأوضاع بشموليـه أكثر و بعين فاحصة أكثـر و عدم التسرع في إصدار الأحكام , و لكم في الشيخ " سلمان العوده " و الذي أظنه الوحيـــد من بين اقرانه الذي تحدث بهــدوء عن الوضع الحالي الأن مبتعدا عن التعميم الساذج !