حسن جبار حسن
اضطررت مساء اليوم لمشاهدة قناة "العراقية" عندما رأيت عن طريق الصدفة أنها تقابل الدكتور محمود المشهداني، رئيس مجلس النواب، وهو رجل يستحق الاحترام في الحقيقة لما يتمتع به من منطق قوي وعفوية وواقعية قل نظيرها بين السياسيين العراقيين اليوم. سبب تجنبي لمشاهدة "العراقية" هو الفوضى التي تسودها وانعدام المهنية كليا فيها،
فمعظم العاملين فيها لا يفقهون في الإعلام لا من قريب ولا من بعيد. أما مديرها، ( ح.ص ) فقد جاءت به التوازنات السياسية إلى موقعه ولم يكن يفقه شيئا في الإعلام عند تعيينه مديرا عاما للإذاعة والتلفزيون من قبل إياد علاوي عام 2004، ولا هو الآن يفقه شيئا ولو بسيطا في الإعلام. الرجل فاقد للكفاءة كليا وأكثر الذين يعرفونه هم الذين يعملون معه، فهو لديه اهتمامات وطموحات أخرى بعيدة عن الإعلام وهو دون شك يسعى إلى تحقيقها من خلال منصبه المهم (لأنه لم يستطع تحقيقها في صباه!). لا شك أن علاوي الآن يعض على أصابعه ندما كل يوم على إقدامه على حماقة تعيين شخص كـ ( ح . ص) ، خصوصا بعد أن حول قناة "العراقية" إلى بوق لمقتدى الصدر وأعوانه، ولكن لات ساعة مندم. أرادها علاوي أن تكون بوقا يطبل ويزمر له، وقد كانت كذلك عندما كان هو "رئيسا للوزراء" لكنها تحولت بقدرة قادر إلى بوق لإبراهيم الجعفري عندما خلفه في "المنصب" وأخذت تنقل أخباره وكيف تبرع "من ماله الخاص" طبعا لشراء قطع أراض لشهداء جسر الأئمة، وتنقل على الهواء المظاهرات الجماهيرية "العفوية" المؤيدة له والتي تريده أن يستمر في منصبه "كرئيس للوزراء" من أجل خدمة العراق طبعا. لكنها الآن أصبحت ملكا للقائد المفدى مقتدى إذ أخذت تبث الصغير والكبير من أخباره حتى مجالس الفاتحة التي يقيمها "مكتب الشهيد الصدر" في كل مكان من أنحاء العراق.
هناك أشخاص يعملون في "العراقية" من أمثال ( ع . ك . ح ) و( ع.ح ) و( ع.ط) وهم لا يمتلكون أدنى المؤهلات أو الخبرات سوى أنهم متملقون ومطبلون لهذا وذاك وعلى الطريقة الصدامية القبيحة!! هؤلاء من نوع المتملقين لكل ذي منصب، وهذا الكلام ليس افتراء عليهم فالناس ترى تعاملهم على الهواء مباشرة وهم في الحقيقة لا يصلحون للعمل الإعلامي بل للعمل الحزبي الموجه لأنهم يمتلكون الاستعداد لتأليه الأشخاص وقد ألهوا علاوي ومن بعده الجعفري وأعتقد أنهم سيفعلون الشيء نفسهم مع أي مسئول آخر مهما كان صغيرا.
(ع.ك.ح) كان يصر على قراءة أخبار عدي في الإذاعة عندما عمل في البرامج الرياضة سابقا. أما الآن فهو يمتلك الحرية المطلقة كي "يخيط ويخربط" على هواه ويهين ويستهين بالناس على الهواء.
لم أكن أتوقع أن يستمر هذا الشخص في العمل طويلا لأنه تجاوز مرات عديدة على ضيوفه. ورغم أنني لا أشاهد "العراقية" كثيرا كما أسلفت، إلا ما ندر، ولا أشاهد البرامج التي يقدمها أخونا "أبو عتة" كما أصبح يعرف الآن بسبب تلكؤه في الكلام، إلا أنني أحيانا أتوقف أثناء التنقل بين القنوات عندما يكون هناك ضيف مهم.
رأيته قبل عام تقريبا وهو يقابل رئيس الجمهورية جلال الطالباني وقد فوجئت عندما سمعته يخاطب الرئيس بالقول "ونظل احنا نركض وراك حتى نحصللنا على مقابلة" وكنت أتوقع أن المدير العام ( ح.ص) سوف يحاسبه ويقيله على هذا الاستهتار العلني والاستهانة برئيس الدولة. لكنه كوفئ على ما يبدو وبدأ يطبل لنفيه هو الآخر، ومن يشاهد "إعلان" برنامج "أنت والمسئول" يرى أنه دعاية شخصية لـ(ح) . ويقال أن المدير العام يصطحبه معه في رحلات "العمل" إلى لبنان (حيث يقيم مع "أصدقاء" له كي يوفر على العراقية التكاليف!!) وغيرها من الدول. أما (ع. ح) فسمعته قبل أيام يخاطب أحد المسئولين الذين كان يقابلهم من على شاشة العراقية بقوله "المدير العام لشبكة الإعلام العراقية يهديك السلام"!!!! ولا أدري هل من واجبه إيصال سلام المدير العام إلى الآخرين أم أنه النفاق والتملق الذي أصبح صفة العاملين في هذه القناة. أما "الدكتور" ( ع.خ ) زميل المدير العام أيام الصبا، والذي عينه مديرا إقليميا في العراقية ومقدما لبرنامج "سحر البيان"، فقد كان يطلق عليه لقب "قمر الصدور"!!!!
أحيانا أتساءل ما هي المؤهلات التي يمتلكها شخص مثل ( ع. ر. ح ) كي يكون مديرا للبرامج السياسية في قناة العراقية (ما عدا التملق والخنوع طبعا)؟؟ فهذا الرجل لا يجيد حتى التحدث بلغة سليمة، ناهيك عن جهله بأبسط المعايير الإعلامية، وما هي المؤهلات التي يمتلكها ( ك. ح ) (غير التملق والخنوع و......) كي يكون رئيسا لأحد الأقسام؟ وهناك برنامج استحي حتى من ذكر اسمه لأن في ذلك إهانة لاسم الإعلام، يقدمه المدعو( ف . ع) وهذا البرنامج هو إهانة للمشاهد ولا أدري كيف يسمح بعض الأشخاص لأنفسهم كي يشاركوا فيه. وقد رأيت ذات مرة الدكتور سامي المظفر وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وهو شخص محترم دون شك، يشارك في هذا البرنامج التافه الذي اختتمه مقدمه "الصحفي نص ردن" ( ف.ع ) بالقول "مع تحياتي أنا مقدم البرنامج "الصحفي( ف.ع) ا"!!!!!! طبعا هو لا يعلم أنه لو كان صحفيا (من صدك وليس نص ردن) لما وصف نفسه بالصحفي.
لا أدري متى تنتهي هذه المهزلة، هناك حاجة ملحة لاستبدال إدارتها الحالية بإدارة كفوءة متمرسة في الإعلام، لا تسمح بما يحصل حاليا من مهازل. وهذه المهمة هي من مهام البرلمان الجديد ولكن على رئيس الوزراء أن يرشح شخصا لهذه المهمة بأسرع وقت كي ينهي هذه المهزلة.
أعود إلى مقابلة المشهداني ووقاحة ( ك.ح) التي لم يحاسب عليها حتى الآن لأنه ليس هناك مدير يفهم بالإعلام كي يميز الغث من السمين. لقد تجاوز ( ح) على الدكتور المشهداني بأسلوب رخيص جدا ولا يليق بأي صحفي أو مقدم برنامج أو أي شخص له علاقة بالإعلام. وأرجو من المدير العام أن يشاهد هذه المقابلة ويشاهد المقابلة التي أجراها مع الرئيس جلال الطالباني في العام الماضي كي يرى أن مثل (ح) يجب أن لا يسمح له أن يقدم أي برنامج أو يقابل أي مسئول لأنه لا يفقه في الموضوع الذي يتحدث به ولا يستعد للمقابلة أو يحضر أسئلة مناسبة ويتجاوز على ضيفه ويستهين به. أذكر إحدى هذه التجاوزات. المشهداني قال إن هناك أشخاصا في الثمانين من العمر ويصبغون لحاهم فرد عليه (ح) بالقول "وأنت شعليك بيهم خلي يصبغون لحاهم" مما اضطره لقول شيء يحفظ ماء وجهه وهو إنه "يريد أن يصبغ لحيته لكنه يستحي". وقبل ذلك أيضا قال عبارات تنم عن صلف وثقة في النفس مبنية على الجهل وقالها بنبرة عالية لا يتناسب مع موقف وموقع رئيس البرلمان: "شنو ذنبنا احنا الناس العاديين نتقتل وانتم تتعاركون بيناتكم"!!!!
إن على البرلمان الجديد أن ينهي هذه المهازل ويعين مديرا عاما جديدا لشبكة الإعلام يفهم بالإعلام وضرورة استقلاليته وحياديته ويستطيع أن يراقب البرامج والأخبار ويصحح الوضع وقادر على أن ينقل القناة إلى مستوى القنوات المهنية كالعربية والحرة، وليس شخصا يرضي التوافقات السياسية.... يجب أن تكون "العراقية" منبرا قويا لمحاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وكل قيم الخير والحداثة وليس منبرا لبث البرامج التافهة والمسيئة والطائفية والمثيرة للفتنة الطائفية.
لا يجوز أن يدير "العراقية" شخص من أمثال ( ح.ص) الذي يعامل القناة وكأنها ملك شخصي له يروج من خلاله لنفسه ويلقي عبره الخطب الرنانة (وكأنه زعيم عسكري قام بانقلاب على التو!) منذ تعيين علاوي له في هذا المنصب حتى الآن بل وعاقب في إحدى المرات مصورا وصحفيا لأنهما لم يصوراه في جلسة رسمية!!! إنها مهزلة حقيقية يجب أن تتوقف ولن يوقفها إلا القادة الشجعان في البرلمان والحكومة.
وفي هذه العجالة يجب أن لا ننسى الإعلاميين الجيدين في العراقية (وأكثرهم من قراء النشرات الإخبارية) من أمثال رنا عبد العباس وإياد محسن وحسين تركي وحمزة حسين، وآخرين من أمثال أحمد الملا طلال وسيف الخياط وسعد الربيعي وآخرين يجاهدون من أجل أن يقدموا خدمة للمشاهدين. ولكن حتى هؤلاء فهم جميعا بحاجة إلى فرص للتدريب كي يصقلوا مواهبهم ويطوروا قدراتهم لا أن يبقوا يراوحون في أماكنهم.
الشعب العراقي يتوقع خدمة إعلامية تليق به مقابل الأموال الطائلة التي تنفقها "العراقية" من المال العام، لكن ما يحصل عليه المشاهدون من "العراقية" هو برامج ساذجة لا تغني ولاتسمن من جوع بل وتسيء للثقافة العراقية. السيد نور المالكي والدكتور المشهداني مدعوان لأن يهتما بالأمر الآن ولا يبقي على شخص غير كفوء عينه رئيس وزراء مؤقت في ظروف غامضة وبدوافع سياسية وفي فترة فراغ دستوري انتهت ويجب أن تنتهي معها كل آثارها. يجب أن يعلن هذا الموقع على الملأ ويتقدم من لديهم الخبرة والكفاءة للتنافس عليه وينظر البرلمان في الأمر ويختار من يراه مناسبا. هذه هي الطريقة الوحيدة المتبعة في بلدان العالم المتحضر خصوصا في هذه المواقع التي تحتاج إلى خبرة ومهنية عالية.
hzaydi@hotmail.com