عفوا سيدنا السيستاني..
كتابات - محمد كاظم الشهابي
نشرت بعض مواقع الانترنت بيانا مائعا وباهتا منسوبا إلى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وهذه بايجاز شديد بعض ملاحظات سياسية مهمة حول ما ورد في البيان، ثم مناقشة من منظور سياسي بحت للموقف المعلن حتى الان لسماحته، وهل يرقى هذا البيان الباهت لمستوى الحدث؟ أو على الأقل للحد الأدنى المطلوب سياسيا، والمؤمل لبنانيا وعربيا واسلاميا في سياق واجب التصدي والمواجهة للهجمة الهمجية الامريكية الصهيونية؟
وقبل كل شيء، فلابد من توضيح مسألة غاية في الأهمية، فالموضوع يتصل بمستوى الأداء السياسي لسماحة السيد السيستاني، بما يمثله من رمزية دينية كبيرة، ليس في العراق فقط، وإنما في عموم الدائرة الشيعية، وكذلك لما يشكل الموقف السياسي لسماحته من خصوصية بالغة، وتأثير مهم في توجهات الشارع الشيعي، في العراق وخارجه، وانعكاس كل ذلك على الحسابات السياسية للإدارة الامريكية في المنطقة بشكل عام، وبشكل خاص بالنظر لأوضاع الاحتلال غير المستقرة في العراق. أولا: لم ترد في البيان أي مفردة تدعو إلى دعم المقاومة اللبنانية المتصدية ببسالة للعدوان الصهيوني الامريكي الغاشم، كما تجنب البيان أي ذكر لـ «حزب الله«!
واكتفى سماحة السيد بالدعوة للوقوف الى جانب الشعب اللبناني، وتأمين الحاجات الإنسانية للنازحين والمشردين، وبعبارات إنشائية فقط. ثانيا: لم يتطرق البيان لا من قريب او بعيد، لمسئولية أمريكا عما يقوم به الصهاينة من استباحة يعجز القلم عن وصف أهوالها، طالت الأرض والانسان في لبنان، وكل ذلك يتم تحت سمع وبصر العالم، وبواسطة آلة الدمار والقتل الأمريكية، وبدعم سياسي أمريكي بريطاني دولي واضح وعلني. ثالثا: لم نلحظ في البيان أي تصريح أو حتى تلميح حول شرعية المقاومة اللبنانية، وحقها في تحرير الأسرى اللبنانيين والعرب الرازحين في سجون الاحتلال، وكلهم مسلمون، ولم يتضمن البيان كلمة واحدة تذكر بحق المقاومة في تحرير ما تبقى من أراض لبنانية في الجنوب، لاتزال ملوثة بدنس الاحتلال الاسرائيلي. الأمر الذي نريد تأكيده، أنه لو صدر موقف شجاع وصريح عن سماحة السيد السيستاني، يدين بشكل مباشر وقوي الموقف الامريكي من العدوان على لبنان، والدعم السافر للرئيس «بوش« وعصابته للهمجية الصهيونية، ويربط بين العدوان على لبنان والمأزق السياسي للمشروع الأمريكي في المنطقة، وما جره من ويلات على العراقيين منذ سقوط طاغية العراق.. الأمر المؤكد أنه لو صدر عن سماحة السيد السيستاني مثل هذا الموقف لحسبت له الادارة الامريكية ألف حساب، وكان من المؤكد أن يساهم ذلك في تحقيق بعض الفرج للأشقاء اللبنانيين، أو في الحد الأدنى تخفيف وطأة القتل والدمار التي يتعرضون لها، وفي هذا السياق نلفت الانتباه إلى الموقف البريطاني، فرغم أنه شريك سياسي في العدوان على لبنان، كما هو موقفه في كل جرائم الامريكان والصهاينة، فإن البريطانيين يحاولون أن يبدوا أقل حماسا في تأييدهم للعدو الصهيوني من الأمريكان، ويرجع ذلك إلى خشيتهم من تداعيات العدوان على لبنان، واحتمال اندلاع انتفاضة شعبية عراقية ضد وجودهم في البصرة. من الصعب جدا أن نقارن بين بيانات الدعم للمقاومة التي صدرت عن سماحة المرجع السيد فضل الله، والسيد سعيد الحكيم، والسيد كاظم الحائري، وعلماء اخرين كثر، سنة وشيعة، والبيان الباهت الذي صدر عن سماحة المرجع السيد السيستاني. سيدنا السيستاني:
الوقت لم يفت بعد، وليس لدينا أدنى شك في ورعك وتقواك، إلا أن ما نتوجس منه كثيرا، وما نخشاه كثيرا، ونحذر منه كثيرا، هو اختراق وتأثير عملاء الـ (.ء .ة
.) على بعض الحواشي والمستشارين من حولك. قد يسيء البعض فهم هذا الكلام، ويعتبره تطاولا على المقام المحترم لسماحة السيد السيستاني، لكنها مسئولية الكلمة، لا خير فينا إن لم نجهر بها، ولا خير فيمن تبلغه فيهملها. الموقف في هذه المرحلة دقيق جدا وحرج جدا، في هذه الأيام العظيمة يبرز النفاق السياسي الدولي كله، في مواجهة الايمان كله، والبطولة كلها، لتتكثف وتتجسد كل معاني الشرف والتضحية في معركة قوى المقاومة والممانعة في لبنان وفلسطين، وبقيادة سيد المقاومة، ضد الجبروت الأمريكي الصهيوني. هذه لحظة مصيرية وحاسمة، حيث تنشط خيانات العرب من المتصهينين والمتأمركين، وتصوب كل خناجر الغدر، لطعن المقاومة اللبنانية والفلسطينية في الصدر وفي الظهر، في السر وفي العلن، وما خفي أعظم وأعظم وأعظم.
صحيفة أخبار الخليج البحرينية