النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    3,861

    افتراضي في معنى انتصار حزب الله؟

    في معنى انتصار حزب الله؟
    GMT 1400 2006 السبت 5 أغسطس
    الشرق الاوسط اللندنية



    --------------------------------------------------------------------------------


    من خلال خطب السيد نصر الله يمكن القول إن «حزب الله» لا يقاتل إسرائيل، قدر أنه يناضل ضد شعور عربي ومسلم عام بالهزيمة والإذلال وعدم الكفاءة. على سبيل المثال، انتبه إلى تعريف السيد نصر الله للنصر، ضمن أسلوب يخلو من التضخيم، ويختلف جذريا عن الأسلوب القديم المتميز بالمزاعم الهجومية الضخمة للزعماء العرب، مثل جمال عبد الناصر وصدام حسين. فالسيد نصر الله واضح ودقيق جدا بأن إسرائيل لا يمكن هزمها عسكريا. إذ قال إن «حزب الله»، «لا يمكن أن يُسقط مقاتلات أف ـ 16 الإسرائيلية»، لكن ما يستطيع القيام به هو جعل القوات الإسرائيلية تنزف باستمرار، وإلحاق الأذى باقتصادها وانتزاع تنازلات سياسية منها، وأي منها يشكل نصرا. النصر هو إذن حالة سيكولوجية بالنسبة للعرب والمسلمين إضافة للإسرائيليين «المهزومين»، ولا تحمل أي علاقة مع تكاليف الحرب المادية والجسدية. لا يمكن لهذا الانتصار أن يقاس ولن يزيد أي دمار يلحق بلبنان عن الدعم الذي سيكسبه حزب الله في العالمين العربي والإسلامي، إذ أنهما لن يريا سوى عرب تمكنوا من الوقوف بوجه خصم يمتلك قوى خارقة للمألوف في مخيلتهم الجماعية. لكن هل يمكن حقا اعتبار مقاومة حزب الله نجاحا أو هي مجرد وهم على الأمد الطويل؟ وهل هي أكثر من انتصار «القاعدة» عند قيامها بهجمات 11 سبتمبر 2001؟ كيف ستتغير خارطة الشرق الأوسط السياسية، إذا اعتبر حزب الله منتصرا في هذه الجولة مع إسرائيل؟ وأخيرا أي قوى في الولايات المتحدة ستستفيد من هذا الترتيب؟

    قبل الإجابة عن هذه الأسئلة، دعونا نعترف بنجاحات حزب الله الظاهرية. الأول هو بدون شك، حالة الارتباك التي تركتها في القاعدة، واتضح ذلك في خطاب أيمن الظواهري، والذي دعا فيه إلى قتال إسرائيل، لكنه ظل غير واضح حول موقع ونشاطات «حزب الله». ثانيا، تبدو الحركة السلفية منقسمة على نفسها، ولذلك أضعفت بتأثير حرب حزب الله، فهناك من يساند المنظمة الشيعية وهناك من هو في حالة تشوش عما يجب فعله. وثالثا بنى حزب الله أواصر مع حركة الإخوان المسلمين، وحصل على دعم منها. واتضح ذلك من خلال دعم المرشد مهدي عاكف في مصر والشيخ يوسف القرضاوي في قطر، وقيادة حماس في فلسطين وسورية، دعما مطلقا لحزب الله.

    من الواضح أنه من خلال مواجهاته المسلحة لإسرائيل وخطابه غير الطائفي، نجح في التخفيف من هويته الشيعية. ويبدو أن هناك عددا قليلا من المسلمين والعرب غير قلقين من التزام «حزب الله» بتعاليم آية الله الخميني المستندة إلى مبدأ ولاية الفقيه، حيث يكون هو المرشد الأعلى الذي يقرر شؤون الحرب والسلام، وهو الذي يعتبر مرجعا يجب إطاعته من قبل جميع المؤمنين.

    ولي الفقيه الحالي هو آية الله علي خامنئي في ايران، وهو اول من ترجم أعمال سيد قطب الى اللغة الفارسية، وله علاقات وثيقة مع الإخوان المسلمين. دور ايران وراء «حزب الله» ونفوذه المتزايد في الشرق الأوسط مخفي بعناية.

    لذا، فإن ايران ربما رأت اخيرا بعد طول انتظار ثمار ثورتها الاسلامية عام 1979 لتبسط سلطتها على منطقة الشرق الاوسط. إلا ان نجاحها حتى الآن يتمثل فقط في «حزب الله» في لبنان. ربما تهيمن إيران على منافستها الرئيسية بسبب فشل وعدم كفاءة الولايات المتحدة في العراق، وبسبب لعب «حزب الله» في لبنان دورا رئيسيا في تحديد عناصر النزاع العربي ـ الاسرائيلي. الخاسرون سياسيا في هذا السيناريو كثيرون بالتأكيد قادة دول الخليج العربي ومصر والأردن، الى جانب دول اخرى. بالاضافة الى انه يبدو لي ان الشرق الاوسط سيشهد اضعافا للزعامة الدينية فيما يخص السعودية لحساب إيران، اذا ظلت الامور تجري كما هي الآن، علاوة على ان الصراع المذهبي بين السنة والشيعة سيزداد، كما نطالعه يوميا، مع الاسف الشديد، في العراق.

    منح المحافظون الجدد في الولايات المتحدة، فرصة للبقاء فترة أطول بسبب تصرفات «حزب الله»، ويشعر هؤلاء الآن ان لهم عدوا جديدا يعملون على إخافة الرأي العام الاميركي منه. وبمقدروهم اقناع الرأي العام الامريكي بجدوى تقديم تضحيات مادية وعسكرية ومعنوية في سبيل مكافحة هذا العدو. ويمكن ملاحظة ذلك في رفض البيت الأبيض قبول وقف إطلاق النار في لبنان. يريد المحافظون الجدد ان تكون هناك حرب بين «حزب الله» وإسرائيل كي يوسعوا رقعة عدم الاستقرار خارج حدود العراق لتشمل سوريا وإيران. وبالنسبة لهم يعتبر «انتصار» تغيير النظم الحاكمة في كل من سورية وايران مبررا لأي كم من الدمار والقتل في الشرق الاوسط. إنهم ببساطة لا يأبهون اذا قتل آلاف او عشرات الآلاف من العرب، أو إذا دمرت البنيات التحتية لهذه الدول، لأن ذلك يوفر فرص عمل للشركات الغربية في عمليات إعادة البناء.

    اذا، ماذا عن الانتصار النفسي (السيكولوجي) لـ«حزب الله»، وهو لا يعدو ان يكون انتصارا وهميا؟ تجارب الدول الأكثر قوة من العرب مثل ألمانيا واليابان تشير الى ان هذا «الانتصار» أوهن من بيت العنكبوت. فالانتصار الوحيد الحقيقي لأي شعب في العالم الحديث هو تأهيل أفراده وتطوير قدراته على المنافسة في مجالات الصناعة والأفكار والإبداع وليس في ميادين المعارك والقتال. يجب ان نسأل انفسنا عن عدد العرب المؤهلين الذين يتركون لبنان ودول اخرى في منطقة الشرق الاوسط للعمل في الغرب نتيجة لهذا النزاع؟ فمع هجرة كل فرد من هؤلاء يخسر العالم العربي والاسلامي معركة أمام الغرب. اما النتائج المترتبة على العرب والمسلمين فستكون دمارا وإزهاق أرواح بريئة ستعتصر القلوب وتدمي الضمير الاخلاقي.

    * استاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة نيويورك في امريكا

    (خاص بـ«الشرق الأوسط»)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاطرقجي

    فالانتصار الوحيد الحقيقي لأي شعب في العالم الحديث هو تأهيل أفراده وتطوير قدراته على المنافسة في مجالات الصناعة والأفكار والإبداع وليس في ميادين المعارك والقتال.


    كم أنفقت السعودية على تأهيل الافراد وتطوير قدراتهم على المنافسه في مجالات الصناعة والافكار والابداع .. ثم اذا كان الامر ابداع وصناعة وافكار .. لماذا وقعت السعودية هذا الشهر اتفاقيتين واحدة مع فرنسا بثلاثة مليارات وأخرى مع امريكا بثلاثة مليارات .. من اجل تحديث الخردة والتنك الذي دفعت من اجله السعودية مليارات الدولارات بإسم أسلحة حديثة ومتطورة ..
    الاعلام السعودي القذر أعمى عن الحقائق المهولة في الوضع العربي .. يوظف الكلمة من اجل خدمة المشروع الصهيوني لا اقل ولا اكثر .. لو سألت اي حاكم عربي عما يجري لقال لك الحرب بحاجة الى اعداد واختيار الظروف المناسبة وما الى ذلك .. ولو سألته ماذا اعددتم منذ ثلاثة وثلاثين عاما منذ حرب تشرين 1973 لقالوا لك قنوات الدعارة السعودية التي تفسد العقول والنفوس والضمائر ..
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    1,748

    افتراضي

    Eitan Haber



    When Moshe Dayan flew to Vietnam



    Perhaps solution to Middle East crises lies in creating a single American address that would exert international pressure on Lebanese government. Perhaps, then this bruised and battered government will bring salvation



    In the middle of the 60's Moshe Dayan, the man and the legend, flew to Vietnam to cover the war. On ending his visit to the war trenches, the former chief-of-staff was summoned for a talk with the commanding officer of the American forces, General William Westmoreland. "Nu," his host urged him, "what were your impressions from there?" "You have already lost this war," Dayan said, "but you don't know it yet…"



    "Over what and why?" responded General Westmoreland. His guest fixed his one eye on him and said: "The Vietcong has gone underground, and you are flying at an altitude of 37,000 feet. From such an altitude you can't see the trenches, tunnels and sewers where they are hiding out." The Americans, as we know, lost the war.



    Similar assumptions shouldn't be applied to our situation at this stage of the war against the Hizbullah. This story relayed to me by Gad Yaacobi, however, should be told at the beginning of the military inquest the day after the war.
    [align=center]




    [/align]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow من الشرق الاوسط الى الحياة .. انظر وقارن !! ..

    ماذا بعد تدمير لبنان؟!

    عرفان نظام الدين
    الحياة - 07/08/06//

    لا خلاف ولا اختلاف على أن إسرائيل دولة غاشمة وحشية تعيش على الحروب والقتل والتدمير، وتعتاش من دم الشعوب وأرواح الشهداء وتختبئ وراء مزاعم القوة التي لا تقهر من خلال تكديس ترسانة الأسلحة الحديثة والمتطورة والفتاكة الى جانب ترسانة الأسلحة النووية.

    ولا خلاف ولا اختلاف على أن إسرائيل تبيت للعرب المؤامرات والمخططات الجهنمية وتعد لهم الأفخاخ لجرهم الى مواجهات غير محسوبة النتائج وتسعى لتفتيتهم وتقسيمهم وزرع بذور الفتن والحروب العرقية والطائفية حتى تتمكن من السيطرة على المنطقة لتكون لها اليد العليا في كل شأن وقرار وقضية. كما أنها سعت وتسعى وستسعى للاستفراد بالعرب دولة دولة وفئة بعد فئة وطائفة بعد طائفة بعد أن تمكنت من افتراس «الثور الأبيض» بالمعنى المجازي.

    ولا خلاف ولا اختلاف على أن إسرائيل دولة عنصرية حاقدة تنتهك حقوق الإنسان ولا تأخذ في حسبانها أي قيمة للإنسان العربي، لا فرق بين عسكري ومدني ورجل وامرأة وطفل وعجوز. ولا نحتاج للتذكير بالمجازر والمذابح التي ارتكبتها بدم بارد وفي وضح النهار وعلى مرأى من العالم كله من دير ياسين وكفر قاسم وقبية الى صبرا وشاتيلا وقانا مروراً بعشرات المذابح الوحشية الأخرى وصولاً الى المجازر الوحشية التي ارتكبتها أخيراً في لبنان في قانا وغيرها، ويندى لها جبين الإنسانية قبل جبهات الإسرائيليين وضمائرهم الغارقة بالدم والعار. كما أننا لا نحتاج لتذكير بأن إسرائيل دولة إرهابية جلبت الإرهاب الى المنطقة ليصبح النموذج الذي يشوه وجهها من إرهاب الأفراد الى إرهاب المنظمات الصهيونية المتطرفة وإرهاب الدولة الذي مارسته إسرائيل على امتداد 58 عاماً.

    ولا خلاف ولا اختلاف على أن الولايات المتحدة منحازة الى إسرائيل وداعمة ومشجعة لها على ممارساتها وانتهاكاتها وتماديها في الغي والعدوان، وأنه لولا هذا الدعم لما تمكنت إسرائيل من الاستمرار طوال هذه السنين في عدوان تلو العدوان والخروج بلا إدانة ولا ردع ولا لوم! ونعرف جيداً أن الولايات المتحدة قد تسببت بسياستها الخرقاء هذه، وباعتماد مبدأ ازدواجية المعايير، بتعريض مصالحها للخطر الدائم أولاً ثم بتشجيع قيام الحركات المتطرفة والإرهابية وحالات النقمة والحقد وانتشار الحروب والاضطرابات والفتن ووضع منطقة الشرق الأوسط بأسرها على حافة بركان قد تنفجر حممه في أي لحظة لتنشر الخراب والقتل والدمار والكراهية.

    ولا خلاف ولا اختلاف على أن المجتمع الدولي «غائب عن السمع» منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة، حيث سلم مفاتيح الحلول والقرارات لقوة أحادية هي الولايات المتحدة، وتحول الى متفرج لا حول له ولا قوة، أو الى كورس ينشد ما رسم له من «نوتة» أو ما كتب له من نص لا يخرج عنه إلا نادراً على رغم وجود قوى عظمى بارزة في صفوفه مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي.

    ولا خلاف ولا اختلاف على أن الأمم المتحدة تحولت الى شاهد زور، وأن قرارات الشرعية الدولية تطبق حسب القياس الإسرائيلي والتفصيل الأميركي. ولا حاجة للتذكير بأن عشرات القرارات الدولية، إن لم نقل المئات، بقيت حبراً على ورق بسبب رفض إسرائيل الالتزام بها وتغاضي المجتمع الدولي عن انتهاكاتها لها ولكل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية.

    ولا خلاف ولا اختلاف على انتقاد ضعف العرب المخزي والتخاذل في مواجهة العدو، والسكوت عن احتلاله لفلسطين والقدس الشريف والأراضي العربية الأخرى، وفشلهم في توحيد صفوفهم واتخاذ قرارات جريئة يجمعون عليها ويلتزمون بها ويضعون لها آلية تنفيذ عملية وفاعلة وسريعة مما أفقدهم احترام العالم وجعلهم عرضة للسخرية والحقد والاستخفاف.ولا خلاف ولا اختلاف على حق العرب في استرداد حقوقهم وتحرير أراضيهم بشتى الوسائل المتاحة ورفضهم للمخططات الصهيونية واصرارهم على أن يقوم أي سلام مطروح على اساس العدالة والشمولية ومبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة من دون تفريط بأي شبر أو تنازل عن أي حق وفق مبادرة السلام العربية التي قدمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت وأقرت بالاجماع لتصبح مبادرة كل العرب.

    الخلاف والاختلاف بين العرب اليوم، وبعد كل ما جرى، يتركز على الأساليب والوسائل والتوقيت وجهة اتخاذ قرار السلم والحرب والظروف المحيطة بالمنطقة والعالم وفلسطين ولبنان وبالأهداف المرجوة من كل خطوة وما يمكن أن تؤدي اليه من نتائج سلبية أو ايجابية.

    ولا مجال الآن لدخول في جدل حول حسابات الربح والخسارة والتوصل الى تقويم للموقف في لبنان وفلسطين وفي العالم العربي بعد كل الذي جرى من قتل ودمار ومتغيرات ناجمة عن العدوان الإسرائيلي المتمادي في الغي والوحشية، والمتجاوز لذرائع خطف الجنود الإسرائيليين الثلاثة في غزة وجنوب لبنان في وقت متزامن.

    ولكن الواجب يدعو الجميع الى أخذ الدروس والعبر والاستعداد للحوار والمساءلة والمحاسبة حتى لا تتكرر الأخطاء وتعاد الكرة من جديد ومعها دوامة الفعل ورد الفعل ودفع الاثمان مضاعفة من الأرواح الطاهرة وأرزاق الناس الطيبين والبنى التحتية المعمرة بعرق الشعوب ودمها وثرواتها وصبرها وجهود أبنائها المخلصين.

    الدرس الأول هو وجوب حصر قرار الحرب والسلم بيد سلطة واحدة هي السلطة الشرعية المؤتمنة على الشعب والوطن والمصير، فما من دولة عاشت واقع ازدواجية السلطة أو تعددها إلا ووقعت في المحظور ودفعت الثمن غالياً، خصوصاً أن العدو الإسرائيلي يحمل من الأحقاد والضغائن والمخططات والنيات السيئة ما يدعونا لمضاعفة الحذر واليقظة وتجنب منحه أي عذر أو ذريعة لتنفيذ مخططاته.

    والدرس الثاني يدفعنا للدعوة الى التركيز على البناء والإعمار والتنمية وتحصين الذات بالعلم والمعرفة والثروة واقامة بنيان اقتصادي متكامل وقوي يستطيع الصمود في حالتي الحرب والسلم. ولا يختلف اثنان ان الحرب ليست مجرد آلة عسكرية نستخدمها ولا صاروخاً نطلقه، بل هي ايضاً انسان متعلم وقادر على الصمود ورعاية عائلته واقتصاد قوي ومؤسسات صامدة وفاعلة. ولنا في اليابان والمانيا المثل الصالح والصارخ. فقد دمرت قوات الحلفاء كل مرافق ومؤسسات هذين البلدين في الحرب العالمية الثانية وأكملت نسف البنى التحتية بعد انتهاء الحرب واستسلامهما... وكان بالإمكان أن تظهر على السطح منظمات عدة للثأر والانتقام والقيام بعمليات نسف وقتل لقوات الحلفاء، لكن الحكمة دفعت الشعبين الى الصبر والمكابرة وتحمل الضرر والأذى والالتفات الى الإعمار وإعادة بناء كل ما دمر حجراً حجراً وشبراً شبراً في فترة قياسية، بعيداً عن الشعارات والمزايدات ليصبح البلدان في طليعة الدول العملاقة اقتصادياً وسياسياً وحضارياً.

    فحربنا مع إسرائيل حرب طويلة تدخل فيها كل أنواع الأسلحة والوسائل... ومهما قيل عن القدرات العسكرية وتوازنات الرعب، فإن القدرات الاقتصادية هي الوسيلة الناجعة في إطار هذه الحرب مع بناء الإنسان السوي والمتفوق علمياً وفكرياً.

    والدرس الثالث المستخلص من هذه الحرب هو عقم تجارب التفرد بالقرار على المستويين الوطني والقومي ولا سيما في قضايا الحرب والسلم. فهذا التفرد لم يجلب على الأمة سوى الخراب والويلات والهزائم والنكبات والنكسات. ولو عدنا قليلاً الى الوراء لأدركنا أهمية هذا الدرس ولا سيما في حرب الخامس من حزيران (يونيو) 1967 فقد أدى التفرد في قرار طرد القوات الدولية من شرم الشيخ والمضائق الى استغلال العدو لهذه الفرصة وشن حرب غادرة أدت الى ضياع الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء وما نجم عنه من حروب وأزمات وهدر للثروات، وكل ثمن دفعناه وما زلنا ندفعه منذ ذلك الحين ناجم عن هذا التفرد.والأمثلة على ويلات آفة التفرد كثيرة ودافعة من إشعال نار الحرب العراقية - الايرانية الى احتلال الكويت مروراً بحروب فلسطين ولبنان والفتن المرافقة لهما.

    المرة الوحيدة التي انتصر فيها العرب هي تلك التي غابت عنها آفة التفرد وحلت محلها الحكمة والروية والعودة للتشاور والتنسيق، وأقصد بها انتصار 6 تشرين الأول (اكتوبر) 1973 عندما اتفق الرئيس المصري أنور السادات مع الرئيس السوري حافظ الأسد والملك فيصل، رحمهم الله، على جهاد حقيقي يهدف الى تحرير الأرض وصيانة العرض واستعادة الكرامة والسمعة للجندي العربي وللإنسان العربي مهما كان الثمن فنصرهم الله.

    أما التفرد في قرارات السلم فكانت ويلاته أعظم من كامب ديفيد الى أوسلو وها نحن ندفع الثمن مضاعفاً نتيجة لتفرق العرب وضياع بوصلتهم وتعدد قراراتهم وأهدافهم ومصالحهم.

    أما الدرس الرابع فهو شبه إجماع على رفض الوصاية على الأمة وقراراتها واحتكار الوطنية والقومية والدين والمقاومة والتحرير. فمنذ عقود ونحن نسمع ونرى من يدعي أنه يتخذ قراراته باسم الأمة أو باسم الوطن أو باسم العرب أو باسم الاسلام ثم تكون النتيجة وبالاً على الأمة والأوطان والعرب. والأمثلة على ذلك كثيرة ايضاً مثل الرئيس المخلوع صدام حسين الذي ادعى انه حارب ايران ليدافع عن شرف الأمة وحاضرها ومستقبلها ثم احتل الكويت ليحرر فلسطين باسم العرب. وايران التي تكرر كل يوم انها حامية الاسلام الى اسامة بن لادن وقادة «القاعدة» الذين يزعمون ان عملياتهم تهدف للدفاع عن الاسلام والمسلمين، الى الحرب الأخيرة التي سمعنا فيها أقوالاً مماثلة بأن سلاح المقاومة هو سلاح الأمة كلها وأن من يستخدمه يقوم بذلك باسمها.

    والأكثر غرابة وسخرية من ذلك ان الولايات المتحدة تدعي على لسان رئيسها وكبار مسؤوليها بأن حروبها تهدف الى أمر واحد وهو إقامة الديموقراطية في المنطقة والدفاع عن الحريات وحقوق الانسان في شرق أوسط جديد لم نحصد منه سوى القتل والدمار والارهاب وانتهاكات حقوق الانسان.

    حتى اسرائيل لم تخف «حبها» للعرب والمسلمين عندما زعمت ان حربها الحالية تهدف لإنقاذهم وتحريرهم من الارهاب ونشر السلام والاستقرار في المنطقة، فعبّرت عن حبها بارتكاب المذابح وتدمير البنى التحتية.

    وأخشى ما أخشاه ان ينطبق علينا مع جميع الأوصياء والمتحدثين باسمنا قول الشاعر «ومن الحب ما قتل» أو قول الطبيب الجراح لأهل المريض: لقد نجحت العملية ومات المريض. وما يهمنا هنا ان يحمي الله فلسطين وشعبها المناضل ولبنان وشعبه الصابر.

    وكم ترحمت على شاعرنا الغالي نزار قباني وأنا أتابع مشاهد القتل والدمار في لبنان وأردد أشعاره التي عبر فيها عن حبه الأصلي والأصيل للبنان وبيروت ومنها قوله:

    آه يا عشاق بيروت القدامى هل وجدتم بعد بيروت البديلا

    ان يمت لبنان متم معه كل من يقتله كان القتيلا

    كل ما يطلبه لبنان منكم ان تحبوه تحبوه قليلا

    أو قوله:

    ماذا سيستفيد الرابح من سجادة مثقوبة بمليون رصاصة

    وأتذكر نزار، الذي نفتقده في الليلة الظلماء كالبدر، عندما دعوته للمشاركة في حملة دعم لبنان التي رعاها مركز تلفزيون الشرق الاوسط عام 1996 اثر مذبحة قانا الأولى فاستجاب بحماس وألقى قصيدة بعنوان آكل من خبز لبنان وأنا مقيم في لندن قال فيها:

    ولأن بيروت مدينة جميلة جداً

    فقد دفعت ثمن جمالها

    ولأنها مثقفة جداً

    فقد دفعت ثمن ثقافتها

    ولأنها مدينة حرة حتى آخر حدود الحرية

    فقد دفعت ثمن حريتها

    الى أن يقول:

    أتضامن مع لبنان

    كما يتضامن القميص مع الجسد

    والعين مع أهدابها

    والشجرة مع أوراقها

    والحمامة مع ريشها

    والطفل مع ثدي أمه!

    نعم نتضامن مع لبنان ولكن التضامن الكلامي لا يفيد في إعمار ما تهدم أمام حجم الدمار الهائل ولا بد أولاً من مساعدة المنكوبين وإعادة المهجرين الى ديارهم وبناء مدنهم وقراهم ومساكنهم ثم الالتفات الى أخذ الدروس والعبر وتجنب ارتكاب الأخطاء السابقة وإعادة الهيبة لسلطة الدولة ووضع استراتيجية دفاعية جديدة وفاعلة في جميع المجالات وتوحيد جهة قرار الحرب والسلم بشكل حاسم ونهائي.

    وهذا لا يمكن ان يتحقق الا بتوحيد الصفوف وتقديم التنازلات ضمن اطار الوطن الواحد وتعزيز الصمود ونبذ الفتن الطائفية والعودة الى طاولة حوار حقيقي وفاعل وصريح لا غالب بنتيجته ولا مغلوب، فما جرى يجب ان يضع النقاط على الحروف ويدفع كل المخلصين الى التفاني وتقديم التضحيات من أجل تجنيب لبنان المزيد من الأخطار والخسائر في الأرواح والأموال، فقد دفع هذا البلد الصغير الطيب أفدح الأثمان وقدم القرابين من أجل أمته وآن له ان يرتاح قليلاً ويريح شعبه المنكوب منذ اكثر من 40 عاماً، خصوصاً أن المقاومة قد اسقطت الكثير من الهالة التي كانت اسرائيل تحيط نفسها بها.كما ان هذا لا يمكن ان يتحقق الا بدعم عربي شامل هلت تباشيره بالمبادرة الخيرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتقديم 500 مليون دولار لصندوق الإعمار وبليون دولار كوديعة لحماية الليرة و50 مليوناً للإغاثة وملايين أخرى من تبرعات أبناء الشعب السعودي. وعلى الدول العربية وشعوبها ان يكملوا المشوار ليعاد بناء هذا البلد الجميل بعد أن حذت الكويت حذو السعودية.

    أما مسؤولية الدول الأخرى فكبيرة جداً لا سيما الدول الكبرى وفي طليعتها الولايات المتحدة اذ انها مطالبة ليس بتأمين الدعم والحماية للبنان وردع اسرائيل لمنعها من تكرار اعتداءاتها فحسب، بل بتأمين الحصة الكبرى من موازنة اصلاح ما أفسده العدوان الغاشم واعادة اعماره لما تتحمله من مسؤولية مباشرة وغير مباشرة.

    أما ساعة الحساب والمحاسبة فلم تحن بعد، ورحم الله الشهداء الأبرار وألهم الشعب اللبناني الصبر والسلوان فما حدث قد حدث والحزن في القلب لا بد أن نتبعه بإرادة التحدي والصمود والحرية، وكلي ثقة بأن لبنان سيعود كما كان وأحسن كما انبعث طائر الفينيق من بين الرماد.


    كاتب وصحافي عربي.
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    nmyours@gmail.com


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني