[align=center]زمن حسن نصرالله[/align]
ليلى الجبالي
عن جريدة العربي القاهرية
هناك فرق أن نكتب فى زمن سماحة السيد نصر الله، أى زمن الكرامة والقوة والشرف العربي.. وأن نكتب فى زمن الخيانة والمهانة العربية.. ولأن لكل قلم وطنى شريف مذاقه ورائحة ضميره، أقول رداً على سؤال من صديق حول المقارنة بين سيد المقاومين، وأمين الأمة وزعيمها سماحة السيد حسن نصر الله، وبين أى وكيل من وكلاء النظام العربى الراكع المهان عيب كبير، أى مقارنة بين الشرف وخيانة أمة..؟ أى مقارنة بين كبرياء العروبة السارى فى دماء شرايين حسن نصر الله، وبين المنبطحين الراكعين عند أقدام الأمريكيين والصهاينة أعداء العرب والمسلمين..؟
.. كيف يمكن أن ينسى كل عربى مسلم ومسيحى أن هذه النظم تتحالف مع كيان صهيونى استيطانى مغتصب قاتل، هو فى الواقع ليس دولة بل جيشا فى صورة شعب زرعته القوى الاستعمارية فى أرض فلسطين منذ عام 1948. وقد وصل النظام المصرى الى درك استضافته رئيس حكومة العدو إيهود أولمرت بحرارة استقبال السفاح وبالابتسامة العريضة التى تسجل العار العربي، بينما الدماء تجرى أنهاراً بآليات هذا القاتل على أرض غزة والشهداء ينتقلون يوميا بالعشرات من أرض المقاومة الى السماء!!
- - -
إنه هول سياسة الأتباع.. هول أقلام الأقزام كتبة النظام الذين وصفوا المقاومة اللبنانية الباسلة لحزب الله، بالمغامرين غير المسئولين. هم حقاً أقزام تم وضعهم على مقاعد النفاق للقيام بالدور الدائم لرؤساء تحرير صحف الحكومة.. وهل يختلفون عن اسلافهم ذوى الملفات الفاسدة ومازالوا يكتبون!. وإذا كان حزب الله والمقاومون من المغامرين غير المسئولين، فماذا فعلت نظم العقلاء من الرؤساء والملوك والشيوخ والامراء على مدى 60 عاما منذ عام 1948؟. حقا لقد فعلوا الكثير: تركوا القضية الفلسطينية لبّ الصراع العربى الصهيونى فى فم الذئب اليهودى يقضمها قضمة قضمة حتى وصلت الى 12% فقط للشعب المسروق. تركت حليفتها ربيبة أمريكا أم الارهاب، ترتكب ست عشرة مذبحة مروعة منذ مذبحة دير ياسين عام 1968، الى كل المذابح المعروفة راح ضحيتها عشرات الألوف من الشهداء الفلسطينيين، وملايين المشردين واللاجئين، ولم يسجل التاريخ وقفة ردع واحدة الا فى حرب اكتوبر التى خاضتها قوات الجيش المصرى وانتصارها المجهض باتفاقيات السلام الخيار الاستراتيجي. وها هو الخيار الاستراتيجى يصل بالنظام العربى والقضية الفلسطينية بعد مدريد وأسلو ووادى عربة، وخريطة الطريق وكل لقاءات القمم الثلاثية والثنائية والرباعية، وبعض البيانات الهزلية التى تخفى التواطؤ العربى العار تحدد أى سلام تريده أم الارهاب الأمريكى والكيان الصهيوني، سلام الشرق الأوسط الجديد!!
- - -
لكننا والحمد لله قد خرجنا من زمن العار العربى الى زمن نصر الله.. الى زمن ثقافة المقاومة.. زمن شعب لبنانى عربى بات رمزا للصمود الفذ أمام أعتى قوة عسكرية اقتصادية فى العالم، زمن صواريخ الكاتيوشا البسيطة التى حصدت خلال الأسابيع الأربعة قبل وقف اطلاق النار.. 130 جنديا صهيونيا و97 مستعمرا داخل الكيان الصهيونى وجرح 1853 صهيونيا شمال إسرائيل واطلاق 3813 صاروخ كاتيوشا منذ بدء المعارك واسقاط 4 مروحيات وطائرة تجسس وتدمير 89 دبابة ميركافا وتدمير ناقلة جند وجرافة عسكرية واطلاق 12 صاروخ خيبر متوسط المدى واطلاق صاروخ وعد ارض جو واستخدام الصاروخ الصينى سى 280 المضاد للقطع البحرية وأخيرا شكرا للدكتور يحيى القزاز الذى قدم هذه الاحصائية فى عموده بجريدة الكرامة.
- - -
ويذكرنى عنوان مثير كان مانشيت مقال الزميل الاستاذ عبدالله السناوى فى العدد الماضى وهو -الدم على الضمير-. أى دلالة لهذا المعنى الفريد، فاذا كان الدم على الضمير فهذا يعنى أن الضمير قد قتل وامتزج دمه المهدر مع دماء الشهداء المقاومين الصامدين أطفالا ونساء وشيوخا أبرياء.
ويذكرنى عنوان -الدم على الضمير- بمقال نشرته: العربى يوم 29 ابريل 2001 لكاتبة هذه السطور بعنوان قولوا الأمة العربية.. ولا تقولوا الشرق الأوسط جاء فى مقدمته:
.... -كانت المنطقة التى تعيش فيها البلاد العربية تسمى -الأمة العربية- اقترن معها شعار: القومية العربية الذى رفع علمه الرئيس جمال عبدالناصر تجسيدا لتحقيق طموحاته القومية التى تنقل الأمة العربية الى مستوى القوة والسيادة الاقتصادية داخل كيان ديموجرافى سياسى اقتصادى كبير يواجه الكيانات الاستعمارية الغربية الكبري. ولأن الدول الاستعمارية والصهيونية العالمية تدرك ان تكريس معنى العروبة هو فى حدّ ذاته تكريس للهوية العربية، فلابد من طمس أداة الانتماء الوطنى وتركيز استراتيجية هذه الدول على تفكيك وحدة هذه المنطقة.. الخ. وهذه هى استراتيجية، الشرق الأوسط الجديد منذ بدايتها بعد رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، وشعار -ارفع رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستعمار-، واستبداله بشعار وكلاء امبراطورية الشر..- -احنى رأسك يا عربى واقبل الذل والعار-- وما بين العار، والهزل السياسي، البيانات الرسمية التى يخاطب فيها الرئيس مبارك، الرئيس -جورج بوش- يطلب منه الضغط على إسرائيل لوقف العدوان!!.
ويبدو أن الرئيس مبارك يتصور ان الشعب المصرى شعب أهبل لا يعرف أن الرئيس الأمريكى بوش هو واضع خطة العدوان البربرى على لبنان بأسلحته الفتاكة وبأداته الكيان الصهيوني!!! وكأن الرئيس المصرى يتصور أن ما يطالب به -بوش- سيجعل أبو الارهاب والقتل العالمي، يطيعه ويقول له: حاضر يا افندم.. أى هزل واستخفاف بالعقل العربي؟!!. ما علينا فقد تعودنا على كل بيانات الرئيس النضالية للاستهلاك المحلى والتى باتت مثيرة للسخرية.
- - -
اما سيناريو تجميل وجه النظام بالمساحيق المزيفة.. فجاء عكس ما يهدف اليه. فقد فضح ذاته بموقفه بتغطية العدوان الصهيونى على لبنان الشقيق، فضحه -أولمرت- نفسه حين أعلن أن عدوانه على لبنان تؤيده فيه الدول الأوروبية والدول العربية.
وجاء سيناريو وزير الاعلام السيد أنس الفقي، بظهور السيد جمال مبارك فجأة وقبل مغادرة الطائرة التى تحمل وفدا شعبيا لمناصرة المقاومة وحزب الله.. يظهر جمال مبارك على الطائرة العسكرية والتى أخذت الاذن من حكومة -الكيان الصهيونى المعتدي-، ومع وجود جمال مبارك ووزرائه مع الوفد الشعبى وترأسه للوفد، الرسمى والشعبي، لتصبح الصورة غاية فى الرداءة.. فالوفد الشعبى فى معظمه ضد سياسة حكومة وحزب جمال مبارك وضده شخصيا كمرشح للتوريث، ورئاسته للوفد زيف تجميلى يدركه الجانب اللبنانى كريم الضيافة، مهذب العبارات.. مع ملاحظة ان -جمال مبارك- لم يذكر كلمة واحدة عن المقاومة والصمود.. بل كان اهتمامه الاعلامى بزيارة المستشفى المصرى وحمله لطفلة ركزت عليها صحف المجاملة ومجلاتها.
ولست أدرى لماذا لم يعبر بعض اعضاء الوفد الشعبى عن رفضهم لهذا السيناريو الرديء المخطط له من السيد أنس الفقى وزير اعلام النظام؟!!
على أية حال.. لقد أفرز عصر حسن نصر الله واغِشْ عصر العار العربى من اقلام الأقزام وحلفاء اعداء الشعوب، وصانعى حكومات الطغيان، اعداء شعوبهم قبل أن يكونوا اعداء لبنان، زنازينهم تفضحهم، وضرب المتضامنين مع أبطال العروبة المقاومين بالدم والايمان بنصر الله.. واعتقالهم ومحاولة التعمية على زعامة صاحب الوعد الصادق ورفيق عبدالناصر، ونلسون مانديلا، وجيفارا، وهوشى منه.. ولكن -هيهات يا محتل.. هيهات من الذل-. فهل يمكن ان يضربوا بالعصى الكهربائية البائسة، ملايين العرب والمسلمين على امتداد المعمورة وهى تهتف باسم: محرر شرف العروبة من عار وكلاء امبراطورية الشرّ الأمريكية؟!..
- - -
لكن الحرب مفتوحة.. والمعركة السياسية أشدّ ضراوة من المعركة العسكرية، والحقد الصهيونى الأسود، وهزيمة الجيش الذى لا يقهر، واعتراف القادة الصهاينة بأنهم هزموا بصواريخ -الكاتيوشا- وأن المعركة بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت، كما قال -السفاح شيمون بيريز-.. ما يستدعى استمرار الوحدة اللبنانية والوقوف مع -حزب الله وزعيمه- القائد السياسى المتمتع بأعلى سقف من لفكر القيادى والمرونة الحريص على النصر العظيم الذى دفع ثمنه كل الشهداء من الأبرياء وخاصة الأطفال الملائكة الذين زادونا كراهية لحثالة البشر امريكان وصهاينة وأتباعا، ما لن يغيرها نظم العار التى آن لها الاختفاء فى وحل التاريخ