فسافرت الى أيران للمرة الرابعة عبر الحدود فأبلغت السيد جعفر الصدر بأوامر الامام الصدر المقدس بالمباشرة بافتتاح المكتب، وفي ليلة ولادة أمير المؤمنين(ع) 13رجب 1419هـ أفتتحنا المكتب بعد صلاة المغرب، وفي اليوم التالي أتصل بنا مكتب لبنان بأن لنا رسالة جاءت من الامام الصدر المقدس عن طريقهم بالفاكس. وكانت الرسالة عبارة عن كلمة موجهة الى طلبة السيد الشهيد والعراقيين في المهجر فأتصلنا بالعراق وكان على ا لهاتف الشيخ الشهيد محمد النعماني(رحمه الله) فأبلغنا بأن الامام الصدر المقدس يأمر بأقامة حفل أفتتاح المكتب، وألقاء هذه الكلمة نيابةً عنه، وفي اليوم الخامس لأفتتاح المكتب ذهبت والسيد محمد جعفر الى منزل الشيخ محمد رضا النعماني لكي يلقي الكلمة نيابة عن الامام الصدر المقدس فرفض إلقاء الكلمة، وقال للسيد محمد جعفر: أترك المكتب وأترك الدعوة للسيد محمد واتجه الى الدرس. فرد عليه السيد جعفر وأشتد الكلام بينهما فقال النعماني: إن محمد الصدر لم يثبت اجتهاده وليس عنده أجازة بالأجتهاد ولا تلوث سمعة أبيك لأن محمد الصدر لا يساوي أظفر أبيك. فخرجنا منه. وفي نفس اليوم عصراً ذهب السيد محمد جعفر الصدر الى مكتب السيد كاظم الحائري لكي يدعوه لحضور حفل الافتتاح. فرفض السيد الحائري قبول الدعوة وقال: ماذا يفعل محمد الصدر بالمكتب هنا، الا تكفيه النجف؟ وذكر اموراً أخرى نحن في غنى عنها الآن. فخرج السيد محمد جعفر وهو غير راضٍ، وفي اليوم السابع من أفتتاح المكتب بُلغنا بالمنع من إقامة الحفل، وفي اليوم الثامن أغلق المكتب وختم بالشمع. وبعد أغلاقه بحوالي شهر عدت الى عراق الاسلام فأبلغت الامام الصدر بما حدث وكانت حينها مناسبة ولادة الامام المهدي(عج) في شعبان 1419والأزمة في قمتها مع النظام فأخبرته بما يلي: موقف الشيخ محمد رضا النعماني، وموقف السيد كاظم الحائري وأخبرته ان الشيخ حسين المؤيد قد أنزل صورة السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) من مكتبه، وقال: إنني لا أريد أن أنسب الى هؤلاء المشبوهين كمحمد الصدر وأمثاله وأن السيد محمد الصدر سفيه وأنا أعلم من محمد باقر الصدر. والمؤيد اخواله آل الصدر. فقال الامام الصدر(رض) عجيب لقد دخل المؤيد الى أيران بأسم آل الصدر. ثم شرحت له كيف أن هناك من إستنكر زعل بسبب إشارته الى السيد كاظم الحائري بالأعلمية من بعده، وعليه إنقلب حاله من التأييد إلى العداء، فقال (رض): أنا لا أنافق، وقد قرأت مؤلفاتهم فوجدت أن الحائري أعلمهم، فقلت: إن السيد الحائري كان خائفاً ولم يدعمك بكلمة واحدة فقال: نعم أنا أعلم أنه جبان… جبان. ثم قال لي: انني سوف لن اراك ثانية (يعني بعد ما أشوفك) وأوصاني وصايا خاصة بي وتوجيهات ووصايا تخصنا أنا والسيد محمد جعفر الصدر ثم قال: يجب عليك العودة الى إيران في أسرع وقت، وتطالب جميع المسلمين بدعمي أعلامياً لأني الآن في خطورة من النظام، وأن تتصل بشبكات الاعلام الصوتية والمرئية الاسلامية ليوضحوا جانباً من صلاة الجمعة حتى يستخير النظام ألف أستخارة قبل أن يأتي الي.
وأخذ يملي عليَّ أحداث شعبان، وأمرني بنشرها في كافة أنحاء العالم، وقد ذكر الشيخ الزيدي نص البيان في هذا الكتاب وهو من لسان الامام الصدر المقدس(رض) حرفياً( ) فأتجهت الى الحدود في الرحلة الخامسة والاخيرة، ودخلت الاراضي الايرانية في 23شعبان 1419هـ وكنت في كافة رحلاتي أحمل بجعبتي أشرطة تسجيل وأفلام الفيديو وصور لصلاة الجمعة المقدسة في مسجد الكوفة الاعظم بأمامة الامام الصدر المقدس(رض) ومؤلفاته ومنشورات صدرت من مكتبه(رض) وغيرها.
وعند وصولي الى قم قمت بنشر أحداث شعبان كما أوصاني شهيدنا المقدس من منزل الشيخ مرتضى الساعدي عن طريق الفاكس، وبعثت بها الى كل من لبنان والاردن وسوريا والدنمارك والسويد وهولندا والنرويج وبريطانيا وفنلندا وأستراليا والولايات المتحدة الامريكية والكويت والامارات، أذ في هذه البلدان توجد مكاتب وممثليات ومقلدي الامام الصدر المقدس. وأوصيت بنشرها على الانترنيت والصحف والمجلات. وإخبار المجتمعات والمنظمات كافة بأن الامام الصدر المقدس في خطر، ويحتاج الى دعم أعلامي. وفي يوم الأحد الموافق 30 شعبان 1419هـ دخلت السجن في ايران وذلك قبل أستشهاد الامام الصدر المقدس(رض) بأكثر من شهرين وبعد قضاء مدة سنة وأربعة أشهر تقريباً أطلق سراحي.
وبدأت المهزلة الجديدة، إذ ما أن خرجت من السجن حتى سكنت في منزل مقلدي الامام الصدر المقدس في قم، والذي كان يرعاه السيد كاظم الحائري أذ كان يدفع الايجار والكهرباء والماء والحمد لله. فأستقبلني السيد محمد جعفر الصدر (حفظه الله) أستقبالاً حميماً، وقد كان السيد جعفر يرسل ألي بمبلغ شهري وأنا في السجن. وأخذني الى خراسان لزيارة الامام الرضا(ع)، فبقينا مدة ثلاثة أيام وعدنا بعد ذلك. فأمر سماحة السيد الحائري (دام ظله) بطردي من البيت وحرَّم (دام ظله) عليَّ أخذ الدروس في البيت كذلك. وكانت مواقف الأخوة القادمين من النجف تميل نحو الاساءة أليَّ يوماً فيوم، فعلمت أن سماحة السيد الحائري وجهات أخرى قد حرضت عليَّ الجميع، ويتهمني السيد الحائري بأنني عميل للمخابرات العراقية.
المهم أنني أضطررت لأيام الى المنام في حرم السيدة فاطمة بنت الامام الكاظم(ع)، وكنت أقضي أياماً لا أشبع من نوم أو طعام، وقضيت في أحدى المرات أسبوعاً كاملاً بدون أن أغتسل. وبعد ذلك علمت أن هناك مؤامرة ضدي أشترك فيها عدد ممن كنت أحسن الظن به، وآخرون غرر بهم غفر الله لنا، وقد كانوا يظنون أنهم بذلك سوف يسقطوني في قم فأهرب منها. ولكن ربك بالمرصاد، أذ وقف أخوتي الشرفاء معي حتى هذه اللحظة وهم بطبيعة الحال من مقلدي شهيدنا المقدس والمستضعفين أينما حلّوا، وأنا حينما ذكرت هذه الأحداث الأخيرة لم أكن أبتغي أن أشتكي الى أحد بل هي حقائق للتأريخ حتى لا يعلو هؤلاء بأسم الامام الصدر المقدس كما حدث مع السيد الشهيد(قدس) إذ كما تاجر البعض ممن يحسب على السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) بأسمه ودمه، فهؤلاء يريدون أن يتاجروا بأسم شهيدنا المقدس حتى أدعى الكثير منهم الوكالة عنه(رض) كذباً وزوراً، من أجل الاستجداء من المكاتب والحصول على الشهرة والمكانة الاجتماعية، وقد حصلوا الى الآن على ما أرادوا ولكن ليقف هذا الكتاب ليبين زيفهم وكذبهم.
وهذا الكتاب الذي بين ايدينا جامع لكثير من الحقائق الخافية، والغامضة على اذهان الآخرين وخصوصاً التي تعرض لها شهيدنا المقدس، وهي مظلومية ذات ابعاد عالمية واقليمية فان فاتنا ان ندفع تلك الرصاصات التي توجهت الى قلب سيدنا الشريف وجبهته الشريفه فبأمكاننا ان نرفع عنه اسنة الأقلام والألسن الحاقدة التي ما انفكت يوماً ما الا وعرضت بشهيدنا المقدس.
وتأييداً لقول ماجد العراق الشاعر العقابي الذي استطاع ان يكون صوتاً معبراً ومدوياً في عراق الجراح مندداً بقاتلي شهيدنا السعيد المقدس الأمام الصدر(رض)، ويزول العجب اطلاقاً اذ ما علمنا ان الشاعر صوت الأمة المنطلق من صميم كيانها ووجدانها حاملاً هموم شعبه على يديه. فكما قال العقابي.
اذن ما مات اسد كوفان سبع الطف ابو مؤمل
نعم يا ماجد. الأمام الصدر المقدس لم يمت فقد انجب ابطالاً، وهذا الشيخ الزيدي يطل علينا من نافذة جديدة ويضع العناوين بأماكنها الصحيحة والواضحة، ولا يخفى على أبناء عراق الاسلام أن سماحة الشيخ الزيدي قد كان اماماً للجمعة في اكثر من مدينة في عراق الاسلام اذ كان اماماً للجمعة في قضاء (قلعة سكر) في محافظة الناصرية وفي محافظة الكوت (المركز) وامام الجمعة الدائم في قضاء (الحي) في محافظة الكوت، ووكيل الامام الصدر المقدس (رض)، وكما عرفناه من قبل في (دفاع عن المرجعية وحوار حول المرجعية بقسميه الأول والثاني) هذه الكراسات او النشرات قامت بدور كبير في نصرة الأمام الصدر(رض) وانا شخصياً كلفت بأستنساخها وتكثيرها من قبل الأمام الصدر المقدس(رض)، ولمست مدى تأثيرها على ساحتنا الجريحة بل حتى خارج العراق وكم سررت عندما اخبرني الشيخ الشهيد محمد النعماني(رحمه الله) بأن الأمام الصدر المقدس قد اثنى على (حوار حول المرجعية) ببيت من الشعر يستحقه مؤلفنا الشجاع وهي شهادة شرف خطت بأنامل الأمام الصدر المقدس(رض) يفتخر بها المؤلف الجليل وهو هذا البيت:
هكـذا هكـذا والا فـلا لا ليس كل الرجال تدعى رجالا
وما اروع الحقيقة عندما تؤرخ من قبل اديب وباحث تأريخي وقائد ميداني كالكتاب الذي بين يدي سيدي القارئ، ولا ابالغ حينما اقول ان نشرات المؤلف قد فجرت الطاقات في وقتها فقد فتح المجال للأدباء والكتاب والشعراء ان يعبروا عما في داخلهم ويكرسوا جهودهم في سبيل نصرة الأمام الصدر المقدس(رض) وخصوصاً ان شهيدنا المقدس(رض) كان يشيد ويقدر كل ما يقدم له من ابحاث ونشرات من هذه الفئة في المجتمع تشجيعاً منه لتسخيرها لخدمة الحوزة الشريفة.
وفي الوقت الحاضر ونحن نمر بأضطراب بسبب عدم تمييز العدو من الصديق والعميل من المخلص، فان الشيخ جزاه الله خير جزاء المحسنين قد أفرغ ذمته واراح ضميره وعمل بتكليفه الشرعي بأيضاح الحقيقة لمرجعية الأمام الصدر المقدس، واعتقد ان الكتاب سيُنتقد من قبل الذين سيضر بمصالحهم الدنيوية، وسوف يكيلون للمؤلف شبل الأمام الصدر المقدس التهم التي انسبوها من قبل الى الامام الصدر المقدس، وانا قلت من قبل لأحد منتسبي ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الأسلامية في العراق، وهو رجل مؤمن وله موقف جيد تجاه الأمام الصدر المقدس وكان ثالثنا السيد محمد جعفر الصدر، بأن الأتهامات التي يتهمون بها السيد الصدر بأنه عميل لصدام سيقولونها حتى لو تمكن السيد الصدر من القيام بثورة وقيادة العراق بنظام اسلامي شريف فسيقولون بأنه عميل لأمريكا واسرائيل، وهما اللتان نصبتاه على العراق، ولو بعد ذلك قام بتحرير العالم وحكم العالم بنظام اسلامي شريف، فسوف يقولون انه متعامل مع الشيطان بل يقولون هو الشيطان الأكبر وحاشاه.
فأن الشخص كلما وقف مع الحق ودافع عنه سوف يحصل العكس من الشياطين فيقفون ضده، ويكيلون له التهم ولكن هذه الورقة اصبحت خاسرة فلا تنجح مع ابناء شعبنا الأبي الواعي الذي اصبح يدرك ما يدور حوله من مسرحيات، ويدرك ان ا لهدف من محاربة القادة العظام المخلصين ومن يتعلق بهم والقضاء على حركاتهم هو النجف الأشرف، حوزة امير المؤمنين(ع)، وان عودة النجف الأشرف مناراً للعلم تضر بمصالح دنيوية كثيرة ومخططات اسرائيلية مشترك بها كل من يريد بالنجف الأشرف والعراق والعراقيين الدمار والذل، وا لهدف الرئيسي من ذلك هو وقف عجلة مسيرة انماء القاعدة الشعبية للأمام المهدي (عج)، والتعتيم الاعلامي الذي كان ولا زال على حركة وفكر الأمام الصدر المقدس بحيث لم تطبع مؤلفاته لحد الآن، ونرى بعض الصور الموجودة الآن خارج العراق ما هي الا ترويج الى من يريد ان ينسب الأمام الصدر المقدس وحركته اليه، وترويج احاديث للامام الصدر المقدس تفي بالغرض الشخصي اذا صحت هذه الأحاديث والعبارات من كلمات منسوبة اليه(رض) وهي غير موثقة وعدم دعمه اعلامياً في حياته. فقد اوصاني كما ذكرت سالفاً بأن يدعم اعلامياً من جميع وسائل الأعلام، حيث لم نرَ الا بياناً بسيطاً في صحيفة القبس الكويتية الذي نشره السيد محمد باقر المهري احد وكلاء الأمام الصدر المقدس في الكويت، بعد ان ارسلت له احداث شعبان الأخيرة بالفاكس، اما باقي وسائل الأعلام فلم نجد منها تجاوباً، بل في بعض الأحيان عند ما نطلب من بعض من يدعي الأسلام ان يدعموا الأمام الصدر المقدس اعلامياً نجد الرد غير متوقع وعكسي.
وهكذا تعود فاجعة يوسف(ع) من جديد ولكن فاجعة يوسف عصرنا اكبر فيوسف(ع) رُمي في غياهب الجب من قبل اخوته لتلتقطه السيارة، ولم يقتلوه فقد كان في قلب بعضهم خوف من الله سبحانه وتعالى، اما يوسف عصرنا(رض) قتله اخوته وشربوا من دمه واكلوا من لحمه، ويحاولون ان يمحوا فكره، وان يجتثوا شجرته، وهم يعلمون جيداً بأن الأساس هو الإخلاص. والشجرة التي زرعها الأمام الصدر المقدس شجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، وشجرتهم خبيثة لأنها زرع اليهود. فاعدوا العدة ضد شهيدنا المقدس في سقيفة ثانية، واتفق اهل الباطل على باطلهم