تحولت منطقة «السدة» في أطراف مدينة الصدر (شرق بغداد) إلى مكب للجثث كثيراً ما اتُهمت بقتلهم جماعات مسلحة تعمل لمصلحة «أبو درع» الشخصية المثيرة للجدل ونُسجت حولها كثير من الأساطير والروايات بين أهالي هذه المنطقة الفقيرة.وأصبحت منطقة «السدة» جزءاً من شعار يتردد على الألسن،
ويُنسب الى «أبو درع»، وهو: «قتلانا في الجنة وقتلاهم خلف السدة»، ما اضطر كثير من سكان المنطقة الى تركها لكونها، بحسب عامل البناء «أبو مصطفى» (40 عاماً) «أرغمتهم على ترك منازلهم هناك واستئجار دار اخرى في منطقة الداخل لان الامر وصل حداً لا يطاق وتحولت السدة إلى مكب للجثث وأصبحت رائحتها تزكم الأنوف وموطناً للأوبئة».
وأكد «أبو مصطفى» أنه لم يفكر في النزوح عن منزله لولا أن «نصحني أحد الأطباء بمغادرة المنطقة بعدما تكررت اصابة أطفالي بأمراض غريبة». ولم يكن السبب الصحي الوحيد وراء هجر الأهالي السدة فمحمود سالم (54 عاماً) سائق التاكسي اضطر الى ذلك «بعد تهديدات تلقتها عائلتي من مسلحين يرمون الجثث إثر تعرف ابنتي على أحدهم وهو والد احدى صديقاتها»، إلا أن سالم رفض تحميل أي جهة مسؤولية الأمر». وأشار الى أن الأمر «التبس علينا الى حد لا نستطيع التمييز بين المجرم والبريء».
وأكد أن «هناك أساطير وروايات تنسج اسمعها من زبائني عمّا يدور في مدينة الصدر لكنني كثيراً ما أجد تناقضاً حتى في نقل التفاصيل عن حادثة واحدة. وعلى رغم أننا من سكان المدينة الاصليين، إلا أننا حتى الان لا نعرف تحديداً علاقة «أبو درع» سواء بجيش المهدي او بظاهرة رمي الجثث في مكب خلف السدة».
وعلى رغم صلة القرابة التي تربط بين أكثر من ثلاثة ملايين شيعي وفدوا الى بغداد من جنوب العراق طوال أكثر من 50 عاماً، ووجود «عرف عشائري» يحدد العلاقة في ما بينهم وتحاسب بشدة أي تجاوزات يتعرض لها احدهم، إلا أن «ابو نجم» وهو صاحب مقهى قال إن الحديث عن «ابو درع» هو من الخطوط الحمر. وتابع أن «في حال عدم تعرض المتكلم لمحاسبة زملائه، سيأتي اليك كثير من أبناء الطبقة المسحوقة سواء من العتالين أو باعة الخضار أو عمال بناء لتوبيخك لأن هذه الشريحة وهي غالبية في مدينة الصدر، تجد في «أبو درع» الحامي والمدافع عن اقامتهم في مواجهة الارهابيين والبعثيين».
يقول زعيم رمضان (35 عاماً): «ذقنا من البعثيين شتى صنوف الاضطهاد الجسدي والفكري والعقائدي ولم يسلم من زنزانات أمن صدام لا المصلي ولا معاقر الخمر. ومنذ أكثر من سنة ونصف السنة، تتعرض المدينة الى هجمة إرهابية زرقاوية علنية وتهمتنا الوحيدة كوننا شيعة». وعجزت الحكومة والاحتلال عن توفير الامن لنا، وتساءل عما «اذا كان ابو درع يهاجم ويقتل من يزرع المفخخات في اسواقنا ولا يمر اسبوع واحد من دون سقوط مئات الضحايا من الابرياء الذين لا ذنب لهم سوى كونهم يكدون لرزقهم».
وفي منطقة واسعة اعتبرها «أبو ميثم» أحد سكان «قطاع 72» «دولة الامن» وتضم عشرة قطاعات سكنية (من قطاع 70 حتى 79) حيث يضم كل قطاع ألف دار تقطنها ألف عائلة متوسط عدد افرادها 10 أشخاص». يقول أبو ميثم: «نحن في هذه المنطقة ننعم بالأمن أكثر من بقية قطاعات المدينة بما فيها أسواقنا التجارية»، لافتاً الى أن «هذا الفضل ندين به الى «ابو درع» وجماعته. ويتابع أن الأمر لم يقتصر على توفير الامن للمنطقة «بل امتد الى دفع رواتب شهرية لاكثر من ألف عائلة ووظف لديه ما يقرب من 400 شخص وسلحهم ليتولون حماية القطاعات العشرة عليهم في تنفيذ مهمات مسلحة داخل المدينة وخارجها وجهزهم بسيارات حديثة دفع رباعي».
ويدافع «أبو مرتضى» أحد سكان قطاع 74 عما يثار حول أبو درع من اتهامات بقتل السنة. وذكر ان من يتحدث بهذا الامر عليه انصاف الشيعة ويمنحهم حق الدفاع عن انفسهم في الحرب التي اعلنها الزرقاوي عليهم دون استثناء». واعتبر مكب الجثث في منطقة السدة بأنه «مكب الارهابيين والبعثيين المتعاونين معهم».
وأوضح أن عبارة «قتلانا في الجنة وقتلاهم خلف السدة» المنسوبة الى ابو درع لا تتعرض الى السنة، فمدينة الصدر تضم عشرات آلاف السنة والاكراد وكثير منهم انخرط في «جيش المهدي» والمقصود بمن هم خلف السدة، الارهابيون: ولكون قتلانا ابرياء فالجنة تتلقاهم حتماً».