قالت صحيفة صنداي تايمز ان الحكومة السعودية هددت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا في حالة مواصلة التحقيقات في تجاوزات مالية ورشاوي دفعتها شركة بريطانية متخصصه بأنظمة الدفاع، ولها علاقة بصفقة اليمامة التي تعتبر من اكبر العقود العسكرية بين البلدين. ويتركز الاتهام حول 60 مليون جنيه استرليني خصصتها شركة بي ايه اي سيستمز كرشاوي لافراد من العائلة المالكة في السعودية لتأمين توقيع العقد.
وقالت الصحيفة ان دبلوماسيا سعوديا بارزا قام بتسليم مكتب الحكومة إنذاراً نهائياً حذر فيه من مواصلة التحقيق وانه اذا لم يتوقف فان الحكومة السعودية ستقوم بقطع علاقتها مع بريطانيا وتوقف كل اشكال التعاون في مجال مكافحة الارهاب.
وقالت الصحيفة ان الســـعوديين كرروا تهــــديداتهم بايقاف كل الاموال التـــي لها علاقة بصفقات الدفـــــاع والتي تصل الي 40 مليار جنيه اســترليني، ممـــــا سيهدد قطاع التسلح العسكري البريطاني حيث يعمل في مشاريع الصفقات السعودية اكثر من 10 آلاف موظف وخبير.
وعبر السعوديون عن استيائهم من قيام مكتب التحقيقات الجنائية في قضايا الاحتيال والتزييف، بالتحقيق في اتهامات تتحدث عن قيام (بي إيه إي سيستمز) أكبر شركات صناعة الأسلحة في بريطانيا والتي قامت بتخصيص ميزانية او صندوق للانفاق علي رشاوي وتغطية حياة ومعيشة امراء سعوديين قادوا حياة ترف، ولدفع تكاليف مشترياتهم التي كانت بغير حساب خلال عطلهم وعدد كبير من السيارات الفارهة التي يستخدمونها ومن بينها سيارة رولز رويس ذهبية والشقق الفخمة التي يستأجرونها لهم ولحاشيتهم.
وبررت الشركة هذا الاجراء خوفا من ان يضيع عقد اليمامة من البريطانيين ويذهب لدولة اخري، خاصة ان العقد يؤمن العمل للدفاع البريطاني لمدة عشرين عاما. وكانت الشرطة البريطانية قد حققت واعتقلت خمسة أشخاص علي الأقل علي ذمة التحقيق من بينهم بيتر ويلسون مدير البرامج الدولية في بي إيه إي وتوني وينشيب المسؤول السابق في الشركة والذي أشرف علي شركتين للسفر والخدمات زعم أنهما استُخدمتا كقناة لتمرير أموال الرشاوي. واشارت الي ان التهديد السعودي حدث في شهر ايلول (سبتمبر) الماضي، بعد ان تطور ملف التحقيق في القضية. ونقلت عن مصادر مقربة ان السعوديين طار عقلهم عندما قام مكتب التحقيقات الجنائي باقناع مكتب قضائي سويسري لكي يكشف عن حسابات بنكية سرية.
وقال المصدر ان السعوديين عرفوا عن الامر عندما اتصلوا بالبنك السويسري، والحسابات المصرفية تتعلق بمدفوعات ضخمة بين فريق ثالث من شركات الأوفشور قد تكون تلقت مبالغ ضخمة علي شكل عمولات سابقة سرية.
واشارت الي ان مكتب الاحتيالات والتزييف يسعي الآن للحصول علي وثائق اخري للتعرف علي الجهات التي انتفعت من الحسابات المصرفية السرية في سويسرا والتي تردد بأنها تقود إلي العاصمة السعودية الرياض. وبناء عليه طلبت الحكومة السعودية من احد دبلوماسييها البارزين في سفارتها بلندن، يعتقد انه السفير نفسه، الامير محمد بن نواف بن عبد العزيز، زيارة مكتب الحكومة في (10 داونينغ ستريت).
ونسبت الي مصادرها قائلة ان المسؤول السعودي قابل جوناثان باول مـــدير السياسات في مكتـــب رئيـــس الوزراء توني بلير، حيث سلمه رســـالة من 12 صفحة كتبتها شركة محاماة سعودية تطالب بشرح تفصيلي لأســــباب استمرار التحقيق حول صفقة اليمامة بعد حصول السعوديين علي تأكيد خلال لقاء مع بلير في تموز (يوليو) من العام الماضي بوقف التحقيق.
ويقول مصدر زعم انه اطلع علي الرسالة ان السعوديين اتهموا الحكومة البريطانية بخرق وعودها وتعهداتها فيما يتعلق بصفقة اليمامة والحفاظ علي سرية الصفقة. وبحسب التقرير فالسعوديون علقوا مؤقتاً تسديد أموال صفقة تسلحية تم إبرامها في آب (اغسطس) الماضي لبيع الرياض 24 من أصل 72 مقاتلة من طراز (تايفون) والتي تعرف الآن باسم (يوروفايتر) بلغت قيمتها 11 مليار جنيه استرليني، وسعي داوننغ ستريت إلي إقناعهم بإبطال قرارهم غير أنهم أصروا علي أنهم سينفذون تهديداتهم ما لم تتم الإستجابة إلي المطالب المدونة في رسالتهم.
ووقّعت السعودية وبريطانيا صفقة اليمامة عام 1985 تقوم بمقتضاها لندن ببيع الرياض 72 مقاتلة من طراز تورنادو و30 مقاتلة من طراز هوك وجري تجديدها عام 1993 حين طلب السعوديون بيعهم 48 مقاتلة أخري من طراز تورنادو، كما اتفق البلدان في المرحلة الثالثة من الصفقة التي تم توقيعها العام الماضي علي قيام بريطانيا ببيع السعودية 72 مقاتلة أخري من طراز يوروفايتر.
وكانت الحكومة البريطانية وجدت نفسها في موقف حرج الشهر الماضي عندما تم نشر وثيقة عرضت في الارشيف الوطني بالخطأ تكشف عن ان سعر الطائرات التي باعتها بريطانيا للسعودية من نوع تورنادو تم تضخيمه بشكل كبير وبقيمة 600 مليون جنيه استرليني، وذلك ضمن صفقة اليمامة التي وقعت عام 1985. وكانت الوثيقة التي اعدها مسؤول وحدة المبيعات في وزارة الدفاع سير كولن تشاندلر وارسلت من الرياض حيث كان موجودا لكي يرتب بيع 72 طائرة تورنادو و 30 طائرة من نوع هوك وذلك نيابة عن شركة انظمة الدفاع البريطانية بي ايه اي ، وتظهر الوثيقة ان سعر الطائرات تم تضخيمه بنسبة الثلث وذلك من قبل مسؤول كبير في وزارة الدفاع السعودية. واظهرت رسالة للسفير البريطاني في الرياض ويلي موريس ان هذا المسؤول لديه اهتمامات فساد في كل العقود.
وكان مكتب الفساد والجريمة قد بدأ تحقيقا في عقود اليمامة ضد مسؤولين في شركة انظمة الدفاع بي ايه اي ، وتشير الارقام ان كل طائرة تورنـــادو تم المبالغة في سعرها بنسبة 23 بالمئة من 16 مليون جنيه الي 21 مليونا، مما يعني رقم 600 مليون جنيه حسبما نشر في مطبوعة عربية تحدثت عن قيمة العمولات التي حصل عليها المسؤولون السعوديون ووسطاؤهم في لندن والرياض.