خصخصة الدم العراقي بين سفاحين بثياب أنيقة و قتلة حالمين بحور العين!
بغداد – الملف برس
يبدو انه قد كتب على العراق والعراقيين ان يعانوا من فضائع وويلات المرتزقة، منذ ان نادي منادي الوالي الاموي في الكوفة النعمان بن بشير الانصاري يدعو الرجال لمقاتلة سبط الرسول ( ص) الامام الحسين مقابل دينار ذهب يومياً.
لكن المرتزقة في عراق اليوم نوعان مسلحون متمردون يدعون الجهاد اضاعوا ( مقاومة المحتل) وضيعوها، ومتعاقدون امنيون ضمن الشركات الامنية الخاصة التي تعج بها البلاد حالياً، والطرفان يمارسان لذة الاستمتاع بقتل العراقيين.
وباتت أوساط سياسية وعسكرية عارفة ببواطن الأمور في العراق، متأكدة من أنّ أخطر ما كانت تخشاه، ولا تتمنّى حدوثه قد وقع فعلاً!. ذلك هو انتقال الجريمة والأعمال المسلحة والعنف بكل أشكاله الى مرحلة "التمويل الذاتي"، أي أنّ جماعات الإرهاب والميليشيات ومـَنْ يُسمّون أنفسهم "المقاومة المسلحة" تمكـّنوا من تأسيس قاعدة "بنيتهم المادية" التي تكفل لهم الصرف –بسخاء- على عملياتهم وأتباعهم. وتشبه هذه الجماعات مرتزقة الجيش الأميركي، الذين يكشف هذا التقرير الموسّع للملف بريس الكثير من خفاياهم، إلا أنّ الفارق بين الجماعات المسلحة وبين مرتزقة الأميركان هو أنّ الأولى تموّل نفسها بنفسها مع أنّها تعمل لصالح أطراف سرية غير حكومية.
ووصف محلل سياسي ستراتيجي هذا التحوّل– مستنداً الى معلومات تقرير أميركي ـ يقول إن العمليات المسلحة في العراق أصبحت تجمع الملايين من الدولارات سنوياً من تهريب البترول وعمليات الخطف وتزييف العملات ووسائل إجرامية أخرى، وصف "هذا التحوّل" بأنه أخطر مرحلة في عملية الانحدار نحو الحرب الأهلية، التي تشكل بداية جدّية –على الأرض- لانقسام الحالة الاجتماعية إلى كانتونات متصارعة، تتشظـّى طبقاً لتبعية الطائفة والحزب السياسي والعشيرة والمنطقة.
تقرير سرّي يكشف موارد المتمردّين
ويكشف التقرير الأميركي أنّ الجماعات المسؤولة عن الهجمات المسلحة باختلافها، تجمع ما يتراوح سنوياً بين 70 مليون دولار و 200 مليون دولار من أنشطة غير مشروعة، ومنها ما يتراوح بين 25 مليون دولار و 100 مليون دولار، تأتيها من تهريب النفط والعمليات الإجرامية الأخرى التي تستغل حالة الفساد الإداري والمالي في الوزارات الحكومية. ويساعدها في هذا المجال –طبقاً لتأكيد التقرير الأميركي- مسؤولون عراقيون يحتلون مواقع مرموقة في السلم الإدراي، بينما "تكسب" ما يزيد عن 36 مليون دولار سنوياً من أعمال الابتزاز والسطو المسلح وفديات الاختطاف. وبيّن التقرير أن حكومات –لم يذكرها بالاسم- دفعت للخاطفين 30 مليون دولار على شكل فديات خلال العام الفائت وحده. وكان مسؤولون أميركيون بارزون قد ذكروا في وقت سابق أن فرنسا وإيطاليا كانتا من بين تلك الدول.
ولا تستغرب المصادر الستراتيجية -السياسية والعسكرية- التي كشفت هذه المعلومات لـوكالة "الملف برس" ما ذهبت إليه تقديرات التقرير الأميركي السري من أنّ الجماعات المسلحة ربما تملك أمولاً إضافية، تمكـّنها من تمويل تنظيمات مسلحة أخرى خارج العراق. وأكدت صحة معلومات التقرير التي تفيد أن هذه التنظيمات لم تعد تعتمد على المبالغ التي استولى عليها صدام ومعاونوه لدى انهيار النظام، والتي تتجاوز المليار دولار.
ولا يطرح التقرير الأميركي أملا يذكر في إمكان فعل الكثير في أي وقت قريب لوقف تدفق الأموال إلي المسلحين، معترفا بقلة ما يتوفر لدى السلطات الأمريكية في العراق من معلومات عن الجوانب الحاسمة في أنشطة المسلحين، فضلاً عن أن الجهود الأميركية لتعقب تمويل العمليات تتعثر بسبب ضعف الحكومة العراقية ووكالات مخابراتها الجديدة، وبسبب انعدام الاتصال بين الوكالات الأميركية وبين الأميركيين والعراقيين وطبيعة اقتصاد العمليات المسلحة نفسه، الذي يتم بشكل أساسي من خلال تحويلات مالية يدوية وليس من خلال وسائل يسهل تتبعها بشكل أكبر.
ويبدو للمصادر الستراتيجية أنّ الـ "Mercenaries الميرسنريز" أو "المرتزقة" في عراق صراع العصابات والمافيات والميليشيات والجماعات المسلحة، هم نوعان:
الأول: متمرّدون مسلحون يتسترون بثياب "الجهاد"، فانقادوا إلى الجريمة في طريقهم لـ "مقاومة المحتل".
الثاني: متعاقدون أمنيون يتخفـّون وراء لافتات "شركات أمنية خاصة" تعجُّ بها البلاد حالياً.
والنوعان أو الطرفان متهمّان في عرف المجتمع العراقي، ومؤسساته الثقافية والتربوية والاجتماعية والمدنية، بما يـُطلق عليه "لـذة الاستمتاع" بتنفيذ جرائم القتل الوحشي بدم بارد. وتكاد الحكومة العراقية وقوات الاحتلال تقف شبه عاجزة عن وقف حدة العنف الذي تنشط المجاميع المسلحة لتصعيده في أغلب مدن العراق، بينما تتزايد مخاوف المواطنين العراقيين من احتمالات اندلاع حرب أهلية، يمكن أن تعرّض البلد بأسره للتفتت.
وترى المصادر أنّ أغلب أنشطة المسلحين والميليشيات غامضة ويصعب التحقق منها، لكن اللاعبين الرئيسين في ساحة الصراع هم الجماعات المسلحة، أي تلك التابعة لتنظيم القاعدة في العراق، ومجلس شورى المجاهدين، والقوميين السنة، وأنصار الإسلام، وفيلق عمر، في مقابل عدد من الميليشيات الشيعية ابرزها جيش المهدي ومنظمة بدر.
وبالرغم من امكانية احصاء بعض اعداد الفصائل المسلحة في العراق، الا انه لايعرف تحديداً العدد الأجمالي للمنتمين الى هذه الفصائل –عدا المليشيات- وتخمّن إحصاءات أجرتها القوات الأمريكية أن عدد أفرادها يربو على 20 الف شخص، بالاضافة الى تمتعها بمناخ "الحركة والحماية والدعم" من قبل المتعاطفين مع فكرة المقاومة المسلحة، ويتوزع المقاتلون في مدن الفلوجة وسامراء وبعقوبة وبغداد والموصل وتلعفر والحويجة في كركوك .
واذا كان المتعاقدون الامنيون العاملون ضمن شركات الامن الخاصة يتقاضون رواتب واجورا عالية جداً، فان الجماعات المسلحة لجأت الى اساليب عديدة للتمويل، بدءاً من عمليات الخطف والابتزاز وانتهاءاً بالاستفادة من الفسادالاداري والمالي المستشري في العراق.
قتلة يحلمون بحور العين
يقول تحسين الذي يسكن في احدى مناطق بغداد الساخنة التي تعج بالمسلحين، ان هناك جهات تدفع بانتظام لعوائل المسلحين العراقيين مبالغ تتراوح بين ( 300- 400 ) الف دينار شهرياً كمساعدة على تكاليف المعيشة. ويضيف انه يعرف عدداً من هؤلاء ( الشباب) على حد وصفه، لكنه يبرر ذلك بانشغالهم " بمقاتلة الاحتلال". ويرفض تحسين وهو سني علماني ان يكون بين المسلحين الذين يعرفهم اي من المسلحين العرب او الاجانب.
غير ان عمر الذي يعيش هو الاخر في احدى مناطق بغداد الساخنة، ولا يخفي تعاطفه مع المسلحين، يدافع عن عمليات القتل التي تحدث في المناطق ذلت الاغلبية السنية بقوله: " لم يقتل سوى اولئك الذين يحاولون اختراق مناطقنا للتجسس علينا.. امسكنا ببعض الغرباء يحملون كاميرات يصورون فيها الشوارع والازقة الضيقة.. وخلال حظر التجوال الاخير وابان عمليات قصف الهاونات امسكنا نسوة يعطين احداثيات الجوامع والاسواق والمقاهي... فماذا نفعل؟؟... نسكت حتى يذبحونا؟؟" .
ويعترف عمر ان لديه اصدقاء ينتمون الى كتائب التوحيد والجهاد وآخرين الى انصار السنة او جيش المجاهدين، ويصفهم بانهم ( رجال اشداء لايسكتون على الضيم)، لكنه يقول ان قادتهم عراقيون".
غير ان انمار وهو سني معتدل يقول انه يعرف بعضاً من المسلحين الذين يمارسون اعمال السرقة وتسليب السيارات التي تسلك طرقاً في مناطقهم، ويروي لنا كيف ان شاباً من عائلة معدمة يدعي انه ( مجاهد) يستخدم سيارات حديثة عديدة تتغير باستمرار. ويقول انه سمع من اكثر من شخص في منطقته يشير اليه كقاتل لكن الخوف يمنعهم من الابلاغ عنه.
لكن هناك سؤال واحد يَبْقى الجواب عليه مضطربا وهو ما هي جنسيات القائمين بالعمليات الإنتحاريةِ؟..يعتقد المسؤولون الأمريكانَ والعراقيون ومنذ مدة طويلة بأنّ أغلبيةَ الهجمات الإنتحارية مُنَفَّذة مِن قِبل الأجانب. لكن في حزيرانِ 2005، وفي رد ظاهر على ذلك السؤالِ، أعلنتْ القاعدةَ تشكيل لواء الأنصار، الذي وصف كوحدة إنتحار كلها عراقيون. منذ ذلك الحين، أعلن لواء الأنصار مسؤوليته عن بضع هجماتِ. ويعتقد ان لواء الأنصار ضرب على ما يبدو الأردن العام الماضي، ثلاثة فنادقَ في عمَّان. وأقرت الشرطة هناك بأنّ العراقيين نفّذوا الهجومَ.
غير ان ما يعزز وجود المسلحين الاجانب في العراق هو قيام القوات الاميركية والعراقية بقتل اواعتقال عدد كبير منهم، خلال عمليات مشتركة في بغداد ومناطق ما يعرف بالمثلث السني. وفي اخر تصريح لمستشار الامن القومي العراقي موفق الربيعي كشف عن اعتقال وقتل مسلحين ينتمون الى جنسيات سعودية واردنية ويمنية وسورية وايرانية وتركية وروسية واوزبكية، ما يؤشر ان المسلحين الاجانب قد يكونون رأس الحربة في الهجمات ضد المدنيين العراقيين وضد القوات الاميركية، اعتماداً على قاعدة ( التطرس) التي ارسى دعائمها في العراق ابو مصعب الزرقاوي قائد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
سفاحون بثياب انيقة
مٌذ ان تكشفت فضيحة تعذيب السجناء العراقيين في معتقل ابو غريب تفجرت بالتزامن معها قضية اخرى، لكنها لم تحظ باهتمام كبير، وهي تورط عناصر ينتمون إلى ما يعرف بـ "شركات الأمن الخاصة" بارتكاب أعمال لا إنسانية بحق المعتقلين العراقيين ، ربما بسبب فضاعة ما ارتكبته القوات الاميركية من اعمال وحشية ضد العراقيين في ابو غريب، او ربما لان ( المرتزقة) ليسوا اهلاً لان يكونوا موضوعاً اعلاميا مثيراً.
بنادق مؤجرة او مسلحون للايجار او خصخصة الحرب، كلها مسميات للجنود المرتزقة الذين يقدر عددهم في العراق بنحو من 50 الف مقاتل- بما يوازي ضعف عديد القوات البريطانية والقوات الاخرى العاملة في العراق - يعملون في الشركات الامنية التي وجدت في العراق ساحة مهمة لها، وسوقاً رائجة تدر المليارات، وهي بذلك تكون ثاني اكبر الجيوش في العراق بعد القوات الاميركية.
وطبقاً لضابط اميركي خدم في العراق فان حملة البنادق المؤجرة يقومون بما هو أكثر من بناء المعسكرات، وتجهيز الطعام، وغسل وكيّ الملابس للقوات وهي الخدمات التي يتم تقديمها عادة من قبل المقاولين المدنيين للجيوش، فهم لم يكتفوا بتوفير خدمات الأمن والوقاية من الجرائم للقوات المسلحة الأميركية ، بل أيضا بدعم دبابات إم-1 وطائرات الأباتشي في ميادين المعارك، كما يقومون بتدريب الجنود الأميركيين، وضباط الاحتياط، والعسكريين الأجانب المتعاقدين مع قوات التحالف.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية فإن الولايات المتحدة تعتمد الآن على الجنود المرتزقة لتنفيذ مهام حيوية في العراق بصورة هائلة تفوق ما فعلته فى أي حرب أخرى على مدى التاريخ الاميركى كله. وتقول الصحيفة أن وزارة الدفاع الاميركية "البنتاجون " تعتمد الآن على شركات الأمن الخاصة لتوفير ألاف الجنود المرتزقة أو من أسمتهم الصحيفة بـ "جنود الظل " لتنفيذ أعمال حيوية كانت تكلف بها عناصر ووحدات الجيش الاميركى فى السابق . فبالإضافة الى حراسة المشروعات العديدة لإعادة الإعمار ، طلب البنتاجون من شركات الأمن الخاصة أن توفر الأمن الشخصي للحاكم الاميركي الاسبق بول بريمر وكبار المسئولين الآخرين وكذلك الحراسة الأمنية المرافقة لقوافل الإمداد التي تمر فى مناطق يسيطر عليها المسلحون وأيضا بالدفاع عن مواقع رئيسية من بينها 15 مقرا للسلطة الإقليمية بل وحتى في المنطقة الخضراء وسط مدينة بغداد التي تعد مركز القوة الاميركية والحكومة العراقية.
المصادر الامنية العراقية التي يفضل منتسبوها عدم الخوض في هذا الموضوع، يقولون ان هؤلاء المرتزقة ينتمون الى عشرين دولة، فمنهم جنود كوماندوز عملوا سابقا فى القوات البحرية فى نورث كارولينا ومنهم عسكريون من نيبال ومنهم جنود خدموا نظام الفصل العنصري فى جنوب أفريقيا. ويقول ضابط امن عراقي رفيع المستوى ان عددهم ربما وصل الىخمسين الفاً، تم جلبهم الى العراق من خلال عشرات من شركات الأمن الخاصة التي أقامت معارض لسلعتها فى بغداد عام 2003 ، والأكثر أجرا بين هؤلاء المرتزقة هم الذين خدموا فى وحدات القوات الخاصة المرموقة فى العالم.
وقال المصدر ان مكاتب تشغيل في عدد كبير في الدول تنشر إعلانات في الصحف وعبر الانترنت تعرض الشروط والمزايا التي يحصل عليها المرتزق، وهي امتيازات لا نظير لها إذ قد يصل راتبه الى 1000 يورو يومياً، في حين يقبض الأقل كفاءة بين 300 إلى 500 يورو في اليوم الواحد.
وتابع إن اكثر من 500 فتاة يعملن مع هؤلاء المرتزقة في أجواء وأوضاع حياتية "شاذة وغير مطمئنة"، إذ غالباً ما تحدث مشاجرات بينهم يجري التكتم عليها. وقال إن السيطرة العامة عليهم تتم من خلال فرق تابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية التي تشرف على تعيينهم واستقدامهم وأماكن وجودهم وسكنهم.
وهذا العدد الهائل من المرتزقة الذي يسميه السناتور الجمهوري عن ولاية فرجينيا جون وارنر ورئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الاميركى " شريكنا الصامت فى هذا الصراع " ، يمتلك عربات مدرعة ومدجج بأسلحة القتال البالغة التقدم ، بل ان بعض شركات الأمن شكلت قواتها للرد السريع ووحدات مخابرات خاصة بها تصدر يوميا تقاريرها الاستخباراتية التي تعتمد فيها على خريطة تواجدها فى النقاط الساخنة.
ويوماً بعد آخر تمكنت بعض وحدات المرتزقة من اقامة تحالفات مع بعض العشائر العراقية، لكنها ايضاً غاصت في مستنقع الجماعات المسلحة، وحتى ( المقاومة العراقية) ، اذ أصبحت هذه الشركات منغمسة بصورة عميقة فى العمليات الحربية ضد المسلحين، وفى بعض الحالات لا يمكن التمييز بين القوات النظامية والكوماندوز المرتزقة.
ولعل حادث قتل اربعة اميركيين في مدينة الفلوجة معقل التمرد المسلح، والتمثيل بجثثهم ما زالت ماثلة للعيان برغم مرور سنتين عليها، وحتى هذه اللحظة مازالت المعلومات بشأن دوافع العملية متضاربة، برغم ان الجيش الاميركي اضطر للاعتراف انهم من العناصر الامنية العاملة معه، وليسوا من القوات النظامية او من رجال الأعمال القادمين للاستثمار. الاعتراف الاميركي جاء بعد الكشف عن ان هؤلاء القتلى لم يكونوا سوى من المرتزقة العاملين مع شركة بلاك ووتر للخدمات الامنية.
وقد اشعلت هذه الحادثة الغضب الاميركي على اهالي مدينة الفلوجة وتسببت بتجريد حملة عسكرية اميركية شرسة ضد الاهالي والسكان المدنيين، وليس ضد المسلحين فقط.
ويقول اهالي الفوجة أن القتلى الأربعة هم من الجنود الذين خدموا في وحدات البحرية الخاصة بالجيش الاميركي (المارينز) الذين جاءت بهم شركات الأمن الخاصة ليعملوا في العراق مقابل مبالغ خيالية، أما الذين قتلوهم فكانوا من أفراد عائلة عراقية من الفلوجة، انتقاماً لمصرع 26 فرداً من أقاربهم، قتلهم الجيش الاميركي في إحدى المواجهات مع عناصر ( المقاومة) من دون أي مبرر، ما يفسر ردة الفعل العنيفة وغير المسبوقة بإحراق الجثث الأربع والتمثيل بها.
ومن المفارقات التي يحفل بها ملف المرتزقة في العراق، هي اضطلاع عدد منهم بمهمة تدريب القوات العراقية الوليدة.
عائدات بزنس الحرب لـ "صقورها"
واذا كان البعض يحاول ايجاد المبررات لاستخدام المرتزقة الواسع في العمليات العسكرية في انحاء العالم، ومنها العراق، بقوله إن التكنولوجيا العالمية المستخدمة في المعدات الحديثة ساعدت في تعزيز الاعتماد على شركات الخدمات العسكرية الخاصة، وذلك لما لديها من إمكانات تحتاجها المؤسسة العسكرية ولا تملكها، ذلك أن المتعهدين من رجال الجيش السابقين لديهم القدرة على استخدام وصيانة هذه المعدات الحديثة، فان الغاطس في هذا الموضوع هو صفقات بمئات الملايين من الدولارات تذهب لصالح الشركات التي يشارك فيها بعض صقور الادارة الاميركية ، بل وحتى حمائمها، كما في شركة هاليبيرتون.
صفقات البزنس وما تدره من فوائد وارباح كانت وراء مبدأ خصخصة الحرب، اذ أن بعض الأنظمة مثل طائرة استطلاع الجيش Guardrail تم تصميمها لكي يتم تشغيلها وصيانتها بواسطة الشركات الخاصة. وحصلت شركة DynCorp الأكبر بين شركات الخدمات العسكرية الخاصة العاملة في العراق على عقود مع البنتاغون قيمتها أكثر من بليوني دولار لتدريب وحدات الشرطة في مناطق مختلفة من العالم بعد توقف الحروب.
وخلال العقد الأخير أرسلت هذه الشركة مدربيها إلى كل من هاييتي ، البوسنة والهرسك، كوسوفو، ليبيريا، تيمور الشرقية، أفغانستان والعراق، كما قدمت الشركة أيضا خدمات جوية في صالح برامج المخدرات في دول اميركا اللاتينية خاصة كولومبيا، بالإضافة لتحديث أنظمة المعلومات في وزارات الخارجية والعدل والدفاع الاميركية، ومكتب التحقيقات الفيدرالية ، وخدمات الضرائب الداخلية ولجنة الأمن المتبادل، ووكالة دعم مكافحة المخدرات.