أن ما دعاني لكتابة هذه السطور هو الارقام المذهلة للضحايا التي تسقط في كل يوم والجثث التي أمتلأت بها النجف ومقابرها الواسعة بواسطة الارهاب البعثي الوهابي الامريكي في العراق .. ويبدو أنه مكتوب على الشعب العراقي أن يعيش القادسيات الى ما لا نهاية .. فجوني أبي زيد يتحدث عن حرب عالمية في العراق ( على أرضنا !) .. حينما سأله أحدهم في الندوة التي ألقاها في جامعة هارفارد قبل عدة أيام، هل تشعر القيادة الامريكية بالنصر والفخر بوجودها في العراق ؟ فأجاب أن الجنود يشعرون بالفخر لأنهم عبروا الحدود ( أي غزوا العراق )
The soldiers are proud they crossed the border
أي أنهم لمجرد غزوا بلد ما وتخطي حدوده يعتبر ذلك فخراً لهم !! .. في محاضرته هذه كرر موضوع أيران مرات عديدة .. تحدث عن خطر أيراني للمنطقة كلها ولا يمكن التفكير بإنسحاب القوات الامريكية من العراق مطلقاً .. هناك في العراق نخوض حرباً عالمية ! والخروج من العراق معناه ترك أيران تطور من أسلحتها وقوتها لتهديد المنطقة ! وهذا ما يكرره بوش أيضاً في كل خطاباته حينما يتحدث عن النصر والخسارة في العراق وعن خطر أيراني متحججاً بمقولته "أنه قد نجح في أبعاد خطر الارهاب عن أمريكا " وأن " القوات الامريكية موجودة في العراق كي لا يصل الإرهاب الى أمريكا " والى أخره من هذه المقولات .. بل أنه حتى في تقرير بيكر الذي كتبه من توصيات أشار الى أنه ينصح الادارة الامريكية بعدم الموافقة على الفيدرالية الشيعية محذراً مما يسميه توغل أيراني !
هذه هي زبدة الكلام كما يعبرون .. أما باقي الكلام عن الاستقرار وترسيخ الديمقراطية ما هو الا حديث فارغ للأستهلاك الاعلامي وذلك لأن الاجندة الامريكية تأخذ في المقام الأول مصلحتها ومصلحة قواتها وأمنها وسلامتها. وهذا معناه أن القوات الامريكية بجنودها وجحافلها المدرعة وقواعدها معسكرة (مچنبرة) بالعراق ( على أرضنا ) لصد أيران ولدرء أي خطر قادم قد يهدد أمن أسرائيل .. وذلك على حساب دمائنا وأراضينا وثرواتنا !!!
تستطيع أن تستشف هذه الحقيقة من سياق ما تقدم ... وأنا هنا لا أدافع عن الدولة الجارة أيران .. لكن لماذا يصبح العراق وشعبه كبش الفداء ؟ لماذا كُتب على العراقيين أن يدفعوا من أمنهم ودمائهم ثمن معركة لا علاقة لهم بها ولم يختاروها ؟
كما أن لغة الخطاب التي نسمعها من أزلام صدام والقيادات البعثية من قبيل مقاومتهم للصفوية ( كما جاء في تلفزيون البعثي مشعان الجبوري) يلقي الضوء على من يتعاون مع الاحتلال في أنجاز قادسية بوش اللا مجيدة والتي تسمى زوراً بالمقاومة ... لتتعرف حينها كيف تُدار الامور وكيف يتم المضي قدماً في هذه المحرقة (القادسية) .. فمن مفخخات وعبوات ناسفة وأنتحاريين وهاونات التي تطول الابرياء الذين يجدون أنفسهم ضحايا معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل في كل يوم لم يسلم منها طفل أو أمرأة أو عامل بناء أو زبال .. فمن من هؤلاء الابرياء الذي يُقتلون في كل يوم يشعر بأن له مصلحة في أن يكون وقودا في معركة بوش هذه التي قد لا تنتهي؟