بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين :
وبعد : فقد طرح مجموعة من العوام الذين لا خبرة لهم ولا دراية المدعو عبد الرسول بن حسن الحائري مرجعاً للتقليد ، واتخذوه واسطة بينهم وبين الإمام الحجة عليهم السلام ، واعتبروه ملهماً من صاحب العصر ، وينظر بنور الله (1) .
هذه الوصلة لجريدة الرأي العام الكويتية وفيها تفاصيل الحوار :
http://www.alraialaam.com/09-07-2003...ernational.htm
الحوار وسط الموضوع
ــــــــــ
(1) ـ يقول عبد الرسول : المرجعية إضافة إلى ما سبق هي وصية من المرجع السابق الى المرجع اللاحق لما يجد فيه من شروط أهلية تحمل الأمانات لأنه ينظر بنور الله . ويقول أيضاً : إن المرجعية والنيابة العامة عنه صلوات الله عليه هي الواسطة بين الراعي والرعية .راجع الفجر الصادق في العددين 40 و 41. ويقول ابنه عبد الله : هل تعتقد أن الأجوبة التي يعطيها المرجع للسائلين هي عبارة عن حل للاصول والفروع كما في الرياضيات ؟ صحيح انه متبحر بهذه الأمور لكن ما يجري على لسانه مجموعة الهامات. راجع الرأي العام العدد رقم : 13167 .
و لسنا هنا في مقام تقييم مرجعية عبد الرسول من جهة وجود شهادات أهل الخبرة النافية لاجتهاده ، والراجحة كماً وكيفاً على كل ما تمسك به العوام تبريراً لمرجعيته .
و لسنا هنا ـ أيضاً ـ في مقام تقييم مرجعية الرجل من جهة بيان تخبطاته الفقهية أو كشف شطحاته العقائدية ، لأن هذا اللون من المبحوث العلمية والمعمقة لا يسع العامي البسيط السيطرة عليها أو الاحاطة بأبعادها . نعم أنا هنا لتقييم مرجعية عبد الرسول ، لكن ليس من خلال البحوث العلمية المعمقة ، و التي يتطلب الولوج فيها استعداداً ذهنياً ، وتسلحاً فكرياً ، وإنما من طريق واضح يفهمه الجميع ، وهو طريق (( العدالة )) .
هل كان عبد الرسول عادلاً متزناً في أقواله وأفعاله ؟
الجواب : المتتبع لأقوال وأفعال الميرزا عبد الرسول الحائري لا يشك أبداً في جهله وضلاله ، وانحرافه عن الصراط المستقيم والمنهج القويم الذين عليهما مراجعنا العظام ، إذ كيف يكون عبد الرسول مهتدياً وهو ينسب الشرك لشيعة أهل البيت عليهم السلام عدا طائفته ! يقول عبد الرسول في الفجر الصادق العدد : 40: طهروا أرواحكم من الشرك الخفي باتباعكم للعقائد الأوحدية الخالصة ،وطهروا أموالكم بإخراج الخمس والحقوق الشرعية . فهل معنى هذا تلوث السواد الأعظم من الشيعة الكرام بالشرك الخفي لأنهم لم يتبعوا الأوحد بن زين الدين رحمه الله !!! فهل كان الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيدان الجليلان الرضي والمرتضى والمحقق الحلي و العلامة الحلي والشهيدان والسيد الخوئي والسيد الخميني و السيد السيستاني وغيرهم من العلماء الأعلام ملوثين بالشرك والعياذ بالله !!!
وأين هذا من ادعاء الوحدة !!! إذ كيف يدعي عبد الرسول العمل من أجل الوحدة ثم يباغتنا بمثل هذا الكلام !!!! من هنا يتضح أن قول عبد الرسول : عملت على الحفاظ على وحدة الجماعة والشيعة بشكل عام .((راجع الفجر الصادق العدد40 )) ليس إلا (( سحابة صيف عن قليل تقشع )) .
ولعل البعض يعتذر بالإلهام ، فالميرزا يريد الوحدة ، ولكن في نفس الوقت لا يخالف الإلهام الإلهي ، يقول الحكيم الإلهي عبد الله : (( إذ ماذا يعني المرجع ؟ إنه نائب إمام الزمان . ماذا يعني نائب إمام الزمان ؟ يعني ان يكون الشخص على ارتباط معنوي دائم بامام الزمان أي انه تحصل الهامات وفي عهد الرسول كان يحصل الوحي ، أما بالنسبة للعلماء فإنه تحصل لقلوبهم الهامات من جانب امام الزمان وبعض الفتوى تلهم للمرجع ، وهل تعتقد أن الأجوبة التي يعطيها المرجع للسائلين هي عبارة عن حل للاصول والفروع كما في الرياضيات ؟ صحيح انه متبحر بهذه الأمور لكن ما يجري على لسانه مجموعة الهامات من الله عن طريق إمام الزمان )) . وهكذا تعود مشكلة التفرقة وتنقيص غير الأوحديين إلى الإلهام الإلهي ، ويخرج عبد الرسول من تبعاتها .
هذه واحدة من تلك الصور التي تنافي عدالة عبد الرسول ، وهنالك صور أخرى كثيرة ، كادعاء النيابة الخاصة وأخذ الأحكام من الإمام عجل الله فرجه ، وهو ما أجمع العلماء على بطلانه في عصر الغيبة ، و كادعاء اجتهاد ولده عبد الله مع علمه بجهل ولده وعدم أهليته للمرجعية ، و في هذا البحث سوف نلقي الضوء حول هذا الادعاء الكاذب لكي يتبين للجميع جلياً كذب ودجل عبد الرسول الملقب بخادم الشريعة الغراء .
وفقنا الله وإياكم لكل خير ، إنه قادر على كل شيء ، و مستجيب للدعاء .
بطاقة تعريف :
1ـ هو عبد الله بن عبد الرسول بن حسن بن موسى بن محمد سليم الحائري التبريزي التركي ، كان يعمل في ورشة لتصليح السيارات في مدينة تبريز الإيرانية ، وهو الآن يملك متجراً اسمه (( معرض ايران )) في حي يقطنه الاغنياء في شمال العاصمة طهران ، متخصص في بيع الكرستال ووسائل المطبخ وقطع الزينة الباهضة الثمن ومعظمها مستورد من الخارج .
وهنا قد يستغرب البعض ويطرح هذا السؤال : كيف تمكن عبد الله ـ في إيران الفقيرة والمحاصرة ـ الانتقال من ورشة تصليح كان يمارس فيها أشق الأعمال إلى متجرٍ فخم يقدر بملايين الدولارات !
ولكن الجواب عند البعض حاضر، فإن الله تبارك وتعالى قد من على عائلته بالعلم والحكمة والكرامات ، فقد ذكر والده عبد الرسول في (( الفجر الصادق العدد 40 )) أن المشايخ الأوحديين كانوا كعيسى بن مريم يحيون الموتى بإذن الله ، لأن أخلاقهم اخلاق الروحانيين أطاعوا الله حتى صاروا مثاله يقولون للشيء كن فيكون ، وإذا كانوا كذلك فمن المحتمل جدا قول بعض الأوحديين للأموال كوني فكانت .
ولن يبخل الله على الأوحديين وهم كما قال عبد الرسول في ((الفجر الصادق العدد 40 )) قد طهروا أرواحهم من الشرك الخفي باتباعهم للعقائد الأوحدية الخالصة و طهروا أموالهم بإخراج الخمس والحقوق الشرعية .
2ـ قال والده في حقه (( ولدي الفاضل الحكيم الإلهي درس وبلغ الإجتهاد وهو مجتهد مطلق )) . وقال أيضاً (( إن الحكيم الإلهي والفقيه الرباني يستاهل أن يكون نائب إمامنا الحجة عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف ومرجعاً دينياً وخليفة )) راجع الفجر الصادق العدد 41. وقال أيضاً (( واعلن لكم عن ولدي الفاضل الأوحدي الكامل الحكيم الإلهي والفقيه الرباني الميرزا عبد الرسول حفظه الله وابقاه أنه قادر وبقوة على حمل الأمانات الأوحدية والقيام بالمرجعية من جميع الجهات فهو مجتهد مطلق وتقليده فخر ومفخرة للمؤمنين )) راجع الفجر الصادق العدد 40.
هذه شهادة الميرزا عبد الرسول في ابنه الحكيم الإلهي عبد الله ، فهي شهادة بالإجتهاد ، بالإضافة الى مجموعة من الأوسمة والكلمات الرنانة و الطنانة ((يستاهل أن يكون نائب إمامنا الحجة عليه السلام ، مرجعاً دينياً ، الفاضل الأوحدي الكامل الحكيم الإلهي والفقيه الرباني )) .
ولأن العوام يحسنون الظن بعبد الرسول فقد صدقوا شهادته في ولده ، كما صدقوا من قبل شهادة الجد لحفيده ولزوجة حفيده ، وكيف لا يصدقون وعبد الرسول عندهم يتصل بالحجة وينظر بنور الله و معصوم من الزلل والانحراف !
قال الميرزا عبد الرسول في لقاء الفجر الصادق معه في العدد 41 (( والمرجعية إضافة إلى ما سبق هي وصية من المرجع السابق الى المرجع اللاحق لما يجد فيه من شروط أهلية تحمل الأمانات لأنه ينظر بنور الله ولا يرشح إلا من يراه مرضياً من قبل مولاه صاحب الولاية الكلية الإلهية )) .
هكذا تقبل العوام شهادة الميرزا عبد الرسول ، تقبلوها بقبول حسن ، و ساهم في تجرعهم لها بعض المرتزقة وتجار الدين . وقد بقي الوضع مستقر على هذه الحالة إلى أن عصفت أعاصير (( الرأي العام )) التي أسقطت كل الأقنعة وأزالت كل الحجب .
لقاء الرأي العام :
قامت (( الرأي العام في عددها رقم : 13167 )) بإجراء حوار مع الحكيم الإلهي الميرزا عبد الله في متجره تارة ، وعلى رصيف منتزه (( ملت )) المعروف في طهران تارة أخرى ، وكان هذا اللقاء بمنزلة القنبلة التي انفجرت في وجه عبد الرسول لتحول مكانته العالية وكراماته المتتالية إلى أشلاء متناثرة لا يمكن جمعها وإعادتها إلى مكانها .
فقد طعن عبد الله ـ بلا قصد ـ شهادة الاجتهاد التي شهد بها والده في حقه ، وكذب ـ وبلا قصد أيضاً ـ الكثير من الكلمات الطنانة التي كان والده المرجع و المتصل بالحجة و الذي يرى بنور الله لا شغل له إلا تكرارها وتكرار أضعافها في نفسه ، وسوف اذكر هنا بعض تلك المصادمات الواقعة بين كلمات عبد الله الذي يستاهل نيابة الحجة وكلمات عبد الرسول مرجع التقليد والنائب الفعلي للحجة ، ومثال الله الذي يقول للشيء كن فيكون :
اجتهاد الحكيم الإلهي :
قال عبد الرسول ((ولدي الفاضل الحكيم الإلهي درس وبلغ الإجتهاد وهو مجتهد مطلق )) وقال أيضاً ((إن الحكيم الإلهي والفقيه الرباني يستاهل أن يكون نائب إمامنا الحجة عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف ومرجعاً دينياً وخليفة)) .
وكما هو معروف للجميع فإن الاجتهاد يتطلب تمكن في علم المنطق وعلوم اللغة ، وتخصص وتعمق في الفقه و الأصول وعلم الحديث والرجال والتفسير ، وهذا ما لم يحصل للميرزا عبد الله باعترافه ، فقد قال الميرزا عبد الله في جوابه على سؤال (( من خلال كلمك توضح بأنك لم تتلق الدروس الفقهية العالية ومنها البحث الخارج التي تؤهلك لدرجة الاجتهاد الديني ومن ثم المرجعية الدينية الا تنوي مواصلة تحصيلك العلمي سيما أن والدك اخلفك على مرجعية طائفة الشيخية ؟ )) : انا تلقيت دروسا عند بعض الاساتذة ، لكن الظروف الحالية وأقصد ظروف العمل اثرت على وضعي الدرسي . . . إلى أن قال : كما أنني أتطلع لدراسة البحث الخارج في الفقه والاصول لأنني بحاجة إلى هذه العلوم )) . وقال في جواب سؤال (( لماذا لم تسلك مسلك أجدادك في الدراسات الحوزوية ؟)) : لقد ثم اغلاق حوزتنا بعد انتصار الثورة الإسلامية .
وقال مبيناً لمصدر ثقافته الفقهية والاصولية : وأما المسائل الفقهية والاصولية فقد تلقيتها على يد اساتذتي في جامعة طهران .
ولعل من الشواهد الدالة على جهل عبد الله بأبسط القضايا الشرعية ذهابه إلى فصل الدين عن السياسة حيث قال في جواب سؤال (( تعني أنكم من دعاة فصل الدين عن الدولة والسياسة )) : نعم . . . نعم ولكن في الواقع لا يمكن فصل الدين على السياسة الا أن هذا الأمر يتحقق على يد صاحب الزمان )) وهذا الجواب مقبول عند والده الذي نص في (( الفجر الصادق العدد 41 )) على أن أجوبة ولده صحيحة مثبته . ولعله لهذا السبب قال عبد الرسول في شريط مسجل (( اللهم ادم ملك آل الصباح إلى صباح يوم القيامة )) حيث ان فكره العلماني يقوده الى الاعتقاد بأن الحجة عليه السلام سيفصل الدولة عن الدين ، وسيطبق قانون مال الله لله ومال قيصر لقيصر .
فهل من المعقول أن يكن هنالك طالب علم فاضل فضلاً عن مجتهد يعتقد بالعلمانية ويدعو الى فصل الدين عن السياسة ؟ وينسب ذلك إلى مولانا الحجة عجل الله فرجه !!!
محاولتان فاشلتان :
المحاولة الأولى : بعد أن أثبت عبد الله ـ وبلا قصد(1) ـ كذب والده خادم الشريعة الغراء في مسألة اجتهاده وأهليته للمرجعية ، حاول تبرير شهادة والده بأن الاستنباط وتصدير الفتوى لا يحتاج الى علم بل يتم ذلك من خلال الإلهام ، وهذا يعنى عدم الحاجة الى العلم فقد يكون مصلح سيارات أو تاجر شغلته التجارة مع تملكه للملايين عن العلم مرجعاً بلا دراسة لأن الإفتاء لا يعتمد على العلم بل يعتمد على الإلهام .
يقول الحكيم الإلهي عبد الله : (( إذ ماذا يعني المرجع ؟ إنه نائب إمام الزمان . ماذا يعني نائب إمام الزمان ؟ يعني ان يكون الشخص على ارتباط معنوي دائم بامام الزمان أي انه تحصل الهامات وفي عهد الرسول كان يحصل الوحي ، أما بالنسبة للعلماء فإنه تحصل
ـــــــ
(1)
لقلوبهم الهامات من جانب امام الزمان وبعض الفتوى تلهم للمرجع ، وهل تعتقد أن الأجوبة التي يعطيها المرجع للسائلين هي عبارة عن حل للاصول والفروع كما في الرياضيات ؟ صحيح انه متبحر بهذه الأمور لكن ما يجري على لسانه مجموعة الهامات من الله عن طريق إمام الزمان )) . أقول : ولنا أن نسجل على كلام عبد الله الذي ورثه ، وكرره كالببغاء بلا تمعن وتحقيق عدة ملاحظات :
الأولى : لو كان ما يقوله المرجع الهام من قبل الإمام ، للزم من ذلك عصمة المرجع وكونه مصيباً دائماً ، وهذا خلاف ما أجمع عليه علماؤنا المخطئة الذاهبون الى أن الفقيه قد يصيب وقد لا يصيب ، وهنالك بحث مهم في علم الأصول يتعلق بعدم إصابة الفقيه للحكم الشرعي ، وهو (( بحث الاجزاء في الأحكام الظاهرية )) فأين الحكيم الإلهي والفقيه الرباني الذي يستاهل أن يكون نائب إمامنا الحجة عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف ومرجعاً دينياً وخليفة عن هذا البحث الذي يدرس في مقدمات الحوزة المعظمة !! لعل عذره في ذلك انشغاله بجمع الأموال عن اعداد نفسه لمرجعيةٍ أقحمه والده فيها حفظاً للوجاهة والمال ، على حساب الجنة والمآل .
الثانية : بناء على هذه النظرية التي تفرد بها هو ووالده ، يلزم إصابة جميع الفقهاء والمراجع للحكم الشرعي مع اختلافهم في الفتاوى ، ولازم ذلك إن يكون حكم الله في واقعة واحدة هو الوجوب وعدم الوجوب أو الحرمة وعدم الحرمة وهذا ما لا يلتزم به عاقل فضلاً عن حكم إلهي .
الثالثة : لازم كلامه أن ما ذكره سماحة آية الله العظمى المرجع الميرزا جواد التبريزي حفظه الله من عدم اجتهاد عبد الرسول الحائري حق ، لأنه من الهامات صاحب الزمان لمراجع التقليد .
المحاولة الثانية : أجرت أسرة الفجر الصادق في العدد 41 حوارا مع الميرزا عبد الرسول من أجل استنقاذ ما يمكن إنقاذه ، وقد وجهت إليه هذا السؤال : نسب إلى الحكيم الإلهي في جريدة الرأي العام عنواناً رئيسياً جاء فيه (( لست مؤهلاً حالياً للزعامة الدينية )) ما رأي سماحتكم في هذه العبارة ؟ فأجاب : إن كلمة الحكيم الإلهي حفظه الله من عدم أهليته للزعامة الدينية ليس من باب قصوره أو لعدم أهليته العلمية والعملية بل من باب احترام بقائي في الحياة فقد كنت مجتهداً في حياة والدي الإمام المصلح قدس سره ولم أقبل المرجعية احتراما لبقائه في الحياة . أما بعد وفاتي فإن تقليد ولدنا الفاضل الحكيم الإلهي فخر ومفخرة للمؤمنين لأنه مجتهد مطلق وصاحب الأمانات من بعدي . أقول : ويمكن أن نسجل على هذه المحاولة البائسة عدة ملاحظات :
الأولى : أن عبد الرسول قبل نسبة هذه العبارة إلى ولده ولكن حاول أن يوجهها ويفلسفها بخلاف ظاهرها .
الثانية : إن عبد الله بين أسباب عدم أهليته للمرجعية ، وهي راجعة إلى تدني مستواه العلمي ، فهو لم يدرس دروس الخارج باستمرار بسبب انشغاله بالتجارة ، كما وأن إغلاق حوزتهم العلمانية جعله يكتفي بالدراسة الجامعة ، والتي ترجع حصيلته الفقهية والاصولية إليها ، فما ذكره عبد الرسول بقوله ((إن كلمة الحكيم الإلهي حفظه الله من عدم أهليته للزعامة الدينية ليس من باب قصوره أو لعدم أهليته العلمية والعملية بل من باب احترام بقائي في الحياة )) ليس إلا محاولة تعتيم على العامي البسيط ، إذ لو كان مراد عبد الله ما ذكره أبيه ، لأمكن التعبير عنه بعبارة واضحة ، وليس بنفي الأهلية التي لا ترتبط بحياة شخص أو وفاته .
الثالثة : يتضح من هذه العبارة أن عبد الرسول كان يتطلع للمرجعية إذ لم يمنعه عنها زهد و ورع ، بل خصوص وجود أبيه ، وعند انتفاع المانع من طرح المرجعية فلا تردد في قبولها ، وهنا ندرك حقيقة المسرحية التي أظهر نفسه فيها رافضاً للمرجعية علماً منه بأن سيل العاطفة والحصار الفكري (1) الذي طوقت به أعناق العوام لن يذهبا بهم بعيداً .
ــــــــ
(1) ـ حيث زرع في أذهان العوام عدة أمور منها : 1ـ أن التوحيد لا يكون إلا بفكر الأوحد ، والأوحد لا يمكن أن يتبع إلا من خلال هذه العائلة الملهمة إلى النخاع . و لعل هذا الأمر هو السبب وراء إصرار العوام على تقليد عبد الرسول أو البقاء بلا تقليد . 2ـ أن المرجعية وصية من المرجع السابق ، وأنها بيعة ، وبيعة المرجع السابق تلزم بقبول وصيته في اللاحق . 3ـ جعل هالة عظيمة حول عبد الرسول وذلك من خلال سيل من الكرامات ، ولعل من أهمها مهزلة صاحب الجلالة والرخامة .
ومع أن المراجع العظام حفظهم الله بالعشرات في مدينتي قم المقدسة والنجف الأشرف ، إلا أن عبد الرسول حاول أن يصور نفسه ورعاً لم يقبل المرجعية إلا من باب العسر والحرج ، كما وحاول أن يصور نفسه ذلك الموحد الذي تتوقف وحد الشيعة على قبول مرجعيته .
يقول في الفجر الصادق العدد 41 : فقد صعدت المنبر معزياً للمؤمنين واعتذرت عن قبول المرجعية ونصحتهم بالبحث عمن يرونه أهلاً وخلفاً لمرجعهم السابق . إلا انهم أصروا علي بالمحبة والبكاء وانهم سيبقون بلا مرجع إذا أنا رفضت قبول طلبهم وأنا من باب رفع العسر والحرج قبلت هذا التكليف وعملت على الحفاظ على وحدة الجماعة والشيعة بشكل عام .
نهاية المطاف :
في نهاية هذا البحث يمكن أن نستفيد عدة أمور :
الأمر الأول : عدم اجتهاد الميرزا عبد الله الحائري ، باعترافه هو ، وبهذا يتضح كذب عبد الرسول عندما قال ((ولدي الفاضل الحكيم الإلهي درس وبلغ الإجتهاد وهو مجتهد مطلق )) .
الأمر الثاني : عدم صلاحية عبد الرسول للتقليد ، لعدم توفر شروط التقليد فيه ، فإن من شروط التقليد العدالة ، وقد نص على ذلك جميع الفقهاء ، وليس من العدالة الشهادة باجتهاد علماني جاهل بالمسائل الشرعية والتاريخية ، ينوي التصدي للمرجعية بالسترة والبنطلون .
الأمر الثالث : إنتفاء كل الكرامات التي يدعيها عبد الرسول لنفسه كالإلهام ولقاء الحجة عليه السلام ، و لقاء الشيخ الأوحد ، وغيرها إذ لا يمكن الوثوق بما يقوله رجل لا يتورع عن الكذب في مسألة عظيمة كالمرجعية .
الحمد لله رب العالمين