 |
-

محامي صدام يكشف خفايا:القوات الامريكية افشلت مخططا لخطف صدام ونقله حيا الى ايران قبل اعدامه بساعات
تاريخ النشر : Monday, 26 March 2007
غزة-دنيا الوطن
كشف رئيس هيئة الدفاع عن صدام المحامي خليل الدليمي عن مخطط لاختطاف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بعد أن سلمته القوات الامريكية الي حكومة المالكي ونقله الي ايران.
وقال الدليمي في أول مقابلة صحافيه مطولة له بعد تنفيذ عملية اعدام الرئيس الراحل صدام حسين كانت النية مبيتة لاختطافه والذهاب به حيا الي ايران، لكن القوات الامريكية تنبهت بعد ان لاحظت احاطة المبني ببعض الاشخاص .
هل تم بالفعل حل هيئة الدفاع؟
لم يتم حل الهيئة وانما تم حل فريق الدفاع وهناك فرق بينهما، فهيئة الدفاع تضم اكثر من 1750 محاميا من العراق تم تأسيسها داخل العراق بعلم صدام حسين وتم اختياري رئيسا لها.
ولا أملك أنا ولا اي من زملائي حلها وستبقي تعمل في ذات الجهد والعطاء الذي قامت به مع الرئيس في الدفاع عن اكثر من 55 معتقلا عراقيا في السجون الامريكية في العراق وهم بحاجة الي عمل متواصل ليتم فضح عمل المحكمة والمخالفات التي ترتكبها لابسط معايير حقوق الانسان والمحاكمة العادلة.
أنت تتحدث عن الصفات الرمزية والاعتبارية والتاريخية للوكالات ولا تتحدث عنها بصفاتها القانونية اليوم؟
بالتأكيد، سنعتز بها وسيعتز بها من بعدنا اولادنا وأحفادنا، وكل العشائر والجنسيات التي ننتمي لها.
بالنسبة الي المعتقلين الاخرين فان قضية طه ياسين رمضان تصبح اليوم في المقدمة فالي اين تذهب هذه القضية؟
كما تعلم ويعلم الجميع فاننا واثناء عملنا في قضية الاعتقالات وعلي رأسهم صدام فقد كانت لنا اهداف اساسية وعلي رأسها محاولة جر هذه المحكمة غير الشرعية وغير الدستورية وتصحيح مسارها الا انها مصممة بصورة هزلية علي الالتزام بالجانب السياسي ولا علاقة لها بالقانون، وبهذا فقد تحول واجبنا كمحامين الي مستويين وهما بعلم صدام والاتفاق معه، اما المستوي الاول فهو فضح المحكمة من داخلها فالمحامي لا يستطيع ان يتعرض ويتعرف علي مخالفات المحكمة ومن ثم يعرف العالم من بعده ذلك الا من داخل قاعة المحكمة وقد نجحنا في ذلك.
صدام كان يعلم منذ اليوم الاول لاعتقاله ان اعداءه يتقدمون نحو اعدامه وابلغ المحامين انه لو كان هناك اشد من عقوبة الاعدام لمارسوها علي وكان مدركا لهذه الحقيقة طوال الوقت وقد قال لنا قبيل النطق بالحكم: أرجو ان تكونوا رابطي الجأش وارجو ان تتفهموا ان الحكم لا يمكن ان يكون اقل من الاعدام، وهذا ما اشار اليه للقاضي في احدي الجلسات عندما خاطبه بالقول: إذا ما أردتم إعدامي فأنا رجل عسكري وأريد أن أعدم رميا بالرصاص .
ما هي المعلومات التي لديكم حول إعدام صدام حسين؟
في يوم 26 /12 اتصل بي ضابط الارتباط الامريكي وابلغني بضرورة تخويل احد المحامين لتسلم اغراض ومقتنيات الرئيس وقد طلب مني ذلك بالهاتف وبرسالة الكترونية، وبدوري اوعزت لزملاء لي عندما كانوا في زيارة الي الرئيس بان يبلغوا الرئيس بهذا الطلب، واوعزت لاحد المحامين بان يقوم بتسلم هذه الحاجيات والمقتنيات وايصالها الي عائلته.
وطلبت ايضا من المحامين بان يزوروه في يوم 28 /12 ايضا وذلك لان الجانب الامريكي رفع عني الغطاء القانوني وقيل لي صراحة انهم لا يريدون ان اقوم بزيارة الرئيس وانهم سيوفرون لي الحماية الامنية ولكنهم وفق تعبيرهم لن يتمكنوا من توفير الحماية القانونية لي. وهي إشارة واضحة بان حياتي في حال ذهبت الي بغداد في خطر، وتوقعت في حينها ان الامريكيين اوعزوا الي وزارة الداخلية العراقية وقاموا بترتيب شيء ما ضدي لا اعلم ما هو. ولكن الرسالة كانت واضحة!
وقد فوجئنا بسرعة التصديق علي قرار الحكم وليس في الحكم ذاته، فقد كنا نعرف ما الذي يتم ترتيبه لصدام. فاللائحة التمييزية لم تقرأ وسلمت قبل سبعة ايام من تنفيذ الحكم، وكذلك عندما اتخذوا قرار الاعدام يوم الاربعاء، ومن المعروف طبيعة اعمال يوم الخميس وخصوصا في العراق فيما اليوم التالي هو الجمعة يوم عطلة وهم في يوم السبت قاموا بتنفيذ الحكم، اي انهم حرموا هيئة الدفاع من حق قانوني وهو طلب تصحيح قرار التمييز، حيث لم يتسن لنا تسليم اللائحة التي يشترط تسليمها باليد. عندما ابلغنا الرئيس لم يتفاجأ واوصي بوصيته المعروفة وقال بالحرف الواحد انني لم اساوم علي نفسي لأحد وثقتي بالعراقيين والشعوب العربية والاسلامية كبيرة، واعلم علم اليقين ان العراقيين سيقومون في نهاية المطاف بطرد المحتلين، وانه اذا ما استمر الامريكان في غيهم فإنهم سوف لن يتمكنوا من سحب قواتهم من العراق بكامل عدتها وعتادها كما فعلوا في فيتنام ، وفي يوم الاعدام ابلغه جنرال امريكي في المطار حيث طلب من الحراس الامريكان الانصراف وبقي معه في غرفته وقال له انك ستعدم بعد ساعات فسأله عما يريد فتوضأ الرئيس وقرأ بعض الايات القرآنية، وبعد ان تناول الطعام اخذوه الي مكان الاعدام في الكاظمية وسلم الي الجانب العراقي، وتم الاعتداء عليه جسديا واستفزازه من قبل المجموعة التي كانت متواجدة في المكان، وكانت النية اختطافه والذهاب به حيا الي ايران، لكن القوات الامريكية تنبهت واحبطت المحاولة قبل التنفيذ.
كيف تلقيت خبر اعدامه.. أين كنت وقتها وماذا فعلت وماذا تقول في طريقة تعاطي صدام حسين مع العملية؟
أولا أنا لم أر الرئيس قبل اعتقاله وكنت اسمع من الذين يعرفونه كم هو شجاع ومتواضع وكريم، ولكن كل الكلام الذي سمعته في هذا الموضوع لا يساوي شيئا من الحقيقة.. إنه رجل استثنائي بكل ما للكلمة من معني. لقد كان شخصا استثنائيا عندما كان رئيسا وكان شخصا استثنائيا عندما كان معتقلا وكان شخصا استثنائيا عندما وقف امام حبل اغتياله.. وأذكر كيف أننا وطوال الوقت كنا كمحامين نستمد جرأتنا وقوتنا منه ومن كلماته.. وهو ما فعله ايضا مع رفاقه لقد شحنهم وشجعهم وخصوصا في الشدائد..
صدام حسين صعد الي حبل المشنقة وهو يقود جميع من في الغرفة.. ألم تر الابتسامة التي اظهرها قبل أقل من دقيقة من اعدامه .. عاش بطلا واستشهد بطلا!
وأنا لم أتلق الخبر فجر اعدامه رحمه الله، وانما قبل ذلك بايام وكما قلت لك فقد طلب مني الجانب الامريكي ان اتسلم مقتنياته واغراضه الشخصية وهو ما كلفت به احد الزملاء بعد منعي من القدوم الي بغداد وتهديدي في حال جئت.
وقد توقعت ان يتم وقف تنفيذ الاعدام عبر المؤسسات الدولية ولكن ذلك لم يحدث.. وربما تعرف انني في ليلة وقفة العيد كنت حتي منتصف الليل في استديوهات الفضائيات التي كانت تتحدث عن توقعاتها حول ما سيجري. واضطررت في اللحظة الاخيرة ان اناشد جميع المؤسسات العالمية والدولية لوقف تنفيذ الاعدام، لأني كنت اخشي علي بلدي وامن المنطقة واستقرارها خاصة بعد احتلال ايران للعراق وتهديدها للامن القومي العربي والاسلامي. وذلك علي عكس ما طلبه مني الرئيس الذي قال لي بعد النطق بحكم الاعدام انه لا يريد من محاميه التماس اي طلب من اي جهة كانت لوقف عملية تنفيذ الاعدام.
وفي تلك الليلة بقيت انا وعائلتي حتي الصباح أمام شاشات الفضائيات .. وأول ما تأكد حدوث الاعدام تملكني الشعور بالغضب الشديد.. بصورة لم أعهدها من قبل.. واتذكر أنني قاطعت الصحافة وكان اول تصريحاتي بعد اكثر من اربعين يوما علي الاعدام وهذه المقابلة هي الاولي بعد عملية تنفيذ الإعدام.
ماذا عن مقتنيات صدام حسين؟ وما هي طبيعتها؟
جميع مقتنيات الرئيس تم تسليمها الي العائلة. وهي عبارة عن ساعته وكتبه وبعض اشعاره وهكذا.
وماذا عن المعطف الأسود التي كان يلبسه أثناء عملية الاعدام؟
حسب علمي، فانه وبعد أن تم دفنه رحمه الله، تم تسليمه الي شيخ العشيرة الذي سلمه بدوره وكامل الملابس التي كان يرتديها الرئيس لحظة اغتياله الي عائلته.
يبدو أنها ستستغرق وقتا طويلا.. ولكن هل بدأت بها؟
حتي الآن لم أبدأ بها وهي خارج الأردن وبعضها في العراق والبعض الاخر في مكان آخر. وهي مذكرات ستسرد قصة صدام حسين منذ العام 1989 وحتي لحظة اغتياله .. استنادا الي ما تحدث به هو نفسه في هذا الموضوع. حيث كنت أول شخص يلتقيه من خارج اطر سلطات الاحتلال بعد اعتقاله وبقيت له النافذة الوحيدة التي يثق بها عاما كاملا قبل ان يبدأ بلقاء باقي فريق هيئة الدفاع.
رغم قرار وتنفيذ عملية الاعدام الا ان هيئة الدفاع نجحت في معركتها الاعلامية ولكن هناك اتهام لكم بانكم كنت تشتغلون بالسياسة ايضا في مقابل الجانب الاعلامي .. ماذا تقول في هذا الصدد؟
منذ أول مقابلة للرئيس قال لي يا ولدي عليك بثلاثة محاور: المحور الاول قانوني وهو اضعف المحاور لان المحكمة سياسية والمحور الثاني اعلامي والثالث سياسي.
يعلم الجميع ان المحكمة سياسية صرفة وهي مقصود ان تكون محكمة انتقام ولكن كان علينا بعد ان يئسنا من توجيه المحكمة الي الوجهة القانونية ان نقوم بفضحها، وقد نجحنا والحمد الله وايدتنا كافة المنظمات القانونية والحقوقية ومنها منظمة هيومن رايتس ووتش واتحاد المحامين العرب الذي كان له دور جيد وكان لنقابة المحامين الاردنيين وبطلها الاستاذ صالح العرموطي دور طليعي.
نحن لم نمارس السياسة بل ولم نكن راغبين بجرنا الي الجانب السياسي ولكنا قمنا بفضح ما يجري من انتهاكات قانونية وقضائية، ولأن المحكمة سياسية ومركبة، واستنادا الي هذا الجانب ظهر وكأننا نتحدث بالسياسة.
الاتهام ليس للدفاع بتناوله الجانب السياسي وانما للمحكمة باسرها انها بتركيبتها وادائها كانت سياسية ولا تمتّ باي صلة للجانب القانوني.
شابَ المحكمة طوال فترة عمرها إرباك وتخبط حتي استقال عدد من قضاتها او اقيلوا ومنهم القاضي رزكار أمين.
هذا القاضي وبعد ان استحال عليه اكمال الدور وبعد ان علم ان المحاكمة ذاهبة الي الاعدام وانه لو حكم بما لديه من معطيات فانه سيقوم بتبرئة صدام حسين من التهم المنسوبة اليه قدم استقالته.. وهو يعرف لو انه لو استمر في المحاكمة وحكم باعدامه كما يراد فانه سيشوه تاريخه الشخصي وهو ما رفضه.
والقاضي رزكار قاض مهني ورغم بعض الاخفاقات والشدة التي تعامل بها مع المحامين، الا انه من عائلة عراقية كردية عريقة ومحترمة.
[align=center]
 [/align]
-
-
ومن العاقل الذي يصدق خليل الدليمي او يصدق القدس اليهودي ؟!
-
كذب وهراء صحفي لامثيل له ...
المعدوم طه الجزراوي عرض تقديم معلومات عن علي كيمياوي مقابل تخفيض عقوبته .. الا ان طلبه قوبل بالاستهزاء والسخرية وكان الجواب بان الكيمياوي اعترف بكل ما ارتكبه من جرائم ولا حاجة لمعلوماتك ...
اظهار الخونة الجبناء بانهم ابطال مسرحية قديمة جدا عرضت لاول مرة على الجماهير اوائل القرن الماضي ... وفي زماننا معروف من الذي يظهر جبناء الحقبة الصدامية على انهم ابطال .. ايتامه وعواهره واقلامه الماجورة ... نحن نعترف انهم ابطال .. ولكن ابطال بالقتل والمقابر الجماعية وانتهاك الاعراض وهلك الحرث والنسل ...
المشنقة بانتظار المزيد من ابطالكم .. ولاينفعكم تقبيل اقدام الامريكي للهروب منها .. بطل العراق نوري المالكي لكم بالمرصاد .. ولا افلات من عدالته .
-
انبـــعـــاث البـــعـث الــعــــراقـي
معن بشور
وفي ظل محاكمات صورية وفاقدة الحد الادنى من مقاييس العدالة والشفافية والشروط القانونية، وفي ظروف غير طبيعية يواجهها محامو الدفاع حيث يقتل بعضهم، ويسجن بعضهم الآخر، فيما يطرد آخرون منهم من جلسات المحاكمة او يمنعون من دخول العراق، وفي سابقة غير معروفة في التاريخ القضائي المعروف حيث تشدد محكمة التمييز من العقوبة المتخذة في المحكمة الجنائية وتحيلها من السجن المؤبد الى الحكم بالاعدام، كما كانت الحال مع نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان، ووسط اعتراضات دول ومنظمات وبينها ابرز هيئات حقوق الانسان، ألا يحق لنا ان نسأل: ما الفرق بين ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش واعوانه وأي عصابة ارهابية تحتجز رهائن (او اسرى حرب في حالة العراق) ثم تبدأ بتنفيذ حكم الاعدام بحقهم الواحد تلو الآخر دون ان تنسى قطع الرؤوس بعد ذبح اصحابها احيانا.
ربما الفارق الوحيد هنا، هو ان "للعصابة الارهابية" عادة مطالب ولا تعمد الى اعدام رهائنها الا اذا تعذر تحقيق هذه المطالب، اما في حالة ادارة بوش والمتعاونين معها فهم الخاطفون، وهم المطالبون في الوقت ذاته، مطالبون من الشعب الاميركي بسحب القوات، ومطالبون من شعب العراق بانهاء الاحتلال.
في ضوء هذه التساؤلات أتى اعدام طه ياسين رمضان في الذكرى الرابعة لغزو العراق ليطرح هو الآخر التساؤل الاكثر خطورة: هل هذا الاعدام تتويج لانتصار مؤزر حققته جيوش الاحتلال وادواتها في العراق، ام تعبير عن واقع مأزوم، بل عن حالة احتضار يعيشها المحتل في العراق؟
قد يقول قائل ان المحتل صدق مجدداً كذبة اعوانه الذين اعتبروا يوم احتلال بلدهم قبل اربع سنوات "عيدا وطنيا"، فأراد أن "يحتفل" معهم "بعيدهم" الوطني باعدام نائب الرئيس العراقي في اول ايام الغزو، بعدما "احتفل" معهم باعدام الرئيس نفسه في اول ايام عيد الاضحى المبارك.
وفي جميع الاحوال، هناك تفسيران لاعدام رمضان، وهو الرابع في لائحة الاعدامات بين قادة البعث في العراق:
التفسير الاول هو ضيق ممزوج بالحقد والثأر يملأ كيان المحتل وأدواته من صلابة رمضان، كسائر اخوانه المعتقلين من قيادة البعث وكوادره، وتمسكهم برئيسهم ورفاقهم ووطنهم، ورفضهم ان يلعب اي منهم دور التنصل او الوشاية او الادلاء بشهادة ضدهم.
أما التفسير الاخر فهو ان المحتل وأعوانه يريدون التخلص بسرعة من اركان النظام السابق للاحتلال، من خلال اعدامهم بتهمة ما جرى في "الدجيل" التي هي التهمة الاقل أهمية بين سائر الاتهامات الاخرى الموجهة اليهم، لكي يدفنوا باعدامهم تلك الحقبة الطويلة من تاريخ العراق بكل ما فيها من اسرار واخبار وخفايا لا تنحصر تداعياتها داخل العراق، بل قد تمتد الى خارجه، ولا تكشف دور بعض أركان النظام الاميركي والاقليمي والعربي فحسب، بل تكشف ايضاً دور بعض اركان ما يسمى "العملية السياسية" ذاتها خاصة ان بعضهم اليوم يتبوأ أرفع المراكز في حكومة "المنطقة الخضراء".
لكن هذين التفسيرين لا يغيران في المقابل من حقائق بارزة رافقت هذا الاعدام.
الحقيقة الاولى ان طه ياسين رمضان (الذي يحمل اسمه الثلاثي ايحاءات مثقلة بالرموز التراثية المقدسة المعبّرة عن البيئة الايمانية التي جاء منها) قد قابل الاعدام، هو ايضاً، برباطة جأش وايمان عظيم، مدركاً ان الموت على يد المحتل شهادة يكرم الله بها من يحب من عباده.
الحقيقة الثانية ان طه ياسين رمضان ذا الاصول الكردية يستكمل مع سائر رفاقه الشهداء أو الاسرى، صورة حزب البعث الذي نجح قبل الاحتلال وبعده أن يكون صورة للعراق الواحد بكل اعراقه وطوائفه ومذاهبه، تعبيراً ملموساً عن الحقيقة الوطنية الموحدة للشعب العراقي التي حاول المحتل عشية الغزو وبعده أن يمزقها بالمصطلحات العرقية والطائفية والمذهبية تمهيداً لما نشهده اليوم من توترات اهلية، وصولاً الى ما خطط له المحتل، ومعه الموساد الصهيوني، من فوضى تقسيمية وتوجهات فيديرالية.
الحقيقة الثالثة ان طه ياسين رمضان الذي تولى منصب وزير الصناعة العراقية في السبعينات، نجح مع رفاقه في اطلاق نهضة صناعية واسعة في العراق شملت العديد من المؤسسات الصناعية التي شكل انتاجها قسماً كبيراً من دخل العراق غير النفطي والتي وفرت فرص عمل واسعة لمئات الآلاف من شباب العراق وشاباته.
ومن المفارقات الصارخة ان اعدام رمضان (مهندس الصناعة العراقية) قد تم في الفترة ذاتها التي تشير فيها دوائر اميركية في البنتاغون (بول برنلكي أحد مساعدي وزير الدفاع) الى ضرورة اعادة تشغيل فورية لأكثر من 143 منشأة عراقية عائدة للقطاع العام والمتوقفة عن العمل (من اصل 193 منشأة) من اجل معالجة ازمة البطالة بين العراقيين والتي بلغت اكثر من 50 في المئة خارج المنطقة الكردية، خصوصاً ان الشباب العاطل عن العمل يشكل مورداً بشرياً مهماً لتنظيمات المقاومة.
اما المفارقة الاخرى التي لا تقل اهمية عن تلك فهي ان اعدام طه ياسين رمضان قد تم قبل ايام من انعقاد القمة العربية في الرياض، ومع ان رمضان كان العضو الثابت في كل الوفود العراقية الى قمم ما قبل الاحتلال لم يستحق اعدامه من المسؤولين العرب كلمة ادانة واحدة على غرار ما فعله وزير الخارجية الروسي لافروف، بل ان رمضان كان المسؤول العربي الابرز في حمل ملف التكامل الاقتصادي والتجاري العربي الى معظم العواصم العربية حيث نجح في عقد اكثر من سبع اتفاقيات للتجارة الحرة مع دول عربية عدة ابرزها مصر التي كان طه وغيره من قادة البعث يشددون على مركزية دورها في الحياة العربية.
فهل يمكن ان نعزو اعدام طه ياسين رمضان، بتهمة لم تنجح المحاكمات في اثباتها، الى دوره في بناء الاقتصاد العراقي وفي السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي؟ بل هل تم اعدامه ورفاقه لانهم تجرأوا، في ما تجرأوا، على تأميم نفط العراق في 1 حزيران 1972، ففتحوا في جدار الاحتكار النفطي الغربي كوة للعراق ولكل الدول المنتجة للنفط؟
فأياً يكن حجم الاخطاء والخطايا التي يمكن ان تلصق بتجربة البعث في العراق، فان احداً لا يمكن ان ينكر ان هذا الحزب حزب عابر للاعراق والطوائف والمذاهب، بل هو ضمانة لعروبة العراق التي بدورها كانت ضمانة وحدة العراق في السبعينات والثمانينات.
يبقى ان يتذكر المحتل وأدواته حقيقة تاريخية كبرى، هي ان اغتيال القادة والرموز فكرة قديمة ومتخلفة تؤدي الى عكس اهدافها، تماما مثلما النيل من حياة القادة لا يمكن ان ينهي الافكار التي حملوها، او يلغي الاحزاب التي أسسوها او شاركوا في نضالها.
إن السير في اعدام قادة البعث، وجلّهم بات على مشارف السبعين من العمر، هو بدون شك أسرع الطرق لانبعاث البعث من جديد بدلاً من اجتثاثه، فأياً تكن طبيعة الاتهامات المنسوبة لهؤلاء القادة، فان الشعوب لا يمكن ان تنسى ابناءها وقادتها الذين يغتالهم الاحتلال وأدواته، بل إنها تدرك ان هذه الاغتيالات ستحولهم الى رموز بين شعوبهم، التي بدورها تسامحهم على ما اقترفوه، لتشعل بدمائهم نار المقاومة التي لا بد ان تنتصر بإذن الله.
النهار 6 - 4 - 2007
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
nmyours@gmail.com
-
يوم جاءتنا رسالة صدام بقلم:عبد الباري عطوان
تاريخ النشر : Monday, 09 April 2007
عبد الباري عطوان
قبل اربع سنوات، وبعد استيلاء القوات الامريكية علي العاصمة العراقية بغداد، اعلن الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش بكل فخر ان الحرب انتهت وان مرحلة الأمن والاستقرار والرخاء في العراق قد بدأت.
في اليوم نفسه، كان الرئيس العراقي الراحل وسط انصاره، محمولاً علي الاعناق، ومؤكداً ان الحرب الحقيقية ستبدأ الآن لمواجهة الاحتلال، بعدها اختفي عن الانظار ليقود المقاومة، ويعيد تنظيم صفوف المتطوعين بطريقة بدأت تعطي ثمارها بشكل لم يتوقعه الرئيس جورج بوش ولا حليفه توني بلير، وكل الزعماء العرب الذين تواطأوا مع العدوان، وفتحوا ارض بلادهم وقواعدها لانطلاق قواته نحو بغداد.
وقفنا في هذه الصحيفة، ومنذ وصول اول جندي امريكي الي ارض الجزيرة العربية صيف عام 1990، وبعد اجتياح القوات العراقية للكويت، في خندق الأمة العربية، وبالأحري في الخندق المقابل للخندق الامريكي، لأن بوصلتنا كانت دائماً تؤشر الي ما هو عكس السياسات الامريكية في المنطقة التي كانت تصب دائماً في مصلحة العدوان الاسرائيلي.
توقعنا المقاومة، وتوقعنا هزيمة مشروع الاحتلال الامريكي، ليس لأننا نضرب في الرمل ونقرأ الطالع، وانما لادراكنا ان جميع الاحتلالات في التاريخ منيت بالهزائم المذلة في نهاية المطاف، ولم يسجل التاريخ مطلقاً هزيمة المقاومة ورجالاتها الذين يريدون تحرير بلادهم وطرد قوات الاحتلال.
كنا، وما زلنا، علي ثقة مطلقة، بأن الشعب العراقي، والشرفاء منه علي وجه التحديد، وهم الاغلبية، ويمثلون مختلف الطوائف والاعراق والاديان، سيتصدي للاحتلال، ويقاوم مشاريعه، والذين اتوا علي ظهر دباباته، لانه شعب اصيل يمثل سبعة آلاف سنة من الحضارة والتصدي للغزاة، من مختلف الاتجاهات.
لم نفاجأ عندما جاءتنا الرسالة الاولي (واحدة من خمس رسائل) علي جهاز الفاكس بتاريخ 28/4/2003، وبخط يد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مخاطباً الشعب العراقي والأمة العربية عبر هذا المنبر، مبتدئها بالبسملة وآية قرآنية تقول ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار، وكان عهد الله مسؤولا ومبشراً فيها الشعب العراقي العظيم وابناء الأمة العربية والاسلامية، والشرفاء في كل مكان بأنه مثلما دخل هولاكو بغداد دخلها المجرم بوش بعلقمي بل واكثر من علقمي مطالباً شعبه انتفضوا ضد المحتل، ولا تثقوا بمن يتحدث عن السنة والشيعة، فالقضية الوحيدة التي يعيشها عراقكم العظيم الآن هي الاحتلال ومؤكداً علي الوحدة اتحدوا يهرب منكم العدو ومن دخل معه من الخونة مختتماً رسالته بقوله سيأتي باذن الله يوم التحرير والانتصار لأنفسنا، والأمة، والاسلام. عاش العراق العظيم، وعاش شعبه، عاشت فلسطين حرة عربية من البر الي البحر.. والله اكبر .
نبوءة الرئيس العراقي في تصاعد المقاومة تحققت، ولكن تحذيره من الفتنة الطائفية لم يجد من يصغي اليه، خاصة من بعض ابناء العراق، فقد سقط الكثيرون في مصيدة الطائفية التي اعدها الاحتلال ومن جاءوا معه بعناية فائقة، وراح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين الابرياء امتلأت ثلاجات المستشفيات بجثثهم الطاهرة، وتحول العراق كله الي مقبرة جماعية.
المقاومة العراقية التي بدأت منذ اليوم الاول للاحتلال لم تكن عفوية، وان كانت بعض جوانبها كذلك، بل كان مخططاً لها بشكل جيد، من خلال قيادات سرية ومخازن اسلحة جري بناؤها قبل اشهر، وعناصر مدربة تدريبا متقدما علي حرب العصابات.
نبوءة الرئيس بوش بانتهاء الحرب لم تتحقق، فما زال يرسل المزيد من القوات الي العراق، ويستجدي الكونغرس لاعتماد المزيد من الاموال، أما عراق الرخاء والاستقرار الذي وعد بانشائه فأصبح مرتعاً للسيارات المفخخة، وفرق الموت، والميليشيات الطائفية واللصوص وعصابات الاجرام.
حكام العراق الجديد يعيشون في منطقة لا تزيد مساحتها عن ميلين مربعين، وسط حراسات مشددة، لا يستطيعون مغادرتها، وان غادرها بعضهم فإلي المنافي الآمنة في الغرب، حيث ما زالت تعيش اسرهم وسط بحبوحة من العيش، ينعمون بالمليارات المسروقة من قوت الشعب العراقي.
مئة وستون الف جندي امريكي مجهزون بأحدث العتاد، ومدربون في احدث المدارس والكليات العسكرية، علاوة علي خمسة وعشرين الف جندي من القوات المتعددة الجنسية، ومئتي ألف جندي عراقي موزعين بين قوات أمن وحرس وطني، ومثل هذا العدد من الميليشيات العربية والكردية، وفوق هذا وذاك عشرة آلاف جندي بريطاني، ومع ذلك عجزوا عن تأمين طريق مطار بغداد ناهيك عن باقي احياء العاصمة.
العراق اليوم، وفي الذكري الرابعة لسقوط عاصمته في ايدي القوات الامريكية الغازية، يعيش ظروفاً غير مسبوقة في السوء، فلا ماء ولا كهرباء ولا أمن ولا مدارس او جامعات، ولا مستشفيات، الشيء الوحيد المتوفر هو المقابر وثلاجات حفظ جثث الموتي.
عراق اليوم هو جمهورية الخوف الحقيقية يهرب منها العراقيون بمئات الآلاف شهرياً، ويعيش اسوأ انواع التعذيب والقتل، جثث في الشوارع مثقوبة جماجمها بالمثقاب الكهربائي، وممثل فيها بطرق يعف القلم عن وصفها.
كنعان مكية، مؤلف جمهورية الخوف وابرز مفكري الاحتلال والمحرضين علي غزو العراق وتغيير نظامه، امتلك الشجاعة الكافية لكي يعتذر للشعب العراقي، وينأي بنفسه عما يحدث في بلاده من قتل وتعذيب وتخريب، ويعترف بأنه انخرط في البكاء عندما شاهد الرئيس العراقي صدام حسين يذهب الي حبل المشنقة.
الاعتذار مفيد، ولكنه متأخر جداً، وغير ذي معني، فقد بلغ الخراب درجة يستعصي فيها الاصلاح، او ربما يحتاج الي عقود عديدة، وقيادة جديدة صلبة، وربما شعب جديد.
الرئيس صدام حسين ذهب الي حبل المشنقة مرفوع الرأس، شامخ القامة، ممثلاً كبرياء العراق وعزته وكرامته الوطنية، فالرجل لم يخن، ولم يتعاون مع احتلال، ولم يفرط بالثوابت الوطنية، وترك خلفه اجيالاً من الرجال الذين يقاتلون من اجل تحرير ارضهم.
بحسابات الربح والخسارة، يمكن ان نقول بأن الرئيس العراقي انتقل الي جوار ربه وقد مهد الطريق الي النصر، وجرّع اعداءه مرارة الهزيمة الكأس تلو الاخري، ولذلك استشهد وهو مرتاح الضمير، علي عكس خلفائه الذين تعاونوا مع الاحتلال واوصلوا شعبهم الي ما وصل اليه من خراب ودمار.
العراق المقاوم كلف الادارة الامريكية 500 مليار دولار حتي الآن، وثلاثة آلاف قتيل، وخمسة وعشرين الف جريح، واذلالا عسكريا وسياسيا غير مسبوق، وهي خسائر لم يلحقها بأمريكا الاتحاد السوفييتي في ذروة قوته وعظمته وثلاثون الف رأس نووية في حوزته.
سمينا الاشياء باسمائها، وقلنا انه احتلال، واكدنا انها مقاومة، فعانينا الكثير وما زلنا من اتهامات ابواق الاحتلال، والسائرين في ركبه، وها هو العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز يقولها صراحة، وعبر منبر القمة العربية، بأن العراق يعيش احتلالاً غير شرعي، فهل يا تري قبض العاهل السعودي من صدام، وهل حصل علي كوبونات نفط؟
[align=center]
 [/align]
-
مقتدى الصدر.. غرابة أطوار، أم حلقة في مؤامرة ؟!
بقلم : زياد أبوشاويش
كاتب فلسطيني
تستدعي مناسبة سقوط بغداد ذكريات حزينة في نفس كل مواطن عربي ، وبالخصوص فلسطيني ، حيث ما زالت مشاهد القتل الوحشي، والتدمير المنهجي لكل حضارة العراق، المجسدة لحضارة أمة وتاريخها المجيد، ماثلة في الأذهان .. من يستطيع أن ينسى نهب متحف بغداد في نفس يوم دخول القوات الأمريكية لعاصمة الرشيد ؟ من يستطيع أن ينسى جثامين الشهداء الأبرار ملقاة على قارعة الطريق هنا وهناك والجنود الأمريكيون يمرون بجانبها من غير اكتراث ؟ من يستطيع أن ينسى بكاء الثكالى والأطفال حول الجرحى والمتألمين بعد القصف غير المسبوق لحواضر العراق ومدنها بلا تمييز ؟ .
ومن الذي يستطيع أن يغفر لهؤلاء الذين مهدوا وسهلوا هذا العدوان الغاشم على قطر عزيز من أقطار وطننا الكبير الذي ابتلي بعملاء الاستعمار والمتعاونين معه ؟ ومن يمكنه أن ينسى هذه الوجوه الغريبة عن ملامح العراق الأبي وهي تنحني للمستعمر وتنفذ خططه وتعمل بإرادته تحت شعارات كاذبة ووضيعة ؟ لعلنا لا نبالغ إن قلنا أن كل شهيد وكل جريح وكل أسير عراقي ، بل كل ذرة تراب عراقية دنست بأقدام الاحتلال والغزاة ستبقى تلعن هؤلاء العملاء والخونة الى يوم يبعثون . الألم كبير والجرح ما زال ينزف ولم يحن الوقت لمراجعات دقيقة ومنصفة ، ولكن لابد أن نعيد تذكير أبناء شعبنا العربي بأن سقوط بغداد كان يوماً لسقوط كل من تواطأ أو صمت على هذا العدوان الغاشم على شعبنا العربي في العراق . وهو أيضاً يوم قيامة العراق من جديد ، العراق الحر العربي الموحد ، يوم بدء المقاومة الباسلة ضد المستعمر الجديد وعملائه .
هذا اليوم الحزين تتبدل ملامحه يوماً بعد يوم ولعلنا نراه قريباً وجهاً باسماًً كما عهدناه بفضل المقاومة الوطنية العراقية الباسلة بكل أطيافها ، ولعل ظواهر كثيرة تؤكد اقتراب يوم النصر ، وأوضحها فشل خطة بوش الحمقاء رغم مرور شهرين عليها وسقوط المزيد من القتلى في صفوف قوات الاحتلال والمتعاونين معه ، والمطالبات الملحة من جانب ممثلي الشعب الأمريكي بإنهاء الاحتلال قبل نهاية العام القادم .
إن موضوع مقالنا ليس حدث سقوط بغداد في يد الغزاة وعملاءهم، ولكن مرور هذه الذكرى يرغمنا على الإشارة لها قبل أن نتناول العنوان الذي يرتبط بهذا القدر أو ذاك بالحالة التي وجد الشعب العراقي نفسه يتعامل معها غداة احتلال بغداد ، خصوصاً وأن المظهر الشعبي الوحيد لرفض هذا الاحتلال في ذكراه الرابعة قد أتى من الرجل الذي نتناوله في عنواننا ، والذي خرج مؤيدوه بعشرات الآلاف في النجف قادمين من أماكن نفوذ السيد مقتدى الصدر للتنديد بالاحتلال والمطالبة برحيله ! .
سلسلة من الأحداث والتطورات مرت على العراق خلال هذه الفترة ، حملت بعضها دلالات النصر وأخرى مؤشرات الهلاك في فتنة طائفية مقيتة ، كما برزت تناقضات وتشابكات تحتاج لرصد ومتابعة ضمن سياق الرؤية لكيفية الخروج من المأزق العراقي سواء بالنسبة للاحتلال أو من جاءوا على ظهر دباباته من العملاء والجواسيس، أو بالنسبة للقوى الوطنية المناهضة لهذا الاحتلال بمظهرها العنفي والمسلح، أو بمظهرها السلمي ، وحتى لا نعود لتناول أي فكرة على خلفية الهدف الأمريكي المعلن والخادع حول التحول الديمقراطي في العراق نؤكد قبل أن نكمل على حقيقة ترسخت عبر هذه السنوات الأربع العجاف تقول بأن العدوان على العراق لم يكن فقط غير شرعي ومبني على تزوير الحقائق وغير هذا من القضايا المعروفة ، بل الأهم من هذا أن هذه الحرب الغاشمة لم تحقق أي تقدم على صعيد حرية الشعب العراقي ودمقرطة مجتمعه ، بل لقد فشلت الطريقة الأمريكية، ولم تعد تنطلي على أحد كل الكلمات والطروحات الممجوجة والكاذبة والتي يلوكها بوش وعملائه في العراق بين الفينة والأخرى .
وفي خضم الحالة العراقية المتلاطمة الأمواج والدماء برز شاب عراقي يتحدث العربية بلكنة غريبة الى حد ما يدعى مقتدى الصدر لا يزيد عمره عن الثلاثين عاماً ويقال أنه لا يزيد عن الخمسة والعشرين ، ويصفونه بالشاب المولع بالألعاب الالكترونية ( الاتاري ) ، لكنه سرعان ما جذب الاهتمام لنفسه، بموقفه الرافض للاحتلال، والداعي لمقاومته وخروج المحتل من الأرض العراقية ، وفي نفس الوقت حديثه الحاد والقاسي على النظام العراقي البعثي واتهامه إياه بأسوأ ما يمكن في لوائح الاتهام ووصفه بأقذع الصفات ، والتي تتلاقى بهذا القدر أو ذاك مع اتهامات العدو الأمريكي ذاتها ، كما الوصف الإيراني للرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، وفي هذا قد يكون الأمر مفهوماً ، لكنه بالتأكيد غير مقبول لدى الكثير من أبناء العراق .
وقد أرفق السيد مقتدى الصدر كلامه عن الاحتلال بممارسة عصيان سياسي أدى الى مجابهة عسكرية بين أنصاره وبين الجيش الأمريكي وحلفائه بالنجف ، وقتل من قتل وانتهت المعركة بمصالحة ألزمته بمغادرة النجف ، وتجريد جماعته من السلاح ولو بشكل رمزي .
لقد حظي مقتدى الصدر بتأييد غالبية الشعب العراقي والعربي في تلك الأثناء ، وقد قامت كل القوى العروبية والمناهضة للاحتلال بدعمه بشكل علني ، وكان دعم مدينة الفلوجة البطلة له ذا دلالة رمزية شديدة التأثير ، بل لقد وضعه الناس موضع تبجيل واحترام ، وصدقوا كل ما كان يقوله حول العروبة والإسلام ونبذ الطائفية الى آخر حديثه الذي كنا نسمعه بين فترة وأخرى ، كما أن تصنيف الأمريكيين له بالإرهابي جعلنا نطمئن الى هوية الرجل . لكننا سرعان ما بدأنا في تغيير وجهة نظرنا تجاهه ، مع المزيد من علامات الاستفهام حول دوره، وحقيقة موقفه سواءً من الاحتلال أو من التدخل الإيراني المباشر والمزعج في الشؤون العراقية الداخلية ، وحتى نرى حجم التناقض في سلوكيات الرجل والتي تبرر كلامنا عن غرابة الأطوار وتطرح علامات استفهام حول مكانة الرجل ودوره ، لابد أن نلقي نظرة على بعض المسائل التي تساعدنا في التقصي عن مكان الرجل الحقيقي في كل ما يجري بالعراق .
من المعروف أن السيد مقتدى الصدر قد بنى موقفه تجاه النظام العراقي العروبي بقيادة صدام حسين على معلومات خاطئة تتعلق بمقتل والده الشهيد محمد صادق الصدر ، حيث يعتقد الرجل أن نظام البعث وصدام حسين بالذات هو من أمر بقتل والده ، ولكن المعلومات التي يعرفها بعض العراقيين من المتابعين والمطلين بشكل صحيح على الصراع في العراق بين القوى الدينية التابعة لبعض المرجعيات وخصوصاً تلك التي ترتبط بإيران بهذا القدر أو ذاك يؤكدون أن الجهة التي قتلت آية الله محمد صادق الصدر هي فيلق بدر أو ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية التابع لآل الحكيم ، ولعل البعض ممن حضر مجلس عزاء السيد الصدر في قم بإيران يتذكر كيف استقبل الحضور من المعزين السيد محمد باقر الحكيم بالأحذية والشتائم ، لأنه كان يصف الشهيد الصدر بالعميل للنظام العراقي ولصدام حسين . ومعروف أن محمد باقر الحكيم تعرض بدوره لعملية اغتيال قاسية ودموية أودت بحياته ومعه عدداً من أتباعه في مطلع الشهر التاسع من عام 2003 بعد أقل من أربعة أشهر على دخوله العراق على ظهر دبابة أمريكية قادماً من إيران . ومعروف أن النظام العراقي السابق كان يدعم الشهيد الصدر، لأنه كان وطنياً صادقاً وعروبياً لا يشك في ولائه لامته ونصرة قضاياها والمستضعفين منها .
والآن وبعد هذه الإطلالة على بعض الأحداث التي وسمت تاريخاً سابقاً لظهور مقتدى الصدر قائداً وموجهاً لجيش من الأنصار والمحازبين الذين يدينون له ولأسرته بالولاء ومعروفين باسم جيش المهدي ، فانه من المفيد الإشارة إلي محطة هامة ربما تكون لعبت دوراً في تغيير الرجل وبدء حالة من التخبط في سلوكه ، وأعني بها تلك الزيارة الهامة لطهران ، حسب المعلومات الواردة من العراق ، والتي قيل فيها أنه تلقى هبات مجزية من هناك تصل الى خمسين مليون دولار، كما بتعليمات جديدة تجعل من سلوكه رهناً بموقف إيران ومصالحها في العراق ، وتعزيز ميليشياته في بغداد خصوصاً ( وربما لا تكون هذه معلومات دقيقة ) .
لقد بنى الوطنيون العراقيون آمالاً عريضة على جيش المهدي ، وبدل أن يستمر هذا الجيش في توجيه بنادقه تجاه الاحتلال بدأ بحملة طائفية من الكراهية والتحريض ، جعلته يتصدر قائمة القتلة للوطنيين والمقاومين من أهل السنة ومن أبناء الشعب الفلسطيني ، ولعل البشاعة التي مارس بها جيش المهدي عمليات القتل على الهوية واقتحام المنازل والتطهير المذهبي قد جعلت ألف علامة استفهام تظهر حول تيار مقتدى الصدر وسلوك عصابات إجرامية تحمل اسمه ، ولم ينفعه بعض ما أدلى به حول براءته من هؤلاء القتلة .
وعلى الصعيد السياسي قام الصدر بالمشاركة في حكومة طائفية يعرف أنها حكومة عميلة ولا تأتمر بأمر المصلحة العراقية بل تسهل عمل المحتل وتسوق له ، ولعل هذا الأمر ألقى بمزيد من الظلال على سلوك الرجل وموقعه ودوره ، وربما يكون لإيران دور بمشاركته في العملية السياسية، كما للتهديدات الأمريكية ونصائح الحلفاء ، لكن التنديد بالاحتلال والسعي لرحيله يستوجب سلوكاً مغايراً تجاه العملية السياسية ، وليس الانخراط في ائتلاف طائفي مع القوى الأقرب للاحتلال ، والأكثر غرابة أن يقوم الصدر وكتلته البرلمانية بدعم جماعة حزب الدعوة والمالكي خصوصاً وهو يعلم أن مصلحة العراق وعروبته هو آخر شيء يعنيهم .
إن منطق الصراخ ضد الاحتلال لا يتفق مع هكذا مواقف مع الحكومة وضد المقاومة ولو كان السيد مقتدى الصدر صادقاً في عدائه للاحتلال وهذا ما نتمناه لوقف بجانب المقاومة ودعمها كما يفعل كل الصادقين من أبناء العراق وقياداته الوطنية ، كما أنه يجب أن يوقف صنائعه عن القتل الطائفي والمذهبي ويكف عن الانتقام والتطهير اللاانساني .
إن اختفاء الصدر في هذه الفترة قد أثار العديد من التكهنات حول أسباب ذلك ومكان اختفائه ، ولعل أغرب ما قيل حول ذلك هو أن أمريكا تستهدفه ضمن خطتها الجديدة ، والحال أن أمريكا كانت تستطيع قتله دائماً ، وهي قادرة اليوم وغداً على ذلك ، وبالتالي فان تسويق هكذا معلومات يزيد من علامات الاستفهام وحقيقة الدور المناط بالرجل . ولعل الشيء الوحيد الذي يجلي حقيقة الأمر هو انخراط الصدر وتياره في المقاومة والتوقف عن دعم حكومة العملاء إن أراد أن يصدقه الناس ، والتوجه نحو إخوته في فصائل المقاومة والابتعاد عن تنفيذ أجندات غير عراقية ، ولعله من المفيد أن نذكر الرجل بأنه إذا كان يستمد أفكاره كما قيل من مفاهيم العلماء الأجلاء : آية الله احمد البغدادي والشيخ آية الله حسين المؤيد والشيخ الخالصي ، هؤلاء العروبيون حتى النخاع وهم من طائفته وجديرون بالإتباع ، فعليه أن يمارس ذلك بالعمل الصادق وبالتوجيهات الواضحة لأتباعه وسيجد في هذه الحالة كل الأمة تدعمه وتؤيده وتقدم له كل المساندة كما كل الاحترام .
ونختم بالقول أن انتشار المد الديني بشكله المتساوق مع الاحتلال ، وانتزاعه للصدارة في العمل السياسي إنما يعود لضعف القوى الوطنية العروبية والعلمانية ، واعتماد هذه القوى على التنظير أكثر من العمل المباشر والانخراط في المقاومة بالشكل المطلوب ، ولعل مقتدى الصدر وغيره من أصحاب المليشيات لم يكونوا ليصلوا الى هذه المكانة لو تضافرت جهود القوى الأخرى في التصدي للعقلية الطائفية التي تدعم الاحتلال وتبقيه لأطول فترة ممكنة ، وتجعل بوصلة المواجهة تنحرف الى غايات تخدم هذا الاحتلال وتعرقل عملية التحرير وبناء عراق حر وديمقراطي وموحد ، إننا نتمنى أن نجد لدى السيد الصدر الصدى المطلوب والوضوح الكافي في سلوكه وممارساته ، لتخدم هذه المواقف والممارسات العراق وشعبه وتنهي حالة الشك وعلامات الاستفهام حول دوره.... وربما مستقبله ؟ .
زياد أبوشاويش
Zead51@hotmail.com
------------------------
هذا الكاتب يدعي العلمانية ويبين ذلك في الاسطر الاخيرة ولكن مع ذلك لاحظوا كيف يغوص في الطائفية المقيتة ، ففي كل كلمة من كلماته سم طائفي نتن ... وهذا ما نؤكده دوماً أنه لا وجود للعلمانية في عالمنا العربي .. مجرد كيانات طائفية حقيرة وحقودة
-
الضمير الشيوعي الخايس !!
ما بين مظاهرات مقتدى وضرب البرلمان!
16/04/2007
الدكتور عزيز الحاج
لا شك في أن التفجيرات في البرلمان العراقي نفسه، حدث في منتهى الخطورة ودليل على أن جرائم أعداء العراق قد بلغت أقصى مداها.
الوضع العراقي بالغ الحرج وما يجري على أرضنا من عنف دموي يومي وقتل الجملة، وتخبط الزعماء وتناقضاتهم، وكبر المشاكل، تشير كلها إلى أنه نادرا ما يوجد اليوم بلد في العالم يعاني يمر بوضع أسوأ من الوضع العراقي.
لاشك أن السيد رئيس الوزراء شخصية سياسية نزيهة ومتجرد من انفلات الاعتبارات الشخصية، كما لا شك في صدق وطنيته ووفائه للعراق. وإذ نسجل له هذا فيجب أن نشير أيضا لضخامة المهمات الملقاة على عاتق حكومته، والوضع الحرج الذي يعانيه، حيث أن بلوغ الخطر أقصاه لا يمكن أن يواجه بحزم وبصيرة بحكومة قامت أساسا على المحاصصة ولبعض أحزابها مليشيات مسلحة.
حكومة المالكي تواجه اتحاد كل القوى المعادية من صدامية وقاعدية وصدرية. إنها تواجه تدخلا إيرانيا واسع النطاق دون أن تجرؤ على إعلان ذلك إن لم يكن تكذيبه مرة بعد مرة.
قوى القاعدة تزداد نشاطا تدميريا، وهي تتلقى رفدا جديدا كل يوم من إرهابيين متسللين ومن أموال بعض الدوائر العربية. وشبكات أعوان صدام تحتفظ بأسلحة وأموال كافية؛ أما جيش المهدي الإرهابي فالبركة في عمائم طهران! وكل يوم تم اكتشاف بينات جديدة على أن إيران تساعد كل أطراف العنف والإرهاب، من سنية ومن شيعية لكونها لا تريد غير استمرار الفوضى الأمنية وتواصل الفتن الدموية. ويعلم الجميع أن نظام القفيه الأعظم يلعب ورقتي العراق ولبنان في مواجهة الإدانة الدولية لخططها النووية، مستغلة السياسة الروسية ذات الوجهين في التعامل مع المشروع النووي الإيراني. لقد أقام خامنئي وأحمدي نجاد مظاهرات التحدي في مواجهة المجتمع الدولي، بالقدرة على إنتاج اليورانيوم المخصّب، وردد مقتدى الصدر صدى سادته في مظاهرات النجف!
مشاكل التصدي لأخطار اليوم وتحدياته المتشابكة، تستدعي سياسة أكثر حزما وحكومة أكثر تماسكا واتحاد الأهداف، كما يستدعي تغييرا في التحالفات، وعدم دفع الأمور للأسوأ بإثارة قضايا مزمنة شديدة الحساسية، والحديث مجددا عن فيدراليات جديدة.
لقد برهنت تجاربنا خلال أربع سنوات، كما تبرهن اليوم تفجيرات الجزائر، على أن كل تساهل مع قوى العنف والإرهاب،، باسم كسبها أو باسم المصالحة أو بحجة أن الإرهابيين قد "تابوا " في السجن نهج خطر وعواقبه كارثية.
الحكومة العراقية والقوات الأمريكية سبق أن أطلقوا سراح المئات من العناصر التي اعتقلت بتهمة الإرهاب أو مساعدة الإرهابيين. ربما كان بين هؤلاء فريق قد ندموا فعلا أو تبينت براءتهم، ولكن هذا لا ينطبق على الجميع. لنتذكر حالة الإرهابي الرشماوي، الذي كان معتقلا في أبو غريب وأطلق سراحه، فإذا به يفجر نفسه في فندق بعمان ومعه متواطئة إرهابية هي شقيقته، واليوم تشعر الحكومة الجزائرية أنها أخطأت خطأ بالغا بإطلاق سراح الإرهابيين، الذين لا يمكن أن "يتوبوا" مثلما لا يتوب القاتل المحترف في جرائم الحق العام. لقد وقعت حالات كثيرة في الدول الغربية حيث يطلق أحيانا سراح قاتل محترف، أو مغتصب سادي للأعراض قبل إنهائه أحكامه بحجة "حسن السلوك"، ولكن معظم هؤلاء وأمثالهم يستغلون الحرية لمزيد من الإجرام وربما إجرام أبشع.
إذا لم يكن ممكنا اليوم تشكيل حكومة مصغرة ومستقلة تماما لمواجهة أخطار الإرهاب والعنف الطائفي، فإننا نرى أن حكومة المالكي يجب أن تضع خططا أكثر وضوحا وحزما في مواجهة التدخل الإقليمي، وأن تطهر الحكومة من الصدريين، حلفاء أمس.
في هذا المنعطف، بإمكان التحالف الكردستاني أن يلعب دورا حاسما لإنقاذ العراق، مما يتطلب منه إعادة النظر في تحالفاته ومواقف أكثر هدوءا وبعد نظر في المطالبة بإقرار حقوق كردية مشروعة.
إن وجود القوات المتعددة الجنسيات يجب استغلاله بوعي كامل وبجرأة لتحقيق خطوات تحلحل الكارثة الأمنية. وقد أحسنت الحكومة جدا في رفض الضغوط الداخلية والإيرانية للمطالبة بخروج هذه القوات بأسرع وقت، حيث أن الوضع يستدعي بقاءها فترة أخرى ولحين يقوى العراق على تصفية قوى العنف والإرهاب وإفشال المخططات الإقليمية.
--------------------------
أيران فقط هي المتدخلة في الوضع العراقي ! لا وجود للسعودية والاردن والدول العربية !
والاكثر من ذلك هي أيران التي تدعم الفصائل السنية والشيعية !
وألارهاب كله أيراني !
والقوات الامريكية ليست ، تدّخل في الشؤون العراقية ، بل أتت للسياحة حالهم حال سوّاح العتبات المقدسة والاثار ينفقون دولاراتهم في العراق لأنعاش الاقتصاد العراقي
هل يوجد لهؤلاء ذرة ضمير ؟
-
هل هذا الكاتب الدوني لديه ذرة ضمير ؟ ..
ماذا وراء عودة مقتدى الصدر إلى العراق؟
د , كاظم حبيب
28/05/2007
يتساءل الكثير من الناس عن أسباب بروز ظاهرة مقتدى الصدر, وكأنهم لم يتعرفوا عن الأسباب التي ساهمت قبل ذاك في بروز ظواهر مماثلة لها في المجتمع العراقي على امتداد تاريخه الطويل, سواء أكان ذلك في تاريخه القديم أم في تاريخ الدول الإسلامية في العراق أم في العراق الحديث والمعاصر, وسواء أقترن اسم هذا الشخص أم ذاك باسم أسرة سلالية أم عشيرة أم حزب أم دين أم جماعة مذهبية. ورغم التفاوت في الزمان, فأن السلوكية التي تميز بها هؤلاء كانت على العموم واحدة, ويبدو أنها لم ولن تتغير, مع فارق محتمل بين أصحاب هذه الظاهرة المتماثلة يرتبط ببعض السمات الخاصة التي تميز هذا المستبد بأمره أو ذاك واتجاه مزاجيته وقسوته, والتي تتجلى في تصرفاته اليومية والقضايا التي حاول أو يحاول التستر خلفها ليحقق ذات الأهداف التي سعى من ماثله قبل ذاك على تحقيقها خلال المسيرة الطويلة للعراق التي تتجاوز خمسة ألاف سنة, وأعني بها طبيعة الهيمنة على الحكم وفرض الاستبداد بأي اسم كان وتحت أي واجهة كانت.
استخدم جميع من حكم العراق أو أغتصب السلطة وحكمه أو من حاول الوصول إلى السلطة القوة والعنف وتميز بإصابته بعدد من العلل النفسية والعصبية التي تكفي واحدة منها للإساءة الشديدة للمجتمع وتمريغ كرامته بالتراب, أي أن جميع هؤلاء الحكام, والاستثناءات محدودة جداً, قد تميزا بعلل النرجسية المرضية والسادية وجنون العظمة والشيزفرينة والشكوكية المغالية بالآخر, وأحياناً اتسموا بالشعبوية, التي قادت وتقود أصحابها في المحصلة النهائية إلى طريق ونهاية لا تحمد عقباهما.
للتو خرج العراق من مصيبة أو مصائب وكوارث عظمى ألمت بالشعب كله طيلة 40 عاماً, وللتو بدأت محاولته لتنفس الصعداء والحركة الحرة غير المقيدة بصرامة, ولكنه للتو أيضاً اصطدم بمن بدأ بتقييد حريته ومنعه من كل ما يعتبر بحكم من يماثل هذه الظاهرة حراماً. لقد برزت الظاهرة الخطرة من جديد وفي أكثر من واحد يتنافسون على السلطة, ولكن بشكل خاص لدى واحد منهم يمكن, أن تسنى له الحكم, أن يقود الشعب إلى مصيبة بل مصائب أعظم, أدهى وأمر مما عاشه في سابق الأعوام والأيام, ما لم يتداركها المجتمع ويرفض العيش مجدداً ولأعوام طويلة لاحقة تحت وطأتها.
كل الدلائل التي تحت تصرفي تشير بما لا يقبل الشك إلى أن المجتمع العراقي, أفراداً وجماعات, كقاعدة عامة وليس الاستثناء, ضعيف الذاكرة جداً وينسى ألامه وأحزانه بسرعة فائقة لا يحسد عليها بأي حال ومستعد لأن يخدع أكثر من مرة دون أن تظهر عليه علامات الندم والجزع. وهي ظواهر سلبية بطبيعة الحال, رغم ما فيها من جوانب إيجابية أحياناً, ولكن يضعف جانبها الإيجابي إلى حد الاختفاء ويزداد جانبها السلبي جداً بسبب مستوى الأمية الفكرية وضعف الوعي والتخلف الحضاري الذي يعيش فيه المجتمع منذ قرون كثيرة.
كل الحكام الذين أذاقوا الشعب سوء العذاب هم من وسط ومحيط وحضارة هذا الشعب, ولا يختلف عنهم إلا في كونه قد استثمر الفرصة التي أتيحت له ليصل إلى موقع ممارسة السلطة على الشعب وضد الشعب مستفيداً من جهل الشعب الذي هو جهله أيضاً. ولكي يبقى الجاهل حاكماً يرفض رفع الجهل عن الشعب الذي يحكمه, بل يسعى إلى تكريسه بمختلف السبل والوسائل, ومنها التهديد والوعيد والجزرة والعصا في آن. ويمكن أن نتابع هذا لدى من وصل إلى السلطة أم من يسعى إليها بذات السبل التي وصل إليها قبله. وهو ما يسعى إليه مقتدى الصدر أيضاً مستخدماً الدين واسم عائلته الصدرية واستشهاد ثلاثة أعلام منهم هم السيد محمد باقر الصدر والسيدة بنت الهدى والسيد محمد صادق الصدر على يد طاغية ومستبد بأمره, هو صدام حسين.
رحب مقتدى الصدر بسقوط النظام على أيدي القوات الأمريكية, ولكنه لم يرحب بمن جاء إلى العراق حال سقوط النظام الدكتاتوري. وعدم الترحيب هذا قاد إلى موت السيد عبد المجيد بن ابو القاسم الخوئي بصورة دراماتيكية مرعبة اتهم أتباع مقتدى الصدر بها والذين شكلوا فيما بعد مليشيا جيش المهدي. وتوجه الاتهام صوب مقتدى الصدر ذاته باعتباره من أصدر قرار قتل السيد عبد المجيد الخوئي, إذ كان الرجل يريد أن يحل محل الخوئي المغدور لدى القوات الأمريكية في العراق, وكان يتصور أن السيد عبد المجيد الخوئي عميلاً للأمريكان أو منافس له. وحين لم يستطع الحلول مكانه, بدأت المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وظهر شعار خروج أو جدولة خروج القوات الأجنبية.
لا أحتاج إلى إعادة الشريط السينمائب لما حصل في العراق وفق تصورات ورغبات ونهج مقتدى الصدر ومرجعيته المعروفة في إيران والمدعو آية الله العظمى كاظم الحسيني الحائري, فأغلب العراقيين يعرفون ذلك جيداً ولكن البعض يؤيد ذلك والبعض الآخر ساكت على ذلك, أما الغاضب منهم فغير قادر على عمل أي شيء ضد ذلك أو غير راغب فيه. لقد مات الكثير جداً من البشر في أعقاب سقوط النظام. وتقف وراء القتلة تنظيمات إسلامية سياسية طائفية متطرفة كثيرة وقوى بعثية صدامية, ومن بينها وأكثرها خطراً مماثلاً لخطر القاعدة هو ميليشيات جيش المهدي, المسلحة تسليحاً عالياً والمدربة تدريباً جيداً والمهووسة بالقتل إلى حين ظهور المهدي, فهم جيشه في الأرض وهم الذين يعاقبون الناس, أنهم الخصم والحكم في آن.
ومنذ أشهر وتحت احتمال تصاعد الحملة ضد جماعة التيار الصدري, وبتعبير أدق, ضد مليشيا جيش المهدي, غادر مقتدى الصدر ومعه جمهرة من قادة جيش المهدي العراق إلى إيران, ثم عاد اليوم إلى العراق وعادوا معه. فماذا حصل خلال هذه الفترة؟ ولماذا عاد الآن؟ وماذا في جعبته؟ ومن يقف وراء كل ذلك؟ وهل ينتظر العراق المزيد من الآلام والكوارث إذا ما واصل الصدر نهجه الراهن, كما بدا ذلك في أول خطبة جمعة يلقيها في مسجد الكوفة بتاريخ 25/5/2007؟
يفترض ابتداءً أن أشير إلى أن التيار الصدري ليس كله وحدة واحدة متجانسة ومتفاعلة في ما بينها من حيث الفكر والممارسة والروح الطائفية أو من حيث الرغبة في ممارسة العنف وصولاً إلى الأهداف المحلية والإقليمية. فهذا التيار يضم في ثناياه أجنحة عديدة وذات اتجاهات مختلفة , ولكن الجناح المهيمن والفاعل والمؤثر على قرارات التيار الصدري عموماً هو الجناح الذي يقوده مقتدى الصدر والدراجي وآخرون المؤمن بالعنف ورفض الآخر وأن الغاية لديه تبرر الوسيلة أو الواسطة التي تستخدم لتحقيق الأهداف السياسية. وهذا الجناح هو الذي يقود عملياً ميليشيا جيش المهدي, في حين أن الجناح المعتدل منها ضعيف للعاية وعاجز عن الوقوف بوجه نزق وهوس وعنف التيار الأقوى. ومن هنا يفترض أن نقدر بأن غالبية أعضاء البرلمان وأعضاء مجلس الوزراء الذين انسحبوا من عضويته يأتم رون بأمر مثتدى الصدر وبفتاوى السيد كاظم الحسيني الحائري وأخيراً السيد علي الخامنئي, مرشد الثورة الإسلامية وإمام المسلمين.
إن الإجابة عن الأسئلة التي وردت في أعلاه كانت تستوجب هذا التوضيح لنتبين طبيعة العلاقة التي تربط هذا التيار الشيعي بالتيار الشيعي في إيران, رغم الحديث عن وجود فارق بين شيعة الإمام السادس جعفر الصادق في العراق وبين شيعة إسماعيل الصفوي في إيران.
لقد غادر مقتدى الصدر وقيادته العراق لفترة قصيرة في ضوء اتفاق تم مع قوى الإسلام السياسي الأخرى وإلى حين مرور العاصفة التي توقعها البعض ضد التيار الصدري من جانب القوات الأمريكية والحكومية. ولكن عودته لم يتم تالاتفاق عليها مع أطراف في الحكونة العراقية, وخاصة مع السيد المالكي وجناحه في الحكم. لقد جاءت عودته في ظروف تتميز بظروف ملموسة يمكن تشخيصها فيما يلي:
1. الاعتقاد بفشل خطة أمن بغداد والعراق التي بدأت قبل ستة شهور تقريباً, ورغم أنها لم تنته بعد, إلا أن سلامة مجموعات التيار الصدري وقوى مليشيا جيش المهدي من الضربة الموجعة التي كان البعض يتوقعها, هي التي جعلت من عودته فائدة تتوقعها قيادة التيار ومن نصحه بالعودة إلى العراق.
2. إن تكتيك انسحاب قوى التيار الصدري من الحكومة, أعفى هذا التيار من أي التزام حكومي, وبالتالي, فمن حق التيار ممارسة السياسة التي يرتأيها دون قيود أوشروط, بما في ذلك العمل ضد الحكومة وضد سياستها بحجة الاستقلالية.
3. إن المرحلة القادمة ستكون قاسية على الحكومة العراقية وعلى القوات الأجنبية في العراق, وبالتالي فأن التيار الصدري يريد أن يلعب دوره في خلق تحالف سياسي يطمح بإخراج سريع للقوات الأمريكية من العراق ليخلو الجو له ولقوى إسلامية سياسية أخرى الهيمنة على الشارع والبلاد, ليبدأ الصراع الجديد الذي تدخل فيه كل من إيران وبعض الدول العربية, حيث يعتقد بأن التيار الشيعي سينتصر بحكم دعم إيران لهذا التيار. وهو أمر مشكوك فيه طبعاً وسيكلف الشعب العراقي المزيد من التضحيات.
4. ويبدو أن التيار الصدري سيسعى إلى رفض الإرهاب الذي تمارسه قوى القاعدة وقوى البعث الصداميوسيتحرى عن تحالفات على هذا الطريق بهدف رفع مستوى التفاف الناس حوله وإضعاف قاعدة الحكومة الشعبية والسيطرة على الشارع العراقي وخاصة في العاصمة بغداد.
5. والفترة القادمة ستتميز بتصعيد الصراع بين إيران من جهة, والمجتمع الدولي, وخاصة الدول الصناعية الكبرى, بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى. وفي مثل هذه الحالة تتطلع إيران إلى دور مهم للتيار الصدري ولكل قوى الإسلام السياسي في العراق لتلعب دورها ضد الولايات المتحدة وتحبط مساعيها لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. ولكي يكون العراق جسراً لخرق قرارات الحصار الذي يمكن أن يفرض على إيران قريباً في حالة إصرارها على السياسة التي تمارسها في هذا الحقل حالياً.
6. وخلال هذه الفترة والأشهر القادمة سيخوض التيار الصدري صراعات ومعارك عسكرية باتجاهات ثلاثة:
· خوض معارك صغيرة ضد القوات الأمريكية وبقية القوات الأجنبية في العراق بحيث تساهم في إثارة شعب الولايات المتحدة ضد عجز القوات الأجنبية والعراقية على نشر الأمن في البلاد وتحمل خسائر بشرية متزايدة تساهم قوى التيار الصدري زيادتها من جهة, ومحاول إقناع الشعب العراقي بنفس النتيجة من خلال تحميل سكان العراق المزيد من الخسائر البشرية على أيد مختلف قوى الإرهاب, بما فيها قوى التيار الصدري المتطرف؛
· خوض معارك جانبية ضد ميليشيات إسلامية سياسية أخرى في داخل المدن الكبيرة وفي المدن المتوسطة والصغيرة للهيمنة على مجالس البلديات والمحافظات والأقضية وتأمين فرض سياساتها وإجراءاتها على تلك المدن.
· إعاقة تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي الدائم الخاص بقضية كركوك بالطرق السلمية ودون تعقيدلت إضافية بين القوى السياسية المختلفة, وخاصة مع التحالف الكردستاني. ويمكن أن يقود هذا التوجه إلى إحراج حكومة السيد نوري المالكي ودفعها للاستقالة, مما يتيح فرصة للسيطرة على الحكم من جانب قوى التيار الصدري ومن يتحالف معه من قوى الإسلام السياسي السنية مرحلياً. وهذا الموقف يصب في الوجهة التي تعمل عليها الحكومة التركية منذ فترة غير قصيرة من جهة, وتشدد الضغط على الجطومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بشأن حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان تركيا بحجة أنه يعمل ضد القوات التركية من الأراضي العراقية, رغم إصرار حزب العمال الكردستاني على إيقاف العمليات الأنصارية العسكرية ضد القوات التركية والدعوة إلى معالجة المشكلة بالطرق السلمية.
إن التيار الصدري المتطرف يسعى إلى خلق فتنة في العراق لتأجيج الأوضاع بحجة دفع القوات الأجنبية إلى مغادرة العراق ليخلو الجو لإيران لتفعل ما تشاء مع حلفائها في البلاد, تماما كما تمارسه اليوم في البصرة وبقية محافظات الوسط والجنوب تقريباً.
على الحكومة العراقية والشعب العراقي أن يتوقعا تصعيداً كثيفاً ومتواصلاً من جانب الحكومة الإيرانية وبقية القوى الإيرانية للتدخل في الشئون الداخلية العراقية ودعماً لكل القوى الإرهابية المتطرفة بمختلف السبل والوسائل المتوفرة لديها بهدف التضييق أيضاً على القوات الأمريكية والإدارة الأمريكية لإبعادها عن التفكير بتوجيه ضربات عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية أو فرض الحصار السياسي والاقتصادي عليها والذي بدأت عواقبه تظهر على الواقع الإيراني الداخلي. وهذا يعني أن العراق سيعاني من مصاعب جديدة للصراع الإيراني الأمريكي في العراق, وأن التيار الصدري في غالبيته ومليشيا جيش المهدي ستقف إلى جانب إيران وتثير المزيد من الإشكاليات للعراق وللإدارة الأمريكية في العراق وفي الولايات المتخدة ذاتها.
إن المخطط الإيراني الجديد, الذي ينسجم مع السياسة المغامرة للرئيس الإيراني أحمد نجاد, الذي صور الأمر لمقتدى الصدر على أنها الفرصة الذهبية التي يمكن أن يلعبها ليدفع بالأمور بالاتجاه الذي مارسه السيد الخميني في إيران لإسقاط الشاه. وهو أمر, كما يبدو لنا بوضوح, بعيد المنال, ولكن هكذا يبدو المخطط وهذا ما يسعى إليه. ولهذا سيكون الصيف والخريف القادمين شديدي السخونة وكثيري التضحيات, ولكن يمكن أن يكون الفرج الفعلي في الخلاص من الجناح المتطرف في التيار الصدري أيضاً, إذ أن فشله هذه المرة ستكون نهايته الفعلية.
أواخر مايس/ آيار 2007
-
إلي أرواح 45 طفلا و40 امرأة قضوا خلال دقائق في التفجير الانتحاري في قرية آمرلي العراقية
علاء اللامي
القدس العربي 14/07/2007
حين قام تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتفجيرات العاصمة الجزائرية التي أودت قبل أشهر قليلة بثلاثين قتيلا وعشرات الجرحي، انبري، ضمن مَن انبروا وكانوا كثرة كاثرة، الشيخ القرضاوي فأصدر بيانا تلفزيونيا عاجلا علي شاشة قناة الجزيرة القطرية تلاه بنفسه وأدان فيه بلهجة قاطعة وحازمة تلك الجريمة.
وانتقد تنظيم القاعدة بشدة واتهمه بقتل الموحدين الأبرياء في هجمات إجرامية وعبثية ظالمة وطالبه بالكف عن ذلك والخروج من الدهاليز التي يعيش فيها عناصره وقياداته إلي ما سماه حياة النور . وكل هذا فعل حسن وشجاع يؤجر عليه فاعله ويثاب. وحين ارتكبت مليشيا حماس قبل أيام قليلة الفظاعات الفجة والبربرية بحق خصومها في مليشيا فتح وكانوا مسلحين أو أسري نزع سلاحهم كتب الأستاذ عبد الباري عطوان افتتاحية - أعاد موقع البديل العراقي نشرها ـ بعنوان نعم.. لقد فقدنا احترام العالم وعدد فيه ـ شاجبا مستنكرا ـ قتل العزل رميا من الطابق العشرين وطعنا بالسكاكين وسحل الجثث والدوس علي صور زعماء فتح بالأحذية وما إلي ذلك، وكل هذا فعل حسن وشجاع يؤجر عليه فاعله ويثاب .. والأمثلة المشابهة كثيرة إذا ما تعلق الأمر بجريمة للقاعدة أو فصيل جهادي تكفيري مشابه في غير العراق (موضوع فتح الإسلام في مخيم نهر البارد كان من نوادر المناسبات التي اجتمع فيها الحاكمون والمحكومون العرب ـ باستثناء مَن ندر وعصم ربُك ـ تضامن مع حكومة السنيورة أكثر مما هو تضامنا مع سكان المخيم فلنتركه علي الرف إذن حتي تنجلي الغبرة) أما إذا تعلق الأمر بالعراق، وحتي إذا تعلق الأمر بقتل مائة عراقي في تفجير انتحاري واحد، وتركت جثثهم تتفحم في شوارع بغداد أو غيرها فالصمت هو السائد، إذا لم يخل الأمر من شماتة هنا أو تعليق مسموم من تعليقات مذيعي ومذيعات الجزيرة هناك، مع أن دماء المسلمين ـ كما تعلمنا في المدارس والكتاتيب والتكايا ـ متساوية، متكافئة، وهي جميعا أعظم حرمة عند الله من حرمة الكعبة المشرفة كما ورد في حديث صحيح، وأنْ لا فرق بين دم أسود وأبيض، عربي أو أعجمي، عراقي أو جزائري، إلا بالتقوي .. فلماذا الصمت، السكوت، التأتأة إذن؟ نلفت الانتباه إلي إننا هنا نقصر كلامنا علي جرائم استهداف المدنيين بالسيارات المفخخة عن بعد أو الانتحارية ولا نتطرق إلي أساليب القتل الجماعي الأخري، ليس لتبرئة القتلة بل لأغراض تتعلق بحصر النقاش وتحديد مستوياته المنطقية والإنسانية والسياسية ونقول: لو أن الصمت كان خصيصة غير العراقيين من رجال الدين والصحافة والثقافة لسكتنا، وقلنا لعل القوم محرجون من التدخل في مذابح متبادلة يعتقدون إنها بين والشيعة والسنة مع أن المتفحمين من أطفال ونساء ورجال هم خليط من السنة والشيعة العراقيين وغيرهم، غير أن هذا الصمت الفاجر ينتاب العراقيين أيضا ممن يزعمون مناهضة ومقاومة الاحتلال كذلك، فتراهم، أو للدقة: فتري بعضهم، يلعنون سلف أسلاف الحاكمين ويصفونهم بأشنع الصفات كالعملاء والصفويين والعجم واللصوص وغير ذلك ولكنهم ما أن يصل الأمر إلي جرائم تنظيم القاعدة حتي يبتلعوا ألسنتهم ويكفوا عن الكلام المباح والعواء والزعيق والتمتمة. بعضهم يرد بأن مخابرات الموساد و اطلاعات خلف هذه التفجيرات، وهذه التهمة لعمري أضحت مسخرة لكثرة ما ليكت يسارا ويمينا حتي أُفرِغت من محتواها الحقيقي. فمن المتوقع والأكيد والنافل والذي لا جدال فيه أن تشارك الموساد وإطلاعات ومخابرات الاحتلال في القيام بمجازر كهذه فإنْ لم تفعل فهي مؤسسات للملائكة وأعمال الخير والإحسان وليس للتخريب والتجسس كما هو دأبها، ولكن إصرار المصرِّين علي كونها الطرف الوحيد الفاعل وإغماض العين بنوع من الدونية والخسة عن الفاعلين الآخرين، خصوصا إذا كان هؤلاء الآخرون يتباهون علنا بجرائمهم فهو نوع من السخرية والضحك والتحقير لدماء أطفال ونساء العراق .. البعض الآخر من المحاججين يطالبك بالدليل علي أن القاعدة هي الفاعل، وبعض ثالث يطالبك بإدانة جرائم مليشيا جيش المهدي أو مليشيا بدر المماثلة بحق السنة قبل أن تطالبه أنت.
وهنا لا بد من التذكير بالنقاط التالية، والتي لا خلاف علي أساساتها السجالية، قبل مناقشة هذه الحجج والمطالب، مكررين بأننا نحصر المناقشة عن عمد في إطار التفجيرات الانتحارية التي تستهدف العراقيين في الشوارع والأسواق وهم ـ كما يعرف الجميع ـ خليط من السنة والشيعة والمسلمين وغير المسلمين، وبمعني معين فنحن لا ندافع عن طائفة محددة بل عن كل البشر العراقيين المتفحمين بديناميت مجرمي القاعدة وأخواتها وهذه بعض الملاحظات والنقاط التي تتلبس هيئة الحجج:
ـ مليشيا القاعدة نفسها ومعها دولة ضابط المخابرات السابق أبو عمر البغدادي تكفِّر علنا وجهارا ونهارا، وقبل الأكل وبعده المسلمين الشيعة الذين تسميهم وتصفهم بـ الرافضة الحاقدين الأنجاس بإطلاق القول - لاحظ إنهم في القاعدة لا يتعبون أنفسهم فيخصون بالقول عملاء الاحتلال من هؤلاء الرافضة الأنجاس - ويدعو شيوخها ومتخصصو التفخيخ فيها إلي قطع رقابهم علنا وجهارا نهارا، ونحن نريد بالمقابل مثالا واحدا، واحدا فقط علي شيخ واحد فعل الأمر ذاته فكفَّر المسلمين السنة بعموم القول ودعا إلي قطع رقابهم، أو دعا إلي إحراق الأنبار أو تكريت كما دعا أحد شيوخ الجمعة في الموصل إلي إحراق بغداد علي رؤوس من فيها، أقول نريد مثالا واحدا، موثقا توثيق أمثلة القاعدة وشقيقاتها، مثالا واحدا من عناصر أو شيوخ التيار الصدري أو حتي من مليشيا بدر وهو يكفر بالصوت والصورة أو البيان المتبني ولا عبرة بالطوفان الراهن من الوثائق والأوراق المنسوبة لهذا الطرف أو ذاك وغير المتبناة، أقول هاتوا مثالا واحدا يعلن ويتبني تكفير السنة ويدعو إلي قطع رقابهم لنبصق علي لحيته وعمامته علنا ونهارا جهرا ونطالب بتقديمه للقضاء العادل ونشهد ضده كمجرم طائفي ..
ملاحظة مهمة نسوقها هنا وهي: اننا لا نبرئُ وبالمطلق اتباع بدر و جيش المهدي وسواهما من ارتكاب جرائم وتجاوزات بحق الأبرياء من السنة أو من الشيعة المناهضين للاحتلال ولكننا لسنا قضاة نحاكم متهمين بل محللين نبحث عن الحقيقة، ولقد كنا من السباقين لفضح المجرمين والمتجاوزين من هذين التنظيمين، وأول موقع أدان علنا جرائم السفاح المجرم أبو درع وأمثاله بعد أن ذاع صيته وتكرس كسفاح معروف، وأول وسيلة إعلام عراقية نشرت صورته وأدانته هو موقعنا البديل العراقي فهاتوا لنا مثالا علي إدانة صدرت من هذه الهيئة أو ذاك الحزب أو الشيخ أو الزعيم بحق تنظيم القاعدة بالاسم والصفة والتاريخ.
- الملاحظة الثانية هي أن أغلب الساكتين عن القاعدة سبق لهم أن جزموا بأن المقبور الزرقاوي هو أكذوبة من صنع خيال ضباط مخابرات الاحتلال، فقال قائلهم لا زرقاوي ولا خضراوي ولا حمراوي بل هي أشباح خلقتها المخابرات الأمريكية، وظلوا هكذا إلي ما بعد مقتله بأسابيع وأشهر، ومن ثم ظهر منهم مَن ظهر علنا فاعتذر بأسلوب مبهم كالشيخ عبد الله الجنابي أو بأسلوب آخر أقل إبهاما كالشيخ البغدادي ومنهم من ابتلع لسانه إلي يومنا هذا وواصل اهتمامه بعمامته البيضاء أكثر من موضوع دماء الأبرياء الذين جزرهم الزرقاوي مخافة أن يخسر رصيده السياسي عند سيده الجديد.
-أما المحتجون بالسكوت لأن المليشيات الشيعية ترتكب بدورها جرائم مشابهة حسب قولهم فهو عذر أقبح من ذنب لعدة اعتبارات منها أولا: إن الجريمة هنا لا تبررها ولا تفسرها الجريمة هناك، وثانيا ينطوي هذا العذر علي اعتراف ضمني أو سماح ضمني بارتكاب الجريمة المقابلة أو الرد وهو أسوأ من الصمت، وسبق ان تطرقنا لموضوع التكفير العلني والدعوة العامة لقطع الرقاب الذي تقوم به القاعدة وشقيقاتها فلا ضرورة للتكرار.
- لعلنا نفهم - ولن نتفهم طبعا - سبب سكوت محازبي القاعدة وحلفائها من البعثيين الصداميين علي جرائم التفجيرات الانتحارية تحديدا في كونها ورقة تصلح للعب وتعدل موازين القوي في الصراع الدموي المرير حتي إذا كان الثمن دماء آلاف الأبرياء. فهؤلاء الناس لم يحترموا يوما وطوال عهد حكمهم للعراق قطرة دم عراقي بريء، ولكن كيف لنا أن نفهم صمت أو سكوت البعض من عراقيين وعرب غير عراقيين ممن ينسبون أنفسهم إلي معسكر التحضر والثقافة بل والعلمانية والليبرالية وحتي اليسارية أحيانا علي جرائم تفجير الناس في الشوارع وأماكن العبادة؟ طبعا ليس ثمة سوي تفسيرين: الأول هو الجبن الشخصي، بعبارة أخري: الخوف من سكاكين أنصار القاعدة وأزلام المليشيات والأحزاب المتحالفة معها، وهذا أمر شخصي جدا ولا تعليق لنا عليه، والتفسير الثاني هو الرضا التام أو غير التام بجرائم القاعدة لأسباب أو ميول أو عصبيات طائفية متطامنة في أعماق اللاوعي وهذا أمر مدعاة للخجل والاشمئزاز وليس مدعاة للسجال السياسي.
-لو ظل الأمر في حدود السكوت علي جرائم التكفير والتفجير الطائفي لكان الأمر موضوع محاججة كالتي نحن بصددها تصل أو لا تصل إلي مدياتها، ولكن ماذا لو أن البعض اعتبر مليشيا القاعدة وما يزال - ونؤكد علي كلمة ما يزال ـ يعتبرها جزءا من المقاومة وحالة الجهاد ضد الاحتلال؟ وماذا لو أن شيخا أصدر بيانا يرفض فيه الرد علي جرائم القاعدة حتي بحق فصائل المقاومة والجهاد العراقية كما فعل أحد الشيوخ العراقيين المقيمين في عمان؟ أين نضع مثل هذا الأمر وكيف نصنفه؟ أم الأفضل أن نتركه للأيام فهي التي تتكفل بمثل هذه الكبائر وبأصحابها؟
ختام الكلام هو أن تاريخ البشرية لم يقدم مثالا واحدا علي عصابة ربحت حربا ضد شعب وهزمته مهما أوتيت من سيوف وديناميت، ولكنه قدم آلاف الأمثلة علي رجال ونساء خسروا أنفسهم لأنهم سكتوا عن الحق فلم يعارضوا عصابات القتلة التي حرمت الأبرياء الحياة فاستحقت الموت ..واللافت هو أن بعضا ممن يسكتون اليوم علي مجازر وجرائم القاعدة وفي أغلبيتهم الساحقة هم ممن سكتوا علي مجازر النظام الدكتاتوري الذي سلم البلد للمحتلين دون قتال تقريبا، فهل نعتبر الأمر مجرد صدفة ...أم إعادة إنتاج اللعنة ذاتها؟
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
nmyours@gmail.com
-
ما وراء اقتتال المقاومين في العراق
بعد أن دعمت بعض الحكومات العربية الحكومة الأفغانية في حربها ضد الاتحاد السوفيتي من خلال تشجيع الشباب على الجهاد ضد الكفار وإرسال الإعانات والمساعدات لهم، أثمر هذا العمل بعد سقوط كابل في أيدي المجاهدين عام 1989 إلى عودة العديد من العرب الأفغان إلى أوطانهم محملين بأفكار
لم تكن في حسبان حكوماتهم، إذ اعتبر بعضهم الحكومات القائمة في البلدان العربية والإسلامية غير شرعية وبعضهم كان يؤمن بان الجهاد هو الوسيلة الأساسية لتغيير الحكام والبعض الآخر رفض التعامل مع مؤسسات الدولة بحجة انها تدعم دولة الكفر والطاغوت وغيرها من الأفكار التي ظهرت نتائجها على ارض الواقع خاصة بعد دخول الأمريكان الدول الخليجية أثناء الغزو العراقي للكويت، فسمع الجميع عن تفجيرات هنا وهناك ابتداءً من السعودية ومروراً بالسودان ومصر والجزائر وغيرها من الدول العربية، وبدأت هذه الدول تلملم خيوط هذه الأفعال وتتصدى لها بكامل قواها وتراجع ما صنعته بأيديها لكي لا تكرر الدرس الخاطئ الذي جرها إلى صراع فكري عقائدي دمر مجتمعاتها، ومع ذلك لم تصل هذه الدول إلى الحل المناسب الذي يُبعد عنها خطر ما يسمى بظاهرة الإرهاب. واليوم وبعد مرور أكثر من 18 عاما على انتشار الفكر الجهادي في الجزيرة العربية نجد ان السيناريو السابق بدأ يتكرر قريباً منا ولكن بمحاور مختلفة ويحمل هواجس وأخطارا على الحكومات العربية والإسلامية أكثر من السيناريو الأفغاني، فسقوط بغداد في أيدي المحتل الأمريكي وتدفق المجاهدين العرب لمقاومة المحتل كرر الحكاية الأفغانية ولكن من دون دعم عربي أو إسلامي واضح وفتاوى دينية علنية تدعو إلى الجهاد، فخرجت لنا الفصائل الجهادية بمختلف سياساتها واشهرها جيش أنصار السنة، والجيش الإسلامي في العراق، ودولة العراق الإسلامية (القاعدة) والأخير هو الخطر القادم بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق كما تعتقد بعض الحكومات. لذلك فبعد أن سمعنا عن فتنة الاقتتال بين مجاهدي الجيش الإسلامي والقاعدة في العراق تساءلنا عن الهدف من وراء هذا الاقتتال؟ ومن هو المستفيد من ذلك؟ ومن الذي زرع الفتنة بينهم؟ لنكتشف بعد نظرة على الماضي وتحليل متواضع ان هذه الفتنة مدعومة من قبل إحدى الدول التي تخاف على استقرار وأمن مجتمعها المضطرب فكرياً وعقائدياً، ولها أهداف محددة من هذا العمل سعت لتحقيقها وبدأت تنظر إلى المستقبل الذي تخاف أن يكون مشابها للحقبة الأفغانية. فهذه الدولة التي نعنيها تعلم علم اليقين ان عدداً ليس بقليل من مواطنيها قد التحق بتنظيم القاعدة في العراق وسلك نهجها المعادي نفسه لجميع الحكومات العربية باعتبارها حكومات كافرة ومتآمرة على الإسلام الأمر الذي يُنذر ويُحذر جميع الحكومات والدول التي انخرط بعض مواطنيها في هذا التنظيم، وستتضح خطورتهم بعد عودتهم إلى أوطانهم حاملين في جعبتهم هدفا آخر سيسعون إلى القضاء عليه، وبذلك تتكرر الحكاية الأولى نفسها ولكن بتشدد فكري اكبر. إن ما يدعونا إلى الاعتقاد ان هناك دولة تجد من الفتنة بين تنظيم القاعدة والجيش الإسلامي مصلحة لها ستساهم في استقرارها في المستقبل هو تاريخ الاضطرابات الأمنية لهذه الدولة، لذلك فإننا نعتقد ان حكومة الدولة المعنية لها يد بطريقة غير مباشرة في دعم الجيش الإسلامي في العراق بالمال والسلاح بسبب تناسب فكرها الديني مع فكر الجيش الإسلامي، وبهدف مقاومة المحتل والهدف الآخر الذي ظهر مؤخراً هو ردع تنظيم القاعدة وكسر شوكتهم وإرادتهم . علنا نكون خاطئين في تحليلنا لكن الواقع سيتضح شيئاً فشيئاً مع مرور الأيام وسنتعرف إلى أصحاب الفتنة والدعم كما تعرفنا بعد سنوات طويلة خفايا الحرب الأفغانية، نتمنى ألا نسمع عن أي اقتتال بين أصحاب المقاومة العراقية بمختلف توجهاتهم الفكرية والعقائدية إلى أن يخرج المحتل من العراق الحبيب هو ومن معه من الخونة والمرتزقة بعدها يرجع كل واحد إلى مكانه بفكر وسطي معتدل يُعيد الحياة والاستقرار إلى نهري دجلة والفرات كما كان في السابق.. نتمنى ذلك.
محمد المحميد
اخبار الخليج 15 - 6 - 2007
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
nmyours@gmail.com
-
ما ادري الاخت زينب حرف دفة الموضوع من مصطفى بكري الى كلام السيد حسن نصر الله
فهل ثمت علاقة بين الموضوعين افيدونا جزاكم الله خيرا
_______________
عرب تايمز هذه احقر من البقية فهي تريد الظهور بمعادات الحكومات وها هي تسير بموكب الطائفية الا عرابية الحقيرة
-
جيش المهدي .. استعداد لما بعد الاحتلال
بغداد / عثمان المختار 11/11/1428
21/11/2007
فيما اعتبر إعلانه في يوليو عام 2003 بمثابة بداية لحرب طائفية في العراق تحصد أرواح الآلاف من العراقيين ظل جيش المهدي الحلقة الأقوى في الساحة العراقية الشيعية على الرغم من أن احتلال العراق عام 2003 مهد لولادة مليشيات وجماعات مسلحة شيعية اتخذت من الدين والمرجعية غطاءً لها غير أنها بقيت الأبرز بين تلك الجماعات المتطرفة.
وتجنبت القوات الامريكية في العراق الحديث عنها كحركات أو جماعات إرهابية كما حدث مع فصائل المقاومة العراقية الوطنية أو تنظيم القاعدة على الرغم من أنها اضطرت إلى مواجهتها عسكريًا في كثير من الأوقات وفي مدن الجنوب المختلفة وأثبتت في أكثر من مرة صلتها مع جارة الشر إيران كما اصطلح على تسميتها في الأوساط الأمريكية؛ خوفًا مما يسميه البعض (انهيار الغرفة) على الأمريكيين واضطرارها إلى مواجهة أكثر من عدو في وقت واحد.
ويعتبر جيش المهدي الذي أسسه الرجل الشيعي مقتدى الصدر في يوليو 2003، أول مليشيا عراقية مسلحة تتشكل بعد احتلال العراق لتتخذ لها نهجًا طائفيًا تسبب في مصرع الآلاف من العراقيين، حيث تُنسب إليها عمليات قتل العراقيين السُّنة وتدمير والاستيلاء على عشرات المساجد السنية في وسط وجنوب العراق وعمليات إقصاء وتهجير للسنة من بغداد والبصرة ومحافظات أخرى.
أصحاب السوابق يشكلون قوامه
ظلت مليشيا جيش المهدي زهاء عام كامل من تاريخ تأسيسها تعلن عن منهجها السلمي فيما تسمية مقارعة الاحتلال بالكلمة والإيمان وهو الشعار الذي رفعه مقتدى الصدر في أول استعراض لعناصر جيش المهدي البالغ عددها 15 ألف مقاتل أغلبهم من الشبان الذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عامًا ومن المعدمين ماديًا وسبق لهم الخدمة في الجيش العراقي السابق إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين .
وكانت أنشطتهم تتمثل في إصدار الصحف والمجلات وحلقات ما عرفت حينها بفقه الوحدة العراقية والتثقيف على لبس الحجاب وإقامة صلاة الجمعة الموحدة التي لا يراها الشيعة من الواجبات، واستمر الحال زهاء عام كامل قبل أن تتأزم العلاقات الأمريكية-الإيرانية بشكل كبير.
وإعلان الصدر أن مليشيا المهدي مستعدة للوقوف مع من أسماهم الإخوة في الدين الإيرانيين، في مواجهة أي عدوان أمريكي محتمل على إيران.
صاحب ذلك إصدار الحاكم المدني بول بريمر أمرًا يقضي بإغلاق صحيفة ناطقة باسم الصدر واعتقال عدد من قياديي المليشيا بينهم مساعده الأول مصطفى اليعقوبي؛ بسبب تورطهم في اغتيال المترجم الشخصي لقائد عمليات النجف وهو عراقي شيعي، ثم تطورت الأحداث الى إصدار مذكرة إلقاء قبض على الصدر نفسه بتهمة اغتياله للرجل الشيعي عبد المجيد الخوئي لدى عودته من لندن وألغيت بضغوط من السياسيين الشيعة ومراجع النجف بعد شهر من إصدارها.
ومع أن معركة النجف وما تلاها من اشتباكات مسلحة بين الطرفين لم تكن بالعنف والمآسي التي حدثت بالفلوجة إلا أنها أخذت نطاقًا واسعًا من الإعلام ساعد بذلك شخصيات شيعية في الحكومة العراقية في وقتها
وتحول من حينها جيش المهدي إلى مليشيا مسلحة تتحرك من الخارج وفق الظرف والزمان والمكان المناسب الذي تمليه عليه إيران وقوات القدس حسب الجنرال أندرسون سايمون من عمليات القيادة المشتركة في بغداد، والذي وصف جيش المهدي بأنه الذراع الإيراني والخطر المحدق بالعراق والمنطقة خلال الفترة القادمة خاصة وأن أغلب أفراده، هم من المعدمين ماديًا، وأصحاب السوابق، وجنح تم إطلاق سراحهم بعد سقوط بغداد.
أجساد عراقية بعقول إيرانية
ويرى الدكتور محمد المازني نائب رئيس جمعية دراسات الحرب والسلم العراقية أن مليشيا المهدي هي عبارة عن أجساد عراقية بعقول إيرانية تعمل وفق أجندة المخابرات الإيرانية، وساهمت، إلى حد كبير، في تصفية خصوم إيران بالعراق كطياري الجيش السابق وضباط الحرس الجمهوري العراقي وعلماء الذرة العراقيين وأساتذة الجامعات والعلماء الذين كان لهم دور كبير في هزيمة إيران في الثمانيات من القرن الماضي في حربها مع العراق. وسبق لصدّام أن نشر أسماءهم في الإعلام عقب الحرب.
وكان رفض بعض دول الجوار العراقي لجوء تلك الشخصيات إليهم والإقامة فيها بعد احتلال بغداد، دافعًا من إيران الى تصفية أغلبهم في فترة زمنية وجيزة عن طريق أفراد مليشيا المهدي الذين كانوا يتقاضون مرتبات مجزية من إيران.
ومع الغباء الأمريكي المطلق في هذا الملف وتركيزهم على السُّنة على اعتبار أن حركة التمرد ضد الوجود الأجنبي في البلاد خرجت من مدنهم، وجد الصدر فرصة كبيرة لترتيب صفوف جيشه حتى بلغ تعداده زهاء 120 ألف مقاتل مدربين ومجهزين بمختلف أنواع الأسلحة، وأصبح وجودهم بمثابة قنبلة موقوتة بيد الإيرانيين يوجهونها كيفما يشاءون، فكانت وجهتهم الأولى على شخصيات سنية وشيعية بارزة، معظمهم بعثيون وعسكريون وأطباء وأساتذة جامعات وعلماء من التيار السلفي.
ويؤكد الكابتن نلسن دايفس من قيادة الأركان الأمريكية العاملة في جنوب بغداد أن جيش المهدي يتركز حاليًا في بغداد بالدرجة الأولى وفي النجف وكربلاء ثم واسط والسماوة والعمارة. ويتخذ من البصرة مركزًا ماليًا له، حيث يسيطر على أغلب عمليات التجارة في موانئ البصرة بالقوة بعلم من الحكومة العراقية وبعجز بريطاني عن إيقافها دون استخدام القوة المفرطة معهم. ويقدر عدد أفراد المليشيا المقاتلين بأربعين ألف عنصر، والداعمين لهم بأكثر من ستين ألفًا تمكنوا من اختراق أجهزة الجيش والشرطة والأمن وحتى وزارات الدولة المهمة كالنفط والكهرباء والتخطيط والمالية.
وبشيء لا يخلوا من المرارة يصف دايفس جيش المهدي بقوله: "إنهم الآن أقوى بكثير من السابق، وأغلب الأسلحة التي يستخدمونها إيرانية، وهناك أوامر إيرانية لهم بمهاجمتنا كلما اشتدت ضغوط البيت الأبيض على إيران بشأن الملف النووي، ونعثر كل أسبوع على معتقلين سُنّة في منازل بمدينة الصدر أو مدينة الشعلة أو الكاظمية تم اختطافهم من منازلهم أو مقار عملهم لأسباب طائفية، كما نلقي القبض على الكثير منهم وهم يحاولون تدمير مساجد للسنة أو السيطرة عليها بالقوة، إلا أن المعضلة الحقيقة هي نجاحهم في تحطيم النسيج العراقي، حيث تمكنوا من القضاء على ظاهرة الأحياء المختلطة في بغداد، فاليوم لا نرى إلا حيًا ذا غالبية سُنّية يسيطر عليه أفراد القاعدة أو حيًا شيعيًا يسيطر عليه أفراد مليشيا المهدي، ومن يقع ضحية تلك الجريمة هم العراقيون أنفسهم، فظاهرة الخيام والعوائل التي تفترش الصحراء تزداد يومًا بعد يوم؛ بسبب تلك المليشيا.
وتتحمل الحكومة العراقية جزءًا كبيرًا من هذه المأساة؛ بسبب سكوتها عن مليشيا جيش المهدي وتركزيها على من تسميهم "التكفيريين".
تمكنت القوات الأمريكية في العراق من الكشف عن 67 منزلاً يستخدم كمقار للتعذيب والاغتيال والاختطاف في مدينة الصدر والشعلة و29 معسكر تدريب لجيش المهدي في ضواحي بغداد الشرقية ومدن جنوب العراق حسب بيانات الجيش الأمريكي للفترة من 7/5/2007 وحتى الفترة 10/9/2007، كانت تضم عشرات المعتقلين من السّنة والشيعة البعثيين.
وحسب المقدم علي لفته، مدير عمليات لواء المثنى غربي بغداد، فإن جيش المهدي احترف عمليات القتل والاختطاف والتهجير الطائفي ويصف الضحايا الذين يعثر عليهم بأنهم معذبون بشكل لا يمكن تحمله، حيث فقْع العيون وقطْع الألسن والأصابع وحتى العضو الذكري والتعذيب بالمثقاب الكهربائي، كما أنهم متهمون باغتصاب أكثر من 37 عراقية على مدار العام الجاري بينهم سنيات وشيعيات أيضًا.
واحترفوا التضليل الإعلامي عن طريق ترك بصمات مزورة على ضحاياهم لتعطي صورة للعراقيين أن الفاعلين هم القاعدة كوضع أوراق عليها بيانات مزورة تحمل اسم القاعدة أو ترك قصاصة ورق يكتب عليها "رافضي" مع أن الضحية "سني".
وتم استخلاص اعترافات من بعض أفراد تلك الجماعة خلال التحقيق معهم.
وكل شيء يندُر في العراق أو يقل، إلا السلاح وحملته، لكن يبقى السؤال المحير في العراق، هل ستنجح الولايات المتحدة في إصدار قرار يضع جيش المهدي في قائمة الجماعات الإرهابية أسوة بالمسلحين السّنة الذين دافعوا عن الأرض والعرض؟!! أم أن هذا السؤال يبقى من دون إجابة حتى يُحسم الملف الإيراني بالسلب أو الإيجاب؟ !!
الاسلام اليوم
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |