تحولات التيار الصدري ترهق حكومة المالكي وتصب في خانة "المجلس"
أوساط سياسية غربية : الصدر حسم سياسته "رجل في الحكومة ورجل في المعارضة"
بغداد-واشنطن-لندن-الملف برس
استغربت الأوساط الصحفية والسياسية في واشنطن ولندن ومنها صحيفة "الغارديان" ووكالة "الأسوشييتد برس" من "التغيّر المفاجئ" في لهجة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر من تأكيد مساعديه "بعد غيبته عن الساحة العراقية وشيوع مكوثه في إيران" أنّه يساند الخطة الأمنية للحكومة الى تحريض أتباعه لمضاعفة قتالهم ضد الأميركان من جهة ومن جهة ثانية "أكثر خطراً" دعوته رجال الشرطة والجيش الى الالتحاق به لقهر القوات الأميركية "العدو اللدود". إضافة الى تجنبه الحديث في امور طائفية، وعزفه كما قال سناتور في واشنطن على "الوتر الوطني" الأمر الذي عدّه المحللون السياسيون تحوّلاً مهماً ورأوا فيه عملية إرهاق كبير لحكومة رئيس الوزراء "نوري المالكي".
وركزت وكالة الأسوشييتد برس في تقريرها على أنّ البيان الذي أصدره مقتدى الصدر ووزع في النجف الأشرف عشية ذكرى احتلال العراق قد حمل "ختمه وتوقيعه". أي بما لا يقبل مجالاً للشك في صحة البيان. وقالت الوكالة –في معرض الإشارة الى خطورة هذا البيان- إن أتباع الصدر كثيرون جدا، ولاسيما في الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة حسب تعبيرها.
ونقلت "الأسوشييتد برس" تأكيد مسؤولين أمريكان أنّ "مقتدى الصدر" رحل الى إيران المجاورة للعراق، منذ أنْ نفذت القوات الأميركية والعراقية خطة الاجراءات الصارمة في بغداد، لكن أتباعه يقولون إنه في بغداد. ويرجح محللون سياسيون في واشنطن ولندن أنْ يكون "الصدر" في إيران لا كما يدعي أتباعه، خاصة بعد أنْ أصدر بيانه الجديد، الذي أعلن به قطيعته مع الحكومة العراقية. وأوضحوا قولهم: إنَّه كما يبدو قرر التخلي عن السياسة التي اتبعها منذ أنْ ساهم بقوة في وصول المالكي الى رئاسة الوزراء بديلاً للجعفري. تلك السياسة التي يصفها المحللون بأنها "وضع رجل مع الحكومة وأخرى مع المعارضة".
وعزت وكالة "الأسوشييتد برس" صدور بيان بهذا الحجم من "مقتدى الصدر" ردّاً على الاشتباكات المتواصلة منذ أيام في الديوانية بين أتباعه وبين القوات الأميركية التي تشنُّ بموافقة الحكومة العراقية حملة واسعة النطاق ضد ميليشيات جيش المهدي. وقال محللون سياسيون في لندن إنّ الرابح الوحيد من هذه المواجهات بين القوات الأميركية والحكومة من جهة وبين أتباع مقتدى الصدر هو المجلس الأعلى للثورة الاسلامية الذي ينتظر بصبر نهاية تيار مقتدى او إضعافه نهائياً، وألمحوا الى أنّ زعيم الإئتلاف "عبد العزيز الحكيم" شخصياً هو الرابح من هذه "المعمعة".
وفي واشنطن قال السناتور"جوزيف ليبرمان" إن الكلمات التي استخدمها "مقتدى الصدر" في بيانه الأخير تعكس أنَّ "تحشيد" القوات الأميركية بدأتْ تعمل. وهي إشارة من السيناتور الأميركي الى أنّ "الصدر" بدا خائفاً على ذراعه العسكري المتمثل بجيش المهدي، الذي تلاحقه القوات الأميركية من محافظة الى محافظة.
ونقلت "الأسوشييتد برس" عن "ليبرمان" وهو من أشد المساندين للحرب في العراق قوله: إنّ مقتدى الصدر لا يدعو الى انبعاث جديد لنزاع طائفي، وهو يضرب على الوتر الوطني. وأضاف: "يجب أنْ نراقبه عن قرب، فهو ليس صديقاً لنا".
وقال محللون ستراتيجون في لندن إنّ دعوة "الصدر" لأتباعه بارتداء العلم العراقي في مسيرات الاحتجاج ضد الاحتلال، توحي بالتراجع عن خطه السابق في مواجهة المتمردين الذين لم يذكرهم بالإسم، كما هي عادته في كل بيان. وتؤكد من جانب آخر العودة الى خطاباته الوطنية، التي عززت ثقة العرب السنة بتياره قبل أنْ تقع القطيعة بينهما بعد تفجيرات سامراء.
ولم يستبعد هؤلاء المحللون بدء تعاون جديد بين الصدريين والإيرانيين في الصراع العلني ضد الأميركان خاصة بعد تصاعد الاتهامات الأميركية بتلقي جيش المهدي تحديداً والميليشيات الشيعية عموما أسلحة ومساعدات مالية من إيران.
وقالت صحيفة "الغارديان" إن الصدر كان ابتداء يدعم الخطة الأمنية، لكنّ بيانه الأخير دعا اتباعه من جيش المهدي لإيقاف تعاونهم مع أميركا وتركيز جهدهم بهجمات محددة على القوات الأميركية فقط. وأعربت الصحيفة البريطانية عن اعتقادها انّ قوة اتباع الصدر تكمن في المساعدات اللوجستية والمالية التي يتلقاها من إيران. وقالت إن إدارة الولايات المتحدة تعتقد أن الميليشيات الطائفية تشكل خطراً أكبر على وحدة العراق من القائمين بالعمليات الانتحارية. وهو وصف يراه المراقبون تحوّلاً خطيراً أيضا في نظرة الولايات المتحدة للميليشيات الشيعية.
ومن جانب آخر أكدت المصادر الصحفية في النجف الأشرف أن العقيد "علي جريو" الناطق باسم الشرطة العراقية أكد منع السيارات من دخول المدينة لمدة اربع وعشرين ساعة تحسباً من اندلاع اشتباكات خاصة بعد أنْ توافد مؤيدون لمقتدى الصدر بالألوف الى مركز المدينة.