بعد التحية والسلام
شكرا للأخ العزيز الصابر على اثارته هذه الأسئلة المهمة
لم يكن قولي بالالتزام بالتشيع الجعفري محاكاة لأحد او تقليدا لما يفعله البعض في المذاهب الأخرى، وانما هو رؤية مبنية أولا على الالتزام بالاسلام ثم على الولاء لأهل البيت والحب لهم ومحاولة الاقتداء بهم والشرب من معينهم، وقد توصلت الى ما توصلت اليه بعد عملية التصفية والتهذيب والتشذيب التي قمت بها لما اعتقد انه دخيل على مذهب أهل البيت من فكر سياسي يختلف عن فكر اهل البيت ويقوم على الغلو فيهم والصاق اوصاف واعمال واقوال لم يتبنوها ولم تصدر عنهم، وبالتحديد اقصد الفكر الامامي والاثني عشري الذي اعتقد انه اختلق بعيدا عنهم ودون رغبتهم او ارادتهم. وانه لا علاقة لهم به. وذلك بالطبع بعد اكتشافي لأسطورية فرضية وجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) وانهيار نظرية الامامة.
واذا كان الالتزام بالفقه الجعفري يخص الطائفة الامامية والذات الاثني عشرية، فانه قولهم بنظرية الامامة لأهل البيت لا يعني بالضرورة كونه جزءا من الفقه او الفكر الشيعي الجعفري، او انتماءه لأهل البيت، فهناك كثير من الأفكار نسبت الى الاسلام وهي ليست منه كما ان هناك كثيرا من الافكار والنظريات والفرضيات نسبت الى التشيع وهي ليست منه.
واعتقد ان الالتزام بالفكر الشيعي والفقه الجعفري هو اجتهاد وقناعة ذاتية ولا يعني بالضرورة تخطئة المذاهب الأخرى والحكم عليها بالضلال والانحراف والعياذ بالله، وانما هو اجتهاد في مقابل اجتهاد. خاصة وان الفكر الشيعي الجعفري يحمل قاعدة اساسية للتقريب بين المذاهب الاسلامية في مجال الفكر السياسي الذي كان محور الخلاف التاريخي بين الشيعة والسنة او بالأحرى بين الامامية وسائر المذاهب الاسلامية والشيعية. ألا ترى ان الشيعة الجعفرية اليوم يتفقون مع اخوتهم السنة في العراق حول نظام سياسي واحد يقوم على الشورى والانتخابات؟
ان المهم هو اتفاق المسلمين اليوم على فكر سياسي واحد واقامة نظام سياسي جديد يقوم على الشورى والحرية والعدالة، ولا مانع من الاختلاف الفقهي حول مسائل جزئية كما هو حاصل في داخل كل مذهب، ولكن بشرط عدم تكفير او تفسيق او تضليل الاجتهادات الأخرى، وهو ما يقوم به بعض المتطرفين من السنة والشيعة الذين يحسبون ان قراءتهم للاسلام او التشيع هي القراءة الصحيحة الوحيدة وان ما دونها عين الخطأ والانحراف.
أحب في الله من يبغضني في الله