نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط التقى معد فياض في عمان بالسيد رضوان الرفيعي سادن الروضة الحيدرية لمرقد الامام علي (عليه السلام) في النجف الاشرف ، والذي قدم الى الاردن للاتفاق مع احدى الشركات لتزويد الحضرة الحيدرية باجهزة امنية للانذار المبكر ، واجرى معه حوارا نقتطف منه مايلي :
* كيف فكرت بالعودة الى النجف والعمل كسادن للحضرة الحيدرية؟
ـ تركت العراق منذ اكثر من ثلاثة وعشرين عاما هربا من نظام صدام حسين، ولغرض دراسة الهندسة المدنية في بريطانيا، واستقريت في لندن، ولكن بعد رحيل النظام وفراغ منصب سادن مرقد الإمام علي(ع) ، خاصة بعد مقتل ابن عمي حيدر الرفيعي (السادن السابق) مع عبد المجيد الخوئي في العاشر من ابريل (نيسان) الماضي، وجدت انه ليس هناك من افراد عائلتنا لاستلام هذا المنصب سواي، لهذا قررت، وبعد إلحاح الجهات الدينية واشراف النجف، العودة الى بلدي ومدينتي وتحمل مسؤولية شرف خدمة مرقد الإمام علي عليه السلام.
* هل ان منصب سادن مرقد الإمام علي (ع) يتم وراثته، ام بالتعيين؟
ـ هذا المنصب يتم توارثه من الأب الى الابن، وعائلتنا تسلمت شرف السدانة منذ عام 1845 ميلادية، وتاريخيا معروف ان كليدار مرقد الإمام علي ينتقل بالوراثة، اما من قرر ان تكون وراثية، فلا اعرف.
* هل لنا ان نعرف كيف وصلت مسؤولية سدانة الحضرة الحيدرية اليكم؟
ـ كانت السدانة بيد عائلة السيد يوسف الملا، وكانت محصورة في بيت الملالي، وكان جدي محمد رضا الرفيعي نائب السادن (السادن)، وفي عام 1845، دخل يوسف الملا في مشاكل مع المرجعية الدينية واهالي النجف. هذه المشاكل ادت الى الاقتتال بينه وبين اهالي النجف الاشرف التي أسر يوسف الملا بعض اشرافهم ووضعهم في بئر ثم قتلهم بناء على نصيحة احد اتباعه مما دفع بالمرجع آنذاك الشيخ كاشف الغطاء الى طرده وطرد كل افراد عائلة الملالي من النجف الاشرف، وكان جدي محمد رضا الرفيعي من اثرياء النجف الااشرف واشرافهم وعرف عنه الحكمة والتدين، فاوكلت المرجعية اليه امر السدانة.
* وتسلسلت عن طريق جدك اليك؟
ـ نعم انيطت مهمة السدانة لجدي، وفي السابق كان السادن هو صاحب السلطة المطلقة في النجف الاشرف، وقتذاك كانت تدور معارك اهلية بين ما كان يعرف بـ(السكرد) وهم مجموعة من العشائر و(الشمرت) وكلاهما من العوائل النجفية، فاخرج جدي السكرد من المدينة، ولهذا انتقم منه السكرد واغتالوه قرب باب العمارة في مدينة النجف الاشرف، ثم خلفه ابنه السيد جواد الرفيعي الذي استمر لفترة طويلة حتى عام 1900، حيث توفي ليخلفه ابنه حسن الذي استمر اربع سنوات وخلفه السيد احمد الرفيعي الذي شغل اقل فترة سادن اذ توفي بعد ستة اشهر، بقيت بعدها السيدنية شاغرة مما دفع باهالي النجف الاشرف وعبد الرحمن النقيب للكتابة الى الحاكم البريطاني في بغداد بان توكل السدانة (الكليدارية) لجدي عباس الرفيعي الذي استمر حتى نهاية الخمسينات، وبسبب اصابته بمرض السكر وضع ابنه محمد حسن الرفيعي نائبا له، لكن محمد حسن تعرض للاغتيال عام 1963 لاسباب انتقامية لا علاقة له بها، ومنذ عام 1963 وحتى 1987 تسلم والدي السدانة، وكان معروفا عنه انه اقوى من تسلم هذا المنصب، وفي عام 1987 دبر له النظام السابق ميتة غامضة ومفاجئة لغرض التخلص منه والسيطرة على الحضرة الحيدرية، وكان المفروض ان اتسلم انا االسدانة لكنني رفضت العودة من لندن وتسلمها شقيقي مقداد، وهو اصغر مني واعدمه نظام صدام حسين في انتفاضة مارس (آذار) عام 1991 وكان عمره 23 عاما، وبسبب رفضي المتكرر للعودة الى النجف الاشرف لتأكدي من ان النظام سيعمل على تصفيتي، فقد آلت السدانة لحيدر الرفيعي الذي قتل مثل والده في ابريل (نيسان) الماضي مع السيد عبد المجيد الخوئي، ولهذا كان لا بد من عودتي الى النجف الاشرف بعد سقوط النظام لارث سدانة مرقد الإمام علي (ع).
* ما هو انطباعك وانت تعود الى النجف الاشرف بعد فراق دام 23 سنة؟
ـ كنت قد وضعت حساباتي لهذه العودة، وشعرت بتغيير الاجواء والعادات، لكنني من عائلة دينية وكنت في لندن اتقيد بالتصرفات الدينية، ثم ان عملي السابق مع الراحل عبد المجيد الخوئي في مؤسسة الإمام الخوئي في لندن ولأكثر من ثلاثة عشر عاما جعلني قريبا من الاجواء العراقية وعلى اتصال دائم مع العراقيين، وبعودتي هذه اشعر بانني أؤدي واجبات دينية واجتماعية لابناء بلدي.
* ما هي واجبات السادن بصورة عامة؟
ـ ادارة الحضرة والحفاظ على ممتلكاتها وهيبتها، والاشراف على العاملين.
* هل يخصص راتب معين للسادن ؟
ـ في السابق، وحتى في عهد والدي كان للسادن حق التصرف بجميع الاموال التي ترد للمرقد وهو حر في توزيع المكافآت على الخدم، ولكن بعد والدي اممت وزارة الاوقاف الحرم واستولت على الاموال وخصصت جزءا منها للصرف على المرقد، وجزءا آخرللسادن والخدم، والمتبقي كان يجب ان يذهب للفقراء، لكن المسؤولين البعثيين كانوا يتقاسمون غالبية هذه الايرادات فيما بينهم، واليوم شكلت لجنة تحت اشراف المرجع وعضويتي ودائرة الاوقاف، وجهات اخرى للاشراف على ايرادات المرقد وايداعها في حساب خاص.
* يدور الحديث عن كنوز وهدايا كانت قد قدمت من بعض الملوك والاغنياء لمرقد الإمام علي (ع)، ما هو مصير هذه الكنوز؟
ـ نعم هناك ثلاث خزائن مبنية في جدران المرقد تضم نفائس الهدايا من احجار كريمة ومجوهرات ومشغولات ذهبية وسيوف وسجاد مطعم بالاحجار الكريمة، وهي نفائس لا يقدر بعضها بثمن، ونحن نفكر بعرضها على الناس من خلال متحف خاص بها.
* ما هي خططك في ادارة مرقد الإمام علي(ع)؟
ـ سنعمل على انشاء مكتبة ومتحف لعرض نفائس المخطوطات والكتب الفريدة ونفائس الهدايا، كما سنقوم بتوسيع محيط المرقد ليتسع لأكثر من خمسة وثلاثين الف زائر، حيث انه الآن يتسع لخمسة آلاف زائر فقط، وسنجهز المرقد من الخارج والداخل بنظام كاميرات واجهزة امنية للانذار المبكر للحفاظ على امن الزوار، كما ألغيت الكثير من التصرفات الدخيلة التي كان بعض الخدم يمارسونها من اجل الحصول على الاموال، وحددت زيا موحدا خاصا بالخدم والعاملين في المرقد، وسنقوم بطبع مطويات وبطاقات بريدية عن المرقد والنفائس الموجودة فيه، ونحن نعمل باستمرار لتنفيذ الافكار الجديدة، وان تتحول ادارة المرقد الى مؤسسة متطورة وبتمويل ذاتي ومستقلة وقد ايدتني المرجعية في ذلك.
* هل تقبلك الناس بهذا الزي الغربي من غير ان ترتدي زيا دينيا تقليديا؟
ـ العمل لا علاقة له بالزي، ومن يريد ان يعمل ليس عليه ان يفكر بأي زي يعمل سواء بزي ديني تقليدي او زي حديث، واعتقد ان الناس تقبلتني مثلما انا.
والصورة الراسخة في اذهان وذاكرة الناس عن سادن اي مرقد ديني في العراق، بانه رجل متدين ويرتدي الزي الديني (الجبة والكشيدة)، وان يكون سيدا يرجع نسبه لعائلة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، واذا كانت غالبية هذه المواصفات موجودة في رضوان الرفيعي، فان واحدة منها لم تتوفر حتى الآن، واعني الزي الديني. ذلك ان رضوان السادن ، المواطن البريطاني، الذي دخل الى العراق بجواز سفر بريطاني، العائد من لندن توا وبعد سنوات من الغربة، والمهندس المدني الذي يتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة، بل ان تفكيره الغربي يطغي على افكاره الشرقية، يذهب كل يوم الى مكتبه في مرقد الإمام علي (ع) بزي غربي، وبدلة انيقة ذات موديل حديث، ويضع ربطة عنق ذات ماركة مشهورة، ليتجول بين ارجاء الحضرة الحيدرية وخدمها متفقدا شؤون الزوار وواضعا الخطط الحديثة لادارة هذه الحضرة، وبذلك يكون هو اول كليدار بهذه الصورة.