في عام 91 شاهدنا مواطن من مدينة البصرة في فيديو خاص بالانتفاضة الشعبانية وهو يروي ما حدث في مدينته .. كان يتحدث والحرقة في قلبه وعينه واضحة كيف أنهم -المواطنون- أنتقموا أشد أنتقام من مدير الامن والمسؤول الحزبي والمحافظ الذين كانوا يسقونهم كأس المرارة من الويلات والعذاب والسياط في غياهب السجون ..
من لم يذق سياط البعث معذور فهو لم يعاني ما عاناه هذا الشعب الفقير المظلوم .. فمن الواضح أن هناك فئة لم تضرر مقدار ذرة
في عام 92 هجمت فرقة من فرق الامن الاقتصادي على سوق راغبة خاتون ، المضحك المبكي أن البلد وقتذاك كان يخضع لعقوبات أقتصادية ما يعني أن الشعب في الداخل بالكاد يستطيع أن يسير حاله من الجوع المدقع ومع ذلك تطارد هذه الفرق الامنية الباعة المتجولين وتحاربهم في رزقهم وتضربهم بالعصي وتسوقهم الى سجون الفضيلية ( كل 300 نفر في غرفة صغيرة ويجب أن يبقى الفرد واقفاً لأنه لا يمكنك الجلوس بتاتاً هذا ما رواه لي خالي الذي كان يبلغ من العمر وقتذاك حينما ساقوه الى السجن 65 عاماً !)
أخذوه من محله في السوق وأخذو معه جملة من الباعة أصحاب البسطيات وكان من بينهم شاب يبيع البرتقال وقد جره مفوض الامن من ياقته بأسلوب مهين أقرب ما يمكن تصويره هو كيف تجر الماعز من أذنها .. فقال له الشاب أنا قادم معك وممنون رجاءي أليك أن لا تجرني هكذا فأنا معروف في السوق فيشاهدني أهل المنطقة .. فلم يعيره مفوض الامن أي أهمية وبقي يجره بإهانه . فما كان من الشاب الا أن أزاح يد المفوض من ياقته بقوة وقال له قلت لك أنا أصلاً قادم معك أرجوك لا تجرني وتهينني هكذا !! فألتفت أليه هذا المفوض ولطمه بصفعة قوية جداً على وجهه ونادى ضباط آخرين فتجمعوا حوله وجروه ودفعوه دفعاً الى داخل الكوستر التي يجمعون بها السجناء وبعد أن أدخلوه في الكوستر طرحوه على أحد الكراسي وتناوبوا عليه ضرباً بالعصي حتى مات ..
عن ماذا وماذا نتحدث!! عن الماضي الاليم ..
كلما تذكرت الماضي المرير ( حقبة أبن العوجة ) يداي ترتجفان وقلبي يختنق وأحس بأن كل عمرنا راح هدر ..