 |
-
فم الجنون السلفي "رواية "

"روايــــــه"
محمد ناصر
(1)
[align=justify]كمن تتسابق الريح فيه يعود مشرقا من جديد؛ ليحلم بماض لم تره الألوان، يفكر في ضياع مستقبل عاشه أمام عينيه، العبثية الزاهية، رمي الأحجار في البحر، فتاته التي يعشقها، تكفيره... كلها أشياء تذكره بأيام طفولة نسيها منذ ترعرعه على أرض هذه البلاد التي ينظر لها بازدراء، سنينه التي كبر فيها حتى تخرج من الثانوية مُلِئت بسلسلة من أفكار التكفير، فمناهج الدين ومدرسيها والخوف من الرسوب علامات تطرف لم تستوقف الطالب الصغير، هواجس استطاع نسيانها في الصف الثالث الثانوي، إذ لم تقف حجر عثرة أمام إصراره على تفوقه الدراسي، إصرار طالما تبجح به أمام زملائه الصغار، كبر أكثر، شاهد في نفسه رجلا مقبلا على مستقبل مشرق، مستقبل بددته الأيام، فحولته إلى ركام متنكر حتى لمذهبه الشيعي، ركام صنعته لحىً كثيفة السواد لم يستطع تذكر الفرق بين طولها وقصر ثوبها غير أنه يعرف تماما أنها تتنكر لغنى منطقته، فبقعة الزيت الراقدة تحت خارطة القطيف ليس للشيعة منها سوى التلوث، سحب الدخان تشكل خيطا شديد العتمة كأنه رسول يبشر ضميره بالموت الجماعي لأهل المنطقة، رائحة دخان النفط تحتل أنفه دون أن يرى ثمن استنشاقه له، يتأمل في النجوم ليسألها عن سبب الحقد السلفي على بني جلدته، تذكر شخصيات التقارب في منزل الشيخ حسين، شاهدها بعينيه عبر شاشات التلفاز، وهي تتهم الشيعة بإتباع البدع والغلو، شخصيات صنفها الشيخ حسين معتدلة، وسطية المنهج.. حسين لا يتقبل نظرة الشيخ حسين تجاه الوسطيين، فبرغم اعتدالهم تجاه الشيعة غير أنهم يحظون بامتيازات واسعة لا تتوفر لأي شيعي, تساءل قلبه أليس هذا بحد ذاته تمييز طائفي سعى الوسطيون قبل غيرهم لتفنيده في البلاد، سأل النجوم عن حقل القطيف وأبو سعفة النفطي أليس هذا الحقل فقط كفيل بأن يعيش منه جميع أقرانه في المحافظة على أحسن وجه كريم؟!!
الفقر والحرمان الذي تعيشه أسرته يحمل حقدا رفيع المستوى، حقد لا ينساه سوى للحظات، شيعيته مكمن الداء.. هكذا يردد حين يشتد النقاش مع صديقه حمزة الشيعي المتدين، بات المستقبل في عينيه أبوابا مغلقة، لا المعدل الدراسي المرتفع يشفع له لدخول الجامعة، ولا الفوز بشركة النفط التي تمارس التمييز الطائفي ممكن بخلاف ما يشاهده من تجاوزات للطلاب السنة المتقدمين لنفس الوظائف التي يحمل مؤهلاتها أكثر منهم، قناعته بدأت تتشكل ضد كل تراب الوطن، أصبح الحقد الخاطئ محل تفكير جدي في مخيلته، الشيعة والسنة، الوهابية، العلمانية كلمات لم تعد تعنيه، أصبح كافرا بكل شيء، إلا بإصلاح وضعه بأي طريقة ممكنة... العاصمة الرياض مقصده، طالما تنكر لها وامتدح الحجاز الذي زار مسجد الرسول فيه، تعرف على تراث حضاري مغيب تماما كما غُيب تراثه عن خارطة الوطن، هم يجمعه مع هم الحجازيين، ضميره الرافض لفكرة التوجه للعاصمة يتغلب عليه عقله وحلمه الذي سينتشله وأبويه من الفقر، عاصمة لا تهبط أسراب الحمام في ساحات مساجدها كما في مدينة الرسول، مآذنها لا تتسم بالرشاقة، خطبها لم يتعرف عليها، حي السويدي مركز الفكر التكفيري في العاصمة، فالخطب فيه غالبا ما تخرج عن المألوف، علماء سلفيون يكفرون المجتمع السعودي، الشيعة الحلقة الأضعف في خطبهم، يجاهرون بوجوب اجتثاث الشيعة من تراب الوطن، يعتبر الشيخ سليمان شيعة القطيف (روافضا للحكم السعودي) برغم إعلان ولائهم له، يشدد في خطبه على إثبات الولاء لإيران، رفض كل ما يصدر من هيئة كبار العلماء، عدم الإفطار مع الدولة...، موضوعات يناقشها بحماسة كبرى في مجلسه الكبير في حي السويدي دون أن يردعه أي قانون يجرم العنف الطائفي، يمسك بلحيته الكثيفة ويطيل الصمت، يرفع رأسه وينظر للحشد، سبابته موجهة نحو السماء، يده اليسرى تقبض بعنف على المنصة، يحدث الناس عن تحرك الشيعة، يخوِّفهم من انتشار التشيع في سوريا وأرض الكنانة، الحكومة بنظره ترفض العظة من سقوط حكومة طالبان السلفية والعراق السني، يدعوها لأخذ الدروس والحفاظ على منهج السلف...، حاجباه يقتربان من بعضهما وصوته يزداد علوا:
- يجب على الدولة إزالة الشيعة، فهم وربي سرطان خبيث، فإن لم يُستأصل سيؤدي هذا المرض لموت للمملكة...
برغم خوف حسين من الوهابية التي تكفره غير أنه تشجع للدراسة في العاصمة التي ستطؤها رجلاه لأول مرة، القلق من الفكر التكفيري يسافر معه، كلما ازدادت المسافة قربا من العاصمة توغل الخوف في قلبه أكثر، أضواء العاصمة تُفتت الظلام المطبق على أربع مائة كيلو متر هي المسافة الفاصلة بين الشرقية والعاصمة، الأضواء تُخفي النجمات التي تأمل بها طوال الطريق، طرق واسعة، وجسور تقلل إشارات المرور، ومبانٍ شاهقة الارتفاع... مناظر شاهد فيها عظمة الإنسان وقدرته الهندسية، يفكر في تغيير التخصص الذي راوده منذ دخوله للثانوية، فالطب يعني له الكثير، ما رآه أوشك أن يغير تخطيطه، فبرج المملكة تصميم هندسي شدَّه لحد كبير حتى صرف النظر عن تخصص الطب، لم يعرف أن العقبات في حياته للتو تبدأ، فجأة تقفز في ذهنه مآثم الوطن الذي لم يقدم له سوى الشتائم والتكفير في مناهج الدراسة، وفي الفتاوى التي يصدرها علماء السلف وسط مباركة وصمت الجميع، إحساس يقتل داخله كل شيء يدعم الوطنية ووحدتها...
- وطني يعتبرني خائنا.. كافرا ومذنبا لأنني استهوي مذهبا شيعيا لم أعد قادرا على التخلي عنه.
أفكار ظن حسين أنه متمسك بها، إذ لم يعرف أن السنوات كفيلة بتغير عقله تماما كما تغير الأفاعي جلدها.. أفكار تدور في خيال هذا الشيعي، تحاكي مأساة حياته المباشرة، تفاصيلها، مدى الظلم الذي تعرضت له، ينظر نحو نجمة بعيدة لا يكاد ضوءها يصل إليه، يتذكر سبب عدم قبوله في الجامعة برغم أنه حاصل على معدل يقترب كثيرا من العلامة الكاملة، الطب وأحلام الجراحة، الهندسة، الراتب المغري... كل شيء تبخر بسبب لحية طويلة ما رست التمييز الطائفي ضده.
- لو كنت في مصر لدخلت الطب حتى لو كان معدلي جيدا.. دعك من التفكير في المستقبل، فالبطالة تملئ حتى الأطباء (!!)
حديث النفس يدخله في مواجهة نفسية لم يكن مستعدا لها، يفكر في السفر الذي حلم به في أيام الصبا، لم يجد ذاكرة؛ ليتعلم كيف يفكر في المستقبل، فالمستقبل بات غامضا ومقرفا حدَّ الغثيان، لم تكن الرياض سوى محطته الأولى التي أكتشف فيها هوية وطنية جديدة، العقل المتحجر، الشك، اليقين، الهموم الدينية، المصلحة، المواطنة، القتل جميعها سمات وطن تشكل في ذهنه، وطن لم يعطه سوى التكفير في المناهج الدراسية، قاتلة هي الأفكار التي تغزو ضميره، وقت الصلاة جاء، التثاقل يملؤه، تساؤل عن جدوى صلاة المسلمين إن لم تقربهم...
- أيها الرافضي قم وصلِّ العشاء، فالصلاة أفضل من شركك يا عابد الحجر من دون الله؟!
كلمات قاسية ومفاجئة لم يشأ سماعها في قلب العاصمة الرياض، فلم يعد حسين راغباً في دخول مناظرة في الاختلافات العقائدية، فهي أنشودة عفنة تُرجعه للماضي، التغيير الذي طرأ عليه قبل التوجه للرياض من أجل الفوز بالجامعة العصية عليه جعله يرفض فكرة الرد في الأمور العقائدية، سحاب تفكيره يمرُّ كطيف سريع في ذلك الموقف الافتتاحي، تأمل شوارع المدينة متذكراً قريته الصغيرة التي لا تتماشى مع مثل هذه الشوارع المزدحمة، لحظات شعورية تسيِّر خياله نحو أفق الجبال والطبيعة المصطنعة في ذهنه، الفكرة التي تراوده مرارا عززها قول عابر السبيل الذي شتمه وغادر دون سابق إنذار..
- والآن ماذا لديك يا حسين بعد أن رفضتك الجامعة.
- لا أعرف يا حمزة، فربما هي الهجرة هرباً من كل هذا السوء الذي صنعه البشر في هذه البلاد.. واقع مُضْطَهِد لكرامتنا، فأينما أتجول في المدينة أشعر أني غريب عنها غير منتمٍ لترابها كما تخبرني به وسائل الإعلام، رفضت في الجامعة لأني شيعي هذا كل شيء...
- هون على نفسك فالصورة ليست كما تعتقد، فالشيعة يدخلون الطب وبقية التخصصات، وعدم القبول لا يعني أنه نهاية المطاف..
- أنسيت أنك رفضتَ مثلي برغم أن معدلك مائة في المائة...
ابتسامة حمزة التي تعود عليها حسين تعانق جو الحديث الهاتفي الذي أجراه حسين مع صديقه الحميم، مكالمة جعلته أكثر مأساة من ذي قبل.
- يا صديقي لقد قالها لي من اختبرني ما الفرق بين الشيعي والحمار، فأجبته الطاولة.. عندها رفضني، وقال أنت لم تجتز المقابلة الشخصية.. أضعت مستقبلك بيدك...
- لا تفكر في الهجرة.. عدني أنك ستعيد النظر.
رغبة تراوده منذ القدم في زيارة موطن الشاعر نزار قباني الذي عشق شعره، فأحدث فيه انقلابا على المعتقدات الدينية، حفظه أكثر مما حفظ من تعاليم الدين وآيات القرآن في فترة تدينه، دمشق التي تعني له الكثير من الموارد المعرفية، تعني أيضا خروجا من كابوس التفرقة المذهبية.. يهذي في صمته الأبدي.
- لا أستطيع البوح بأربعة أحرف في وطني (ش.ي.ع.ي)، فإن قلتها في مطعم في القصيم ربما قتلني الإرهاب الأعمى الذي لم يفرق بين البصلة وقشرها...
الخوف وسمات التطرف، واللحى الكثيفة السواد تعطيه التساؤلات التي لم يقتنع بإجابتها التقليدية.
- لم تتم تقصير الثياب بهذه الصورة البشعة، ولم أُكفَّر، وكأنني مذنب، ولماذا لا يعيش موطني في سلام ووحده حقيقية؟!!
وبرغم أنه لم يسبق وأن وسوس بينه وبين نفسه غير أن الكلمات التي خرجت من فهمه حزينة التقطها الشيخ محمد أثناء عشاءه بقرب حسين في مطعم بخاري، الشيخ محمد يطلق لحيته ويبالغ في تقصير ثوبه تيمنا بالسنة النبوية.
- كأنك لست من العاصمة؟!
- بالطبع..
- هل من مشكلة أحلها لك؟!
- ليتي ما ولدت هنا، فلم أعد أطيق الاحتمال.. الكل ينظر لي على أنني شيعيّ بغيض له ذنب دون باقي البشر، ولا يعرف من أمور دينه أي شيء، بل الشرك والكفر سمتي أينما ذهبت.
كلمات خرجت حاملة مرارة تاريخ أريد له أن يتربع على كتفه، فكاد أن يجعل السماء سوادا في عينيه.. صمت أغرب من الصمت ذاته.. أمسك الشيخ محمد بلحيته.. أخذ يطيل النظر والتفكير، تأمل وقال:
- الشيعة أيها الشاب كفار فعلاً، ولن أجاملك على حساب معتقدي، فأنتم تعبدون القبور، وتريدون بناء البقيع، وتخرجون عن ثوابت الأمة الدينية، وهذا ما يؤكده العلماء التابعين للسلف.
- من نحن هل تعني (أنا) أم منطقتي.. لم أعد أفهم أيها الشيخ ما يعني الجميع.. أريد فقط أن أعيش في وطني بسلام كباقي البشر دون أن أتهم في وطنيتي، أو يشكك في ديني لأني شيعي فقط!!
- لا سلام دون الإسلام الصحيح والعقيدة الناصعة... شتمكم للخلفاء الراشدين الثلاثة، وبقية الصحابة أمر يخرجكم عن الدين!!
الخوف يزداد مع توغل السواد الذي يأذن في استحياء لبزوغ ضوء النجوم التي عانقت بنايات المدينة المرتفعة، استقل سيارة الأجرة برفقة الشيخ، هذه المرة لا تخرج وسوساته من قفصه الصدري.. التفكير في عدم رفض طلب الشيخ للصعود للسيارة كاد ينزعه جلده...
- آه وقعت في محظور لا بد أنني مختطف كما يحصل في العراق، لا بد أن الشيخ سيفتي بقتلي على الفور...
نظر نحو السائق، أمره بالتوقف، قاطعه الشيخ محمد
- لا تتوقف.. فصديقي حسين سيذهب معي وسأضيفه، وإني لأقسم عليك أن لا ترد طلبي لأنني أريد الهداية لك.
نوع من الاطمئنان يجول في جسده النحيل، واستفهامات تظهر وتختفي.. الظلام يهيمن على السيارة والطريق وعر، الشيخ يسكن في هجرة خارج الرياض.. توقف فجائي!!...
- ما الأمر يا شيخ محمد؟
- سنأخذ سيارتي التي أوقفها في منتصف الطريق الصحراوي لنتجه لمقر إقامتي.. إنزل يا رجل.
موافقة على اضطرار، فلا مجال للعودة ثانية، طريق شاق تملؤه الكثبان الرملية، ولا ضوء يلوح في الأفق.. كأنك تجلس في مركب يُبحر وسط محيط مظلم لا ترى فيه، إلا النجوم على غير عادتها في المدن الصاخبة التي تمنى زيارتها منذ تحوله للعلمانية.. خوف وجنون يتفاعلان في داخل جسده النحيل، وسؤال يقفز؛ ليؤكد ما يفكر فيه هارباً تارة منه ومتوغلا فيه عدة مرات
- ستقتلني أيها الشيخ في هذا المكان الذي لن يكتشفك فيه، إلا الله؟!
- ما عاذ الله، فالقتل ظلم كبير، وأنا لا أريد إلا الهداية لك، ولست ممن يقتل المسلمين.
- لكنك تقول أن الشيعة كفار ومشركون!
- ليس العامة منهم، بل العلماء الذين يضللون الناس عن دين الله الحق.
- لا تقلق بشأن عقيدتك، فإن شاء الله ستكون على خير بعد أن نوضح لك العقيدة الصحيحة.
صمت يعم السيارة التي لم تتوقف عن الصعود والهبوط في الكثبان الرملية، وكأن الأفق لا يحمل معه هجرة أو مدينة وإنما تسير الأمور على ظلال مبين.. خيام معزولة عن عولمة الحضارة...
أرح ركابك من أينٍ وعثرِ كفاك جيلان محمولا على خطر
هذا ما شد تفكير حسين عند سماع أصوات الماعز والجمال التي بدت مضطربة من دون معرفة السبب.
- أهذه أماكن تسكنونها.. إنها تشبه زمن العرب الأوائل؟!
تعليق لم يرق كثيرا للشيخ محمد
- بل قل مكان للمجد يُعبد فيه الله ويقدس على طريقة السلف الصالح.. كتب الله لك الهداية على يدهم إن شاء الله.
كلمة أعادة ما يتناساه من خوف فتك به طوال الطريق..
- لا تقلق فالآن وبعد أن نأكل سويا ما جُهِّزَ لنا سنجتمع باكرا في مجلس الهجرة الكبير، ونتحدث معك وسيتحدث العلماء عن البدع التي كنت تمارسها في مذهبك الشيعي.
- لكنك لم تناقشني كي أغير معتقداتي التي تظنها سيئة، فأنا لست متدين كما تظن...
- تناقشنا في الطريق وهذا يكفي إن أردت الرجوع للحق!!
يقين يشبه التاريخ الذي قاده لفكرة العلمانية كبديل عن حل التنازع الديني
- فهمت أيها الشيخ وقد اقتنعت بما قلته لي في السيارة، وفي الحقيقة كنت أفكر طوال الطريق في معتقدك ووجدته سليما وخاليا من البدع الضالة.
- بارك الله فيك، فقد هداك وسيكتب لك الجنة إن نفذت ما يطلبه منك علماء الرحمن.
ظن أن هذه العبارات أنهت معركته بمجرد الإقرار بعقيدة السلف.. ينظر للسماء، فيراها صافية وتزينها أسراب النجوم البعيدة، يشد انتباهه نجم بعيد فيسأل الشيخ
- هل سبق لك التأمل في النجوم؟!
- لا أشعر بما تقول فبدلا من هذا التأمل عليك أن تقرأ في كتب الدين التي توصلك للجنان، التأمل يقود إلى الفلسفة، وهي أمر محرم في العقيدة الصحيحة، وما أصابك هو بقايا من معتقدك الشيعي الذي يرفض الحق دائما.
(2)
صباح لم يكن موفقا لحسين الذي لم يعتد النوم في هدوء الصحراء، فحين جلس وشاهد رذاذ الندى يغطي العشب البري، جعله ذلك المشهد الشاعري يفكر في وجه فتاته التي يزورها في بيتها خلسة دون علم أهلها، التقاها في ساعة ليل باردة.. ذكَّرَه الندى بنعومة خدها، ضاجعه دون الاكتراث لما يقوله جمع الكهنوتيين الشيعة والسنة، تذكر شفاهها التي تذوقها لمرة واحدة فقط ثم تركته؛ لتتزوج من شخص أجبرت عليه سرعان ما طلقها بعد أن اكتشف أنها فاقدة لغشاء بكارتها، تأوه من الذكريات المفعمة باللذة، فجأة تُغلق النافذة التي سافرت به نحو الندى وخد الحبيبة، يلفته ظل يسير نحو زريبة الماعز، إمرأة بدوية لها من القوام ما لم تشاهده عيناه في سرير داعرة تعرف عليها في بلاد العم سام التي زارها لمرة واحدة فقط.
- أنت هنا يا حسين!!
صوت الشيخ محمد الذي قاطع تمتعه بجسد البدوية التي خرجت من أجل حلب الماعز لم يترك فيه سوى الفزع المباغت، حدثه الشيخ عن ضرورة عدم الوقوف في مثل هذه الساعة التي تمر فيها النساء من أجل حلب الماعز، غضب في وجه الشيخ سببه انتهاك قانون الهجرة، النساء يذهبن في هذا الوقت لجلب الحليب لأسرهم، العذر الوحيد لحسين أنه لم يكن يعرف أي شيء عن قانون الهجرة التي يتزعمها الشيخ عايض الذي دعاه الشيخ محمد لزيارته، خطوات يسيرها وفي ذهنه شيء واحد فقط:
- قبل أن تسمع لي أيها الشيخ الجليل أريد العودة لدياري فقط.
- هدئ من روعك يا فتى، فنحن نريد أن تصف لنا مجتمعك الرافضي.. نسمع عن الشيعة كثيرا، هم ليسوا بشرا مثلنا.. لهم ذيل، ولم يؤمنوا بالرسول، ويقولون أن جبرائيل خانه، فنزل على علي بن أبي طالب...
- كيف نكون هكذا، وأمامك مؤخرتي.. هل ترى فيها ذيل.. أنظر ليس فيها ذيل.. ألا ترى...؟!!
- لا.. لا يا حسين استغفر ربك، وكفَّ عن محاولة نزع سروالك أمام الأعيان...
- نصدقك هذا ما زاد عندنا وهو كناية عن حجم ذنبكم.
هذا ما قاله الشيخ عايض مبتسما ابتسامات خجولة تُنذر بزوال هيبة الشيخ محمد لدى الحضور.. تدارك من الشيخ لهذه المعضلة:
- إنه يقصد أطال الله في عمرك أن بعض ما يقال عن الشيعة ليس صحيحا لكنه مؤمن بعقيدة السلف، وهو معنا كما أقسم لي أثناء حديثي معه..
لم يكن يتوقع أن هذه الكلمات ستحل الموقف، وستجعله مبتعدا عن الموت الذي راوده في مخيلته طيلة الساعات التي قضاها في الطريق إلى الهجرة والمكوث فيها ليوم واحد.
(3)
هم رُسِمَ في جبين حسين، عدم نجاحه في المقابلة الشخصية سبب رفضه في الجامعة، فكرة عدم الاستسلام تراوده لكنه يصطدم بشيعيته التي تعيق تحركاته في العاصمة، عدم الرغبة في الاتصال على الشيخ محمد الذي وعده بحل مشاكله بعد إعلانه (ظاهرياً) الولاء للسلفية له ما يبرره، فأمر الانضمام لم يحسمه بعد، تساؤلات تدور في عقله، فهو الشاب غير المؤمن بالوهابية، تفكيره العلماني لا يفضل المذهب الشيعي، يرى الأمور بشكل يبتعد كليا عن الميتافيزيقيا، لم يبقَ له إلا زيارة شخصية علمانية في العاصمة، فهي الخيار المحبذ له، الوطنية وعدم التمييز الطائفي والمناطقي سمات يحمله الفكر العلماني الذي استقطبه سريعا، الكاتب العلماني المحارب تركي يفتح مكتبه الخاص للزائرين، فكرة رسختها كتابات تركي في ذهنه:
- مرحبا أليس هذا مكتب تركي؟
- نعم لكنه غير موجود!!
لعلّها المفاجئة الأولى التي يصطدم بها، فصوت تركي يدل على انه داخل مكتبه، ظنّ أن السكرتير يكذب، أصر على لقاء الكاتب:
- لكني أسمع صوته!!
- عذرا أنا لم أقل أنه ليس موجودا لكنه مشغول مع إحدى صديقاته!!
لم يعد حسين يعرف الصواب من الخطأ.. تساءل في نفسه عن كيفية جلوس فتاة في كامل زينتها دون أن تعترض الهيئة على هذه الخلوة غير الشرعية، الدقائق تذهب والنجوم تتحرك دون تحقق خروج تركي من داخل المكتب، وجه السكرتير تبدو عليه علامات الإرهاق والملل، رسائل حثت حسين على مغادرة المكان بعد عدة ساعات قضاها في المكتب...
- إلى أين تذهب ربما ينتهي تركي بعد نصف ساعة، فقد جلست كثيرا، ولم يعد أمامك المزيد من الانتظار.
ارتياح عام شكلته حروف السكرتير في نفس حسين الذي بدا متململا هو الآخر من جلوسه.. انتهى دوام السكرتير منذ ساعتين، لكنه لا يستطيع الخروج قبل مديره حسب التعليمات.
- لا أعتقد أني سأجلس أكثر، فقد جئت من أجل السلام على الكاتب تركي، وأنا من محافظة القطيف في المنطقة الشرقية.
- تلك المنطقة تسكنها الشيعة أليس كذلك؟!!
سؤال بدا غريبا للغاية، فحتى السكرتير العلماني يقولها وكأنه يتمنى عدم وجود سكان شيعة في تلك المنطقة، أسئلة كثيرة طرحها السكرتير على حسين الذي أراد المغادرة لكنه لم يستطع بسبب التساؤلات التي أخفت الخبث بين سطورها...
- لا تسألني كثيرا عن المعتقدات الشيعية، فأنا أتبنى المنهج العلماني، ويعني ذلك أني لست مهتما لأوضاع الشيعة والسنة من الناحية العقدية لذا أعذرني.
- لكن الشيعة أناس مخربون للوطن وولاؤهم لإيران!!
جدال يرفع صوتها كثيرا، تركي يخرج من مكتبه، يفتح الباب؛ ليكشف عن فتاة تشرب قهوتها التركية، ضحكها يصل لأذنه بمجرد فتح الباب، صوت لم يعرف كيفية توغله بقلبه لمجرد سماع ذبذبته، فحسين المتعطش للمرأة التي أحبها وغاب عنها منذ اللقاء الوحيد لا يستطيع تحمل أصوات ونظرات النساء...
- من أنت؟
سؤال مباغت من تركي، حسين الذي يفكر في تلك الضحكات مربك في الإجابة، يستجمع قواه، وفي داخله يشعر بتنميل يبدأ من أطراف أصابعه وينتشر في ساعديه، يتمنى أن لا يصل لرجله، كي لا تأتي مرحلة التقلص الشديد التي تأتيه بدون سبب، يشعر بضيق شديد في التنفس، يحاول الظهور بمظهر القوي عبر الحفاظ الممكن على توازنه...
- أنا حسين جئتك من القطيف من أجل السلام عليك والتناقش معك، عرفتُ عنك الكثير من خلال الصحف والقنوات الفضائية، وقرأت كتاباتك كلها تقريبا.
- وماذا تريد، كان عليك أن تأخذ موعدا..
- لا داعي كنت سأنصرف لكن سكرتيرك أصرّ على مناقشتي في أشياء لا أؤمن بها متهما منطقتي بالولاء لإيران؛ لأننا شيعة فقط...
- سوسن أنظري لدينا شيعي هنا.. ستفهم كل شيء فقد كنا نتحدث للتو عن الشيعة، وهو ما جعلها تضحك بشكل كبير، ربما سمعتَ ضحكتها؟
- نعم.. لكني لم أكن أعرف أنها تضحك لمجرد الحديث عن الشيعة.
- لا تأخذ الأمور بحساسية يا حسين، فقد كانت نكته على أحد المشايخ الشيعة المعروفين، وهو صديق التقيته في الحوار الوطني، وبرغم فطنته وبديهته السريعة غير أنه كان مرتبكا في بدء حديثه.
كلمات استفزت في حسين شيعيَّته التي قرر التخلي عنها، تأكد أن الشيخ حسين الذي يخالف نظرته هو المقصود في حديث تركي:
- ليس من المنطقي أن يرتبك الشيخ حسين إن كنت تقصده، فلقاءاته كثيرة جدا، وهي كفيله لرفع التكلف عن لسانه.
- بل ارتبك بسبب شتم أحد المتطرفين في الحوار للشيعة ولم يرد عليه بحرف واحد.
الغضب لا يستطيع حسين السيطرة عليه، وجهه يزداد تشنجا، تنميل أطرافه ينتهي، يستعيد حيويته المعتادة، يتحدث بثقة عالية:
- إن كان المشايخ الشيعة لا يعرفون الحديث مع مثلك، فهو لأنك تحتفي بهذه الفتاة الرائعة في الجماع...
صدمة غيرت مسار لعبة المناقشة، قرر حسين وصلها بالحدث اللبناني الذي اتهمه الكاتب في زاويته بالمغامر.
- هل تضيع وقتك في اللعب مع الفتاة، أم أنك تجلس لتشاهد التلفاز وترى بنفسك ما يصنعه الشيعة في بنت جبيل، ومارون الراس، ولا أدري لماذا لم تدون تلك الانتصارات الكبيرة للشيعة وللعرب والمسلمين جميعا في أي مقال كتبته بخصوص القضية.
القسوة هي كل شيء أريد من الكلمات، ينقلب حال سوسن، شوه الكحل خدها بعد انهمار الدموع الناعمة، غادرت مسرعة دون أن تنطق بكلمة واحدة سوى أنها تساءلت عن كيفية السماح لمثل هذا الشخص بالدخول للمكتب:
- من أدخلت لنا.. كنا في أنس كبير، فضيعه هذا الرافضي المعتوه (!!)
صمت عم المكتب، فضل حسين المغادرة ووجهه محمرا جدا من الغضب...
- حسين أرجوك أجلس كي نتناقش، يبدو أنك مستاء للغاية من الطائفية التي نرفضها جميعا!!
لم يتمالك حسين نفسه، فعلامات الانهيار سرعان ما ظهرت لتعلن عن موجة بكاء هستيري في المكتب أظهر خلالها كل ما لاقاه من تمييز، الوطن المتنكر للثروة التي منحتها أرضه للوطن، الحقد الطائفي، رفضه من الجامعة، فقر منطقته... أشياء كثيرة تخرج من ضمير مجروح:
- أين ما أتجه وأولي وجهي يقال لي أنك شيعي رافضي حتى سوسن التي غادرت عندما استفزها كلامي أخرجت ما في نفسها عن مذهبي.. أنكم جميعا مجرمون وانتهازيون تصرون برغم زعمكم التحرر من الوثن الطائفي أنكم ضد الطائفية في البلاد.
- اعذرها، فهي فتاة شفافة لحد كبير، واستفزازك لها أخرج ما لم ترغب في كشفه، فأحيانا يجب على المرء كتمان ما يشعر الآخرين بالحساسية، وهذا ما تعلمناه في احترام الطرف الآخر.
لم يكترث كثيرا لحديث تركي، فحالة من الهذيان وعدم التركيز سادت ذهنه، جعلته يخرج بعد أن ترك عنوانه لدى تركي..
(4)
شوارع ملأى بلحى طويلة ومجالس لا يريد البقاء فيها لثوان، اضطراره لحل موضوع الجامعة دافع للجلوس والعودة مرة أخرى للشيخ محمد الذي أعطاه عنوانه في حي السويدي في العاصمة الرياض، يجلس الشيخ في إحدى المجالس المتدينة، والمعروفة في الحي بعدائها لكل رافضي، المجلس المفتوح لكل أتباع السلفية في البلاد يحمل وجوها شديدة التكشير، كلمة شيعي لا تفارق موضوعات المجلس التي يطرحها زعماءه...
- لا مجال لأن أظهر أي شيء متعلق بالشيعة.
هذا ما أصر عليه بينه وبين نفسه طوال الطريق..
- السلام عليكم
صمت مطبق لدى أصحاب اللحى والثوب القصير، يلتفت الشيخ محمد لصوت حسين، يهتم كثيرا لقدومه، إشارات بين تناقلها الجالسين...
- مَنْ حبيبي حسين عليك السلام... يا مرحبا.. يا مرحبا.. أخي في الله.
- من أين أنت أيها الشاب؟!!
سؤال قاطع به الشيخ سليمان تحية الشيخ محمد..
- من القطيف!!
- لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. ماذا تريد.. قف مكانك، ولا تدخل لمجلسنا إن كنت شيعيا، فهذا السجاد طاهر ولا نريد له التنجس بمثلك (!!)
- لا يا شيخ سليمان لقد ترك الرافضة وآمن بالله فلم يعد مشركا، أخذته بنفسي لمجلس هجرتنا، وأُقنع هناك من قبل شيخنا الكبير جزاه الله عن عمله خيرا..
- الحمد الله أنك اهتديت للدين الحق، وتركت الشرك والرافضة عنك.. يجب عليك يا أبني أن تعيش وسطهم برغم أنهم مجرمون أوباش يخربون الأوطان ويوالون إيران وليس لهم أي ولاء لوطنهم الذي رباهم، فتاريخهم مليء بالغدر، وإن استطعت أن ترى شيعيا في مكان ما بحيث لا تكتشف من قبل القانون فاقتله، ذلك وربي يدخلك أعلى عليين ويؤهلك للمكوث مع الحور العين...
كلمات أحسها قاسية الوقع، فالثقافة الداعية للقتل لا تفارق فم الشيخ سليمان، تظاهر بتأييد كلمة الشيخ، وفي خفايا ضميره لم ترق له، غضبه من المفردات التي يستخدمها الشيخ ضلّ محشورا في صدره، قلق يسيطر على تنفسه، وتنميل أصابعه يبدأ بالانتشار حتى يصل لبطنه، ففخذه، فساقه، تقلصات جسدية بدت غير مسيطر عليها، يطلب التوجه لدورة المياه، لم يشعر أن مفاجأة تنتظره في دار الخلاء، الجملة لم تكن واضحة لكنه فهم منها التهكم على كل من لا ينتمي للسلفية، عاد والصمت وذهول الموقف يسيطران عليه في تلك اللحظات، بينما يضاعف الشيخ سليمان تقديم نصحه له راحت مخيلته تتذكر قهقهات ياسمين التي لم يرها، إلا مرة واحدة، أخذ يربط بين ما يقوله الشيخ سليمان عن مذهبه، وبين ما قالته ياسمين معترفا في ضميره أنه يعجز عن الربط بين الموقفين، فجأة يسأل الشيخ سليمان:
- يا شيخ أنا على عقيدة أهل التوحيد الآن لكن أعذرني أني سألت بشكل غير لائق.
- أبدا تفضل هداك الله.
- تعرفون أن الحرب تدور رحاها في لبنان، وأن حزب الله يقود معركته ضد اليهود فهل يجوز لي أن أدعو لنصرة أهل الحق في هذه المعركة؟!!
عينان متجهمتان، تعديل في جلسته المتربعة على الأرض، نادرا ما يطيل الشيخ سليمان قبضته على لحيته لكنه هذه المرة أطال القبضة والنظر في حسين، لم يقل شيئا مدة ثلاثين ثانية، يفكر في إجابة، فجأة ينفعل، يداه تتشابكان وعروق رقبته تظهر برغم أنه سمين، سؤال جعله يشاهد أمامه الشيطان، كأنه يريد أن يقتله...
- لا تذكر أمامي هذا الحزب الرافضي الذي قتل أهلنا في العراق، وسبا نسائنا، ولا يجوز علينا أن نفصل بين ولائه المطلق لإيران وبين معاركه التي يخوضها، الفاسد فاسد، ونقول اللهم أوقع بأسهم بينهم ومهد الطريق لأهل الحق كي ينصروا دينك في فلسطين، ويحرروا لبنان من نجس إسرائيل، ولا تمكن الرافضة الذبّاحين من هذا...
انفعال لم يكن موفقا في نظر الشيخ عبد الرحمن الذي أبدا رأيا فقهيا مختلفا بعض الشيء، المقاومة اللبنانية في نظره تحمل سلاحا مشروعا يقاتل الاحتلال، يدافع عن العرض والنفس، يستشهد بهذه الحالة التي عاشتها شعوب في ديار غير المسلمين، أراد أن يفصل بين عقيدة القتال الصادقة، والعقيدة الدينية الصحيحة؛ ليخرج من الورطة، هدوءه المعتاد وقراءاته المكثفة في تراث الشعوب غالبا ما تثير ضده الأصوات الأكثر تطرفا في الجماعة، ذكره الشيخ محمد بضرورة إطاعة أوامر أمير الجماعة الشيخ سليمان، الفلسفة والعمل بالعقل مرفوض بينهم:
- ماذا تقول يا شيخ أتتحدث في حضرة الشيخ سليمان؟!!
لوم وجهه الشيخ محمد للشيخ عبد الرحمن جعل حسين يلتفت لمنزلة الشيخ سليمان بينهم، إذ رآه متشددا، ومهيمنا على المجلس وربما على الحركة الجهادية التي شاهدها تلميحا ولم يصرح له أحد بها..
- تفضل يا شيخ سليمان حدثني أكثر عن فجور الشيعة..
دون أي حسابات يزيد حسين من حجم لعبته، لم يعتقد ولو للحظة أنه سينتهج هذا الخط، يطلب الشيخ الميكرفون حتى يسمع الجميع ما سيقوله عن الشيعة، يرفض محاضرة مكتوبة في السابق عن الشيعة، يمسح حاجباه برفق، كاس الماء يشربه كاملا، أحمر وجهه حتى قبل البدء بأول حرف في حديثه، حسين يراقب الوجوه المشدودة لخطبة الشيخ التي جاءت تلبية للسلفي الجديد:
- الشيعة أكثر الناس خداعا في العالم، وشيعة القطيف والأحساء والمدينة ونجران لا يخرجون عن هذه القاعدة، وأما تواجدهم في الحوار الوطني ما هو، إلا كذبة يريدون سوقها لنا؛ لننظر كيف يمارسون الخديعة، فقد كشفهم لبنان لنا وأسقط عنهم ورقة التوت، ولم أتعجب حين سمعت أن شيعة محافظة القطيف خرجوا بمظاهرات أيدوا فيها حزب الله الرافضي اللبناني في قلب مدينة القطيف ومدينة العوامية، إذ رفعوا صورا لأعلام الحزب الرافضي وزعيمه المعتوه، فأي وحدة يريدها الشيعة في بلدنا، فالمشرك لا تجوز الوحدة معه.
لم يستغرب حسين الخطاب التكفيري للشيخ لكنها فجع بحديث الشيخ عن بلدته العوامية التي جاء منها، ليسجل في الجامعة، لعب حسين بالنار يزداد سخونة، ينسى ضيق تنفسه، ويبدي تأييداً لمعلموة الشيخ عن العوامية، وكأنه يريد سماع المزيد عن نظرة الشيخ تجاهها:
- يا شيخ سليمان أنا من مدينة العوامية التي ذكرتها، وهي تبعد عن مدينة القطيف نحو خمسة كيلو متر فقط.
الدهشة والغضب وبعض الإرباك حال الشيخ سليمان بعد حديث حسين، أسم العوامية يعني للشيخ الكثير دون باقي المناطق الشيعية، البلدة البارزة في المحافظة كانت على موعد معه، توجه لها؛ ليلاقي أحد سكانها مشتكيا على ضرب قريبه، العوامية تشكل له ثأرا خاصا ليس له علاقة بأعمال الجهاد الدعوية، حسين يمثل له طعم انتقام حقيقي، يصرف النظر عن تدبير مكيدة له لأنه بوابة لهذه البلدة التي يريد الانتقام منها، يضطر الشيخ لتوضيح ما يحمله تجاه البلدة وأهلها:
- هل تعرف أن بلدتك أحمل ذكرياتها المؤلمة، مرة توجهت لأحد سكانها من أجل التباحث في مسألة ضرب قريب لي أتهم ظلما وعدوانا بأنه عشق فتاة من فتيات البلدة، فقاموا بضربه وتحطيم رأسه وسيارته.. تمكنت الشرطة من سجن أخيها المعتدي على قريبي، وبرغم أن قريبي نال من الفتاة وضاجعها، إلا أني وضحت الموقف الشرعي في هذه المسألة، فلم أعتبر أن قريبي زانٍ في نظر الشرع، بل يعتبره الشرع أنه ظفر بملك يمين لأنها رافضية، وهذا ما أقنع القاضي الذي يسير على نهج السلف، جزاه الله خيرا.
جلسة لم تكن بحجم صمود حسين المثقل بالعبارات الحاقدة، لم يكن قادرا على النطق بحرف مغاير واحد، أدرك مدى ضعف طائفته، فالقضاء والتعليم كافة أجهزة الدولة وشركات القطاع الخاص ثروة مختطفة لتيار واحد لا يمكن التمرد عليه، قناعات تتبلور بشكل سريع برغم أنه يتظاهر حتى مع نفسه بعدم قبولها، ما حصل في المجلس جعله يعيد التفكير في مسلماته العلمانية، ويُحدث بعض الانقلابات الفكرية التي نالت من حياته...
تقرؤون في الجزء الثاني:
• الجامعة والمستقبل الموعود.. العمل في شركة أرامكو ذات الامتيازات الخاصة.. راتبها المغري.
عبارات يقلبها في نفسه علّها تحسم مسألة انقلابه الثوري الذي سيعدم شيعيته، وعد الشيخ سليمان في غاية الجدية.
• أحسنت يا حسين.. بدأتَ تتعلم طريقة السلف الصالح.. اليوم توجد محاضرة في مجلسنا الكبير، وسيفضح الشيخ سليمان حزب الله الرافضي، وهو يدعوك لها، ومن ثم عرض تجربتك على الحضور الذين جاء بعضهم خصيصا لك من القصيم وبريدة والدمام والخبر وحتى من مدينة عنك القطيف، وسننقل ما ستقوله مباشرة عبر البالتوك.
• آذان مشدودة تتابع ما يقوله حسين على مستوى العالم الإسلامي، الإعلانات السابقة على هذه الخطبة انتشرت في دهاليز الشبكة العنكبوتية، غرفة البالتوك لم تكفِ لعدد المستمعين، منتديات سلفية كثيرة تنقل خطبة الانقلاب العقدي، شيعة ينفون شيعيته ويعتبرون ما يجري كذبة من تلفيق الوهابيين، حضور المجلس لم يعجبوا بحديث حسين، ففيه ثغرات تتيح انتقاد الحركة السلفية، خرجوا بانطباع سيئ عن الخطبة.[/align]
-
[align=justify](5)
خمسة أيام قضاها مستسلما لأفكار الشيخ سليمان المغرية ماديا، أخذت تؤثر في عقله شيئا فشيئا، أرضية مهد لها الفقر والحرمان، يحلق في مجهول بعيد لا يعرفه، فأين سيحط رحاله بعد أن أعطاه الشيخ محمد خمسين ألف ريال دفعة واحدة من أجل تدبر أموره..
- الجامعة والمستقبل الموعود.. العمل في شركة أرامكو ذات الامتيازات الخاصة.. راتبها المغري.
عبارات يقلبها في نفسه علّها تحسم مسألة انقلابه الثوري الذي سيعدم شيعيته، وعد الشيخ سليمان في غاية الجدية، فقد تعهد أمام جميع المشايخ بمساعدة المتسنن الجديد، فحسين لم يستطع تحمل وضعه الاقتصادي المنهار، عائلته مصابة بفقر مزق كرامتها بين الناس، وبرغم ثقافته التي يحملها لم يكن يستطيع الانضمام إلى نخبة النخبة من المفكرين لأنه من طبقة منهارة اجتماعيا، تذكر كيف يحضر للمحافل الثقافية، تجاهله بوقاحة يؤلمه باستمرار، فمن يعرف عن وضعه من المثقفين يسخر منه بدلا من تقديم المساعدة له أو حتى نصحه، أفكاره العلمانية لا تتفق ومصالح كثير من مرتادي هذا التيار، فهو يرفض قطعيا الجلوس مع الفتاة على انفراد، ابتسامات ذكرته باحتضان أحد العلمانيين لزوجته أمام الحضور، عمائم الدين لم تتنكر، ربما لم تنتبه، غالبا ما يعيش حسين الصراع بينه وبين نفسه، يفكر كثيرا، ويصمت أكثر...
- السلام على الشاب السعيد..
قدوم مفاجأ للشيخ محمد غير المعترف بواجبات الاستئذان..
- وعليكم السلام..
- لا تقلها هكذا.. قل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فالرافضة هم فقط من يبترون السلام، ويجب أن تنسى منذ اللحظة أي مبدأ رافضي.
- ليس لهم مبادئ، لنقل أي خرافة شيعية.
- أحسنت يا حسين.. بدأتَ تتعلم طريقة السلف الصالح.. اليوم توجد محاضرة في مجلسنا الكبير، وسيفضح الشيخ سليمان حزب الله الرافضي، وهو يدعوك لها، ومن ثم عرض تجربتك على الحضور الذين جاء بعضهم خصيصا لك من القصيم وبريدة والدمام والخبر وحتى من مدينة عنك القطيف، وسننقل ما ستقوله مباشرة عبر البالتوك.
وجوه مكفهرة ولحى آثمة خلاصة مشهد تراجيدي يتنقل داخل جسده الذي لم يقوَ على تحمل ما يراه، هيبة المكان المفتعل المليء بشتائم التكفير يحيل ذهنه لتنظيم القاعدة المتشدد، يجعله يتساءل هل من المعقول أن لا تعرف الدولة بما يجري في هذا المجلس المتشدد الداعي للكراهية والبغض، تساؤلات قاطعها الشيخ سليمان الذي بدأ بتحذيره من الانجرار وراء زعيم حزب الله حسن نصر الله:
- أيها الأخوان لا يغرنكم مجموعة من المتأسلمين في العالم مثل الأخوان المسلمين الذين وقفوا ضد فتاوى صادقة نبعت من بحر الإسلام، هم قبل غيرهم يعرفون أنهم ينافقون هذا الحزب، أما زعيمه الشيطان فلا ينبغي أن نُخدع بكلماته المغلفة بطابع إيماني.. علينا إتباع القرآن الكريم، يقول عز وجل ﴿ وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ﴾ -الأنعام: 153-، ويقول تبارك وتعالى: ﴿ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ﴾ -النساء: 115-، وحذر سبحانه من كتمان الحق ولبسه بالباطل لتضليل الناس فقال عز وجل: ﴿ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ﴾ -البقرة:42-...، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله"، وقال أيضاً "سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصدَّق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة" قيل: وما الرويبضة؟ قال "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة".
جوّ لم يعتده حسين الذي جلس مفتوح العينين مندهشا من هذه الكلمات التي لا تؤمن بأي تقارب بين طائفتين أو فريقين من المسلمين...
- أيعقل أن يقول الشيخ سليمان مثل هذا الكلام الذي يتعارض مع سياسة دولتنا الرامية لنبذ التطرف وتكفير الآخرين؟!!
كلمات يوجهها للشيخ محمد الجالس بجانبه، والذي طالبه بترك هذه العادة "الرافضية" والإنصات للخطيب حتى ينتهي، إنصات جعله يتمعن أكثر فيما يقوله الشيخ سليمان:
- إن هذه الآيات والأحاديث من الوضوح بحيث لا تحتاج إلى تعليق، وإن ما يجري اليوم من أحداث في بلاد الشام، من قتال بين اليهود ومن يسمون أنفسهم بحزب الله أو المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان؛ لهو من الفتن والابتلاءات التي يختبر الله عز وجل فيها عقائد المسلمين ومدى ارتباطهم بموازين الكتاب والسنة وبما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.. أخواني في الله قد سقط في هذه الفتنة فئات كثير من الناس، وغرهم ما يسمعونه أو يرونه من مواجهات عنيفة مع اليهود يتزعمها الرافضي (حسن نصر الله وشيعته) وانخدع بذلك الذين يجهلون أو يتجاهلون حقيقة التوحيد والولاء والبراء في الإسلام وحقيقة عقيدة حسن نصر الله وشيعته الرافضة...
لم يفوت الشيخ سليمان فرصة وجود حسين بين الحضور، يتحدث عن شيعة القطيف:
- ما جرى في القطيف من تأييد لهذا الحزب يحملنا مسؤولية دينية تحثنا على طرد المشركين من جزيرة العرب، فيجب على المسلم المتبع للسف أن لا يسمح للروافض بأن يؤيدوا بعضهم البعض في العالم خصوصا أن بلادنا بلاد توحيد لا تجوِّز القيام بمظاهرات، وفي هذه النقاط التي ذكرتها نحظى بإجماع حتى من مما يسمي نفسه بالتيار الليبرالي، فقد هاتفني عدد من كتاب الصحف؛ ليعلنوا تأييدهم لموقفنا ضد حزب الشيطان، وهذا مشهود في مقالاتهم اليومية المنشورة في الصحف.
أحاسيس أخذت تمزق حسين وتشعره بخوف رهيب لم يشعر به حتى عند دخوله خلسة لبيت حبيبته:
- استأذن يا شيخ محمد سأخرج قليلا أشعر بضيق في التنفس.
- لا بأس لكن لا تتأخر فحديثك ننتظره بعد قليل!!
مراجعة أخيرة للنفس، فإما المال والشهرة التي ستتحقق بمجرد نطقه بتأييد الحركة الوهابية والتخلي عن مذهبه الذي سيشهد ضده بالضلال والانحراف كما لُقن، أو الرجوع نحو الوراء حيث الفقر والحرمان وعدم المستقبل الوظيفي.. كل تلك المؤثرات جعلته يتأخر عشر دقائق غير فيها مسار حياته ومنطقته... الشيخ محمد يسأله
- أينك يا رجل الجميع ينتظر والبسمة على وجوههم..
تنميل الأطراف يبدأ بالظهور، وخطوات يفتعلها ولا يعرف إلى أين تقوده، فجأة قفزت له كلمات المرجع الديني الشيعي محمد حسين فضل الله "أيها المقاومون البدرييون.. إن الله قوي عزيز، إن الله سيخذل كل من يقف ضد المقاومة ويريدها أن تنهزم أمام إسرائيل..." لم يعرف لماذا جاء هذا الحديث بالذات في هذه اللحظات الحاسمة في كل شيء، محاولته الهروب من الخطوات التي تقربه من منصة الإلقاء لا تفلح في ترك مقاومة الإغراءات الكبرى..
- أهٍ يا نفسي أعرف أنك مع المقاومة بكل المقاييس لكن عندما تنقلب المقاييس لا بد من حسن التصرف، وإلا فقدت حتى حياتي وسط هذه اللحى.
كلمات يحاول من خلالها إقناع نفسه بما سيقدم عليه؛ علّه يكون مرتاح الضمير بعد الكلمة التي سيواجه فيها كبار علماء التشدد الذي إما أن يرضوا عنه أو يحكموا عليه بالضلال:
- السادة الشيوخ أسمحوا لي أن أقدم لكم نفسي بكل رحابة صدر.. كنت شخصا رافضيا ضُللتُ ونلت عقابي من الله حيث لم يوفقني للعمل، ولدخول الجامعة، ولا لاستقبال حار من أمثالكم في هذا الحي الذي يحرص على تطبيق شرع الله وسنة رسوله...
آذان مشدودة تتابع ما يقوله حسين على مستوى العالم الإسلامي، الإعلانات السابقة على هذه الخطبة انتشرت في دهاليز الشبكة العنكبوتية، غرفة البالتوك لم تكفِ لعدد المستمعين، منتديات سلفية كثيرة تنقل خبة الانقلاب العقدي، شيعة ينفون شيعيته ويعتبرون ما يجري كذبة من تلفيق الوهابيين، حضور المجلس لم يعجبوا بحديث حسين، ففيه ثغرات تتيح انتقاد الحركة السلفية، خرجوا بانطباع سيئ عن الخطبة
- ماذا يتحدث أمتأكدون أنتم من أن هذا الفتى سيكون في صالحنا ضد بني قومه الرافضة؟!!
تساؤل طرحه الشيخ عبدالرحمن الذي وصل من القصيم خصيصا من أجل الاستماع لهذا الرافضي المستنير، الكلمات لا تريد أن تتوقف، فحسين الذي تعود الثرثرة أثناء مناقشاته الثقافية لم يكن عاجزا عن توصيل ما يريد لهم:
- يا أحباب الله لقد هدانا الله وإياكم، وأبعدنا عن الشرك والضلال، وإني لأعتزم الرجوع لمدينتي تلبية لدعوة من الشيخ سليمان من أجل هداية الناس هناك، ولكنني أرجو دعمكم الكبير لهذه المهمة الكبير...
- سنعينك بأذن الله.. هذا واجبنا الشرعي، أصرف له من الزكاوات يا شيخ محمد فهو داعية يجب أن يشعر بالإيمان، ويجب أن ينفق على الفقراء كي يستميلهم للدين الحق.
- كما تشاء يا شيخ سليمان، وبعون الله تعالى وجدنا له وظيفة مرموقة في شركة أرامكو لا تتعارض مع مصالح الدعوة، وسيكون قريبا من أهله من أجل التركيز على هدايتهم أولا.
- بارك الله فيك يا شيخ محمد ولك جزيل الأجر والثواب..
لم يكن يشعر أن جميع معاناته ستحل خلال ساعتين قضاهما في اجتماعه مع كبار المشايخ، فالذاكرة لم تمهله طويلا، أخذت تمر به نحو معاناته في تقديم الطلبات الخاصة بالعمل، معاناة تنتهي بالشكل التقليدي حتى أصبح رفضه مسألة مألوفة له ولصديقه حمزة الذي استطاع الحصول على وظيفة صحفي متعاون، أرامكو التي توظف فيها بعد إعلان إسلامه رفضته عشرات المرات، أمه التي دعت له ذات يوم بمثل هذه الوظيفة لم تعرف أن أبنها سيأخذها بعد تغييره لمذهبه الشيعي الذي يسري في عروقها، حب الإمام علي وأبنائه خاصة الحسين المقتول في كربلاء شرفا لا يفارق قلبها المنكسر بسبب ضعف الحال، أم لم تفارق شفتاها لعن يزيد، وكل بني أمية وبني العباس، أم برغم فقرها تقيم مأتم الحسين في بيتها وتدعو فيه لابنها فإن توفق في وظيفة ستفي بنذرها القديم عبر إقامة سفرة أم البنين التي تحبها الفتيات الشيعيات اللاتي يرين أنها متنفس لهن...
- كم كنت غبيا حينما نهرت أمي لأنها قدمت لي الدعاء في ذلك الصباح...
شعور ضل يلاحقه طيلة الأيام التي قضاها قبل توجهه للشرقية من أجل تبشير أهله بوظيفته، وقفة في المرآة أجبرته بأن يتعرف على شخصيته الجديدة، الثوب الذي لا يطيق لبسه أصبح مبالغا في قصره، لم يرتدي العقال لأن الشيخ محمد يرى فيه خروجا عن أهل السلف، أما حسين فيرى فيه منذ علمانيته جهازاً مانعاً للحضارة، لحيته التي لم يكن لها مكان في وجهه غزته بشكل كثيف، أصبح يكثر الحك في وجهه بسببها، ينظر في المرآة؛ ليرى شخصا غريبا عنه، شخص مثقل بالخيانة، فالمال والشهرة الواسعة التي حصل عليها تقلقانه كثيراً، لم يستوعب الشكل الجديد، ضحكة لم يكن يتوقع أن تخرج منه، فقد جاءت عفوية ومتسائلة عن مدى صموده أمام هذا الوحش الجديد المتغلغل داخل نفسه، تساؤلات عدة تتعلق بمواجهته للمجتمع الشيعي، يقرر أن يحلق وأن يلغي كل شيء ويعود بالوظيفة فقط، يتذكر أن كل هذه الامتيازات والرصيد المالي الضخم الذي وعد به لن يراهم أبدا إن غير حرفا واحد مما اتفق عليه:
- لا تكن غبيا.. واصل لعبتك حتى تحصل على الوظيفة، وتستمر فيها، وينزل المبلغ في رصيدك بعد عامين كما تم الاتفاق...
وساوس كثيرة تجول في قلب حسين، إذ لم يعرف كيف سيقنع أمه العجوز، أو كيف سيطلب من أبيه الذي كبر حتى هرم في مدينة العوامية ترك المكان للانتقال إلى منطقة يسكنها السنة في القطيف مثل عنك أو أم الساهك أو دارين.
(6)
فرحة ما استطاع حمزة كبتها، فكر في شيء يفاجئ به صديقه في مطار الملك فهد، تذكر خوف حسين من السحلية التي تستوطن النخيل (أم سليمان)، تذكر مطاردته لها واصطيادها بصعوبة بالغة ليقدمها لصديقه بشكل مفاجئ، تمنى لو أنه جلب معه واحدة ليضعها في سيارته، فتفاجئه سريعا.. كثيرة هي الأماني التي يحلم بها كليهما، فحسين النازل من الطائرة خلَّف وراءه ذكريات سفر وسجائر ونساء مررن على ذاكرته سريعا في مطارات الغرب الكبرى، أحلامه القديمة تبخرت مع منظره الجديد، وجه يسوده الشعر الكثيف وثوب مبالغ في قصره، نظرة حادة لمن حوله.. حمزة الواقف منذ ساعة من قدوم المسافرين لم يتعرف على رفيق دربه، فمنظره الجديد ترك أولى الصفعات القاسية على حمزة، منظر يبتعد كليا عن الشخصية العلمانية المتمردة، شخصية طالما حاورها حمزة محاولا إقناعها بالدين المخلص للوجود، عبث تلك المحاولات الجادة لاستيعاب لحظة لم تخطر على بال حمزة المعتقد بأن حسين يحاول مفاجأته بما لا يتوقع منه...
- مَنْ حسين.. ماذا فعلت بنفسك.. ههههه.. أنت.. لا.. ههههه...
حمزة الذي لم تنتهِ ضحكاته طوال الطريق لم يستطع أن يصمت في المطار، قلق بدا واضحا على وجه حسين الذي يعرف بأمر ناصر المكلف بمراقبته من قبل الشيخ سليمان، ضحكات حمزة تثير الغضب في ناصر، حدَّة حسين غير المسبوقة مع صديقه أعادة لناصر التوازن؛ لتترك أثرها المطلوب في نفسه
- كف عن الضحك..احترم نفسك، لن أذهب معك إن استمر ضحكك وسخريتك مني!!
محاولة فاشلة أراد حمزة من خلالها ترك الضحك، عبثا يحاول حسين فرض سيطرته عليه، فحمزة يحب الضحك كثيرا، عقله الباطن ذكره بضحك حمزة أثناء تشييع جنازة أحد أقاربه، حمزة المتدين لا يستطيع التحكم بهرموناته الخاصة بالضحك كما يكرر ذلك عند أصدقاءه، يضعه الضحك في حرج شديد في بعض المواقف، ويحوله لشاب سخيف في مواقف أخرى.. ضحك متواصل كلما أطل بعينيه على ثوب حسين ولحيته الكثيفة...
- مفاجئتك يا حسين بمثابة مسرحية تجاوزت كل إبداع كتاب السيناريوهات، أضحكتني أكثر مما أضحكني حسين عبد الرضا وسمير غانم وأحمد بدير.. لكن قل لي كيف جلست في الرياض طيلة سبعة شهور، ولم تفكر حتى بالاتصال علي حتى أن جوالك قمت بتغييره، لم نستطع رؤيتك يا رجل حتى على الماسنجر.. ههههه.. ثوبك يشبه.. ههههه...
- كُفَّ، وإلا نزلتُ من سيارتك (!!)
- صحيح.. انزل وهي تسير بهذه السرعة كي تكتمل المسرحية.ههههه...
ناصر الذي يسير وراءهم بسيارة أخرى فكر فيما يدور بينهما في السيارة، قرر حسم أمره:
- اطمئن يا شيخ محمد الشيخ سليمان أن رجلنا بخير، وقد وصل لبيته، وجاءه صديقه القديم وسخر منه في المطار لكنه تصدى له بكل عنف، رأيت كل علامات الاشمئزاز في وجهه لكن صديقه مستمر في السخرية من شكله؛ لذا أنا أضمنه بعنف.. أنه فعلا مقتنع بمذهبنا الحق...
- بار الله فيك يا ناصر.. دعه وشأنه وسنعرف أخباره من خلال عمله معنا..
قهقهات حمزة لم تتوقف حتى وصلا لمنزله الآيل للسقوط، فقام حمزة بالدخول على والده قبل حسين..
- أبا حسين.. جاء ولدك الذي فقدته قبل سبعة شهور بزي مهرج..
- ولدي.. ولدي...
لم يستطع أن يتكلم بحرف آخر، لكنه لم يجد سوى البكاء معينا على هذه المرحلة التي فقد الأمل في الوصول إليها..
- يا أم حسين جاء أبنك..
رغم نظرها الضعيف وبطئ مشيها سارت بسرعة لم يعتدها حتى زوجها، أبنها الوحيد والمعين لها في الكبر عاد أخيرا بعد صبر وبحث مضنيين قاما به برغم عدم امتلاكهما للمال، جمعية البلدة ساعدتهما في تسديد أي متعلق خاص بأعمال البحث الذي جاب فيها والده المنطقة الشرقية تقريبا حتى أقنعه شبان البلدة بعدم جدوى البحث في هذه البلاد الواسعة...
- يا ولدي.. كيف تركتني وحيدة وأنت تعرف أني وأبوك مريضان لا نملك المال.. هل تعرف أنك ارتكبت جرما لا يرضاه الحسين وأهل البيت..
تذكر ما قاله الشيخ سليمان، لكنه لم يأبه به، فبكاء أمه كان كفيلا ليجعله ينسى كل الوعود التي أطلقها على نفسه.. الوظيفة والمال والامتيازات القادمة في مستقبله المشرق كلها معلقة لمدة ساعتين، لم يستطع ترك هذه المغريات سوى عشرين دقيقة حسبها تضحية من المحتمل أن تُكتشف من قبل السلفيين، فيذهب مستقبله رهن هذه الغلطة الكبرى.. فكر في اختيار منزل يقع في حي سني في القطيف، ليس له في هذه المهمة سوى أسبوع كامل من تاريخ عودته، وإلا فإن كل شيء سيكون هباء منثورا، يفاتح أبواه بشكل سريع حتى قبل أن يضع أغراضه في غرفته
- أبي نريد الذهاب للسكن في منزل مستأجر في جزيرة تاروت..
- ماذا.. ترعرعنا هنا ومن المستحيل أن أترك قريتي، العوامية وأهلها طيبون، وليس بمقدوري تركها والعيش في تاروت برغم معارفي بعدد من البحارة النواخذ هناك...
- لكن يا أبي هناك بيت مستأجر، فخم وبسعر رخيص، ولا أريد أن أخسره..
أما والدته فقد أنهت النزاع بقولها:
- لا يا ولدي لن نذهب.. هنا معارفنا وأقربائنا، وتاروت ستكون بعيدة جدا علي، وهل نسيت أني ملتزمة بقراءتي الحسينية ثم إن مجلس الحسين سيتعطل إن ذهبت لتاروت، كل المستمعات هناك لا يعرفنني.. هنا المستمعات تمول المجلس لذا فهو مستمر، وهذا المنزل فيه البركة بفضل ذكر أهل البيت...
تذكرت أم حسين أمنيتها بزيارة الحسين:
- بدلا من استئجار المنزل دعنا نذهب لزيارة الحسين إن كنت تملك مالا، فمنذ كنتَ طفلا أردت الذهاب مع أبيك لكن الفقر منعنا من الزيارة..
- أمي ستذهبان معي للمسكن الجديد، ولا أريد أن أسمع شيئا عن المجالس الحسينية، ولن تقيميها بعد الآن؟!!
علامات ذهول بدت في وجه والديه العجوزين، فهذا الشيء البشري لم يعد ابنهما خصوصا بعد تجرئه على سيد الشهداء دون أي مبرر:
- لا تقل مثل هذا الكلام الذي يقود بك نحو جهنم، فالحسين الذي لا تريد أن تقيم مجلسه في دارنا، هو من ضحى من أجل دين الله.. سأتصل لصديقك حمزة من أجل إيقافك عند حدك...
الصمت والخوف وعلامات التعجب... أشياء ضلت تهيمن على وجه الوالدين الناظرين لنفسيها باستياء شديد سببه أبنهم الوحيد...
- مرحبا.. مرحبا حمزة... من الجيد أنك جئت لتُفهم صديقك أننا لن نرحل!!
- ترحلوا إلى أين؟!!
- إلى تاروت يريد أن يستأجر بيتا هناك، وكأن البيوت لا تتوفر هنا، ثم ليقل لنا من أين سيدفع ثمن الإيجار، وهو لم يقبل في الجامعة ولم يعمل حتى براتب ضعيف؟
- أصحيح ما يقوله أبوك يا حسين، ثم ما هذا المنظر ظننتك تعبث معي لتجعل من نفسك مسرحية.. أراك لم تحلق ذقنك ولم تغير ثوبك.. ما القصة يا صديقي...
نسي حسين القضية الأساس، فكر في استقطاب صديقه حمزة وطرح الفكرة عليه، فكل شخص يهديه حسين إلى المذهب الوهابي سيحصل بموجبه على خمسين ألف ريال تقدم له سريعا من الشيخ سليمان..
- صديقي العزيز ما رأيك أن تنضم للمذهب الحق، المتسيد في البلاد، فأنا الآن أعمل في شركة أرامكو، وسأحصل على منح مالية وامتيازات ومعاملة خاصة جدا حتى في الشركة نظير هذا المذهب، إقبله ولو بشكل ظاهري كي تحصل امتيازاته الثرية خصوصا إن كنت متحولا من الشيعية المشركة للمذهب السلفي الحق الذي يسير على أفكار الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
- أنت فعلا مجنون.. ألم أقل لك أن نهاية المطاف ستنتهي بأفكارك إلى مناطق موحلة.. عد لرشدك يا صديقي، فهؤلاء أكثرهم إرهابيون، ومن لا يعترف بالقاعدة هو مكفر للشيعة ويعتبر أن دمهم حلال، فلا تتورط معهم وتسيء لنفسك ومنطقتك وأهلك...
- أنت أيضا لن تفهمني.. لديهم مال ونفوذ، وأنا أنوي استغلالهم، وبعد تكوين ثروتي أتركهم..
- أتظن ذلك سهلا.. سيقتلونك بتهمة الردة.. كن واعيا وأترك كل شيء منهم وعد كريما محافظا على كرامتك، فهم لا يريدوك بقدر إرادتهم كسر مذهبك حتى وإن كنت علمانيا فيه...
جدال ساخن لم يشهداه من قبل، رغم التلاسن المتكرر بينهما، إلا أن هذه المرة اعتبرت الأشد بكل المقاييس...
- قلت لك يا حمزة ستظل بهذه الصورة الفقيرة إن لم تتبعني، وستبحث عن عمل مستقر طوال حياتك، فالجامعة التي لم تقبلك في الطب برغم تفوقك المطلق في الدرجات، والشركات التي لم تقبلك أيضا، ووضعك المزري في صحيفتك، وكل شيء تمنيته ولم يكن لك سيكون في ظرف ساعات فقط رهن إشارتك.. هذا ما حققته من اعتناقي للمذهب السلفي، فماذا نفعني تشيعي، أو علمانيتي.. من ينفعك هم أهل النفوذ من الذين يملكون أي شيء يخطر ببالك..
- ليس صحيحا أن يبيع المرء كرامته من أجل المال، أو أن يتشدق بالمناصب وأن يصل لها على حساب المبادئ.. هل تعرف الفرق بيننا منذ الأزل.. إننا نختلف كثيرا عن بعضنا، فأنا أرى الأمور بشكل معاكس تماما لك.. أرى أن الوهابية سبب دمار هذه البلاد، وأنهم برغم أقليتهم حجروا على بقية المذاهب والأفكار.. صحيح أن الجميع في مأزق حاولت الدولة الخروج منه عبر الحوار الوطني الذي أزعجهم لحد كبير، وعلى الصعيد العملي جاؤوا بالسنة من كل مناطق المملكة من أجل الإخلال بالتركيبة السكانية في الشرقية؛ ليصبح أهل القطيف أقلية في منطقة كانوا فيها أكثرية، ومع كل هذا نافسونا على الوظائف وحرمونا منها، ثم تأتي وتطلب مني أن أنضم لقاتلي.. لا والله أفضل الجلوس في الشارع على أن آخذ منحاك، فهل هناك عاقل يقتل نفسه بيده، إلا إن قرر الانتحار...
- أنا قررت الانتحار، وسنرى من ينتحر يا صديقي!!
آلام السنوات التي عاشها حمزة خرجت دفعة واحدة دون أن يستطيع السيطرة عليها، فالهم الشيعي لم يفارق هذا المتدين الذي جمعه القدر بصديق تعلمن قبل عدة سنوات، منذ لقائهما في موكب سيد الشهداء الخاص بالعزاء على الحسين وهما مختلفان داخل دائرة التدين وسرعان ما ازداد الاختلاف بعد أن سلك حسين العلمانية، حمزة حاول نصحه للعودة للعزاء في الموكب بدلا من الانخراط فيه كما في السابق دون أي جدوى:
- آه على هذا الصديق الذي يدمر أبويه الرائعين...
كلمات تتجول في خاطره أثناء عودته لمنزله الواقع في الحي الثاني من البلدة، فجأة تغزو الفتاة التي يعرفها حسين مخيلته، ربما هي الأقدر على جعله يرفض هذا التيار السلفي الذي دخله من أجل المال والامتيازات، المبدأ الذي يعتزم مخالفته من أجل إنقاذ حسين يضعه أمام كل ازدواجيات العالم، يقرر محادثة الفتاة التي حدثها حسين لمرة يتيمة من جوال حمزة..
- ألو.. معك حمزة صديق حسين..
- حمزة المتدين يتصل بي بعد أن جعل حسين يتركني.. هذا غريب جدا أن يتصل رجل متدين مثلك بفتاة أعتبرها صراحة غير شريفة.. آسفة لن أستقبل مكالمتك!!
- لا تغلقي الخط حسين في ورطة.. اتصالي من أجل إنقاذه لا غير..
- أنت تكذب من أجل التعرف عليّ.. انسى..
- صدقيني.. لا أكذب عليك.. صديقك أنقلب لوهابي شنيع..
- ههههه.. حسين وهابي.. كيف.. متى.. ههههه
ضحكها الهاتفي أثار في قلبه شيئا لكنه وبتمرده المعهود على الجنس المحرم قرر القضاء على ذلك الشعور..
- صدقيني هذا ما حصل..
- طيب سأعمل على تغيير هذا الخطأ الفادح..
لم تعطه فرصة للتحدث معها أكثر، إغلاق الخط أراحه كثيرا، فقد اعتقد أن المحادثة مع فتاة ناعمة الصوت مثلها لا يمكن التكهن بعواقبه، منذ شهور وحمزة ينظر لصوتها على أنه شيطان حاول غزوه، يجوب ذاكرته ذلك الاتصال الناتج عن اتهامه لها لدى حسين الذي رفض فكرة اتهامها، حين عرفت بتهمته المتعلقة بشرفها بكت كثيرا خصوصا أنها عاشرت حسين في منزلها دون أي مسوغ شرعي، حمزة الذي لم يعرف بما جرى بينهما يعتبر العلمانية طريقا للانحراف الخلقي بين الشباب، معرفة حسين بياسمين جعل العلاقة بينهما تتعثر، سبب هذا التعثر فتورا في علاقة حسين بها، وهو ما كفل استمرار العلاقة بين حمزة وصديقه:
- غريبة هي الليالي فحبيبي الذي ودعني خلسة لم أره، إلا في حالة تبتعد عن سكرنا الذي وحدنا تحت غطاء أحمر.. كان كل شيء في داخله أحمر.. الدنيا والنجوم وحتى خيالي كان أحمر.. أتذكر يا حسين ما كنّا نفعله سويا تحت الغطاء.. كانت الدنيا واقفة كنجمة بعيدة لا يراها أحد من البشر.. كنّا نراها وحدنا.... كنتَ شيئا خرافيا.. مجنونا تعشقه أي فتاة تقبلها بمثل هذه الحماسة يا رجل.. ماذا دهاك أقررت الانقلاب الرجعي على علمانيتنا التي جمعتنا تحت الغطاء.. أم قررت أن تضحي بصديقك حمزة الذي ضحيت بي من أجله.. صدقني سيكرهك الناس جميعا وربما أكرهك أيضا؛ لأنك تراجعت نحو الوراء.. بحق تلك الليلة التي سكرنا فيها أريد مجيئك لي هذا المساء...
حروفها الناعمة جاءت في وقت مباغت، فبرغم انشغاله مع مديره الجديد في شركة أرامكو، إلا أن هذا الصوت الناعم الملمس على أذنه لم يكن يحتاج لاستئذان كي يدخل لقلبه الذي عشق ليلته الحمراء مع فتاته العلمانية التي ذكرته بلحظات حاول نسيانها دون جدوى، تذكر السماء وظلامها الذي لم تنره سوى نجمتهما في تلك الغرفة التي بدت مشجعة على التمرد، تذكر كيف أن أخيها الصغير دخل للغرفة بعد أن سمع صوتا غريبا لكنه لم يجد في المكان المحمر غير أخته التي أمرته بعدم الدخول لغرفتها بهذه الصورة معلمة إياه درسا في الأخلاق، إذ كان عليه وجوب الاستئذان قبل أن يباشر في الدخول، كانت ساعات قصيرة لكنها في الوقت نفسه كانت مفعمة بالمغامرة التي يفتقدها حسين، فحياته الجديدة تفتقد مثل هذه المغامرات الحرة، تريدها لكنها قلقة من ضياع الامتيازات، خطه الفكري العقدي يكره النساء حتى في المضاجعة الشرعية، يحمل في داخله عنفا كبيرا لهن، يقرر:
- سأآتيك في وقت متأخر بعد منتصف الليل..
لم يستطع أن يحدد أكثر عبر هاتفه، مديره الذي يراقب حركاته التي سيرفعها للشيخ سليمان شكل نقطة خوف كبيرة. [/align]
-
[align=justify](7)
ثلاثة أعوام مضت منذ أن تجرأ حسين ودخل غرفة صديقته دون أن يعرف أهلها المحافظون بما حصل، ياسمين لم تكن بالنسبة له مجرد فتاة عابرة في ذهنه، فبرغم أنه لم يكن يؤمن بالحب الأحادي والشريك الجنسي الواحد غير أنها تمكنت من أسر قلبه في ليلة واحدة كانت بمثابة ثورة جنسية قلبت كل المعادلات التي استعمرت تفكيره، انقلاب نفسي رهيب لم يخطر بباله، فمنذ رؤيتها مرتدية فستانها الورقي الذي سمح لعينيه برؤية جسدها الشهي نُزِع عنها كل حياء عادة ما يكثر في فتيات منطقته، موقف لم يعد قادرا على نسيانه، لم ينجذب لها بسبب جسدها الفاتن فقط، بل ازداد احترامه لها حين عرف أن هذه الفتاة اليافعة تحمل في جمجمتها فكرا نيرا يفوق بأضعاف ما يحمله من أفكار أولية تمثل أرضية بسيطة تمكنه من إحداث ثورة على فكره الديني (الشيعي) الذي لم يكن يحمل بديله... كان كليهما يتصببان عرقا ليس لأنهما يخجلان من بعضهما، بل بسبب تردد حسين الذي لاحظته ياسمين، في تلك الليلة لم تكن تريد منه الجنس، أرادت الأمان المفتقد في أسرتها، لم يشعر حسين بشعور الأنثى، شخصيته المستعجلة دائما هي من تقف وراء انقلاباته السريعة التي لا يعتبرها حمزة ناجمة عن وعي.. في الساعات الأولى من لقائهما المستمر حتى وصول أشعة الشمس لحبات الرمل، ضل حسين يتقرب منها فيما أخذت تبتعد عنه، غضب جدا منها، فما يعرفه عن النساء مرتبط بعاهرات يأخذن المال نظير المضاجعة السريعة، لم يفكر أبدا أن ياسمين إنما تريد منه الأمان لا الجنس... خطوات تثقلها الذاكرة المشحونة بإحساسه غير الإنساني، ينظر يمينا وشمالا للتأكد من خلو الطريق من المارة، يقرر الدخول، ياسمين في كامل زينتها تستقبله بضحكتها غير مكترثة باحتمال أن تُكتشف ضحكتها، فيخرج أهلها ليقتلوه إن شاهدوه في المنزل...
- ماذا فعلت بنفسك يا حبيبي.. لم أتوقع في يوم من الأيام أن تصبح بهذه الصورة.. كدتُ لا أصدق ما قاله حمزة.. هل أصبحت خرفا لهذا الحد.. تعال يا حبيبي لنمضي وقتا ممتعا، لم أصدق أنك معي؟!!
- شخصيا لا أطيق نفسي بهذه الملابس وبهذه اللحية الطويلة لكني اضطررت لها من أجل أن أتوظف، وأغير من وضعي، أم أنك نسيتي أني كنت فقيرا غير قادر حتى على الزواج بك..
- كنت فقيرا، وهل يعني أنك الآن غني؟!!
- بكل تأكيد وسوف أتزوج بك غدا إن أحببت وأقيم لك أفضل عرس تشهده بلدتنا...
لم تتحمس كثيرا لما يطرحه لكنها أصرت على أن يغير كل تفاهاته أولا، ويعود لها وبداخله فكرا حرا يحمل مبادئ التجربة العلمانية التي قطعت فيها شوطا كبيرا، فبرغم صغر سنها أصبحت تكتب المقالات الخاصة بتجربة العلمانية الفكرية، جميع الفتيات يعرفنها في اكبر موقع إلكتروني مناوئ للتدين، شكلت جرأتها في المقالات حضورا في ذهن المتشددين الشيعة والسنة، علماء سلفيون ينقلون كتاباتها على اعتبار أنها رافضية، طالبوها بالتوبة والدعوة للحجاب، وحملوا مذهبها المنحرف مسؤولية فكرها الضال، هددت بالقتل إن لم تكف عن الدعوة للسفور.. ياسمين تمتاز بسرعة اختيار المواقف في الوقت الحرج:
- لا لن أكون لك طالما أنك تفكر بهذه الطريقة، وهذا الجسد الشهي لن تحصل عليه أبدا ما دمت تنافق في حياتك!!
- لم أنافقك يوما حبيبتي والدليل أني اعترفت لك سريعا بما أشعر من هذا المنظر الغث..
- لكنك تنافق غيرك من أجل المال، وهذا خلاف ما اعتقده فيك من مبادئ، ثم أني وعدتك بأن أكلم لك أحد أقاربي لتعمل معه باعتبار أنك أخ صديقتي، فلماذا لم توافقني الرأي...
- حبيبتي قلت لك حينها أني وحيد أم وأبي، وسيكتشف قريبك كذبتك وسينتقم منك بعدها.. أني املك قرابة المليون ريال حاليا ولي راتب يفوق الـ19 ألف ريال، فدعينا نتزوج سريعا لنحقق حلمنا الذي ننتظره..
- ليس بعد أن تغير من نفاقك، فكل ما لديك من مال لا يهمني، وما يهمني هو أنت.. داخلك يا حسين.. فكر في ما أطلبه منك...!!؟
استياء غزى ملامح أنوثتها الصارخة، أنوثة طالما اشتهته بعنف كبير.. أخذ يفكر في ما تقوله جديا، المال الذي انقلب من أجله أصبح عائقا أمام امتلاك جسد أنثوي صارخ، فحتى حبه لياسمين لم يكن سوى إرضاءً لأنانيته، ما انفك يطيل التفكير في جسدها الشهي، اللقاء الحميمي سرعان ما انقلب إلى نفور عاطفي سببته لحيته الكثيفة التي طالبته بحلقها في اللحظة ذاتها، لحظة تبادلا فيها اللوم، كان ذلك شرطا لقضاء ليلة حمراء كتلك التي لا يستطيع نسيانها، ربكة وجد نفسه فيها، إذ لم يعرف كيف يهرب من هذا الجسد المتوغل في أدق تفاصيل قلبه...
- إنك تطالبين ما لا أستطيع فعله يا ياسمين!!
- لأني لا أريدك بهذه الطريقة المنافقة.. شكلك مقرف جدا بهذه اللحية الكثة، وهذا الثوب القصير الذي يشبه وجه شيطان رجيم...
- كفي عن إهانتي.. سأخرج ولا أريد الجلوس معك أبدا!!
صدمة يسببها حسين لفتاته التي بدأ ينظر لها على أنها مجرد ساقطة، أراد أن يفهمها أنه كان ينافقها حين قال لها أنه سلك هذا النهج من أجل المال كي يصحح الخطأ الذي وقع فيه أبواه الفقيران، هواجس تغزو تفكيره الذي ظنّ لفترة أنها ستقوم بإخبار أي شخص قد تكون له علاقة بالشيخ سليمان من أجل النيل منه، نظرات لبست الشيطان، وجه غاضب، كلمات مهينة، واقع خلفه قبيل الخروج من غرفتها التي ظلت تبكي فيها حتى الظهر.
- لما قلتَ ما قلت.. كانت تحبك بعنف.. عيناها مثل بلورة من سحاب قديم وفمها أسطورة عناقٍ أبدي.. لن تستطيع أن تعرف غيرها، وإن تزوجت بوهابية كما يريد الشيخ سليمان، فإنك ستحول حياتك لجحيم حقيقي...
لم يتوقف عن التفكير في ما فعل فلوم النفس يطارده في كل زوايا الطريق الخالي من المارة، ضميره بدأ يعيد حساباته لكنه في نهاية المطاف حاول نسيانها، أراد إلحاقها بالماضي علّه يستطيع تحقيق هدفه؛ ليسافر بعيدا بعد ذلك، ذاكرته ما استطاعت الهرب من عينيها الفاتنتين، فهما عينان تذكرانه بحسين القديم الذي بدأ ينساه، ويتأثر بشخصيته الجديدة، لم يرد أن تصل الأمور لهذه النقطة المتشنجة معها لكن المال فوق كل اعتبار لديه...
- أنت كثير التفكير يا حسين، فهل هناك ما يشغل بالك كي أعالجه لك؟!
سؤال مفاجأ اقتحم عزلته في مكتبه، فرئيسه المتنفذ في الشركة والمحسوب على التيار السلفي يعرف أن حسين رجل مهم لدى الشيخ سليمان، وهو يحاول أن يرضيه كي يكسب ود الشيخ...
- بإمكانك الرحيل إن رغبت..
- شكرا.. هذا لطف منك.. فعلا لم أنم البارحة، فقد انشغلت بموضوع هام...
- إن أردت عدم المجيء فقط أتصل بي وأخبرني، ما أريده هو أن تكون بخير.. حتى لو أردت عدم المجيء لثلاثة شهور أخبرني، ما يهمنا هنا راحتك.
لم يستوعب حسين كلمات مديره ذات العرض السخي جدا لكن تلك الكلمات أخذت تتوغل في عقله مع مرور الوقت؛ ليقرر بعدها الخروج من العمل وأخذ شهر كامل من أجل اختبار عرض المدير..
- سأغيب لمدة شهر إن أمكن، لأني...
- لا تبرر، فكل داعية له انشغالاته التي يخدم من خلالها المجتمع لذا إجازتك مقبولة، وإن أردت تمديدها فلا بأس أن تخبرني فقط حين تقترب نهاية أجازتك..
تذكر معاناة صديقه حمزة الشيعي الحاصل على معدل كامل في الثانوية العامة لكنه لم يقبل في أي جامعة، لم تقبله الشركة التي قدما أوراقهما لها منذ زمن التخرج، شعر أن مطالبهما في الوظيفة صغيرة جدا لكنها كبيرة في الحقيقة على الشيعي الذي كتب عليه الشقاء لأنه شيعي فقط، تذكر صديق حمزة الصحفي الشيعي الذي فصل من وظيفته لأنه طالب في منتدى علني بوجوب منح الشيعة جريدة تعبر عن رأيهم، مطالب رآها صغيرة جدا إن كنت منتميا للسلفية، فالمنهج الوهابي قدم له الكثير من دون مقابل، قرر أن يعزز مكانته في هذا المنهج، ونسيان فتاته إلى الأبد...
- لا بد أن أضع طريقة لتسريع الحصول على مال مضاعف، فهم يحصلون على كل ثروة البلاد..
خطة محكمة وضِعَت تفاصيلها في ضميره الذي نسي كيف مرّ بهذا التحول الرهيب، أسرع شيء في تحقيق المكاسب الاتصال على الشيخ محمد:
- السلام عليكم يا شيخ..
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أهلا بابننا البار حسين..
- لا أطيل عليك يا شيخ، فقد أردت أن أخبرك أني أعمل من أجل الدعوة بشكل كبير حتى أنني اضطررت لأخذ إجازة من العمل كي أتفرغ لها، وأحث الناس على الجهاد...
الجهاد كلمة استوقفت الشيخ محمد، إذ رأى أن من السابق لأوانه أن يهتم هذا الشيعي المنقلب للتو بأمور يخوضها مجاهدي السلف في العراق وأفغانستان والشيشان...
- ماذا تعني بحث الناس على الجهاد.. دولتنا إسلامية ولا نجاهد أحدا فيها؟!!
- نعم.. ولكن هناك بلاد أسلامية محتلة مثل العراق، وأريد مبالغ كي أرسل مجموعة من المتطوعين للجهاد هناك، وهم من مختلف الجنسيات..
- كم شخص على استعداد تام؟!!
- لدي شخص مصري تعرفت عليه في مدينة الدمام، وهو جاد في طلب الجنان، وسيفجر ضريح الحسين بن علي من أجل أن يكفَّ الروافض عن عبادته، فهم مشركون كما أعمل على أثنين آخرين تعرفت عليهما من قبل الشاب المصري، وهما أردنيان...
- بما أن الشيخ سليمان يثق بك كثيرا، وقال لي أن لا أرفض لك طلبا مهما كان، فإني سأصرف لك مليون دولار كي تتدبر أمر العملية...
- لكن المبلغ صغير، لأني سأعيل أسرة الشاب، فلديه أطفال وامرأة شابه..
- لا تكن مغفلا يا حسين أجره على الله، وهو من يتكفل بأسرته.. سنساعدها خلال الأيام الأولى ثم نزوجها على أحد المؤمنين الصالحين ليرعاها مع الأطفال، ومع هذا سنزيد المبلغ ليصبح مليون ونصف..
أخذ يحدث نفسه بسرقة المبلغ والهرب بعيدا عن البلاد لكنه أدرك أنه سيرصد من قبلهم في كل مكان في هذا العالم، يقرر تأجيل هربه حتى يصبح مليونيرا يستطيع تأمين حماية خاصة له في أي دولة يذهب لها، لم يعرف وهو المنشغل باستقبال المال الذي تأخر عدة أيام كيف قفزت لذهنه صديقته ياسمين التي قرر تركها وراء ظهره، فمن المفترض أن يتركها خصوصا أن المبلغ أودع في حسابه وأطمئن على الشاب المصري الذي سيذهب خلال أسبوع للعراق... الشاب سمير يقضي معظم أوقاته على تصفح مواقع أخبار الجهاد في أفغانستان والشيشان، يقرأ ما يفعله المجاهدون في أهل العراق، سلفي مصري ذهب نصف عمره في السعودية، حسين شجعه كثيرا على فكره الانتقال من النظري للعملي من أجل الفوز بالحور العين، حور وضعن ضمن حسابات الغريزة الجنسية، حسين يعرف كيف يفكر سمير في الدنيا الفانية، بث له البشارة:
- سمير لقد جاءني مبلغ تمويل العملية الاستشهادية التي ستنفذها، وكل شيء سيكون مرتبا عبر أصدقائنا في العراق، وكن جاهزا مع مطلع الأسبوع القادم.
- أنا جاهز من الآن إن أحببت، فمنيتي منذ احتلال العراق أن أفجر الروافض في أي مكان، وكنت أنوي أن أعمل هذا العمل في القطيف لكن بعض أصدقائي المشايخ قالوا أن هذا عمل لا يلقى التأييد الشرعي.. ربما نقوم به مستقبلا.. أنا أريد الحور العين والجنان، وإن لم أنطلق من خلال فتوى لعالم، فلن أتمكن من تحقيق هدفي السامي..
- هذا دليل جهادك.. ستذهب وبحوزتك مبلغ بسيط جدا كي لا تلفت الأنظار لك، ونحن سنسفر عائلتك لمصر ونعتني بها إلى الأبد، وداخل العراق ستجد من يستقبلك في تكريت التي ستقصدها أولا ثم تتبع القيادة الميدانية، فهي الوحيد المخولة بتوجيهك...
- لكني أريد الاستشهاد في ضريح كبير يهز عقيدة الروافض كما فعل من فجر القبتين، ولا أريد أن أفجر نفسي في سوق أو سيارة...
- أطمئن أخبرناهم بهذا التمني والأخوان يحاولون ويجتهدون في أرضاء الاستشهادي، فمنزلته عند الله تفوقنا جميعا.. أرجوا أن تشفع لي عند الله يوم القيامة، فأنا سبب استشهادك يا سمير...
ساعة الصفر تبدأ، يستقل سمير حافلة سفر تُوصله إلى الأراضي السورية، يستقبله ثلاثة رجال يستقلون معه أول طائرة متجهة للعاصمة الإيرانية طهران، ومنها يقصدون الأراضي التركية، استضافة فاخرة لهم ليوم واحد، يعودون بعدها للأراضي السورية برا، مهربوه لن يخبروه عن تفاصيل كل هذا العناء، يُبدي اعتراضا على الرجوع لنفس النقطة (سوريا)، التعليمات هي أن يطيع أوامرهم، وإلا ردوه للدولة التي جاء منها، احتياطاتهم الأمنية لا يفهمها حتى ضباط الحدود، نجاح حققوه في عدم لفت الانتباه لهم، الشاي والحديث عن العراق وطرقه غير المعروفة للأمريكيين تسيطر على جلستهم في بيت طيني يملكه المزارع فادي القاطن بالقرب من الحدود السورية العراقية، بيت يجتمع فيه الداخلين للعراق والخارجين منه، نقطة الانطلاق ستكون كالمعتاد عند اتحاد الخيط الأبيض بالخيط الأسود، ملابسهم تشبه لحد كبير لون السماء الرمادي الذي يسبق شروق الشمس، نباح الكلاب، الظلام الرمادي، كشافات الحدود العراقية أجواء أخافت سمير غير المتعود على مثل هذه المواقف، مهربوه تعودوا على قطع هذا الطريق، فأقل شخص فيهم قطعه سبع مرات دون أن يُكتشف من السوريين أو العراقيين، ظهور تقترب من معانقة الأرض وتعليمات قطعية بعدم الحديث ولو بحرف واحد، فجأة تنفس الرجال الثلاثة الصعداء بعد مشاهدتهم إحدى العلامات الدالة على وجودهم في أرض الرافدين، تخيل سمير الفرح بدخول العراق كيف سيفجر نفسه في الرافضة، الفضائيات وشهرته نصب اهتمامه، تحمس كبير للقاء قيادات الجهاد في العراق... حسين الفرح بالمال يصله اتصال يفيد بنجاح عبور الطير، والداه اللذين لا يعرف عنهما شيئا بعد أن رفضا الانتقال معه من مدينة العوامية وصلا للتو لكربلاء المقدسة، زيارة الحسين أمنية تتحقق لأمه، دموعها سهرها بالقرب من الضريح يُبكي كل الزوار، القيادات السلفية تقرر توجه سمير لكربلاء، صدفة لم يحسب حسابها حسين، فلم يتوقع أن أبويه الفقيرين اقترضا سبعة آلاف ريال من أجل زيارة أمامهما قبل الموت، أمنية أمه التي لم تسافر طيلة حياتها هي زيارة سيد الشهداء الذي تبكي عليه طوال العام دون أن تجف عينها، وكأنها تعشقه بكل عنف وثورة...
- أخيرا جاءتك مريم يا أبا عبدالله.. أخيرا لم أمت قبل أن أقبل هذا الضريح الذي بنيته بعزتك ودمك المسفوح في كربلاء...
كلام ردده أبو حسين كاشفا عن أمنية زوجته التي طالما قالت له منذ أيام الشباب بضرورة زيارة الحسين حتى فقدت الأمل لولا اقتراض المبلغ المالي، أم حسين عبرت عن حبها للحسين ابن علي بطريقة تراجيدية تُرجع من يراها للحادثة التي وقعت في الحادي والستين للهجرة، وكـأنها للتو تقع...
- يا ويلي.. يا حبيبي حسين.. قطعوا نحرك.. لم يدعوا حتى نساءك.. النار مصيرهم يا كبدي.. يا فؤادي.. آهٍ على أخيك العباس مقطوع الكفين.. آهٍ على أنصارك المذبوحيـ...
لحظات حاسمة قبيل دخول سمير الذي حصل على فرصته الذهبية منذ ثاني يوم من الوصول، يصل للضريح وأم حسين تمسك به على عادتها منذ وصولها قبل سبعة أيام.. ينظر لها مستهزئاً..
- أيتها العجوز الرافضية من المؤسف أن تموتي وأنت على شركك سيموت كل شخص داخل هذا الصحن معكِ.. بسم الله وعلى بركة الله...
أم حسين لم تسمعه لأنها منشغلة ببكائها، فجأة يتكسر المكان، يتحول الضريح للهب يحرق الجميع؛ لتسافر أم حسين التي تمزق جسدها حتى اختلط بدماء من كان في الداخل، زوجها لم يكن معها حينما ماتت فقد خرج لدورة المياه البعيدة عن موقع التفجير، عاد لكنه لم يجد زوجته، رفع قطعة من اللحم البشري والهستيريا تهيمن عليه، أخذ يصرخ:
- زوجتي كانت معي قبل لحظات.. قلت لها أن العراق خطير.. الحسين سيعذرك.. لا.. لا.. لم تسمع نصائحي حتى أطعتها بنفسي.. أنا السبب.. أنـ...
لم يحتمل مشاهدة الأشلاء، قرر هو الآخر الرحيل، أدار عينيه نحو الضريح ورحل زاهدا في الدنيا متمسكا بنهج الحسين سائرا على مبادئه:
- ربي تقبلني في الصالحين قربانا وفداء لأبي عبدالله الحسين، وأحشر أبني مع الصالـ...
الموت لا يدع المرء يكمل ما يريد حكمة عرفها جيدا أبو حسين الذي لم يستطع أن يكمل الدعاء لولده، ربما يدرك الموت قبل غيره أن الابن هو المتسبب في هذا القتل...
- تهانينا يا شيخ حسين، فقد قتلنا 100 رافضي في العراق تجمعوا من أجل الشرك في كربلاء..
تهنئة لم تتأخر كثيرا، فبعد ورود خبر عاجل في قناة الجزيرة باشر الشيخ سليمان بالاتصال على حسين الذي أطلق عليه لقب "شيخ الدعوة والجهاد" في هذه المكالمة:
- نحمد الله الذي وفق مبعوثنا هناك، ونحسبه مع الملائكة والصالحين..
- سنضيف لك مبلغا يعينك على الجهاد في سبيل الله، فأنت ثقتنا..
كلمات طالما أرادها حسين العاشق للمال حد التهور، فالوعد الذي قطعه الشيخ سليمان كان مغريا جدا، إذ قدرت قيمته بعشرة ملايين ريال تأتيه على دفعات من أجل رفع الشك من الجهات الرسمية...
- لا بد أن أشاهد مناظر التفجير كي أفكر في عملية أخرى، وأقنع المعتوه الثاني للقيام بها مثل صديقه..
هذا ما بدت عليه نفس حسين التي تحاول عبثا تجاهل خطورة الانقلاب الذي أحدثته له الأموال... أكثر من تسعين قتيلا، وثمانين جريحا حصيلة الانفجار الضخم الذي هز مقام الأمام الحسين في كربلاء "الجزيرة" التي تمكنت من الوقوف على الحدث خرجت بمنظر مأساوي لأحد الضحايا الذي حاول أمام الكامرا أن يدعوا لابنه بالصلاح، بيد أنه لم يتمكن من إكمال آخر حرفين من الجملة...
مشهد لم يكن ليتوقعه، وكأن والده أراد أن يوجه له رسالة كبرى، رسالة لا يحركها المال، بل الإنسان الملطخ بالدماء، فيها دروس في التضحية وعدم الأنانية، أب يدعو لأبنه الذي قتله دون أن يعرف، كثيرة هي التساؤلات الحائرة في ذهنه، رحلة من العبور ذكّرته بصديق قديم جدا قتل لأنه سب الله ورسوله حسب ما نشرته الصحف المحلية، صديق شهد مقتله بنفسه، شهد كيف كبَّر هذا الرافضي المعدوم قبل أن تضرب عنقه، كيف وصل لنطق أشهد أن علـ... وقطعت عنقه، تساءل حينها كيف يسب الله ورسوله وهو يعلن الشهادتين ( أشهد أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله) التي قالهما في أذانه، لعلها مفارقة صنعها الزمن في مخيلته،، مشهد ضل في ذاكرته طويلا، أسبابه لم تكن خفية على أي شيعي في القطيف، تذكر كيف كان موقفه آن ذاك، كيف وقف شاتما التيار الوهابي الذي حاك المؤامرة ظلما عليه، الماضي يضعه في صميم الحاضر...
- آه.. أبي..أين أمي؟!!
لا بد أن حمزة يعرف كيف حصل هذا الخطأ الفادح:
- ألو حمزة هل ذهب والديَّ للعراق؟
- نعم وقد قطعت لهما التذاكر بنفسي.. رحمك الله يا أبا حسين...
- أنت من حرضتهما للذهاب هناك.. لقد ماتا إذا.. الويل لك يا حمزة...
- تعرفُ أنهما أرادا الذهاب منذ طفولتك، وليس لي علاقة بما جرى.. إنهم التكفيريون الذين أردت أن تكون مع فكرهم.. قل لي لماذا قتل الناس هناك، ولماذا أنت غاضب.. أبواك مشركان مثلهم، ولو سألت أي شيخ ممن تعرف، فسيقول لك ذات كلامي!!
- أنت أحمق ولا تعرف شيئا.. إلى اللقاء...
- ألو حسين...
حمزة الذي أراد توجيه صدمة؛ ليحدث تغييرا جذريا في صديقه، فشل عمليا لكن الأفكار في ذهن حسين تتناقض مع مشاعره الحقيقية، شتائم ينسبها لنفسه وللشيخ سليمان ولجميع مشايخ السويدي والقصيم، يفكر في الاتصال على الشيخ سليمان وتوبيخه لكنه يتذكر أن الملايين التي وعد بها ستذهب عند أي اعتراض لأن الشيخ سيفقد الثقة به...
- آهٍ أيها الوغد لقد بعت أبويك بمبلغ.. كم أنت حقير!!
لم يكف ضميره الذي يصحو للحظة من الزمن عن لومه وتوبيخه لكنه لا يفعل شيئا عمليا مناقضا لمبادئ الوهابية...
- حبيبي حسين لم أستطع أن لا أتصل لك في مثل هذه الظروف...
- ياسمين أحتاجك بجانبي في مثل هذا الظرف العصيب..
- ألم أقل لك أنهم تكفيريون قتله؟!!
- أرجوك كفي عن لومي...
اتصالها المفاجئ شجعه على البوح الخجول لها، شعر أن خطواته مثقلة بالذنب، هموم لا يعرف من أين تخرج له، وكأنها تريد أن تلتهم كل قطرة دم تسري في جسده، عواء الكلاب يبعث الريبة في نفسه، فهل هو موجود في زقاق الكون، أم أنه شبيه بنجم أفل منذ قرون ومات إلى الأبد..
- لا بد أن الموت قريب.. وأن هذا العالم سينتهي بلا رجعة لكنه لن ينظر للوراء أبدا.. علي أن أحصل على الملايين وأهرب مع حبيبتي...
أفكار تتناقض وشموع تنطفئ في نفسه التي لم يعد لها وجود في جسده المنهار، تردد في الدخول لمنزلها، فثمة سيارة تمر بجانب البيت لكنه لا يكترث بها، ويقرر الدخول...
- حبيبتي.. أشتاقك كثيرا.. ضميني أكثر...
- آه يا حبيبي.. ما حصل لأبويك وللعراقيين يجب أن يدعوك لتغيير إتباعك هذا السخف الذي غيرك من الخارج كثيراً، وصدقني حتى هم لا يعرفونك مثلي.. أنا التي تستطيع فهمك.. حرر نفسك من وهمهم...
- أنتِ لا تعرفين شيئا.. أرجوك ما جئت لك من أجل سماع ما تقولينه من لوم...
- لما أتيت؟!!
- لا أعرف.. لا أعرف...
صمت يهيمن عليهما لخمس دقائق، فجأة يتحسس أناملها الدافئة، يشعر بأمان من الأفكار والمال، شوق لم ينسِه أمه وأباه، مشاهد الدم تتكرر في ذهنه، يصرخ في غرفتها، فتخاف من سماع أهلها له، الحالة مزرية والاستقبال صعب في مثل هذه الظروف السرية، طق.. طق.. طق... أخاها الصغير عنيد في مزاجه:
- سمعت صراخا في غرفتك؟!!
- أنت تحلم يا حبيبي أذهب ونام، ليس هناك صراخ كان التلفاز..
تنفست الصعداء وطالبته بعدم الصراخ برغم معرفتها بما وقع فيه من ضغط نفسي.
- كم غيرك الزمن يا حبيبي.. هل ترتاح على صدري.. أحبك ولا أستطيع أن أتخلى عنك، وسأناضل من أجل استرجاعك حراً كما كنت.. هل تذكر النجوم التي رأيتها في غرفتي وسط احمرار المكان؟
- ذلك شيء يتجاوزنا.. تلك اللحظات أشبه بمعجزة لن أرى مثلها إطلاقا.. رأيت نجوما بعيدة بعضها يخفت سريعا وبعضها شديد اللمعان.. كم كنت حراً لا يفكر سوى في بناء ذاته.. لا تقلِّبي علي المواجع، فما كان من الماضي...
- لم يكن يوما ماضيا.. كنتُ أتنظرك مرارا وكنت واثقة من قدومك لي محملا بالهم.. بحق حبنا أترك عنك هذا الخط الذي اعتنقته من أجل المال وكن حسينا بحق.. كن صادقا مع نفسك، فالمشكلة ليست في أي فكر تعتنق، بل في صدقك مع هذا الفكر.. أنظر لأمين عام حزب الله ذلك الرجل الصدوق الذي يجبر حتى أعداءه على الاعتراف بمصداقيته، فبرغم خلافي معه حول الحجاب والمرأة وجلستنا هذه غير أنني أثق به كثيرا أكثر من أي علماني آخر.
- ما يحيرني في ذلك الرجل أنه صنع لقومه مجدا يغيض الوهابيين لحد كبير، فالشيخ سليمان يكره أسم حسن نصرالله بسبب انجازات المقاومة، وفي مجلسه يشن الهجوم العلني ضد حزب الله...
بدأت تتكشف لياسمين بعض خيوط اللعبة التي قادة حسين لما هو فيه من تشدد ظاهري وانفتاح مبطن لا يعرفه سواها...
- عفوا، ومن الشيخ سليمان، وما علاقتك به؟!!
- إنه زعيم حركتنا.. لا أستطيع أن أكمل فوالداي ذهبا ضحية هذه الحركة الملعونة..
- والداك؟!!
- نعم.. لا أعرف كيف وقع ذلك لكنهما ضحية هذه الحركة بالتحديد...
سكون بدده رنين هاتفه الجوال الذي نسي إغلاقه ما أثار الفزع لديهما..
- أغلق جوالك أيها الغبي.. أتريد أن يستيقظ أخي مجددا، فيعرف أهلي أن غريبا مع ابنتهم!!
- سأضطر للرد أنه الشيخ سليمان.. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا بالشيخ..
- لا استطيع أن أعزيك بسبب موت والديك مع أني تمنيت لهما الهداية قبل هذا المصير، فهما كما تعلم مجرد رافضيان لا قيمة لحياتهما، وأعلم يا بُني أن الله يختبر صبرك ويضعك في الشدائد ليعرف مدى صمودك، ولم أشأ أن انتظر حتى الصباح وقلت لنفسي يجب أن أسمع منك تعليقا على هذا الاختبار الذي وضعك الله فيه.
حيرة لم يعرف كيف يهرب منها، فالشيخ يتصل في الوقت الخطأ بالنسبة له والجواب يعني أن ياسمين ستعرف كل شيء...
- يا شيخ إن الله ابتلانا وإياكم ونحن على الثبات إن شاء الله..
- بارك الله فيك وجعلك رجلا صالحا تخدم دينك...
ياسمين تطلب توضيحا من حسين، وإلا فإنها لن تراه بعد هذه اللحظة..
- حبيبتي كان يسألني عن الدعوة والإرشاد..
- كان يحدثك عن عملية العراق وأنت قلت أنه متورط فيها، فما هي علاقتك بها...
- سأخبرك بشيء.. لماذا لا نسافر سويا ونرمي كل هذا الماضي وراءنا؟!
- قلتُ لكَ ما علاقتك بهذه العلمية.. هل قتلت والديك من أجلهم؟!!
- لا لم أكنْ لأعرفَ أنهما في العراق.. كان خطأ..
- ألم تفكر في الأبرياء.. كيف سمحت لعقلك أن يغامر بهذه الطريقة، وأن يلعب على جثث الناس.. لستَ حسينا يا رجل.. أخرج من غرفتي قبل أن أصرخ وأتهمك بالسرقة.. أخرج..
الخوف من المجهول بدا كبيرا على ملامحه، فالخوف من انكشاف مخططه وضياع كل شيء كان أكبر من حبه لها، يقرر التخلص منها، إذ لم يجد أفضل من خنقها، وبعد سقوطها مغمىً عليها يتركها ويهرب بعيدا بصمت...
تقرأون في الجزء الثالث والأخير
برغم مضي سبعة شهور على موتها غير أنه لم يكف ولو للحظة عن التفكير في ما فعله بها وبأبويه التي صورت جثمانها إحدى القنوات العراقية فأظهرت حجم الوحشية للتفجير الذي رفع جثمان أمه من الأرض خمسة أمتار؛ لينزله قطعا متفحمة لم يتم التعرف عليها، إلا بسبب قلادتها التي رآها والده.. ذاكرة مثقلة بهم لم يعشه من قبل...
لم يستطع حمزة استيعاب مانشيت الصفحة الأولى، فهو صحفي لامع يعرف أن مثل هذه العناوين محظورة في الصحافة الرسمية، تنبأ بموجة انتقام تسندها الصحافة، يرفع هاتفه؛ ليحدث زميله الذي كتب الخبر من المكتب الرئيس في العاصمة الرياض، مستفسرا عن أسم القاتل...
بدت القطيف محاصرة في أفواه التيار السلفي، إصرارهم على أن حسين الشيعي قتل علماءهم الكبار جعل التشدد ضد الشيعة يزداد حدة كأنه جرم لا يغتفر وأن عقابه لا بد أن يكون جماعيا، وحتى حمزة الصحفي لم يستطع أن يترقى في عمله الصحفي برغم إبداعه المهني، فشيعيته لم تمكنه من التنقل لما هو أفضل كما بدت الحال مع من هم أقل مستوى منه...[/align]
-
[align=justify]
(8)
الندم والخوف والترقب سمات يعيشها، صحيح أن جريمته لم تكتشف قط، غير أن معرفة الشيخ سليمان بما فعله حسين جعله يدعوه لشرب الشاي في مجلسه بحي السويدي، فهو الأكثر ثقة وقرابة منه، التضحيات التي فعلها من أجل الدعوة لا يقارنها الشيخ سليمان بأي ثمن:
- تستحق بكل شرف أن نسميك شيخ الدعوة والجهاد في القطيف.. في منطقة رافضية تهم مجال دعوتنا، عرفنا بطريقتنا الخاصة أنك قتلت من تحب لأنها لم تعتنق العقيدة.. أنت فعلا لا تعيش لنفسك، بل تهب نفسك لله...
برغم مضي سبعة شهور على موتها غير أنه لم يكف ولو للحظة عن التفكير في ما فعله بها وبأبويه التي صورت جثمانها إحدى القنوات العراقية فأظهرت حجم الوحشية للتفجير الذي رفع جثمان أمه من الأرض خمسة أمتار؛ لينزله قطعا متفحمة لم يتم التعرف عليها، إلا بسبب قلادتها التي رآها والده.. ذاكرة مثقلة بهم لم يعشه من قبل...
- ماذا تنتظر ها هو الشيخ المحرض أمامك بين رفاقه.. اقتله.. دع العالم يعرف أنك حرّ الآن..
صوت ضميره يحثه على فعل المغامرة التي ستنتهي به لحبيبته، يتردد...
- الحمد لله أنك أصبحت داعية القطيف عند الشيخ سليمان.. تهانينا يا شيح حسين..
الشيخ محمد يقطع حبل التفكير في المهمة الجديدة، فجأة يتذكر أن الشيخ محمد هو سبب كل شيء، فهو من عرفه على بقية أعضاء الإرهاب...
- شرف أتمنى القيام به.. أستأذن الجميع سأعود الليلة للقطيف من أجل أعمال دعوية وسأحضر لعميلة كبيرة هذه المرة في القطيف ما رأيكم؟!
حسين الذي فاجأ الجميع لم ينتظر طويلا كي يستمع للرد، فتاريخه القريب جعله ذي مكانة لدى الجميع، كسب خلال السبعة شهور التي جلسها في ضيافة الشيخ سليمان بعد حادثة موت حبيبته ثقة كبيرة جدا، فأصبح يحظى بطرح الفكرة والموافقة عليها:
- أراكم موافقون لكن العملية لن تنفذ خلال أيام، بل ساعات فقد اتخذت قرارها وستسمعون بها قريبا لا تتحركوا من هذا المجلس المبارك وافتحوا التلفاز... سأعود.. لحظات فقط...
لم يتوقع المشايخ أن حسينا سيعود لهم وفي يده الكلاشنكوف ليرتكب مجزرة بحقهم بعدها يصوب على نفسه فينتحر بمسدسه الخاص.
(9)
"شيعي يقتل ثلاثة من علماء الصحوة البارزين"، لم يستطع حمزة استيعاب مانشيت الصفحة الأولى، فهو صحفي لامع يعرف أن مثل هذه العناوين محظورة في الصحافة الرسمية، تنبأ بموجة انتقام تسندها الصحافة، يرفع هاتفه؛ ليحدث زميله الذي كتب الخبر من المكتب الرئيس في العاصمة الرياض، مستفسرا عن اسم القاتل...
- مرحبا.. إنه من القطيف واسمه حسين، وليكن الأمر سراً بيننا كان سلفيا في الأصل لكننا مُنِعنَا من رئيس التحرير من كتابة هذه المعلومة لأن تعليمات لا أعرف مصدرها أفادت بعدم التعرض لمذهب الشاب الجديد والاكتفاء بماضيه، وغدا ستنزل تفاصيل أكثر مع صورة جرى ترتيبها في المستشفى ظهر فيها القاتل حليق اللحية حتى نظهره بأنه لم يكن سلفيا مثلهم.. هذه تعليمات قوية مصدرها شخص سلفي كبير يسيطر على كل شيء في صحيفتنا...
- حتى على صحافتنا يسيطرون؟!!..
- إن من يسيطر على أشياء أهم في مؤسسات الدولة مثل المناصب العليا، والنيل من الوزراء مثل وزير الثقافة وغيره، فيستطيع بالنتيجة السيطرة على الورق من خلال أصحاب الورق بشتى السبل، لو كنت تعمل في المكتب الرئيسي لرأيت كل هذه الأمور تحصل أمامك...
غليان في الشارع السعودي، وتساؤل نشره المتشددون عن السماح لشاب شيعي أن يقتل علماء الصحوة ودعوات لقتل علماء شيعة بارزين انتقاما لكن بيانات من وزارة الداخلية هددت بإنزال عقوبات شديدة ضد من يتورط في عمل انتقامي، ودعت الجميع لضبط النفس واعدة بتتبع أي متورط في العملية التي نالت من علماء بارزين يخدمون دينهم ووطنهم...
- هل تعرف يا ناصر أن الفاعل جاري ونصحته في مرات عدة أن لا يتبع مذهبا متشددا.. كان علمانيا وطالما نصحته بالتدين الشيعي..
- يا صاحبي إن الشيعة ليس فيهم رجل صالح.. أكثرهم كذابين.. شهدنا في الرياض زيارات لعلمائكم مثل الشيخ حسين الذي يتحدث عن الآخر وضرورة احترامه لكنه في مجلسه يقول عكس ما يقوله لنا..
- هل سمته بنفسك.. قل لي؟!!
- في الحقيقة لا لكني أثق في الشيخ الشهيد محمد، فقد كان يقول عنه أنه سمع أشرطة يكفر فيها حتى الخلفاء...
- من تدافع عنهم إرهابيون من الدرجة الأولى.. صدقني.. لا بد أنهم طلبوا من حسين أن يفعل شيئا لذا قتلهم جميعا...
- أنت تبرر لحسين لأنه من مذهبك في النهاية...
- لم يعد شيعيا.. كان وهابيا متشدداً..
جدال هاتفي طال أكثر من ساعتين، وفي اليوم التالي تنفرد الصحيفة بصورة لشاب مثقوب الرأس وغير ملتحي قيل أنه قاتل المشايخ وأن أحد المشايخ دافع عن نفسه فقتله قبل موته ما أثار ضحك حمزة الذي عاود الاتصال على ناصر؛ ليسمعه ضحكته الساخرة التي لم تخلو من الألم...
- حمزة أأنت مع هذا الإرهابي الذي قتل مشايخنا.. هل تعرف أن أهل الرياض والقصيم وبريدة يطالبون بتنفيذ انتقام واسع في مشايخ القطيف وتحديدا البارزين منهم...
- يا ناصر.. هذه الرغبة موجودة أصلا من قبل هذه الحادثة، وكأنها القشة التي قصمت ظهر البعير..
- دائما ثقافتكم تبرر أن ما تقومون به صحيح، فانظر لحسن نصر الله أمين حزب الله حين قال نفس كلامك عن ضربة إسرائيل.. قال أنها قادمة وأن رغبتهم في قصف لبنان بهذه الصورة موجودة؛ لينفي أن ما قام به كان خطأ وقد لمتني شخصيا عن مقال كتبته في هذا الاتجاه.. أسمح لي أن أقول إن الشيعة منافقون وحتى مشركون كما قال عنهم الشيخ الشهيد محمد...
- لا أعرف ما أقول له لك لكن ثمة عمل إلهيُّ سيظهر وسيخبرنا عن حقيقة ما جرى ليس في لبنان وحسب، بل في قضيتنا التي تعلم أنك زورتها إرضاء لمشايخك...
ياسمين التي لم تمت أفاقت من غيبوبتها التي دامت شهورا في المستشفى، فقدت خلال غيبوبتها جسمها الجميل، فقدانها الوعي أتلف جزء من خلايا الدماغ التي لا تعوض، الموت بالنسبة لها مسألة وقت، فخلال الغيبوبة توقفت إحدى كليتيها، وأصيبت بهبوط حاد في القلب، وتدهورت مناعتها، روت لأهلها ما أصابها مع حسين بكل صدق، أخبرتهم عن حقيقة حسين في الشرطة التي لم ترد سماع ما قالته عن المشايخ وعن الحديث الأخير الذي تم بين حسين وبين الشيخ سليمان الذي قتله وكأنه ضحية...
- شخصيا أحذر أبنتكم من التحدث بهذه الخرافات التي لن تقدم في مسار القضية شيئا...
تحذير جدي يطلقه ضابط سلفي لم يرد أن يرفع شهادة الشاهدة الوحيدة على القضية التي من المعتزم أن تفضح كل شيء..
- حياتك يا ابنتي باتت في خطر.. لن أستطيع حمايتها، فربما تتعرضين للقتل إن تحدثتي؟!!
- هناك حل يا أبي يحميني.. ستراه الليلة..
تقرر ياسمين الاتصال على قناة الجزيرة لتدلي بشهادتها حيال ما سمعته في تلك الليلة الحمراء لكن أهلها المحافظون جدا يمنعونها بسبب تساؤل الناس عن الشاب الذي كان في غرفتها في تلك الليلة، فهي لا ترتبط معه بعقد شرعي، أبوها يتخوف من أن تتلطخ سمعته بين أفراد المجتمع خصوصا أن عددا من أقربائها تقدموا لخطبتها، وحاولوا مرارا أن يشوهوا سمعتها؛ ليبرروا للناس أنهم هم من رفضوا الزواج بها بعد علمهم عن أفكارها الهدامة التي تتخذ من العلمانية شعارا...
- حضرة الضابط أسحب حتى طلب تدوين الشهادة التي تقدمت بها ابنتي لأنها لم تكن صحيحة، فهي تهلوس بسبب الغيبوبة كما تعلم..
- نعم هكذا كن أبا واعيا.
إجراء لم تؤيده ياسمين التي هاتفت حمزة كصحفي؛ لتخبره بكل شيء، حمزة الحائر الذي لم يكن يعرف هذه التفاصيل ملك الدليل أخيرا عبر الشاهدة الوحيدة، وأدرك أن لديه خبرا يدفع له العراقيون الكثير لكنه يفكر لبرهة من الوقت في كيفية طرح هذه المعلومات والشريط المسجل بصوت ياسمين بناء على طلبها..
- ليس هناك قناة ستطرح ما قيل في الشريط غير قناة الجزيرة.. لا هناك المنار، فهي حرة أيضا.. يجب أن تشرك أصحاب العقول في هذه القضية التي يعرفها الجميع...
"... ودليل مقدم من قبل شاهدة على تفجير كربلاء"..هكذا بدا موجز الأخبار الرئيسة في "منتصف اليوم" بقناة الجزيرة التي بثت الشريط المسجل لشهادة ياسمين التي اختفت من منزلها بعد بثه بأسبوع فقط من دون معرفة أي شيء عن مصيرها...
(10)
بدت القطيف محاصرة في أفواه التيار السلفي، إصرارهم على أن حسين الشيعي قتل علماءهم الكبار جعل التشدد ضد الشيعة يزداد حدة كأنه جرم لا يغتفر وأن عقابه لا بد أن يكون جماعيا، وحتى حمزة الصحفي لم يستطع أن يترقى في عمله الصحفي برغم إبداعه المهني، فشيعيته لم تمكنه من التنقل لما هو أفضل كما بدت الحال مع من هم أقل مستوى منه...
- آهٍ يا صديقي حسين ألم أقل لك أنك ستدفع ثمن شيعيتك في أيام علمانيتك.. ربما الخطأ الوحيد الذي لم أتوقعه منك هو أن تدفع هذا الثمن وأنت سلفي...
حديث النفس يسبب الارتياح لحمزة المتذكر لصديقه طوال الأيام...
- ألو عاجل: قل لي مبروك أصبحت مديرا لتحرير المكتب في الشرقية...
رسالة يرسلها ناصر المنتقل من صحفي في مكتب الرياض الرئيسي لمدير مكتب الشرقية...
- مبروك عليك هذا الثمن.. الوقوف مع التيار السلفي في قضية حسين كان باهظا وثمنه كبير...
فضل حمزة أن يكون الرد قاسيا مع أنه لم يفضل هذه الطريقة التي تنم عن انفعاله...
- توقعت منك أن تبارك لي لأننا سنعمل سويا!!
- صحيح لكنك ستكون رئيسي وهل من المفترض أن أفرح ومازلت متعاونا منذ سنين.. هل ستعمل على تفريغي في الصحيفة؟
- المشكلة أن هذه ليست من صلاحياتي.. إنها من صلاحيات رئيس التحرير...
- ذلك الشخص الذي يقول أنه لا يفرق بين الشيعي والسني وأنه يحترم حتى اليهودي...
- دعك منه فهذه شعارات والواقع غير ما تقول يا صاحبي...
- ربما أقدم استقالتي بمجرد قدومك...
- لما.. ألا تريد العمل معي.. أنت أنشط الصحفيين في مكتبنا.. أرجوك لا تذهب.. سأحاول مضاعفة المكافئة التي تحصل عليها...
- سأفكر.. سلام...
لم يعد حمزة يعرف ما يحصل بالضبط في صحيفته لكنه على يقين أن ما يحصل له ناتج عن شيعيته التي لا ينوي التخلي عنها كما فعل حسين الذي اتخذ من العلمانية طريقا للحياة، صدفة جمعته مع والد ياسمين...
- يا ولدي ألا تستطيع من خلال الجريدة أن تكتب عن مسألة اختفاء ابنتي من منزلي.. لم أجد صحيفة تتبنى الموضوع برغم أن الصحف تكتب عن مختطفين...
- نعم تكتب لكن عن أبنتك لا لأنها تخطت الحدود وتحدثت للجزيرة...
- كنت أنصحها أن هذا العمل سيدفع بنا جميعا للهلاك لكنها عنيدة.. أنظر هذا الهاتف المطفئ ربما يعود لأحد الخاطفين..
علامات التعجب تلوح في ذهن حمزة...
- ألم تقدمه للشرطة بعد...
- أنا ذاهب في الطريق وفجأة رأيتك..
- تريث قليلا.. دعه عندي ليوم لأتفحصه ثم أعطيك إياه...
حمزة الذي كون خبرة واسعة في أجهزة الجوال اتجه سريعا لملف حفظ المكالمات، فالسر الذي أعطته إياه ياسمين كان يتعلق بمحادثة...
- الحمد لله أنك أصبحت داعية القطيف عند الشيخ سليمان.. تهانينا يا شيح حسين.. (...)
- أشكرك على هذه الثقة التي تمنحني إياها يا شيخ سليمان...
برغم صغر الملفات الصوتية التي عثر عليها حمزة غير أنها دليل دامغ في القضية، التسجيل أهم من دليل ياسمين حسب قول خبير دولي...
- نفذ عملية العراق وسيصلك منا المبلغ بعد ثلاثة أيام فقط...
- أنا في الانتظار يا شيخ محمد...
"شريط جديد يحسم قضية كربلاء وتداعياتها في السعودية" خبر تصدر صفحات الجرائد الغربية بعد أن بثته قناة الجزيرة التي عرضت المحادثات في حصاد اليوم، وفي نفس الوقت حافظت على سرية مصدرها الذي يسعى السلفيون لمعرفته...
- من سرب الشريط وكيف سجل أصلا؟!!
غضب بدا منتشرا في وجه الشيخ عبدالعزيز الذي خلف الشيخ سليمان...
- ربما من الأب الذي يريد الانتقام لابنته...
- ألم أقل لك يا شيخ عمر أقتل الجميع في نفس البيت؟!!
- كان ذلك صعب على رجالنا فالمنطقة مزدحمة بالسكان والبيوت متلاصقة لذا فضلوا الخطف على إطلاق النار...
- أخطفوا الأب واتوني به هنا...
حمزة بات قلقا بسبب معرفة والد ياسمين بأنه السبب في اختفاء ابنته بعد تسليم الشريط لقناة الجزيرة، فالوالد ربط بين إعطاءه الجوال وبين الخبر الذي أصبح عالميا في غضون يوم من استلام الهاتف:
- لماذا فعلت هذا.. ألا تعرف أن هذا يشكل خطرا على حياة ياسمين وأسرتي.. أتريد أن نموت جميعنا كي ترتاح في دفاعك عن صاحبك؟!!
- لا تقل هكذا.. أنت في مقام والدي وقضيتنا ليست في حسين إنما في الشيعة ككل فهم يحاربوننا وقريبا سيفعلون بنا ما يفعلونه بشيعة العراق والموقف من حزب الله ليس ببعيد...
- لا أعرف ما تقول.. أنا خائف منهم، ومن المؤكد أنهم سيأتون لأسرتي ليخطفوا أو يقتلوا سأرحل بعد أسبوع لمنزل آخر...
لم يمهل عدد من الرجال أسرته حتى خطفوا زوجته وابنه الصغير وطالبوه بعدم إخبار الشرطة وأنهم سيعيدون الجميع إن ذهب لهم في الرياض...
- جئتكم في الموعد المحدد وفي المكان المحدد...
- سلم على الشيخ أولا أيها الرافضي ثم تحدث عن كيفية وصول المحادثات لقناة الجزيرة التي تعمل ضد الإسلام؟!!
- من فعل كل هذا هو صحفي أسمه حمزة..
- أهو رافضي أيضا...
- نعم...
- أتضح الحق يا شيخ عبدالعزيز...
- صوروهم واقتلوهم تحت أعين الكامرا فمعركتنا بدأت، وبعد بث الشريط في قناة الجزيرة لم تعد هناك أسرار.. أخرجوا بيانا هددوا فيه باستهداف القطيف إن لم تدخل في الإسلام...
- لكن هذا سيؤزم الوضع مع الدولة، وسيكشفنا للعالم...
- لا يهم، فالشيخ أسامة "حفظه الله" والثلة المؤمنة ضحوا بدولة أفغانستان من أجل الدين فلما لا نفعل نحن ذلك؟!!
- معك حق أيها الشيخ.. على بركة الله...
لم يمضِ وقت طويل حتى شاهد العالم المجزرة التي هزت الجميع، قتل على الطريقة العراقية تشهده العائلة الشيعة في القطيف، سكين تسير ببطء على حنجرة الصبي، دماء عائلته يشاهدها خصوصا أبوه الذي التفت له قبل نحره، لم يشفع بكاؤه المفرِح لمشايخ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في تركه، أمه قُطعتْ قبل أن تفارق روحها جسدها، قطعوا ثدييها ويديها غير أنهم لم يقطعوا فخذها لأن الشيخ عمر الذي تحدث في الشريط أمر بإدخال السكين الطويلة في حلقها بدلا من قطع اللسان، لم يعرف الطفل ما يفعل فحتى البكاء توقف بسبب عنف المَشاهد التي شاهدها في أسرته...
- كأني بكم يا معشر المسلمين تقولون لا تقتل هذا الطفل فإنه ليس له ذنب...
سؤال يطرحه الشيخ عبدالعزيز لمن يشاهد تنفيذ حكم الله في الأسرة، يجيب بنفسه:
- لقد عرضنا عليه الإسلام لكنه متمسك بإثنى عشر إماما قال أنهم معصومون، وهو يحب أن يزور الحسين، ويمارس الشرك لذا قررنا أن نوصله لجهنم لنسرع في عقابه وبالله التوفيق...
السكين التي لم تتوقف عن التحرك في حنجرته بدأ مُستَخدِمُهَا يقلبها للجهة الحادة فأخذت تُغرس شيئا فشيئا وصوت الطفل يزداد ألما وسرعان ما خفت حين دخل الهواء في جسده من خلال حنجرته؛ ليسبب صوتا غريبا يشبه الخواء...
(11)
خوف، ترقب، مجهول... كلها وساوس كفيلة لخلق الفوضى في القطيف، فما هو متوقع بدا فعلا، وعلى رؤوس الأشهاد، الدولة وأجهزتها الأمنية في استياء كبير من الفعل الإجرامي، متحدث باسم وزارة الداخلية يدين الفعل عبر شاشات التلفاز.. أقرباء الأسرة لم يكفوا عن البكاء في مجلس الفاتحة المنعقد بعد بث الشريط، حضور سني ملفت غير أنه ممتعض من بعض الطقوس الشيعية...
- نريد أن نقوم بالواجب ونرحل للدمام، فالوضع هنا مقرف...
لم يعجب الجو عثمان القادم من الرياض من أجل التعزية، فهو السلفي المتخذ من الوسطية منهجا، لوم كبير يضعه فيه خصومه، يبدي عثمان عدم الاكتراث بمناوئيه لكنه يقرر الرحيل بعد عشر دقائق قضاها وسط ذكر محمد وآله على الطريقة الشيعية، الصحافة حاولت تغطية مراسم الدفن والفاتحة لكنها أوقفت كل المواد المتعلقة بالمشاعر الإنسانية وركزت على مقتل المشايخ في الرياض.. حالات خطف يقوم بها مجهولون في القطيف، أطفال لا يدري أحد أين هم أكانوا محتجزين لدى ما أطلق عليه بـ"جيش الصحابة في جزيرة العرب". أم أن عصابات الأسلحة التي نشطت لحد كبير هي من تخطف، الفوضى تعم كل حدود المحافظة، تخوف رسمي من انتقالها إلى أماكن أخرى من المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حمزة يقنع رئيس التحرير بضرورة النشر واضعا إياه في الإغراء المهني، لم يقف قلمه عن تغطية الأحداث حتى أصبح أهم صحفي في البلاد لانفراده بأخبار الصفحة الأولى في جريدته التي تحصل على أخبار (حصرية).."الموت والخطف والطرق المسدودة" عنوان لفت انتباه القراء وجعلهم يميلون ببصرهم لما يحدث في القطيف...
- إنها منطقة الشيعة.. لا نعرف ماذا تقصد الجماعات الإرهابية من كل هذا الدمار؟!
سؤال يطرحه الكاتب تركي الذي تصنفه الجماعات الأصولية علمانيا...
- إنها الفوضى تحل في الشيعة (هههههه).. مع صمتهم المطبق تجاه حقوقهم يذبحون مثل الدجاج...
استهزاء من ناصر مدير مكتب جريدة الشورى، صحفي يؤمن بالفكر السلفي لحد كبير...
- لا تقل ذلك فالقتل والتدمير سيسري على الجميع إن لم نقضي عليه كما فعلنا في العاصمة التي دنسها الإرهاب...
صمت يصيب وجه ناصر الذي لم يعجبه حديث تركي؛ ليتهمه بالعلمانية والخروج عن معتقدات الشريعة في كتاباته التي يكتبها يوميا في الصحافة، وبالرغم أنه يهرب من الاستنكار الذي ساقه تركي له غير انه ظل يفكر فيما حصل في وقت متأخر من اليوم نفسه...
- تُرى هل ما فعلوه بالطفل صحيح.. إنه لم يترك الشرك كما قالوا في تسجيلهم.. بما أنه رافضي مثلهم يستحق الموت.. لكنه طفل؟!!
فوضى من التفكير تغزو ضمير ناصر، كوب من القهوة المسائية قادر على تركه يتوغل في محاولة نسيان ما فعلوا والخروج لهم بأعذار مقنعة تفيده في نقاشاته التي سيخوضها يوم غد...
(12)
فرحة من النصر الإعلامي لجيش الصحابة، الشيخ عبدالعزيز يأمر دائرة التنظيم بتسريب أخبار عن استمرار القتل في الشيعة القطيفيين، وأن السعوديين لن يتوجهوا في المرحلة المقبلة للعراق، بل لمحافظة القطيف لتصفيه رجالها وشخصياتها، خبر لم يلقَ الترحاب الرسمي الذي أدان بشدة الإرهاب مذكرا بما فعل في العاصمة السنية الرياض.. شخصيات المحافظة ظلت تواجه هذا التهديد بمزيد من خطابات التقارب وإظهار الولاء للحكم على عكس ما توقعه أفراد جيش الصحابة... العمليات تتواصل، سبعة قتلى في سوق الخميس سببه انفجار سيارة مفخخة، إدانة من أميركا التي ألمحت لضرورة أن تتصرف القيادة السعودية حتى لا تضطر أمريكا للدخول بنفسها من أجل حفظ المصالح الحيوية للعالم كما حدث في العراق..
- مجرد التفكير في التدخل الأمريكي في المنطقة يعني هلاك الشيعة في القطيف أكثر فأكثر...
رأي ساقه أكبر شخصية دينية في البلاد، مكانته التي يشهد له فيها الجميع لم تعد محل قبول كل الشيعة، فمقترح الشيخ حسين تم رفضه من شخصيات شيعية أقل بروزا منه، الأحداث تدفع بمشايخ لم يكن لهم حضورهم السياسي القوي للواجهة، شخصيات شيعية تتوق لتدخل دولي يحميهم من الحرب الطائفية المعلنة، نجم الشيخ علي يبرز بعنف، فمنذ انتقاده لرؤية الشيخ حسين ازدادت شعبيته:
- ما تقوله يا شيخ حسين بعيد عن الفهم السياسي.. نحن نقتل بالمجان فلماذا لا نقتل بدفع ثمن...
الثروة والنفط والخير الوفير في الأرض كلها سمات دولة في عقل الشيح علي، أفكار لم يؤيدها الشيعة في الماضي، أصبح بعضهم يقتنع بها بسبب الظروف العصيبة، أخذ على عاتقه الخطب الحماسية الداعية لطلب النجدة من الأمم المتحدة:
- أيها الأخوان في هذا الحشد كلنا يعلم أن في العالم مجتمعاً دوليا ممثلا في الأمم المتحدة التي لا تخلو من العيوب لكننا مضطرون للتعامل معها، فحين تتعامل الحكومات معها لا توصف بالعمالة.. إننا كشعب سنتعامل معها ولا يستطيع أحد أن يصفنا بالعملاء لأمريكا...
خطاب فجر الدنيا في القطيف المسالمة طوال سنوات مضت، القنوات الفضائية ومحطات الراديو العالمية ترجمت الخطاب، وعرف الجميع بأن الشيخ علي شخصية قيادية صنعها الحدث الدامي في القطيف، مكائد وخصومات بدأت تعترض طريقه، فعدم التحاقه سابقا بالمعارضة الشيعية سلاح استخدم ضده، فهو لا يعرف أبجديات السياسة في نظر من كُونت خبرتهم السياسية منذ سنوات، لم يعد بمقدورهم التمرد على حياتهم كما كانوا في السابق، الشيخ علي يخطب خطابه الثاني الذي سيبث هذه المرة عبر الهاتف الجوال؛ لتنقله الفضائيات:
- نجمع حاليا تواقيع ستفوق نصف سكان المحافظة، وسنطالب الأمم المتحدة بالتدخل والحفاظ على ثروة العالم لأن الأمن هنا ليس جيدا، ولأننا نقتل، فإن حصل شيء في خزانات النفط كما هدد الإرهابيون سنموت جميعا، وسيهلك العالم؛ لأنه سيفتقد الطاقة الحيوية...
خطاب رحبت به الإدارة الأمريكية، لكنها طالبة الحكومة السعودية بضرورة وضع خطط أمنية ناجحة كما فعلت في الرياض، تعاطف عالمي كبير حققه الشيخ علي لشيعة القطيف يقابله تعاطف كبير في الوسط السلفي الذي رفض أعمال الإرهاب في مدنه وقراه وأيدها في القطيف على اعتبار أن المقتولين روافض.. الشيخ عبدالعزيز يأمر بتنفيذ عمليه كبيرة تحصد عشرين شخصا على الأقل، ويجب أن لا يقتل فيها أجنبي واحد والمطلوب جميع الأموات من الرافضة، التفكير يتجه نحو مسجد يؤمه أحد شيوخ الشيعة الكبار في القطيف، حصيلة القتلى خمسون قتيلا وتسعين جريحا بعضهم في حال الخطر...
العالم يدين العمليات والحكومات ترسل شديد امتعاضها لما يحص في المنطقة الغنية بالنفط، مظاهرات كبرى تعم بلدة العوامية التي يتواجد فيها بئر بترولي، احتجاجات في لبنان ومظاهرات تطالب الحكومة السعودية بوضع حد للتفجيرات، ضغط كبير لكنه ليس بكافي لتحقيق أهداف الشيخ علي الذي استطاع في وقت غير متوقع من إزاحة الشيخ حسين الذي عمل طوال حياته في السياسة.. خطاب ثالث يطل به الشيخ علي ويعلن فيه وصول كافة التواقيع للمسؤولين في الأمم المتحدة وأنهم سيوصلونها لأمينها العام.. قصف أمريكي على موقع في إحدى الهجر القريبة من محافظة الأحساء وإدانة سعودية وإيرانية وشبه دوليه لما فعلته أميركا التي تسببت في قتل أربعة قالت أنهم من الإرهابيين، وأنها تعقبتهم بعد عمليه القطيف الأخيرة، ترقب يهيمن على كل السياسيين، الشيخ علي ينتقد موقف أمريكا التي تتدخل في شؤون بلاده دون تصريح من المجتمع الدولي، التفات من العقل الأميركي للشيخ، رسائل تفاوض من الإدارة له تفيد بأن أميركا لم تقصد التدخل، بل حماية الشعب في الشرقية والمصالح الدولية، تفهم من الشيخ علي الذي يطلب تدخل المجتمع الدولي وليس أميركا، موافقة أمريكية على الطلب القانوني، اتفاق مهم تعلن عنه وزارة الخارجية الأمريكية، وتعزز من خلاله عدالة أميركا في العالم، وزيرة الخارجية الأمريكية تؤكد أن التدخل في السعودية لا يعني الإطاحة بالحكومة التاريخية للبلاد، وتوضح وجهة نظر الشيخ علي الذي بات يحظى باهتمامها بأنه لا يريد إطاحة النظام لكنه يريد حفظ أمن وطنه من المجتمع الدولي، برغم كل العمل الأمني استطاع الإرهاب ضرب بئر البترول الواقع في بلدة العوامية والنار تلتهم السماء المظلمة، تدفق الدخان الأسود يصيب مرضى الربو بأزمات والمستشفيات تفتح أبوابها، يومان يمران، النار تشتعل بكثافة والبلدة تغطى بدخان نفطي، تحليق كثيف للمروحيات السعودية التابعة للدفاع المدني، الشيخ علي يطلب الرد من الأمم المتحدة سريعا لأن الناس في القطيف تموت والاعتداءات تشتد، تحرك أمريكي في مقر الأمم المتحدة، التواقيع تصل لمجلس الأمن الذي يتخذ قراره لأول مرة بشكل سريع، تصويت بالإجماع بأن الشرقية منطقة تخضع حسب الفصل السابع للقوات الدولية التي من ضمن صلاحياتها حفظ الأمن بالقوة، فرحة في القطيف وترحيب من الشيخ علي بهذا القرار التاريخي، استنكار سعودي إيراني وترحيب قطري، طائرات أمريكية تقصف عددا من الهجر والقوافل المشبوهة، وزير الدفاع الأمريكي يعلن أنه لن يهاجم أي موقع خارج المنطقة الشرقية فهذا متروك لنفوذ الحكومة السعودية التي حثها على التعاون مع القوات الدولية من أجل الحفاظ على أمن العالم وسلامته، تأكيد سعودي على محاربة الإرهاب، الشيخ حسين الغائب دوليا ومحليا يطالب بتقوية نفوذ الدولة على الشرقية كما كان في السابق، الشيخ علي يطالب بتوزيع عادل للثروة، شعبيته في أعلى مستوياتها خصوصا بعد أن أقنع القوات الدولية بالمجيء للمنطقة الشرقية، طموح شيعي ظل مكبوتا طوال فترات مضت، أصبح الشيعة في دائرة الضوء، فالعالم كله يدفع باتجاه نيل حقوقهم التي منعتها سياسية التمييز الطائفي...
انتهى[/align]
-
قراءة معادة
كنت أظن أني سأقرأ جديدا أو نافعا وإن كنت أعلم أن الرواية فن الكذب وخاصة في الزمان ، لكن كذب بمستواه الأدنى ومع ذلك ينشر أضيفه إلى عجائب هذا العصر والرواية مع أنها تحمل الكذب الصريح فإننها سخيفة ـ واسمحملس\ب بهذا الوصف ـ إضافاة أنها سيقت بتعابير سوقية وينبغي لهذا المندى وخصوصا هذه الواحة من الترفع عليها لأننا لا نريد العودة إلى الأسلوب البعثي والثوري ـ كما يسمى ـ فقد شبعنا من الأكاذيب والأساليب المهترأة والأسلوب نفس الأسلوب ولعله زاده وضاعة وكذب ولعل الكاتب يؤمن بقول القائل " اكذب حتى تصدق أنك لا تكذب " والسلام.
-
قراءة معادة 2
[size=9]كنت أظن أني سأقرأ جديدا أو نافعا وإن كنت أعلم أن الرواية فن الكذب وخاصة في الزمان ، لكن كذب بمستواه الأدنى ومع ذلك ينشر أضيفه إلى عجائب هذا العصر!! والرواية مع أنها تحمل الكذب الصريح فإنها سخيفة ـ واسمحوا لي بهذا الوصف ـ إضافة أنها سيقت بتعابير سوقية!! وينبغي لهذا المنتدى وخصوصا هذه الواحة من الترفع عليها لأننا لا نريد العودة إلى الأسلوب البعثي والثوري ـ كما يسمى ـ فقد شبعنا من الأكاذيب والأساليب المهترأة والأسلوب نفس الأسلوب ولعله زاده وضاعة وكذب ولعل الكاتب يؤمن بقول القائل " اكذب حتى تصدق أنك لا تكذب " والسلام.[/size]
-
[mark=000000]
تعليقات على الرواية ...[/mark]
[mark=00CC66]
المهندس منير
: 15 / 2 / 2007م - 3:37 م
لأول مرة اقرأ هذا الكم من رواية دون توقف او شعور بملل
بل تمنيت ان يكون الجزء الثاني خلف هذا الجزء مباشرة حتى لا أضطر عن التوقف عن هذه الرواية الرائعة
انا بانتظار الجزء الثاني على أحر من الجمر الأول
خالد علي
: 15 / 2 / 2007م - 4:56 م
لا اختلف عن الاخ المهندس منير ..
بل كنت أتمنى أن الأجزاء كتبت كلها متلاحقة
زهير
: 15 / 2 / 2007م - 6:33 م
أكثر الذين تشيعوا من أهل السنة كانوا تكفيريين ضد الشيعة ولكن بعد تركهم التعصب والبحث عن الحقيقة فوجدوا أنفسهم شيعة. المذهب الوهابي هو أضعف مذهب في الإسلام من حيث الدليل. بل الصوفية من ناحية الدليل أقوى من الوهابية. وأقوى مذهب من ناحية الدليل هو الشيعي الإمامي الذي يثبت لنفسه الحق حتى من كتب مخالفيه. ولهذا نجد الوهابية يستخدمون الكذب والإشاعات والتهديد والتكفير والنعاق والصريخ بدلا من الدليل. ولاكن الأمر لله تعالى ولابد من نهاية للفكر الوهابي كما بدأ أول مرة على مذكرة همفري.
أبو حيدر
: 15 / 2 / 2007م - 7:28 م
رواية وقصة جميلة
وطريقة الربط فيها عجيبة وغريبة ومشتتة
تضيع القارئ
بوعلي
: 15 / 2 / 2007م - 9:07 م
جزء يسير من الجنون السلفي
و العجب كُل العجب...إلى متى التعقل الشيعي ؟
Mohammed
15 / 2 / 2007م - 9:22 م
رائع بمعني الكلمة...فصل مشوق لابعد الحدود..
في انتظار الجزء الثاني على احر من الجمر ايضاً.
دمتم.
فاطمة
15 / 2 / 2007م - 10:21 م
في انتظار الجزء الثاني على احر من الجمر
مع العلم بأن شقيقي هو من وجه له هذا السؤال في المقابلة الشخصية
ما الفرق بين الشيعي وبين الحمار؟
اللهم ابد المتحجرين من الوهابية..
زينب
: 16 / 2 / 2007م - 2:08 ص
روايه رائعه الله يستر من النهايه
فاضل علي
: 16 / 2 / 2007م - 3:52 ص
المحاور التي تعالجها القصة واقعية و تم تداولها بشكل مباشر
لكنالرواية اخذت اكبر من حجمها الاعلامي في شبكة راصد خصوصا مع ضعف و ركاكة الاسلوب.
قراءة الرواية تعطي ايحاء بان الراوي يحاول محاكاة قصة سابقة قرأها, فالاحداث تسير في خط مستقيم ممل و الكلمات المستخدمة ابخست حق الكثير من المواقف العميقة.
اتمنى للكاتب/ة التوفيق و تقبل الانتقادات بصدر رحب
بالتوفيق
لمى
: 16 / 2 / 2007م - 11:02 ص
البداية مشوقة جدا ومعبرة لوضعنا المئساوي فكم من حسين فقد مستقبله بسبب تعنت من اجروا معه المقابلة الشخصية
في انتظار الجزء الثاني
وتحية مصحوبة بالشكر تليق للكاتب
احمد
: 16 / 2 / 2007م - 11:04 ص
الحقيقه مره, لكن هذه الروايه لست روايه بل تمثل حقيقه لكن كيف تستطيع أن تؤثر في نفوس ترفض مجرد التفكير في صحة معتقدات الغير من باب ألمعرفه
ابو محمد
: 16 / 2 / 2007م - 11:23 ص
تحية ..........كبيرة لصاحب هذه الرواية فعلا وكان الروايه شخوصها نحن كلما قراءت جزء شدني الآخر اليه شدا نعم ماحدث في الرواية ..وان لم تكتمل فصولها بعد الا تفاصيل دقيقة لنا وما يختلج في صدورنا وكأن الكاتب مرافقا لنا بكاميرا يرصد انفوسنا واحوالنا ....تحية كبيرة للناصر........وتحية كبيرة لراصد ..ونتمنى ان نرى الجزء الاحق قريبا
محمد
: 16 / 2 / 2007م - 12:30 م
رواية جيدة ولكنها خرجت عن النص الأخلاقي في بعض الاحيان
ارجو من الاخوان في شبكة راصد مراجعة تلك النصوص وشكرا
محمد الناصر
: 16 / 2 / 2007م - 2:17 م
الله الله تابعوا ويالايت تنشر هده الرواية
أسيل
: 16 / 2 / 2007م - 5:45 م
ننتظر الجزء الثاني بشوق
زكريا علي
: 16 / 2 / 2007م - 6:20 م
ما شاء الله عليك يا محمد
إبداع في فم الجنون السلفي
وجاءت فوق ما توقعناها
سأطبعها جزء بعد جزء لأحتفظ بأروع رواية قراتها
الله يوفقك
فاطمة
: 16 / 2 / 2007م - 11:09 م
السلام..
شدّتني هذه القصة أكثر من غيرها خصوصاً أن بطلها من بلدتي..
أنتظر الجزء الثاني بفارغ الصبر..
هل لي أن أعرف متى سيتم وضع الجزء الثاني..؟
حسين القديحي
: 18 / 2 / 2007م - 10:04 م
كنت مشتاق جدا لقراءة الرواية
لكن فاجئني ركاكة الاسلوب والا منطقية للاحداث وعدم الربط التسلسلي وخلوها من التصوير والوصف
ربما الجدب الجمهوري المعتاد هو موضوع (شيعي - سني)
سالم صفواني
: 23 / 2 / 2007م - 7:03 م
بدأت السخافة و المسخرة في هذه القصة الفاشلة
ايعقل ان يتحول الشيعي الموالي الى وهابي قذر و يشارك في تفجير ضريح سيد الشهداء عليه السلام
لا ارى عذرا لها الكاتب ليقوده خياله الى هذا الهراء المحض
مريم
: 24 / 2 / 2007م - 2:19 ص
الرواية جيدة من نواحي متعددة ولكن يوجد بعض المقاطع المخلة بالاداب والتي كان بالامكان التخلي عنها ارجو من شبكة راصد ان تراجع ما تنشره لان راصد في نظر الكثير تمثل نافذة للفكر الشيعي والذي تميز بالعفة .......
محمد
24 / 2 / 2007م - 2:19 ص
السلام عليكم ورحمة الله
ملاحظه على تشديد الوهابيه على أن الدعاء والتوسل لغير الله بأنه نوع من الشرك الاصغر(الخفي)
ومن حقهم أن يفهموا الايات كما يحلوا لهم كما هي ايات بينات لا لبس فيها ولكن اتهامهم بدعاء الاخرين (ياعلي ياحسين .. بأنه شرك خفي وتطبيق الايات على من يدعوا مع الله ويتوسل به فليس لهم حق في ذلك , وهذه اكبر المأخذ عليهم والله سبحانه سيحاسبهم على ذلك .
بعض الايات التي يفسرها الوهابيه لمن يدعوا لغير الله مهما يكن والى كل من يتوسل بقبور الاولياء والائمه واضرحتهم ودعائهم , ولو بحسن نيه فهي لاتجوز عندهم ويستدلون بهذه الايات
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ (((عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ))) فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) الاعراف
(إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا((( دُعَاءكُمْ))) وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ((( بِشِرْكِـكُمْ))) وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) فاطر , لاحظ أن الله سمى الدعاء لغيره شرك ؟؟؟
(قلَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) الشعراء
( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلآ أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) الاعراف
( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) النحل
(قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (110) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الانعام
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) العنكبوت
وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) الروم(يشركون أي يشركون معه في الدعاء)
وفي المقابل يؤكد سبحانه لنبيه حين يسٍالونه عليه الصلاة والسلام عن ربه فلايتوسلون ويدعون بغيره ليقربهم اليه زلفا وانما هو قريب يجيب دعوة الداع اذا دعاه , هذا ما أكده الله سبحانه على نبيه .
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقره
والايات في تأكد الله سبحانه وتعالى باخلاص الدعاء له وعدم التوسل او الدعاء بغيره كثيره
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ) 3 الزمر
والله سبحانه أعلم
أما موقفهم من حزب الله فهي نتيجة الصوره المشوهه والفكره الخاطئه عن الشيعه , وهم يحتجون بأن ايران تعاونت مع امريكالاسقاط طالبان في افغانستان كما صرح نائب الرئيس خاتمي .
اما هذه الروايه فبعيده عن الواقع ؟؟
علي النجفي
: 24 / 2 / 2007م - 6:11 ص
بسم الله الرحمن الرحيم
تعقيبا على رد الاخت الفاضلة مريم فالروايات الادبية فيها هذا النوع من الوصف والذي لا يعد وصفا بذيئا ولكنه يحدث ويبين ان التفكير المادي يهتم بما قاله الروائي محمد
رسالة الى الكاتب (( اوجعت قلوبنا وابكيت اعيننا ))
ننتظر الجزء الثالث بفارق الصبر
مختار
: 24 / 2 / 2007م - 6:44 ص
الحبكة جدا ضعيفة ، فهذا الذي يدعي
انه معهم مؤقتاً الى ان يحتكم على اكبر قدر من المال
ليعود بعده الى ماكان يصل الى جرئة انه يفدر الناس وضريح الامام الحسين مرة وحدة ؟.
ناهيك عن العبارات والتفاصيل الجنسية التي ليس لها داعي اطلاقاً.
بل على العكس تبين ان هالشخص اما ارهابي متعصب او شيعي منحرف اختاروا ايهما افضل !
نقطة اخيرةالشيعة ليسوا مستضعفين بكل هذا القدر الموجود في الرواية ، بل على العكس اهم من اوائل من بنوا ارامكو وغيرها وموجودين في كل نواحي الحياة
لكفائتهم واخلاصهم وليس الواسطة والقبلية
زهير
: 24 / 2 / 2007م - 12:07 م
الدين الوهابي دين خراب.
ADEL
24 / 2 / 2007م - 1:17 م
اقتباس (تخيل سمير الفرح بدخول العراق كيف سيفجر نفسه في الرافضة،)
لماذا كل هذا الطريق الطويل والمعاناة ليقتل الرافضه في العراق ؟؟
عشرات المساجد والحسينيات وعشرات الباصات في الرياض والدمام وعشرات الحسينيات
والمساجد والتجمعات الشيعيه في البحرين والكويت والخليج , ليس هناك اسهل عليه منها , لماذا
يتحمل كل هذا العناء الى العراق , ولماذا يقتل الشرطه السعودية ويفجر منشأت الدوله ويترك(الرافضه?)
, هل تجاهل ملايين الشيعه في الخليج ليهربو انفسهم ويصعبوا مهمتهم ليفجروا(الرافضه بالعراق) ؟؟؟؟
مبالغات وقصه مبتذله , فلم نسمع اطلاقا بشيعي ترك مذهب اهل البيت واعتنق مذهب سنة الرسول وهديه
الذي اكد الله في كتابه الكريم اكتمال الدين ونزول الايه (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) والتي اكد المفسرون على نزولها يوم عرفه بعد خطبة الرسول المشهوره يوم عرفه حين قال تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تظلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي عظوا عليها بالنواجذ و واياكم ومحدثات الامور ؟ وفي روايه انه قال وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ( طبعا لم يقل انهم ابو بكر وعمر )وخطبة الوداع اشهر من نار على علم وقالها امام مائة الف او يزيدون من الحاج .
والخطبه موثقه في الصحاح السته لدى السنه .
برير السيهاتي
: 24 / 2 / 2007م - 1:55 م
أخي سالم الصفواني ،،،
تتحدث بهذه العصبية وكأن الرواية جاءت من كاتب محترف .
نعم الرواية فيها الكثير من الهفوات والبعد عن الواقعية ، لكنها على الأقل تسلط الضوء على خفايا السلفية وخفايا العلمانية .
عموماً أرى أن الرواية لامست الكثير من المشاكل التي نعيشها في البلاد ، كالتمييز والدعم اللا محدود للتيار السلفي الذي يستغل الأموال في دعم الإرهاب .
ابو خالد
: 24 / 2 / 2007م - 8:33 م
بكل اسف هدا حال شبابانا بسبب الخناق والتضييق اصبحو يفعلون اي شي لكي يعيو
تابع فانا في شوق لهده الرواية المفجعة
لاني لم اصدق ماوصلني عبر الايميل من لاستنكارلاحد ابنائنا
عن طريق السلف الوهابي
ملاك
: 24 / 2 / 2007م - 11:01 م
اتفق مع الاخ علي النجفي ...
واقووووووووووووول لاخ محمد لاتطول علينا ننتظر الجزء الثالث بفارغ الصبر....
محمد حسن
: 25 / 2 / 2007م - 7:16 ص
الرواية واقعية 100% واستغرب من اللي ينكر ان فلان تسنن خذوا مثال مش بعيد عن الرواية، فيه واحد من سيهات (رضي الحمود) توهب (صار سني) وشغلوه وكل شي وأمه عجوزة تقرأ على الحسين وأخوانه شيعة وصار ينام في مساجد السنة وهذا واقع تعيشه اسرته التي ترفض ما يفعل.
أصبح يكره الشيعة وكأنه لم يعش في أوساطهم.. لا تعتقدوا أن ما فيه شيعة تسننوا في القطيف، أشوف أن الرواية مهمة لأنه تحذر من ضعاف النفوس من الشيعة وهذا الشخص لو تتاح له الفرصة لفجر في القطيف مع الأسف.
أحمد وجدي
: 26 / 2 / 2007م - 2:58 ص
لكي لا نبخس الكاتب حقه ،، فالقصة بها بعض المواقف التي تشير الى الضغط الوهابي ضد الشيعة
لكن كرواية فهي متهالكة وتمشي على عكاكيز وحشر فيها الكاتب الصحف والتلفزيون وحديث الشارع في جرة واحدة
وأسوأ ما فيها أن يضع آيات من القرآن الكريم في هذه القصة مع الحجم الكبير للبذاءة في الفصول الاخيرة
الكاتب ضائع ولم يوفق لطرح فكرة هادفة بسبب التناقض الكبير للمواقف الغير مدروسه
شكرا لك على كل حال
حسن العليوات
: 27 / 2 / 2007م - 4:11 ص
ما قرأته حتى الآن يدل على وعي كبير في الكاتب، وأنا من قراء الروايات بما فيها الأجنبي وارى أن الكاتب وفق كثير في معالجة القضية روائيا، وشخصيا أقترح على من يؤيد الرواية الاستأذان من الشبكة والتبرع لطباعتها فهنا يأتي دورنا إن أردنا الايجابية.
JWD
: 28 / 2 / 2007م - 1:06 ص
قصة سخيفة للغاية
الرواية تفتقر إلى المنطقية في العرض
وهي عبارة عن مزيج من
التفاهات والخزعبلات
أسلوب منحط و تافه للأسف في
الرواية
علي عبد القادر
: 28 / 2 / 2007م - 8:32 م
بالذمة هذي رواية ؟
خزعبلات بدون اي ترابط ولا معنى ولا فايده
خساره الوقت الي ضيعته فيها
علي عبد الله ناصر آل ربح
: 1 / 3 / 2007م - 3:33 ص
بعض المعلقين الشيعة سلفيون أكثر من السلفيين أنفسهم، وفي ذات الوقت يلعنون السلفيين وهم أكثر لعانة منهم. يا جماعة إذا لم تعجبكم القصة التافهة- كما تقولون- فلماذا تواصلون قراءتها فالتافه لا يقرأ إلا التافه فهل أنتم تافهون! لماذا هذا الإرهاب الفكري! لماذا تفعلون الذي أنتم تشكون منه! لمَ هذه الإزدواجية في شخوصكم؟رحم الله أبا الأسود الدؤلي:
لاتنه عن خلق وتأتي مثله*عار عليك إذا فعلت عظيم
أنتم يا من تنادون بحقوق الإنسان هل عملكم هذا من حقوق الإنسان!(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟!)
علي عبد الله ناصر آل ربح
: 1 / 3 / 2007م - 3:33 ص
بعض المعلقين الشيعة سلفيون أكثر من السلفيين أنفسهم، وفي ذات الوقت يلعنون السلفيين وهم أكثر لعانة منهم. يا جماعة إذا لم تعجبكم القصة التافهة- كما تقولون- فلماذا تواصلون قراءتها فالتافه لا يقرأ إلا التافه فهل أنتم تافهون! لماذا هذا الإرهاب الفكري! لماذا تفعلون الذي أنتم تشكون منه! لمَ هذه الإزدواجية في شخوصكم؟رحم الله أبا الأسود الدؤلي:
لاتنه عن خلق وتأتي مثله*عار عليك إذا فعلت عظيم
أنتم يا من تنادون بحقوق الإنسان هل عملكم هذا من حقوق الإنسان!(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟!)
مختار
: 1 / 3 / 2007م - 3:35 ص
محاولة جميلة وجريئة للكاتب
ولست اريد ان ابخس حقه واحط من العمل بالكامل
العمل فيه الصحيح وفيه المبالغ وفيه اللي ماله داعي ولايخدم القصة بأي شي ، ربما لو استغنى الكاتب عن تلك المشاهد لكانت الرواية ممتازة
ايمان
: 1 / 3 / 2007م - 10:37 ص
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من امعن في هذي الروايه سيجد فيها اشياء كثيره تناقض العقل والكاتب استعان بالفاظ تدخل في اطار خدش الحياء بامكانه الاستغناء عنها
علي المشامع
: 2 / 3 / 2007م - 4:16 ص
استغفر الله من سوء الأدب ومن المنقلب
فكرة القصة (......) ولا يمكن تصورها إلا في قصص الأطفال (...)
شيعي ينقلب لوهابي لاجل المال !!
ما كانت ولن تكون
الكاتب يعرض صور مشوهة للشيعي ومتناقضة للوهابي
أنصح هذا الكاتب الناشئ أن يقرأ أكثر وأكثر ليستطيع الكتابة ،، وأن يترك الاثارة واستخدام الألفاظ المنفرة فهي تجعل الجميع يكره اليوم الي دخل فيه هالموضوع .
مهدي آل سليمان
: 4 / 3 / 2007م - 10:03 ص
الأخ محمد ناصر
اسمح لي أن أبدي اعجابي بهذا الخيال البعيد الذي يصل لحد (...)
معالجة سلبية وضعيفة لواقع المملكة بشكل عام والقطيف بشكل محدد .
القصة أشبه بفلم هندي
كأن الكاتب كتب القصة وهو يشاهد قناة الجزيرة فخلط الحابل بالنابل
فكرة القصة جيدة لو تناولها كاتب جيد ومطلع على الأدب وفن القصة .
نتمنى أن نجد كاتب يعالج هذا الموضوع الهام بشكل أفضل .
تحياتي
عبد الحكيم بن احمد
: 4 / 3 / 2007م - 12:09 م
رواية رائعة ولكن اهي من خيال ام حقيقية
فلم اسمع تفجير في مسجد في القطيف او في سوق الخميس او حرق بئر او جمع تواقيع الخ .....
متى وقعت هده الاحداث ؟؟؟
قصف امريكي قوات دولية في المنطقة
لم اسمع بها قط غير الان
برير السيهاتي
: 4 / 3 / 2007م - 2:40 م
هذا الجزء يبدو أقل فصول الرواية حبكة .
عموماً ربما تكون تجربة جيدة للكاتب تتبعها تجارب أكثر نضوجاً .
علي الاحسائي
: 4 / 3 / 2007م - 9:47 م
عزيزي الكاتب رواية موفقة للغاية وان لم تكن النهاية كما توقعناها
فقد كانت البداية جذابة ومشوقة للغاية ... في البداية كان الاسلوب اجمل والعبارات اجزل
كانت الاحداث تسير بروعة في الجزأين الاول والثاني ..
اهنئك من كل قلبي على ما جاد به قلمك
وآمل لك روايات وروايات تكون نهايتها اجمل من بدايتها
لك خالص محبتي
علي
ابوميثم
: 4 / 3 / 2007م - 11:11 م
الله يستر يااخ محمد والله ان قصتك سوف تحاكي الواقع الغريب ان هذه القصه مرشحه للحدوث وانتقال الارهاب الى هذه الحده في داخل المملكه غير بعيد فمن اعان ظالما سلطه الله غليه ومايمنع هؤلاء الارهابيين من ظرب التجمعات الشيعيه الااحتساب اهلها عبيد في خدمه الدوله فأذا ماعادوا الدوله فلاضمان لمحاولة ظرب اي جهة تمت لها وخاصة ان فتاوي التكفير لم تتوقف منذ قيام هذه الدوله مجرد اختلاف بين الملكيين والسدارى حتى تصدر الفتاوى بظرب النفط واهل النفط اللذين لايرون الا دخانه والله يستر من هذا اليوم واخشى انه ليس بعيد
حبيب المرهون
: 5 / 3 / 2007م - 11:53 ص
أشكر محمد ناصر على القصة .
القصة فيها الغث والسمين
السمين : تناول العقلية الوهابية والتطرق لأمور حساسة والصراعات داخل المملكة .
الغث : ضعف الاطلاع والأسلوب الركيك في الكتابة .
قد يكون الكاتب شاباً صغيرا ولا يزال طالباً كما هو واضح في أسلوبه فلا تقسو عليه وأعطوه شحنة معنوية لعله يتطور ويستفيد .
بالتوفيق
منصور
: 5 / 3 / 2007م - 6:48 م
إيش هذا يهذر
يا طيب ترى مخلنها العراق
الله يبعد البلا
على العموم
مايعجبني تعرضك لشيخ حسن الصفار و الذي تستخدم اسم الشيخ حسين
و أتمنى أن تعرض روايتك على محللين نفسيين حتى يعالجوا خيالك المجنون
آسف ...بس هادا ما طلع عندي
شيماء العبد الجبار
: 8 / 3 / 2007م - 8:28 ص
إلى الكاتب العزيز
بداية لا بأس بها لكنها تفتقد إلى مقومات العمل الأدبي البسيطة فالحبكة ضعيفة جداً هذا إذا ما قلنا بأنها ركيكة بإضافة إلى أن مجموعه من أحداث لاتمت للواقع بصلة بل هي عبارة عن أفكار سوداوية واعذرني اخشى ان تحدث ضجة للطرف الآخر هذا إذا لم يتبناها ويجعلها واقع ملموس بدلاً من حبر وورق
لكن بداية الرواية كانت جيدة نوعا ما لكن
اتمنى من أن اعمالك القادمة تتخطى هذه العيوب لتصبح في مستوى افضل وشكرا
العلوي
: 9 / 3 / 2007م - 12:47 ص
قصه خياليه تشحن الاجواء المتكهربه!
اتمنى من الكاتب ان يجد في كتابه قصص الاطفال حلا لخربشته التي لاتستحق القراءه اصلا !!!!!
[/mark]
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |