 |
-
السيد مقتدى الصدر والخلط في شرعية الحكومة .. ومحاولات حرق المراحل !
كتابات - طـاهـر الخـزاعي
بغض النظر عن كل شيء وقبل أي شيء فلستُ من أنصار مجلس الحكم ولا من أعدائه ولستُ من أنصار مقتدى الصدر أو من أضداده , بل مع كل طرف - جهة أو شخص - يعمل لإنقاذ العراق من الاحتلال ويقدم خدمات لأبناء الشعب الممتحن بعد أن مـنَّ الله تعالى على العراقيين في الخلاص من حكم صدام .. أنا نصير كل اسلامي همه الأول والأخير نصرة الاسلام في العراق , ونصير كل وطني همه الأول والأخير تخليص البلاد والعباد من مخالب الاحتلال شريطة أن تكون الوحدة الوطنية محفوظة ولُحمة الشعب مُصانة !! ولا شك في وجوب هذه النصرة فالواجب الشرعي والوطني يحتمها .. وهي
نصرة بالمال والقلم والسلاح والنفس , ولكنها "النصرة" تتحول بنفس قوة الوجوب الى - نفرة - ورفض اذا ما تحولت الى وبال وعبء على الشعب العراقي وأمنه .. ولكل من يدعي رفضا للاحتلال اليوم عليه أن يوجه كل الجهود نحو الاحتلال , سلمية كانت أو غير سلمية , وأي جهد ينال من أرواح العراقيين أو مؤسسات بلدهم فذاك لصالح الاحتلال لا ضده ! . وعلينا أن نعي جيدا أن حياة كل إنسان عراقي مهما كان دينه أو طائفته أو توجهه السياسي - باستثناء أزلام البعث المجرمين - حياة الانسان العراقي هي المحك والفيصل في صدق وطنية هذا الطرف أو ذاك .. والعراق اليوم أحوج ما
يكون الى وحدة قواه السياسية وشخصياته الوطنية والدينية , وهذه الوحدة وحسب هي صمام الأمان من التمزق والاقتتال وفي ذات الوقت هي العنصر الأقوى للدفع باتجاه تحرير العراق .. والوحدة هنا هي وحدة الهدف ( استقلال العراق واختيار الشعب لمن يحكمه ) , ولتكن الأدوار متنوعة والأساليب متعددة , فهذا يعمل من خلال مجلس الحكم وآخر من خارج السرب يحرك الشارع بشكل مبرمج مدروس بنفس الاتجاه صوب الهدف , وثالث يطلق رصاصة الى رأس جندي محتل في لحظة مناسبة .. وفي مثل هذه الحالة فقط يمكن أن تكون الجهود مثمرة لا مبعثرة أو مدمرة .
والتيار المعروف اليوم في العراق بالتيار الصدري واحد من أهم القوى في الساحة وقد أنتجه كفن وجهاد وتضحية الشهيد الصدر الثاني , ومن هنا يكون هذا التيار ملكٌ للعراق كله وللحالة الاسلامية والوطنية بشكل خاص .. ولهذا التيار - أسوة بغيره - كل الحق وكامل الحرية في رأيه وموقفه من قضية العراق وهو "التيار الصدري" شئنا أم أبينا ثروة جماهيرية رافدة في طريق استعادة السيادة العراقية وإعادة بنائه بشرط أن يُحسن القائمون على هذا التيار طريقة القيادة والتوجيه والتشذيب .. أما التوجيه فيعتمد على وضوح الهدف والبرنامج المعد لتحقيق الهدف , ولا يمكن مع عدم الوضوح والضبابية أن تحصل عملية توجيه وقيادة ناجحة , ذلك أن وضوح الهدف تتبعه خطوات فاعلة في التوجيه .. واما التشذيب فلا أشك - رغم قسوة الصراحة - أن تيار الصدر مُخترق من أكثر من جهة وأهمها وأخطرها ما يرتبط بالنظام السابق , وأمر طبيعي لتيار جماهيري شعبي طفح على السطح في ظروف جد استثنائية أن يكون عرضة للاختراق , لكن هذا لا يعفي القائمين عليه من مسؤولية تشذيبه من العناصر المدسوسة أو المشكوك بها , فالخطوات التوجيهية القيادية لا تأتي اُكلها مع وجود عناصر مدسوسة .. وهنا سأورد بعض ملاحظات أراها ضرورية للحفاظ على هذا التيار وتوازنه وعدم التفريط به عن قصد أو غير قصد من قبل القائمين عليه وحتى الآن نجد القيادة والقيمومة على التيار للسيد مقتدى الصدر , منها :
أولاً - يُلاحظ على التيار عدم الاعتراف بالآخر , مهما كان هذا الآخر العراقي ! ونتيجة ذلك أنك تعزل نفسك روريدا رويدا , ومع ازدياد العزلة يأتي الضمور والأفول - وأفول هذا النجم خسارة للشارع العراقي الذي يتوجب أن يتم التفكير في تحريكه في القريب - , الانفتاح ضرورة ملحة في الوقت الراهن , ومشاورة الناس وذوي الخبرات من الحركات والشخصيات السياسية والوطنية والدينية عنصر قوة للتيار .
ثانياً - الهيمنة ونزعة التسلط يا سيدي تنفّر الناس , وما حصل مؤخرا إن بالنجف أو كربلاء من أحداث دامية حول ما قيل محاولات السيطرة على ادارة العتبات المقدسة , نُذر شؤم وجرس إنذار من نشوب فتنة داخلية واقتتال الاخوة الاعداء ! وهو مما لا يرتضيه شرع ولا قرع ويأباه العرف والدين .. وقد ترى غيرك استحوذ على العتبات شافطاً أموالها ولكن الخطأ لا يُصحح بخطأ آخر والهيمنة ملة واحدة ! .
ثالثاً - يلاحظ اللجوء الى اسلوب حرق المراحل - إن كانت هناك مراحل أصلاً - وهي عملية قد تحرق التيار برمته قبل حرق مراحله ! فمن جيش المهدي الى اعلان حكومة أصلية - حسب تعبيركم - الى وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "مرة واحدة" ! وفي غضون أيام قلائل ! وعسى أن لا
نسمع في الأيام القليلة المقبلة إعلان الكوفة عاصمة دولة هذا التيار !! .
رابعاً - أمس في مؤتمركم الصحفي رفضتم أن تكون حكومتكم حكومة ظل وأعلنتم أنها أصيلة , ولو أقررتم الظلية لكان أجدى وأكثر شرعية , والمهم هو أنكم قلتم في معرض المقارنة بين حكومتكم وحكومة المجلس الانتقالي من حيث الشرعية باستدلال أن حكومة المجلس ليس شرعية لأن فرداً واحداً من الشعب العراقي لم يؤخذ رأيه بها , وفي المقابل حكومتكم ستكون شرعية بدليل المظاهرات التي ستخرج تعلن التأييد لها ! .. وهنا بعض وقفة لو سمحتم .
لا نقاش في أن مجلس الحكم لا يملك شرعية اسلامية ولاشرعية دستورية - كالانتخاب - حتى وإن كان المجلس ممثل لاغلبية القوى العراقية التي تمثل الملايين فالاكراد والمجلس الاعلى وحزب الدعوة والحزب الاسلامي والشيوعي والتركمان اضافة الى بقية الشخصيات أو الحركات الرمزية لها من الأتباع مجتمعة ما يأخذ حيزاً كبيرا في الشعب العراقي ومع هذا فلا يعطي ذلك الشرعية لمجلس الحكم .. ولكن يا سيدي حكومتكم الموقرة غير شرعية تماماً كمجلس الحكم حكومة تم تنصيبها بالتعيين على الشعب العراقي , وللأسف ثمة خلط رهيب في مفهوم الشرعية عندكم حيث اعتمدتم على المظاهرات الساندة على اعتماد شرعية حكومتكم وهذا ما لا يصح بل ولا يقوله أحد .. واذا قبلنا بهذه الطريقة يا سيدي لكان حكم صدام شرعيا طيلة تلك الفترة لأننا نرى في كل عام تخرج المظاهرات في العراق بما يُسمى يوم البيعة لصدام ! والمظاهرات هي المظاهرات ولا فرق لأن الأمر يتعلق بالاسلوب .. ولو تنزلنا عن مظاهرات صدام أو القذافي لخصوصية ما , ونقول يا سيدي : هل ستكون حكومة مجلس الحكم شرعية اذا خرجت مظاهرات ضخمة في الشارع
العراقي تؤيدها ؟! أنا هنا لا أريد أن أتطرق الى شرعية حكومتكم الاعلامية بقدر ما أريد التأكيد على أن المظاهرات لا تعطي الشرعية لأحد كما لا تسلبها من أحد وشرعية أي حكومة في العراق لابد أن تكون مستمدة من صناديق الاقتراع أو التصدي والثورة لتغيير الواقع الفاسد وإحلال العدل محله وحتى في الاخيرة صناديق الاقتراع يجب أن تكون حاضرة ولو بعد حين .
وأخيراً أرى أنك بحاجة الى تنظيم وحكمة عمك محمد باقرالصدر والى صبر وحنو والدك الشهيد , فاحذر أيها السيد ولا تشمتن بك وبنا المتأمركين .
إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |