النظام السوري: تحرير الجولان يبدأ من بغداد؟
داود البصري


التصريحات الإيحائية الغريبة لأقطاب النظام السوري حول عدم قدرتهم على منع تسلل الإرهابيين العرب للعراق عبر الحدود المشتركة، لاتثير الإستغراب بل الغثيان والقرف من العقلية السياسية الديناصورية التي لازال النظام الوراثي السوري يسير بها الأمور في الشام التعيسة والحزينة بهذه النوعية من الأنظمة التي لاتعرف حتى أوليات فن الكذب المؤدلج؟ خصوصا وأن البعثيين أصحاب مدرسة فكرية متميزة في هذا المجال!. فالسيد فاروق الشرع وهو يتعلل بقلة إمكانيات نظامه في منع الإرهابيين يحاول أن يتذاكى ويفرض الغباء على المتلقي! فهو مثلا لم يجب عن السر الذي يجعل جبهة الجولان السوري المحتل واحدة من أهدأ الجبهات العربية في الصراع مع إسرائيل؟ فمنذ 1973 لم ينجح (قط) سوري واحد في التسلل و(إقلاق) راحة مستوطنات الإخوة الصهاينة هناك؟؟ وهو أيضا حينما يهدد تلك المستوطنات في تصريحاته (الصحافية) فإنه يعني لامحالة بإنه (إبشر بطول سلامة يابني صهيون)!!، فالنظام السوري غير مخصص أصلا لأي حالة حربية مع إسرائيل؟ بل أن مهامه (القومية) أسمى وأرفع من ذلك بكثير! نراها مرتسمة في فيافي لبنان الصغير المبتلي منذ ربع قرن بإستعمار بعثي خاص وبتفويض عربي شبه شامل! كما نراها واضحة جلية في حالة الإرهاب المتصاعد في العراق والذي يساهم في إعاقة جهود إعادة الإعمار والحياة لبلد خربه البعثيون البائدون من الضفة الأخرى للبعث والذي هو في النهاية أي (البعث) ملة واحدة! لافرق بين يمين ويسار ولاقطري ولاقومي!، والإرهاب في العراق والذي شهد مؤخرا تصاعدا ملفتا للنظر يتحمل النظام السوري جزءا مركزيا وفاعلا من أسبابه ونتائجه وتداعياته؟ لابل أن السوريين وفقا لكافة الأدلة الواضحة يلعبون دورا لوجستيا وإستخباريا مهما في تسهيل مهام الإرهابيين الأصوليين وغيرهم والأهداف معروفة وواضحة وقد فصلناها أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة!، لأنه النظام السوري يعلم، ونحن نعلم بأنه لايمكن لذبابة أن تطير من الشام للعراق دون معرفة أجهزة المخابرات السورية المتعددة الأشكال والأرقام والولاءات و ( المعلمين ) بدءا من الفرع الخارجي وفروع فلسطين والأمن القومي والسياسي وليس إنتهاءا بمخابرات القوة الجوية صاحبة التاريخ الإرهابي الحافل على المستوى الدولي وليس القومي؟ والشرع بإعتباره وزير خارجية محترم لبلد عضو في المنظمة الدولية وليس في المافيا الدولية مطالب بتفسير أسباب إمتلاك الإرهابيين لجوازات سفر سورية جديدة صدرت قبل أيام من تحرير العراق؟ كما هو مطالب أيضا بتقديم العديد من التفسيرات حول التدخلات السورية القوية وغير المبررة في شؤون العراق الداخلية وتسليطها الأضواء على بعض الجماعات العشائرية والمذهبية والسياسية والتي هي من أنصار النظام السابق البائد وتحاول اليوم لعب لعبة تخريب سياسية من الداخل العراقي تهدف لخلط الأوراق وخلق لوبي مماليء للمصالح السورية وذلك عبر القفز على العديد من الثوابت الوطنية العراقية وبهدف محوري مركزه تخريب الوضع الداخلي العراقي وإعاقة عملية التغيير الشامل والذي ينذر بخلق عراق جديد ونموذج حضاري يهدد بإقتلاع الأنظمة الشمولية والوراثية الثورية التي هي على شاكلة النظام السوري، فالنظام السوري قد جعل من دمشق :

# قاعدة ميدانية لتجمع بقايا وحثالات النظام السابق مع أموالهم المسروقة من أموال الشعب العراقي!.

# محاولة تفريق الصف الداخلي العراقي عبر تسليط الأضواء على جماعات عشائرية كانت من أدوات ومرتكزات النظام البائد!.

# المساهمة الميدانية الفاعلة في دعم الإرهاب الأصولي القادم من اليمن وبعض الأصقاع الأخرى عبر تقديم التسهيلات اللوجستية التي نعرفها جميعا لمعرفتنا الوثيقة بكل أجزاء الصورة السورية الداخلية وآلية عمل منظومتها الإستخبارية وأساليب عمل فرق الموت والإرتزاق المنطلقة من دمشق!.

# بخلط الأوراق في العراق يحاول النظام السوري الهروب والإفلات من فضيحة عجزه التام عن التعامل مع التهديدات الإسرائيلية وخلق واقع إقليمي جديد يتيح للنظام السوري العاجز والمفلس الهرب إلى الأمام من أية إستحقاقات تتطلبها الكرامة الوطنية السورية، فالنظام عاجز عسكريا عن إيقاف التحرشات الإسرائيلية التي تهدد بإقتلاعه من لبنان، لذلك فهو يريد أن يجعل من العراق ساحة لتصفية الحسابات والمساومات الدبلوماسية طبقا لقواعد اللعبة السورية المعروفة منذ أيام الأسد الأكبر وحيث يحاول الورثة اليوم وبسذاجة غريبة تكرارها في عالم وظروف متغيرة! فليس شرطا أن يكون الولد على سر أبيه!!.


والغريب في الصورة العامة هي أن إفلاس نظرية ( التوازن الإستراتيجي ) التي راهن عليها النظام كثيرا كسبا للوقت وتهربا من أية إستحقاقات آنية لبلورة شكل وطبيعة الصراع المستقبلي مع إسرائيل، قد أدى بالنظام لخلق وإستنباط نظرية جديدة قوامها التركيز على الواقع العراقي ونقل الهجوم السوري للداخل العراقي بدلا من إنتظار نتائج تغيير الصورة في العراق والتي ستكون كارثية على وضعية الحكم المفلس في الشام!، فعبد الحليم خدام قد تحرك بملفاته الأمنية والعسكرية وحاول خلق إنطباع بأن السياسة السورية مهتمة بمستقبل الشعب العراقي وليس ذلك بصحيح خصوصا وأن لخدام تجربته اللبنانية التي جعلت من لبنان بلدا كسيحا وتابعا بعد أن كان جوهرة الشرق العربي؟ وحتى الرئيس السوري ذاته أطل من زاوية الصورة ليلتقي مع شيوخ عشائر عراقيين كانوا من أتباع وخدم النظام البائد مخترقا الصفة البروتوكولية ومضفيا أهمية على عناصر هزلية لاتشكل أي قيمة في المشهد العراقي!.

ويبدو أن إجتماع دمشق القادم حول العراق والذي لن يحضره أهل الشأن أي العراقيين ولا حتى أقرب الناس لهم الكويتيين!! لن يكون أكثر من مهزلة لأنظمة تصارع الزمن وإستحقاقات التغيير البيولوجي!، وإذا كان نظام صدام البائد كان خبيرا في شق الطرق البديلة لتدمير الأمة العربية فإن وريثه وحامل سره النظام السوري يحاول إنتهاج نفس المسيرة عبر إيحائه بإن طريق تحرير الجولان تمر من بغداد!! وفي ذلك غلطة وعثرة النظام السوري الكبرى؟.