--------------------------------------------------------------------------------
الاحواز او (امارة المحمرة) ..هي تلك الامارة العربية العريقة التي سقطت بيد الحكم البهلوي في ابريل عام 1925 و اغتيل لاحقا غدرا بالسم شيخها المرحوم ( خزعل الكعبي) الذي اغتالته الحكومة الايرانية انذاك وهو معتقل في طهران عام 1936 بعد ان عجزت عن اجباره على التوقيع على معاهدة التنازل عن الاحواز لصالح الحكومة الايرانية حينها.
اليوم و بعد مضي قرابة الاثنان و ثمانون عاما على احتلال الاحواز .. مازال الاحوازي يقف بكل ثبات و قوة معتزا باصوله ...متمسكا بعروبته غير متنازلا عنها قيد شبر... رغم كل المؤامرات التي تحاك ضده و ضد مصالحه القومية العادلة في دهاليز و اروقة الدولة الايرانية.. و لم ينسى جذوره رغم كل محاولات التفريس الممنهج من التضييق على استخدام اللغة العربية الى اجباره على التسمي باسماء فارسية الى حرمانه من المناصب المهمة و التعليم و التهميش الاعلامي و ممارسة عمليات التهجير القسري و توطين الاقليات الاخرى في الاحواز لتغيير هويته العربية و القمع الفكري و القومي,
رغم كل هذا فانه حتى الان و بمجهود ذاتي و برغم كل النسيان و الاهمال و التجاهل الذي لقاه و تلقاه قضيته الى يومنا هذا من قبل ابناء عمومته من العشائر العربية و المشايخ المحيطة بسبب انتماءه المذهبي الشيعي الاثنى عشري, برغم كل هذا فانه ما زال مستمرا متبنيا خطا فكريا و نضاليا ثابتا في العمل السياسي التحريري المعارض و ليست احداث الانتفاضة النيسانية عام 2005 ببعيدة و ليومنا هذا لا تمر بضعة اسابيع حتى .. دون ان تتسرب للعالم اخبار طازجة للاعدامات و احكام السجن الجديدة الطويلة بحق المناضلين و المجاهدين الاحوازيين..
اما من الجهة الاخرى فلدينا مع بالغ الاسف سكين اخر مسدد نحو خاصرة اخواننا و ابناء عمومتنا و اهلنا الاحوازيين "الشيعة" و هذه السكينة هذه المرة ليست طائفية سنية انما شيعية عربية متأصلة مع الاسف و هي سكينة الاسلاميين من شيعة العراق ربيبي الحركات الاسلامية السياسية العراقية التي حفرت في نفسية الاسلامي الشيعي العراقي احساس الاستخفاف بقيم الوطن و القومية.. مقابل الاخلاص الغير المشروط لقيم و مفاهيم المذهب و الانتماء الديني لدولة الدين بأطرها الواسعة بغض النظر عن قوميتها و اهدافها و اجنداتها الاقليمية و لا يخفي على احد ان تبني الحركات الاسلامية الشيعية العراقية التقليدية في فترة الثمانينيات المشاريع الاسلاموية المبنية على هذا النوع من الافكار في العراق انما صب في النهاية في صالح الدولة الايرانية و مشاريعها التوسعية القومية الخاصة ليس الا..
و بالرغم من كل السوداوية التي لونت حياة الاحواز السياسية ما بعد الاحتلال عام 1925 الا انه كان هناك من الاحوازيين من كان يأمل فعلا و لاسباب ايمانية دينية بايران اسلامية عادلة جديدة في ضل النظام الاسلامي الذي برز للوجود ما بعد الثورة الخمينية المشؤومة عام ثمانين.. الا ان انهم لم يحصدوا الا خيبة الامل من الثورة و قادة الثورة و اهداف الثورة التي كان من المفترض ان تستطيع ان تحتوي الجميع على قدم العدل و المساواة لكنها لم تختلف كثيرا بسياساتها الداخلية مع الاقليات و خاصة العرب عن سياسات الشاه بشيء رغم ان ابناء الاحواز كانوا من اوائل من انضم الى ثورة الخميني خاصة مع انتشار نفوذ الحزب الشيوعي الايراني في الاحواز و نشره الافكار اليسارية مخلوطة بخطابات الخميني الحماسية الدينية ..
و اليوم اتسائل حقيقة عن موقف علماء الدين و المراجع من هذه الفئة المهمة من المجتمع العربي الشيعي التي تركت تواجه مصيرها بقسوة تحت رحمة نظام ديكتاتوري ظالم و عنصري دون ان تذكر من قريب او بعيد في الادبيات السياسية الشيعية الكثيرة خاصة تلك التي تتداول و تعبرعن مظالم ابناء الطائفة في كل انحاء العالم و خاصة المناطق الساخنة طائفيا كالمملكة العربية السعودية و البحرين على وجه الخصوص و اتسائل حقيقة هل مازال ابناء الحركات الاسلامية الشيعية العراقية يتبنون نفس الموقف العدائي التخويني الذي كانوا يتبنونه بحق ابناء الاحواز ابان الحرب العراقية الايرانية الطاحنة ولاء لولاية الفقيه و دولة المهدي المنتظر (الخامنئية الرفسنجانية)! .. و هل زملائنا الاسلامويين هؤلاء من ابناء الخط الفكري لحزب الدعوة و المرجعيات الرشيدة الذين تكرموا غير مشكورين بغسل ادمغة الشعب العراقي بخزعبلات الرايات المهدوية الخراسانية السود التي خرجت تستصرخ خروج الحجة من ايران الخميني المقدسة.. ارضا و حكومة و شعبا.... مازلوا يجدون في انفسهم الجراءة الكافية .. لاطلاق نعوت ك ( سرسرية و هتلية و بعثية ) على ابناء تلك المناطق لوقوفهم الى جانب العراق اثناء الحرب المدمرة تلك التي كان الخميني يريد الوصل مشيا على جثهها و رمادها.. الى القدس مرورا بكربلاء ...
و هل اليوم بعد ذهاب نظام صدام حسين و البعث و اتيان حكومة شعبية شبه شيعية للحكم في العراق.. توقفت اطماع ايران "الاسلامية" التوسعية في المنطقة و خاصة في الاراضي العراقية.. و هل يتصور حكام العراق اليوم ان حدود امنهم القومي في الجنوب يقع عند الحدود التي رسمها النظام السابق بعد انتهاء الحرب عام88 ام انها تمتد الى اخر نقطة في الاراض العربية داخل الحدود الايرانية حاليا..
فو الله و الله.. ما نكبة عام 1925 ببعيدة..
و ها هي القوى العالمية تلعب في المنطقة على المسرح العراقي من جديد و كأننا في العشرينيات من القرن الماضي و بدل الانتداب البريطاني اتانا اخر امريكي و هو في طريقه ليفاوض ايران من جديد على رقعة جديدة من الاراض العربية.. فهل سيكرر التاريخ نفسه ..