مستقبل ( جيش المهدي ) بين التجميد وتحديات الانفلات
اسماء الموسوي لـ(الملف برس): مقتدى الصدر سيحصل على درجة ( اية الله ) خلال الاشهر القليلة المقبلة وجيش المهدي يحترم تعليمات (التجميد )
شؤون سياسية - 23/03/2008 - 12:00 am
بغداد - الملف برس – كتب المحرر السياسي
الحلقة الثالثة
تختلف وجهات النظر ما بين المراقب لاوضاع التيار الصدري من خارجه ، وتحليل قياداته ومنهم الدكتور اسماء الموسوي، عضوة الهيئة السياسية لمكتب الشهيد الصدر ، في ما تراه عن قوة ومتانة هذا التيار" العقائدي" من وجهة نظرها، الذي ينتظر حصول قائده الزعيم الشاب مقتدى الصدر على درجة الاجتهاد"اية الله" خلال الاشهر المتبقية من عام 2008 .
فيما تقتصر التحليلات لمعطيات واقع التيار الصدري في المشهد السياسي العراقي من خلال الابعاد المعروفة في مصفوفة الاحتمالات التي تتعامل وفقا لها العلوم السياسية والتي طورت في الولايات المتحدة لتعرف باسم "علم النفس السياسي" في تحليل ادوار الاشخاص في الواقع المجتمعي ، كمدخلات مطلوبة من اجل الخروج بنتائج التحليل المستقبلي للتيارات السياسية ،ومنها التيار الصدري، وقد اشبعت مراكز الابحاث الاميركية والبريطانية الواقع العراقي ما بعد نيسان 2003 ، بتقلب الامور من زوايا مختلفة.
ارث تاريخي
في البدء، هناك اتفاق بين اغلب المحللين والمراقبين ، على ان التيار الصدري ينطلق من ارث تاريخي كبير فيما يعرف ب" الاسلام السياسي" بعد ان اسس السيد محمد باقر الصدر حزب الدعوة اواسط الخمسينات من القرن الماضي ، واستطاع ابن عمه السيد محمد صادق الصدر ان يستنهض الافكار الحوزوية ، ويعيد صياغتها بما عرف " الحوزة الناطقة " وامامة صلاة الجمعة ، في وقت كانت فيه مثل هذه العبادة المفروضة في الدين الاسلامي ، تواجه عند اهل الامامية الجعفرية، نقدا كبيرا باعتبار انه لا يمكن ان اقامتها دون وجود " الدولة الاسلامية " او قبولها في بعض ردود المراجع الدينين الكبار للشيعة ، دون اشتراطها، ومبادرة والد مقتدى الصدر ، بامامة صلاة الجمعة في جامع الكوفة ، وليس في الصحن الحيدري الشريف حيث مرقد الامام علي بن ابي طالب ، يؤشر الاختلاف الواضح ما بين الحوزة الصامتة ، والحوزة الناطقة التي دعا اليها ، يضاف الى ذلك محاولاته لتجديد العلاقات ما بين حوزته وبين العشائر والمقلدين ، بشكل عام ، حيث وجه وكلاءه ، بان يتعاموا مع العشائر من منطلق الذهاب اليهم وليس انتظار أسئلتهم ومشاركتهم في الحياة المعاشية التي يعانون منها ، بشكل فعلي وواضح.
كل ذلك جعل ارث التيار الصدري ،يتميز بصفة " التيار الشعبي" والمحرك الكبير لجماهير في عموم المناطق الشيعية ولعل مدينة الصدر ، التي تعد اليوم من قلاعه الحصينة ، تؤكد ذلك ،وفرضت تعاليم مؤسس التيار الصدري على قياداته ما بعد 2003 ، والذين ظهروا من معطف الوكلاء الدينيين، وبتشكيلات مدنية اولا ، ومن ثم تشكيلات شبه مسلحة بعد اعلان السيد مقتدى الصدر، الذي يطلق عليه اتباعه وصف " السيد القائد "بان تكون لهذا التيار علاقة صميمة مع مختلف قطاعات الشعب ، تلك التي سبق وان بنى والده علاقات وثيقة معها ، قوامها بسطاء وفقراء العراقيين، وبالتالي قيادته متلمسة لنبض الشارع في كل سنوات القهر والمحن التي تعرض لها العراقيون ، ما قبل الاحتلال وبعده، ولان عماده فقراء الناس وخاصة الشباب منهم ولان قيادته شابة فان العنفوان كان ايضا خاصية من خصائصه.
وان كان انشقاق" الشيخ اليعقوبي" احد ابرز تلاميذ الصدر الثاني عن هذا التيار وتشكيله جماعة فضلاء الحوزة اولا ، ومن ثم تشكيل حزب الفضيلة، كواجهة سياسية لمرجعيته الدينية ، وكذلك فعل المرجع الديني السيد حسين الصرخي ، حين اسس حزب الولاء الاسلامي في البصرة ، كواجهة لمرجعيته الدينية ، وايضا خروج اية الله الطائي في الناصرية عن التيار الصدري ، قد اضعف مكوناته التنظيمية .
الخلاف مع الولايات المتحدة
وحين نرجع الامور الى ما بعد الدخول الاميركي للعراق واعلانه الاحتلال، يمكن ملاحظة حالة الاختلاف الحادة التي برزت ما بين التيار الصدري وبين الاحزاب والتيارات الدينية التي جاءت من ايران او غيرها من دول العالم لتستلم الحكم في العراق ، من خلال "مجلس الحكم" اول تشكيل للسلطة برعاية قوات "الاحتلال"
في هذه المرحلة برز الخلاف الكبير بين موقف الولايات المتحدة من التيار الصدري وموقفه منها ، وتقول الدكتورة اسماء الموسوي :" سمع الاميركان الكلام الذي يريدون الاستماع اليه من بعض القوى في مجلس الحكم ، حين اعتبروا التيار الصدري مجرد قطاع طرق لابد من تصفيتهم ، واخذوا التواقيع من حكومة اياد علاوي ومن القوى المشاركة في مجلس الحكم، لكي تشن الهجومات المعروفة على التيار الصدري في النجف وفي مدينة الصدر "
في هذه المواجهات ، ظهرت حقائق قوة التيار الصدري ، كما ظهرت الثغرات في تنظيمه ، فرغم تاريخه وهذه ميزة له فانه ايضا يمتاز بمزايا اخرى لعل في مقدمتها انه تيار شعبي جماهيري قوي ربما لايجاريه في هذه الميزة حركة او تيار سياسي موجود في العراق حاليا.
ولكن المشكلة التي تواجه التيار الصدري هو غياب التنظيم في حركته ، وحتى في التشكيلات المنبثقة عنه وفي مقدمتها جيش المهدي ، وبينما قام ابناء هذا التيار بضبط حركة الشارع بما في ذلك تنظيم حركة المرور في الاشهر الاولى للاحتلال، فان هذه التشكيلات توصف اليوم بالخارجة عن القانون في ظل دولة تريد فرض وجودها على التيار الصدري كقوة جماهرية مطلوب بسط سلطة القانون عليها .
لكن الموسوي لا ترى في مثل هذه التحليلات ما ينطبق مع الواقع الداخلي للتيار الصدري، فتجده تيارا منضبطا ، بدليل توجيه السيد مقتدى الصدر لاكثر من مرة شكره الشخصي لاتباعه وفي بيانات معلنة على التزامهم بتعليماته وابرزهم جيش المهدي ،وتفصل ما بين القوى الشعبية من ابناء التيار الصدري الذين يشاركون في العملية السياسية بصفاتهم الشخصية ،وبين التيار الصدري الذي وجد انه لابد من الدخول في العملية السياسية بعد مواجهات مدينتي الصدر والنجف ، وسيرجع حتما الى الواجبات العقائدية بخروج المحتل واستقرار الاوضاع في البلد.
لكن هذا الفاصل ما بين التيار كالتزام ديني لمقلدي الصدر الثاني ،وبين الامور المستحدثة ،كما تقول الموسوي ،جعل مقلدي الصدر الثاني يرجعون في الامور المستحدثة ، الى استفتاء اما السيد كاظم الحائري او السيد حسين فضل الله ، فيما ثابر السيد مقتدى الصدر على الانتهاء من تحصيل درجة الاجتهاد، وكشفت القيادية في مكتب الشهيد الصدر لاول مرة ل" الملف برس" ان السيد مقتدى الصدر في المراحل الاخيرة للبحث الخارج ، بعد ان بدأه مطلع عام 2003، وكان قد بدأ دراسته الحوزوية عام 1991 ، مؤكدة بان حصوله على درجة الاجتهاد ستكون في الاشهر القليلة المقبلة ، وقبل انتهاء عام 2008 .
ومع تاني القيادية الصدرية ، بالحديث عن معطيات مرحلة ما بعد حصول السيد مقتدىعلى درجة الاجتهاد، فان دلائل الامور تؤكد بان "انقلاب" في المشهد الشيعي بانتظار الاعلان الرسمي عن حصول السيد مقتدى على درجة الاجتهاد
وتسود اوساط حوزة النجف هذه الايام ، تساؤلات عن التنافس بين عائلتي الصدر ممثلة بالسيد مقتدى الصدر، وعائلة الحكيم ، ممثلة بالسيد عمار الحكيم ، في سياق سعي كل منهما الوصول الى درجة الاجتهاد، والاعتكاف على مواصلة ما يعرف في الدراسات الحوزوية بالبحث الخارج ، لنيل مرتبة " اية الله " التي تمكن رجل الدين من الافتاء واستنباط الاحكام الشرعية .
مراجع النجف الكبار يرفضون تدخل رجال الدين في الشان العام
واكدت مصادر قريبة من حوزة النجف الاشرف ل" الملف برس"، ان المراجع الاربعة الكبار" السيستاني ، النجفي ، محمد سعيد الحكيم ، الفياض " تتعامل مع الواقع السياسي العراقي وفقا لمنطق الولاية الخاصة ، التي ترفض تدخل رجال الدين في الشان العام كما تذهب الى ذلك الولاية العامة ،لاسيما ذلك التفسير الذي جعل الامام الخميني يستنبط مبدأ "ولاية الفقيه" وانتظمت جمهورية ايران الاسلامية على اساسه .
في حين اكد مصادر قريبة من المجلس الاعلى والتيار الصدري ، بان مبدأ الولاية العامة لا يعني تطبيق النموذج الايراني في العراق ، بشكله الحرفي ، بل استعادة التعاليم التي وردت في كتاب الدولة الاسلامية لاية الله محمد باقر الصدر، المنظر الاول لحزب الدعوة الاسلامية ، والتي تدعو الى تاسيس المجتمع الاسلامي الفاضل، في الاسس العامة للدولة، مع احترام خصوصيات الاخرين ،سواء اكانوا من المذاهب الاخرى، او من بقية الاديان السماوية .
وتعتقد هذه المصادر بان المجلس الاعلى الاسلامي في العراق ، الذي عدل منهجه السياسي ، باعادة تنظيم شاملة اكثر حاجة لظهور زعامة شابة تقود حركته ، فبعد اقرار ما يطلق عليه بمجلس الشورى المركزية للمجلس الاعلى ، الانتقال من مبدأ "ولاية الفقيه" الذي اعتمد طيلة سنوات وجوه في صفوف المعارضة برعاية ايرانية مباشرة ، الى مبدأ اعتماد ولاية المرجعية الدينية العامة .
وتشير هذه المصادر الى ان الشورى المركزية اتفقت على ان لا يرشح لزعامة المجلس الاعلى اية شخصية من "شيوخ" المجلس الاعلى،ومنح الشباب الفرصة وقالت " ان فكرة المجلس الاعلى لقيادة التيار الديني الشيعي تقومعلى وجود ثنائية في المرجعية الدينية، الاولى المرجعية الفقهية التي تمثلها مرجعية السيد السيستاني ، او أي مرجعية اخرى بعد وفاته ، والاخرى ما يطلق عليها بالمرجعية المتصدية للشان العام ، والتي مثلها اية الله محمد باقر الحكيم ، ولم تصل لشقيقة عبد العزيز، كونه لا يمتلك درجة " اية الله " الاجتهاد الديني
لذلك يعمل عمار الحكيم لاكمال دراسته الحوزوية ، والوصول الى موقع الاجتهاد حين يحصل على درجة "اية الله " وبذلك تحل العلاقة بين المرجعية الدينية الفقهية المرجعية الدينية المتصدية للشان العام ، التي يعتبر "عمار" من ابرز المرشحين لها .
من جانب التيار الصدري، قالت هذه المصادر بان السيد مقتدى الصدر يقوم الان بكتابة البحث الخارج ، وهو الاطروحة الاخيرة ، ، لنيل درجة الاجتهاد ، بعد ان كان قد بدأ هذه الدراسة منذ عام 1991 ، مذكرة بان العوائل الدينية في النجف الاشرف تدخل اولادها المدارس الحوزوية وهم صغار السن ، فقد حصل كل من عمار الحكيم ومقتدى الصدر على درجة "حجة الاسلام والمسلمين " في بداية عمر الشباب .
وفي الوقت الذي يرث السيد عمار مؤسسة سياسية واضحة المعالم ، مثل قواعد منظمة بدر، الجناح العسكري للمجلس الاعلى ، وكامل الهيكلية التنظيمية له، فان السيد مقتدى الصدر، لا يرث عن والده غير مؤسسة ليست منظورة داخل المجتمع العراقي ، ما زالت تبحث عن اطار تنظمي مناسب ، لتكون "مؤسسة سياسية " تؤطر منهجية العمل السياسي للتيار الصدري ، حين يكون مقتدى الدصر بدرجة "اية الله" وقادرا بموجب التعاليم الدينية على استباط الاحكام الشرعية في الامور المستحدثة ،وفي دراسة بحث الخارج ، يحاول كلا الرجلين ان يحل الاختلافات لما كان من تكوين سياسي او ما سيكون عليه ، كما تقول هذه المصادر.
ويشاع في حوزة النجف بان السيد عمار الحكيم قد تاخر في مرحلة" بحث الخارج" لانشغاله بالشؤون السياسية بعد مرض والده، وتكليفه بقيادة مفاصل مهمة من مؤسسات المجلس الاعلى ابرزها مؤسسة التبيلغ الاسلامي ومؤسسة شهيد المحراب .
وردا على سؤال "الملف برس" حول ظهور افكار متجددة للدولة الاسلامية في العراق ،لاسيما بعد تطبيق فيدرالية الجنوب قالت هذه المصادر" الواضح في دراسة بحث الخارج لكلا الرجلين " عمار - مقتدى"التمعن في تحليل مبدأ الولاية العامة ، ما بين الدولة الاسلامية الفاضلة " لمحمد باقر الصدر ،والتطبيق غير المباشر للاحكام الشرعية ، وولاية الفقية للخميني ، التي نصبت الفقيه مرشدا عاما للدولة ، لايجاد البديل العراقي المناسب ،وحصول اي منهما على درجة الاجتهاد اولا سيكون من حقه طرح رؤيته على مقلديه ، التي ستكون ملزمة لهم ، مرجحة ان يلتزم السيد مقتدى الصدر بمنهج "ال الصدر" لمفهوم الولاية العامة ، والعمل على تطوير مبدأ " الحوزة الناطقة " كبديل عراقي في مشروع التيار الصدري السياسي .
وعن الفترة المتوقعة لذلك ، اجابت بان بحث الخارج ، يتواصل عند البعض لعقد كامل وربما اكثر ، ولكن يبدو ان السيد مقتدى الصدر اكثر قربا من مناقشة بحث الخارج ، خلال فترة اقل من السيد عمار الحكيم ، كون الاثنين يسيران على منهجية معروفة في حوزة النجف العلمية .
من جانبها ، رفضت الموسوي الافصاح عن اية معلومات اضافية حول موضوع البحث الخارج للسيد مقتدى الصدر او المكان الذي سيعلن فيه حصوله على درجة الاجتهاد ، في حوزة قم " الايرانية " او حوزة النجف " العراقية "
وفي العودة الى تطبيقات التيار الصدري خلال مرحلة تشكيل اي من مؤسسات الحكم نجد هذا التيار وعند دخوله العملية السياسية والاشتراك في الحكومة قد اتيحت له فرصة خدمة العراقيين من خلال تولي التيار الصدري لوزارات خدمية لم نجد الكثير مما، فعله هؤلاء الوزراء لخدمة العراقيين ،وربما هذا السبب كان في مقدمة الاسباب التي دفعت زعامة التيار للخروج من الحكومة ودعوة رئيس الوزراء لاختيار مستقلين اكفاء مكانهم، في حين هناك من يرى انه الافضل لوزراء التيار الصدري ان يستمروا في وجودهم بالحكومة وان يسهم قادة التيار الصدري بالخدمات العامة،عبر تكليف وزراء اكفاء من عراقيي الداخل لوزارات خدمية تسهم بتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للعراقيين .
وتجد الموسوي ان التيار الصدري ليس بالحزب السياسي او مجموعة احزاب مؤتلفة ، او انه بنيته تشكيل مثل هذه الاحزاب ، وهناك فاصل ما بين القيادة الروحية للتيار الصدري وترشيح بعض الصدريين لانفسهم الى الانتخابات البرلمانية ، بمعنى اخر لكلام الموسوي ، ان السيد مقتدى الصدر والتيار كلل ، لا علاقة لهم بالترشيح للانتخابات البرلمانية او لوزارات بعينها ، بالقدر الذي يترك فيه مقتدى الصدر لاتباعه ومريديه فرصة الوصول الى المناصب العامة في مجلس النواب او الوزارات، الامر الذي يترك امامه وتياره الديني فرصة الفصل ما بين شؤون دنيوية عامة وان كانت مطلوبة في هذه المرحلة والاهتمام بالجانب العقائدي المطلوب لمجتمع اسلامي يسعى الى تحقيقه .
من جانب اخر ، يلاحظ ان جيش المهدي الذي في بداية تشكيله بدأ يقدم خدمات اجتماعية وخدمية في المناطق الفقيرة مثل توزيع النفط والغاز وغيرها من الامور الاخرى التي يحتاجها الناس، واتسعت تشكيلاته وغاب التنظيم عن صيرورته وبالتالي كثر فيه المتسللون حتى ان زعيم التيار وجد من الافضل تجميد نشاطه العسكري ونهى اتباعه عن استخدام السلاح تحت اي حجة ، ولا سيما بعد استثمرت اطراف داخلية وخارجية في المقدمة منها ايران واذرعها العاملة في العراق هؤلاء المتسللين .
احالة القسم الاكبر لجيش المهدي لمهام دينية وثقافية
وفي خضم التمديد الثاني لتجميد فعاليات جيش المهدي اعلن زعيم التيار الصدري ، انه متجه لثقافة روحية والتفرغ للتعليم الديني ،فهمت من قبل المراقبين بل من بعض اتباع التيار او المحسوبين عليه بانه ابتعاد عن دور مستقبلي ،فاذا بمواجهات تندلع في الكوت ومن ثم في بابل وربما في مناطق اخرى
بينما كل التوقعات تشير ان كل القوى السياسية بدات منذ الان تحضر نفسها لماراثون انتخابات مجالس المحافظات ،الامر مع تجدد هذه المواجهات يطرح تساؤلا مهما مفاده ،ان كثرة المتسللين من جانب وتسرب الاذرع الخارجية عبر التوظيف المباشر او غير المباشر وسيولة التنظيم اصلا قد مهدت مسبقا فقدوا السيطرة على شرائح من جيش المهدي والان يخاطرون بفقدان السيطرة الكاملة والتسبب بعنف جديد .
لكن اقوال قيادة التيار الصدري تشير الى عكس ما يذهب اليه هذا الراي ، لان التمديد اصلا لزيادة فرض السيطرة ، واعادة تشكيل جيش المهدي بفرضيات تنقيته من الدخلاء ، بل ان احد القياديين لجيش الامام المهدي اكد ل" الملف برس" ان ابرز مهمة لهذا الجيش الان هي محاربة من يطلقون على انفسهم صفة جيش الامام وهم بعيدون عنها ، او يقومون باعمال منافية لما يامر به السيد القائد " الصفة التي ينادى بها مقتدى الصدر"
لكن هناك من يقول ان زعامة التيار فقدت السيطرة على شرائح من جيش المهدي نتيجة العوامل السابقة اي كثرة المتسللين فضلا عن وجود الاذرع الخارجية والتوظيف وعدم التنظيم اساسا وبسبب ذلك جاء التجميد
وتشير معلومات" الملف برس" الى ان اللجنة المكلفة بدراسة قرار تجميد جيش المهدي ، قد وضعت تصوراتها امام مقتدى الصدر باحالة القسم الاكبر منه الى مهمة ثقافية ــ دينية في حشد الراي العام والعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية والعشائرية بين التيار الصدري في عموم محافظات العراق من خلال تقديم الخدمات الممكنة في جوانب معاشية تلمس حياة العراقيين في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها لاسيما في مجال نقص الكهرباء وشحت المشتقات الوقود .
وفي الجانب العسكري ، قالت هذه التوصيات بان هيكلية هذا الجيش الذي يعتمد في جوانب كثيرة من تسليحه ونشاطاته على الافراد ، بحاجة الى اعادة تشكيل نظامية تحاكي مليشيا حزب الله في لبنان وانضباطه في تنفيذ الاوامر الصادرة له من قيادته، وبحاجة الى تجهيزات من الاسلحة والعتاد غير تلك التي يطالب بها أي منتمي اليه ، واغلبهم يقاتلون بسلاحهم الشخصي الخفيف او بسلاح متوسط يحصلون عليه من مخازن الجيش العراقي السابق ، وركزت هذه التوصيات على ايلاء الجوانب الثقافية والتنظيمية في اعادة تشكيل هذه المليشيا المسلحة الكثير من العناية والاهتمام ليكون أي منتمي اليه طوعا لاوامر قيادته ، والحد من النشاطات التي تسيء اليه ، ومن هذه التوصيات ان يعتنى كثيرا بالمنتمين الجدد ، وامكانية ادخالهم في دورات تاهيلية ثقافية ودينية قبل التأهيل العسكري على القتال والامساك بالمناطق على الارض والدفاع عنها ، فضلا عن اعادة تشكيل جيش المهدي على اساس الامريات للمناطق بشكل كتائب وسرايا ، وليس وفقا للنظام السابق الذي اعتمد اسلوب القيادات المناطقية ، بحيث يمكن تحريك قوات مشتركة من مناطق مختلفة لسد الحاجة في حماية أي تظاهرة او مناسبة دينية ، وهذا يعني تقليل اعداد المنتمين اليه الى الحد الادنى المقبول وفقا للحاجة الفعلية في مختلف المناطق التي تعتبر من مناطق نفوذ التيار الصدري .
تعاظم التحديات مع اقتراب موعد انتخابات المحافظات
لكن الموسوي ، اكدت ل" الملف برس " بان أي قرار لم يصدر بخصوص تجميد جيش المهدي، الجناح المسلح للتيار الصدري التي تشدد على وصفه بالجيش العقائدي المدافع عن حقوق العراقيين ككل .
واكدت الدكتورة اسماء الموسوي ،بان الغاء اتفاق" الصدر - الحكيم " لن تكون له اية اثار سلبية على المحافظات الجنوبية لانه لم تكن له اية اثار ايجابية عليها ، وقالت الموسوي " ان الاحداث الامنية التي استهدفت التيار الصدري في هذه المحافظات فضلا عن بغداد ، اكدت بان هذا الاتفاق لا جدوى منه ، في حين كان من المفترض ان يفعل بالشكل الذي يؤدي الى استقرار اوضاع في تلك المحافظات ، لاسيما الديوانية ، التي شهدت حالات نزوح لعائلات التيار الصدري الى بقية المحافظات ومنها محافظة بغداد ، ولم تتمكن من العودة اليها .
وكان نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب قد اعلن فشل الاتفاقية الموقعة مع المجلس الأعلى في آب من العام الماضي بين زعيم التيار مقتدى الصدر ورئيس المجلس الأعلى عبد العزيز الحكيم، مشيرا إلى أن الاتفاقية لم تحقق النتائج المرجوة منها في وقف ما وصفها بالتجاوزات ضد أتباع التيار الصدري
وأضاف الربيعي ،أن الاضطراب الأمني في مدينتي كربلاء والديوانية يعود إلى ما وصفه بالاعتداء من جانب الأجهزة الأمنية ضد أتباع التيار الصدري، وعدم تمثيل مجالس المحافظات لجميع التيارات السياسية في تلك المدن.
واشارت الموسوي الى تعاظم موجة التحدي التي تواجه التيار الصدري منها في المحافظات الجنوبية وخلال اليومين الماضين في مناطق بغداد الجنوبية التي فرضت عليها قوات الامن العراقية بمساندة القوات الاميركية حصارا شاملا ، وقتلت الطائرات الاميركية 7 اشخاص في سيارة قرب منطقة الشرطة الرابعة ، حيث تفرض حصارها على مناطق الشرطة الرابعة والخامسة والمواصلات ، وهي مناطق توصف عند العراقيين بانها محمية من قبل جيش المهدي .
وتساءلت الموسوي عن اسباب اشتداد هذه الموجة ،التي تتزامن مع الموافقة على قانون المحافظات ، بانتظار رد فعل التيار الصدري ، فيما اعتبرت وصول رئيس الكتلة الصرية الدكتور نصار الربيعي الى منطقة الكوت ب" حمامة سلام " وانتقاده من قبل نواب "شيعة" اخرين ، بان ممارسته لمثل هذا الدور لتحقيق الاستقرار في منطقة الكوت التي حصلت فيها مواجهات بين افراد من جيش المهدي وقوات الشرطة
وقالت " هل ان ممارستنا لدور (حمامة السلام ) اصبح منتقدا ، فقط لان هناك من يسعى الى تصفية قواعد التيار الصدري في هذه المناطق ام لان الملطوب ان تحص مواجهات دامية يتهم بها التيار لا اكثر ولا اقل ".
ومع عدم تبني " الملف برس" لمواقف أي كتلة سياسية عراقية او تيار بعينه ، الا ان الحديث عن تجميد جيش المهدي لفترة ستة اشهر اخرى ، تظهر عدة التباسات منها القول بغياب الدور المستقبلي لزعيم التيار ، فان هذا سيهدد بفقدان السيطرة على المزيد من عناصر الجيش ويهدد بالمزيد من العنف ،فالبعض ولاسيما المتسللين واصحاب الدوافع اعتبروا ان اشارات الصدر وكما فهموها ان التجميد ليس مستمرا ،فالتجميد كان متوقعا ان ياتي بخطة يتخلص عبرها جيش المهدي من العناصر الاجرامية المحسوبة اليه لكن التجميد وخلال مرحلته الاولى لم يمنحنا انه تم الاعلان عن قوائم فصل لهذه العناصر
وبالتالي هذه العناصر استمرت محسوبة على جيش المهدي ، وهي لابد ان تستثمر الاجواء الجديدة من اعلان الصدر عن الشعور بالاحباط وبالتالي ابتعاده من اجل التقرب من الله والدراسة واقامة الواجبات والطاعات ، ولكن اقرار الموسوي بان السيد مقتدى الصدر سيحصل على درجة الاجتهاد خلال الاشهر القليلة المقبلة ، يخلط الارواق من جديد، ويفرض على كل اللاعبين في البيت الشيعي على وجه الخصوص والمشهد السياسي العراقي العام ، الجلوس على طاولة واحدة لاعادة توزيع الاوراق ، ومثل هذا الامر لن يحصل بسهولة ، لاسيما مع وجود القوات الاميركية في العراق من جهة ، ومناورات بقية الاحزاب الشيعية من جهة اخرى للاحتفاظ باكبر قدر ممكن من المكاسب التي حصلوا عليها خلال مرحلة تجميد جيش المهدي
المصدر : الملف برس - الكاتب: الملف برس