الجيران - البصرة -
25/03/2008
بدأ الاعلان عن خطة البصرة الامنية بتصريحات صدرت بفترات متقطعة عن قائد شرطة البصرة اللواء عبد الجليل خلف وهي تصريحات وان اغفلت في مضامينها الاعلان عن مكان وزمان العملية وبقية تفاصيلها الا ان ما حصل اليوم وأمس أكد انطلاق هذه العملية.
وما الزيارة المفاجأة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ولبعض القادة عاليي المستوى بوزراتي الدفاع والداخلية العراقيتين الى البصرة، يرافقهم دخول قوات مشتركة عراقية وأميركية أليها، الا اشارة واضحة الى الانطلاق.
فما هي التحديات التي ستواجه الخطة والتي قد تفضي الى فشلها؟! وهل هذه الخطة فاصلة حاسمة في سباق الحديد والنار بين الاطراف المتصارعة حسبما يتردد على لسان بعض المسؤولين العراقيين ؟!
أكثر من عشرين حزبا شيعيا بمليشياتها تنتشر في البصرة اليوم، وتندلع بينها اشتباكات بين فترة واخرى تخلف كل يوم قتلى وجرحى، منا ما يسببه الصراع على السلطات المحلية في المحافظة، ومنها ما يسببه الصراع على عمليات تصدير النفط، ومنها ما يسببه صراع النفوذ على الاجهزة الامنية في المحافظة (المخترقة من قبل جميع المليشيات).
وعلميات الاغتيال مستمرة فيها، حتى ارتفعت في الفترة الاخيرة الى ارقام وصفها احد المسؤولين الامنيين في البصرة بـ(المخيفة)، وهي اغتيالات تطال كل من يقف أماهما سواء كانت كفاءات علمية، او حتى نساء (وصل عدد المقتول منهن لاكثر من 100 أمرأة).
كما ان المراقبون السياسيون يشيرون الى دور لكل من ايران والكويت في البصرة، وهم يقولون: (ان لايران دور بارز في ساحة اللعب في البصرة، وهي اللاعب الرئيس فيها، كون البصرة احدى جبهاتها في الحرب المحتملة مع الاميركيين، كما ان الكويت لها في القضية باع طويل منذ ايام الاحتلال الاميركي الاولى)،حسب قولهم.
ولدول الخيج أهمية بالنسبة لهذه المدينة، فهي نقطة ألتقاء المشروع (العربي الخليجي–الايراني-الاميركي).
حقائق تشكل بمجملها تحديات كفيلة بأن تفشل اكبر خطة امنية قد تشهدها المحافظة اذا لم تكن محتسبة لموازين القوى ونقاط القوة والضعف فيها، فضلا عن ما ستستهلكه من جهد مضني يستغرق أشهراً قد تزيد على العام.
وبغض النظر عن توعد رئيس الوزراء العراقي وقادة الاجهزة الامنية في حكومته للمليشيات في المحافظة في هذه العملية الامنية، وتعهدهم بحصر السلاح في المحافظة بيد الدولة، الا ان عدم احتسابهم الدقيق لمجريات العملية الامنية هذه، وعدم سيطرتهم على خط مسارها الحالي والمستقبلي، قد ينعكس بأثار سلبية ستفجر المحافظة.
اخيراً..وبعد اسابيع من تردد التصريحات عن قرب إنطلاق الخطة الامنية في البصرة، تنطلق اليوم الثلاثاء، خطة (صولة الفرسان) وسط ترقب شديد لما سيؤول اليه وضع المحافظة.
ترقب اشارت له وبقوة الزيارات المفاجئة للمدينة من قبل رئيس الوزراء العراقي ووزير داخليته جواد البولاني (الذي تعرض لمحاولتي اغتيال)، مع بعض قادته العسكريين، والمرافقة لدخول قوات إميركية وعراقية اضافية الى المحافظة مع عدة طائرات.
ولعل التواجد الكثيف لمسؤولين عراقيين رفيعي المستوى مع اعلان انطلاقة خطة أمنية في البصرة (وهو ما لم تشهده محافظة عراقية منذ الاحتلال عام 2003)، فيه اشارات واضحة على سوء الوضع الامني في البصرة، كما يحمل في طياته رسائل واضحة الى عدة اطراف لاعبة في البصرة، وفي مقدمتها حزب الفضيلة الذي يسيطر على مجلس المحافظة، حيث ان الاجتماع الذي عقده المالكي أمس بقادة المحافظة لم يدعى له أعضاء او رئيس مجلس المحافظة.
وقد انطلقت الخطة بأعتقالات طالت عناصر من مليشيا الصدر (جيش المهدي) ،أمس الاثنين، في حي التيمية في البصرة (احد المعاقل الرئيسة لمليشيا الصدر). اعقب ذلك مواجهات عنيفة في المدينة بين مليشيا الصدر (جيش المهدي) والاجهزة الامنية (التي يسيطر على معظمها المجلس الاعلى وحزب الدعوة)، وتفجيرات بمناطق متفرقة من المدينة تصاعدت منها اعمدة الدخان، ثم فرض حضر التجوال في المدينة الى أشعار اخر.
وقد اتخذت الاجهزة الامنية عدت اجراءات أمنية مشددة، أعلن عنها مدير مركز العمليات بوزارة الداخلية اللواء الركن عبد الكريم خلف في بيان له قال فيه: (ان خطة صولة الفرسان تتضمن تعطيل الدوام الرسمي لمدة ثلاثة أيام، وغلق الحدود مع المحافظات الأخرى وعدم استقبال المركبات الداخلة للمدينة، وحظر التجوال من الساعة العاشرة مساء إلى السادسة فجرا وحتى إشعار آخر، إضافة إلى مطالبة الأشخاص والعشائر والمليشيات بتسليم أسلحتهم أو مركبات الدولة التي بحوزتهم).
هذه الزيارات والاجراءات وغيرها تؤكد ما ذهب اليه موحان الفريجي القائد العراقي المسؤول عن الأمن في جنوبي العراق بقوله: (انها الحرب الفاصلة مع المليشيات في البصرة)،حسب قوله، فهل ستكون هذه الحرب فعلا كذلك برغم ما تواجهه وستواجهه من تحديات؟! الاجابة في القابل من الايام.