 |
-
السيستاني والأميركان / صلاح الفضلي
عندما غادر الحاكم المدني للعراق بول بريمر الى اميركا على عجل كانت التوقعات تشير الى انه سيأتي بطرح جديد لأن الامور في العراق وصلت الى وضع من السوء لم يعد بالإمكان احتماله، وهذا بالفعل ما حصل, عاد بريمر وفور وصوله الى بغداد اجتمع الى اعضاء مجلس الحكم وطالبهم بالموافقة على خطة «لنقل السلطة للعراقيين» وفق جدول زمني محدد، وعندما اعترض بعض الاعضاء على التفاصيل هددهم بريمر بأنهم اذا لم يوافقوا على هذا الجدول فإنه سوف يخرج الى الصحافيين ويعلن ان اعضاء مجلس الحكم يرفضون نقل السلطة للعراقيين وعندها اضطر الاعضاء للموافقة على الخطة كما وضعتها الادارة الاميركية.
حديث الاميركان عن «نقل السلطة للعراقيين» كلام حق يراد به باطل, ظاهر الخطة الاميركية ان السيادة ستؤول للعراقيين بنهاية الفترة الزمنية المحددة للخطة، ولكن الآلية التي سيتم بموجبها نقل السلطة للعراقيين هي التي تحمل الكثير من علامات الاستفهام, الخطة تقضي بأن يختار مجموعة من الشخصيات بالتعيين من كل محافظة عراقية ليكونوا المجلس الوطني الذي يقوم بدوره بتشكيل الحكومة الدائمة ويختار لجنة لصياغة الدستور الجديد.
الخطة الاميركية لم تكن قابلة للنقاش بل هي جاءت بأوامر صارمة لمجلس الحكم بوجوب قبولها والعمل على تنفيذها فورا، ولكن معارضة الخطة جاءت من حيث لم يحتسب الاميركان, الوقوف في وجه الخطة الاميركية لم يأت من قبل القوى السياسية العراقية بل جاءت من المرجعية الشيعية ممثلة بالسيد علي السيستاني المرجع الشيعي الاعلى الذي انتقد بشدة هذه الخطة باعتبارها تغيب ارادة الشعب العراقي حيث انها لا تشير الى مسألة الانتخابات, السلطة الاميركية في العراق وقعت في حرج شديد بعد تدخل المرجعية فهي لا تستطيع تجاوزها، وهي تدرك ان تجاهل المرجعية وخصوصا السيد السيستاني صاحب اكبر عدد من المقلدين من بين مراجع الشيعة سوف يعرقل اي خطة يسعون لها، وبالتالي فإن اعادة النظر في الخطة اصبح امرا لازما.
تدخل السيد السيستاني واصراره على ضرورة ان تكون الحكومة منتخبة وان تتم صياغة الدستور من خلال لجنة منتخبة مع مراعاة عدم تعارض الدستور المنتظر مع الشريعة الاسلامية يؤكد على ان المرجعية الشيعية سوف تكون عقبة قادرة على عرقلة خطط الادارة الاميركية في العراق, التدخل القوي والحاسم من قبل السيد السيستاني ينفي صفة السلبية التي كانت توصف بها المرجعية الشيعية ويؤكد انه سوف يكون لها دور مؤثر جدا في مجريات الاحداث في العراق، وهذا التدخل سوف يشكل سندا قويا وورقة ضغط للقوى السياسية الرافضة للمشروع الاميركي وهذا ما اتضح في تصريح السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية من كون المرجعية الدينية الشيعية تتحفظ على الخطة الاميركية «لنقل السلطة».
لعل آخر ما كانت تتمناه الادارة الاميركية ان تتدخل المرجعية الشيعية في الشأن السياسي للعراق، فلدى الاميركان في العراق ما يكفيهم من مشاكل، وبالتالي فإنه لم يكن ينقصها مثل هذا التدخل القوي من قبل المرجعية الشيعية التي ستكون حتما رقما صعبا في المرحلة المقبلة.
كاتب كويتي
salahma@yahoo,com
http://www.alraialaam.com/07-12-2003/ie5/articles.htm#2
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |