
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طركاعة1
http://iraqshabab.com/index.php?opti...=1887&Itemid=1
شباب العراق/خاص:انعقد اليوم الجمعة في مدينة النجف الاشرف المؤتمر الثاني لتخليد ذكرى المفكر الاسلامي الكبير آية الله العظمي السيد محمد باقر الصدر (رض ) بحضور جمع من العلماء و المفكرين و اصحاب الرأي و بعض الساسة العراقيين.
و فيما يلي النص الكامل للكلمة الافتتاحية التي القيت في المؤتمر نيابة عن راعي المؤتمر دولة الدكتور ابراهيم الجعفري:
بسم الله الرحمن الرحیم
( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً یمیشی به فی الناس کمن مثله فی الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ) الانعام – 122
الاخوة الحضور الاكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكبر فيكم اجتماعكم المبارك هذا وهو يستهدف ابراز بعض من جوانب شخصية المرجع الديني الكبير والمفكر الاسلامي السيد محمد باقر الصدر (رض) متمنياً لكم تمام الموفقية بخدمة الفكر والمفكرين لاثراء المسيرة الانسانية .
من وحي هذه آلاية القرآنية الكريمة ننتزع احد معاني الحياة .. وهي الحياة المعنوية التي قد ترمز الى المعرفة والقيم التي تتحول الى روح , تدب في الانسان ومن خلاله الى الناس من حوله والناس من بعده وهو وفق اشارة القرآن الكريم بانه نوره يمشي به في الناس . ولم يقل بين الناس لانه ينفذ الى عقولهم والى قلوبهم ويغمرها بالنور المعنوي هذا فيملأ وجدانهم ويعمر الحياة من حولهم.
هذه نقطة افتراق بين من عاش المعرفة والعلم من اجلها وبين من وظفها لاعمار الحياة .. مثل هؤلاء الرجال " رجال النور المعرفي " في الناس يؤسسون لمجتمع جديد . حتى اذا كانوا في عصر الظلمة . يحملون بشائر مجتمع البناء على انقاض مجتمع الخراب .. الاصلاح مقابل الفساد .. الأمل مقابل اليأس .. الحب مقابل الكراهية .. اِنهم افراد لكنهم يحملون في طياتهم خزين امة .
قد يكون من السهل ان ينبري كتاب ومنظرون معاصرون ليتحدثوا عن الانسان المعاصر . اما ان يكتب مفكر الامس عن عالم اليوم وهو يقفز على كل حواجز الزمن بما فيها من تحديات انهزمت امامها منظومات افكار .. وتراجعت مؤسسات دول .. وهو يعيش واقعاً متراجعاً وعصر غياب الوعي والدولة والثورة والصحوة وحتى الثقافة ورغم كل ذلك يوجه خطابه الواعد ومعرفيته الموصولة الثقة لغده وهو يومنا الذي نعيش فهو من اصعب ما يمكن تصوره .
اشتهر كثيرون ممن كتبوا في مجال ما لكنهم تقلصوا حين تنبئوا كما تنبأ الصدر (رض) .. وقلة منهم من كتب في اكثر من مضمار كما كتب الصدر . ولم يكتب وحسب بل امتد من مجال التنظير الى مجال الاصلاح مستبقاً الظروف التي احاطت به موظفاً قدرته الاستشرافية للمستقبل مكرساً مواهبه المتعددة بكل ما يعمر الحياة وفي شتى المجالات .. وقد كان صادقاً في ما كتب .. ومضحياً من اجل ما كتب .
عودة للآية الشريفة وما اشارت على سبيل المقارنة للأمتثال " كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " هذه الظاهرة " مثله في الظلمات " تشير الى حقيقة التزييف التي تمنى بها بعض المجتمعات التي تضفي صفة القوة على الضعيف والعلم على الجاهل والنزيه على المزيف . ان ظاهرة كهذه احاطت ببعض الافذاذ كما عانى منها امير المؤمنين عليه السلام يوم قال " يأ اشباه الرجال " اولئك الذين ملئوا قلبهم قيحاً وجرعوه الموت أنفاساً .
هذه هي حقيقة المواجهة في العمق وان تشابهت او تماثلت بالظاهر .. في ظروف المحن والأبتلاءات فقط يسقط الغطاء , غطاء الزيف ويتجلى الانسان على حقيقتة .
ما بين انطلاقة الصدر (رض) في نهاية الخمسينات من القرن الماضي الى قراءته نهاية العقد الاول من القرن الحالي يحق له ان يتسائل ويجب علينا ان نجيب .. رغم انه كتب في زمن الحصار ومن بلد محاصر وحمل لواء فكر محاصر أريد له ان يتجمد حتى يتراجع ثم يموت ..
لقد كتب الصدر (رض) وهو يؤسس لبداية طريق بقلم التحدي .. كتب عن امة من وحي ايمانه كيف بنبغي ان تكون لا من وحي كيف هي وكيف تبقى كما هي .. كتب عن فكر القمة في ذلك الحين " الفكر الماركسي " وقد كان دولة وكان وجوداً لملأ عقل النخبة .. وليتحدى الجديد .. لتنخرط فيه نصفية العالم وينافس النصفية الاخرى وحكم على فكر القمة هذا بانه ليس قمة الفكر رغم كل ما أوتبت له من وحي وكرست له من امكانات . كما لم يفلت فكر القمة الاخر الذي تمثل " بالفكر الرأسمالي " من نقده العلمي ..
ولم يقتصر الصدر في نقده لفكر القمة بل امتدد للمنهجية بالعمل ولتفسير التاريخ ولم يتردد عن توجيه النقد الى الذات في كل مجالاتها .
اننا امام مسؤولية تفهم تلك القدرة الأخاذة التي اصابت قراءة الواقع المعاصر ورسمت صورة الواقع الطموح ...
ان اصحاب الفكر ورواد المعرفة وأرباب الثقافة مدعوون اكثر من غيرهم ان يقفوا امام الفكر الذي تكفل بصنع واقع والمفكر الذي وقف خلف ذلك الابداع .. وتميٌزه عن الفكر الذي عكسه واقع ما وانتهى بانتهاء ذلك الواقع ..
هذه إشارة لقراءة فكر الصدر بعد الخمسين ما بين زمن الانطلاقة وزمن الاستمرار ..
عالم اليوم عالم العولمات ومنها العولمة الفكرية وهي في زمن اختزال المسافة واختفاء الحصار الثقافي .. يمثل زمن الانعتاق الفكري هذا وتوفر المناخ الحضاري الذي يعالج مشاكل الانسان ويبني حياته على اسس حضارية تكون المسؤولية على أوجها لتصل بالحضارات الى التكامل وتفتح امامها افاق التفاعل البناء او التعاطي الواثق دون ان تعيش شبح الصراع الحضاري والصدام المتهور وفق اليات القوة وهيمنة المادة .. وتزييف الاعلام .. التي تحاول ان تفرض على انسان اليوم فكر القوة وتنتزع منه فكر الفطرة التي جبله الله تعالى عليها وعرٌف بين ابناء البشرية على
ضوئها.
( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عن الله اتقاكم )
وحين نعيش فكر الصدر وقيمه لتجنب الصراع الحضاري ومد جسور الانسانية لتقوية الاواصر بينها فنحن ومن باب الاولوية ان نجسد ذلك الفكر و تلك القيم في واقع الاقربين .. لنكون قد استجبنا لنداءاته المدوئية ..
اين انتم من وحدة الصف ؟
واين انتم من إقامة دعائم العدل ؟
واين أنتم من اشاعة لغة الحوار والابتعاد عن السلاح ؟
واين انتم من اشادة دولة القانون ؟
واين أنتم من مواكبة التقدم وأعمار الحياة في كل جوانبها ؟
ماذا قدمتم من مشاريع حل للمعذبين .. ولم لم تتفتق قابلياتكم كي تتسابقوا في مجال
الاعمار والتنمية ؟
لم لم تتفتحوا بثقة على الأخر المتقدم كي تأخذوا منه ؟
ولِم لم تفتحوا ابوابكم للآخر المتأخر كي يأخذ منكم ؟
لم لم تجعلوا من الفكر العادل اسساًَ لبناء دولتكم ؟
ومن تحقيق السيادة وتحسين الظروف المعيشية واستتباب الامن أهدافاً لكم كان فكر الصدر يكمل حلقاته مترابطاً بنظام واحد هو ناظم العدالة التي تتطلع له البشرية جمعاء .
د.ابراهيم الاشيقر الجعفري
بتاريخ 16/ربيع الثاني/1429ه
23/4/2008 م