 |
-
على ضوء الاتفاقية الامنية العراقية الامريكية (شيعة العراق يحددون مصير الوطن)
خبراء أمريكان:ترحيب كردي-سني بقواعد امريكية والسيستاني يملك الكلمة الاخيرة بشأن الاتفاقية
معلومات المراكز الاستراتيجية الامريكية في العراق
ازرقأحمراصفرأخضرورديبرتقاليابيض
١٤/٠٦/٢٠٠٨ السبت ١٠-جماد ثاني-١٤٢٩ هـ
--------------------------------------------------------------------------------
بداالمالكي أمام العراقيين كقائد قوي
حذر باحثان أميركيان بارزان في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن من تداعيات سوء إدارة واشنطن لملف المفاوضات مع بغداد حول الاتفاقية طويلة الأمد بين البلدين، وشددّا على أن اتباع بغداد لسياسة حافة الهاوية قد تترتب عليها نتائج وخيمة على الحكومة العراقية.
وفي مؤتمر صحافي شارك فيه "راديو سوا" عبر الهاتف، قال البروفيسور ولي نصر أستاذ السياسة الدولية في جامعة تفتس الأميركية والباحث في الشؤون الشيعية إن المفاوضات بين بغداد وواشنطن حول الاتفاقية الأمنية بينت ضعف التخطيط السياسي لدى الجانب الأميركي فيما يتعلق بإدارة ملف العراق، بينما أشار ستيف بيدل الباحث في الشؤون الدفاعية وملف العراق إلى أن عملية تغيير مهام القوات الأميركية في العراق من القتال إلى حفظ السلام حصلت من دون تخطيط.
وقد عاد بيدل ونصر من جولتهما الميدانية في العراق، وطرحا في المؤتمر الصحافي ملخصا لهذه الجولة التي استضافهما فيها الجنرال ديفيد بتريوس واجتمعوا خلالها بقادة عسكريين أميركيين وزعماء وسياسيين عراقيين، وتحدثا عن التغييرات التي شهدتها الساحة العراقية خلال العامين الماضيين.
فيما يلي ترجمة لأهم ما جاء في المؤتمر الصحافي:
ستيفن بيدل:
منذ منتصف عام ٢٠٠٧ شهدت المعادلة العسكرية تغييرا مهما سببه على الأغلب الأخطاء الكبيرة التي اقترفها أعداؤنا وعززتها بعض السياسيات الصائبة من جانبنا ولكن النتيجة المهمة من كل هذا أن هذه النتيجة تم التوصل اليها عبر المفاوضات وليس الحلول العسكرية.
وفي زيارتي الاخيرة الى العراق في تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٠٧ فإن مفاوضات وقف اطلاق النار أدت إلى انخفاض كبير في نسبة العنف في المناطق الوسطى والغربية من العراق لأن الجماعات المسلحة هي التي قررت أن توقف القتال.
من القتال إلى حفظ السلام.. ثم الشرطة
لقد تحولت مهمة الولايات المتحدة من مواجهة المتمردين كما كنا نفهمها من قبل إلى مهمة اقرب إلى حفظ السلام منها إلى القتال، وانتهى بنا الأمر للعمل كشرطة للمحافظة على اتفاقات وقف اطلاق النار التي وقعها المقاتلون ومراقبة احترام شروطها.
أعتقد أن العاملين الذين شهدا تغييرا منذ نوفمبر ٢٠٠٧: الأول هو ترك قضايا عديدة بدون حل أو احتفاظ مقاتلي القاعدة والجماعات السنية المسلحة بمعاقل مهمة لهم لا سيما في الموصل.
وفي الجنوب أيضا بقيت قضايا عالقة بدون حل بين الميليشيات والفصائل الشيعية حيث فضلوا التوصل إلى هدنة فيما بينهم على طريقة عصابات المافيا وهي أن مصالحهم ستتحقق بشكل أفضل عن طريق تدفق الاموال عليهم من الجنوب بدلا من الاقتتال فيما بينهم.
هاتان القضيتان لم يشملهما الحل في نوفمبر ٢٠٠٧، ولكن نتيجة لسلسلة من العمليات العسكرية الناجحة والسياسة الصحيحة فإن هاتين المشكلتين هما اقرب الى الحل من اي وقت مضى.
الأمر الثاني هو التغيير الكبير الذي طرأ على جاهزية قوات الأمن العراقية التي شهدت تطورا في قابلياتها، الا انها ايضا قد تسببت في ايجاد تحديات جديدة اعتقد ان القادة الاميركيون في العراق لم يدركونها حتى الان وتتمثل بمسألة التأثيرات السلبية لنشوء قوات عراقية قادرة على العمل بصورة مستقلة عن القوات الاميركية، وما قد يمكن ان يعنيه ذلك في السياسات والمصالح الأميركية في العراق، ولكن الدلائل تشير إلى أننا نتجه أكثر فأكثر نحو التقليل من محاربة المتمردين والتحول الى قوات لحفظ السلام، ومن المرجح أن تستمر الأمور بهذه الطريقة إلى أن نواجه مشكلة جدية عندما ستنهار إتفاقيات وقف اطلاق النار.
والتحدي الرئيس الذي ستواجهه الولايات المتحدة في الأشهر المقبلة هو الإبقاء على هذا الوضع الذي خفض من مستوى العنف الى حد كبير.
ولي نصر:
أعتقد أن ما نشاهده اليوم في العراق هو نتيجة لاتفاقات وقف النار مع الجماعات المسلحة والعراق نجح في الانتقال من دولة فاشلة الى مرحلة الاستقرار الهش وهناك الان مجال للتفكير في بناء الدولة ومؤسساتها السياسية.
أعتقد أنه من المهم جدا الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ورغم كل المكاسب التي حققتها في العراق، فإن هذه المكاسب لم تسهل عليها إيجاد سبيل لها للخروج من هناك، ويجب أن تنتقل مهمة الاميركيين الان من الأمن الذي يجب أن نبقى حذرين إزائه إلى القيام بمزيد من العمل لبناء مؤسسات الدولة.
ولاحظنا أن الأميركيين منشغلون بتنفيذ مهام مثل إعطاء قروض صغيرة للعراقيين إلى جمع القمامة ومحاولة إيجاد وظائف للعاطلين أو تدريبهم على مهن معينة، وتغير الاتجاه من التفكير في الشؤون الامنية الى كيفية استمرار الدولة العراقية في أداء مهامها.
أزمة "أبناء العراق"
هناك أمور مقلقة تلوح في الأفق مثل ومنها ان العديد من المكاسب الأمنية التي حققناها تمت عن طريق "أبناء العراق" ومجالس العشائر من الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأميركية ولكن هؤلاء ليست لديهم علاقة مع الحكومة العراقية ولاتريد القوات الأمنية ضمهم إلى صفوفها وهناك مشكلة في التعاطي معهم فأعدادهم تصل إلى مائة الف عنصر تريد الحكومة العراقية تخفيضهم إلى خمسة وسبعين ألفا مع ان هناك طلبا متزايدا من الشباب للانضمام إلى مجموعات الصحوة و"أبناء العراق".
وأعتقد ان هذه مشكلة لأنه كلما تعززت القوات العراقية، كلما قلت الحاجة لاستيعاب هؤلاء الشباب ولا أدري كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع هذه المشكلة؟
المشكلة الاخرى هي طبيعة الحكومة العراقية، فالخبر الجيد هو أن المالكي أظهر علامات القوة والحزم في عمليات البصرة مما أكسبه بعض الشعبية بين العراقيين الذين يحبون القادة الأقوياء.
ولكن الحكومة العراقية تبقى لحد كبير غير كفوءة في أداء مهامها وتعتمد إلى حد كبير على الولايات المتحدة، وقد انهارت العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد والسلطات المحلية في المحافظات.
الانقسامات داخل الأحزاب الشيعية
وحسب الانطباعات التي كونتها عبر الحديث مع العديد من السياسيين في بغداد، فإنه رغم وجود اتئلاف شيعي يقود دفة الحكم، إلا إن هناك انقسامات عميقة بينهم حول ثلاثة أمور أحدها انتخابات مجالس المحافظات التي ستعقد في أكتوبر، ونشاهد الكثير من الاستعدادات ليس فقط في أوساط السنة بل الشيعة أيضا، وتظهر الدلائل أن الأحزاب الشيعية الكبيرة فشلت في استقطاب القوى الصغيرة الاخرى وهي تخسر نفوذها لصالح قوى جديدة بدأت تظهر في البصرة والنجف وبغداد وتتحدى المجلس الاعلى الاسلامي وحزب الدعوة.
وهناك الكثير من الانقسامات في صفوف الشيعة حول موقفهم من مقتدى الصدر والتيار الصدري وكيفية التعامل معه، هل يستوعبونه أو يحاربونه عسكريا أو يدعوهم يستمرون في العملية السياسية، ومن غير المعروف حتى الآن إن كان الصدريون سيشاركون في الانتخابات.
وأعتقد أن أكبر غيمة سوداء تتشكل حاليا في الأفق تتلخص في الانقسامات العميقة في الحكومة العراقية حول الاتفاقية الامنية فهناك رد فعل وطني ضدها حتى داخل الحلقة المحيطة بالمالكي نفسه، وهم يتطلعون الآن إلى النجف وبالأخص إلى آية الله السيستاني لإعطائهم التعليمات حول كيفية التصرف في هذه القضية.
واعتقد أن المشكلة مع الحكومة العراقية تبقى بشكل عام مقلقة لأن الكثير مما تريد الولايات المتحدة إنجازه في العراق وخاصة الحفاظ على وقف إطلاق النار يعتمد على وجود حكومة قوية وفعالة في بغداد وهذا أمر يصعب تحقيقه حاليا، وأعتقد أن المرحلة المقبلة التي تعد الأكثر أهمية هي الستة أشهر أو ١٢ شهرا القادمة.
سؤال موجه إلى ولي نصر: "أريد العودة إلى موضوع الاتفاقية طويلة المدى بين بغداد وواشنطن، هل المقاومة التي يبديها العراقيون لهذه الاتفاقية وبعض المشاعر الوطنية ضدها هل تأتي أساسا من الشيعة أم أن السنة والأكراد لديهم الموقف ذاته؟ وكيف تنظر القوات الاميركية إلى هذه الاشكالية وما هي الامور التي يعتبرها الاميركيون الأكثر أهمية في هذه المفاوضات؟
جواب ولي نصر:
لم اتحدث مع سياسي كردي بارز حتى أعرف وجهة النظر الكردية، ولكني تحدثت إلى العديد من المسؤولين الحكوميين وخاصة الشيعة والمشكلة هي أن حكومة المالكي وقبل محاولتها كسب الدعم الكردي والسني لها، لديها مصاعب حتى مع حلفائه وقد أخبره آية الله السيستاني أن أحد شروطه لقبول الاتفاقية هو وجود إجماع عليها بين الأحزاب السياسية العراقية موافقة مجلس النواب عليها، مما قد يتطلب من المالكي تشكيل إجماع وطني حولها، ولكنه لم يبدأ لتحقيق هذا المسعى حتى الآن.
قلق من عودة التجربة البريطانية
المعركة الرئيسة حتى الآن هي وجود عناصر داخل المجلس الأعلى وداخل حزبه أي حزب الدعوة، يعتقدون أن الاتفاقية ستنتقص الكثير من السيادة العراقية مما يذكرهم بالعراق في الثلاثينات عندما زعم البريطانيون أنهم أعطوا العراقيين السيادة ولكنهم عادوا وانتزعوها منهم عبر سلسلة من المعاهدات.
القواعد الأميركية: ترحيب سني – كردي وانقسام شيعي
وهناك أيضا الكثير من الضغوط تأتي من إيران لإضعاف موقف الحكومة العراقية في صفوف الشيعة، ولكن القضايا التي يختلف عليها الشيعة تختلف عن تلك التي يختلف عليها الأكراد والسنة. فالأكراد مثلا ليس لديهم اعتراضات على وجود قواعد أميركية دائمة وخاصة في المناطق الكردية بل ينظرون إليها كامتياز، والسنة حاليا منفتحون أكثر على فكرة وجود أميركي في العراق ولكن الشيعة منقسمون حول قضايا مثل القواعد العسكرية أو استخدام الاراضي العراقية كمنطلق لشن عمليات هجومية ضد إيران أو إفساح المجال لاستخدام الأجواء العراقية بدون قيود.
وأنا أرى أن كل هذه المجموعات تتفق على رفض قضايا معينة مثل إعطاء حصانة قضائية للمتعاقدين الأمنيين أو قضايا تمس بوضوح السيادة العراقية.
ستيفن بيدل:
أتفق بقوة مع نصر ولي حول النقاط التي ذكرها، وبخصوص المخاوف من الوجود العسكري، فهناك مسألتان مثل إعطاء صلاحية للقوات الأميركية باحتجاز مواطنين عراقيين، فعلى سبيل المثال إذا قامت وحدة أميركية بعملية مداهمة لتطهير إحدى الأحياء من الجماعات المسلحة فإنهم لايريدون أن يتم تقييدهم باعتقال فقط الاشخاص الذين لديهم مذكرة قضائية باعتقالهم مما سيمكن البعض من الاستفادة من هذا الوضع.
الاميركيون ما زالوا يشعرون ان الحرب ما زالت شبه مستمرة وتحتاج إلى أداء حربي وليس إلى تقييدات قانونية تعيقهم عن عمليات القتل أو الاحتجاز ولهذا هم مصرون على حقهم في احتجاز من يروه مشبوها أثناء تنفيذ عمليات التفتيش والمداهمة.
وقضية القواعد لها ايضا علاقة بتغير مهمة القوات الاميركية على الارض منذ عام ٢٠٠٧ فنحن منذ ذلك الوقت لا نقوم بشن العمليات انطلاقا من قواعد عسكرية كبيرة موجودة وسط الصحراء مثلا، ومعظم الانشطة العسكرية لقواتنا البرية تشن عن طريق وحدات صغيرة وبالمشاركة مع القوات العراقية.
إذا، الموضوع لا يتعلق بما إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في وجود عدد من القواعد العسكرية داخل العراق أم لا وهذا يأخذ وقتا كثيرا من المفاوضين، فأغلب قواعدنا الآن موزعة على مواقع قتالية عديدة وليست أميركية محضة، إذا كيف يمكن التأكد من أن لدينا الإمكانية للاستمرار في ما نفعله في خوض معارك مشتركة مع العراقيين وهذا يحدث لأسباب مختلفة وليس فقط لتحسين أداء هذه القوات بل للمراقبة والتأكد من عدم وجود تصرفات طائفية داخل هذه الوحدات، وأعتقد أن الإبقاء على هذه الوضعية مهم مادامت الأمور تمضي قدما.
سؤال: أفهم هذا، ولكن نحن ما زلنا نحتفظ بقاعدة رئيسة في بعقوبة وأخرى بالقرب من الناصرية؟
بيدل: نعم ما زال لدينا عدد من القواعد الكبيرة الثابتة تقوم بتأدية وظائف متنوعة تختلف عما كانت تفعله في عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٦. هذه القواعد تعمل الان على شكل مواقع لتقديم الدعم اللوجستي، ليس الا.
سؤال: ولكن مازال بالإمكان استخدم هذه القواعد لشن عمليات خارج العراق.
بيدل:
نعم بالإمكان استخدام هذه القواعد لهذا الغرض ومن الواضح أن العراقيين قلقون من إمكانية أن تلعب هذه القواعد هذا الدور ولكن بالتأكيد نحن لا نريد العودة إلى مرحلة عام ٢٠٠٥ حيث كانت لدينا قواعد ضخمة نبقى مربوطين داخلها.
سؤال: اختلاف مواقف المرشحين الديمقراطي والجمهوري حول الموقف من العراق، فماكين يقول إنه يأمل بسحب القوات الاميركية عام ٢٠١٣ وبشرط الخروج منتصرين فيما أوباما يقول إنه سيسحب القوات خلال ١٦ شهرا من توليه الرئاسة.
اذا اخذنا بنظر الاعتبار كلامكما حول التقدم الحاصل في العراق، هل يمكن ان نقول ان الاختلاف في مواقف اوباما وماكين هو اقل مما يبدو.
بيدل:
أعتقد أن هذا ممكن لأن الاختلافات بدأت بسبب إعتقاد الكثيرين أننا خسرنا الحرب في العراق فعلا أو استحالة أن ننتصر فيها أو تحقيق أي أهداف اخرى أكثر مما تحقق ولهذا علينا الانسحاب وإنهاء خسائرنا هناك.
إذا بقيت الأمور مثلما هي عليه اليوم من استقرار نسبي فإن هذا يوفر فرصة لتخفيض عديد قواتنا هناك من منظور مختلف، اي بسحبها بعد أن يتحقق الاستقرار في العراق وليس بسبب تقليل الخسائر نتيجة فشل جهودنا هناك.
وإذا نظرنا إلى تغير دور قواتنا في العراق من محاربة الإرهاب إلى حفظ السلام وقارناها بالعملية التي نفذناها في البلقان بإبقاء قواتنا هناك لتنفيذ مهمة حفظ السلام ومنع الفرقاء المتصارعين من العودة إلى الاقتتال ثم الانسحاب التدريجي ونجحنا في ذلك ويمكنكم تصور سيناريو شبيه بهذا في العراق الذي سواء نجح ماكين أو أوباما ربما يعطيهما الفرصة إذا بقيت الأمور مستقرة في العراق لتخفيض عديد قواتنا هناك التي تقوم بدور الشرطي للتأكد من عدم اندلاع نزاعات جديدة.
-أتفق مع سيتفن بيدل، إلا أن السؤال يبقى فيما اذا ما كان الاستقرار الذي نتحدث عنه في العراق سيصل الى مستوى ثابت ومطمئن الى درجة ان يجعل تكرار تجربة البلقان في العراق تصبح ممكنه.
الدور الإيراني
سؤال: هل يمكنكما الحديث عن دور إيران كما رأيتماه على ألارض، فالإدارة الاميركية تشتكي من قيامها بتدريب الميليشيات، ويدفعني الفضول للسؤال عن ما هي الاستراتيجية طويلة المدى التي علينا إتباعها في العراق؟
ولي نصر:
ما زال الدور الإيراني في العراق يتمظهر في أوجه عديدة فهي تعمل مع الحكومة ولديها صلات بالأحزاب المسيطرة مثل حزب الدعوة المجلس الأعلى ولكن لديها ايضا روابط عميقة مع عناصر في جيش المهدي وهناك دلائل أنها تقوم بتطوير ما يعرف بالمجموعات الخاصة المنتمية لجيش المهدي ذاته، وما حدث من عمليات أمنية في مدينة الصدر يفتح السؤال حول ما الذي حدث لهذه المجموعات الخاصة وعناصر جيش المهدي؟ الكثير من المراقبين على الأرض يعتقدون أنهم أخلوا مواقعهم واتجهوا إما إلى إيران أو إلى مدن اخرى مثل العمارة أو الشمال منها ويعدون أنفسهم لمواجهات اخرى لاحقا.
أعتقد أن الإيرانيين لديهم السياسة ذاتها التي كانت لديهم سابقا والاهداف ذاتها المتلخصة بالحفاظ على وحدة الصف الشيعي لتوسيع نفوذهم ومساعدتهم على الاحتفاظ بالسلطة وتحاول أيضا تقليص الوجود الأميركي في العراق، ليس فقط على صعيد تخفيض قواتهم بل قضايا مهمة اخرى مثل الحفاظ على قواعد أميركية دائمة في العراق واحتمال استخدام العراق كمنطلق لشن عمليات ضد إيران وأعتقد أن الإيرانيين يودون رؤية أميركا وهي مهانة ومهزومة في العراق حتى ولو بشكل رمزي مما سيردعها عن التفكير بالهجوم على إيران.
السؤال المثير للاهتمام هو ما إذا كان بإمكان إيران تحقيق هذه الأهداف في هذه المرحلة، ولدي شكوكي من إمكانية نجاحهم في التعامل مع جيش المهدي بالطريقة التي كانوا يتبعونها في السابق أي تحريضهم على اعمال العنف والإبقاء على الميليشيا واستخدامهم كأداة قوة والإبقاء في الوقت ذاته على العلاقة الطيبة التي تربطهم بالحكومة العراقية.
وأعتقد أيضا أن عمليات البصرة ومدينة الصدر أخذت الإيرانيين على حين غرة والتي اعتبرت نكسة لهم رمزيا وواقعيا ولكني أعتقد أن هناك أيضا قضية الجيش العراقي والدور الذي لعبه حيث نظر الإيرانيون والسعوديون والكويتيون إلى ظهور جيش قوي، لأنه لا أحد في المنطقة كان مهيأ لظهور جيش عراقي قوي كما رأينا في البصرة ومدينة الصدر، ليس فقط على صعيد فرض الأمن بل أيضا كقوة في الساحة السياسية والشعبية التي اكتسبها الجيش في البصرة وبغداد واضحة، وعند اتجاهنا نحو بغداد رأينا الكثير من الشعارات المكتوبة على الجدران تمتدح الجيش العراقي، حتى في مناطق مثل الكاظمية وأعتقد ان هذا الامر قد يقلق الإيرانيين ويدفعهم إلى تعديل سياستهم نحو العراق بسبب الدور الذي سيلعبه الجيش في المعادلة السياسية.
لكني أعتقد ان إيران ما تزال هناك وماتزال تحاول الحفاظ على موقعها وتتفاعل مع المعطيات الموجودة على الارض مثل اتفاق وقف اطلاق النار التي اشار اليها ستيفن بيدل وتعمد إلى إعادة تجميع وتحشيد القوات في مدينة الصدر.
الصدر وإيران
اعتقد أن اللعبة الإيرانية الآن تتلخص في محاولة احتواء واستيعاب المتغيرات التي نراها حاليا وتحاول إيجاد وسيلة لإعادة مقتدى الصدر إلى الساحة السياسية وتشتيت الانتباه عن الاحتقانات الموجودة في الصف الشيعي العراقي وتشتيت الانتباه عن المجموعات الخاصة وجيش المهدي ولهذا يحاولون تحشيد العراقيين للوقوف ضد الاتفاقية الامنية مع واشنطن لأن هذا سيفيدهم جدا.
انخفاض شعبية المجلس والدعوة.. وصعود الصدريين
سؤال: لماذا تتحالف الولايات المتحدة مع طرفين شيعيين بدأا يفقدان شعبيتهما ونفوذهما مثل المجلس الاعلى وحزب الدعوة، فالجعفري انشق عن الدعوة مؤخرا، ويبدو ان المجلس الاعلى لا يتمتع بقبول شعبي كبير بين الجماهير.
ولي نصر:
أنت محق تماما فقد رأينا إشارات متناقضة، فمثلا المجلس الأعلى قد يحصل على نتائج جيدة في الانتخابات القادمة في البصرة مثلما حصلوا على نتائج طيبة سابقا والمعركة في البصرة بين حزب الدعوة والمجلس الاعلى ومن المرجح أن يفوز المجلس في انتخابات النجف وكربلاء أما في باقي المحافظات الجنوبية وفي بغداد فإنهم ربما يخسرونها لصالح الصدريين في حال قرروا المشاركة في الانتخابات.
أما بخصوص انبثاق بعض الأحزاب الصغيرة المستقلة فهذه ستكون مشكلة كبيرة لهذين الحزبين، فبعد عامين أو ثلاثة من الوجود في السلطة فان الاحزاب الكبيرة لم تتمكن من استقطاب الاحزاب الصغيرة الاخرى، فنرى نحو ٥٠٠ كيان قد سجلوا لدى اللجنة العليا المستقلة للانتخابات وأغلبهم في الجنوب، وفي حال وجود احزاب صغيرة مستقلة تنافس الاحزاب الكبيرة فهذا قد يؤدي إلى مزيد من ضعف الاجهزة الحكومية مما هي عليه اليوم.
كيف استفادت الأحزاب الشيعية من طرح ملف الاتفاقية؟
لهذا فان الاحزاب الشيعية الكبيرة استفادت من طرح الاتفاقية طويلة الامد والضجة التي نتجت عنها حتى الان لأنها شتت انتباه المواطنين بعيدا عن الفساد والقضايا الاخرى.
سؤال: اذا هل سيخسر حزب الفضيلة الاسلامي الانتخابات ويفقد منصب المحافظ الذي هو الان من حصتهم في البصرة؟
ولي نصر:
هذا أحد التوقعات ولكن لا شيء مؤكد حتى الان، فالفضيلة فازت في الانتخابات السابقة لأن المجلس الأعلى حكمت البصرة عبر اثنين من اعضائها، فاستفادت الفضيلة من ذلك، أما الآن فحزب الفضيلة لا يسيطر نهائيا على البصرة، وشهدنا في البصرة أن الحكومة طهرت المدينة وخلصتها من العناصر الاجرامية وإذا لم تقم الحكومة بحملة إعمار سريعة هناك فإننا سنرى الامور تتغير.
المجلس وشعبية المالكي في البصرة
حاليا حزب الفضيلة لا يتمتع بأية شعبية في البصرة بل الذي يتمتع بالشعبية هناك هو المالكي ولكن المالكي ليست لديه قاعدة سياسية ليفوز هناك، فيما المجلس الأعلى لديه مثل هذه القاعدة وعن طريقها يستطيع تنفيذ بعض المشاريع ويجير المكتسبات العسكرية والأمنية لصالحه، ولكن إذا فشلت الحكومة في تنفيذ مشاريع خدمية والقت الاتفاقية الامنية مع واشنطن ظلالها عليها فقد تتغير الامور ولكن الفضيلة حاليا لا تبدو لي في موقع يسمح لها بالفوز في الانتخابات.
ستيفن بيدل:
هذه لحظة سياسية مهمة للمالكي فهو بعد نجاحه في تنفيذ عمليات البصرة ومدينة الصدر بدا أمام العراقيين كقائد قوي وإذا استطاع المالكي تقديم الخدمات الضرورية للعراقيين فيمكننا تصوره وهو يبني لنفسه قاعدة سياسية لا يملكها حاليا وإذا كان سيفعل هذا أم لا فهذا يعتمد على إمكانية تنفيذ وزرائه لهذه المشاريع وهم فشلوا في ذلك حتى الآن ولكن توجد الان احتمالية لذلك.
سياسة حافة الهاوية
سؤال: إلى أي مدى تعتقد ان المفاوضين يلجأون الى اعتماد سياسة حافة الهاوية Brinkmanship في مفاوضاتهم؟
ستيف: نعم أنا اعتقد بأنك محقة هناك الكثير من الاستخدام لهذه السياسة [ إطلاق التهديدات لايصال الخلافات الى مستوى الازمة بغرض اخافة الطرف الاخر لدفعه الى تقديم تنازلات]. المشكلة هي انك قد تسقط من الحافة نحو الهاوية نتيجة للتصعيد. غالبية القادة العراقيين يدركون أنهم مازلوا بحاجة الى التواجد العسكري الاميركي وأنهم لن يتمكنوا من الصمود لوحدهم على الرغم من أن القوات العراقية قطعت شوطا كبيرا.
المشكلة أن ما يقومون به الآن من خلال تحشيد الجماهير ضد الاتفاقية سوف يجعل موقفهم في غاية الصعوبة في نهاية المطاف، لأنه سيتوجب عليهم القبول بالتسوية من أجل ضمان بقاء القوات الأميركية بصورة قانونية في العراق.
هناك الكثير من المحادثات حول تمديد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لسنة أخرى، على سبيل المثال، وهذا سيجعل المباحثات تنتقل من مناقشة تفاصيل الاتفاقية الأمنية بين البلدين (Status of Forces Agreement) الى مناقشة تفاصيل قرار جديد لمجلس الأمن UNSCR ليعطي الغطاء القانوني لبقاء القوات الاميركية في العراق.
سؤال: ما مدى تأثير الهيجان الشعبي ضد الحكومة بسبب الفساد وعدم الكفاءة والطائفية على الاحزاب الشيعية الحاكمة التي هي تشهد انقساما منذ الآن؟ وهل سيكون هناك تأثير على انتخابات عام ٢٠٠٩؟
ولي: أنا أتفق مع ستيف في ان الحكومة العراقية تستخدم سياسة حافة الهاوية مع المفاوضين الأميركيين. فهم يفكرون بأن الولايات المتحدة مستميتة من أجل عقد هذه الاتفاقية، وكلما زاد الإنتظار كلما زادت فرص حصولهم على ما يريدون من واشنطن.
ولكن، على مستوى الواقع، الكثير منهم يتحدثون عن أن الضغط الإيراني متواجد بشدة، والمالكي في غاية القلق من أن ينتهي به المطاف إلى قبول التسويات وتوقيع الاتفاقية، الأمر الذي يعرضه إلى الانتقاد، وبالتالي فانه سيفقد كل المكاسب التي تم إحرازها في الآونة الأخيرة.
أيضا، بعض السياسيين العراقيين الشيعة أخبروني بأن الاتفاقية في الواقع مرهونة بموافقة السيد السيستاني، فإذا قال لا في النهاية، فلن تكون هناك اتفاقية. لذا فأنا اعتقد بأن هناك استخدام لسياسة حافة الهاوية ولكن في بعض الحالات هناك الامر لا يتعدى كونه ضغطا سياسيا حقيقيا.
بالنسبة للنقطة التي طرحتها، أعتقد بأنك على حق، هذه الحكومة، من وجهة نظري، حققت مكاسب سريعة وحماسة سريعة تولدت من نتائج قواتها في البصرة ولكنها اظهرت في نفس الوقت انها عاجزة في مجال اعادة الاعمار.
فالحكومة خصصت مؤخرا مئة مليون دولار لإعادة إعمار البصرة، ولكن المحافظ لا يريد هذه الاموال ولقد أوكلت مهمة توزيع المبلغ إلى وزير العدل الذي لا يملك القابلية أو الرغبة للموضوع، الشيء الوحيد الذي تراه هناك هو أن القوات البريطانية أو الأميركية توظف الناس لجمع النفايات او تقديم دعم مالي في مجال انشاء المشاريع الصغيرة.
لذلك فمن السهل جدا أن نرى أن هذه الحكومة ستستمر في الاخفاق في تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية وإحراز تقدم في بناء مؤسسات الدولة، الأمر الذي يعني أن وجودنا هناك يساعد في ملئ الثغرات التي تتركها الحكومة ليس فقط في المجال الأمني ولكن في مجال ضبط الأموال المتدفقة من الحكومة إلى المحافظات والقيام بالمهات التي يقوم بها البنك الدولي أو الأمم المتحدة.
نجاح الانتخابات البرلمانية يمر عبر مجالس المحافظات
إن الانتخابات البرلمانية تعتمد على انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها مطلع تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، إذا ما جرت انتخابات الشهر العاشر وإذا ما نجحت وعبدت الطريق للتساؤلات السياسية التي ستكون دليلا للانتخابات البرلمانية، فستجري تلك الانتخابات.
ولكن إذا ما عادت أعمال العنف، ولم تجر انتخابات مجالس المحافظات، فستكون هناك تساؤلات حقيقية حول إمكانية إجراء انتخابات برلمانية عام ٢٠٠٩ .
أنا أعتقد أن هذا السؤال يبقى مفتوحا، على الرغم من مجموعة الانجازات التي أحرزت في العراق، لا يزال هناك الكثير من الهشاشة، وكل هذا مهدد بالانهيار، ليس بسبب استراتيجية الولايات المتحدة الأمنية ولكن لأن هذه الاستراتيجية تعتمد بصورة كبيرة على الدولة العراقية التي ما تزال تمثل مشكلة أساسية.
تغيير مهام.. بلا تخطيط
سؤال: أود أن أسأل عن مديات الخطط الأميركية على الصعيد العسكري والسياسي، ما مدى الشفافية التي لمستموها في هذه العملية، كيف تقدرون الوقت الذي يحتاجه الجيش الأميركي لينتقل من مهمة الاقتتال إلى مهمة حفظ السلام وبناء المؤسسات، كما أوصيتم؟
ستيف بيدل:
"أعتقد أن التغيير إلى مهمة حفظ السلام يحدث من غير التخطيط له في أغلب الأحيان، أعتقد أن ما يحدث هو أن القادة العسكريين في مناطق معينة في العراق عندما أشرفوا على وقف إطلاق النار، كما حصل مع جماعات أبناء العراق أو جيش المهدي عندما أوقفوا إطلاق النار، وجدوا أنفسهم في موقع اتخاذ القرار، وقد فعلوا ذلك، وأبدعوا في هذا المجال وأوجدوا طرقا جديدة للسيطرة على أعمال العنف ومعاقبة المقصرين. ولكنهم يفعلون ذلك لأنه يحفزهم على فعل ما يتطلب منهم. لا يوجد، على حد علمي، أي بيان رسمي يشير إلى أن المهمة تغيرت إلى الاتجاه المعين.
لا خطط سياسية لدى الخارجية..
سؤال: هذا بالنسبة للجيش الأميركي، ماذا عن الحكومة الأميركية، ما الجهود التي تبذلها في هذا المجال؟ ماذا لمست من السفارة وتنسيقها مع الحكومة الأميركية حول ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل في العراق؟
ولي: " لا أعتقد أن هناك أية خطة على المستوى السياسي. وأنا أعتقد بأن ذلك أحد النقاط الخطيرة. مسائل عديدة مثل أبناء العراق، بناء مؤسسات الدولة، المشاركة في عمليات إعادة الإعمار، حدثت من خلال إحراز التقدم ، من غير أن تكون هناك أية خطة سياسية أو التفكير بالتحديات التي تواجهها.
مسألة أبناء العراق جرت بدون التفكير بكيفية التعامل معهم عندما لا تعد هناك حاجة لهم، ماذا ستفعل معهم سياسيا، ماذا ستفعل مع الشاب الذي يتوقع عملا في المجال الأمني ولكنه لا يملك المهنة لذلك، ماذا سيحل بهم عندما تقرر الولايات المتحدة التقليل من نتائج عملياتها، وليس هناك من علاقة تربطهم مع الحكومة العراقية.
أعتقد أن الاتفاقية الأمنية مقياس جيد لتبيان الكم القليل من التخطيط الذي جرى على مستوى الخارجية الاميركية في مجال الإدارة في العراق، فمثلا ان المشاكل التي تواجه الاتفاقية الامنية الحالية حصلت لأنه لم تُدرس تداعيات هذه القضية في العراق، ولم تعطى اهمية لتسويقها في دول الجوار، تركيا والدول العربية وحتى ايران، فضلا عن الشعب الاميركي. نحن الان وسط مفاوضات مهمة جدا ستحدد مستقبل المسار السياسي في العراق من دون أن يكون هناك تحضيرات وخطط مسبقة. إن اغلب النجاحات التي تحققت على الارض كان سببها التناغم بين السفير كروكر والجنرال بيتريوس، ولا ندري ان كان هذا التناغم سيستمر بين الجانبين الدبلوماسي والعسكري عندما تنتهي مهام احدهما او كلاهما في العراق ويحل محلهما مسؤولون جدد. أنا لم اكن مطمئنا للأوضاع السياسية هناك بسبب ما تحمله القرارات الاميركية المتخذه في العراق من تداعيات سياسية على المدى البعيد.
سوا
المحرر : Hussain
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |