السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتاب جميل قرأته واحببت ان انقله اليكم بعضا ماجاء فيه كي نستفيد منه جميعا ان شاءالله
للشيخ حسين بن علي بن صادق البحراني وهوعالمٌ فاضلٌ
في الحاجة إلى تهذيب الأخلاق، وبيان ثمرته وشدة الاعتناء بشانه
اعلم أيدك الله أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
ولا التباس في ذلك، فإنّ أمر المعاد والمعاش لا ينتظم، ولا يتهنأ طالبه إلا بالخُلق الكريم، فلا تتوهم أن العمل الصالح الكثير ينفع من دون تهذيب الخلق وتقويمه، بل يجيئ الخلق السيئ فيُفسد العمل الصالح، كما يفسد الخلّ العسل ..
فأي نفع فيما عاقبته الفساد؟.
ولا تتوهّم أنّ العلم الكثير ينفع من دون إصلاح الخلق وتهذيبه، حاشا وكلا ّ، فإنّ أهل البيت عليهم السلام قالوا: لا تكونوا علماء جبّارين، فيذهب بحقكم باطلُكم . أمالي الصدوق: 9/294
ولا تتوهّم أنّ صاحب الخلق السيئ، يقدر أن يتهنّأ بمعاشرة والد أو ولد أو زوج ...............
....... أو صديق أو رفيق أو دار أو أستاذ أو تلميذ ..كلا، بل كلهم يتأذّون منه وينفرون عنه، وكيف يمكنه اكتساب الكمالات المتفرّقة في الناس، وأهل الكمال ينفرون منه ويهربون عنه؟!..
واعلم أنّ من نظر إلى طريقة أهل البيت عليهم السلام ، وتتبع في أثارهم وجد هدايتهم للخلق، وجلبهم للدين، إنما هو بأخلاقهم الكـريمة، وبذلك أمروا شيعتهم فقالـوا: كونوا دعاة للنـاس بغير ألسنتكم .
بل يعنون بأخلاقكم الكريمة، وأفعالكم الجميلة، حتى تكونوا قدوة لمن اقتدى، وأسوة لمن تأسّى.
فإذا ظهر أنّ أمر المعاش والمعاد إنما يتمّان بمكارم الأخلاق،
وإنّ إتمام مكارم الأخلاق هو فائدة البعثة، التي ما صلح الوجود إلا بها، تبيّن أنّ تهذيب الأخلاق مقدّمٌ على كلّ واجب وأهم من كل لازم، ومع ذلك هو مفتاح كل خير، والمنبع لكل حسن، والجالب لكل ثمرة، والمبدأ لكل غاية.
انظر فيما ورد من أنّ الكفار يثابون على مكارم الأخلاق .. وفي الذي كان دأبه مخالفة النفس فجرّه ذلك إلى الإيمان .. وفي الذي كان سخياً وكان من الأسرى عند النبي صلى الله عليه وآله، فنزل جبرائيل عليه السلام من الله عزّ وجلّ بأن: لا تقتلوه لسخائه، فجرّه ذلك إلى السلامة من القتل في العاجل، والفوز بالجنة آجلاً .
فإذا عرفت هذه المقدمة، التي يظهر لكل من اختارها وجرّبها صحتها وصدقها، فاعلم - وفّقك الله وأرشدك - أنّ لأهل البيت عليهم السلام أصولاً في الأخلاق، وقواعد وضوابط تُعين ملاحظتها على كسب الأخلاق بسهولة ويسر، لا بتكلف وعسر، كما يدور عليه كلام علماء الأخلاق.
يتبع