التجسس الأمريكي والتحضير لانقلاب عسكري مثار اهتمام صحف بغدادية
بغداد - اصوات العراق 06 /09 /2008 الساعة 09:21:28 </SPAN>
اثار اعلان صحيفة امريكية قيام حكومة الرئيس الامريكي جورج بوش بالتجسس على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اهتمام صحيفتان بغداديتان صدرتا السبت، فيما نقلت صحيفة اخرى ما وصفته خشية وتوجس الساسة العراقيين من احتمال التخطيط لتنفيذ انقلاب عسكري في البلاد.
وقالت صحيفة الصباح الجديد (يومية مستقلة) في مقالها الافتتاحي كتبه رئيس تحريرها اسماعيل زاير بعنوان (بدل زرع الثقة واشنطن تتجسس على الحكومة) "لم يذع الكاتب الاميركي بوب وودودور سرا كبيرا بقوله في كتابه الجديد الذي سيصدر غدا ان حكومة الرئيس بوش تتجسس على حكومتنا.. فالامر مثلما يقول المرء ان للرجل عينين وانفا واحدا.. اي ان ذلك بديهية من تلك البديهيات السقيمة في عالم يهتف بنا للذهاب الى التمدن والشفافية والحوار والمنافسة من خلال التقدم العلمي والاخلاقي والابتكار".
ونشرت صحيفة واشنطن بوست أمس الجمعة مقتطفات من كتاب للصحفي الامريكي بوب وودوارد قالت انه سيصدر الاثنين المقبل، وقالت إن الكتاب الذي يحمل عنوان "الحرب الداخلية: تاريخ البيت الابيض السري 2006-2008" (The War Within: A Secret White House History, 2006-2008 ) جاء فيه ان الولايات المتحدة تجسست على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وزعماء عراقيين آخرين.
وأضاف زاير أن "الجوسسة اصبحت مثل مرض مزمن لافكاك منه للادارات والحكومات والجنرالات الانقلابيين خاصة في بلدان الشرق المظلومة، فثمة حكومات تتهم اساتذة وكتاب وصحفيين ومقاولين وتكنوقراط بتلك التهمة البائسة وكأن الاسرار الوطنية ملقاة في الشوارع أو انها من جهة اخرى خفية على دولة عظمى مثل الولايات المتحدة".
وأوضح "علينا نحن البشر ببساطة ان نعمل اضافة الى مهننا واختصاصنا على تخليص المجتمعات من لوثة التجسس اذا اردنا ان نتحول الى بشر واذا اردنا ان نفك ارتباط البشرية بالنظام السياسي السائد الذي يعتبر الجاسوس جزءا جوهريا منه".
وتابع رئيس تحرير الصحيفة "بالنسبة لواشنطن نقول لو كان الرئيس جورج بوش قد اهتم بتفحص سياسته ونتائجها ومردوداتهاعلى العراق واصلح الخلل الواضح والقرارات الكارثية التي اتخذها ويتخذها حتى اليوم لما كان بحاجة ليتجسس على رئيس وزرائنا".
وذكر زاير أن "التجسس على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سبب بعض الذعر بين كبار المسؤولين الامريكيين الذين اثاروا تساؤلات بشأن ما اذا كان هذا العمل يستحق المغامرة في ضوء جهود بوش لكسب ثقة المالكي".
ويشتهر وودوارد بالتحقيقات التي يجريها مع زميله كارك بيرنشتاين الذي لعب دورا مهما في عام 1974 في كشف فضيحة ووترغيت، كما قال زاير.
وأضاف أن "المشكلات العالقة بين حكومتنا والحكومة الاميركية ليست خفية او مستورة فهي تكاد تنحصر في امر الحصانة المزعومة للمتعهدين الامنيين المثيرين للاشمئزاز والمنتهكين لكل عرف او قانون.. وكل ماعلى الحكومة الاميركية ان تفعل هو ان تتفاهم مع حكومتنا حول صيغة مقبولة من الطرفين لمحاسبة افراد لاينتمون الى الجيوش ولايلتزمون بمواثيقها ولا بميثاق جنيف".
وخلص الكاتب إلى القول "نحن بحاجة الى تفاهمات وسط وحل وسط.. وليس التجسس على بعضنا".
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة المشرق (يومية مستقلة) مقالا للكتاب في المهجر صباح اللامي بعنوان (الحرب ضد المالكي الى اين؟) قال فيه "مؤشرات عدة بدأت تتركز لتشير الى ان واشنطن اعلنت (الحرب على المالكي) وكانت ادارة بوش في الاصل ومنذ سنة 2006 وحتى الان تستخدم تقنيات سرية جديدة وغير مستعملة سابقا للتجسس على (كل مايقوله رئيس الوزراء ومن حوله واخرون يعملون معه في كادر الحكومة المركزية) طبقا لمعلومات يكشفها كتاب جديد للصحفي والمحلل السياسي الاميركي البارز (بوب وودوارد)".
وأضاف اللامي "ومع ان الكاتب كشف ايضا ان هذه التقنيات استخدمت على نطاق واسع في حرب القوات الاميركية ضد القاعدة وضد عناصرها القيادية على وجه الخصوص وكانت كما يقول بوب وودوارد السبب الرئيس في خفض مستويات العنف، ناهيك عن الاسباب الاخرى المعروفة اقول مع ذلك فان (موضوعة هذا العمود) تركز على الحرب التي اصبحت معلنة فعلا ضد المالكي وحكومته بسبب موقفه من اتفاقية (صوفا) الامنية والى الدرجة التي اصبحت فيها ادارة بوش تشكك في ان المالكي يتعمد التاجيل والعرقلة واثارة مشاكل متعددة ومع اطراف متعددة".
وأوضح أن "هدف المالكي هو خلق التناقض داخل الحكومة وداخل كتل البرلمان السياسية من اجل المماطلة المتعمدة التي توصل المالكي الى نهاية السنة كي يعمد في السنة المقبلة 2009 الى مطالبة القوات الاميركية بالرحيل بعد ان يكون قرار التفويض الاممي قد انتهى مفعوله مع اعياد الميلاد".
وتساءل الكاتب.. الى اين يريد الاميركان الوصول بهذه المعركة التي سماها (وودوارد) حربا داخلية اي انها (حرب داخل الحرب) وقال "من المعتقد ان اميركا تريد (معاقبة) المالكي لانه كما تفهم هي (خرج عن طوعها) وانه طبقا لكل التفسيرات الاميركية والانكليزية كان (يرتدي قناع التفاهم مع الاميركان والغرب والان سقط هذا القناع)".
واستطرد الكاتب قائلا ان "معاقبة المالكي في العرف العراقي تعني انه اذا كان يحظى بشعبية 20 بالمئة من الناس بسبب (قيادته عمليات تحسين الوضع الامني) فان شعبيته هذه ستتضاعف اذا ما اقدمت اميركا على (اجراء معين) لاسقاط حكومة المالكي ذلك ان السبب معروف وهو مرتبط تماما برفض الاتفاقية التي يرفضها كل الشعب العراقي حتى لو حددت البقاء للاميركان سنة واحدة".
وخلص اللامي إلى القول إن "الموقف الوحيد الذي يجعل الحكومة (قوية) امام القوات الاميركية واستخباراتها و (خيالاتها) ايضا هو ان تتقوى بالشعب وبكل كتله الوطنية وان تطرح برنامجها صادقا وحقيقيا يؤمن ان تكون الحكومة فعلا (حكومة وحدة وطنية)".
وفي سياق ذي صلة، تطرقت صحيفة الدستور (يومية مستقلة) في مقال كتبه رئيس تحريرها باسم الشيخ بعنوان ( انقلابات) الى تصريحات اطلقها نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي ورئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي عن وجود نيات لانقلاب عسكري يخطط له خلف الكواليس ويرمي الى تقويض البناء الحالي لنظام الحكم، وقال الكاتب إن "هذه التصريحات لن تأتي من فراغ او انها تكهنات يراد بها تمرير معلومات افتراضية لاغراض سياسية بل وعندما تصدر هذه الخشية من مسؤول بهذا المستوى الرفيع تعني ان هناك تسريبات ملموسة وواقعية سواء كانت على شكل معلوماتية او افكار ورؤى توافرت لتشكل هاجسا مقلقا صار لابد من البوح به".
وتساءل الكاتب.. لماذا الانقلاب ومن يقف وراءه ومن يدعمه، وقال "ربما تقع ضمن سقف التخمينات او التحليلات الصحفية لكنها قريبة جدا من الواقع، فالخوف من حدوث انقلاب يشير الى شعور بعض القيادات السياسية بتنامي قوة الجيش العراقي من دون وجود ضمانات تحكم اتساع هذه القدرات لاسيما مع اقتراب الاعلان عن انسحاب القوات الامريكية وتسليم جميع الملفات الى الاجهزة العراقية المختصة مما يتيح للاخيرة ان تصبح القوة الوحيدة الضاربة والتي تتحكم بمصير البلاد".
وأوضح الشيخ "لعل شعور الامريكان بالاحباط تجاه الشكل السياسي العام الذي انتجته العملية السياسية والذي لم تحظ بعض مكوناته بالرضا الامريكي التام ربما يجعلهم يغضون الطرف عن انقلاب لن يغير بالاليات بل يغير بالشخوص فقط او الخارطة السياسية".
وأضاف "وقد يعد البعض هذه التخوفات محصورة بالسياسيين من دون سواهم لان احساسهم بان العسكر بات ياخذ دورهم في حل القضايا السياسية مما ولد لديهم حذرا يتعلق بالعودة الى عسكرة المجتمع وخاصة وانهم يعتقدون بان المجتمع العراقي مازال يؤمن بالقوة حلا مثاليا لجميع المشاكل لاسيما السياسية منها".
وتابع "مع علمنا ان زمن الانقلابات الذي اجهض احلام اسلافنا العراقيين لم يعد له وجود الا ان تسليم امر السياسة الى العسكر ومنح الاخير حجما وحضورا لانابة الساسة فيما هم متخصصون من اجله قد يجعل الانقلاب امرا ليس بمستبعد لاسيما ان شهية الكثيرين للسلطة مفتوحة على الاخر.. لكننا نجزم ايضا ان هذا لن يحدث الا بمباركة الراعي الاول للعملية السياسية وجميعنا يعرف من هو..؟".