تقرير سياسي مهم يتحدث عن مستقبل متشائم للتيار الصدري في العراق
Monday, 22 September 2008
بعد اجبار ميليشيا جيش المهدي على الابتعاد عن شوارع العراق وتراجع ثقلها السياسي قد تكون الخطوة التالية لمقتدى الصدر الزعيم الشيعي المناهض للولايات المتحدة وجيشه مصيرية اذا أرادا البقاء على الساحة.
كانت الدعوة التي يطلقها جيش المهدي والحركة السياسية التي يتزعمها الصدر منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 هي اخراج القوات الأمريكية من البلاد. وبعد تحديد عام 2011 كمهلة محتملة لانسحاب القوات الأمريكية من العراق على الصدر أن يجد قضية أخرى تمنح حركته الغرض والتماسك اللازمين.
قام الصدر بتجميد جيش المهدي بصورة كبيرة بعد ان قاد انتفاضتين ضد القوات الأمريكية عام 2004 وحول اهتمامه إلى تغذية الجناح الثقافي لحركته.
يلقى رجل الدين الشيعي شعبية هائلة بين الفقراء الشيعة وبالمثل فان الحركات المماثلة في الشرق الاوسط استبدلت كفاحها المسلح أو عززت منه بالاعمال الثقافية والخيرية التي كانت تترجم إلى زيادة في أعداد أصوات الناخبين.
ولكن الصدر قرر أن حركته لن تخوض الانتخابات المحلية المقبلة تحت لواء التيار الصدري بل ان الصدريين سينضمون بدلا من ذلك لجماعات مرشحة مستقلة.
وربما تكون هذه الحركة وسيلة للابقاء على يده في السياسية دون اضفاء شرعية على الانتخابات التي تجرى في الوقت الذي ما زالت توجد فيه القوات الأمريكية في البلاد.
لكن هذه الخطوة قد تحد من تأثير التيار الصدري في المجالس المحلية الاخذ نفوذها في النمو كما ستحرمه من قوة الدفع اللازمة له في الانتخابات العامة المقررة بنهاية عام 2009 . وكان التيار الصدري قد قاطع بدرجة كبيرة اخر انتخابات محلية والتي أجريت عام 2005 .
وكان التيار الصدري قد شارك في الانتخابات البرلمانية السابقة ولكنه يسيطر على عشرة في المئة فقط من المقاعد. وسحب الصدريون وزراءهم الستة من الحكومة عام 2007 احتجاجا على رفض رئيس الوزراء نوري المالكي تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق.
ويرى توبي دودج المتخصص في شؤون العراق من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن من غير المرجح أن يظل التيار الصدري على قيد الحياة كحركة ثقافية وخيرية بحتة دون طابع عسكري أو سياسي.
ومضى يقول "سيختفون بين عشية وضحاها تقريبا اذا ما أقدموا على ذلك. ان هذا يتعارض مع أي نموذج يسعون لتقليده...اذا لم يرشحوا أنفسهم (في الانتخابات) ويسرحوا الميليشيا فماذا سيكون الطائل من وجودهم. ما هو الفكر الذي يوحدهم."
ويقول متحدث باسم الصدر إن من أسباب تجميده لجيش المهدي هو امهال بغداد وواشنطن الفرصة الكافية للتوصل إلى اتفاق أمني والذي يمر حاليا بمراحله النهائية من المفاوضات والذي من المرجح أن يمهد الطريق لسحب كبير للقوات الامريكية بحلول نهاية عام 2011 .
وقال صلاح العبيدي كبير المتحدثين باسم الصدر في مقابلة بمقر الصدر في مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة "أكيد اذا كانت الاتفاقية فيها نقاط ايجابية وفيها سقف زمني محدد أكيد راح نقدم دعما لهذه الاتفاقية."
ولمح العبيدي في الشهر الماضي إلى تسريح جيش المهدي اذا ما سحبت الولايات المتحدة قواتها طبقا لجدول زمني محدد.
ومع تراجع العنف في العراق إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات تسحب وزارة الدفاع الامريكية ثمانية الاف جندي بحلول فبراير شباط وتترك 138 ألفا اخرين.
ولكن العبيدي قال ان التيار الصدري لن يحدد الخطوة التالية التي يقوم بها الا بعد انتهاء الوجود الامريكي وليس قبل ذلك.
وفي الوقت ذاته بدأت جماعات سياسية منافسة تعزيز سلطاتها في حين أن سلسلة من الاجراءات القمعية التي قام بها المالكي الذي يحاول بشكل متزايد اثبات كفاءته أجبرت جيش المهدي على الخروج من الكثير من معاقله.
كما تراجعت الهجمات التي يشنها مسلحون سنة على الشيعة وهي الهجمات التي دفعت كثيرين لطلب دعم جيش المهدي. كذلك فان بعض العناصر الاجرامية في صفوف جيش المهدي كانت تصيب الصدر بخيبة امل.
وقال ريدار فيسر وهو خبير بشؤون العراق ورئيس تحرير موقع على الانترنت معني بالمسائل التاريخية وعلاقتها بالاحداث الجارية (www.historiae.org) " ربما يكون مقتدى قد بدأ يشعر أن جيش المهدي أصبح يمثل عبئا أكثر منه عاملا مساعدا."
وقال لواء سميسم رئيس اللجنة السياسية للكتلة الصدرية في البرلمان ان للحركة طموحات سياسية في المستقبل وانها تريد أن تقوم بجهود محورية في اعادة بناء العراق.
وأضاف أن التركيز على الجناح الثقافي للتيار الصدري الذي يعرف نفسه على أنه "جيش ثقافي عقائدي" يحارب "المد الغربي العلماني" ربما يكون خطوة سياسية استعدادا لانسحاب القوات الامريكية.
وأردف قائلا لرويترز "نحن ليس لينا طموح سياسي قد يكون في الوقت الحاضر. يعني هذا ليس من أولوياتنا."
وربما يكون المزيد من السلطة الدينية هي الطريقة التي يعتزم بها الصدر استعادة أهمية حركته. وقال العبيدي الذي يعتقد على نطاق واسع انه يجري دراسات في إيران ان دخول الصدر إلى صفوف المرجعية الشيعية لن يستغرق وقتا طويلا.
ومضى فيسر يقول "الخطوة المهمة التالية للتيار الصدري ربما تتعلق بالمكانة الدينية للصدر وعلى وجه الخصوص ما ذا كان سيبذل محاولة للعمل كعالم دين مع اكتساب القدرة على اصدار الفتاوى."
وللمرجعية الدينية في العراق التي تسكنها أغلبية شيعية نفوذ كبير لكن فتور علاقة الصدر مع كبار رجال دين من الشيعة لا يجعل حجم الثقل الذي ستقابل به أي فتاوى يصدرها واضحة.
وعادة ما تتسم تصريحات الصدر بالغموض بل والتناقض في بعض الاحيان وهي لا تقدم صورة تذكر عن أسلوب تفكيره.
ولا يظهر الصدر كثيرا علانية ولكن العبيدي قال ان ظهوره التالي ربما يكون عند توقيع الاتفاق الامني الامريكي العراقي. وحتى تحين تلك اللحظة فما زال التأييد الذي يلقاه الصدر على الاقل من بعض فقراء الشيعة في العراق قويا.
وقال عبد الزهرة درويش وهو يقف بين القبور في مدافن للصدريين بالنجف وهو شقيق فرد من جيش المهدي لقي حتفه "بالتأكيد نحن لا نتمنى مزيدا من العنف. أنظر إلى كل هؤلاء الشبان. لكني انا مستعد للقتال والموت".