الحبانية من عاصمة دولة العراق الاسلامية الى مدينة للعشاق من جديد
لم يكن يحلم الشاعر والقاص محمد احمد الكناني من انه سيتمكن في يوم من الايام من زيارة المدينة السياحية في الحبانية مرة اخرى بعد اكثر من خمس سنين من الصراعات السياسية والطائفية غير المبررة منذ احتلال القوات الاميركية العراق التي ابعدته عنها بل لم يكن يتوقع انه سيكون على مقربة من مدينة الفلوجة المعقل السابق للجماعات المسلحة. (النور) سلطت الضوء على رحلة الكناني للاطلاع على واقع تلك المدينة السياحية
يقول محمد الكناني 36 سنة الساكن في منطقة الكرادة الشرقية وسط بغداد والذي يعمل في مجال السفر والسياحة: انا اعمل في مجال السفر والسياحة منذ اكثر من 18 سنة وكنت من عشاق المدينة السياحية في الحبانية بل كانت ملهمتي في اغلب قصائدي وقصصي حتى وصل امر المدينة السياحية ان تكون الفتاة المتمردة التي تراودني في لحظات جنوني وفرحي وحزني. ويضيف الكناني : كانت اولى زياراتي للمدينة السياحية عام 1985 وكان عشقي لها منذ النظرة الاولى وخلال عام 1992 قمت بتنظيم اولى الرحلات السياحية اليها ثم مالبثت ان قمت برحلات منظمة الى تلك المدينة التي كانت المتنفس الوحيد للعراقيين خلال السنوات العشرين الماضية والتي كان يتوافد عليها السياح من جنوبي العراق وشماليه حتى دخول القوات الاميركية العراق واشاعة روح العنف والقتل بدلا من روح المحبة وتحول تلك المدينة الى مدينة اشباح ورعب بسبب اتخاذهم من المدينة قاعدة عسكرية، واطفاء شعلة السعادة التي كانت تجمع العراقيين بل رأيت تلك المدينة الخلابة كاميرة يغتصبها الارهاب كل يوم وكل ساعة وان ثورة الصحوة والتحرير نحو مدن الانبار واميرتي كانت ومضة السعادة الحقيقية التي شعرت بها واحسست حينها بالامان والراحة برغم وجود المفخخات والقتل لاني كنت ارسم في مخيلتي طريق السلام الذي سوف يوصلني اليها. وبين الكناني : خلال تجوالي في احد شوارع بغداد في منطقة المنصور رأيت لافتة كتب عليها عن تنظيم رحلة مدة يوم واحد الى المدينة السياحية تقيمها احدى شركات السياحة ففي لحظة رايت سيرة حياتي امامها، وسرعان ما انضممت الى تلك الرحلة من دون ان اشعر بنفسي في حينها برغم اني اعمل في المجال ذاته . ويقول الكناني: خلال صعودي الحافلة المتجهة الى المدينة السياحية كان الطريق مزدحما للغاية وصعبا في الوقت نفسه فقبل الاحتلال كان الطريق الى المدينة السياحية لايتجاوز الساعة ونصف الساعة في اصعب الظروف اما اليوم فيحتاج سائق الحافلة الى ثلاث ساعات ونصف الساعة للوصول الى المدينة بسبب ما يقارب 25 نقطة تفتيش في طريق لا يتجاوز مداه اكثر من 80 كلم.. وخلال اقترابنا من مدينة الفلوجة منعتنا القوات الاميركية من دخول الفلوجة بسبب عدم امتلاكنا هويات خاصة بالمدينة فشعرت بالاهانة كيف تمنعني قوات اجنبية من دخول الفلوجة.
[
ممنوع دخول الفلوجة
فلوجتي وانا عراقي مثل ابناء المدينة الذين هم عراقيون ليس بالجنسية فقط، بل بالطباع والعادات والتقاليد وكيف تحرمنا تلك القوات من تناول الاطعمة التي تشتهر بها المدينة وكأننا من كوكب اخر.. واضطر سائق الحافلة للالتفاف الى جنوب المدينة في طريق وعرة للغاية وغير معبد ونحن نشم رائحة التراب الممزوجة بالتأفف والاحباط من قبل السياح الذين معي ومن تصرف القوات الاميركية برغم اعلانهم عن تسليم الملف الامني للمحافظة الى القوات العراقية وخلال وصول الحافلة الى سد الفلوجة فوق نهر الفرات استقبلتنا قوات من الصحوة والشرطة بفرح عندما علموا اننا قادمون من عدة احياء في بغداد ومتجهون الى المدينة السياحية في الحبانية حيث تم استقبالنا في المدينة بحفاوة عالية من حراسها وبرغم الوقت القليل الذي قضيته في المدينة السياحية الذي لايتجاوز ساعات عدة الا انني شعرت بنشوة المنتصر من خلالها وكان أيامي الخوالي واحلامي التي سلبت قد عادت الي من جديد. ويقول وليد عواد الذيابي من سكان قرية سن الذبان المحاذية لبحيرة المدينة السياحية في الحبانية لقد مرت المدينة السياحية خلال دخول القوات الاميركية الى العراق بثلاث مراحل عسيرة في تاريخها الاولى عمليات النهب والتسليب والاستحواذ على ممتلكاتها ومحاولة اهالي المنطقة والموظفين التصدي لها والمرحلة الثانية خلال معركة الفلوجة الاولى والثانية من عام 2004 حيث اصبحت ملاذا الى اكثر من 2000 عائلة والخراب والدمار الذي لحق في المدينة السياحية وتحولها الى مركز للاجئين من سكان مدينة الفلوجة اما المرحلة الاخيرة المتمثلة في تحول المدينة ما بعد معركة الفلوجة الثانية الى قاعدة ومركز لتنظيم القاعدة والمتمثلة في ما يعرف باسم دولة العراق الاسلامية حتى تحررها منهم خلال سيطرة قوات الصحوة على الوضع الامني فيها ومقتل وهروب اغلب قادة القاعدة منها. فيما قال عامر حميد العيثاوي مدير عام المدينة السياحية في الحبانية :افتتحت المدينة السياحية في الحبانية عام 1980 بعد ان انجزت شركة فرنسية بناءها على وفق المعايير والتصاميم التي تحاكي طبيعة واجواء بحيرة الحبانية والمنطقة وكان الملاك الفني والاداري للمدينة السياحية مكونا من موظفين عراقيين ولبنانيين وفرنسيين والمدينة السياحية بنيت على ارض تصل مساحتها الى 2600 دونم وتحتوي المدينة على فندقين من 5 نجوم مكون من 265 غرفة وجناح رئاسي و528 دارا سكنية بمختلف الاحجام وعدد الغرف كما يوجد في المدينة ايضا مدينة العاب ترفيهية وثلاثة مراسي للسفن واليخوت السياحية وثلاثة مطاعم وثلاث قاعات للاجتماعات وملهى ليلي موجود على شاكلة شبه جزيرة بالقرب من المرسى اليخوت الرئيس وثلاثة مسابح ومسبح واحد اولمبي وملاعب للتنس والسلة فضلا عن المحال التجارية والخدمية.