إحياء الشعائر الإسلامية
الثانية: الاهتمام البالغ بالشعائر الإسلامية، والعمل على تطويرها والاستفادة من الفرصة التي كانت تهيؤها لتحقيق أغراض المرجعية المقدسة، في أوساط الأمة.
وهذه الشعائر:
1. صلاة الجماعة، التي كان يمارسها شخصياً بشكل عام في اليوم مرتين أو ثلاث مرات، وحتى في الأسفار، والحث على إقامتها من قبل العلماء، والوكلاء، والمبلغين.
2. موسم شهر رمضان المبارك، الذي كان يهتم به الإمام الحكيم بصورة خاصة؛ للاستفادة منه في الوعظ والإرشاد، وتعليم الأحكام الشرعية والأخلاق الإسلامية، وتربية الناس على الصلاح والتقوى.
3. المجالس الحسينية في شهر محرم وصفر، والمناسبات الأخرى للنبي (صلى الله عليه وآله) والائمة الأطهار (عليهم السلام) من وفياتهم، ومواليدهم، أو الأعياد الإسلامية والمذهيبة، وإقامة الاحتفالات فيها، وتطوير مضمونها، بالحرص على أن تكون هذه المجالس والاحتفالات ذات مضمون ثقافي، وفكري، وأخلاقي، وسياسي، يرتبط بشؤون الأمة، وقضاياها وحاجاتها.
4. المواكب الحسينية، التي كانت تمثل عملاً جماهيرياً مهماً في الأمة، سواء المحلية منها، أم الموسمية العامة التي تتردد لزيارة الأربعين، وعاشوراء في كربلاء، ووفاة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ووفاة أخيه ووصيه الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) في النجف، حيث تحولت هذه المواكب إلى عمل اجتماعي وسياسي ضخم، سواء من حيث الإخراج، أم المضمون، أم الانسجام، أم الكثافة العددية والاهتمام. وأصبحت مدرسة جماهيرية واعية للأمة، ومؤسسة تعبوية روحية، وثقافية، وسياسية. وكان موقفه من قضية الشعائر الحسينية، واهتمامه البالغ بها، بحيث كان يشارك فيها شخصياً، وعندما عجز عن المشاركة الشخصية كان يمثله الطبقة الأولى من مريديه ومحبيه وحاشيته.
فكان العالم الرباني الجليل آية الله السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم - الذي يكبر الإمام الحكيم سناً - يشترك في هذه الشعائر ممثلا عنه. كما كان يمثله أولاده والشخصيات المهمة؛ ليعبروا عن حقيقة أن الشعائر جزء من هويتنا ووجودنا.
وقد أكد الإمام الحكيم على إقامة الشعائر علناً، حيث يقف المرء في الشارع ويهتف باسم الحسين (عليه السلام)، ويُظهر الحزن عليه في كل مكان، وتنطلق الصرخات، لتعم العالم الإسلامي.
ثم إنه نزه الشعائر الحسينية من الشوائب التي تضر بها سياسيا. ً فعندما حاول الشيوعيون أن يسيطروا عليها من خلال مضمونها، وأخذوا يطرحون شعاراتهم في (الردات) والشعر الحسيني، نجد أنّ الإمام الحكيم يبادر إلى تحويل الشعارات والمواكب إلى هتافات إسلامية حسينية ذات مضمون يرتعد منه الطغاة والظالمون(79).
ثم نزه الشعائر الحسينية من شوائب البدع والضلالات عندما حاول بعض الناس أن يوجدوا شعائر تشبه شعائر عَبَدة النار. حيث كانوا يشعلون النار، ثم يتوضؤون ويدخلون فيها تعبيراً عن الارتباط بالإمام الحسين (عليه السلام). لكن الإمام الحكيم وقف وقفة شجاعة فحرم ذلك، وبادر إلى تنفيذه مع أنه لم تكن لديه سلطة تنفيذية، لكنه استخدم كل الإمكانات لمنع هذا الانحراف.
وهكذا كان مع بعض الشعائر التي صارت توجب نفرة الناس من الشعائر الحسينية كلها، وذلك لما تطور وضع المجتمع الإسلامي بشكل أكبر، فكان موقفه الحازم من موضوع التطبير، وكان موقفه واضحاً أيام آية الله العظمى الشيخ النائيني، لكنَّه بعد ذلك حرّم هذه الممارسة، وكان يقول: هناك أمران رئيسان منعا التشيع من الانتشار والتوسع: أحدهما التطبير الذي ينفِّر المسلمين من مذهبنا. والآخر ما يمارسه بعض الجهال من الشتم والسب واللعن، وذلك ما يأباه مذهبنا، وأفكارنا، وعقائدنا، ومنهجنا الإسلامي. حيث نهى القرآن عن أن تسب آلهة المشركين مع أنها في النار.
لكن السب والشتم شيء، والحديث الفكري والمنطقي وكشف الحقائق شيء آخر. فلا نعني الامتناع عن اللعن، إخفاءاً للحقائق والواقع الذي جرى، فالقرآن الكريم يتحدث عن آلهة المشركين، ويصفها بأنها حطب جهنم، وفي الوقت نفسه ينهى عن سبها لأن وراء السب حواجز وموانع تؤدي إلى عدم انتشار الإسلام.
http://www.al-hakim.com/arabic/fekri/03/index.html