النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2003
    المشاركات
    1,538

    افتراضي العراق: دلالة وساطة الكنيسة للتقريب بين السنة والشيعة

    العراق: دلالة وساطة الكنيسة للتقريب بين السنة والشيعة
    فهمي هويدي

    لم تتوفر معلومات كافية عن اللقاء الذي عقد في بغداد بين ممثلي الشيعة والسنة، برعاية الكنيسة الانجليكانية، فالتقرير المقتضب الذي بثته وكالة «رويترز» حول اللقاء الذي تم في 24 فبراير الماضي، ذكر ان مبعوث اسقف كانتربري اندرو وايت «لعب دورا رئيسيا في التقريب بين وجهات نظر المجتمعين»، ليس فقط في ما يخص محاولات اثارة الفتنة الطائفية، ولكن ايضا في علاقة علماء الجانبين مع قوات التحالف.
    أيا كانت تفصيلات ما دار في الاجتماع فإن مبدأ عقده بترتيب من الكنيسة الانجيلية يلفت النظر من عدة أوجه، اذ لا بد ان يستوقف المرء أولا ذلك الجهد الذي تبذله مختلف الكنائس المسيحية في العديد من الساحات السياسية خارج الحدود، اذ الملاحظ انها جميعا اصبحت طرفا في الكثير من مساعي حل النزاعات والخلافات الحاصلة في مختلف انحاء العالم، وقبل ايام قليلة في 2/10 الماضي نشرت «الشرق الأوسط» خلاصة لتقرير اميركي عن جهود تحالف كنائس «ميدلاند» بولاية تكساس الاميركية «التي منها جاء الرئيس الحالي بوش وزوجته» في الضغط على حكومة الخرطوم لتقديم مزيد من التنازلات لصالح حركة التمرد الجنوبية، في المفاوضات التي عقدت بالعاصمة الكينية نيروبي، وكشف التقرير عن أن ذلك التحالف كان له دوره في اصدار قانون «سلام السودان» الذي كان الكونجرس قد اصدره قبل سنتين، بل ذكر ان رئيس التحالف المسيحي على اتصال هاتفي دائم مع وزير خارجية السودان والعقيد جون قرنق لمتابعة مراحل الاتفاق.
    ذلك نموذج واحد أخير، وهناك حالات أخرى لممارسات مماثلة قامت بها الكنائس الكاثوليكية في اميركا اللاتينية وآسيا وافريقيا، لكن ما قامت به الكنيسة الانجليكانية في العراق كان جديدا، ليس فقط من زاوية محدودية حجم الكنيسة بالمقارنة بنظيرتها الكاثوليكية أو البروتستانتية، ولكن الأهم في ذلك انها المرة الأولى في ما أعلم التي ترعى فيها كنيسة تفاهما بين طرفين مسلمين هما الشيعة والسنة، وذلك ينقلني الى الملاحظة الثانية.
    اذ لست أخفي ان شعورا بالغيظ والحزن انتابني حين وقعت على الخبر، الغيظ لأن الكنيسة الانجليكانية حاولت ان تقوم بما كان ينبغي ان تقوم به المؤسسات الاسلامية، والحزن لأن مؤسساتنا قصرت في النهوض بذلك الواجب، ولست هنا في موضع اللوم لما قامت به الكنيسة البريطانية، اذ دائما ما أقول ان الذين يعملون لا ينبغي ان تلومهم في حين ان الأولى باللوم والعتاب هم الذين لا يعملون من رموزنا ومؤسساتنا المعنية.
    ذلك ان الملاحظ انه على رغم تعدد المؤسسات الاسلامية، سواء في ايران التي تحتضن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية «مجمع جهاني تقريب مذاهب اسلامي» أو في العالم العربي حيث توجد منظمة المؤتمر الاسلامي والأزهر ورابطة العالم الاسلامي، رغم وجود تلك المؤسسات فإن ايا منها لم تتحرك لنزع فتيل التوتر بين الشيعة والسنة في العراق، فجاءت الكنيسة الانجليكانية لكي تملأ الفراغ الذي نشأ عن غيابنا، ومن ثم لكي تصلح ما تقاعسنا نحن عن المبادرة الى اصلاح فيه، لماذا حدث ذلك؟
    بوسعنا أن نسوق اسبابا عدة اسهم بعضها أو كلها في بلوغ تلك النتيجة، أحد هذه الأسباب ان الكنائس الغربية اكتسبت قوة وفعالية لأنها جزء من مجتمعات ديمقراطية للمؤسسة فيها ـ أي مؤسسة ـ دورها المعتبر عن باقي هذه الكنائس بمثابة خلايا نشيطة في جسم حي ومجتمعات قوية، وهو على العكس من الحاصل في بلادنا، ولعل سجل الأزهر الشريف يشهد بذلك، فهذه المؤسسة التي أقامت الثورة ضد الفرنسيين الذين احتلوا مصر في آخر القرن الثامن عشر، جرى تكبيلها بشكل تدريجي حينما بسط محمد علي باشا سلطانه على البلاد في أوائل القرن التاسع عشر، حيث منع الأزهر من المشاركة في مواجهة الحملة البريطانية لغزو مصر آنذاك «حملة فريزر عام 1807م»، وجاء بعده في منع الأزهر من القيام بأي دور في الحياة العامة، حيث قضى على استقلاله وتحكمت الحكومة في موارده، حتى أصبحت الرواتب تمنح لرجاله بدعوى استجلاب الدعوات الصالحات من العلماء والمحتاجين، والابتعاد عن كل ما يؤدي الى كسر قلوبهم.
    الشاهد انه منذ مارست السلطة السياسية ضغوطها على المؤسسات الدينية فإنها سعت الى إلحاقها بقاطرتها، مما أدى الى إضعافها وفقدان ثقة الجماهر بها، وكانت النتيجة اننا أصبحنا بازاء مؤسسات وهياكل تعبر عن رياح السياسة ومتغيراتها بأكثر مما تعبر عن اشواق المجتمع وضمير الأمة.
    من الأسباب التي لا نستطيع تجاهلها في هذا السياق ان المؤسسات الاسلامية على جملتها أصبحت «سيئة السمعة» لدى الرأي العام الغربي على الأقل، بعدما وضع الاسلام والمسلمون بمختلف فئاتهم ومنظماتهم في قفص الاتهام، من جراء ما جرى في 11 سبتمبر، وفي ظل اتهام الجميع بالاصولية والتطرف والوهابية والارهاب وغير ذلك من المصطلحات التي أصبحت مترادفة، فقد آثرت المنظمات الاسلامية ـ حتى المعتدل منها والاغاثي أو الانساني ـ ان تتبع سياسة الانسحاب والكمون، ربما من باب الحذر أو ايثار السلامة، وهو ما احدث فراغا تمددت فيه الكنائس الغربية من دون عناء يذكر، سواء للمصالحة بين المسلمين أو «للتبشير» بين جماهيرهم.
    مع ذلك، فإنني لا أريد أن تعفى المراجع الاسلامية من المسؤولية، ولا ينبغي ان يكون ما ذكرت مبررا لاستمرار سكوتهم وتقاعسهم عما ينبغي ان يقوموا به، لأن ثمة واجبا لا يقبل التفريط فيه تحت أي ظرف ـ ذلك انه ليس كل العلماء المعتبرين من المستسلمين لضغوط السياسة، أو المتهمين بالتطرف والارهاب، وما ينطبق على الافراد يسري بصورة نسبية على المؤسسات، فلو ان منظمة المؤتمر الاسلامي مثلا رعت محاولة للتوفيق بين السنة والشيعة في العراق، لما تعرضت للتجريح أو الاتهام، وكما أوفدت الجامعة العربية وفدا لتحري الأوضاع في العراق، ولم يعترض على ذلك أحد، فإن المنظمة المذكورة تستطيع ان تقوم بدور مماثل من دون مظنة بالحرج، ولو ان الشيخ يوسف القرضاوي جمع نفرا من امثاله وسعوا لانجاز المهمة ذاتها في العراق، لقوبل جهدهم بالارتياح والتقدير.
    في هذا السياق، لا مفر من الاعتراف بأمرين، أولهما ان أهل السنة لم ينجحوا لاسباب كثيرة في أن يصطعنوا لأنفسهم مرجعية مستقلة ومعتبرة يمكن الاستئناس برأيها في أمور المسلمين، صحيح ان هناك اشخاصا هنا وهناك لهم دورهم المرجعي، وهناك مجالس ومؤسسات صاعدة ترشح لهذه المهمة، لكن الاجماع من حول هؤلاء وهؤلاء لم يتحقق بعد، ورصيدهم ان وجد بين جموع المسلمين فمن اسف انه ليس مسلما به بين النخب صاحبة القرار السياسي.
    الأمر الثاني أننا لم ننجح حتى الآن في «تطبيع العلاقات» بين السنة والشيعة مع الاعتذار عن استخدام المصطلح الذي ساءت سمعته بسبب ابتذاله في الخطاب السياسي، صحيح ان «فض الاشتباك» بعين الجائلين متحقق في أغلب الاقطار العربية، الا أننا لم نبلغ بعد مرحلة مد جسور الفهم والتفاهم والثقة التي يمكن ان تقتلع جذور الفتنة وتقيم علاقة صحيحة وايجابية بين الطرفين، في حين اننا أشد ما نكون حاجة الى ذلك، خصوصا في ظل رياح التفتيت التي تهب الآن على العالم العربي والاسلامي، التي تعد الفرقة بين مذاهب المسلمين واعراقهم من بين رهاناتها المرئية.
    إن أخشى ما أخشاه أن نفاجأ بمبادرة اميركية جديدة تطلق ذات يوم للمصالحة بين السنة والشيعة، بعد أن تستقيم لهم الأحوال في العراق، ويدركون ان تلك المصالحة ضرورية لاستقرار البلاد وتأمين مصالحهم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,348

    Question مقالة منشورة في جريدة الشرق الاوسط !!!

    الشركاء في مجزرة عاشوراء
    عدنان حسين
    هل تريدون الحقيقة ام ابنة خالتها؟
    ابنة خالة الحقيقة هي ان الذين ارتكبوا مجزرة عاشوراء (امس) في كربلاء والكاظمية (بغداد) هم أنفسهم الذين يواصلون مسلسل الهجمات والتفجيرات الانتحارية وغير الانتحارية ضد ابناء الشعب العراقي ومؤسساته الوطنية منذ انهيار نظام صدام حسين حتى الآن، وهم اعضاء محور الشر الثلاثي: فلول النظام المنهار وانصار «القاعدة» وفروعها وعصابات الجريمة المنظمة.
    أما الحقيقة فهي ان لهؤلاء شركاء يتحملون معهم النصف تماما من المسؤولية عما جرى امس..انهم الاحزاب والشخصيات الدينية الشيعية الاصولية المتطرفة التي تتصرف دونما أي تحلٍ بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية، ودونما أي قراءة صحيحة لاوضاع البلاد التي تزيدها تصرفات هذه الاحزاب والشخصيات تدهورا.
    هذه الاحزاب والشخصيات المتطرفة (تمييزا لها عن الكثير من الشخصيات الدينية الشيعية الوطنية المعتدلة) عملت طوال الاشهر الماضية على اثارة غبار الطائفية، وشجعت في الاسابيع الاخيرة على تسعير هذه الحمّى بطرح شعارات غير واقعية ثبت بُطلانها فأرادت ان تحوّل مناسبة عاشوراء التاريخية الأليمة الى عرض للعضلات، والهدف دائما التمهيد لفرض نظام حكم طائفي في العراق على غرار النظام الايراني الفاشل والمأزوم.
    هذه الاحزاب والشخصيات كان يجب ان تتحلى بالحصافة السياسية وتدرك ان ظروف البلاد ليست ملائمة لممارسة شعائر عاشوراء بمثل هذا التوسع وهذه الكثافة.
    العراق بلد مثخن بالجراح البليغة ويحتاج الى اعمال ومواقف جادة لوقف نزيفه المهلك.
    العراق بلد مدمّر تماما ومخرّب كلية وتلزمه جهود جبّارة لاعادة إعماره.
    وبعد عقود متصلة من الظلم الشامل والاستبداد الكامل والقمع الضاري يحتاج الشعب العراقي الى ان تترفع قواه وشخصياته السياسية بعض الشيء، والى حين في الاقل، عن الاهواء والمطامع الشخصية والحزبية والغايات الطائفية، وتهتم بالحاجات الانسانية والاقتصادية الاساسية لسكان البلاد.
    بدلاً من الاستقتال على استعراض العضلات والسعي لاثبات ما لا يحتاج الى اثبات (اكثرية الشيعة)، لتهتم هذه الاحزاب والشخصيات بتوفير الاغذية للجياع والفقراء والادوية للمرضى والمصابين والاعمال لملايين العاطلين عن العمل.. لتتضافر جهودها من اجل تأمين لقمة العيش الكريم للارامل والايتام والنساء اللائي يضطررن للمتاجرة باجسادهن والقبول بانتهاك انسانيتهن.. لتعمل في سبيل اعادة «ابناء الشوارع» الى المدارس.. لتجهد في سبيل اعادة الخدمات العامة الاساسية: الماء والكهرباء والمجاري.. لتتعاون من اجل تأمين حاضنة كل هذا، وهو الأمن.
    من دون ان يتحقق هذا لن يكون للعراق المستقبل الذي يتطلع اليه الشعب العراقي ويستحقه عن جدارة: مستقبل الحرية والديمقراطية والكرامة والرفاه. ومن دون هذا لن يقوم النظام الديمقراطي الذي سيثبت ان الشيعة اكثرية، ان كانوا كذلك، وسيساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات.
    الذين اطلقوا حمّى الطائفية على مدى الشهور الماضية.. والذين يكابرون ويصرون على إغماض اعينهم عن واقع العراق ويدفعون باتجاه فرض واقع متخيل ومستورد، يتحمّلون نصف المسؤولية عن مجزرة امس في كربلاء والكاظمية، وهي لن تكون الاخيرة. واقل ما يتعين عليهم عمله الان هو التخلي عن مواقفهم وسياساتهم الخاطئة، بل الاعتذار عنها، وهذا اضعف الايمان.
    a.hussein@asharqalawsat.com

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني