[grade="D2691E B22222"]لانسحاب الامريكي المبكر
حرب أهلية أم وحدة عراقية في مواجهة الأزمات[/grade]
بغداد/ اصوات العراق: أثارت توقعات الاعلان الامريكي المرتقب عن سحب القوات الموجودة في العراق، ردود افعال متباينة حول إمكانية توحد المكونات العراقية لمواجهة الازمات والتحديات الخارجية التي سيخلفها غياب “الداعم الامريكي”، أو العودة الى مربع “الحرب الاهلية” بين فرقاء السياسة.
وفي وقت يعد فيه البعض سيطرة الحكومة خلال اقامة بعض المناسبات المليونية دون وقوع اعمال عنف، مؤشرا لجاهزية قواتها، يقلل آخرون من اهمية ذلك في مواجهة تحديات العنف، في وقت يعول البعض على مزيد من الوقت لجاهزية القوات العراقية.
وبحسب ما نقلته صحيفة (واشنطن بوست Washington Post) عن مسؤولين امريكيين لم تكشف عنهم، فمن المتوقع ان يعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما غدا الجمعة، قراره باخراج جميع القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول آب أغسطس 2010.
وبذلك، يشدد المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء، بان “اي اجراء لسحب القوات الامريكية لا يقلق الحكومة العراقية بقدر ما يدفعها الى استكمال الاستعدادات لتستلم الملفات الأمنية كاملة”.
ويقول ياسين مجيد لوكالة (اصوات العراق) ان “الالتزامات الملقاة على عاتق الرئيس الأمريكي تجاه العراق وفقا للإتفاقية الأمنية الموقعة بين الجانبين، تفرض على الادارة الامريكية أن تتخذ خطوات الانسحاب بالتنسيق مع الحكومة العراقية”، لافتا الى ان “اوباما نفسه، تعهد بأن يكون الانسحاب انسحابا مسؤولا”.
ويرى مجيد أن “القوات العراقية، نجحت في تأمين الاستقرار الكافي خلال ممارستين كانتا الأبرز هذا العام هما، الانتخابات المحلية، والزيارة الاربعينية التي اشترك فيها ملايين العراقيين وعبر مختلف المحافظات”، مضيفا “كانت نسبة الحوادث التي سجلت قليلة جدا، قياسا بحجم هذه المناسبات والأحداث التي يتطلب فيها من الدولة ان توفر الحماية لملايين العراقيين، وهو بلا شك أمر يكون صعبا حتى على الاجهزة الامنية في اكثر البلدان استقرارا”.
ويعتقد مجيد ان تلك النجاحات “تؤشر للتطور الذي وصلته القوات العراقية”، مستدركا “رغم ان الحاجة ما زالت مستمرة لرفع مستوى قدرات القوات الأمنية بشكل اكبر”.
وذكرت صحيفة (واشنطن بوست Washington Post) إن اوباما قال في جلسة مشتركة للكونغرس، في (24-2-2009) انه وفريقه للأمن الوطني يراجع حاليا “بدقة، سياساتنا في كلا الحربين، وسأعلن قريبا عن طريقة للمضي قدما في العراق تترك العراق لشعبه وتنهي هذه الحرب بمسؤولية”. وقال المسؤول إن القوات المتوجدة حاليا في العراق تبلغ قرابة 142.000 عسكري من بينهم 14 لواء قتاليا كل واحد منها يتكون من 4.000 عسكري وعشرات الآلاف من قوات الدعم.. ومن شأن خطة انسحاب اوباما أن تترك قوة مقيمة قوامها 50.000 تقريبا من قوات الدعم ستتولى دور تقديم المشورة للقوات العراقية وتنفيذ مهاما أمنية أخرى.
الا ان الكاتب والمحلل السياسي سامي شورش يعتقد أن “الأجهزة الأمنية العراقية غير قادرة حتى اللحظة لإستلام الملفات الأمنية في مختلف مناطق العراق”.
معللا ذلك في حديثه لـ(اصوات العراق) ان “الأسباب في هذا الموضع تعود الى ان الوضع الأمني في المدن العراقية غير ثابت والحالة الأمنية ما زالت هشة”.
ويضيف شورش أن “الحالة السياسية غير مستقرة، وهناك عثرات ومشاكل كبيرة في هذا المجال، وهناك عثرات في المصالحة الوطنية، وحتى الآن فإن الحكومة العراقية لم تستطع من استكمال صفحاتها بشكل طبيعي”، لافتا الى ان “الحاجة، وفق ذلك، لا زالت قائمة لبقاء القوات الأمريكية وبقاء بعض الملفات الأمنية الأساسية في يدها”.
وحول مخاوف الاكراد من قيام حرب كردية عربية عقب انسحاب امريكي مبكر، قال ان “ذلك سيشكل خطرا حقيقا ليس لقيام حرب كردية عربية وحسب، بل حتى قيام حرب طائفية شيعية سنية”، مبينا أن “هذه الاحتمالات قائمة ونحن رأينا خلال السنوات الأربعة الماضية كيف شهد العراق عنفا طائفيا وما خلفه”.
واوضح شورش إن “قيام مثل هذه الحرب ليس بشيء مستغرب، وهي حالة متوقعة، وقد وقعت في الأمس القريب، والأسباب التي أدت إلى اندلاع العنف الطائفي ما زالت قائمة لحد الآن”. كما أن “الحكومة العراقية لم تستطع أن تحل ما يتعلق بالحقوق الدستورية الكردية، فيما لايزال المكون السني يعاني من تغييب عن العملية السياسية في العراق”، بحسب شورش.
ويخالفه بالرأي الكاتب والمحلل السياسي عباس الياسري، إذ انه يرى أن “الوقت الان، هو جيد جدا للحومة العراقية لاستلام الملف الامني بشكل كامل على البلاد”، مستدركا “ان الانسحاب الذي سيعلنه الرئيس الأمريكي لن يكون انسحابا كليا للجيش الأمريكي من العراق وسوف تبقي القوات الأمريكية على عدد من الجنود والفرق لتقديم التدريب وملاحقة المجاميع المسلحة والمنظمات الارهابية”.
واوضح الياسري لـ(اصوات العراق) “ما زال هناك متسع من الوقت، وحتى الفترة التي يتفاوض عليها اوباما مع القادة العسكريين فهناك احتمال لتمديدها فترة 16 الى 19 شهرا، وهي مدة كافية لان يحث الجيش العراقي على تطوير قابلياته”، مشددا على انه “ليس هنالك اي خشية من هذا الانسحاب لا من الشارع العراقي ولا من الحكومة العراقية، كون الجيش العراقي لحد الآن قطع مسافات كبيرة في هذا الجانب”.
وكان جدول الانسحاب الزمني الذي أمده حوالي 19 شهرا واحدا من خيارات عدة أوجزها لاوباما وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايكل مولن، من بينها خطة انسحاب أسرع أمدها 16 شهرا وخطة أبطأ تمتد على 23 شهرا، حسب ما قال احد المسؤولين، الذي أضاف أن “المخاطر تختلف باختلاف طبيعة كل واحد من هذه الخيارات، وهناك مزايا وعيوب في كل خيار.”
وأستبعد الياسري اندلاع حرب كردية عربية مع انسحاب القوات الامريكية المبكر من العراق، منوها “حتى الحروب السابقة التي شنت على الشعب الكردي كانت حروب الحكومات على الشعب الكردي ولم تمكن حرب عربية كردية”.
وتابع أن “صوت العقلاء هو الاكثر من الاصوات غير العاقلة اليوم، وبالتالي فمن الممكن احتواء اي ازمة وهنالك خطوات جادة تجري اليوم لتقريب وجهات النظر بين حكومتي اقليم كردستان والمركز”.
ويخلص الياسري بان ما أثير في الاقليم حول حرب مرتقبة هو “لأخذ ضمانات وتحديد موقف واضح من الادارة الامريكية تجاه القضية الكردية وتجاه قضايا كثير مازالت عالقة في الملف الكردي وفي المناطق المتنازع عليها”.
وذلك ما يعتقده محمود الهاشمي مدير تحرير جريدة المواطن في أن “المشكلة الكبرى التي نعاني منها حاليا هي مشكلة المناطق المتنازع عليها بين اقليم كردستان والحكومة المركزية”.
ويضيف الهاشمي لـ(اصوات العراق) بان “من الصواب، الان، على انيضع الجانبان المشكلة نصب اعينهما، مادامت القضية الان هي وقوع المسؤولية في الدفاع عن البلاد في حال وجود اي تهديدات”، متسائلا “هل من المعقول في أن تدافع قوات البيشمركة عن حدود اقليم كردستان، دون ان تحتاج مساندة من الحكومة المركزية؟”.
ويخلص الهاشمي بالاعتقاد أن “امام القيادة السياسية العراقية والقيادة العسكرية اختبار صعب”.. وهو يدعو الشعب العراقي “للوقوف لمثل هذه المهمة الوطنية”.