النتائج 1 إلى 12 من 12
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    153

    المغرب.. قلق من "نشر التشيّع" وحملة لمصادرة الكتب الإيرانية

    تشكيل لجان لمحاربة كل ما له علاقة بإيران وحزب الله
    المغرب.. قلق من "نشر التشيّع" وحملة لمصادرة الكتب الإيرانية


    فيما أعربت الحكومة المغربية عن قلقها إزاء "تنامي النشاط الشيعي" في البلاد، منددة بـ"قلة الاحترام" الإيراني، أعطت وزارة الداخلية المغربية تعليمات لمختلف مصالحها بالمدن والأقاليم بتنظيم حملات مراقبة على مختلف المكتبات العمومية ومصادرة الكتب التي لها علاقة بالفكر الشيعي أو بإيران وحزب الله اللبناني.

    وجاء ذلك على خلفية التوتر الذي تفجّر أخيراً بين المملكة المغربية وإيران التي وصلت إلى حدود قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

    وكشفت صحيفة "الجريدة الأولى" المغربية الإثنين 16-3-2009 أنه تم تشكيل لجان على صعيد الولايات والأقاليم لمحاربة جميع مصادر التغلغل الشيعي في المغرب والقيام بحملات مراقبة ومتابعة كل ما هو مرتبط بإيران.
    وأشارت الصحيفة إلى أنه ستتم زيارة كبريات المكتبات في مختلف المدن المغربية بقصد التفتيش والوقوف على حضور الكتاب الشيعي في الساحة الثقافية المغربية.
    في هذه الأثناء، أعرب المغرب عن قلقه إزاء "تنامي النشاط الشيعي" في البلاد، منددة بـ"قلة الاحترام" الايراني التي حمّلها وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري المسؤولية الكاملة عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
    وفي مقابلة خص بها الوكالة الفرنسية الاثنين ندّد الوزير المغربي بالنشاطات الدعوية لبعض الجمعيات المغربية الساعية لنشر المذهب الشيعي في المغرب بدعم من ايران.
    وقال "ان المغرب لا يمكنه ان يقبل بالقيام بمثل هذه النشاطات (على أراضيه) وذلك بشكل مباشر او غير مباشر عبر ما يسمى بمنظمات غير حكومية".
    وانتقد "المساس بأسس" المملكة الشريفية المغربية وبـ"الرابط" المالكي، وهو المذهب الاسلامي السني المعتدل السائد في المغرب.
    وأضاف الوزير ان "المغرب ليس الوحيد الذي يشهد" هذا النشاط الشيعي "الذي اكتشف وجوده ايضاً في افريقيا جنوب الصحراء وفي بلدان اسلامية اخرى"، وحتى في اوروبا.
    وكان خالد الناصري المتحدث باسم الحكومة قال في الآونة الأخيرة إن قسماً من الجالية المغربية في بلجيكا تعرّض "لممارسات" ايرانية من النوع ذاته.
    جاءت تصريحات الفاسي الفهري إثر بيان شديد اللهجة لوزارته اعقب قطع العلاقات مع ايران في 6 مارس/آذار الحالي.

    ونددت الخارجية المغربية في بيانها بـ"نشاطات ثابتة للسلطات الايرانية وبخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط تستهدف الاساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة والمسّ بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي"، مضيفة ان "هذه الاعمال تعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة وتعارض قواعد وأخلاقيات العمل الدبلوماسي".

    غير ان الوزير المغربي رفض ربط قطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران بأنشطة "الدعوة الشيعية" المنسوبة لإيران.

    وأوضح ان "الامور كانت قابلة للتحكم مع الابقاء على النشاط الدبلوماسي والعلاقات التجارية (بين البلدين) مع درجة معينة من اليقظة".

    ورسمياً، فإن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية أتى إثر انتقادات اعتبرت "غير مناسبة" وجهتها ايران للدعم المغربي للبحرين.

    وكانت العلاقات بين ايران والبحرين توترت اثر تصريح العضو المهم في مجلس تشخيص مصلحة النظام، المسؤول في مكتب مرشد الثورة الايرانية، علي اكبر ناطق نوري، اعتبر فيه ان البحرين "المحافظة الايرانية رقم 14" كانت جزءاً من ايران.

    وأوضح الفهري "عندما استهدفت ايران المغرب والمغرب فقط، لم نفهم" لماذا تم ذلك.

    قبل قطع العلاقات كان المغرب استدعى في مرحلة اولى في نهاية فبراير/شباط للتشاور القائم بأعماله في طهران.

    وقال الوزير المغربي "لقد منحنا الفرصة والوقت (للايرانيين) لتفسير موقفهم، غير اننا لم نتلق اي رد. لقد شكل ذلك قلة احترام" للمغرب.

    ولم تكن العلاقات بين المغرب وإيران صافية على الدوام في الماضي، فقد قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما في 1979 اثر الاطاحة بالشاه وتولي آية الله الخميني السلطة.

    وأعيدت هذه العلاقات في 1991 وإيران هي اليوم احد اهم زبائن الفوسفات المغربي، وأحد ابرز مزودي المملكة المغربية بالنفط. وتبلغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين نحو مليار دولار.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    بقلـــم : حميد الشاكر
    التشيّع والمغرب ... الدولة كشرطيٌّ لحماية الدين أو فرضه!.
    تاريخ النشر :20/3/2009 3:18 PM


    ضجةٌ ضخمة وكبيرة هذه التي يقودها الملك المغربي محمد السادس ضد مايسمى مغربيا بـ(فوبيا التشيّع) ولاسيما ان اخذنا بنظر الاعتبار التطورات السياسية التي رافقت هذه الظاهرة، وما رُتّب او رُكّب عليها من تبعات وصلت الى حدِّ الاعلان عن قطع العلاقات السياسية بين جمهورية ايرانية الاسلامية ومملكة المغرب العربية بسبب ما قيل عنه: انه محاولة لنشر التشّيع في المنطقة العربية والاسلامية بالعموم ومملكة المغرب بالخصوص تقوم به وتقود فواصله دولة ايران الاسلامية !؟.

    والحقيقة بغض النظر عن مَن يذهب الى: ان هناك استغلال سياسي للقضية المذهبية مغربيا، وان الاكمة ورائها مخطط غربي لعزل ايران عربيا واقليميا بسبب مواقفها الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان تقوم به بعض دول الاعتدال او المحور الامريكي (مصر، السعودية، الاردن، المغرب) بالنيابة، او ان ليس هناك اي دوافع سياسية مغربية وراء هذه الخطوة، وانما هناك حماية ودور للدولة المغربية تقوم به طبيعيا لحماية مقومات المجتمع المغربي كما اعلنت الدولة المغربية ذالك عن نفسها: انها بصدد حماية النسيج الديني السُني المالكي للمجتمع المغربي من نشر التشّيع داخله ، ومن ثم تغيير ملامح هويته الدينية !.

    بغض النظر عن هذه او تلك من الرؤى التي تحلل الموقف السياسي المغربي، وبعيدا عن مقولة مَن يشير من هنا وهناك الى: ان التشيّع الاسلامي والطائفي والمذهبي هو ليس غريبا على المغرب العربي كله فضلا عن دولة المغرب الحديثة حتى يُقال ان هناك خطر جديد قادم على الهوية الدينية لشعب المغرب العربي الاسلامي، فللتشيّع تاريخ قديم وحديث ايضا في هذه المنطقة، وكثير من الدول والاسرّ الملكية التي حكمت في افريقيا هي كانت تحكم بأسم التشيّع لاهل البيت عليهم السلام، كالذي بالفعل وقع في قبل وبعد الدولة الفاطمية في مصر والمغرب العربي بالعموم !.

    وايضا بغض النظر عن ذالك المحور في تناول الموضوع، نريد ان نناقش القضية المغربية الجديدة في (فوبيا التشيّع) القادمة اصلا للمغرب حسب التصريحات الحكومية من الغرب اللااسلامي بالاساس وأن مواطنين مغاربة يعيشون في الغرب وفي كنف الحرية الغربية قد تشيّعوا وحملوا فيروسات التشيّع معهم لبلدهم الاصلي المغرب، نريد ان نناقش هذ القضية بعد مصطلح (ظاهرة الرعب من التشيّع) ومصطلح (الخطر الشيعي) الذي روجت له الدوائر الصهيونية بالتحديد بقوّة في الاونة الاخيرة على اساس انها ظاهرة ايضا، ولكنها عندما تكون ظاهرة لا اسلامية في الاساس وسياسية منغلقة مئة بالمئة بالتمام ولكن بلباسها الديني، لنسأل: هل ماقامت به المملكة المغربية من ضجةٍ مدّوية في الاوساط الاعلامية في قضية (فوبيا التشيّع) هي ظاهرة بالامكان دراستها على شكل علمي لنخرج بنتيجة كارثية السياسي الضعيف والديني الرجعي عندما يتحالفان ويريدان محاولة السيطرة على المجتمع بسياسة الرعب والصدمة لتجريده من مطالبه السياسية الواقعية بأسم حماية الدولة للدين وحماية الدين للدولة؟.

    ثم ماهي مداليل الاصطفاف الفجائي والغريب العجيب بين المملكة السياسية المغربية بقيادة امير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، وبين الدعم المطلق للسلفية الرجعية التي لطالما ناهضت الدولة والحكومة المغربية وارهبتها في مفاصل كثيرة الا في مفصل (فوبيا التشيّع) وجدنا السلفية الدينية توقّع على ولاء مطلق للدولة في محاربة التشيّع القادم من اوربا؟.

    وهل يصلح او بالامكان القول انه ينبغي ان يكون للدولة بماهي دولة توجهٌ موّحد ومذهبي وطائفي تقَرّر مغربيا بالمذهب السُني المالكي هو الحاكم على جميع الطوائف والمذاهب الاسلامية الاخرى، ومن هنا انتفضت دولة الملك المغربية لتناصر طائفة على اخرى، وتدعم مذهبا اسلاميا ضد آخر؟.

    أم ان الدولة كما عرفناها في الاسلام هي دولة المواطنة اولا، وحامية لحرية الاديان ثانيا وان كانت تسمى بالاسلامية، او انها تؤمن بالاسلام كشريعة وديانه محقة في الايمان؟.

    بمعنى آخر: كيف يجوز لامير المؤمنين الملك المغربي، ودولته العربية والاسلامية، ان تميل في الامارة لطائفة مؤمنة على طائفة مؤمنة اخرى سواء كانت مختلفة الديانة كاليهودية او الأسلامية بغض النظر عن كونهما اسلاميتان ولكن الاولى مالكية والثانية شيعية، ليتقرر مشروعية المالكية ولاشرعية الشيعية، ومن ثم لتصطف الدولة بجانب طائفة وتقمع اخرى بسبب او من منظور ان للدولة الحق في التدخل بضمائر افرادها ومواطنيها واختيار او فرض المعتقد والايمان لهم؟.

    وهل هذا مقرّ اسلاميا ودينيا في النصوص القرءانية والاخرى السيرية المحمدية، لتقوم به مملكة المغرب العربية الاسلامية بأسم حماية الهوية الدينية الاسلامية للشعب المغربي؟.

    أم ان الاسلام اساسا يرفض التدخل مطلقا بضمير الانسان ومن ثم ارغامه على الايمان بمبدا معين وتصور وعقيدة وطائفة محددة اسمها الطائفة السُنية المالكية المغربية ؟.

    أليس مثل هذه المواقف المغربية السياسية للملك وحكومته التنفيذية في المغرب ضد التشيّع مذهبا وفكرا وعقيدة وسلوكا .......، هو اعلان صريح ومناقض في جوهره لكل الاعراف الانسانية الدينية بمافيها الاسلامية ايضا، والاعراف الدولية في شرعة حقوق الانسان الدينية والفكرية والمدنية، وكذالك هي مواقف مناهضة لروح العصر وما وصلت اليه الانسانية من وعي يدرك بالفطرة: ان ضمير الانسان تحرّر منذ العصور الوسطى من سلطة الدولة والكنيسة، فكيف بعد هذا الطريق الطويل الذي قطعته البشرية، يأتي الزمان بمملكة المغرب ودولتها لتمارس دور الشرطي الحامي والحارس والفارض والمخطط لعقيدة الفرد والجماعة وايمانهم السُني المالكي كما تدعيه هذه السلطة البائسة؟.

    ولماذا فقط المذهب الشيعي هو الخطر على هوية المجتمع المغربية السُنية المالكية إن كانت دولة جلالته تحكم بالعدل وتجنح الى سواء السبيل في قضية تفجير سياسة (فوبيا التشيّع )؟.

    وماذا عن التبشير بباقي المذاهب والاديان والاتجاهات العلمانية التحررية من كل دين وملّة ومذهب وتوجه؟.

    وهل هي ايضا سوف تُمنع من الوجود على ارض العقل المغربي الاجتماعي كي لاتهدد استقراره الديني النفسي والعقدي الاجتماعي والسياسي؟.

    أم ان كل افكار العالم والانسانية والانس والجنّ لاتشكل اي خطر من بعيد وقريب على استقرار وتماسك ووحدة وهوية الشعب المغربي الدينية ماعدى الفكر والمذهب والمعتقد الشيعي الاسلامي هو المؤثرّ والمخرّب والأفاك والساحر والشاعر والكاهن... كونيا في هذه الحالة؟.

    وماعلاقة ايران الاسلامية عضويا بمبدأ وفكر التشيّع لمدرسة أهل البيت ع في الذهن المغربي حتى تقطع علاقاتها بدولة ايران الاسلامية، بدعوى نشر التشيّع وتعتبر ان التشيّع موجود لاغير في جمهورية ايران الاسلامية، وانها هي فقط من تؤمن بهذا المذهب وهي من ترّوج له وتدعمه وتدعوا اليه ؟.

    الا تعلم مملكة المغرب العلويّة الاصل: ان الشيعة والتشيّع باعتباره فكر وتصور ومعتقد وعلم ومدرسة ايدلوجية إسلامية هو في العراق العربي اساسا شيّدت قواعده ومنه انبثق عربيا صحيحا ليؤثر هو على ايران وليس العكس لتؤثر ايران فيه، وهكذا هو في لبنان وسوريا وتركيا وتونس والخليج ومصر وايران ..... وباقي دول العالم الاسلامي والعربي وغير الاسلامي العربي، فماهي لعبة نسبة التشيّع لاهل البيت لجمهورية ايران الاسلامية لاغير؟.

    الحقيقة انني لو شئتُ ان اترك الحبل على الغارب لاسألتي الحائرة والمستفسرة حول ظاهرة فوبيا المغرب من التشيّع لما توقفت الاّ بعشرت وربما مئات الاسئلة التي ينبغي على المملكة والحكومة المغربية ان تجيب عليها لتقنع العالم الانساني والعربي والاسلامي بخطواتها المستفزة ضد الشيعة والتشيّع بالذات ولماذا هذا الاستهداف المباشر لمبادئ الاسلام الشيعي الحقيقية !.

    فمثلا هل يُعقل عندما يأتي التشيّع الاسلامي من الغرب المغربي ليدخل لقلوب المغاربة عبر المحيط بلا اي ضغط او خوف او طمع او ابتزاز وخصوصا من بلجيكا او النرويج او الدنمارك او غير ذالك، فيبادر الملك وحكومته المغربية بقطع علاقاته مع المشرق الايراني، فهل رأت الانسانية مثل هذه السياسة الحكيمة من قبل!؟.

    ثم أليس سوف يسأل العالم أنفسهم ولماذا يؤمن الانسان المغربي بالتشيّع عندما يتنفس الحرية في الغرب، بينما يهجر المالكية التي تفرضها مخابرات الدولة المغربية على عقل وضمير هذا الانسان المغربي المسكين بالقوّة؟.

    وماذنب التشيّع اذا التفت الانسان المغربي حوله ليبحث عن اسلام يواكب العصر ويناغم الحضارة ويقنع وجدان العقل والروح، ويحمل التسامح والانفتاح فلم يجد امامه غير الاسلام الشيعي فآمن به؟.

    أخيرا: هل سنشهد مادامت الحجة المغربية هي الرعب من التشيّع قطع علاقات مملكة المغرب ايضا للعراق باعتبار انه بلد شيعي، وكذا لبنان ، والبحرين اكثرية السكان شيعة ...... وهلم جرّا لتكون سِنة المغرب السيئة في العلاقات الدولية والسياسية والدبلماسية والاجتماعية منبنية على البعد الطائفي والمذهبي لهذه الدول؟.

    أم اننا سنفاجأ بعد قليل من الوقت ان جلالة الملك محمد السادس المغربي نفسه هو متشيّع بالاساس الا انه مستخدم للتقيّة بعنف خوفا من شرطة السلفية الرجعية المسيطرة على المجتمعات العربية بالارهاب والحديد والنار في التاريخ وحتى هذه اللحظة؟.

    الحقيقة انه لايمكن لاي دولة في هذا العالم ان تأخذ دور الشرطي الذي يدعّي حماية المجتمع ورقابته الدينية، بينما هي في الاساس تمارس فرض رؤيتها الدينية الطائفية الضيقة على مواطنيها من منطلقات ما انزل الله سبحانه بها من سلطان، ولو كان للدولة هذه الوظيفة كما ادعّته المملكة المغربية مؤخرا من خلال مناهضتها السياسية للتشيّع الاسلامي، لكان رسول الله محمد ص الذي مثل دولة في رجل هو الاولى بالمسلمين والمؤمنين من انفسهم أحق بذالك، ولم نسمع او نقرأ او نُقل عنه ص انه امر بفرض الدين على بشر، ولاهو من صنف الانبياء الذي يحاولون التحايل على ضمائر الناس ليكسبوا ايمانهم بالحيلة والارهاب من فوبيا مزعومة ويرّوج لها من منطلقات سياسية، ولانذهب بعيدا، فهذا القرءان الكريم الكتاب المقدّس للمسلمين يتحدث عن: ((لااكراه في الدين)) وعن : ((من شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر)) مثلما تحدّث عن قوله سبحانه في دولة النبي الاكرم محمد ص في : ((أفانت تكره الناس على ان يكونوا مؤمنين)) ((وماانت عليهم بوكيل )) ..... وهكذا !.

    أفبعد هذا كله تأتي لنا مملكة المغرب ببدعة تحاول تسميتها بالسنة الحسنة لحماية العقيدة الدينية، وفرض نموذج سُني مالكي على شعب بكامله بأسم الخوف من خطر التشيّع الاسلامي؟.

    ثمّ الا يقول لنا أحد من العالمين ماهذه الاديان والايمانات التي تتقافز من قلوب المغربيين بالخصوص والعرب والمسلمين بالعموم، وليس لها ثبات ابدا منذ دولة بني أمية حتى هذه اللحظة الا من خلال الارهاب والتسلط والفرض وتسليط الشرطة الدينية السلفية بعصيهم ودررهم التي تلهب ظهور الناس بلارحمة، لنحافظ عليها في دولة أمير المؤمنين؟.

    أليس من المخجل حقا ان نقدم الاسلام والايمان به على هذا الاساس المخزي من الضمير المستعبد في اوطاننا والخاضع اولا لمراقبة السلطان وثانيا للشرطة والمخابرات، وثالثا للمسجد والجامعات ..... وكأننا امةٌ بالفعل اعتنقت هذا الاسلام بالسيف ، وآمنت بهذه الملّة تحت درّة الجلاّد؟.

    ألا تفهم هذه الدول والملكيات والحكومات ان اللعب بنار الفتنة الطائفية في الاسلام لاتحرق في الحقيقة الا اصحابها والنافخين بكيرها؟.

    أذن: الى متى ينسب لهذا الدين وهذا الاسلام ماليس منه وهو براء مما يحيكون باسمه، ويستعبدون البشر بسلطته ، ويناهضون الانسانية بالمخاطرة بسمعته؟.

    نعم: الايمان في الاسلام حريّة تُحمى، ومعتقد يبنى، وضمير فرد بين الانسان وربه، ونظام جماعة ترغب بالعيش في نمط معين من اساليب الحياة، ولايتدخل لفرضه الا شيطان ولايدّعي حمايته الا مغفل، ولايجرأ على اللعب فيه الاجاهل سيعلّمه الزمان انه صاحب الصفقة الخاسرة، ولنا في التشيّع الاسلامي أسوة حسنة، حيث ولد بلا سلطة ولاسلطان ولادولة ولاصولجان، ومع ذالك هاهو ينمو ويكبر بين قلوب الناس ومحض اختيارهم، كتجربة للايمان لم يرى الوجود مثلها في انتصار الفرد لاختياره في هذه الحياة !.

    كاتب مصري
    البريد الالكتروني: alshakerr@yahoo.com






  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    بقلــم : يوسف هريمة
    المغرب ووهم الخطر الشيعي

    في الوقت الذي ينادي فيه العالم العربي والإسلامي عموما، والمغرب على وجه الخصوص بحوار الأديان والثقافات يرفع الإعلام الرسمي المكتوب صوته، وتجهز كل الآليات الدينية وغيرها للوقوف ضد ما تسميه الصحافة بالخطر الشيعي في المغرب. كل هذا السياق المتناقض إلى حدود عدم فهم كل هذا التلاقي مع الأديان والثقافات في ندوات ومؤتمرات عالمية، والتطبيع مع الإيديولوجيات العدوانية في تأسيسها والبعد عن بني الجلدة شيعة كانوا أو غيرهم، ينبئ بأن ثمة شيئا ما يحرك لعبة الخطر الشيعي المتوهم داخل سياق سياسي متناقض مع نفسه وأهدافه ومراميه.

    شكلت صفقة التبادل الأخيرة التي أبرمها الكيان الصهيوني مع حزب الله اللبناني نقطة تحول تاريخية في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، الذي دام أكثر من ستين سنة أحرج العالم العربي بإسره ووضعه على المحك، بحيث أصبح الوعي العربي مؤمنا بأن استراتيجية المقاومة والدفاع والذود عن الأرض والعباد من أجل الحصول إما عن الكرامة أو الموت في سبيل الوطن هي الخيار الوحيد ضمن صراع الأقوياء والتحالفات الكبرى بين الدول الإمبريالية على حد سواء. هذا السياق التاريخي أربك كل الحسابات وأعاد النظر في مجموعة من الأشياء كانت تختفي وسطها البلدان العربية عن قصد أو غير قصد بسيادة روح انهزامية وتبعية كلية لمقررات القوي، دون أن تسمح لنفسها بقراءة واعية لشروط التاريخ كسرها حزب صغير لا يتعدى الآلاف من المقاتلين، استطاع لوحده أن يكسر كل هيبة أو هالة مصطنعة أحيطت بالجيش الذي لا يقهر، محركا بآلياته الإعلامية والاجتماعية والاقتصادية ماء راكدا في الوحل العربي.

    من هذه النقطة بالذات وبدل أن يتم الاستفادة من هذه التراكمات أخطاء كانت أو إيجابيات، والبناء عليها للسير قدما إلى ما يحقق كرامة الوطن وعزته، سارت الحكومات العربية وفق منظار آخر، مجندة كل إمكاناتها للفت الانتباه عن هذا المعطى الهام في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، الذي تعيش من جرائه إسرائيل أحلك أيامها كما يصرح مسؤولوها أنفسهم، وبدأت الآلة الإعلامية العربية مكتوبة ومرئية تسوق لخطر قادم اسمه الخطر الشيعي. كان لزاما أن يكون المغرب داخل هذا السياق الباعث على خطر قادم من الشرق والمتأثر أساسا بحركة حزبية تتعاطف معها شعوب العالم العربي بأسره، بل تهتز لكل نبضة من نبضات قضيتها. ولكي ينجح الأمر في مثل هذه القضايا لن يكون هناك أفضل في التعاطي مع هذا المعطى من سلاح العقيدة، فسلاح العقيدة سلاح ذو حدين تكون نتائجه سلبية إذا ما ارتبط الجانب العقدي بسلطة الإكراه والقوة القسرية وإجبار الناس على مسبقات وتحيزات معينة. لم يكن هذا الأمر واردا في مخيلة المغاربة بشكل عام إلا بعد الانتصارات التي حققها حزب الله في الجنوب اللبناني، ووضع كل المعطيات العربية على محك التساؤل في جدواها وفائدتها خلال مسار تاريخي عمره يتجاوز الستون السنة من الإخفاقات والنكسات. لا بد أن تحريك هذا البعبع القادم من جنوب لبنان بغطاء مذهبي سيكشف عن خبايا وأسرار لم تكن على الحسبان، حين تجند الأقلام وتزيف الحقائق وتنشر البيانات الدينية الواحدة تلو الأخرى منددة بالعقيدة الشيعية في خطة محكمة هدفها الأول والأخير ضرب المقاومة اللبنانية وكسر شوكتها بغطاء الطائفية والمذهبية، كي لا تتحول الانتصارات إلى إخفاقات في الجانب الآخر المهادن والمسالم طوعا أو كرها.

    إنني هنا لا أنطلق من منطلق عقدي في تقييم هذه الحركة الإعلامية ذات الأبعاد الدولية من جهة والمحلية من جهة أخرى، فلا يجمعني بالشيعة أي رابط عقدي إلا رابط الأخوة الإنسانية المتجاوزة لحدود الدين وإكراهاته، ولا أعتقد أن هناك فرق بين السنة والشيعة إلا الاختلاف السياسي الناجم عن حروب حكاها التاريخ، ومواقف لا زالت تجر خيبتها حتى وقتنا المعاصر بين فئات من الناس لم يفهموا بأن العقيدة شأن شخصي ما لم تتحول إلى سلطة إكراه. فلا العصمة ولا الإمامة ولا عدالة الصحابة ولا ولاية الفقيه ولا المهدوية هي من تحرك هذه اللعبة، بقدر ما هو الحدث التاريخي وانتصار الثلة المقاومة من أجل أرضها مهما كانت نظرة البعض إلى هذه التجربة. ومن هنا يأتي التناقض:

    *- حوار الأديان والثقافات إلا الشيعة:

    يبدو المنظر غريبا نوعا ما والمملكة العربية السعودية راعية السنة في العالم العربي والإسلامي تدعو إلى التطبيع مع الكيان المعتدي، وتقدم مبادرة تدرج فيها كل العالم العربي بقيام علاقات طبيعية مع إسرائيل وتتعهد بالاعتراف بها، كما وتقوم بالترويج إلى مؤتمر حوار الأديان المنعقد مؤخرا في مدريد، دون أن تستطيع محاورة حزب سياسي له رؤيته للصراع مهما كانت نظرتها إليه سلبا أو إيجابا. فكل المؤشرات والتصريحات أثناء حرب تموز أو بعدها أو خلال اتفاق الدوحة أو قبله تنبئ على عمق عقدي خطير امتزج فيه السياسي بالديني، مع إمكانية التلاقي على قواسم مشتركة نابعة من الدين الواحد والمصير الواحد. نعم للحوار والتطبيع مع المعتدي وغير المعترف بالشرعية العربية والأغيار عموما كما تؤسس لها العقيدة الصهيونية، ولا للحوار مع ثقافة ورؤية دينية لها ما لها وعليها ما عليها ما دامت ثلة من المستضعفين تحملها برؤية استراتيجية وقراءة واعية للمشهد اللبناني المتنوع والمختلف. يبدو أن التناقض صارخا بين النظرية والتطبيق حين تؤسس المؤتمرات والندوات لمصافحة العدو وتزيين الصورة للعالم الغربي، وبين التنكر لبني الجلدة مهما اختلفنا معهم في تقييمهم للمرحلة وإكراهاتها.

    هذا المسار نفسه هو مسار المغرب الذي نظم ندوة دولية في سنة 2003 حول:" حوار الثقافات هل هو ممكن؟ " أعرب الكثير من المتدخلين فيه على أن هذا الحوار ممكن، ويجب أن تكثف الجهود من أجل إنجاحه مع ثلة من المفكرين العالميين جورج لايبكا، ألان جوكس، جون برايماس، نصر حامد أبو زيد، برنار لويس وغيرهم كثير... ممن أثتوا فضاءات أكاديمية المملكة المغربية. كل هذه الندوات والحوارات المغلقة لا تجد مصداقيتها حينما تمتزج الثقافة بالسياسة أو الدين بالتوجه السياسي، فبالرغم من هذه الدعوات تفتح المؤسسات الرسمية بخطاب ازدواجي حربا على ثقافة الآخر، حين تكون المعايير الدولية لا تسمح بالتخاطب مع ثقافة معينة ولو انتسبت إلى الأصل الواحد، أو كان من يعتنقها له توجه معين لإسقاط المشاريع الكبرى في المنطقة العربية.

    حزب الله ليس حزبا عقائديا:

    إن الحزب العقائدي هو كل حزب يجعل من عقيدته ميزانا للحكم على الآخر، ويتسلط بقوة الإكراه على المخالف لإجباره على قبول مسبقاته، وما دامت العقيدة هي فقط ما يعقد عليه القلب أو العقل في مرحلة من المراحل فلا ضرر من ذلك، لأن الحرية العقدية جزء لا يتجزأ من كينونة الإنسان وعبثا يحاول التخلص من الجانب العقدي الفكري. ومن هنا فليست العقيدة بعبعا سواء كانت يمينية أو يسارية دينية أو لا دينية، ما دامت في حدود الذات والفعل الشخصي ولم تمتزج بسلطة الإكراه، وإن تجاوزت ذلك فهذا هو الحد الفاصل بين الدين كشروط ومبادئ وقيم وبين التسلط والتستر خلفه.

    إن الناظر في أدبيات حزب الله اللبناني لا يجد البعد العقائدي بمعناه السلبي الذي شرحناه سابقا، وإن كانت كل المؤشرات تشير إلى تبعيته الدينية إلى ولاية الفقيه والتدين بالمذهب الشيعي الإمامي كاختيار شخصي له ولمن والاه، دون فرضه على الناس بمنطق القوة. يؤكد هذا الأمر هذا التحالف الكبير بين تيارات المعارضة اللبنانية المشكلة من كل الطوائف بما فيهم السنة والمسيحيين والدروز. وليس من المنطق أن يكون هذا الالتفاف الجماهيري والشعبي على حزب من مختلف الطوائف ببعد عقدي معين، فالقضية أكبر من عقيدة حينما تصبح قضية خيارات مطروحة بين فريق منهزم نفسيا قبل أن ينهزم في الميدان، ويبن فريق آخر يرى أن القوة تتجاوز الآلة الحربية حين تصبح قوة قضية ومبادئ وشرف. قلت هذا لأن السياق الذي تأت فيه الحملة على بعبع الشيعة داخل ضمنا في هذه القضية الكبيرة والمتصارعة في العالم العربي بين الرؤيتين السالفتي الذكر، وإلا فالشيعة والسنة كما اليهود أو الأمازيغ أو الثقافات الأخرى هم جزء من النسيج المغربي المنسجم داخل إطار الوطن الواحد، القادر على تذويب الفوارق بين طبقاته الاجتماعية خاصة الفكرية أو الإيديولوجية منها على وجه الخصوص.

    *- المغرب وخطر موت الإنسان:

    إن الخطر الحقيقي الذي يتهدد المغرب هو الجهل والأمية التي تفتك ب 60 في المائة من ساكنته، وبقلة الموارد البشرية والمائية والجفاف أمام سياسات ترقيعية لا تفي بالغرض المطلوب. إنه خطر العطالة والبطالة وعدم قدرة الدولة على إدماج معطليها وحاملي الشواهد العليا منهم في الوظائف والمهن والأعمال المختلفة، وتكتفي بمقاربات أمنية تصعيدية تهز من الصورة الحقيقية لدولة الحق والقانون والمشروع الاجتماعي الذي يبنى على سواعد المواطن العادي. إنه خطر قمع الحريات بمختلف أنواعها ومنها حريات التظاهر والصحافة والتعبير، والتضييق الذي ينتهي بفقدان الثقة بين المؤسسات الرسمية والشعب في سابقة لم تعرف لها البلاد مثيل رسمتها أحداث سيدي إيفني الأخيرة. إن المغاربة لن يتهددهم إلا لقمة العيش الغالية والمرتفعة السعر في ظل تدني الأجور وضعف القدرة الشرائية للمواطن العادي والمعدوم، ولن يتهددهم الجانب العقدي بشيء ما داموا مسالمين فكرا وروحا.





  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    39

    افتراضي

    كان لي رد هنا

    لا أعلم أين أختفى !!

    من الممكن أن الرأي الآخر غير مرغوب فيه !!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    تاريخ النشر :20/3/2009 5:56 PM
    المغرب: حرب دينية وسياسية ضد الشيعة
    في البلاد 1

    الرباط- آفاق - خاص
    أتهمت وزارة الشؤون الدينية المغربية إيران بمحاولة خلق قوى شيعية ضاغطة في المغرب لتمرير رسائل ذات بعد سياسي تحت غطاء الحوار الديني الذي كانت تنادي به السفارة الإيرانية في الرباط. في الوقت نفسه ذكرت بعض الصحف المحلية أن عدد الشيعة في المغرب تجاوز 100 ألف خلال ثلاث سنوات.
    وقالت الوزارة في بيان لها جاء أيام بعد قرار العاهل المغربي قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران أن رجال الدين في المغرب ما فتئوا يلفتون انتباه المغاربة إلى الممارسات التي يقوم بها الشيعة في المغرب والذين كانوا يحصلون على الدعم من الخارج، وهي إشارة مباشرة إلى إيران.

    لكن المراقبين لا يرون في التشيع سببا وحيدا في الانتفاضة السياسية المغربية ضد إيران، حيث ربطت بعض الصحف المغربية بين التحقيقات والاستجوابات الأمنية المستمرة مع زعيم شبكة "بلعريج" التي تم تفكيكها في المغرب السنة الماضية و بين القرار الأخير ضد إيران.

    وقالت صحيفة الحدث أن الاعترافات التي أدلى بها "بلعريج" لا بد أن لها علاقة بقرار المغرب قطع العلاقات مع إيران، حيث توترت العلاقات بين الرباط و طهران حتى قبل أن يصدر تصريحا من برلماني إيراني ضد السيادة الترابية للبحرين.

    وأضافت الصحيفة تقول إن اعتقال إسلاميين شيعة في قضية "بلعريج" ليست مجرد تصفية سياسية بين المغرب وإيران، بل لأن إيران حاولت فعلا استهداف الأمن الداخلي في المغرب عبر التخطيط لاستهداف المعابد والجالية اليهودية، التي يفوق عددها نصف مليون يهودي موزعين على أكثر من مدينة.

    وأعزت الصحيفة هذا الاحتمال إلى الانتشار الأمني الكبير الذي طوق الأحياء السكنية اليهودية بمجرد اعتقال "بلعريج" وما يزال التطويق الأمني مستمرا إلى الآن.



    "المد الشيعي حقيقة خطر على المغرب"

    بهذا التعبير علق "خالد الناصري" الناطق الرسمي باسم الحكومة على قرار المغرب قطع علاقاته بإيران، وهو التعليق الذي لم يكن بعيدا عن كل التصريحات الأخيرة الصادرة عن رجال الدين فيما يخص المد الشيعي في المغرب، حيث ذهب بعهم إلى القول في برنامج بثه التلفزيون المغربي إن من يترك السنة نحو التشيع كمن ارتد عن الدين.

    وكانت أرقام متضاربة نشرتها العديد من الصحف المحلية تقول إن عدد الشيعة في المغرب تجاوز 100 ألف في ظرف ثلاث سنوات، حيث ربطت صحيفة المساء المد الشيعي بما حققه حزب الله في لبنان قائلة إن المغاربة انغروا بحزب الله وما فعله عام 2006، بينما اعتبرت صحيفة الحدث أن حزب الله ليس أكثر من "تنظيم عسكري إيراني" في لبنان، وهو الشيء الذي ردده شيعة المغرب لاستقطاب الشباب المتعطش للقوة ولانتصار إسلامي ضد إسرائيل.

    وذكرت الصحيفة أن موقف حزب الله وإيران من الحرب الأخيرة على غزة زاد في شعبيتهما إلى درجة أنه طوال تلك الحرب كان المغاربة يتظاهرون حاملين الأعلام الفلسطينية وعلم حزب الله الأصفر، وهي الصورة التي جعلت إيران تعتقد أنها "وضعت اليد" على المغاربة حسب تعبير الصحيفة!

    مغاربة يشهرون تشيعهم أمام الملأ

    هذه الحرب المتبادلة بين الشيعة و السنة في المغرب لم تمنع شباب من إعلان تشيعهم عبر المنتديات ومواقع مفتوحة للدردشة مثل "الفايس بوك"، بيد أن أغلب المنتديات السلفية في البلاد تتداول هذه الأيام أشرطة مصورة عن اعترافات مغاربة بتشيعهم، وأغلب هؤلاء الشباب من الباحثين والجامعيين.

    ويتداول المغاربة شريط فيديو للباحث منير الخير وهو يروي فيه حكاية تشيعه على أيدي شيعة مغاربة قالت صحف محلية إن اغلبهم تلقى تعليما دينيا شيعيا في سورية و إيران قبل أن يسافروا إلى لبنان ومن ثمة العودة إلى المغرب لنشر التشيع على نطاق واسع، خاصة أن أغلب شيعة المغاربة يعترفون بولائهم الديني لإيران، وهي الكرة التي تدحرجت لسنوات من القمة إلى أن سقطت مدوية.

    والغريب في الأمر أن رجال دين جزائريين يطالبون سلطاتهم بالقيام بنفس الشيء ضد إيران لوقف المد الشيعي الذي يمتد إلى مدن الشرق الجزائري بشكل غير مسبوق، في مدن محاذية لتونس التي قررت سلطاتها منع الكتب الشيعية من البيع في المكتبات العامة.








  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    موصلة رسالة بأن أصل الخلاف "سياسي" وليس "مذهبي"
    إيران ترد على المغرب في... موريتانيا!

    محمد الأشهب الحياة - 27/03/09//
    في حدة الأزمات يكون الوقت ملائماً للإفادة من أي ثغرة أو نفق، ويبدو أن المجلس الحاكم في موريتانيا كان في الموقع المناسب لقطف ثمار الأزمة الناشئة بين المغرب وإيران. أقله أنها شرّعت الأبواب أمامه لحيازة شرعية سياسية ذات لباس ديني، بالنظر الى أن أشد الانتقادات وطأة جاءته من تيارات اسلامية، وإن لم تعرف عنها ارتباطات بإيران، فالأهم أن وزير خارجية ايران منوشهر متقي حط الرحال في العاصمة نواكشوط بهدف معاودة ترتيب علاقات بلاده مع بلدان الشمال الافريقي.
    بين الطرح المغربي الذي يتمسك بالطابع الثنائي لأزمته مع إيران التي آلت الى قطع العلاقات الديبلوماسية مع طهران، والرد الإيراني الذي يتجه نحو انفتاح أكبر على المنطقة المغاربية، يكمن مظهر آخر للصراع، يتداخل في ثناياه ما هو سياسي بما هو ديني، غير أن المغرب الذي رفض إقحام أي شيء على حدوده الجنوبية مع موريتانيا لا يمكن أن يقبل زرع شكوك في المساحات ذاتها، أكانت ذات رداء سياسي أم خلفية مذهبية. ما يشير الى أن الأزمة مع إيران في طريقها لأن تجرف معطيات وحسابات.
    ليست موريتانيا حلقة ضعيفة كما كان يتردد سابقاً، ولكن وضعها السياسي منذ اطاحة نظام الرئيس الشيخ ولد عبدالله جعلها أقرب الى الانجذاب لصراعات اقليمية وظرفية، فقد كان يكفيها تعليق السفارة الاسرائيلية في نواكشوط ليفسح أمامها في المجال أمام تطبيع ايجابي مع الجماهيرية الليبية، الى درجة دفعت الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أن يجرب وصفة وساطات للتقريب بين مواقف الاخوة الأعداء في صراع السلطة. وكان يكفي الجنرال محمد ولد عبدالعزيز أن يطير الى قمة الدوحة لملاقاة منتقديه من بين عواصم الشمال الافريقي. أما الآن فإن الأزمة بين الرباط وطهران مكنت بلاده من جولة حوار مع ايران يعتبر اختراقاً بكل المقاييس. ومن يدري فإن تطورات في الموقف الأوروبي وفي العلاقات مع بلدان الجوار الافريقي قد تقلل من مضاعفات التضييق على النظام الجديد في حال مراعاته مطالب لا تقتل الذئب ولا تفني الغنم.
    قبل اندلاع الأزمة الراهنة بين الرباط وطهران استضافت نواكشوط اجتماعاً رفيع المستوى لمسؤولين أمنيين في المنطقة المغاربية، كان جدول أعماله يختزل التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة، أكان ذلك على صعيد تنامي الانفلات في ضوء تصعيد تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الاسلامي تحركاته، أو على خلفية تزايد المخاوف من تحويل رقعة بلدان الساحل جنوب الصحراء الى افغانستان ثانية، بيد أن الرباط اختارت وحدها أن تنعت خلافاتها مع إيران بأسمائها الحقيقية، ونحت في اتجاه الإبقاء على الطابع الثنائي للأزمة.
    قد تكون الرباط سعت من وراء ذلك الى توجيه أكثر من رسالة، ليس أبعدها أنها تلوح بتحملها المسؤولية وحيدة إزاء ما تعتبره قراراً يندرج في اطار ممارسة السيادة. غير أن الرد الايراني، وفي ضوء استمرار علاقات شبه عادية مع كل من الجزائر وليبيا، يطرح الوجه الآخر لتداعيات الأزمة. ومن ذلك أن ما يريده المغرب ثنائياً ترغب ايران في "تدويله" اقليمياً. ذلك أنه على رغم البُعد الأمني والمذهبي للأزمة التي كان ممكناً أن تنفجر قبل هذا الوقت، فإن المنطقة المغاربية تظل المتنفس الطبيعي للمغرب في محيطه الاقليمي، وإن تأثرت بتداعيات الموقف من نزاع الصحراء وإشكالات عدة.
    في ظاهر الصورة أن المغرب رمى بنظرته في اتجاه منطقة الخليج للرد على ما اعتبره استفزازات ايرانية لمملكة البحرين، فيما يأتي الرد الايراني الآن على مرمى بصر من جوار المغرب في منطقة الشمال الافريقي، فهل يعني ذلك أن البُعد الجغرافي بين الرباط وطهران يراد اختزاله في مساحات أخرى؟
    الراجح أن قرار الرباط قطع علاقاتها الديبلوماسية مع ايران صدر من طرف واحد. غير أن الاشكالات القانونية لموقف كهذا لا تفسر كل شيء. فالجغرافيا تبعد البلدان عن بعضها لكن الحسابات السياسية يمكن أن تقربها أكثر الى حيث المجالات الحيوية لهذا الطرف أو ذاك.





  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    تاريخ النشر :31/3/2009 3:47 PM

    النبي لم يكن سنيا ولا شيعيا بل كان حنيفيا
    المفكر المغربي محمد طيفوري لـ"آفاق":1
    الخطر الشيعي في المغرب تهويل ومبالغة رسمية إعلامية وقطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران مرتبط ارتباطا وثيقا بمتغيرات ومستجدات الساحة المشرقية

    محمد طيفوري

    1


    الرباط- أجرت الحوار: ياسمين صلاح الدين ـ خاص

    اعتبر الباحث المغربي في الفكر الديني ومقارنة الأديان محمد طيفوري أن الحديث عن خطر شيعي في المغرب هو من قبيل التهويل والمبالغة التي تقوم بها بعض الجهات الرسمية وبعض وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن التشيع قائم لكن ليس بالمستوى المروج له، خاصة في ظل عدم وجود إحصائيات رسمية حول الموضوع.
    وقال طيفوري في حديث لموقع آفاق إن قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مؤخرا مع إيران "لا يعود إلى اسباب دينية أو طائفية وإنما مرتبط ارتباطا وثيقا بمتغيرات ومستجدات الساحة المشرقية وتحديدا منذ العدوان على غزة وما أفرزه من تشكيلات جديدة في الخريطة السياسية العربية".

    وفيما يلي نص الحديث:

    آفاق: أحب في الأول أن أسألك عن قرار المغرب بقطع علاقته مع إيران. لماذا هذا القرار في نظرك؟

    محمد طيفوري: يأتي هذا القرار تحت غطاء نشر التشيع ودعمه في صفوف شرائح المجتمع المغربي من قبل جهات معينة حسب الرواية الرسمية، أما الواقع فيكشف عن حقائق مغايرة لما يروج له رسميا.

    آفاق: تقصد أن خلف هذا القرار أسبابا سياسية وليست دينية أو مذهبية؟

    محمد طيفوري: صحيح فالقضية سياسية تحت عباءة دينية وطائفية، إذ المتأمل في الأجندة السياسية المغربية مؤخرا يجدها مرتبطة ارتباطا وثيقا بشكل غير مكشوف عنه بمتغيرات ومستجدات الساحة المشرقية وتحديدا منذ العدوان على غزة وما أفرزه من تشكيلات جديدة في الخريطة السياسية العربية.

    ومن الفرضيات التي نطرحها كباحثين بخصوص قطع العلاقات تباين موقف البلدين حول التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كما يفترض أن يكون من ورائها ما توصلت إليه السلطات الأمنية في ملف بلعيرج، دون أن ننسى بعض التقارير التي صدرت حول التدين في العالم والتي ذهبت في اتجاه تحليل الوضع الديني بالمغرب بنوع من الإيجابية ما قد يزيد من حماسته في ترويج خطابه الديني المتسم بالازدواجية ( وكمثال هنا نذكر نسبة زيادة المجالس العلمية التي تجاوزت %130). إنها تأويلات نطرحها في انتظار وضوح الرؤية الحقيقية حول الموضوع.

    آفاق: ثمة من يظن أن سبب التشنج السياسي بين المغرب وإيران يكمن في التقارب الذي تبديه هذه الأخيرة مع دول مغاربية ليست على علاقات جيدة مع المغرب مثل الجزائر؟

    محمد طيفوري: لم لا، فكل الفرضيات ممكنة في هذه الحالة وإن كان هذا الاحتمال بحظوظ أقل نظرا لتعدد الدول ذات العلاقات الجيدة بالجزائر أكثر من إيران لكن لم يحدث معها نفس الأمر. ربما قد لا نبالغ إن قلنا أن الدبلوماسية المغربية تنهج مؤخرا قاعدة "عدو صديقي عدوي" فإيران على علاقة غير جيدة مع بعض الدول التي تعد حليفا استراتجيا بالنسبة للمغرب، ما يدفع هذا الأخير إلى إعادة النظر في خريطة علاقاته الخارجية بذرائع قد تكون أحيانا منطقية كما هو الحال في ما يخص وحدته الترابية وأحايين أخرى واهية كما هو الحال الآن.

    ونحن نقول هذا لا نعيب على المغرب سعيه لمراقبة حقله الديني بيد أن الأمر غير المقبول هو أن تكون الانتقائية في تطبيق خطة المراقبة هاته، إن كانت هناك أصلا خطة مسطرة في هذا المجال. دون أن نغفل الفصل السادس من الدستور الذي يضمن حرية الاعتقاد لكل مواطن ما يجعل دعاة تأسيس المجتمع الديمقراطي الحداثي أمام مأزق يتعين عليهم حله؟؟

    آفاق: بصفتك باحثا كيف تفسر استمرار التشاحن المذهبي القديم بين الشيعة والسنة إلى يومنا هذا؟

    محمد طيفوري: إن الأمر لا يحتاج في نظرنا إلى تفسير مادام كل طرف يدعي أنه على صواب وأن غيره مخطئ دون أن يكلف نفسه حتى الاستماع لهذا الطرف المخالف، إذ يكتفي بالدفاع والذود عما ورثه عن آبائه وأجداده بكل ما أوتي من قوة متهما كل من خولت له نفسه طرح التساؤل من بني طائفته أو من طائفة مخالفة.

    بل أكثر من هذا يجد الباحث في ثنايا النصوص الخاصة بالمنظومتين (السنية والشيعية) ما يدفع إلى هذا التشاحن والصراع ويحث عليه ـ والمقام لا يتسع هنا لإيراد أمثلة على هذا الأمر ـ من نصوص لا أصل ولا فرع لها في الدين بل وظفت تاريخيا لحسم معارك لا ناقة ولا جمل لمن يدافع عنها اليوم فيها. وهنا أود أن أشير إلى أوهام كثيرا خدعنا بها وهي ما يسمى ب"حوار الأديان" إذ كيف يتحدث هؤلاء عن هذا الأمر وهم غير قادرين على التحاور فيما بينهم إذ تتوفر الحدود الدنيا لإقامته، فما بالنا بالتحاور مع أديان وملل أخرى؟؟.

    آفاق: قلت في إحدى دراساتك أن النبي لم يكن سنيا و لا شيعيا بل كان حنيفيا، كيف هذا؟

    محمد طيفوري: تماما، فالنبي الأكرم لم يكن سنيا ولا شيعيا وأتحدى من يقول النقيض أن يأتي بإثبات واحد على دعواه، فالقرآن تحدث على أنه رحمة للعالمين وقبل ذلك نجد في سورة الحج الآية 78 "وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واعتصموا بحبل الله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير" آية لا يختلف حولها الطرفان ـ شيعة و سنة ـ لم تتحدث عن أي منها بل تحدث كغيرها من الآيات عن المسلمين وفقط. فما محل التصنيفات المبتدعة من الإعراب يا من يدافعون عنها؟

    آفاق: و من أين جاء إفراز المذهبين السني والشيعي إذا؟

    محمد طيفوري: مرد الأمر إلى الخلاف الطائفي السياسي التاريخي حول الخليفة وشروط الخلافة ونظام الحكم أهو شوري أم ملكي وراثي؟ عسكري أم مدني؟ في هذه القبيلة أو تلك؟ عموما لم يتجاوز الأمر صراعا سياسيا محضا لا يد للدين فيه من قريب أو بعيد، وذلك لكون هذه الأمور بكل بساطة مما سكت عنها المشرع وترك تدبيرها للمسلمين أنفسهم دون أن يلزمهم بنمط معين للخلافة والحكم.

    هذا الأمر لم تفهمه مع كامل الأسف عقليات صيرت الدين إلى لائحة من الأوامر لا تتجاوز دائرتي "افعل/ لا تفعل" (حلال/ حرام) ما دفعها إلى البحث عن نصوص حول موضوع الصراع ألا وهو الخلافة في القرآن الذي حاولت جاهدة أن تفسر وتؤول في نصوصه ما شاءت بيد أن ذلك لم يشفي غليلها ما أرغمها على صناعة ووضع النصوص وأجدد التأكيد على لفظ صناعة.

    وأدلتي فيما أزعم هنا كثيرة لعل أبرزها الخلاف الدائرة بين الصحابيين أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب حول هذا الموضوع إذ قال هذا الأخير للأول حاججتهم ـ الأنصارـ في الأحقية بالخلافة بالقرب من النبي وأنا أقرب الناس إليه دون أن يوظف هذا الزخم من النصوص التي تعج بها الكتب الصفراء والتي تفرد الخلافة لعلي بن أبي طالب. ما يعني أنها نصوص وضعت في زمن تال أي بعد وقوع الحوادث.

    أكثر من ذلك ثنائية الشيعة/ السنة لم تظهر إلا مع علي بن أبي طالب فإن كانت في الدين أو كان جوهرا أساسيا فلماذا تأخرت في الظهور إلى هذا الوقت أي لما لم تكن في زمن النبي أو أبو بكر أو عمر...

    أختم بقولة كثيرا ما نكررها لكن مع الآسف قلة قليلة من فهمت مفادها هي أن قراءة بعض النصوص في كتب السنة الصرفة لم تكن تسعفنا على الفهم لكن حين قرأناها في كتب التاريخ فهمناها جيدا، ثم إننا قرأنا نصوصا في كتب السنة فقبلناها لكن حين قرأناها في كتب التاريخ لم نقبلها. إن القاعدة الرئيسية التي يمكن الاشتغال بها في التعامل مع النصوص التي بما فيها موضوع السنة والشيعة هي "قراءة النص على ضوء التاريخ وفي التاريخ على ضوء النص".

    آفاق: يتلخص المذهب الشيعي في الإمامة والعصمة، و هما محل جدال لدى السنة. هل ورد في القرآن ما هو متعارف لدى الشيعة في مذهبهم عن الإمامة والعصمة و ما إلى ذلك؟

    محمد طيفوري: كما سبق وأكدت يعد موضوع الخلافة من الأمور المسكوت عنها في النص المرجعي الذي هو التنزيل الحكيم، ما يعني أنها موضوع اجتهاد مجتمعي وأنا لا أقصد بلفظ الاجتهاد المفهوم الضيق أي مصدر من مصادر التشريع.

    أما عن موضوع العصمة والإمامة لدى الشيعة فلها مقابل عند السنة هو القرشية ما يعني أن عملية الوضع والفعل التاريخي لم تسلم منها كلا المنظومتين. فيما يخص التأصيل لهذه الأمور في القرآن نجد المشتغلين بالموضوع حاولوا تأويل مختلف الآيات حتى تستجيب لما يسعون لتحقيقه، علما أن الآيات سكتت عن هذا الأمر الذي أدرج في دائرة المباح التي هي الأصل مقابل دائرة التقييد التي هي الاستثناء. خلاصة القول أن هذه الأشياء لا أساس لها في الدين بل جاءت وليدة ظروف سياسية وصراعات طائفية الإسلام بريء منها براءة الذئب من دم يوسف كما يقال.

    آفاق: ثمة حديثا عن تغلغل شيعي واسع في المغرب، إلى أي حد يمكن تصديق ذلك؟

    محمد طيفوري: إلى حدود هذه المقابلة ليست هناك إحصائيات رسمية أكاديمية حول الموضوع باستثناء تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية تحدثت فيه عن وجود 3000 شيعي بالمغرب، لكن كل ما نجده أمامنا بعض التقديرات الخاصة ببعض الباحثين المهتمين بالشأن الديني ونذكر بالخصوص الباحث محمد الغيلاني وسليم حميمنات ومنتصر حمادة وإن اختلفت تقديراتهم وطروحاتهم بخصوص القضية. كما نجد التهويل الذي تقوده بعض الجهات (أفرادا وتنظيمات) بخصوص هذا الموضوع. الأكيد أن التشيع قائم لكن ليس بالمستوى المروج له إعلاميا إنما نصيبه لا يتجاوز نصيب بقية الأنماط أو أقل.

    آفاق: ما الذي يجعلك تظن أن المذهب الشيعي صعب انتشاره في المغرب المالكي؟

    محمد طيفوري: أنا لم أرجع صعوبة الانتشار إلى المذهب المالكي بل الإشكال كامن في المنظومة الشيعة في حد ذاتها هذا من جهة ومن أخرى فمرد الأمر بكل بساطة إلى كون المغاربة متدينون بالوراثة فمن الصعب جدا أن تقف داخل أي شريحة من شرائح المجتمع المغربي على من تدين عن طريق القناعة النابعة من بحث وتقصي في جوهر الدين الذي يعتنقه، علاوة على ذلك فما يروج إعلاميا من سنية المنظومة ومالكية المذهب أقوال لا تتعدى المستوى الرسمي والقانوني أما عن الواقع الممارس واليومي أو ما يسمى ب"الإسلام الشعبي" فالأمر مختلف تماما حيث نجد فيه أنماط متباينة من "إسلام خرافي" و "إسلام سلفي" و "إسلام حركي" و "إسلام صوفي" ... الذي تشجعه الدولة في الآونة الأخيرة. كل هذا يفضي بنا إلى الإقرار بصعوبة الحديث عن انتشار أي مذهب كيفما كان في مثل هذه المجتمعات المركبة تركبا تتحكم في الهوية النفسية الاجتماعية قبل كل شيء.

    آفاق: لكن ثمة شباب من دول المغرب العربي تشيعوا فعلا وصاروا يعلنون تشيعهم عبر اليوتوب و عبر مواقع شيعية. ما رأيك؟

    محمد طيفوري: بداية الاستثناء لا يلغي القاعدة إنما يؤكدها كما يقول بذلك أهل المنطق ثم إن هؤلاء ثلة تمثل نمط من أنماط الإسلام المتحدث عنها سالفا وهو "الإسلام الشيعي" الذي استغل أهله الفرصة للظهور ما دام الموضوع حديث الساعة في المستويين السياسي والإعلامي لعل وعسى أن تكون للأمر مقاربة ما تفيدهم خصوصا وأن ما يروج من اشتغالهم في تنظيمات أمر مبالغ فيه إذ لا يتجاوز الأمر جمعيات معدودة على رؤوس الأصابع لا يكون هدفها المباشر نشر التشيع. ما يعني أن الشائع في الإعلام من وجود تنظيم شيعي بالمعنى الدقيق للكلمة مستبعد جدا لأسباب أبرزها اختلاف الشيعة أنفسهم حول برنامج محدد.

    آفاق: الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري قال في تصريح سابق إن الشيعة خطر على المغرب، في نظرك أين يكمن الخطر؟ هل في التشيع نفسه أم في ولاء الشيعة لكل من إيران و لحزب الله؟

    محمد طيفوري: اسمحي لي أن أتحفظ عن الحديث عن الخطر لأن الجهات الرسمية تبالغ أحيانا شأنها شأن بعض وسائل الإعلام مع كامل الأسف، إذ كيف يمكن الحديث عن خطر دون وجود إحصائيات رسمية حول الموضوع ما يجعل الكلام هنا فاقد لأي سند علمي، بل أكثر من ذلك شيعة المغرب التي يرى السيد خالد الناصري أنها تشكل خطرا على المغرب غير منسجمة ذاتيا مادامت تفتقد إلى تنظيم يجمعها، ما يجعل مرجعيات كل واحد منهم قائمة على قناعته الشخصية أي التباين في المرجعيات من مرجعية حسين فضل الله اللبناني أو مرجعية السيستاني أو الشيرازي فيما يكون مقلدو الخامنائي قلة قليلة أي أن الحضور الإيراني في مسألة تشيع المغاربة يكاد يكون ضعيفا حسب تصريح للباحث محمد الغيلاني لإحدى اليوميات المغربية. ونضيف أن هناك قدر لا بأس به من المتشيعين ممن لا مرجعية لهم لأسباب شخصية.

    ثم إن جاز لنا الحديث عن الخطر نرفض ربطه بإيران أو حزب الله أو أي جهة أخرى لكون شعبية هؤلاء مستمدة أساسا من موقفها من المقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، وعلى هذا الأساس فشعبية الرئيس التركي طيب رجب أردوغان بالنظر لموقفه في منتدى دافوس أيضا مفادها نشر العلمانية بين المغاربة. أعذريني إن قلت لك إن مثل هذه التحليلات لا يقولها السفهاء فما بالك بالعقلاء. وإذا سمحنا لأنفسنا بالحديث عن الخطر فهو كامن في التشيع نفسه الذي يتعارض فيه "ولاية الفقيه" مع "إمارة المؤمنين" خصوصا وأن ذلك يهدد التصوف السني الذي يقوده المغرب في أوروبا وإفريقيا بل هو ركيزة مشروع الإصلاح الديني ويضع مقابل هذا العرفان الشيعي.










  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    بقلم:السيد عصام احميدان الحسني
    التشيـــــــــــع في المغرب

    * - 31 / 3 / 2009م - 10:42 م


    اليوم، وبعد إعلان المغرب قطع علاقاته بإيران، وفي ظل أجواء متوترة ومشحونة، وفي سياق التضخيم الإعلامي وتسييس الحديث عن التشيع، كل ذلك يدفع بنا بشكل أكثر إلحاحية، إلى المزيد من التأكيد على حقيقة التشيع بالمغرب، قطعا لدابر الفتنة وإرجاعا للقضية إلى أصولها الطبيعية.. فما هي حقيقة التشيع في المغرب؟ وما علاقة التشيع في المغرب بإيران؟ وما هو مستقبل شيعة المغرب؟
    1- حقيقة التشيع في المغرب:
    التشيع في المغرب حالة انتماء ولائي لتراث أهل البيت (ع)، وهو موقف فكري توصل إليه أصحابه بعد بحث عميق في أصول الاستدلال الديني من القرآن والسنة والسيرة والتاريخ وعلم الكلام..
    وظاهرة التحول الفكري من مدرسة فكرية إلى مدرسة فكرية أخرى ليس جديدا ولا طارئا على تراثنا الإسلامي، بل هو سلوك إنساني طبيعي تحدده سجالات الأفكار وتطورها في وعي المتلقي والقارئ الباحث عن الحقيقة.
    ولو تتبعنا تفسيرات أولئك الذين تحولوا فكريا إلى مدرسة أهل البيت (ع) لوجدناهم كلهم قد عانوا فكريا ونفسيا قبل إعلان تحولهم، خاصة وأن هذا التحول يعبر عن مقاومة للثقافة الموروثة وللمحيط الاجتماعي، كما قد يدخلهم ذلك في ظل الجهل والتعتيم في خانة "التكفير" من قبل البعض و "التخوين" من قبل البعض الآخر..
    صحيح أن تعرف المتلقي المغربي على مذهب أهل البيت (ع) في ظل حكم صدام بالعراق وتعتيمه على الفكر الشيعي العراقي، وأيضا بسبب عدم بروز التشيع في بلدان الخليج لأسباب داخلية، لم يكن ليتم خارج الأقنية الإيرانية.. لأن إيران دولة شيعية ولديها إمكانية عرض فكرها الديني من خلال وسائل التواصل والمعرفة.. ومن هنا يمكن القول أن التشيع الأول كانت قنواته إذاعة طهران أو كتب مطبوعة في إيران يجلبها بعض المواطنين المغاربة من بلاد المهجر الأوروبي خلال عطل الصيف.. لكن مع مرور الوقت، شهدنا دخول الكتاب الشيعي بشكل قانوني ورسمي في فترة التسعينيات، وأغلب هذه الكتب كان مصدرها هذه المرة دور النشر اللبنانية.. وما أن ظهرت وسائل أخرى للتواصل والمعرفة كالانترنت والفضائيات حتى تراجع إقبال المغاربة على الكتاب بشكل عام، وهو ما قد يكون السبب في إقفال كثير من المكتبات وإفلاسها بما فيها مكتبات اختصت بعرض الكتاب الشيعي.. وأخص بالذكر هنا إفلاس مكتبة بطنجة وأخرى بمكناس.

    لم يكن يعني تراجع الكتاب الشيعي ضمورا للتشيع في المغرب، كما ليس مؤشرا على ضعف جاذبية هذا الفكر وإشعاعه، إنما احتل الإنترنت والفضائيات الأهتمام الأكبر وأصبح أهم قناة لتواصل المغاربة من مدرسة أهل البيت (ع).

    كما أن ظهور الشبكة العنكبوتية والفضائيات أضعف الكتاب الشيعي، فإن دور الجالية المغربية في نقل الكتاب والشريط لم يعد ذو جدوى، مما أدى بالشيعة المغاربة إلى الاكتفاء الذاتي والاستقلالية عما يدور في فلك الجالية المغربية المتشيعة في أوروبا.. إن النتيجة الطبيعية لقناعة شريحة من المواطنين ب "التشيع" هو التفكير في مزيد من التفقه في المذهب، تلبية لحاجة معرفية ذاتية متعطشة وغير مكتفية، فكانت فكرة التوجه إلى "الحوزات العلمية" والتزود المعرفي منها، مما خلق للتشيع المغربي مصدرا محليا للمعرفة بهذا القسم من التراث الإسلامي.
    إن دخول فكر أهل البيت (ع) إلى المغرب لم يكن بقرار من أحد ولا بدعم من أحد، إنما كانت مبادرات فردية في اتجاه مصادر المعرفة الشيعية "الكتاب، الشريط، الإنترنت، الفضائيات، الحوزة "، غير أننا نجزم أن الحالة الشيعية في المغرب هي حالة أفراد، وهي ليست حالة سياسية ولا مسكونة بالعمل السياسي، بقدر ما مسكونة بالهم المعرفي والترقي الروحي لأفرادها، غير أن جهل البعض ومكر البعض الآخر ساهم في إدخال هذه الحالة في دائرة الضوء، فكثر الهرج المرج، وظهر أناس يدعون أنهم باحثين في الظاهرة ليس لهم من الإطلاع المعرفي بالتشيع نصيب، وذهنهم محشو بأحاديث التيار الوهابي عن التشيع، وربط بين إيران والشيعة في العالم.

    2- علاقة التشيع في المغرب بإيران:

    مما لا شك فيه أن المذهب الرسمي للجمهورية الإسلامية في إيران هو المذهب الجعفري، وهو ما ينص عليه دستورها، غير أن الجمهورية ليست مسؤولة عن تشيع من بذل جهدا كبيرا في التقاط موجات إذاعة طهران في بداية الثمانينيات للاستماع لدعاء "كميل" أو لحديث عن العترة النبوية.. كما أنها ليست مسؤولة إن كان مواطنوها في أوروبا يدافعون عن مذهبهم إذا سئلوا أو اتهموا من قبل مغاربة سنة.. كما أن الجمهورية ليست مسؤولة عن الكتاب في لبنان ولا في العراق، ولا تستطيع منع المرجعيات الدينية في قم والنجف ولبنان من التعريف بمذهب أهل البيت (ع)..

    إن التشيع في المغرب حالة مذهبية صرفة لها أكثر من سبب ودافع وقناة، وأما ربط هذه الحالة بإيران، فإنه تسييس لقضية فكرية لغايات محددة.. ففي مرحلة تصدير الثورة الإسلامية ثبت في المغرب والجزائر وتونس.. أن التيارات الحركية السنية هي التي كانت تبادر إلى نسج علاقات مع إيران لمواجهة الضغط السياسي والأمني عليها، ولم يثبت أبدا تورط المتشيعين في ذلك، إذ كان همهم الاغتراف من معارف مدرسة أهل البيت (ع).

    وفي مرحلة عودة إيران للمحيط العربي والإسلامي وتحسن العلاقات الديبلوماسية، كانت هناك جهات ثقافية ودينية لا صلة لها بإيران استطاعت إيصال تراث أهل البيت إلى المغاربة بواسطة المعرض الدولي للكتاب والإنترنت وفي فترة لاحقة من خلال الفضائيات.. والمتتبع للمواقع الإلكترونية والفضائيات يجد أن قناة "المنار" مثلا يغلب عليها الطابع السياسي لا المذهبي، بينما قنوات أخرى لا صلة لها بإيران تؤكد على الجانب المذهبي..
    إن أكثر الناس متابعة لقناة "المنار" اللبنانية في المغرب هم من أهل السنة، بينما تمثل قناة "الأنوار" و "أهل البيت" وغيرهما المتابعة أكثر من قبل شيعة المغرب، لا لموقف مضاد من إيران ولا لكونهم يرتبطون بخط تلك القنوات الفضائية، إنما لأنهم يجدون في تلك القنوات تلبية لحاجتهم المعرفية بالمذهب.. كما أكثر من زار إيران هم الإسلاميون المغاربة السنة، وهم أكثر من تضامن مع حزب الله في الحرب الأخيرة، لدرجة أن أحد المسؤولين المغاربة حذر وقتها قياديين من حزب العدالة والتنمية على السير في هذا المنحى.
    كل هذا يسمح لنا بالقول أن التشيع السياسي خط يغلب على أهل السنة من المغاربة، وله جمهور عريض وأنصار في أحزاب سياسية إسلامية وغير إسلامية.. أما التشيع المذهبي فهو قناعة أفراد محدودين بالنظر لمجموع الساكنة المغربية، ومسكونين بهم البناء الذاتي المعرفي والروحي، وهناك حديث داخل خط "التشيع المذهبي" عن ضرورة مغربة هذا التشيع ومواءمته مع سياقه الموضوعي الوطني، لأجل ضمان حالة من الاستقرار والتوازن النفسي، والنأي بالتشيع المذهب عن كل حالات التوظيف السياسي.. وفي سبيل ذلك، كانت محاولات كثير منهم للعمل من داخل المجتمع بصفتهم مواطنين مغاربة، فأبدوا استعدادا للعمل الجمعوي الثقافي " جمعية الغدير بمكناس، جمعية أنوار المودة بطنجة.. "، غير أن كل تلك المحاولات صدت سلطويا، وفسرها البعض بأنها محاولات اختراق المجتمع المغربي ومؤسساته، ليكون بذلك هذا الموقف المبرر لنفي مغاربة داخل أوطانهم، لا لسبب سوى أنهم اختاروا من داخل الإسلام الواحد مدرسة فكرية أصيلة وعريقة وهي: مدرسة أهل البيت .
    3- مستقبل "شيعة المغرب":
    إن حالة النفي داخل الوطن وعدم توفير الحرية لمكون ثقافي واجتماعي من شأنها أن تشكل ردة فعل عفوية لدى "شيعة المغرب"، وهي الاستغراق في "التقية" والانكماش إلى الداخل ليتعزز الوعي الطائفي لديهم في مقابل ضمور الوعي الوطني.. وهذا الأمر له من السلبيات الكثير سواء على نفس الأفراد المكونين للحالة الشيعية أو على مستوى المحيط الموضوعي الوطني ككل.
    إن الخوف من "التشيع السياسي" لا يبرر اتهام الشيعة المغاربة بالارتباط الخارجي بإيران، إذ لو كان الأمر كذلك، فهل "الإخوان المسلمون" في مصر شيعة؟ وهل حماس والجهاد في فلسطين شيعة؟ وهل الحركات التي اتهمت بصلاتها بالفكر الثوري الإيراني قديما من حركة الاتجاه الإسلامي في تونس وحركات مغربية شيعة؟
    إنني أعتقد أننا اليوم بحاجة إلى ضرورة التمييز بين "التشيع السياسي" و "التشيع المذهبي"، فالأمر الأول له دوافع خاصة وتجليات معينة، بينما الأمر الثاني "التشيع المذهبي" له دوافع خاصة وتجليات مختلفة، بما يعني أنه يجب توفر مقاربتين مختلفتين: مقاربة سياسية في التعاطي مع "التشيع السياسي" ومقاربة أخرى ثقافية واجتماعية في التعاطي مع "التشيع المذهبي".. وما يعنينا هنا هو مستقبل "التشيع المذهبي" في المغرب.. مع استحضارنا لكثير مع الإكراهات والشروط المتعلقة تارة بالحقل الديني الرسمي، وتارة أخرى بالإسلاميين والمجتمع ككل.
    إن هناك أفكارا طرحناها في جريدة "رؤى معاصرة" في عددها الأول في مقال معنون باسم "إصلاح الحقل الديني بالمغرب: قراءة في الدلالات والأبعاد " كانت بمثابة مساهمة أولية في هذا النقاش التأسيسي لاندماج شيعة المغرب في السياق الوطني على قاعدة "المواطنة " لا المذهب، دون الحاجة لتأميم المعرفة الدينية وإلغاء التنوع وتبني نهج الإقصاء الثقافي والاجتماعي.. كما أكدنا في عدة مقالات على ضرورة اعتماد مذهبية معرفية بديلة عن المذهبية الطائفية، ووجوب إعطاء تفسير مرن للوحدة المذهبية يعطي الأولوية التشريعية وما له صلة بالنظام العام للمذهبية السنية المالكية دون حاجة لإنشاء "محاكم تفتيش " مذهبية لمصادرة المذاهب الإسلامية.
    هذه أفكار للنقاش وتأملات بحاجة إلى مزيد من التطوير، وأعتقد أن عددا من مثقفي شيعة المغرب يملكون رؤى وتصورات يحاجة للتطوير والتنقيح، ومن شأنها أن تدفع بسؤال الهوية الدينية والثقافية للمجتمع المغربي إلى الواجهة لبناء مغرب معاصر يقوم على أساس الوحدة التي لا تلغي التنوع، وعلى أساس التنوع الذي لا يلغي الوحدة.





  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    بقلم:السيد عصام احميدان الحسني
    التشيـــــع في المغرب

    * - 31 / 3 / 2009م - 10:42 م

    اليوم، وبعد إعلان المغرب قطع علاقاته بإيران، وفي ظل أجواء متوترة ومشحونة، وفي سياق التضخيم الإعلامي وتسييس الحديث عن التشيع، كل ذلك يدفع بنا بشكل أكثر إلحاحية، إلى المزيد من التأكيد على حقيقة التشيع بالمغرب، قطعا لدابر الفتنة وإرجاعا للقضية إلى أصولها الطبيعية.. فما هي حقيقة التشيع في المغرب؟ وما علاقة التشيع في المغرب بإيران؟ وما هو مستقبل شيعة المغرب؟

    1- حقيقة التشيع في المغرب:

    التشيع في المغرب حالة انتماء ولائي لتراث أهل البيت (ع)، وهو موقف فكري توصل إليه أصحابه بعد بحث عميق في أصول الاستدلال الديني من القرآن والسنة والسيرة والتاريخ وعلم الكلام..
    وظاهرة التحول الفكري من مدرسة فكرية إلى مدرسة فكرية أخرى ليس جديدا ولا طارئا على تراثنا الإسلامي، بل هو سلوك إنساني طبيعي تحدده سجالات الأفكار وتطورها في وعي المتلقي والقارئ الباحث عن الحقيقة.

    ولو تتبعنا تفسيرات أولئك الذين تحولوا فكريا إلى مدرسة أهل البيت (ع) لوجدناهم كلهم قد عانوا فكريا ونفسيا قبل إعلان تحولهم، خاصة وأن هذا التحول يعبر عن مقاومة للثقافة الموروثة وللمحيط الاجتماعي، كما قد يدخلهم ذلك في ظل الجهل والتعتيم في خانة "التكفير" من قبل البعض و "التخوين" من قبل البعض الآخر..

    صحيح أن تعرف المتلقي المغربي على مذهب أهل البيت (ع) في ظل حكم صدام بالعراق وتعتيمه على الفكر الشيعي العراقي، وأيضا بسبب عدم بروز التشيع في بلدان الخليج لأسباب داخلية، لم يكن ليتم خارج الأقنية الإيرانية.. لأن إيران دولة شيعية ولديها إمكانية عرض فكرها الديني من خلال وسائل التواصل والمعرفة.. ومن هنا يمكن القول أن التشيع الأول كانت قنواته إذاعة طهران أو كتب مطبوعة في إيران يجلبها بعض المواطنين المغاربة من بلاد المهجر الأوروبي خلال عطل الصيف.. لكن مع مرور الوقت، شهدنا دخول الكتاب الشيعي بشكل قانوني ورسمي في فترة التسعينيات، وأغلب هذه الكتب كان مصدرها هذه المرة دور النشر اللبنانية..
    وما أن ظهرت وسائل أخرى للتواصل والمعرفة كالانترنت والفضائيات حتى تراجع إقبال المغاربة على الكتاب بشكل عام، وهو ما قد يكون السبب في إقفال كثير من المكتبات وإفلاسها بما فيها مكتبات اختصت بعرض الكتاب الشيعي.. وأخص بالذكر هنا إفلاس مكتبة بطنجة وأخرى بمكناس.

    لم يكن يعني تراجع الكتاب الشيعي ضمورا للتشيع في المغرب، كما ليس مؤشرا على ضعف جاذبية هذا الفكر وإشعاعه، إنما احتل الإنترنت والفضائيات الأهتمام الأكبر وأصبح أهم قناة لتواصل المغاربة من مدرسة أهل البيت (ع).
    كما أن ظهور الشبكة العنكبوتية والفضائيات أضعف الكتاب الشيعي، فإن دور الجالية المغربية في نقل الكتاب والشريط لم يعد ذو جدوى، مما أدى بالشيعة المغاربة إلى الاكتفاء الذاتي والاستقلالية عما يدور في فلك الجالية المغربية المتشيعة في أوروبا.. إن النتيجة الطبيعية لقناعة شريحة من المواطنين ب "التشيع" هو التفكير في مزيد من التفقه في المذهب، تلبية لحاجة معرفية ذاتية متعطشة وغير مكتفية، فكانت فكرة التوجه إلى "الحوزات العلمية" والتزود المعرفي منها، مما خلق للتشيع المغربي مصدرا محليا للمعرفة بهذا القسم من التراث الإسلامي.
    إن دخول فكر أهل البيت (ع) إلى المغرب لم يكن بقرار من أحد ولا بدعم من أحد، إنما كانت مبادرات فردية في اتجاه مصادر المعرفة الشيعية "الكتاب، الشريط، الإنترنت، الفضائيات، الحوزة "، غير أننا نجزم أن الحالة الشيعية في المغرب هي حالة أفراد، وهي ليست حالة سياسية ولا مسكونة بالعمل السياسي، بقدر ما مسكونة بالهم المعرفي والترقي الروحي لأفرادها، غير أن جهل البعض ومكر البعض الآخر ساهم في إدخال هذه الحالة في دائرة الضوء، فكثر الهرج المرج، وظهر أناس يدعون أنهم باحثين في الظاهرة ليس لهم من الإطلاع المعرفي بالتشيع نصيب، وذهنهم محشو بأحاديث التيار الوهابي عن التشيع، وربط بين إيران والشيعة في العالم.

    2- علاقة التشيع في المغرب بإيران:

    مما لا شك فيه أن المذهب الرسمي للجمهورية الإسلامية في إيران هو المذهب الجعفري، وهو ما ينص عليه دستورها، غير أن الجمهورية ليست مسؤولة عن تشيع من بذل جهدا كبيرا في التقاط موجات إذاعة طهران في بداية الثمانينيات للاستماع لدعاء "كميل" أو لحديث عن العترة النبوية.. كما أنها ليست مسؤولة إن كان مواطنوها في أوروبا يدافعون عن مذهبهم إذا سئلوا أو اتهموا من قبل مغاربة سنة.. كما أن الجمهورية ليست مسؤولة عن الكتاب في لبنان ولا في العراق، ولا تستطيع منع المرجعيات الدينية في قم والنجف ولبنان من التعريف بمذهب أهل البيت (ع)..
    إن التشيع في المغرب حالة مذهبية صرفة لها أكثر من سبب ودافع وقناة، وأما ربط هذه الحالة بإيران، فإنه تسييس لقضية فكرية لغايات محددة.. ففي مرحلة تصدير الثورة الإسلامية ثبت في المغرب والجزائر وتونس.. أن التيارات الحركية السنية هي التي كانت تبادر إلى نسج علاقات مع إيران لمواجهة الضغط السياسي والأمني عليها، ولم يثبت أبدا تورط المتشيعين في ذلك، إذ كان همهم الاغتراف من معارف مدرسة أهل البيت (ع).

    وفي مرحلة عودة إيران للمحيط العربي والإسلامي وتحسن العلاقات الديبلوماسية، كانت هناك جهات ثقافية ودينية لا صلة لها بإيران استطاعت إيصال تراث أهل البيت (ع) إلى المغاربة بواسطة المعرض الدولي للكتاب والإنترنت وفي فترة لاحقة من خلال الفضائيات.. والمتتبع للمواقع الإلكترونية والفضائيات يجد أن قناة "المنار" مثلا يغلب عليها الطابع السياسي لا المذهبي، بينما قنوات أخرى لا صلة لها بإيران تؤكد على الجانب المذهبي..

    إن أكثر الناس متابعة لقناة "المنار" اللبنانية في المغرب هم من أهل السنة، بينما تمثل قناة "الأنوار" و "أهل البيت" وغيرهما المتابعة أكثر من قبل شيعة المغرب، لا لموقف مضاد من إيران ولا لكونهم يرتبطون بخط تلك القنوات الفضائية، إنما لأنهم يجدون في تلك القنوات تلبية لحاجتهم المعرفية بالمذهب.. كما أكثر من زار إيران هم الإسلاميون المغاربة السنة، وهم أكثر من تضامن مع حزب الله في الحرب الأخيرة، لدرجة أن أحد المسؤولين المغاربة حذر وقتها قياديين من حزب العدالة والتنمية على السير في هذا المنحى.

    كل هذا يسمح لنا بالقول أن التشيع السياسي خط يغلب على أهل السنة من المغاربة، وله جمهور عريض وأنصار في أحزاب سياسية إسلامية وغير إسلامية.. أما التشيع المذهبي فهو قناعة أفراد محدودين بالنظر لمجموع الساكنة المغربية، ومسكونين بهم البناء الذاتي المعرفي والروحي، وهناك حديث داخل خط "التشيع المذهبي" عن ضرورة مغربة هذا التشيع ومواءمته مع سياقه الموضوعي الوطني، لأجل ضمان حالة من الاستقرار والتوازن النفسي، والنأي بالتشيع المذهب عن كل حالات التوظيف السياسي.. وفي سبيل ذلك، كانت محاولات كثير منهم للعمل من داخل المجتمع بصفتهم مواطنين مغاربة، فأبدوا استعدادا للعمل الجمعوي الثقافي " جمعية الغدير بمكناس، جمعية أنوار المودة بطنجة.. "، غير أن كل تلك المحاولات صدت سلطويا، وفسرها البعض بأنها محاولات اختراق المجتمع المغربي ومؤسساته، ليكون بذلك هذا الموقف المبرر لنفي مغاربة داخل أوطانهم، لا لسبب سوى أنهم اختاروا من داخل الإسلام الواحد مدرسة فكرية أصيلة وعريقة وهي: مدرسة أهل البيت (ع).

    3- مستقبل "شيعة المغرب":

    إن حالة النفي داخل الوطن وعدم توفير الحرية لمكون ثقافي واجتماعي من شأنها أن تشكل ردة فعل عفوية لدى "شيعة المغرب"، وهي الاستغراق في "التقية" والانكماش إلى الداخل ليتعزز الوعي الطائفي لديهم في مقابل ضمور الوعي الوطني.. وهذا الأمر له من السلبيات الكثير سواء على نفس الأفراد المكونين للحالة الشيعية أو على مستوى المحيط الموضوعي الوطني ككل.

    إن الخوف من "التشيع السياسي" لا يبرر اتهام الشيعة المغاربة بالارتباط الخارجي بإيران، إذ لو كان الأمر كذلك، فهل "الإخوان المسلمون" في مصر شيعة؟ وهل حماس والجهاد في فلسطين شيعة؟ وهل الحركات التي اتهمت بصلاتها بالفكر الثوري الإيراني قديما من حركة الاتجاه الإسلامي في تونس وحركات مغربية شيعة؟
    إنني أعتقد أننا اليوم بحاجة إلى ضرورة التمييز بين "التشيع السياسي" و "التشيع المذهبي"، فالأمر الأول له دوافع خاصة وتجليات معينة، بينما الأمر الثاني "التشيع المذهبي" له دوافع خاصة وتجليات مختلفة، بما يعني أنه يجب توفر مقاربتين مختلفتين: مقاربة سياسية في التعاطي مع "التشيع السياسي" ومقاربة أخرى ثقافية واجتماعية في التعاطي مع "التشيع المذهبي".. وما يعنينا هنا هو مستقبل "التشيع المذهبي" في المغرب.. مع استحضارنا لكثير مع الإكراهات والشروط المتعلقة تارة بالحقل الديني الرسمي، وتارة أخرى بالإسلاميين والمجتمع ككل.

    إن هناك أفكارا طرحناها في جريدة "رؤى معاصرة" في عددها الأول في مقال معنون باسم "إصلاح الحقل الديني بالمغرب: قراءة في الدلالات والأبعاد " كانت بمثابة مساهمة أولية في هذا النقاش التأسيسي لاندماج شيعة المغرب في السياق الوطني على قاعدة "المواطنة " لا المذهب، دون الحاجة لتأميم المعرفة الدينية وإلغاء التنوع وتبني نهج الإقصاء الثقافي والاجتماعي.. كما أكدنا في عدة مقالات على ضرورة اعتماد مذهبية معرفية بديلة عن المذهبية الطائفية، ووجوب إعطاء تفسير مرن للوحدة المذهبية يعطي الأولوية التشريعية وما له صلة بالنظام العام للمذهبية السنية المالكية دون حاجة لإنشاء "محاكم تفتيش " مذهبية لمصادرة المذاهب الإسلامية.

    هذه أفكار للنقاش وتأملات بحاجة إلى مزيد من التطوير، وأعتقد أن عددا من مثقفي شيعة المغرب يملكون رؤى وتصورات يحاجة للتطوير والتنقيح، ومن شأنها أن تدفع بسؤال الهوية الدينية والثقافية للمجتمع المغربي إلى الواجهة لبناء مغرب معاصر يقوم على أساس الوحدة التي لا تلغي التنوع، وعلى أساس التنوع الذي لا يلغي الوحدة.





  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    الكاتب والمفكر المصري إبراهيم عيسي :

    المذهب الشيعي ليس تهمة والوهابية تقود حربا ضد الشيعة هذه الأيام .

    حسام وهبة – التوافق - القاهرة



    تحت عنوان أنت متهم بأنك شيعي؟ كتب الكاتب والمفكر المصري ابراهيم عيسي رئيس تحرير صحيفة الدستور المصرية اليومية مقالا مثيرا فى عدده الإسبوعى الصادر الأربعاء فى القاهرة .
    وأجاب عيسي على سئاله قائلا : السؤال كله عيب فالمذهب الشيعي ليس تهمة كي يتهم بها المسلم ومن السخف أن نعتبر مذهبا يعتقده حوالي 15% من المسلمين تهمة؟ ثم العيب أن نفتش في الضمائر ونعبث بالسرائر ونحول إيمان المرء ودينه ومذهبه موضوعا للتحقيق والتفتيش، ومن ثم الحكم عليه عقابا أو عتابا أو تبرئة أو تجريما، ثم من العيب أن نحاول تقسمة الإسلام وتقسيم المسلمين بين مذاهب تصبح بابا للفتنة وللتنابز والضغائن وتعوق العقل عن العلم وتمنع الأمة من التقدم وتصب في خدمة الصهاينة الذين يتحالفون الآن مع فريق من أهل السنة ضد فريق من أهل الشيعة وكأننا عدنا إلي زمن بني قينقاع وبني النضير وخيبر إذ تجلس قبائل اليهود علي تخوم الدولة الإسلامية الناهضة لتنشر سوس التفرقة والفتن في الجذوع والفروع!
    وأضاف : كنت أتجاهل هذا السؤال ترفعا وتعففا عن وضع نفسي موضع الاتهام والاستسلام لاستنزاف الطاقة والروح التي يسعي لها خصوم أفكارنا ورؤانا وحين يعجزون عن المنافسة في المناقشة يلجأون إلي الأسلوب الوحيد الذي يعرفه بعضهم وهو دس التهم في تقارير مقدمة للأمن أو بث التهم في خطب ومقالات علي المنابر وعلي النت، ومع ذلك فقد زادت درجة العبث في وطن ينشغل كثيرا جدا بالكلام الفارغ ويعجبه تماما أن يتفرغ للفوارغ من الأفكار والآراء ويتجاهل المشاكل العميقة والقضايا المهمة ويقعد علي مصطبة النميمة واللغو ويرهق الصغار وطنهم بالصغائر، ومن ثم وجدت (التهمة) تواجهنا في حوارات كثيرة علي شاشة التليفزيون وفي مواقع علي الإنترنت مخصصة للتفتيش في ضمائرنا واستحلت مثل هذه الاتهامات من باب التشويش أو ما تظنه تشويها لما نقول ولما نكتب ولما نقاتل بالكلمة لأجله وانتقل الغمز واللمز والتصريح والتجريح إلي صحيفة الدستور الأمر الذي جعلنا مع دخولنا للعام الخامس لهذه الجريدة نود أن نرد علي ما فات كي يتفرغ بعض أصدقائنا وأحبتنا من اللاعنين لنا والهجامين علي ضمائرنا لابتداع تهم أخري وتجديد جهدهم في اختراعات جديدة كي ينالوا منا كما يريدون وينالوا من غيرنا ما يتمنون، ثم رغبة في شفافية تسمح لنا بالتجاوز عن كون عقيدة الإنسان شأناً خاصاً وشخصياً فقلنا هيا نجيب حتي تبرد نار وشنآن قوم ويهدأ بال وفؤاد قومنا، قبل الإجابة لعلي فقط أشير إلي الواقع العربي (العربي لا الإسلامي) الواقع تحت تأثير شبه مطلق وكامل للفكر الوهابي الذي تمكن من الانتشار بفعل مال النفط السائب والفائض، فقد مولوا الجمعيات الدينية في جميع بقاع الأرض وجندوا أئمة وشيوخا ووعاظا وفتحوا مجلات وجرائد وأنشأوا قنوات فضائية ومحطات تليفزيونية وأقاموا دور نشر طبعت كتبا ومجلدات كانت من منسيات الفكر الإسلامي، وقد مجدت الكتب والقنوات والجمعيات والصحف لأفكار وفتاوي المغالاة والتطرف وشق حُفر العداء للمذاهب الأخري من أهل السنة والجماعة أو من أهل الشيعة حتي صار الجميع كافرا أو عاصيا متي لم يلتزم بشعائر وطقوس بدو الجزيرة الذين كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم أول من عاني من أجلافهم ومن أفظاظهم، فبات تدين البدو هو النموذج السائد والسيد للمسلمين العرب في حقبة النفط وتغلغلت هذه الأفكار مع الفتاوي من كل منافذ ومسام المجتمع العربي حتي صار أي مخالف لأفكار الوهابيين وسلفيتهم القحة والفظة مخالفا لشرع الله وضاربا في السنة النبوية المطهرة وعاني أئمة كبار وعلماء أفاضل من هذا التهجم ولعل أبرز من تعرض للتكفير منهم هو عالم علماء عصره الشيخ الجليل محمد الغزالي وأستاذ جيل مشايخ هذا الزمن الدكتور يوسف القرضاوي فضلا عن سفك دم أفكار وآراء وفتاوي العلماء الأئمة محمد عبده ثم محمود شلتوت وحسن الباقوري مثلا، ويكفي أن ننظر لاتساع هذه الأفكار القائمة علي تكفير المسيحيين والشيعة ثم العداء للمرأة والدعوة لعودتها للبيت ولعدم تعليمها والتعامل معها باعتبارها فتنة ملعونة، ثم هذا العداء المطلق الحصري للغرب وللخارج وللعالم، ومعه كراهية وحط من شأن العلم والعقل والتحريض الصارخ علي النقل دون الاجتهاد، وتحويل التدين إلي جلباب طويل ولحية أطول وزبيبة في الجبهة وتمتمة وهمهمة طوال الوقت والانصراف عن مواجهة ظلم الحاكم وفساد الملوك، كل هذه العناوين لم تظهر إلا مع المد النفطي في أوائل السبعينيات حين تم تصدير الوهابية، الغريب أنه بعدها بسنوات قصيرة بدأت ظاهرة تصدير الثورة الإسلامية من إيران حيث سيادة آيات الله والفكر الانقلابي والعمل المسلح وكأننا صرنا بين نابين، ناب تصدير الوهابية الذي نجح نجاحا ساحقا بالمال ولبي رغبة العرب في الاهتمام بالشكل والتوافه والهوامش والطقوس، وناب تصدير الثورة الإيرانية التي مثلت إغواء ومثالا مثاليا لجماعات سنية أخذت من الوهابية أفكارها وفتاويها وأخذت من إيران منهج السلاح!

    والوهابية تخوض حربها الكبيرة تجاه الشيعة هذه الأيام مدفوعة بقوي الغرب وحلفائه من الحكام والحكومات العربية التي تكاد تشعر بالفزع والهلع من أمرين إيرانيين :
    الأول : تحالف إيران مع قوي المقاومة ضد العدو الصهيوني مما يعطي لإيران مصداقية لدي الشارع العربي المعادي لإسرائيل رغم كل محاولات التذلل العربي التي تتزعمها أنظمة الاعتدال الأمريكي وما يُكسب قوي المقاومة دعما ماديا بالمال والسلاح والمأوي يجعلها قادرة علي مواجهة الضغوط العربية ومغالبة الابتزاز السياسي والمادي اللذين تمارسهما حكومات عربية شقيقة وصديقة وعريقة ضدها.
    الثاني: قدرة إيران علي ملاعبة أمريكا ومساومة الإدارات الأمريكية وقوتها في المفاوضة والمراوغة والمناورة مما يجعلها تكسب تنمية في قدراتها التسليحية والنووية كما تحصد أرباحا وتجني حصادا حين تتنازل لأمريكا حين يأتي أوان التنازل وهو ما يستفز الحكومات العربية التي تسلم مقاليد روحها للأمريكان بأبخس الأثمان، فإذا بها تري أمريكا تشتري ود إيران وكأن القط الأمريكي يحب خناقه الطهراني بينما لا ينشغل بحمائم وسناجب جنينة الاعتدال العربي.
    من هنا تشتد حملة الوهابية السياسية والمذهبية ضد إيران وتحاول أن تصنع من الخلاف السياسي العميق حربا مذهبية بين السنة والشيعة مما يحقق للوهابية هدفها الذي لم يمت أو يخب أبداً وهو تكفير كل من لا يعتنق المذهب الوهابي كائنا من كان، ويحقق للوهابية السياسية هدفها في فض الجماهيرية ونقض المصداقية عن الموقف الإيراني المواجه والمجابه لإسرائيل والداعم لقوي المقاومة في الأرض العربية، الغريب أن التحالف القديم نفسه بين الوهابية المذهبية والسياسية الذي كان مكرسا للهجوم علي الشيوعية والاشتراكية وأنفقوا في هذا مليارات الدولارات باعتراف المخابرات المركزية الأمريكية لضرب الاتحاد السوفيتي ونفوذه وجمهوره في الوطن العربي، يعود التحالف ذاته لضرب إيران باستخدام الوسائل والوسائط نفسها مع تغيير البضاعة والإبقاء علي العبوة نفسها! ولا تسمع هذه الأيام من ميكروفونات الوهابية المذهبية والسياسية في بلادنا سوي اتهام كل من يقاوم إسرائيل أو ينتصر لمن يقاوم إسرائيل أو يرفض السلام الواطي الذي تحاول قوي الموالاة والتطبيع فرضه علي الشعب الفلسطيني ومن ثم العربي وكذلك اتهام كل من يناهض التبعية العربية لأمريكا وللبيت الأبيض بأنه شيعي، ثم يتسع الأمر ليشمل كل من ينتصر لحق إيران في امتلاك قنبلتها النووية وفي مشروعها الصناعي والتسليحي وفي مشروعية دعمها لقوي المقاومة، ويطالب الوهابيون الجدد بأن نخشي ونرتعب من قنبلة نووية إيرانية لم تملكها طهران حتي الآن وربما لن تملكها في سنوات مقبلة تالية بينما ننام مطمئني البال إزاء مائتي أو ثلاثمائة قنبلة إسرائيلية تبعد عن رفح المصرية عدة عشرات من الكيلو مترات، تصدير الخوف من إيران والكراهية لطهران هما المسئولان عن رطرطة اتهام التشيع لكل معارض ومقاوم لإسرائيل بالرصاص أو بالقلم الرصاص، في ضوء هذا أو بالدقة في عتمة هذا يصيبنا رزاز الاتهام ويسألوننا أنت متهم بأنك شيعي؟

    وهذه هي إجابتي قاطعة :
    أنا إبراهيم السيد إبراهيم عيسي مصري منوفي من مواليد قويسنا 1965 مسلم الديانة شافعي المذهب رسميا (مصر كدولة علي مذهب الإمام الشافعي فيما عدا في الزواج فيتم علي مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وعن نفسي إن خيرت أختار مذهب الحنفية فهو الإمام الأعظم عن حق)، ولأنني كذلك كاتب صحفي أكمل هذا العام ربع قرن علي بداية عملي في تلك المهنة العظيمة أقول بمنتهي الصدق والصراحة إنه لو تحول المسلمون في العالم كله للمذهب الشيعي فأنا سأظل سنيا علي مذهب أبي حنيفة النعمان، رغم محبتي الحقيقية واحترامي الشديد لأخوتنا في المذهب الشيعي ولا أنتقص من حقهم ذرة ولا أنتقد أو أهاجم مذهبهم مثقال حبة من خردل، فهم علي رأسي وعيني، وكل صاحب دين وكل صاحب مذهب بل كل ملحد لا دين له ولا مذهب فوق رأسي فهو حر، علمه عند ربي وحسابه يوم الحساب حيث لا يدخل الناس الجنة بعملهم بل برحمة من الله، لكنني من الذين يرفضون يقينا وأصليا منح القداسة والعصمة إلي أحد بل وحسبي أن رسولي المصطفي عليه وآله الصلاة والسلام معصوم فيما يخص الوحي الإلهي وما ينطقه من أوامر ربي، أما هو البشر فلا عصمة له ولا لأي من الخلق بمن فيهم سيد الخلق، فإذا كنت من الرافضين لعصمة أحد إماما أو فقيها، ولأنني رافض مناهض لحكم الشيوخ والأئمة وأدعو للفصل ليس بين الدولة والدين لكن بين الدولة ورجال الدين، فهذا يجعل من المستحيل أن أنتمي لمذهب الشيعة وهو شيء لا ينتظره الشيعة ولا يزيدهم نصرا ولا عزا كما أنه لن ينتقص مني إسلاما ولا تدينا، فضلاً عن اقتناع تام لدي شخصنا الضعيف بأن الإسلام دين بلا مذاهب وأن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لم يكن سُنيّا ولا شيعيا بل حنيفا مسلما وأننا ننتصر ونلتزم بفتوي الأزهر الشريف للشيخ محمود شلتوت الذي يجيز التعبد بأي مذهب ومن كل مذهب حسبما يريد، ويعتقد المسلم سواء مذهب الأئمة المشهورين الأربعة أو مذهب الإثني عشرية الشيعي وللمسلم أن يأخذ من هذا شيئا ويترك منه شيئا ويأخذ من غيره شيئا ويترك أشياء فهم كالأزهار ونحن نحل الحق يبحث عن الحكمة ضالة المسلم! ثم نحن علي ثقة في أن المذاهب صنعتها السياسة واختلاف وخلاف علي الحكم وأهله والمؤهلين له فقرر الأمويون والعباسيون أن يصنعوا لأنفسهم فكرا وفقها يستندون إليه في مواجهة معارضيهم وطالبي الخلافة من شيعة علي بن أبي طالب والشيعة بدورهم أرادوا أن يتميزوا ويمتازوا عن أهل الحكم ومغتصبيه من وجهة نظرهم فاستندوا في مطلبهم للحكم إلي نظريات دينية أخري، وبات كل طرف يشتد في طلب الحكم فيزيد من نظرياته ومذهبه فتراكمت الخلافات وتصادمت ومع كل خلاف سياسي يتم اختراع سند ديني له وتكاثرت الأحاديث المنسوبة للنبي زورا وكذبا، واستخدم الجميع قصصا وأحاديث ومرويات تناصر دعوته، ومع مرور السنين صارت كتب الدعاية السياسية مذاهب وباتت الحروب الإعلامية قواعد دينية مقدسة، ولما جاءنا كل هذا زدنا جهلا علي جهل وتعصبا علي تعصب وبات مطلوبا الآن أن نتحارب لأننا مختلفون علي خلافة أبي بكر الصديق وكأن العالم الإسلامي المشلول غير مهتم بشلله لكنه مشغول بالتنابز عمن فينا كان يجري أسبق من الثاني منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.. يالها من خيبة!
    هذا عن التشيع الذي لن أكونه ولن أذهب إليه مذهبا حتي أموت ولعلي أروي بذلك ظمأ عطاشي للفضول، لكن يبقي أنني متيم ومغرم وهائم وعاشق ومحب لآل بيت النبي الأطهار المطهرين، ليس حبا، لأنني مأمور بحبهم من الله عز وجل من فوق سبع سماوات بل لأنني أحبهم في ذاتهم أشخاصا أنقياء أتقياء أطهاراً شرفاء نبلاء، فيهم من نفح النبوة ولفح الحقيقة، عترة رسول الله، أحبهم حبا يفوق الوصف يتجاوز الشرح يعلو فوق كل حب ومصدر كل حب، فاطمة سيدة نساء العالمين هي مثلي ومثالي، هي روحي وقلبي ونبضي، من أحب فاطمة فقد أحب أباها ومن أحب أباها حتما يحب فاطمة والإمام علي بن أبي طالب باب العلم وهو الفقيه والقاضي والفارس والعالم وإمام المتقين والأمير المغدور، ألم يأت في رواية البخاري عن النبي أنه قال لعلي بن أبي طالب : ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي، وقال نبينا يوم خيبر سأعطي الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ثم سلم الراية لعلي حبيب الله وحبيب رسول الله وحبيب حبيبته ووالد حبيبيه الحسن والحسين رضي الله عنهما سيدا شباب أهل الجنة، الحسين بن علي الشهيد ابن الشهيد والتقي ابن التقي والنقي ابن النقي والقلب الذي أركبه الرسول علي ظهره وقبل شفتيه وأوصانا بمحبته، وقال حسين مني وأنا من الحسين، أحب الله من أحب حسينا، ضم رسول الله فاطمة إلي يمينه وعليا إلي يساره والحسن والحسين بين يديه ووضع كساء عليهم جميعا وهو معهم وتلا قرآن ربه: {إنَّـمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أهْلَ البَـيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} هؤلاء أهل بيت النبي المطهرين لا أحد غيرهم، أفلا نحبهم حبا يليق بنبينا وبهم وبطهرهم، ثم نعم ظلموا آل البيت في تاريخ المسلمين وقسوا عليهم ونكلوا بهم، هذه شهادة التاريخ الذي لا يكذب فإن قلنا هذا اتهمونا بالتشيع كأن الكذب هو باب التسنن والعياذ بالله، ونحن نربأ بسنة نبينا وبأهل السنة والجماعة أن يكتموا شهادة الحق والمستحق، حب آل البيت ليس حكرا ولا احتكاراً لأهل الشيعة وحب آل البيت ليست تهمة ندفعها عن أنفسنا بل هي شرف يرفعنا بيننا وبين أنفسنا، ولا هي دروشة، فنحن نري نصابين يملأون عين الشمس يزعمون حب آل البيت ونشهد منافقين وأفاقين يحاولون الانتساب لآل البيت، لكننا نؤمن أن حب آل البيت يفرض علينا مواجهة الظلم والفساد والنفاق والغشم والغشامة والجهل والتزوير، نحب آل البيت ليس كأي حب ولا كأي مذهب، فآل البيت فوق أي مذهب وقبل أي مذهب واللي مش عاجبه هو حر فيكفينا حبنا لآل البيت كي نواجه به أي كراهية.





  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    افتراضي

    الخبير المغربي أحمد زقاقي حول ملف التشيع في المغرب: لا يمكن لنا أن نلوم إيران كدولة قومية تسعى للقيادة.. اللوم على اصحاب الهمم المنحطة

    الكاتب نورالدين لشهب
    الأحد, 12 أبريل 2009


    بعد قطع العلاقة الدبلوماسية بين المغرب وإيران حول ما سمي بمخطط إيراني لنشر المذهب الشيعي الاثناعشري بالمغرب، صدرت مقالات كثيرة في الإعلام داخل المغرب وخارجة، وبلغات متنوعة، وتم تسطيح النقاش الإعلامي والسياسي إلى درجة أن المتلقي/القارئ البسيط لهذي المقالات لا يكاد يفرق بين العلاقات الدبلوماسية التي تتحكم فيها مصالح الأقوياء، وبين حدود الاختلاف والائتلاف بين المذاهب داخل دائرة الإسلام، وعلى وجه التحديد بين مذهب أهل السنة والجماعة الذين يمثلون الغالبية، وبين مذهب الشيعة الاثني عشرية الذين يمثلون فقط أقل من 10% . مما يجعل المتابع يستفهم عن سر خوف الأغلبية على دينها من عقيدة الأقلية التي باتت تهدد "الأمن الروحي" كما يشاع عبر تصريحات بعض المسؤولين في وسائل الإعلام المختلفة !!

    في السعي لتوسيع النقاش حول موضوع التشيع بالمغرب حاورناأحد المهتمين بالموضوع ، وهو الدكتور أحمد الزقاقي الخبير في الحوار السني-الشيعي ، حاولنا من خلال هذا الحوار أن نطرح عليه أسئلة محورية حول حقيقة "الصراع" بين السنة والشيعة، وعن كيفية تدبير هذا الملف بالمغرب، وحول أهمية الحوار وفضيلته لتجاوز الكوارث التي تهدد الاجتماع الإسلامي برمته، وعن دور الاجتهاد لتجديد ما اندرس من فتاوى ومقولات لم تعد صالحة في عصرنا الحالي عند كلا الطائفتين.

    ولد الدكتور أحمد الزقاقي بتاهلة عام 1966. حاصل على درجة الدكتوراه في الفقه وأصوله. صدر له عن داري النشر عالم الكتب الحديث بالأردن وجدارا للكتاب العالمي كتاب:"التقريب بين الشيعة وأهل السنة وتحديات الاختلاف والتصحيح"وكتاب:" الأساس التشريعيللوحدة بين الشيعة" وأهل السنة ومقالات عدة في مجلات متخصصة حول الحوار السني الشيعي.

    توازن الانبهار

    نبدأ الحوار أولا باستطلاع للرأي في هسبريس حول سؤال لماذا يتشيع المغاربة: نسبة 78% من المصوتين تقول بأن سبب التشيع هو التعاطف مع مقاومة حزب الله و12.4% ترجع الأمر إلى تسهيل دخول المطبوعات الشيعية للمغرب وأقل من 10% تقول بسبب التأثر برموز شيعية بالمغرب... كيف تعلق دكتور على هذا الاستطلاع؟

    بسم الله الرحمن الرحيم،أوجه الشكر أولا للقيمين على موقع"هسبرس"المتميز متمنيا لهم مسيرة إعلامية موفقة،
    أولا اسمح لي أن أبدي بعض التحفظ على نجاعة أسلوب استطلاع الرأي في الدراسة العلمية لظاهرة ما،فالسؤال أولا يوهم بأن هناك حركة انتقال جماعية للمغاربة نحو التشيع،ثانيا:وُضع الذين استطلعت آراؤهم أمام خيارات وأجوبة محدودة،فلو عددنا الأجوبة سنجد من يقول:السبب هو الحصار والتعتيم الإعلامي المضروب على العلماء المستقلين،فهاهي جميع الدول الإسلامية تمتلك رموزا علمية وازنة تتحدث إلى الناس عبر الفضائيات بلغة حديثة ومستوعبة للعصر إلا المغرب،والأكيد أن هناك تفاعلا بين الأسباب الثلاثة الواردة في الاستطلاع،فالذي يتعاطف مع فرد أو طائفة أو جماعة يطمح إلى معرفة المزيد عنها وعن أفكارها ومبادئها ،والكتب ووسائل الإعلام والاتصال تشكل مدخلا لتلك المعرفة،وبعد التمثل تتجسد المعرفة في أشخاص يسعون إلى إقناع الآخرين بمقولاتها،وأنت تعرف أن المعرفة الأولية بموضوع ما يتمخض عنها انبهار يخفت معه صوت العقل والتحليل الدقيق ليعلو صوت الاحتجاج والتبشير،ذلك الانبهار لن تجده عند المتمرس بميكانزمات التحليل الشيعي للواقع والفقه والتاريخ والتراث،إذ تنحو أحكامه نحو الموضوعية والواقعية،وستبدو له الكثير من المواقف التراثية الشيعية- كما السنية- مغرقة في الابتعاد عن موازين الشرع والعقل.
    والحقيقة أن انتصار المقاومة بقيادة "حماس" في غزة أنجزت توازنين اثنين:توازن الرعب بصمودها الأسطوري في وجه الكيان الصهيوني،وتوازن الانبهار مع"حزب الله" بعد أن نالت إعجاب العالم أجمع، وهي المقاومة ذات الخلفية السنية التي لا جدال فيها،ولا مجال لمقارنة عظمة إنجازها بإنجاز حزب الله في حرب"تموز"2006، فحماس كانت مكشوفة ومحاصرة ومجوعة ومتواطأ عليها من دول كبيرة في النظام الرسمي العربي،وتسلحها وإعلامها متواضعان،وحزب الله توفر له العمق الداخلي والخارجي والتسلح،والمقاومتان تسلحتا برباطة جأش وإيمان قوي،وانتصارهما يحسب لمرجعيتهما الإسلامية لا المذهبية،وإلا فلنعتنق ديانة الفيتناميين لأنهم صمدوا في وجه أمريكا وانتصروا عليها في الحرب.

    وإذا كان الانتصار في المقاومة ضد العدو التاريخي للأمة قد أرسى توازن الانبهار بين المنتصِرَيْن فيها وهما مجرد حركتين واحدة شيعية والأخرى سنية ، فإنه لم يحدث بعد توازن بين دولتين، وما زال ميزان الانبهار يميل لحساب إيران لأنها تخففت من"آفة السلطان" ودولنا السنية لم تتخفف منها بعد،والمغرب مؤهل لإرساء هكذا توازن لماضيه التاريخي الغني، وإذا هو أنجز تغييرا كبيرا على مستوى الإصلاحات السياسية والدستورية لصالح قيم الشورى والعدل في الحكم وتوزيع الثروة.

    الظلال الإيرانية

    هل توجد سياسة إيرانية حقيقية لتشييع البلدان العربية ذات الأغلبية السنية ومنها المغرب؟

    إن الجواب على هذا السؤال لا يقتضي التعليق على السياسة المذهبية للجمهورية الإسلامية الإيرانية فقط،بل التعليق على مجمل سياساتها في المنطقة،لنتفق بداية على أن من حق كل دولة أن تخدم مصالحها بما تراه مناسبا،إلا أن طبيعة الدولة ،وانتماءها التاريخي يفرضان عليها مراعاة جملة أمور:فإيران دولة إسلامية،تنتمي إلى المجال الحضاري الإسلامي الذي أغنته بعلمها وأدبها وفنها،فالبخاري ومسلم والبيهقي وأبو حنيفة والزمخشري وغيرهم كانوا ينتمون إلى المجال التاريخي الفارسي،وقد جمعوا الدواوين الحديثية التي عليها معتمد أهل السنة،قبل أن تتشيع إيران في عهد إسماعيل الصفوي في بداية القرن السادس عشر الميلادي، والعهد الصفوي كما تعلم مُتهم حتى من لدن بعض الزعامات والمرجعيات الشيعية بإغراق التشيع في طوفان من البدع، وإذكاء نيران الصراع المذهبي مع أهل السنة،وخاض الصفويون صراعا مريرا مع الدولة العثمانية السنية،وورث العراق مخلفات ذلك الصراع، وكان أحد أسباب عدوانه على إيران بعد اندلاع الثورة الإسلامية ،حينها اصطفت جل دول النظام الرسمي العربي مع العراق؛ مما عمق الشرخ المذهبي، مع العلم أن النظام البائد لم يكن يفرق في قمعه بين شيعي وسني عندما يتعلق الأمر بتهديد كرسي الحكم،وأضاع العرب فرصة إقامة حوار عربي- إيراني،دون إغفال الأثر السلبي لخطابات"تصدير الثورة"التي رأى الكثير أن شعاراتها كانت ملفوفة في ثياب"طائفية"،وعَهدُنا بالثورات في بداياتها أن تكون شديدة الحماس والعقائدية،فيخيل إليها أنها ستُغير الأرض غير الأرض قبل أن تصدمها حقائق الواقع الباردة،ولهذا أظن أن إيران لن تجازف بمصير أفراد الأقليات الشيعية في البلدان ذات الأغلبية السنية بنهج سياسة ترمي إلى تشييع البلدان العربية،من دون أن نستبعد وجود مرجعيات شيعية عندها هذا الطموح.

    ولكن الإمام الخميني سبق له وأن صرح لما كان عائدا عبر طائرة خاصة من باريس عام 1979 أن العرب قادوا الأمة الإسلامية قرونا وكذلك الأتراك والآن حان الحين ليقود الفرس الأمة الإسلامية ؟

    لا يمكن أن نلوم دولة أو قومية أوديانة على طموحها للقيادة فهذا شأنها،ولكن يلام من لا يسعى للقيادة على انحطاط همته،كما أن الإشكال هو ما طبيعة هذه القيادة؟ فيجب أولا أن تكون نابعة من الشعب،أي تحترم اختياراته التاريخية والمذهبية والسياسية،فلا تمارس عليه الوصاية،وثانيا تحسن تدبير الاختلاف مع المخالفين،فلا تثير فتنة،ولا تقلب المواجع باستحضار مآسي التاريخ والماضي،بل عليها أن تتطلع للمستقبل.ومن المفارقات العجيبة أن الإيرانيين قادوا الأمة الإسلامية في شتى العلوم يوم كانوا سنة قبل أن يتشيع المجتمع والدولة.

    غياب المشروع المجتمعي الخطر الحقيقي الذي يهدد المغاربة

    هل يمكن الحديث في ظل ما يسمى بالغزو الشيعي عن خطر يهدد الأمن الروحي للمغاربة؟

    عندما يغيب المشروع المجتمعي الذي ننشده،نصبح إزاء بنية دينية وثقافية وسياسية واجتماعية هشة معرضة للاختراقات من كل صنف ولون،وعندما نقع في الأزمة نلقي بالتبعة والمسؤولية على الآخرين،ولهذا يجب أن تعطى الأولوية للتحصين الداخلي وإشراك كل الفاعلين في صياغة المشروع المجتمعي الذي نريده،كما أن ثمة من يسعى إلى تكريس مفهوم مغلوط لمعنى الأمن ،فعندما أطلت ظاهرة"عبدة الشيطان"برأسها،حضرت المقاربة الأمنية وأحيل المتهمون على المحاكمة،كما حضرت ذات المقاربة في ملف"السلفية الجهادية" والآن في ملفي"الغزو الشيعي"و"المثلية الجنسية"،ولا مرة سمعنا حديثا عن مقاربة تربوية تعتمد الحوار مع العلماء والمثقفين الراسخين مدخلا لتناول الملفات المذكورة،وتحضرني هنا قصة ذلك المسؤول الذي راسل عمربن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس يشكو إليه استعصاء مواطني نفوذه الترابي على الانقياد لأوامره قائلا له:إنهم لا يُقيمهم إلا السيف،فكتب إليه عمر:إن العدل يقيمهم،وإلى هذا المعنى أشار القرآن الكريم بقول الباري جل وعلا:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن"،فالخروج عن اختيارات المجتمع نوع احتجاج على سوء توزيع الثروة،وعلى عدم المساواة في الفرص،وعلى عدم الإشراك في اتخاذ القرار،وعلى الاستبداد والقهر والظلم.

    هل يمكن القول أن التشيع بالمغرب حالة سيكولوجية أكثر منها حقيقة سوسيولوجية؟

    إن الغفلة عن طبيعة التكوين النفسي والعقلي للإنسان من حيث الميول والاستعدادات،والغفلة عن حتمية الاختلاف بين البشر، وتعميم الأحكام على وقائع استثنائية،والانتقائية في قراءة التطورات والمستجدات ،ستخل كلها لا محالة بالحكم الصائب على مجموعة من الظواهر والأحداث، ،فالذي سيقرأ ظاهرة التشيع بدون هذه الاعتبارات سيضخم من الظاهرة،وسيتوهم بأن المغرب بصدد تحول مذهبي عام،وسيكون الأمر أشبه بذلك الأعمى الذي لم يسبق له أن رأى الفيل،ومرة قيل له هذا الفيل أمامك،فلما أخذ يتحسس أذنيه خيل إليه أنها أوراق شجرة كبيرة،ولما تحسس إحدى قدميه خيل إليه أنها جذع تلك الشجرة،فالذي يلاحظ ارتباط المغاربة العاطفي الكبير مع أهل البيت سيعتقد بأنه أمام عاطفة شيعية فوارة،بينما سيعتقد آخر أن المغاربة كلهم نواصب يكرهون آل البيت عندما يرى ابتهاج أطفالهم واحتفالهم في عاشوراء،في وقت ينهمك آخرون في شق الجيوب ولطم الصدور حزنا على استشهاد الحسين عليه السلام في نفس الذكرى ،والحقيقة أن الأمر أسهل من أن تُتكلف له التأويلات والتفسيرات ولَي أعناق النصوص ،فلا إسلام ولا إيمان بدون حب أهل البيت،من غير أن يرد إلى ذهن المغاربة أن ذلك الحب يستحقونه لأنهم أحق بالخلافة أو ما شابه بموجب نص أو وصية،ألا ترى أنك قد تحب أحد إخوتك أكثر من الآخرين،والصحابة كإخوة منهم من أحب عليا أكثر من أبي بكر،ومنهم من أحب أبا بكر أكثر من علي،ومنهم من أحب سعد بن عبادة أكثر من الجميع،إذن فالعواطف لا حصار عليها،ولكن عندما تتدخل الأهواء والسياسات عندها يتم توجيه العاطفة،وذلك التمايز الطبيعي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليمه لأهل بيته وصحابته عندما قال لهم في الحديث المعروف:"أرحم أمتي بأمتي أبو بكر،وأشدهم في الله عمر،وأقضاهم علي،وأشدهم حياء عثمان" .فلم يرد منهم تنميط أحكامهم على الأفراد والمجموعات والمجتمعات.

    هل يمكن دمج التشيع في الوحدة المذهبية المغربية؟

    إذا قصدنا دمج التشيع كعاطفة قائمة على معاني حب أهل البيت وتبجيلهم فهو مدمج بطريقة تلقائية وعفوية يَشِب عليها الصغير ويَهرَم عليها الكبير في المغرب،وإذا قصدنا الدمج المذهبي الفقهي،عندها لا نتحدث عن دمج،وإنما نتحدث عن الاعتراف بمذهب خامس هو المذهب الجعفري يضاف إلى المذاهب الأربعة السنية المعروفة:المالكي والحنبلي والحنفي والشافعي،وسيلاحظ أن الاختلاف مع الشيعة في معظم الأحكام الفقهية كالاختلاف بين المذاهب السنية نفسها،ودعاة التقريب بين المذاهب لم يكونوا يقصدون تغليب مذهب على مذهب،أو دمج مذهب في مذهب،أو إلغاء مذهب على حساب مذهب،ويبدو أن مما يخفف التوتر هو الاعتراف بالمذهب الفقهي الجعفري كمذهب خامس في البلدان التي يشكل فيها مقلدوه أغلبية،بحيث تصير المذاهب المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية والجعفرية من مشمولات لفظ " الجماعة" المضاف إلى "أهل السنة".

    يبقى إذن المجال الحساس هو مجال العقائد،ما دام أن الشيعة نقلوا مبحث الإمامة إلى فضاء العقيدة،وهذا المبحث أصبح في ذمة التاريخ ،فلا أئمة الشيعة حاضرون حتى نختلف على أحقيتهم أو عدم أحقيتهم بالخلافة،ولا خلفاء أهل السنة الراشدون حاضرون حتى نختلف بشأنهم أيضا بعد وقوع الانقلاب على الخلافة الراشدة لصالح الملك الوراثي العضوض.

    كيف يمكن التمييز بين محبة آل البيت التي اشتهر بها المغاربة والالتزام المذهبي بالإمامة كما يطرحها الشيعة الجعفرية؟؟

    هذا التمييز كان حاضرا منذ نشوء الدولة المغربية في صيغتها الإدريسية،إذ أعطيت البيعة الطوعية من القبائل الأمازيغية للمولى إدريس الأول من غير أن يرد إلى ذهنهم أن ثمة نص أو وصية تفرض عليهم تسليم أمر الحكم لأهل البيت،وإنما كان ذلك منهم تشريفا لشجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعوا حديثة في الرواية المعروفة:" أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبُّونِى بِحُبِّ اللَّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِى لِحُبِّى "،وفي الرواية الأخرى:"أُذَكركم الله في أهل بيتي" وفي الرواية الأخرى:" أَدِّبوا أولادَكم على ثلاثِ خِصَالٍ حبِّ نبيكم وحبِّ أهل بيته وقراءةِ القرآن فإن حملة القرآن فى ظل الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه "،هذا بالإضافة إلى أن إدريس الأول كان ينتمي إلى الفرع الحسني من أهل البيت بينما تحصر الشيعة الجعفرية الاثنا عشرية الإمامة في الفرع الحسيني،كما أن الدولة الإدريسية يحسبها البعض على الشيعة الزيدية التي تعتبر أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة فلا يحتاج الأمر معها إلى تقريب، فكانت تترضى على أبي بكر وعمر وتتأول لعثمان ،وتتبع في الفقه غالبا المذهب الشافعي،عكس الاثني عشرية التي تخاصم الخلفاء الثلاثة- رضي الله عنهم- .

    ونظرية الإمامة ليست محل إجماع من الشيعة بالمعنى العام، فهناك فرق عدة غير أهل السنة اختلفوا مع الإمامية الاثنا عشرية في سوق الإمامة في أبناء علي رضي الله عنه،ونضرب مثالا لذلك في اختلافهم في سوق الإمامة بعد وفاة الإمام السابع موسى بن جعفر الكاظم :

    ففرقة قالت: إن موسى بن جعفر لم يمت وأنه حي ولا يموت حتى يملك الأرض شرقا وغربا وإنه المهدي المنتظر.

    - وفرقة قالت: إنه المهدي القائم وقد مات، ولا تكون الإمامة لغيره حتى يرجع فيقوم ويظهر.

    - وقالت فرقة إنه قد مات ورفعه الله إليه.
    فسمي هؤلاء جميعا الواقفة لوقوفهم على موسى بن جعفر وعدم تعديتهم الإمامة إلى غيره بعده، ومن عداها انخرط في المعنى الخاص الشيعة الإمامية.

    - وفرقة قطعت بموته وساقت الإمامة إلى علي بن موسى الرضا فسمت لأجل ذلك بالقطعية.هذا بالإضافة إلى الخلاف القوي الذي برز بعد وفاة الإمام الحادي عشر الحسن بن علي العسكري،إذ ثمة من كان يعتقد أنه مات عن غير ولد،ولذلك يبدو أن الالتزام بالإمامة لم يكن أيضا محل إجماع – لاسيما وأن الداعين إليها بتحدثون عن إمامة منصوصة- حتى من أهل البيت أنفسهم فالفرع الحسني له رأي مخالف تماما.ولذلك تجنب المغاربة كل هذا الجدل بتبجيلهم لآل البيت لوجه الله وللأمر النبوي.

    "تشيع"و"تشيع"

    تحدث الكثير من مفكري المذهب الشيعي عن التشيع الصفوي الذي اعتبروه سببا في توسيع الفجوة وتعميق الجفوة للتقارب الإسلامي، ويذهب حسن العلوي في كتابه "عمر والتشيع" إلى أن ما يسمونهم المستبصرين يأخذون أفكارهم من كتاب "المجلسي" الذي منعه الخميني في أيام ولايته .. مما يساهم في القطيعة كما ألمع إلى ذلك عالم الاجتماع العراقي علي الوردي وعلي شريعتي ...هل تعتقد أن التشيع الصفوي هو سبب التطاحن والاصطفاف الطائفي التي تشهدها المنطقة العربية والإسلامية؟

    نعم بالإضافة إلى أسباب أخرى أهمها الجهل والأهواء السياسية المنفلتة من الضوابط الشرعية والأخلاقية،إلا أنه بالرغم من إقرار مجموعة من مراجع الشيعة بالأثر السيئ لبعض الأخبار الواردة في دواوينهم الحديثية على الوحدة الإسلامية كالكتاب الذي ذكرته،فإنهم لم يعمدوا إلى التخلص من تلك الأخبار التي بدون شك أدخلها الغلاة ونسبوها إلى كبار أئمة أهل البيت كمحمد الباقر وجعفر الصادق،مما جعل بعض أهل السنة يفسر انتقاد مراجع الشيعة لتلك الأخبار بأنه نوع تقية.وفي سياق النقذ الذاتي والتصحيح دعا الدكتور علي شريعتي جماهير الشيعة إلى الرجوع إلى "التشيع العلوي" والإعراض عن "التشيع الصفوي" الذي ربطه بكل معاني الخنوع والاستسلام والجهل والانتظار السلبي،ووافقه على ذلك مهدي بازركان أول رئيس للحكومة بعد الثورة في كتابه "الحد الفاصل بين السياسة والدين"،ويتابع مفكر شيعي آخر هذه الخطوات التصحيحية وبشكل أكثر جرأة هو الأستاذ أحمد الكاتب الذي ذهب إلى حد التشكيك في وجود الإمام الثاني عشر أصلا،معتبرا القول بوجوده وغيبته مجرد فرضية كلامية فلسفية لا حقيقة واقعية، باعتبار أن الإمام الحادي عشر مات عن غير ولد،وهو بذلك ينسف نظرية الإمامة الإثني عشرية من الأساس.
    ويمكن أن نمثل بمسألة واحدة تجعل القاريء يفرق بين "التشيع العلوي"و"التشيع الصفوي" تلك المسألة هي شخصية الإمام علي كرم الله وجهه،فعلي في نهج البلاغة رجل شجاع،مبدئي،ولي عابد،زاهد،مدافع قوي عن الدين ومباديء العدالة في الحكم وتوزيع الثروة،علاقته مع الصحابة الآخرين مبنية على الاحترام والمودة إلا من حاربه،لايسب ولا يشتم مخالفيه ويأمر أفراد جيشه بالكف عن السب والشتم،عندما أرادوا مبايعته بعد مقتل عثمان كمبادرات فردية،قال:إنما الشورى للمهاجرين والأنصار،ولم يحتج بنص ولا بوصية،ولكنه احتج على عقد البيعة بدون حضوره،وحُفِظ حقه في الامتناع عن البيعة إلى أن بايع طائعا بعد مرور ستة أشهر،ثم التفِتْ إلى شخصية الإمام علي في مصادر"التشيع الصفوي"لتصدمك مصطلحات المؤامرة واغتصاب الحكم والتقية والسب واللعن والخلاف وكل الخصال المنحطة،ومع الأسف فإن الكثير ممن يطلق عليهم"المستبصرون"(أي الذين انتقلوا من مذهب أهل السنة إلى الشيعة) لم يأتوا بجديد إطلاقا،بل يكررون مقالات الخلاف القديم بأسلوب عصري تحضر في بقوة ألفاظ الكفاءة والديموقراطية والتغيير والجماهير والثورة ،مما يجعلني أرجع أسباب اجتهادات بعضهم إلى الانبهار الذي تخلقه المعرفة الأولية بموضوع ما.

    فضيلة الحوار

    هل يمكن اعتبار الاعتقالات والمداهمات ومصادرة الكتب بمثابة محاكم تفتيش جديدة التي تبث أنها لم تنجح في القضاء على العقائد المخالفة كما حدث في تاريخ الأندلس مثلا ؟

    هذا الأسلوب لم يعد ينفع في عالم لم يبق للحدود فيه معنى،وأنت تعلم أن كل ممنوع مرغوب،المطلوب هو خوض معركة الوعي والعلم والمعرفة ،وأنجع دواء هو الحوار ،إلا إذا تعلق الأمر بسب معلن حينئذ يلجأ إلى العدالة إذا وجد القضاء النزيه.

    هل يوجد حوار حقيقي بين السنة والشيعة ، علما أن الكثير من المؤتمرات المكرسة لهذا الموضوع والتي دامت عشرات السنوات أثمرت اصطفافا طائفيا بين من كانوا يصنفون بالمعتدلين من المذهبين فور تصريح الشيخ القرضاوي حين تحدث عن التبشير الشيعي في البلدان ذات الغالبية السنية؟

    الحوار الحقيقي هو الذي يلامس القضايا الجوهرية المختلف بشأنها،ولا يرمي إلى تشييع السني ولا إلى تسنين الشيعي،وبهذا التوصيف مر الحوار بين الشيعة والسنة في العصور المتأخرة بعدة مراحل،فغلب على بداياته طابع المجاملات وتطييب الخواطر،لأن الأمر كان يحتاج إلى كسر الحواجز النفسية ،كما اضطلعت بمهام الحوار مؤسسات كان أولها وأشهرها"دار التقريب بين المذاهب الإسلامية" التي تأسست بمصر في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي،في ظروف كان القصر الملكي المصري يرتبط بعلاقات مصاهرة مع القصر الملكي الإيراني،وتوقف نشاط الدار بعد توتر العلاقات بين السادات وقادة الثورة الإيرانية،ولقد تركت الدار مجموعة من البحوث والمقالات التي كانت تحلل تراث الفريقين برؤية تقريبية،ومنها ينطلق وعليها يبني"المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية " الذي تأسس بإيران بعد وفاة الإمام الخميني،والحقيقة أن السياسة كانت تفسد ما كان يتحقق من تقارب في عناوين الدرس الفقهي والأصولي والفكري بين الشيعة وأهل السنة،ومع انفتاح المجال الإعلامي وانتشار الفضائيات الشيعية دخل الحوار مرحلة تختلط فيها عقليات الاستقطاب بنفسيات إبراز الذات وخطابات الإغراق في وصف المظلومية،دون تورع البعض عن سب وشتم رموز إسلامية كبيرة ككبار الصحابة،والتزام البعض الآخر بلغة الحكمة وتغليب المصلحة العليا للمسلمين.وأكاد أجزم بأن تراث الشيعة الفقهي والكلامي والسياسي- بسبب الطفرة الإعلامية- لم ينل من حرية وسهولة الوصول إليه مثل ما ناله في هذا العصر،وهذا شيء إيجابي يؤدي إلى بناء أي حوار حقيقي على الوضوح والشفافية ويقلل من اللجوء إلى التقية،وأخيرا مما يعين على نجاح أي حوار شيعي سني هو حصره في دائرة العلماء المتخصصين،وأن يكون مسبوقا بخطوة مهمة وهي التصحيح
    التصحيح لمواجهة التحريف

    ما معنى هذا التصحيح وهل تحقق شيء منه عند الشيعة وأهل السنة؟

    التصحيح ضرب من النقد الذاتي،وهو تحديدا أن يتصدى عالم للرد على جملة من الآراء والأقوال التي يعتقدها أهل مذهبه، أو على أعمال يمارسونها لما يراه من مخالفتها للكتاب والسنة، أو إسرافها في التشدد والغلو، أو إضرارها بوحدة الأمة الإسلامية، أو الرد على مشاعر متطرفة في الحب والبغض (العواطف)، وفي كل ذلك يكون هاجس التقريب والتفاهم واردا لديه،أما ما تحقق من التصحيح ، فيمكن القول إن الشيعة حققوا إنجازين مهمين:

    الإنجاز الأول: تمثل قديما في محاربة الغلاة الذين اعتقدوا الإلهية في بعض أئمة أهل البيت، أو ادعوا لأنفسهم النبوة والرسالة، أو عملوا على تعطيل الشريعة، فضلا عن أساطير أخرى خلفت رواسب لم تخل منها كتب الشيعة.

    الإنجاز الثاني: مواجهة الاتجاهات الإخبارية المنكرة للاجتهاد في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، بحيث تم الانتصار للمدرسة الأصولية، وحدث تقارب كبير على إثر ذلك بين الشيعة وأهل السنة في عناوين الدرس الفقهي والأصولي، واكتمل هذا الإنجاز بمواجهة تيار التحجر والجمود داخل الجامعات والحوزات العلمية، وإعادة الفعالية السياسية للفقهاء في عصور الغيبة، ومحاربة عقلية الانتظار السلبي، وأوصل هذا التصحيح الشيعة إلى تكوين دولة في العصر الحديث.

    وما زال الكثير الذي يجب فعله على صعيد محاربة بدع المآثم الحسينية على جبهتين:
    الجبهة الأولى: المواعظ الحسينية ، وذلك بتصحيح الانحرافات التي طالت المتون والنقول التي تصف واقعة كربلاء بشكل يختلط فيه التهويل والكذب بالواقعية والصدق، والدعوة إلى الكف عن اعتبار ثورة الحسين ثورة مذهبية شيعية.

    الجبهة الثانية: المواكب الحسينية التي اقترنت الانحرافات فيها بممارسات غريبة تلحق الأذى بالأجسام، وتشوه صورة الإسلام والمسلمين في عين المراقب الخارجي.

    وأوصل التصحيح الذي نهجه الكثير من حكام وعلماء أهل السنة المتنورين إلى تحقيق ثلاثة إنجازات:

    الإنجاز الأول: محاربة رواسب النصب الأموي وتيارات الانحراف عن آل البيت، وتم هذا الإنجاز في موقعين:

    في القمة: وتذكر هنا الجهود التي قام بها الرجل الصالح والخليفة العادل عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه-.الذي أوقف عادة سب الإمام علي على المنابر.

    وفي القاعدة: فتذكر في هذا المضمار الجهود التي بذلها العلماء على المستوى النظري عندما جعلوا "النصب"(أي بغض أهل البيت) من القوادح التي تسقط الراوي وناقل الخبر عن مرتبة الاعتبار الشرعي، وعلى المستوى العملي عندما استرخصوا أرواحهم في سبيل إظهار الولاء لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدث للإمامين النسائي وابن السكيت – رحمهما الله-، كما بذلت جهود لتصحيح النظرة إلى ثورة الحسين –رضي الله عنه- باعتبارها ثورة شرعية، وقضية عادلة استهدفت انقاذ الإسلام، ومواجهة مبكرة لبدعة توريث الحكم.

    الإنجاز الثاني: التصحيح النظري الذي حصل على صعيد الفكر السياسي:

    أولا: بإدراك التحول الذي حصل بعد الخلافة الراشدة لصالح الملك العضوض.
    ثانيا: بارتقاء العلماء بمعايير الحكم الراشد إلى مستوى العقيدة التي يجب الإيمان بها.
    ثالثا: بعدم ذكر العلماء لتجارب حكم الملوك إلا في سياق الضرورة والإخبار بالواقع.

    الإنجاز الثالث: انتقاد "الاتجاه السلفي" الذي لم يكن يعارض ويعيق كل محاولة للتقارب والحوار فقط، بل كان يعيق – أيضا- حركة الإسلام عن الامتداد والانتشار، نظرا لما اتسم به من تشدد وشدة على المخالفين مع قلة إدراك لفقه الواقع.

    "آفة العوام" و" آفة السلطان"

    سبق أن ختمت في واحدة من مقالاتك حول موضوع الصراع بين السنة والشيعة بقولك "إن النجاح الكامل للتواصل الشيعي-السني لن يتم على المدى البعيد إلا إذا تخلص أهل السنة من "آفة السلطان" وتخلص الشيعة من "آفة العوام"؟

    هل من توضيح أكثر للقارئ الكريم؟؟

    من المعروف أن المؤسسة الدينية الشيعية التي يوجد على رأسها الفقهاء ومراجع التقليد، الذين يتلقون الخمس من الأرباح التي يدفعها كل مقلد باسم "سهم الإمام"، مما جعل المؤسسة الدينية تحافظ على استقلالها المالي مستغنية عن الهبات والمساهمات التي تقدمها الدولة،.
    ويعد الأستاذ المطهري- وهو من رواد التصحيح في المذهب الشيعي- تسلم الفقهاء لسهم الإمام موضع ضعف وموضع قوة في آن واحد: فيعتبره موضع قوة لأن علماء الشيعة لا يتقاضون ميزانيتهم من الحكومة، وأن تعيينهم وعزلهم ليس بيد الدولة، وعلى ذلك فاستقلالهم محفوظ دائما في قبال الحكومات ، إذ هذا الاستقلال في الميزانية، والاستناد إلى عقيدة الناس هما السبب أحيانا في الوقوف بوجه انحرافات الحكومات، ومعارضتها وإسقاطها،ونقطة ضعف لأن علماء الشيعة "مضطرون إلى مجاراة أذواق العامة وعقائدها، للإبقاء على حسن الظن بهم، وهذا منشأ أغلب المفاسد الموجودة في السلك الديني الشيعي، ويخلص إلى أن المنظمة التي تتكئ على الناس تكون قادرة على محاربة ظلم الحكومات وتجاوزها، لكنها ضعيفة في محاربة خرافات الجهلة وعقائدهم الباطلة" ولا أدل على ذلك مما حدث في مطلع العام الهجري(1427) بالعراق بعد هدم مرقدي الإمامين الهادي والعسكري عندما زحفت الجموع الشيعية الغاضبة إلى مساجد أهل السنة تهدم وتدنس وتخرب غير عابئة بالنداءات التي وجهها علماء ومراجع الشيعة من أجل الكف، وعدم السقوط في المخطط الأمريكي الرامي إلى إغراق البلد في حرب أهلية طائفية طاحنة.
    ومن ثم دعا المطهري إلى ترتيب وإصلاح النظام المالي، وتنظيم ميزانية الفقهاء كي تتوفر لهم الحرية والقدرة على محاربة الآفة التي يسميها "آفة الإصابة بالعوام"،ونفس الآفة نبه عليها مرجع شيعي آخر هو الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي أفاد بأن علماء الشيعة يعانون "ضغوطا شارعية"،وبتعبير عصري"سقوط القيادة في قبضة الجماهير"،أما في عالم أهل السنة فقد أرخ الانقلاب على الخلافة الراشدة لصالح الملك العضوض لظهور"أفة السلطان" لتصادر حرية الأمة في اختيار من يحكمها ويسوسها،وصار القبول غير المشروط بحكم المتغلبين هو القاعدة بعد أن كان استثناء فرضته هواجس الخوف من الفتن وإراقة الدماء،والحرص على الوحدة بأي ثمن،وجرد العلماء من مصدر رزقهم المستقل بعد إلحاق الأوقاف بالدولة، ولذلك ترى العلماء عندما يتكؤون على السلطان فهو يسمح لهم بالتنفيس عن غضبهم بمحاربة البدع، وأحسب أن مرشد"العدل والإحسان" كان مدققا في توصيف الآفتين عندما قال:"المسلمون الشيعة في قبضة حركية تولدت من الانكسار التاريخي،وقويت واشتدت وتأزمت حتى انفجرت في وجه العالم،العامة ثائرة،والقادة لا يملكون الزمام،والمسلمون السنة في قبضة حركية تاريخية،السلطان فيها هو المحرك،والعامة لا تملك من أمرها شيئا،من ضمن العامة العلماء ..إن مسايرة علماء أهل السنة للسلطان ومسايرة الشيعة للعامة الذين منهم أرزاقهم وعليهم اعتمادهم،يفسر سقوط الأمة في"دسيسة" تاريخية خافية وبادية،العالم الشيعي المرجع له أتباع،وعالم القصر له أطماع،ذاك تسلط عليه أتباعه،وهذا أردته أطماعه،والحكم الغاصب والرعاع السائب مناخ ملائم للاستخفاف والتحريف".


    للتواصل مع الدكتور أحمد الزقاقي
    zqaqimak@yahoo.fr





  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    153

    افتراضي

    لله درك ياعلي التهم والتلفيق والتدليس علىاصحابك باقي ما بقيا الدهر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني