 |
-
علاج نفسي في عيادة طبيب العيون
اسعد موحان
لاشك ان البصرة الفيحاء ثغر العراق الباسم كونها تحمل صفات لايستطيع انكارها القاصي والداني ، لكن مجرد ذكرها كان يؤجج في داخلي حسرة كبيرة وندم اكبر لما خلفته من ذكريات قاسية كانت مفروضة على كلينا ، فرضت على هذه المدينة وعلى من سكن فيها أو من قسر على دخولها ليس ضيفا وانما احد افراد الجيش في اعتى حقبة زمنية جثم عليها من لفظتهم مزابل التاريخ زمن الطاغية المقبور ، ومن المؤكد اغلب من لبس البزة العسكرية وقتها كان وقود لمعركة طاحنة حرقت الأخضر واليابس .
عموما انا لا اريد ان أوغل في هذه الذكريات المؤلمة والتي ثلمت من العمر ما لا يتم تعويضه ، وخلفت اثر نفسي بداخلي انعكس على ذكر مدينة باسرها كونها كانت مسرح لتلك الذكريات ، ولا انكر ما لمسته من طيبة وما يحمله اهل هذه المدينة من خلق كبير وصفات عربية اصيلة . ولقد فارقت تلك المدينة عندما استلمت كتاب التسريح من الخدمة العسكرية في شهر تشرين الثاني 1990 ومنذ ذلك التاريخ كنت اتهرب بشتى الحجج لتفادي الذهاب الى البصرة .
وهنا اجد من الالزام ذكر هذا الموقف النبيل ليس من باب الدعاية وانما من باب {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } في صباح يوم الجمعة المصادف 13 / 3 / 2009 اصطحبت زميل عزيز لي لعلاجه في مدينة البصرة متعاليا على تلك الذكريات المؤلمة وبعد هذه الفترة الطويلة من الجفاء لتلك المدينة الحبيبة حيث كان هدفنا مراجعة الدكتور صلاح زهير الاسدي اختصاصي العيون في عيادته الخاصة في العشار عمارة الفيحاء . وهنا لابد من ذكر ما لاحظته :
وجدت طيلة فترة انتظارنا داخل عيادة الدكتور النظام والعدالة والنظافة التي تسر المراجع ، والالطف من ذلك حين دخولنا الى الدكتور لمست منه رجلا يفوح منه اريج الانسانية منذ استقباله لنا خصوصا بعد معرفته باننا من الناصرية ثم انه يتعامل مع المريض بكل خلق وتواضع ويسال عن ادق الامور التي من شانها علاجه ، ولقد تجاذبنا حديث مقتضب في الجانب الاعلامي وبعد اتمام عملية الفحص والتشخيص حدد موعد لاجراء عملية للمريض وطمأنه عليها وزرع في نفسه التفاؤل لما بعد العملية والذي يؤكد انسانية هذا الدكتور ونبل اخلاقه هو اصراره على اجراء العملية في المستشفى العام على الرغم من انه كان من الطبيعي ان يحقق فائدة مادية لو انه اجراها في عيادته الخاصة والتي تتوفر فيها مستلزمات اجراء العملية ، لكنه آثر إلاّ أن يبرز المعدن الحقيقي لهذه المهنة الانسانية من جانب ولما يملكه من ارث حضاري لانتمائه للحبيبة البصرة من جانب آخر .
لا شك ان هذا الدكتور رغم اختصاصه في العيون لكنه بارعا جدا في مجال علم النفس ليس مع المريض فحسب وانما على زميله بحيث ازاح ولله الحمد تلك المشاعر التي كانت تسيطر على نفسي حين ذكر البصرة مثلما اسلفت .
فالشكر كل الشكر لهذا الرجل العراقي الاصيل والدكتور الانساني ومن حقنا ان نفخر بكفائته بشتى المجالات وبه وبامثاله نتمكن من بناء عراقنا الجديد .
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً }الأحزاب47
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |