إلعبوا غيرها يانواب!!!



كتابات - فحّاط البغدادي



اعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات في الشهر الماضي وعكست هذه النتائج الواقع السياسي العراقي الجديد من حيث تشكيل ائتلافات سياسية جديدة وبروز شخصيات وأحزاب مسكت بأدارة اغلب المحافظات في الوقت الذي بدأت الأحزاب السياسية التي كانت تسيطر على مجالس المحافظات تقاطع جلسات الانتخاب الخاصة بمناصب المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات التي يجريها اعضاء مجالس المحافظات الجدد بدعوى التهميش والاقصاء كما صرح بذلك قيادي في المجلس الأعلى في وسائل الاعلام المختلفة خلال الأيام السابقة.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الشعب العراقي والكيانات السياسية التي تطمح في المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة والتي من المزمع ان تقام في منتصف شهر تشرين الثاني في عام 2009 بحسب ما نصت عليه المادة ( 54 و56) من الدستور العراقي والتي تنص على ((اولا: تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب اربع سنوات تقويمية ....ثانيا : يجري انتخاب مجلس النواب قبل خمسة واربعين يوما من تاريخ انتهاء دورته الانتخابية السابقة ))

نشر في الصحف ووسائل الاعلام المختلفة عدة تصريحات واراء غريبة ومستغربة تفيد بوجود رأي داخل مجلس النواب في تأجيل الانتخابات التشريعية العامة للبرلمان وتمديد فترة ولاية مجلس النواب لسنة اضافية والى ذلك مثلا صرح النائب عن جبهة التوافق رئيس لجنة المحافظات في مجلس النواب السيد هاشم الطائي في لقاء معه بثته اذاعة سوا ونقلته جريدة المدى الصادرة بتأريخ 22/نيسان ، حول بروز رأي داخل البرلمان يدعو الى تأجيل انتخابات مجلس النواب وتمديد ولاية المجلس الحالي لسنة اضافية.

وقد برر ذلك بعبارة ((أن هناك الحاجة الى المزيد من النضج)) واشار الى أن المشرع العراقي يحتاج الى اعادة النظرفي قانون الانتخابات وخصوصا بما يتعلق بأعتماد القائمة المغلقة والمفتوحة وحتى الآن لم يتبلور في مجلس النواب فكرة حول ذلك.

كما صرح السيد قيس العامري من كتلة الائتلاف الموحد(المجلس الأعلى) بـ (ان ادارة المفوضية للمشاريع الانتخابية والاستفتاء هي سيئة لذا طالبنا باستدعائها لمجلس النواب ) وبتأريخ( 23/ 4/2009) بعدم امكانية اجراء انتخابات في موعدها المحدد دستوريا لعدم قدرة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على اجرائها كما انه يشكك في اجرائها من قبل المفوضية الحالية لاتهامه اياها بأرتكابها للعديد من الخروقات في انتخابات مجالس المحافظات وعلى ضوء ذلك تجري الان داخل اروقة مجلس النواب حملة تواقيع لأستجواب مفوضية الانتخابات لمسائلتها.

ويبدو أن الهدف الأساس من الاستجواب هو الطعن في عمل المفوضية بهدف عرقلة اجراء انتخابات مجلس النواب القادمة وتمديد عمل مجلس النواب الحالي لسنة اضافية .

ان هذه الرغبة في عرقلة اجراء عملية انتخابات يكمن خلفها سببان أساسيان:-

السبب الأول:

سياسي يتعلق بالمخاوف لدى الأحزاب السياسية الخاسرة في انتخابات مجالس المحافظات من أن تكون نتائج مجلس النواب اذا ما جرت في موعدها نفس النتائج التي أفرزتها انتخابات مجالس المحافظات مما يعني افلاس هذه الأحزاب من قدرتها على تشكيل الحكومة والحصول على مناصب وزارية وسيادية الى جانب ذلك أن هذه الأحزاب لا ترغب في الدخول في تفاوضات لتشكيل ائتلافات مع القوائم الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات مثل قائمة ائتلاف دولة القانون من موقع ضعف وبالتالي قدرة القوائم الفائزة على التحكم في تشكيل الائتلافات المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات ستكون كبيرة لذا فان من مصلحة هذه الأحزاب تأجيل الانتخابات من أجل الضغط على القوائم الفائزة وخاصة قائمة ائتلاف دولة القانون ومحاولة عرقلة عمل الحكومة وكشف عوراتها وعرقلة تنفيذ المشاريع الخدمية في المحافظات لاثبات عجز الحكومة وقائمة ائتلاف دولة القانون عن الايفاء بوعودها في الخدمات ومشاريع التنمية والاعمار والنهوض بالواقع الخدمي, كما انها تطمح باطالة الفترة التي تفصل بين انتخابات وانتخابات لاجل استثمار هذه الفترة في تصحيح أخطائها والترويج لنفسها وايجاد الوسائل المناسبة للضغط بأتجاه تشكيل ائتلافات تحقق مصالحها في الانتخابات القادمة.

أما السبب الثاني:

شخصي فيتعلق بأن أغلب اعضاء البرلمان الحالي ليس لهم ضمانات بأمكانية ترشيحهم لعضوية مجلس النواب بسبب ضعفهم وعدم رغبة الشعب العراقي باعادة انتخابهم كما ان القوائم الانتخابية ستفكر من أجل الفوز بأكبر عدد من الأصوات باستبدالهم بشخصيات مهنية وكفؤة تحضى بمكانة اجتماعية وتحصيل علمي مناسب ومن دون شك فان هذا الهاجس يشكل مدخلا مؤثرا في تبنيهم لرأي تأجيل الانتخابات ولا ننسى هنا حجم الامتيازات وخصوصا الامتيازات المالية التي يحضى بها أعضاء البرلمان.

ان دعوة تأجيل الانتخابات ليس لها سند دستوري وانها تتطلب تعديل الدستور وطالما ان هذا مستحيل من الناحية العملية لذا فان بعض الكتل السياسية وأعضاء البرلمان يعملون بطريقة الاقتراب الغير مباشرة (كما يعبر عن ذلك دارسو عالم السياسة) من هدفهم بتاجيل الانتخابات فيلوحون بعدم بلورة الرأي لدى الكتل السياسية في البرلمان بخصوص النظام الانتخابي الذي يعتمد على القائمة المغلقة أو المفتوحة ويضغطون باتجاه استجواب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومسائلتها عن الأخطاء التي رافقت العملية السابقة بالرغم من ان هذه الأخطاء وبشهادة المنظمات الدولية وسفراء الدول التي راقبت الانتخابات وشهادة منظمات المراقبة المحلية بأنها لا تؤثر على نتائج الانتخابات ولا تشير الى وجود تزوير منظم وانها ممكن أن تحصل في أي انتخابات في العالم .

ان مايريده هذا الاتجاه النامي في مجلس النواب هو ان تكون النتيجة كالاتي : المفوضية غير موثوق بها ويتعين اعادة النظر بها ... صعوبة بلورة رأي حول قانون الانتخابات .. وبالتالي تمديد ولاية مجلس النواب لمدة سنة اضافية من دون الحاجة الى تعديل الدستور

واخيرا يبقى السؤال مطروحا أمام قادة الرأي في المجتمع العراقي والاعلاميين والمفكرين هل من الممكن القبول بتمديد ولاية مجلس النواب لسنة اخرى بسبب هذه الحجج الواهية مع علمنا بالأسباب السياسية والشخصية وراء ذلك؟