استقبل وفداً عراقياً من مجلس محافظة كربلاء
المرجع فضل الله : ملف الفتنة الداخلية لا يزال يمثل التحدي في ظلّ مسعى الاحتلال والتكفيريين لتحريكه بين وقت وآخر
أكد العلامة المرجع ، السيد محمد حسين فضل الله ، أن العراق لا يزال في إمكانه أن يقدّم الكثير إلى الأمة والعالم الإسلامي ، لوجود الطاقات المبدعة التي ينبغي توفير البيئة الخصبة لها ، ورأى أن ملف الفتنة الداخلية لا يزال هو الملف الذي تعمل قوى الاستكبار والاحتلال ومواقع التكفير على تحريكه بين وقت وآخر ، داعياً العراقيين إلى خوض الانتخابات المقبلة ضمن مسارات وطنية جامعة ، وعدم الاستغراق في تفاصيل الخلافات الهامشية الضيقة...
التفاصيل ..
استقبل سماحة العلامة المرجع ، السيد محمد حسين فضل الله ، وفداً من مجلس محافظة كربلاء ، برئاسة نائب رئيس مجلس المحافظة ، الدكتور نصيف الخطابي ، حيث وضع الوفد سماحته في أجواء الوضع الأمني في العراق والتقدم الجاري على مختلف المستويات الإنمائية والتعليمية بعد الصعوبات التي عاناها العراقيون بفعل الاحتلال .
وتحدث الخطابي باسم الوفد متوجّهاً إلى سماحة السيد فضل الله ، فقال : لقد كنا نقرأكم في بطون الكتب وفي سيرة الأجيال من العلماء الذين نهلوا من معينكم وتلمّذوا على أيديكم ، وقد أنعم الله علينا بأن نلتقي بكم ، وقد جئنا إليكم كوفد حكومي من حكومة كربلاء المحلية ، نسترشد بوحي فكركم وآرائكم ، ونستمع إلى ملاحظاتكم في كيفية بناء العراق بعد كل ما أصابه من دمار فكري ، وبعد سعي أعدائه للإيقاع به في فتنة مذهبية وحروب داخلية ... وقد بدأ العراق ينهض من جديد ، وينطلق في آفاق النمو في الوعي السياسي والديمقراطي ، فالعراق لا يُختصر بفئة ، والإسلام لا يُختصر بمذهب ، والعروبة تتسع للجميع ... وهناك إشراقات حقيقية في العراق رغم ما يكتنف عملية إعادة البناء على المستوى الداخلي من فجوات تسبب بها الاحتلال .
وتحدث سماحة السيد فضل الله في الوفد ، مشيراً إلى أهمية جامعة النجف ودورها الفاعل في إطلاق حركة الوعي الإسلامي ، وخصوصاً في القرن الماضي ، من خلال الطلائع العلمائية التي تصدت للاحتلال الإنكليزي ، ورسمت الخطوط الثقافية والعلمية ، ورفدت حركة الوعي الإسلامي بعلماء كبار كالسيد محمد باقر الصدر ، الذي لم يكتب أو يبحث في أي مجال إلا وجاء بالجديد الذي أغنى به المكتبة الإسلامية ، وقدّم الأطروحة الإسلامية العلمية والاقتصادية بحلة جديدة متميزة تواكب تطورات العصر ... ولذلك ، فإن واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها صدام حسين ، تمثلت في قتل هذا العالم الكبير ، إضافة إلى جرائمه الكبرى التي طاولت الشعب العراقي وحوزة النجف الأشرف .
أضاف : إنني أعتقد أن العراق ، وعلى الرغم من كل المآسي التي حلّت به ، تارةً من خلال نظام الطاغية ، وطوراً من خلال الاحتلال وتراكماته ، يستطيع أن يقدم الكثير إلى الأمة والعالم الإسلامي ، لأن الطاقات الفكرية والثقافية المبدعة لا تزال موجودةً في هذا البلد ، وينبغي أن يعمل الجميع على توفير البيئة العلمية والسياسية والأمنية الخصبة لهذه الطاقات التي تستطيع إغناء عراق المستقبل، كما أغنته الطليعة الفكرية والأدبية والعلمية السالفة .
وتابع : إنني أعتقد أن ملف الفتنة الداخلية لا يزال هو الملف الذي تعمل قوى الاستكبار والاحتلال ومواقع التكفير على تحريكه بين وقت وآخر ، ولا يزال يمثل التحدي للشعب العراقي، إضافةً إلى التحدي الآخر المتمثل بإخراج المحتل ، ولذلك ، فإن المسؤولية التي تقع على عاتق المسؤولين في السلطة ، كما تقع على عاتق الحكومات المحلية والشعب العراقي بكل فئاته وأطيافه ، تتمثّل في العمل على قطع دابر الفتنة ، ومنع أولئك الذين يسعون للعودة بالعراق إلى ميدان التقاتل المذهبي والحزبي من تحقيق مآربهم وأهدافهم .
كذلك فإنه تقع على عاتق الجميع المسوؤلية الكبرى في الحفاظ على الوحدة الإسلامية ، والعمل معاً في العراق كسنّة وشيعة في نطاق تجمعات إسلامية وفكرية وحدوية ، وخوض الانتخابات ضمن مساراتٍ وطنيةٍ جامعة ، وعدم الاستغراق في تفاصيل الخلافات الهامشية والضيقة التي يريد البعض من خلالها أن يستعيد الحساسيات الفئوية والعصبية على حساب الروحية الوحدوية الوطنية والإسلامية الجامعة .
ورأى سماحته أن إسرائيل التي استطاعت من خلال استخباراتها أن تغتال المئات من علماء العراق الكبار ، لا تزال تمثل خطراً كبيراً على العراق ووحدته ، وهي وإن وجّهت تهديداتها إلى إيران في هذه المرحلة ، إلا أنها تخطط من خلال شبكاتها الاستخبارية لاختراق كل المواقع العلمية وتدمير مواقع القوة في الأمة ، واغتيال الطاقات المبدعة فيها ، كما تسعى لبثّ الفرقة بين المسلمين لتحقيق أهدافها في تدمير الأمة وتفتيتها لحساب مشروعها التدميري في طول المنطقة العربية والإسلامية وعرضها .
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
التاريخ: 24-6-1430 الموافق: 17/06/2009