
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موج البحر
احدى اهم هواياتي ومنذ الصغر قراءة الكتب التاريخية خصوصا السياسية والاجتماعية المعاصرة .. اتممت قراءة وفهم سلسلة تاريخ الوزارات العراقية التي اختصرت التاريخ السياسي منذ تاسيس الدولة برجالتها وسياسييها وخفاياها ولم اكن ابلغ الرابعة عشرة من العمر بعد .. اضافة الى مجلدات اخرى لا مجال لذكرها الان ... كانت اول مرة قراءت فيها اسم الكبير علي الوردي في احدى حاشيات الكتب ولفت انتباهي تعليقه الجوهري على احدى الحوادث .. حينها بدات ابحث عن كتب هذا العملاق للاستفادة منها وتثقيف النفس وتهذيبها ...
بعد خروجي من العراق تشرفت بلقاء هذا العملاق في احدى الدول العربية المجاورة فسلمت عليه باشتياق وسالته عن كلام صرح به في خمسينيات القرن الماضي وكيف وصلنا اليه بعد اربعين سنة .. فتبسم لي بطريقة لازلت اذكرها حتى هذه اللحضة لما كانت تحوي من عاطفة فريدة ثم بادرته بالسؤال سريعا ولم اكن ابلغ من العمر سوى 19 سنة ... ( لماذا لم يتخذ سادة الاجتماع والفكر في العراق موقفا منذ استلام البعث للسلطة لتوعية وتثقيف الناس وتحذيرهم من الخطر الاتي وبالتالي قيادة عملية التغيير على ارض الواقع .. وبما انني من عشاق قائدنا الكبير محمد باقر الصدر قده قلت له بفطرية الشباب لماذا لم تتحد مع السيد لمحاربة صدام ... ( فنظر لي نظرة الاب الحنون مبتسما وقال لي بالحرف الواحد بصوته الخافت ( يا ولدي ابن من انت فقلت والدي معدوم واسمه فلان فقال وكيف خرجت من العراق فقلت بمساعدة احد اصدقاء والدي المقيم هنا ... فقال احذر يا بني من الاحمق الجبان وتجنب اي تعامل معه فان ردة فعله تجاه اي انتقاد له او تعرض لمصالحه ستكون كارثية عليك وعلى اهلك واحبابك انا لا ابالي بنفسي وعمري وانما لدي ابناء وبنات واحفاد وانتقام الطاغية منهم سيكون صارما ) ..
لم اقتنع كثيرا باجابته رحمة الله عليه حينها كنا نشعر بحماسة الشباب العمياء ..
الان فهمت تماما ما لم يقله صراحة لي عملاقنا الكبير .. وهو لايوجد شيء في العراق يستحق التضحية بالنفس والاهل والاحباب واكبر دليل ما نعاني منه اليوم نحن ابناء وذوي الشهداء .. ضحى والدي بنفسه ولم يبلغ من العمر 36 سنة تاركا طفلين مع والدتهم لايمانه ان جهاده سيحدث التغيير الايجابي للوطن كله .. لم يكن يعلم ان من سياتي لاستثمار تضحيات الشهداء سينشغل بموقعه وبهرجه وامتيازاته ولذتها ونفوذه وسطوته ومحسوبياته وافعالها ..
رحم الله عملاقنا الكبير وندعو الباري عزوجل ان يرزق العراق نابغة غيره عله ان يفعل فينا ما لم يفعله الوردي والحصري والجواهري من تثقيف واحترام للنفس وللاخرين .