لاعذب الله امي انها شربت ..
حب الوصي وغذتنيه باللبن ....
فصار لي والدا يهوى ابا حسن..
وصرت من ذي وذا اهوى ابا حسن..
للتنبيه ووضع الموضوع في نصابه حتى لايتشتت او يتفرع لابعاد اخرى تجعله بعيدا عما طرح من تساؤلات..فلايراد من الرأي هنا ابعاد الناس عن الدفن بجوار الامير صوات الله وسلامه عليه ولا انكار الروايات التي ترى استحباب ذلك ..بمعنى ان محل النزاع هنا او الموضوع ليكون الحكم دقيقا وصحيحاً هو حديث البعض عن ظاهرة معينة مفادها مايناله الناس من مخاطر ومشاق عليهم او على الميت في حالة الاصرار كماهو العرف الديني السائد على نقله للنجف الاشرف للدفن في مقبرة وادي السلام مع عدم توفر هذا الظرف والمشقة الكبيرة في فعل ذلك نتيجة البعد او عدم القدرة المادية (كمايحصل مع من هم خارج العراق مثلا) او المشقة والخطورة على النفس .
وهنا يرى البعض ان المسئلة لاتختلف مع هذا الامر غير الواجب (الدفن بجوار الامير "ع" )عن غيرها من الامور الواجبة كالحج وتناول المحرمات كاكل الخنزير او رفع العطش المهلك بتناول المحرمات كالمسكرات او حتى تناول المباح كالماء لمن يمنعه الاطباء عن ذلك لمرض ، اذا ما ادى ذلك للضرر على الحياة او هلاكها ..بمعنى ان اصل المحافظة على روح الانسان وعدم ايقاعها في الضرر والمكروه غير المتحمل والمطاق يسقط عنها التكليف بالواجبات الالهية بذلك او يوجب عليها عدم فعله كما في حالات الهلاك ..فكيف في الحالات المستحبة التي قد يختلف ايضا فيها العلماء بين من يرى ربما ثبوت روايات استحبابها ومارصد لها من ثواب وبين من لايرى ذلك.وان كان الحديث او الثواب الذي يستشف منه الشفاعة للميت لمجرد دفنه بجوار الامير"ع" مع كونه معروف العصيان فيه الكثير من التوقف والنظر بل عليه علامات استفهام حقيقية تمنع من ترويجه لكي لايستغله الكثير من العصاة الذين يحبون ويستسهلون هكذا احاديث تبرر لهم طغيانهم وعصيانهم ولو كان بالوقوف بالضد من شيعة امير المؤمنين او قتلهم او ظلمهم واذيتهم بالوقوف مع من الظالمين والطغاة . بل ان ذلك مما حذرنا منه الائمة عليهم السلام واكدوا على خلافه [line]-[/line]
عن أبي إسماعيل قال: "قلتُ لأبي جعفر محمد الباقر(ع): جُعلت فداك، إنَّ الشيعة عندنا كثير، فقال: فهل يعطف الغنيُّ على الفقير، وهل يتجاوز المحسن على المسيء، ويتواسون؟ فقلت: لا، فقال: ليس هؤلاء شيعة"
ويحمّل الإمام الباقر(ع) لأحد أصحابه، وهو خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، رسالةً إلى شيعته يقول فيها: "خيثمة، أبلغ من ترى من موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيُّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم فإنَّ لُقيا بعضهم بعضاً حياةٌ لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا ..خيثمة، أبلغ موالينا أنَّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلاَّ بالعمل، وأنَّهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع، وإنّ أشدَّ الناس حسرةً يوم القيامة مَنْ وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره"الكافي، ج:2، ص:175.
وفي خطاب آخر يقول الباقر (ع) موصيا شيعته : " والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب إلى الله إلا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا ومَنْ كان عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكُم لا تغترّوا، وَيْحَكُم لا تغترّوا"الكافي، ج:2، ص:175.
ويوضح الامام الباقر بعض هذه الوصايا قائلا.. "يا جابر، أيكفي مَن ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ والله ما شيعتنا إلاَّ مَنْ اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون إلا بالتواضع والتخشّع والأمانة وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة وبرّ الوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكفِّ الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناءَ عشائرهم . حَسْبُ الرجل أن يقول أحبّ علياً وأتولاّه ثمّ لا يكون مع ذلك فعّالاً، فلو قال إنّي أحبُّ رسول الله، فرسول الله خيرٌ من عليّ، ثم لا يتّبع سيرته ولا يعمل بسنّته ما نفعه حبُّه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبُّ العباد إلى الله عزَّ وجلّ وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته. يا جابر: والله ما يُتقرَّب إلى الله تبارك وتعالى إلاَّ بالطاعة... مَنْ كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومَنْ كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تُنال ولايتنا إلا بالعمل والورع عن محارم الله"الكافي، ج:2، ص:74..[line]-[/line]
وعليه فليس الحديث مع من يريد فعل هذا الفعل (الدفن بجوار الامير "ع" ) ، في حال توفرت الاستطاعة المادية والجسدية من حيث القدرة وعدم المشقة بينما يبقى السؤال يدور حول من لايطيق ذلك ويراه خارجا عن حدود قدراته المادية والجسدية او ادخله في الضرر والحرج الشديد الذي ينال بسببه المخاطر على الروح والخسائر في المال وقبل كل ذلك اهدار كرامته بتعرض جسد فقيده حسب ظرفه وحالته لانواع عدة من المخاطر المهينة لكرامته كجثمان.